الأربعاء، 22 أكتوبر 2014

خفايا الأنوثة

خفايا الأنوثة
   
    واصل الشيخ خالد بن تونس مسيرته و لقاءاته من أجل التعريف بالمؤتمر الموعود، الذي يُعد سابقة عالمية، مؤتمر يركز على طاقة الأنوثة، و سيرسم لها الطريق، كي تشقه وسط إنسانية تائهة، فقدت معالمها و توازنها. عقد الشيخ خالد بن تونس، هذه الأيام عدة ندوات، سجلها معه صحفيين و إعلاميين، الذين نشروا هذه المقاطع و الحوارات.

    سيعقد مؤتمر الأنوثة الدولي بمدينة وهران من 27 أكتوبر إلى 02 نوفمبر 2014 تحت شعار "الكلمة للنساء". تقترح هذه التظاهرة، إخراج المرأة من قبر النسيان الذي وضعت فيه عمدا، من قبل أنصار الإسلام الراديكالي. في هذه المقابلة، يوضح الشيخ خالد بن تونس نهجه، و يرسم الخطوط العريضة، لما ينبغي أن يكون عليه مسلم القرن الواحد و العشرين. (1).

    قال الشيخ خالد بن تونس: نتوقع وصول 3000 مشارك من 25 بلد، من البلدان الإسلامية، مثل مصر، مع علماء من الأزهر، و الزيتونة، و من المغرب، و مشاركين من أفريقيا السوداء و أوروبيين، من فرنسا و بلجيكا و هولندا و انجلترا (مع أستاذ من جامعة أوكسفورد، جمع ذاكرة أكثر من 1000 إمرأة، ممن شهدن تاريخ الإسلام). و الرئيس بوتفليقة، وافق بدون تردد - و هذا فاجأني-، على رعاية هذا المؤتمر، أعتقد أن الموضوع يهمه بجد، بالنسبة له، فالأنوثة، لها مكان بارز في بلدنا. (2). اطمئنوا فنحن لم نتلقى أي مساعدة. نريد فقط، أن كل هؤلاء الناس يأتون إلينا، و يرحلون بصورة مختلفة عن الجزائر.(1).

    و يضيف الشيخ: إن الغرض من المؤتمر هو إرساء دعائم ثقافة السلم، من خلال الخلية الأسرية، و إظهار أن منذ قرون، صلّتِ المرأة بالناس، و كان هناك محدثات، و هذا هو هدفنا. 

    كان هناك نساء مسلمات، عظيمات، أشرقن خلال مختلف العصور. للأسف تعتبر اليوم المرأة عورة، كائن مسيطر عليه، قاصر. حتى في سن الشيخوخة تظل المرأة طفيفة. و كل هذا باسم الإسلام. يرجع أصحاب هذا الرأي، زعما، إلى شريعة النبي صلى الله عليه و سلم. أقواله صلى الله عليه و سلم. لقد أجرينا تحقيقا في التاريخ، منذ فجر الإنسانية، منذ العصور الأكثر نائية، و أمكننا أن نلاحظ، كيف تناولت مختلف الحضارات قضية المرأة.

    فرض الأشوريون على المرأة، ارتداء الخمار (الحجاب). و هو تقليد قديم، و قد زرنا حضارة حوض البحر الأبيض المتوسط، فعرفنا أن الإغريق و الرومان، فرضوا الحجاب على النساء. اليهودية و المسيحية، أيضا شرعتا ارتداء الحجاب. جاء النبي  صلى الله عليه و سلم، و أعطى لهن حريتهن.

    نحن نقول إرتدي الحجاب، و لكن على الرأس، و ليس داخل الرأس.(2).

    و في رده على سؤال لصحفي جريدة الوطن، هل مفهوم العلمانية، قابل للذوبان في الإسلام، كما يعتقد البعض، قال: أعتقد أننا لا ينبغي أن نقلد تجارب الدول الأخرى، مثل فرنسا، التي لديها تاريخ مختلف عن بلدنا. إذا بدأنا نتبع أنماط الآخرين، فهذا لن يعمل. لماذا لا نخلق شيئا لنا، لباس يناسبنا. لماذا علينا دائما، تتبع دائما ما للآخرين؟ هلا بحثنا في ميراث أجدادنا؟(1).

