السبت، 10 سبتمبر 2011

شيخ جزائري يريد دورا للصوفية في الربيع العربي

شيخ جزائري يريد دورا للصوفية في الربيع العربي

    مستغانم (الجزائر) (رويترز) - قال خالد بن تونس الشيخ الصوفي للطريقة العلوية بمستغانم بالجزائر أنه يتعين على المسلمين الصوفيين في جميع أنحاء شمال أفريقيا مناصرة الكرامة و الحرية، حتى يمكن الإستماع إلى فكرهم الإسلامي الصوفي، في مناقشات نشطها حول الديمقراطية في العالم العربي.
  
    و قال الشيخ بن تونس أن الإسلام الرسمي الذي روج له دكتاتوريون أطاحت بهم ثورات الربيع العربي، باء بالفشل و إن المسلمين في حاجة الآن إلى قيم روحانية، على النمط الصوفي لتعزيز أواصر الأخوة و الوحدة.
   
    و قال لرويترز في مقره الديني بمدينة مستغانم الساحلية، التي تبعد 300 كيلومتر غربي الجزائر العاصمة، أن الزعماء العرب الذين لا يكفلون القيم الشمولية مثل الكرامة و الحرية، يخاطرون بالاطاحة بهم من السلطة، بواسطة إحتجاجات الشباب التي تشبه أمواج المد العاتية "تسونامي".
  
    و قال بن تونس (62 عاما)، الذي تضم جماعته عشرات الآلاف في شمال أفريقيا و أوروبا، أنهم بحاجة إلى فتح أبواب النقاش في دولهم. و طالب بالسماح للسلفيين و للإخوان المسلمين و العلمانيين و الملحدين و الصوفيين بالتحدث بحرية و اقتراح الحلول. و أضاف أن الروحانية تلزمهم باتباع طريق الخير و الوحدة و الأخوة.
 
    و رغم أن الصوفية ممثلة جيدا في الإسلام التقليدي بشمال أفريقيا حيث أن تعاليمها تؤكد على التصوف و حب الله، إلا أنها أقل ظهورا في ثورات الربيع العربي من الإخوان المسلمين المحافظين أو السلفيين المتشددين. و يتعرض الصوفيون في مصر من حين لآخر لهجوم السلفيين الذين يعتبرونهم زنادقة لتبجيلهم للأولياء الصالحين، و أحيانا يتلفون الأضرحة التي يحتفظون بها تكريما لهم.
  
    و قال بن تونس أن الصوفيين يجب أن يهبّوا لمواجهة التطرف. و قال أن هناك 13 مليون صوفي في مصر، و أن الوقت قد حان بالنسبة لهم لإظهار ما يستطيعون القيام به للمساعدة في تطبيق الديمقراطية.
   
     و قال الشيخ أن الشباب الذين يقودون احتجاجات الربيع العربي لم يعد باستطاعتهم العيش في دكتاتورية. و أضاف أنه ليس أمام الحكام في العالم العربي أي خيار الآن، سوى ضمان كرامة و حرية الشباب. و قال أنه إذا لم يفعلوا ذلك فسوف تطيح بهم أمواج مد الاحتجاجات.
  
    و انتقد بن تونس -الذي كتب عدة كتب عن الصوفية- الإسلام الرسمي الذي تم الترويج له طويلا في شمال أفريقيا. و قال أن الإسلام أصبح سلعة مستهلكة مثل أي شيء آخر، و أن خطب الجمعة أصبحت سلعا مستهلكة و إنها فشلت، مشيرا إلى أن الصوفية المحافظة فشلت أيضا. و قال أن ما يحتاجونه الآن هو صوفية في شكل قيم شاملة مثل الكرامة و الحرية للجميع.
   
     و آثار بن تونس غضب السلفيين الجزائريين بأحدث كتاب له باسم "الصوفية الإرث المشترك"، لأن غلاف الكتاب احتوى على صورة للنبي محمد صلى الله عليه و سلم. لكن الكتاب ما زال يباع هنا.
  
    و قال الشيخ أن الجزائر التي لم تصل إليها احتجاجات الربيع العربي التي تهز الدول المجاورة، لكنها شهدت اضطرابات في أوائل هذا العام بسبب الأجور و ظروف العمل، يجب أن تستثمر كل أموالها على شبابها. و تساءل عن أهم مصدر في الدولة قائلا هل هو بترولها أم غازها أم جيشها أم شبابها.
   
    و في مواجهة الإضطرابات، قرر الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة زيادة الأجور و عرض تقديم قروض بدون فوائد لملايين الاشخاص في استراتيجية حققت النجاح حتى الآن.
  
