الاثنين، 25 أكتوبر 2010

أركان الإسلام الثلاثة



أركان الإسلام الثلاثة



    بعد الخطبة العظيمة التي ألقاها الشيخ خالد بن تونس بقاعة " باليكسبو" بجنيف يوم 09 أكتوبر 2010، بمناسبة المؤتمر الدولي " من أجل إسلام حر و مسؤول "، ننشر اليوم نص الفصل الثامن من كتاب الشيخ المهم " علاج النفس". يطابق هذا الفصل من الكتاب عدة محاور من المحاضرة، و يصحح عدة مفاهيم للدين الحنيف، و يجيب على الكثير من التساؤلات.
  
  هذا رابط الفصل الثامن " أركان الإسلام الثلاثة " من كتاب " علاج النفس ":
       http://cheikh-bentounes.blogspot.com/p/blog-page_25.html

 

السبت، 23 أكتوبر 2010

محاضرة الشيخ خالد بن تونس " من أجل إسلام السلام


من أجل إسلام السلام

الشيخ خالد بن تونس أثناء الخطبة

    ألقى الشيخ خالد بن تونس خطبة عظيمة بقاعة "باليكسبو" بجنيف يوم 09 أكتوبر 2010، عنوانها " من أجل إسلام السلام ". ننقلها كاملة:


الشيخ خالد بن تونس و الصحافة في جنيف


  
  عن هذا اللقاء الكبير، أكد الشيخ خالد بن تونس في لقاءاته العديدة مع الصحافة: " لدينا إعتقاد بأن النداء الذي سنصدره عند نهاية الملتقى يمكن أن يكون له صدى أكثر على المستوى الدولي. و ثانيا ، يجب ألا ننسى ذلك ، و هو أن سويسرا كانت من أوائل الدول الأوربية التي استقبلت الإسلام إبتداء من ثلاثينات القرن الماضي عندما زارها جدي الشيخ العلوي أثناء مشاركته في تدشين مسجد باريس عام ،1926 و قد كان السويسريون أول من استجاب لندائه، و هو ما جعل هذا الإسلام الروحاني الصوفي يتواجد في سويسرا منذ ذلك الحين. واجبنا التعبير عن الاعتراف لهذا البلد الذي استقبل بذور الإسلام الروحاني منذ زمن طويل". إذ يعود تأسيس أول زاوية علاوية بأروبا إلى العشرينات من القرن الماضي بمدينة باريس.
 
    يؤكد الشيخ خالد بن تونس بهذه العبارة "لنبْيَ عالم الغد معا و ليس بالمواجهة".

    بعد مؤتمر مستغانم الذي دام سبعة أيام، حاء دور المدينة الجمهورية جنيف، و هي مقاطعة من فيديرالية سويسرا. من مستغانم انطلق الشيخ خالد بن تونس إلى قلب أروبا لإسماع صوت إسلام حر و مسؤول. أروبا التي تعتبر حاليا القبلة الفكرية لدول الجنوب. يقول الشيخ خالد بن تونس أن بعد هذا اللقاء تلي لقاءات أخرى منها لقاءا مماثلا للقاء جنيف سينظم في ألمانيا بمشاركة المساجد والكنائس لحث الشبيبة على العمل معا، ثم حمل مشعل جنيف في مسيرة عبر كومبوستل بفرنسا ثم قرطبة حيثس يتم انعقاد ملتقى في شهر نوفمبر 2010.  هذه المدينة التي تذكرنا بتعايش بين المسلمين والمسيحيين واليهود و تعيد تذكيرنا بوجود إسلام أوربي، كان قائما هنا منذ القرون الوسطى. كما أن مدينة كونيا التركية، مهد جلال الدين الرومي، ستستقبل ملتقى آخر، ثم يليها مؤتمرا بالهند لمواصلة هذا الحوار الإنساني.

الشيخ خالد بن تونس في جنيف لإقامة الملتقى الدولي

    حضر الشيخ خالد بن تونس إلى جوبيف لإقامة ملتقى دولي كبير آخر. أجرى عدة مداخلات للتعريف بالإرث الروحي العريق الذي يصل إلى سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم، و ألقى عدة محاضرات من بينها واحدة بالنادي السويسري للصحافة، إليكم مقتطف منه.   



" الشرق – الغرب، لنخلق رابطة "
مقتطف من محاضرة الشيخ خالد بن تونس، شيخ الطريقة العلاوية.

    من أجل السلام بين الناس، من أجل السلام في العالم، علينا كمسلمين تقديم شهادتنا، و القول أن الإسلام لم يكن أبدا دين عنف، دين تطرف، بالعكس هو دين عقل، دين حرية، و دين الروحانية الشاملة التي تنادي بأعلى صوت بالأخوة و المساواة بين الناس.