    و في سؤال آخر، قال الصحفي: يتركز الإنعكاس العام لندوتكم، حول المرأة و الأنوثة في الإسلام. هل تعتقد أن الإسلام هو واضح، بشكل كاف في هذه المسألة؟ 

    فكان جواب الشيخ كما يلي: ليس أنه أسيئ فهمه، و لكن تمّ حجب ذلك. إسلام اليوم، يحجب الكثير من ذاكرته. على سبيل المثال، دمرت آثار بيت الرسول  صلى الله عليه و سلم، و بني فوق أطلاله مرحاض... علاوة على ذلك إختفت 9000 إمرأة من الذاكرة الجماعية للمسلمين. لا أحد يتحدث عنهن، و قد كن محدثات و عالمات و مفتيات، و حتى إمامات، صلين بالناس. و حتى سيدنا عمر، أسند حماية المدينة المنورة لإمرأة أيضا. في غزوة أحد حمت رسول الله صلى الله عليه و سلم، إمرأة، من موت حتمي، و قفت بينه و بين الرجل الذي أراد قتله. في الآخير، يجب التذكير أن أول من إعتنق الإسلام إمرأة، هي خديجة. أين كل هؤلاء، اللواتي أنرن الإسلام. و لكشف ما تم حجبه، نحن ننظم هذه الندوة حول المرأة.(1).

    إن النفسَ مؤنثةُ(3)، لا يجب نسيان ذلك. في الكتاب المقدس، مذكور أن حواء خلقت من ضلع آدم، في حين أن القرآن، لا يقول بذلك. يضع الإسلام المرأة في المساواة. يقول الرسول صلى الله عليه و سلم "النساء شقائق الرجال"، و الشقيق هو الأخ أو الأخت الذي، ولد من بطن واحدة. إذن نحن في المساواة. يقول القرآن الكريم "المؤمنين و المؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر". سورة التوبة، الآية 71. إذن الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر للرجل و المرأة. و نذكر بالخصوص حديثه صلى الله عليه و سلم "الجنة تحت أقدام الأمهات". و ليس الرجل.(4).

    يقال أن الوحي لا ينزل إلا على الرجل، و لكن السيدة مريم تلقت الروح الأمين جبريل عليهما السلام، و لدينا أم موسى. " و أوحينا إلى أم موسى". سورة القصص، الآية 7. إن الوحي يعني الرجل كما المرأة.(4).

      إبتداءا من القرن الحادي عشر الميلادي، كان هناك سوء استخدام الشريعة، من خلال الفقه، لصالح الرجل على حساب المرأة. تغلبت التقاليد و العادات القديمة و الجاهلية في الجزيرة العربية و المغرب العربي، و جعلت المرأة، ماهي عليه. و هذا يعني، أنه شخص يُنجب، و عليه إلتزام الصمت و الطاعة.(1).

    الأنوثة شيئ يزعج الأمة، رجل و إمرأة. لأن الأنوثة تذكرنا بأساسيات الحياة، محبة الحياة، و محبة تمريرها إلى الأجيال المقبلة. متطلبات الأنوثة هو الشعور، بالمحبة للنفس و المحبة للآخرين و خلق روابط، و من جيل إلى آخر. مع هذا الوعد و هذا الأمل، فإن هذا الحي دوما شيئ مدهش. في الثقافات و الديانات، في أي مكان ما، فإن الأنوثة إما أخفيت أو نسيت أو زيفت، إنه هذا التلبيس (الحَجْب) و الكشف، هذه اللعبة التي فيها الكذب باق متخفي وراء حقائق أبدية، حقائق تحمل و تلد سجل الأنوثة.(5).

    يوجد ميول في الإسلام إلى الإخفاء، لهذا قلنا تلبيس (حجب) و كشف.(4).