    و قال بن تونس إن الشباب يريد مساحة و أملا أكبر، و إن من واجب الحكومة تلبية هذه المطالب. و أضاف إن الجزائر لا تستطيع حل مشكلاتها من تلقاء نفسها، و يجب أن تتقبل فكرة إقامة مجال أكبر ليضم جميع دول المنطقة.

 لامين شيخي
        
 وكالة رويترز للأنباء،  في 09 09 2011.

الأحد، 4 سبتمبر 2011

التصوف و الثورات العربية

التصوف و الثورات العربية

  
    بعد غياب دام سنتين عن الجزائر، منذ مؤتمر المئوية العلاوية، نزل سيدنا الشيخ خالد عدلان بن تونس ضيفا على فضاء ألف خبر و خبر لجريدة " الجزائر نيوز" الذي يقام هذه السنة في طبعته الثالثة. في إحدى سهراته نشّط سيدنا الشيخ خالد بن تونس ليلة السابع و العشرين من شهر أوت الموافقة لليلة القدر المباركة حلقة نقاش تحت عنوان " التصوف و الثورات العربية". جرى اللقاء بمقر الجريدة بالجزائر العاصمة وشهده جمهور غفير. حضرت الصحافة بقوة و نوهت بعضها بمحاضرته، و هذه شهادة ثلاث جرائد جزائرية ناطقة بالفرنسية.


توجد أمور غير معلنة في العالم العربي

   على الجزائر أن تفتخر بما لديها في شخص الشيخ خالد بن تونس الشيخ الصوفي للطريقة العلاوية بمستغانم، واحد من رجال الدين الأكثر تميزا، وخاصة المعاصرين بالمغرب العربي. كان مدعوا الجمعة مساءا بفضاء "ألف خبر و خبر" أين نشط حلقة نقاش تحمل عنوان " التصوف و الثورات العربية". مشيرا إلى تجربته في العمل المجتمعي ضمن الكشافة الإسلامية الفرنسية الذي هو رئيسها المؤسس سنة 1991، كشف شيخ الطريقة العلاوية أن المستخلص من ملاحظاته هو " القلق و طفح الكيل" عند الكشاف الشاب. أثناء مخيم دولي للكشاف المسلم الذي جمع لمدة 21 يوم تمثيليات  قدمت من الجزائر و المغرب و تونس و ليبيا و إسبانيا و سويسرا و بلجيكا و ألمانيا، كشف الشيخ بن تونس أن " الأطفال و المراهقين المتحدرين من البلدان الإسلامية كانوا مضايقين عند التعبير علنا. كل الشباب كان متعطش للكلام، و الكل كان يرغب في البوح على انفراد. كنا نشعر أنهم لا يثقون في بعضهم البعض، و عندما أردنا معرفة الأسباب التي تدفعهم إلى عدم الكلام علانية، فإنهم لا يتجرؤون على ذكر السبب". و يتأسف المحاضر: "وُجّهت الحركة الكشفية للسيطرة على الشباب، و مبدئيا عليها أن تحررهم و تساعدهم على الإنفتاح". أجبرت الأحداث الليبية الشيخ على الإيضاح في حديثه بالكلام عن " الشباب الليبي الذي لم يرد العودة إلى دياره بعد نهاية الإقامة بالمخيم"، و أضاف " و رغم ذلك يتحدر هؤلاء الليبيون من عائلات موظفين و يحملون بضاعة ثقافية". تنتمي الكشافة الإسلامية الفرنسية إلى المنظمة الدولية للحركة الكشفية و الإتحاد الدولي للكشافة الإسلامية الذي يظم حسب المحاضر 36 مليون منخرط. و يعترف الشيخ أن في ظل هذا الكم " لا يدهشه أن يرى المجتمعات الإسلامية تثور".

    محللا الوضعية في المغرب و العالم العربيين يرى أن "ما يحدث هو منعطف". "هذا ما يثبت أنه لا يمكن أن تكون على الناس سيطرة أبدية. لم تنبعث الثورات من حزب أو إيديولوجية. فاجأ هذا الجميع". و أضاف مقارنا بين ليبيا و مصر، مشيرا أن الوضعيتين غير متشابهتين على كل حال. قال " مصر أم الدنيا، منها انطلقت الناصرية و حركة الإخوان المسلمين و هي من يأوي الأزهر. سيستمر الزلزال الذي هز هذا البلد، و لكن مصر تهذبت لوحدها للقيام بثورتها، لم تقم بدعوة الأجانب". و أضاف " ليس لليبيا نفس الإعتدال، ما يحدث هناك خطير، خطير كذلك بالنسبة لنا. ارتج هذا البلد لسنوات، و لا ندري إلى أين سيصل هذا الإنفجار مع كل هذه الأسلحة المنتشرة ضمن السكان...". و شدّد " قد تفجر ليبيا كل المغرب العربي". مع ذلك بالنسبة للشيخ الثورتين في تونس و مصر " تشهدان بأن شعبي البلدين حاملين لما بعد الحداثة". قام بالتمييز بين العولمة التي تطالب بالخضوع و العولمة التي نستطيع من خلالها المشاركة، يعني ما هو آت، التي لحقوق الإنسان و احترام الأقليات. عندما سئل عن العلاقات التي يمكن أن تكون لطريقته مع التيارات الأخرى صرّح " فقط المزابيون(1)، رغم مذهبهم لهم قابلية للحوار بشفافية" . عندما أُعلم بالإعتداء الذي تعرضت له ليلتها الاكاديمية العسكرية لشرشال(2)، رفض الشيخ كل أعمال العنف. قال مضيفا " يؤدي العنف إلى طريق مسدود، هو مشروع موت".


