الأحد، 19 يونيو 2011

مناهل

مناهل

    أجرت الجمعية الدولية الصوفية العلاوية "عيسى"، فرع سويسرا حوار سمعي بصري مع الشيخ خالد بن تونس حول عدة مواضيع تهم المجتمع. أخرج العمل السيدة نجمة كاترين طوايبي، و ننقله في نص فيما يلي:



الصالح العام

    الصالح العام هو ما ميّز الإنسانية منذ بدايتها، منذ أن تلقى الإنسان الأمانة. لم يتمكن من بناء المملكات و الإمبراطوريات إلا عندما حدد الصالح العام. ما هو الصالح العام؟

     الصالح العام أو الرفاه العام هو مفهوم يجعل من كل واحد منا حسب مقدوره يدافع عن المصلحة العامة بدل المصلحة الخاصة. إن ما يحدد الصالح العام و يجعل من مجتمع أو إنسانية حقيقة (إجتماعية و سياسية و جماعية) هو عندما تفضل جماعة المصلحة العامة عن المصلحة الخاصة لمجموعة أو أسرة حاكمة أو فلسفة أو دين أو إيديولوجية. يساير الصالح العام مستوى يقظة الضمير. كيف نحدد، و ماهي الحدود بين مصلحتي الخاصة و المصلحة التي تميز هذا الصالح العام الذي يقتسمه كل المجتمع؟ هي مسألة عدالة. 

    لا يأخذ الصالح العام شكلا و يصبح حقيقة إلا عندما تصبح العدالة منصفة للجميع. بدون العدالة تحول الأنانية الإنسانية دائما الصالح العام لمصلحتها الخاصة. إن العدالة هي المحور الرئيسي الذي يسمح بتحديد حقيقة الصالح العام، و تضمن إحترام كل واحد منا، و نقوم بتثبيته و تشييده.



توريث الأطفال

    كل ميراثنا يرتكز على قيم. قيم مورّثة من جيل إلى آخر. ماذا سنورّث أطفالنا؟ هل سننقل إليهم مشاكل و أزمات و تحديات، يعني أمور إجتماعية لم نتمكن من حلها. إقترضنا من المستقبل حلول أو بالأحرى وسائل ليست لنا. من ناحية، نحن بصدد سرقة الأجيال القادمة. عاجزين عن حل مشاكلنا فهذا هروب إلى الأمام. نحن نطيل و نفاقم المشاكل التي تعاني منها الأرض بدون الإهتمام بمسئولية التوريث. ماذا سنورّث؟ أرض نظيفة، مَثل أنسي، قيم كونية، عدالة منصفة، أو تضامن. أم أننا سننقل إلى الأجيال القادمة الصراع و الأزمات المتوالية في  كل المجالات  و تلوث في اتساع. إذن بدل أن نلزمهم في المسؤولية و الإستقلالية نزج بهم في أن يدفعوا الثمن الغالي لأخطائنا. لنكون حذرين لأن أطفالنا جزءا منا. في الوعي الكوني، إذا تجاوزنا الحد في تجاهل ما يأتي بعدنا، ربما سنكون إحدى الحضارات التي سيلعنها التاريخ.



مكانة المرأة

    مسألة المرأة. المشكل الأبدي للجنس. الأنوثة، كيف نعرّفها، و كيف نتكلم عن المرأة متجنبين الإستهزاء؟ لأننا في عالم تنتشر فيه الطابوهات و الكلام المعاد، و كانت فيه المرأة دائما كبش فداء لكل المجتمعات. مكانة المرأة في المجتمع أساسية لأنها هي من يحمل الحياة، و في نفس الوقت، إنها متواجدة في وضعية، في المجتمعات المعاصرة، في منافسة مع الرجل، لأن الرجل من بيده السلطات السياسية و المالية، ويسير على الأرض. هي مسألة سلطة.

    أعتقد و أتمنى أن في القرن الواحد و العشرين سيعاد تأسيس هذا التفاوت و عدم المساواة في الجنس بين الذكورة و الأنوثة في التكامل و ليس في الخصام. كل من المرأة و الرجل مبدأ يسمح للحياة أن تكون و تورث. يجب التفكير في كيفية إيجاد أولا في أنفسنا القسم الأنثوي و القسم الذكوري لأن كل كائن وُجد باجتماع الإثنين. قسم منه ورثه من أبيه و القسم الآخر من أمه. و مَن يستطيع أن يخلق تناغم و توازن لهذه الثنائية المرسخة فيه و الصانعة لكائنه، سيكون له نظرة مختلفة عن المرأة أو الأنوثة، عن الذي غلّب جنس على الآخر، فهو في صراع دائم، أي أنه لم يحل صراعه الخاص. فكيف له أن يحله على مستوى المجتمع؟

    قلت دائما أن مكانة المرأة في عالم اليوم حاسمة لتسيير العالم و توازنه. على المرأة أن تطالب بمكانتها و ليس مكانة الرجل، فهذا مختلف تماما. عليها أن تطالب بما هو حقها  بقدر ما أنها كائن يحمل الخصوبة و الأمل، لأن من يحمل الحياة يحمل كذلك الأمل. إن أول انشغال لأم عندما تلد طفلها هو أن يعيش، و تكون له حياة أفضل مما كانت لها. إذن بعض الأمل في المستقبل. كلما وجدت أمهات سيكون هناك الأمل.