    إنه لقاء نرجو منه أن يعطي ميلاد لحركية، و لا نصبوا فقط للمناقشة، و لكن أن يؤدي نقاشنا إلى إجراءات ملموسة، و إحدى أمنياتنا أن يولد مجتمع العيش معا، بشكل أفضل، مؤسَسا على ثقافة السلام.(5).

   توجهي هو أن أحاول، أن أكون صادقا مع نفسي. صحيح أنه لا يمكن السكوت على رؤية الإسلام ينهش هكذا مع هذه البهيمية. كل ما أفعله، هو جزء من التقليد، و لكن بالطبع، التقليد الحي، و ليس ذلك التقليد المتحجر و المتصلب.(1).ـ
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)  جريدة . El Watan  
(2)   جريدة LIBERTE.
(3)  إشارة إلى قوله تعالى "يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة و خلق منها زوجها". سورة النساء، الآية 1.
(4)  ذكره في لقاء تليفزيوني مع قناة Canal Algerie .
(5)  ذكره على هامش لقاء، نظم بفرنسا، للتحضير للمؤتمر.

الإسلام هو الرسالة الخالدة التي لا يهزها أي تطرف


الإسلام هو الرسالة الخالدة التي لا يهزها أي تطرف


    مع اقتراب موعد مؤتمر الأنوثة الدولي المقرر انعقاده بوهران و مستغانم بين 27 أكتوبر و 02 نوفمبر 2014، كثرت محاضرات و حوارات الشيخ خالد بن تونس، مع الصحافة المقروءة و المرئية، لإبراز أهداف المؤتمر، و المغزى من المحاور التي يتناولها.

     تناول الشيخ أيضا في محاوراته مواضيع الساعة، و أحوال المسلمين، في ظل الأحداث الحالية الجارية في الشرق الأوسط، و جاءت كلماته شافية كافية، تكتب بماء الذهب، لما فيها من حكم و حقائق جلية، تكشف للتائه طريقه، و تنير للحائر عقله. و يبقى الشيخ خالد بن تونس دائم السفر و الترحال، مبلغا رسالة الإسلام و ما حوته من تجديد يساير العصر، و يساير تطلعات الإنسان في القرن الواحد و العشرين، و مثابرا في عمله المضني و سعيه الدؤوب، لنقل الجوهر الروحي للرسالة المحمدية.

    إلتفت عدة منابر إعلامية جزائرية، بالشيخ خالد بن تونس، في الآونة الأخيرة، محاولة منها استقراء منهجه، و كسب ردوده، و معرفة رؤاه فيما يحضّره، و الذي يجري بالساحة الدولية، فيما ألصق بالإسلام و جماعة المسلمين.

    في مقال عنونته جريدة Liberté  الناطقة بالفرنسية، مما تلقته من الشيخ خالد بن تونس،" إن إسلام الزوايا أساس الهوية الدينية لدينا"، مهدت المقالة بمايلي:

    إن الجمعية الصوفية العلاوية، بمبادرة من زعيمها الروحي، الشيخ خالد بن تونس، تبذل حاليا اللمسات الأخيرة على التحضيرات للإجتماع الدولي، المقرر عقده، في الفترة الممتدة ما بين 27 أكتوبر و 02 نوفمبر 2014 بوهران. إختار الشيخ بن تونس موضوع، تفوح منه رائحة الكبريت، بطريقة ما: "الإسلام بالمؤنث"، و هو وفيا لنفسه، سابحا ضد تيار أنصار إسلام أفل زمانه، و جُمد من قبل العلماء الأصوليين. 

    و فيها، جاء عن الشيخ خالد بن تونس "خلال الأيام الخمسة لهذا المؤتمر العالمي، فإن الضيوف المنحدرين من مختلف القارات، سيسعون في تدخلاتهم لإظهار، أن الإسلام كان دائما إلى جانب الأنوثة، على التمام. إن إختيار عقد هذا العرض العالمي الدولي في الجزائر، ليس من قبيل الصدفة، كما أن البلاد عانت من التعنت الديني. اليوم يمكن أن يكون في قلب ثقافة أكثر عدلا و إنصافا للجميع.