العربي قراين
جريدة (Midi libre)، في 28 08 2011.



رفض الصوفي للثيوقراطية

    إن رؤية و سماع أحد الصوفية هو دائما تجربة مليئة بالدروس. هذا ما تأكد مرة أخرى قبل البارحة بمقر يومية "الجزائر نيوز" بمناسبة حلقة النقاش التي نشطها الشيخ خالد بن تونس شيخ الطريقة العلاوية حول موضوع "التصوف و الثورات العربية". مستعرضا الأحداث التي جرت بتونس و مصر، ذكّر المحاضر أن الذي حدث هو إرادة شعبية. بالمقابل فرق بين البلدين و الذي يحدث بليبيا. في حين اجتنب الإنتقاد المباشر أو الواضح، إلا أنه أثار استخدام العنف و تدخل الحلف الطلسي. و استعرض أمله في رؤية الليبيين يصلون إلى حل مشاكلهم و ضمان وحدة أمتهم. مع ذلك، سبّب هذا الموضوع بعض الإثارة في القاعة. في الجمهور الغفير قامت إمرأة تدعي أنها زارت ليبيا بتدخل ملفت للنظر، حتى لو أنها أصابت نواحي "مهمة". قالت أن القذافي أسكت الحساسيات الصوفية و أخرج أولياء من قبورهم. و أكدت أنها تود عودة السنوسيين إلى الحكم بليبيا. ثغرة رأينا الشيخ يستغلها. للتذكير بهذا الموضوع، للإستحواذ على الحكم، أسقط القذافي عام 1969 الملك السنوسي الذي ينتمي إلى طريقة (تحمل نفس الإسم) أصلها من الغرب الجزائري، بالضبط من مستغانم، نفس مدينة الطريقة العلاوية. لم يكن الشيخ يريد أن يخوض في الموضوع، مكتفيا التذكير بالسلم و عدم الوقوع في الفتنة.

    حتى الأنظمة السياسية "قُربت" في تحليل الشيخ بن تونس. و حرص كذلك على التأكيد أن الصوفية مع نظام مدني، سواء بمصر أو الجزائر أو تونس مبرزا رفضه لدولة ثيوقراطية. في مقاربته أضاف "أنه لا توجد دولة إسلامية، و لم تكن هناك دولة إسلامية بمعنى الدولة الذي نفهمه اليوم". بالنسبة لشيخ الطريقة العلاوية الإسلام السياسي "وسيلة مثل أخرى" للذين يهدفون السلطة، مضيفا أن في هذه الحال "استعمل الدين كحصان تروا". وصل حتى تصويب "تقريبا" كارل ماركس في عبارته "الدين عفيون الشعوب"، مذكرا بتهكم أن حتى الشيوعية أرادت أن تقوم بنفس الدور.

    بالنسبة لبعض الأمثلة "المهمة"، لم يخفي المحاضر إعجابه بالنموذج التركي. "هو بلد في تطور، لديه نظام ديمقراطي و الحزب الحاكم ذو توجه إسلامي".

    لا ننسى بعض الجوانب الفريدة للصوفية. رجع الشيخ بن تونس إلى الرسالة الكونية للإسلام و أدائها في الوقت الحاضر. قال مشيرا "قادنا الغرب إلى أزمة أخلاق" و حان الوقت "كي لا نكون مقلدين، و لكن مجاهدين نستلهم من الفلسفة الإسلامية الحقيقية". انتهز الفرصة و وجّه نداء إلى الشباب و الصبيان "اعطوا أمالا جديدة، و كونوا باعثين لنظرة جديدة للعالم".  


سليم كوديل
جريدة (Liberté)، في 27 08 2011.