    كيف نبني هذا التعايش الوفاقي؟ آن الأوان للمجتمع الأوروبي، المجتمع الغربي، أن يعي أن الإسلام اليوم، حقيقة أروبية، و ينتمي إلى الأمة الأروبية. أكثر من 10% من سكان فرنسا مسلمين. هو ثاني ديانة بفرنسا.
    الإسلام حاضر اليوم، و كان حاضرا في الماضي بالأندلس. فمن جنيف، من هذا المؤتمر، ستنطلق شعلة الأمل، موقودة من طرف الشباب و محمولة بالشباب نحو (مدينة) كومبوستيل ثم (مدينة) قرطبة.

    كل ما سنحاول القيام به، هو التمكن من بناء رابطة، خلق حوار بناء، و جعل مجتمع اليوم يعي بأنه لا يمكن ترك الأشياء كما هي. مسؤوليات الإعلام كبيرة، بإعطاء الكلمة لإسلام يطالب و يعمل على خلق روابط بين الناس بدون تمييز بين الجنس أو الدين، هذا الإسلام الذي يبجل الحرية الفردية و الجماعية، و ينادي بطريقة عيش، و آداب سلوك، و العمل بمهارة في المجتمع الذي هو حاضر به.

الثلاثاء، 19 أكتوبر 2010

علاج النفس، الفصل السادس: الحالات الثلاث للنفس، الفطرة و الحالات الثلاث للنفس

الفطرة و أحوال النفس الثلاثة
   
    تبحث النظرة الصوفية لعلاج النفس على حلَّ الإشكالية التالية: كيف يُمكن الإتصال مرة أخرى بتلك الفطرة، و من خلالها بذات الرسالة الفطرية السماوية؟ في نطاق هذا التعليم، لا يتعلق الأمر باقتراح طريقة جاهزة. و لكن تبيين كيف أن الصوفية، أو أهل الله، يحاولون الرجوع إلى الطبيعة الربانية، و إلى الرسالة الأولية.

    تكمن الصعوبات في قدرتنا على العيش طبقا لحالنا الفطري، في وقت أصبحت فيه الفطرة، مخفية وراء حجب الظروف الإجتماعية و الثقافية. نسي الإنسان أو تجاهل وجود حالة فردوسية بنفسه. ذلك أنه لم يشعر بعد، بأي أثر من آثار هذه الحالة، لا على المستوى الزمني، و لا الفكري، و لا العاطفي، و لا الروحي. 

    الطبيعة الفطرية عذراء: نأتي إلى هذا العالم ببراءة و حيادية تامة. يرتبط هذان الحالان الفطريان بكنه كائننا، أي الجزء الأكثر قداسة في أنفسنا. هذا هو البعد المقدّس الذي نبحث عنه، من خلال المرور بأحوال النفس الثلاثة: النفس الأمارة، و النفس اللوامة، و النفس المطمئنة. فبالسلوك عبر طريق الوسطية، نحو تحقيق الإنسان الكامل، نكتشف بإعجاب فطرتنا.

علاج النفس، الفصل السادس: الحالات الثلاث للنفس، قصة الحصان المسروق

قصة الحصان المسروق

    في هذا السياق، سأحكي لكم في هذا الموضوع، هذه القصة التي وقعت لأحد أجدادي، كان يملك حصانا جميلا جدا. كان أحدهم يرغب في هذا الحصان، و قد دفع مبلغا لشخص كي يسرقه منه. عندما خرج جدي من بيته متوجها إلى المدينة القريبة، وجد السارق متكأ على عصا و يعرج في مشيته و يتظاهر بالألم. أشار إلى جدي بأن يتوقف و يأخذه معه على حصانه، ليقطعا معا جزءا من الطريق. سارع جدي إلى تقديم المساعدة له، وحمله خلفه فوق الحصان. ثم توجها نحو المدينة. إلا أن السارق أسقط جدي، فجأة على الأرض ليسلب منه دابته. توقف بعيدا بعد عشرة أمتار قائلا "أرأيت لقد سرقت حصانك، و عرضك"، كما كان يقال في تلك الأوقات، لأن امتلاك حصان سابقا، كان يعتبر عند العرب، من عرض الرجل، فأجابه جدي"اسمع يا هذا، لقد وهبته لك، لا تقل أبدا أنك سرقته. لو فعلت لن يساعد الناس بعدك غيرهم، و ستكون مغلاقا للخير. خذ الحصان، لقد وهبته لك".

    هذا سلوك سلمي، تضحية إلى أقصى غاية. لم يفكر جدي فقط، في العار التي سيجلبه له ضياع الحصان، و لكن في العواقب التي سيسببها، إن فقد الناس الثقة في بعضهم بعضا، إلى حد انقطاع التعاون فيما بينهم. تعلمنا هذه القصة، أن الأفعال، لا محالة مرتبطة بحال الضمير. لو إطمأنت النفس، لحاولت حتى في الأوقات الحرجة، إيجاد وسيلة لإصلاح وضعية تبدو لنا، ميئوس منها. يسمى هذا التوازن و التمحور، الذي يصل إليه الكائن المحقق في التصوف، بطريق الوسطية. نَفْسُ الإنسان هي محل لحوار باطني متواصل و تفكير تتعطاه فيما بينها، ينتج منه عدم فقدان الحذر. لكن نوعية الحوار و الفكر الذي يحدث فيها، مرتبط بحال الضمير الذي بلغه الكائن. لهذا يدعونا الشيخ العلاوي إلى التحاور مع النفس لاكتشاف طبيعتها العميقة.