    تُظهر الأحداث الأخيرة، أنه يجب علينا أن نبذل كل جهد ممكن، لضمان أن القيم التي تدفع ثقافة السلام، يمكن أن تشغل مساحة حقيقية في وعينا و مجتمعاتنا. هذه القيم التي غالبا ما ترتبط مع الأنوثة، يجب أن تدرس داخل عائلاتنا و مدارسنا، حتى لا يعاد الرعب المعاش اليوم أبدا".

    أضاف الشيخ خالد بن تونس "للمرة الأولى، سوف نعطي الكلمة للنساء، اللواتي لديهن الكثير، ليقولنه لنا، و يعلموننا إياه".

    و من ضمن ما قاله، مجيبا على أسئلة صحفي الجريدة، ورَدَ ما يلي:

لماذا اختيار مثل هذا الموضوع، "الكلمة للنساء" الآن؟
-        لأنه من المحرمات (طابوهات). إسلامنا يعاني اليوم هجوما من الداخل. حاليا، لدينا أطفالنا، الذين تسكنهم قوة سلبية، قوة من العنف، يُزعم أن الإسلام ينقلها. هذا العنف يجعل من الإسلام حامل للموت. أصبح الموت أو القتل وسيلة لكسب الجنة.

   باختيار موضوع مثل هذا، هل لديكم رغبة في استفزاز و التعدي على النهج المهيمن، للمرأة في الإسلام؟
-        كيف نجعل الأمور تتحرك؟ هل بالإطراء و المجاملة؟ إنني أرِد النبع ضد التيار، و لكن أفعل ذلك، مع الإيمان و الإخلاص و المحبة، لأني أحب بلدي، و أحب ديني، و أحب أمتي، أفعل ذلك تضامنا مع أجدادي. لقد ولدت في زاوية، و للزوايا دائما مبدأ أولية المعرفة على الجهل.

    لكن الأصوليون يواصلون تحدي الزوايا و التصوف، و يرون فيها نوعا من الإنحراف، أو شكلا من أشكال الشعوذة (الدروشة)..
ـ   ... عن أي أصولية تتحدثت. يجب أن نسمي الأشياء بمسمياتها. و أتحمل كامل مسؤولياتي قائلا. إن ما يعاني منه العالم الإسلامي اليوم، فإن وراءه الوهابية، و المَلَكيات النفطية التي تموله. أعي أن الذي أقوله، يكلفني غاليا، و لكن أقوله.

    في نفس السياق، قال الشيخ خالد بن تونس، مجيبا على الأسئلة:

    صورة الإسلام متأثرة سلبا في العالم من خلال الأعمال الهمجية المقترفة من طرف الجماعات الإرهابية، الذين يدعون أنهم يعملون باسم الإسلام. أعتقد أنهم يقومون بإخلال كبير، للمجتمع الإسلامي، و لكن ليس للإسلام، لأن الإسلام هو الرسالة الخالدة، التي ستعيش بعدنا و بعدهم، سيبقى الإسلام، لأنه دين التوحيد المطلق، و دين المحبة، و الرابطة بين الإنسان و الله. و أنه، أي متطرف أعمى، لن يستطيع ضربه. محمد صلى الله عليه و سلم، هو النور الذي هدانا، و إلا، فلم يكن بوسعنا، معرفة الحقيقة. إنه الرابطة التي توصلنا بالتقليد الآدمي. هو خاتم الأنبياء و آخر الرسل، و هذا يعني أنه وحّد آدم بمحمد. و الدائرة قد أغلقت(1).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1). يعني دائرة النبوة.  
   

الاثنين، 13 أكتوبر 2014

النساء هن بُناة السلام



النساء هن بُناة السلام

    من 27 أكتوبر إلى 02 نوفمبر، تجرى فعاليات أول مؤتمر دولي حول الأنوثة بالجزائر، و يعقد في وهران و مستغانم. من الذين بادروا إلى اللقاء، نجد كل من جنة العارف (المؤسسة المتوسطية للتنمية المستدامة)، و عيسى (الجمعية الدولية الصوفية العلاوية)، و هي جمعية تأسست في فرنسا من طرف الشيخ خالد بن تونس، الزعيم الروحي للطريقة الروحية العلاوية. يشدد الشيخ على ضرورة البدء في تفكير حول أهمية المرأة و الأنوثة. في عالم مُدمى بالصراعات، فإن إعطاء دور رئيسي للمرأة هو في الواقع، حسبه، و سيلة للسلام.