كنا نرى قدوم الثورات العربية

    مع الشيخ خالد بن تونس انسوا كل ما تعرفونه عن المشايخ. الأصح أنه شاب بالنسبة لشيخ، حلق ذقنه منذ وقت قريب و أنيق، ببذلة و ربطة عنق، يشبه نوعا ما فنان أو متأنق. كان شيخ الطريقة العلاوية ضيف ليلة الجمعة ألف خبر و خبر للجزائر نيوز بالجزائر العاصمة. مثلما أشار إليه يوسف السايح، الكثير من الحضور "فوجئ" بعنوان اللقاء "التصوف و الثورات العربية"، لأن التصوف معروف بروحانيته و محسوب أنه "لاسياسي". " اليوم كل ما سأقوله هو صادر مني، بصفة شخصية. هو رأيي الخاص. إذا تفوهت بتفاهات فهذا غير مهم"، هكذا علق (بالفرنسية) قبل الإجابة على السؤال الأول الذي طرحه السايح حول "التناقض" الموجود حول موضوع اللقاء. أكد خالد بن تونس أن التصوف من جوهر روحي. ذهب أبعد من ذلك "الإسلام ليس مشروع سياسي أو إيديولوجي". مستشهدا بسورة القدر القرآنية، أشار أن الرسالة الإلهية هي رسالة سلام للإنسانية جمعاء، بُلغت إلى الناس من طرف الأنبياء. فيما يخص "الثورات العربية"، حتما "كنا نراها قادمة". الشيخ خالد بن تونس هو مؤسس الكشافة الإسلامية الفرنسية سنة 1991، و رئيسها الشرفي و المستشار الديني. "سنة 2010 دعونا الكشفيات العربية و الأوروبية للمشاركة في ورشات و تبادلات. قد شعرنا بالفعل بطفح الكيل. قلق الشباب و الضغط الكامن. سوريون أرادوا الحديث معي و لكن فرديا، لم يكونوا يثقوا في بعضهم البعض. لم يرد الليبيين العودة إلى ديارهم و رفقناهم حتى (مطار) أورلي. لماذا يعيش أولادنا هذا الضيق؟" متحدثا دائما بالفرنسية، أظهر خالد بن تونس أنه مراقب سياسي نبيه، و حتى عالم إجتماع أو عالم نفس. "أدركَنا التاريخ. لا يمكن أن تكون هناك دائما قبضة على الناس و الضمائر. في تونس لم يكن وراء الثورة لا حزب و لا إيديولوجية. إنهم شباب مَن تنظم وراء شبكات إجتماعية. في مصر الأمر مختلف. مصر أم الدنيا. إنه بلد الإخوان المسلمين و الأزهر و ناصر و الوطنية العربية، إلخ". و ليبيا؟ "ما يحدث في ليبيا خطير جدا لأن في ليبيا، ليس لديهم معارف و علوم و ثقافة المصريين، و هناك تيارات تستغل هذه الوضعية". في الجزائر أخال أن المسألة هي معرفة إدارة الأمور لاجتناب مأساة أخرى بعد كل ما عاناه هذا البلد. في الختام تتوجه رسالته إلى كل الإنسانية، و حتى بالغرب توجد المعاناة. "آن الآوان للتفكير في الوحدة و لن تتواجد فرصة أخرى. آن الآوان للتفكير في العالم بطريقة مغايرة بالديمقراطية و الكرامة و العدالة و التقسيم التضامني للثروات، باحترام حقوق الإنسان و الأقليات في هذه الأوقات لعولمة التفكير الجاهز، و الطعام الجاهز، و العلاقات الجنسية الجاهزة". أثناء النقاش (غصت القاعة)، و أثار أحدهم، حسب رأيه، أن التصوف غير متجذر في المجمع المصري، عكس التيارات الدينية الأخرى. أجاب ضيف ألف خبر و خبر: " إلتقى المجلس الصوفي لمصر تمثيليات الديانات الأخرى بمصر، ليس فقط المسلمين. قال المجلس في بيانِ أنه مع سلطة مدنية بمصر، و هذا المجلس يمثل 13 مليون مصري". ولد خالد بن تونس سنة 1949 بمستغانم و ينحدر من عائلة علماء و قضاة. سنة 1975 أصبح شيخ الطريقة العلاوية. صاحب العديد من المؤلفات منها، التصوف قلب الإسلام، و كتاب القرآن عيسى و اليهودية بمشاركة آلان هوزيو و جيرالد إسرائيل، و كذلك التصوف الإرث المشترك الذي صدر سنة 2009 بمناسبة مئوية الطريقة الصوفية العلاوية.


عبد القادر ب
جريدة ((Le soir d’Algerie، في 28 08 2011.



(1). وادي ميزاب هو إسم منطقة بالجزائر تأوي الطائفة الإباضية، و هم أقلية، يطلق عليهم إسم منطقتهم.
(2). الإعتداء الذي تعرضت له تلك التكنة، أدى إلى وفاة 18 شخص من ضباط الجيش.