التناغم الديني أو السلام بين مختلف التقاليد الدينية

    أقول أن كل دين مبني – على كل حال هذا ما يقولونه - على المحبة، كلها تدعي أن رسالة الدين مبنية على المحبة. و لكن الفرق هو أنه توجد المحبة الكونية الشاملة و محبة التملك. يقع كثير من المؤمنين في فخ محبة التملك، يعني ديانتي ضد ديانة الآخر، و حقيقتي ضد حقيقة الآخر، و رسالتي ضد رسالة الآخر. في حين عند تدقيق النظر نرى بالعكس أن الديانات مرايا بعضها البعض، فهي ترد كل مؤمن نسبة لاختلاف بعضنا البعض إلى واقع حقيقته. لا نستطيع معرفة تقليد إلا بمواجهته بآخر. عن معنى السلام، إذا نظرت إلى الآخر في سلام سيرده إلي. هو مرآة يرده إلي. سيجعلني أكتشف غنى ميراثي التقليدي و الروحي. إذا طرحت علي مسألة الإله أو الرحمة أو أي مسألة، و بالنظر إلى كيفية معالجتها عند الآخر في ديانة أخرى يجعلني أعرف كيف هي مفهومة و معاشة و مقتسمة في ديانتي. إذن فنحن بحاجة إلى هذه التعددية. تعددية الأشكال و الرسالات. لا تدرك الحقيقة و تفهم إلا بالتنوع، لأن التنوع هو ما يردنا إلى مبدأ التوحيد، منبع كل الرسائل، هذا الدين الأولي، الذي ساير و سمح بتطور الوعي الإنساني منذ غابر الزمان. 



الديمقراطية

   مسألة الديمقراطية في الأحداث الساخنة اليوم، أصبحت ترمز للقيم. هذه القيم بحدين. تلزم الديمقراطية حتما إنسانا واعيا بالصالح العام، و مسئول عن نفسه و عن بقية المجتمع. تلزم الديمقراطية  كل واحد منا أن يكون قائما على الثقة التي يمنحها في حضن المجتمع، لأنه ينتج على مستوى التفاهم، و العيش معا، و التضامن، و حس المواطنة الذي يتقدم على المصلحة الخاصة لجماعة أو حزب أو ميول مهما كان. لا ننسى أن تاريخ الديمقراطية قديم يعود إلى عصر الإغريق. 

    إن الذين أعادوا اليوم الديمقراطية و جعلوها مبدأ سياسي لتسيير المجتمع الإنساني ما هم إلا رجال، لا أحد معصوم، فالإنسان ضعيف. لقد استطاع الإنسان أن يطور نظام سياسي يشتغل، و لكننا نشعر أنه بلغ حد ما، في تشغيله، فكل شيئ يملك في نفسه الكمال و النقص. ربما يستعمل عالم الغد شيئ آخر. الإنسان الذي تمكن من تطوير الديمقراطية سيضع شيئ آخر، نظام جديد، أقول بمأننا في عالم معولم سيكون للمجتمعات الإنسانية فيه كلمتها. ربما سنتجه نحو سوسيوقراطية، في مجتمع يؤخذ فيه الكائن أكثر بعين الإعتبار مثلما هو عليه اليوم، لأن الديمقراطية التي تبقى قانون الأغلبية، و هذه الأغلبية غير واعية عمليا و لا متيقظة عمليا لحس الصالح العام، تنتهي حتما بتسيير نظام  غير منصف.  ديمقراطية تكفلت بها جماعة لديها الأسباب المالية و كذلك الإعلامية، إذن هم يملكون المعلومة، يمكن أن يوجهوها لصالحهم.

الجمعة، 10 يونيو 2011

مرور سنة على ميلاد المدونة

مرور سنة على ميلاد المدونة


    الحمد لله رب العالمين و الصلاة والسلام على سيدنا و مولانا محمد صلى الله عليه و سلم.

    مضت سنة كاملة على وجود المدونة. شعورا بالمسؤولية و ضرورة تبليغ ما توفر من تعاليم و رسائل الشيخ خالد بن تونس لشريحة من الأمة، ظهرت هذه المدونة لتنشر بعض أعمال الشيخ و نشاطاته الغزيرة.

     قُدمت على مدى سنة كاملة أهم ما توفر لدينا من مواضيع و رسائل الشيخ خالد بن تونس كي تغطي نقصا معتبرا في هذا المجال، و تقدم مساعدة للذين هم في بحث عن هذا التعليم و يأملون في مستقبل أفضل و عالم أكثر عدلا و إنسانية متحضرة، و واعية، مستعدة لتقبل الأمر الإلهي.


    تسمح خدمة Blogspot بمعاينة إحصائيات المنتدى و معرفة عدد الصفحات المقروءة يوميا و مشاركات الدول و إحصائيات أخرى. تحصي الخدمة الصفحات الظاهرة فقط في وصلات جديدة . في كل الأوقات، في مشاركات الدول تتقدم الجزائر بشوط عن إسبانيا و تليها المغرب. بعيدا عنهم و بنسب متقاربة نجد كل من السعودية و مصر و فرنسا و تونس على الترتيب، ثم تلي الولايات المتحدة الأمريكية و الإمارات العربية و الأردن.