السؤال: لماذا قررتم تنظيم مؤتمر دولي يركز على موضوع المرأة؟

الشيخ خالد بن تونس: تعود هذه الفكرة إلى بضع سنوات. عندما احتفلنا في 2009 بالمئوية العلاوية، الطريقة الصوفية التي تواجدت منذ بداية القرن، و لقد اقترحنا في التوصيات إنشاء حركة نسوية حاملة للأمل، حاملة لإسلام  السلام، إسلام دينامية (1) و أمل. انتظرنا كل هذه السنوات، لنكون قادرين على تحضيره و إيجاد الشخصيات المناسبة، التي ستجيئ من الأركان الأربعة للعالم. ينحدر المشاركون من 25 جنسية.

 السؤال: مع هذا المؤتمر، أنتم تحتفلون بالمرأة. كيف يكون رد فعلكم عندما تسمعون أن ثلثي الأميين هم من النساء، وفقا لبيان صحفي، صدر عن اليونسكو في الآونة الأخيرة؟

الشيخ خالد بن تونس: المشكلة كلها هي، أن المرأة هي السِجّل. في الآن نفسه، هي خلية تحمل الحياة و تنقلها. إن إقصاء المرأة، هو نسيان 50  % من السكان. واحد من إثنان على وجه الأرض هو إمرأة. الأم هي المدرسة الأولى التي تنقل إلى أطفالها. حقيقة أنها لا تحصل على التعليم الواجب، يضع المجتمع في عدم المساواة بين الجنسين، و الذي للأسف، لا يسمح لهذا المجتمع بأن يتطور في تناغم.

 السؤال: هل تعتقد أن إعطاء مساحة أكبر للمرأة، يسمح بأن نذهب للسلام؟

 الشيخ خالد بن تونس: نحن نعتقد أن بالمرأة، ربما سيتغير العالم. من الصباح إلى المساء، و نحن نسمع كل الوحشية التي تحدث في العالم. الغالبية العظمى التي تحكم العالم، هي من الرجال و يقودونه، إما سياسيا أو إقتصاديا أو دينيا. غالبا ما يكون رجال يقودون رجالا آخرين، في المواجهة و المعارضة. يتم تجاهل دور المرأة هنا.
    نحن نعتقد أننا، إذا أعدنا إليها مكانتها، و دورها الذي يجب أن تلعبه، كونها كائن متوازن و متعلم، يمكنها أن تنقل هذه الثقافة. هي من يمكنها أن تنقل بشكل أفضل ثقافة السلام.

السؤال: خلال مؤتمركم، سيكون هناك موضوع يركز على الأنوثة في القرآن. هل ترى أنه من الملح، التذكير دوما بدور المرأة في الإسلام؟

الشيخ خالد بن تونس: ليس فقط التذكير به، و لكن على الخصوص، التذكير بما نُسيَ من التاريخ. لدينا أكثر من 9000 إمرأة شاركت في تاريخ الإسلام و هن منسيات تماما. لا أحد يعرف أن المرأة لعبت دورا رئيسيا في التحرر في تاريخ الإسلام.