علاج النفس، الفصل السادس: الحالات الثلاث للنفس، التلقين من خلال طريق الوسطية


التلقين من خلال طريق الوسطية


    كيف يمكننا تطبيق هذا التلقين في الوسط الحالي، و في علاج نفس مناسب لإنسان اليوم؟

    لقد سبق و أن تكلمنا عن طريق الوسطية. في هذا الطريق الوسط، حسب رأيي، يجب أن يقيم، من يريد أن يقدم سلاما أكثر لنفسه و لكل من يقترب منه. لم يعد نمط عيشه و تصرفاته اتجاه الآخر، خاضع لسلوك مبالغ فيه و غير مستشعر، بل لموازنة صحيحة، و فطنة فيما يجب فعله و التفكير فيه. إنها طريق الحكمة التي لا يهمل فيها أي شيئ. 

    في أوقات النزاعات و الحروب، أي موقف يتخذه الشخص الموجود بالضبط في طريق الوسطية؟ سؤال حساس، إذ كل واحد منا، يعلم كم هو صعب على الإنسان، عدم التفاعل تحت تأثير الانفعال، حين يصاب بصفة مباشرة أو غير مباشرة بالأحداث المأساوية. فمن جراء التأثير الفوري للحوادث في أحوالنا، و في مصيرنا الشخصي و الجماعي، نشعر أننا معنيون بما يصيب الأفراد و المجتمع. فما هو الموقف الواجب اتخاذه عند الصراع: نقف إلى جانب آباء يبكون فقدان أطفالهم؟ كيف يكون هذا الإختيار معقول، في حين تسبب الحروب ضحايا لدى الطرفين؟ غالبا ما يتفاعل الإنسان على نمط سيدنا موسى و الشريعة، أي المطالبة بتقرير العدالة و تطبيقها. مبدأ القصاص. و مع ذلك، كيف نتيقن من أن العقاب الذي سنفرضه على الشخص الذي ظلمنا، هو مساوي للعذاب الذي تعرضنا إليه؟ كيف نستطيع أن نرد "العين بالعين و السن بالسن"، في وقت أفقدنا فيه، الظلم كل معايير العدل؟

    يدعوا القرآن الكريم كل واحد منا، مع احترامه لحقوقنا في المطالبة بإصلاح الأضرار اللاحقة بالتساوي، إلى تجاوز المتناقضات التي يسببها الفهم و التطبيق الحرفي لقانون القصاص.
 "و جزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا و أصلح فأجره على الله. إنه لا يحب الظالمين". (الشورى، 40).
    
  يوجد أجر من يعفو و يدعو إلى الصلح، عند الله تعالى، لأن هذا الشخص تمكن من تجاوز آلامه، دون أن يفرض كمقابل آلام اخرى مماثلة. كما من حقه المطالبة بالقصاص، لكنه فضل العفو و الدعوة إلى الصلح. هذا عمل أهل التقدير، يبجل النفس الإنسانية و يرفع من شأنها، حيث يجعلها ترضى بابتلاءات الحياة، باحثة عن الجزاء الأكبر عند الله: المحبة و الرحمة. على كل حال، لا يستطيع أحد الفرار من الألم، لابد للإنسان أن يجرب الألم في وقت ما من أوقات حياته.الكل يشترك في الألم، سواء الأشخاص الذين يفرضونه على الغير أو الأشخاص الذين يعيشونه. فالألم لا ينسى أحدا، لا الملوك و لا البسطاء، كلّ يصاب به في وقت من الأوقات.
  
  تدعونا هذه الملاحظة إلى أن نتزود بالحذر في آرائنا، و نتحفظ من الأحكام المسبقة، التي تولد لدينا ردود فعل عاطفية، و مبالغ فيها. كما تعني هذه الملاحظة الكوارث الطبيعية التي تسبب خسائر مادية باهظة و مآسي إنسانية مرعبة. لاحظ علماء النبات في جزيرة لارينيون أن بعض الأشجار لا تثمر إلا بعد مرور إعصار. يعيش المواطنون الظاهرة كتجربة مخيفة. و رغم ذلك فهي ضرورية لأطوار التكاثر النباتي. فيجعلنا ذلك نتدبر، لأننا غالبا ما ننزعج بسرعة لفظاعة الدمار، دون أن نفكر فيما يحمله من إيجاب على مستوى أكبر و في المدى الطويل.