السؤال: و هل من أمثلة؟

الشيخ خالد بن تونس: لنأخذ مثال، جامع القرووين، الذي يقع في فاس، درّس علماء ذوي قيمة كبيرة، و خرج منه فقهاء و علماء، و علماء رياضيات، و حتى الفيلسوف اليهودي موسى ابن ميمون، درس في هذا الجامع. إن الشخص الذي قام بإنشاء هذه الجامعة، هو إمرأة (فاطمة الفهرية).
    في تاريخ الإسلام، كان لدينا نساء عالمات و إمامات، و ملكات و صوفيات كبيرات و فيلسوفات كبيرات، و طبيبات و مهندسات ماهرات. و لكن كل هؤلاء النساء نُسين بطريقة أو بأخرى. بدءا بفترة زمنية، ظل هذا التاريخ مخفي، و خاصة دور المرأة في صدر الإسلام.
    لم يكن هذا التفاوت موجودا في البداية. فبعد أن احتكر الرجال الحقوق، و حتى أنهم اخترعوا أحاديث عن النبي صلى الله عليه و سلم، مُضللة و مُلفَقة تعني المرأة، لم يقلها النبي صلى الله عليه و سلم أبدا.
    سيتم إدراج كل هذا، في معرض، يروي تاريخ الأنوثة من عصور ما قبل التاريخ إلى الحداثة. يمكننا أن نرى ما هو وضع المرأة إبان الأشوريين و البابليين و الإغريق، من الحضارة الفرعونية و الحضارة الرومانية. كما وضعهم في اليهودية و المسيحية و الإسلام. هذا ما سيساعد على توضيح بعض من تاريخ مشاركة المرأة طوال التاريخ البشري منذ فجر الإنسانية.

السؤال: هل تشعر أن من جانب الزعماء المسلمين، هناك محاولة اليوم، لتسليط الضوء على هذه النماذج النسائية؟

الشيخ خالد بن تونس: لا، للأسف، فإن التذكير به قليل جدا. نأمل أن يعطي هذا المؤتمر، حركية جديدة في التفكير، الذي سيخاض حول مكانة و دور المرأة في المجتمع الإسلامي اليوم، و في المجتمع الإنساني.

 السؤال: لكن، من بين العلماء، هل تشعر برغبة في تغيير هذا الوضع؟

الشيخ خالد بن تونس: تماما. لدينا أكثر من 57 من العلماء، و لكن أيضا باحثين و أكاديميين و شخصيات عظيمة، ستأتي من عدة بلدان (مصر، الولايات المتحدة، اليابان، أندونيسيا، و أوروبا...). الهدف هو جمع كل هذه المهارات، لنكون قادرين على إظهار ماهية مكانة المرأة، و التعليم المطلوب لها، المؤسَس على ثقافة السلام، و العيش معا.

السؤال: كما سيتم تناول موضوع مقولبات (2) الفتيات و الفتيان. ما رأيك في هذا؟

الشيخ خالد بن تونس: حتى في المجتمعات التي من المفترض أنها حديثة، فإن دور المرأة بشكل عام، هو على خلاف أو في المعارضة لنوع الجنس. إننا نعارض الرجال مع النساء، فنحن في المنافسة، و لسنا في تناغم. إن ما نريده مع هذا المؤتمر، و العمل الذي سنقوده من خلال أكثر من 15 ورشة عمل سيتم عقدها، هو تنفيذ طرق تدريس (بيداغوجية)، تسمح لنا بإيجاد إنسجام بين الجنسين، المؤنث و المذكر. التوفيق بين المذكر و المؤنث. لا نضعهما في المعارضة، و لكن في تآزر.

السؤال: خارج الأمة الإسلامية، سوف تكون هذه الرسالة للجميع...

الشيخ خالد بن تونس: تماما. إذا كنا ننظم هذا المؤتمر في بلد مسلم، الجزائر، فلذلك أن هناك وراءها مثالية: هي القدرة على الإظهار، أن في العالم الإسلامي، يوجد رجال و نساء قادرين على إجراء خطاب عالمي، يمكن أن يقدم جوابا لمشكلة الأنوثة في عصرنا.

السؤال: مُنحت جمعيتكم عيسى، مركزا إستشاريا لدى الأمم المتحدة، هو إعتراف...
الشيخ خالد بن تونس: نعم. هذا اعتراف من طرف الأمم المتحدة، و فرصة الحصول على منبر للتعبير و تعزيز هذه الأفكار. لأن هناك اليوم نظرة سلبية عن الإسلام. هذا المركز الإستشاري لدى الأمم المتحدة، يسمح لهذا الآخر، إسلام – إسلام الحكمة، الإنساني، الوارث للإستخلاف المحمدي -، أن تكون له جلسة إستماع، و تعطى له الكلمة، على مستوى منبر، مثل الذي للأمم المتحدة.

السؤال: ألا تظن، أن كل هذا غير مجدي، في نهاية المطاف؟

الشيخ خالد بن تونس: سنرى. لن نذهب من أجل النقاش، بل لنقدم عروض. إحدى أولى مقترحاتنا، هي إحياء يوما للعيش معا. أن نجتمع بدون أن نتشابه، حول مثل أعلى، في خدمة البشرية، حتى لايسود غير الإنساني على الإنساني. نشهد اليوم وحشية، تهاجم باستمرار البشرية في طريقة حياتها، و في إقتصادها و في سياستها و في ماليتها. اليوم، هناك فقط المصلحة المالية و مصالح الأقوياء.
    مع يوم عالمي للعيش معا، فإن الفكرة هي جمع الفلاسفة و جميع الرجال، من ذوي النوايا الحسنة، و الفنانين... و القول أن في هذه الوحشية، هناك أناس يتحدوننا، لكي تفوز هذه الإنسانية الموجودة فينا على الوحشية، و هذه الأخوة العالمية و هذا التضامن، يمكنه العثور على مرساة فينا، و يسمح لنا بإيجاد طاقة لبناء مجتمع الغد.

السؤال: حاليا، نحن بعيدون كل البعد، عن المثالية التي تتبناها..

الشيخ خالد بن تونس: إن اليوم، نحن بحاجة إلى نظرة أخرى. نحن ضد التيار فيما يقال و يفعل اليوم. لا نستطيع أن نترك الأمور على هذا النحو. اليوم، أكثر من أي وقت مضى، نحن بحاجة إلى نظرة مختلفة، و رسالة أخرى. إلى رسالة تحيي، و تعيد الأمل، و تزرع الأمل في قلوب البشر، و خاصة لدى شبابنا.

السؤال: منذ أن تواجدت عيسى، أي جرد تقدمه حول مسار الطريقة الصوفية؟

الشيخ خالد بن تونس: بفضل عيسى، تم القيام بعدة أشياء، و عقدت العديد من الإجتماعات. يجد شباب اليوم مثالية، لا تقوم على العنف و العدوان، إزاء الآخرين، و يريدون بناء عالم، جدير بهذا الإسم.
    نحن نريد أن نقدم مشروع حياة للشباب، و ليس مشروع موت. اليوم شبابنا يرحلون لقتل شباب آخرين، إخوانهم. يتركون فرنسا و بلجيكا و أوروبا و المغرب العربي، لخوض حرب مع شباب آخرين مثلهم، باسم مثالية دينية. صار هؤلاء الشباب مؤدلجين، و غسلت أدمغتهم باسم مثالية إلهية.
    القرآن هو مصدر كل الناس، و لكن القرآن يلهم الصالح و القاتل. إنها نفس الآيات، و حتى نفس السور، و لكنها يمكن أن تلهم الأفضل كما الأسوأ. نأمل من خلال هذا التقليد الروحي و العالمي لرسالة التصوف، أنه يمكننا أن نلهم الكينونة بما ينميها، و ليس بالذي سيجعل منها آلة قتل.

السؤال: على المستوى الخاص بك، كيف يمكن مكافحة هذا التطرف؟


الشيخ خالد بن تونس: و هذا هو أيضا هدف المؤتمر، الذي سوف يقترح 15 ورش عمل. نأمل أن هذه الورش، يمكن أن تشتغل بعد المؤتمر. سيقوم المعرض بجولة حول العالم، بفرنسا و بلدان أخرى.

    نحن نريد أن نقدم هذه البيداغوجية، من خلال ورش العمل، و الأفلام، و الكتب... أن نكون قادرين على تعليمه لأكبر عدد من الناس.

                        سفيرنيوز في 09 10 2014. حرره ماريا ماغاسا كناتي.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1). دينامية: حيوية، نشاطية، فعالية.
(2). مقولبات: سلوك مكرر على نحو لا يتغير، تعوزه الصفات الفردية المتميزة.