الأربعاء، 22 يوليو 2015

حوار مع الشيخ خالد بن تونس الباعث لـ "العيش معا"

حوار مع الشيخ خالد بن تونس
 الباعث لـ "العيش معا"

    رسالتنا هي أمل، طريقنا هو السلام و خيارنا هو العيش معا

    أصبح السلام في العالم بأسره، و خصوصا في أفريقيا، شيئ نفيس و نادر. في قلب التوترات والجريمة والاغتصاب و في خضم القتل و الإرهاب الذي يمزق أفريقيا، يرتفع صوتا للسلام من خلال مفهوم "العيش معا". ذهبت صحيفةEduc’Action  للقاء الشيخ خالد  بن تونس، الباعث لـ"العيش معا" من أجل سلام مستديم في العالم. وهو يتحدث عن الإجراءات التي اتخذتها بالفعل، المنظمة غير الحكومية عيسى في مجال السلام و العيش المشترك.

الصحيفة: هل عيسى، هي منظمة غير حكومية أو مفهوما جديدا للسلام؟

    الشيخ خالد بن تونس: الجمعية الدولية الصوفية العلاوية  (AISA)هي منظمة غير حكومية. وأصبحت عيسى رسميا منظمة غير حكومية منذ عامين. هي حديثة جدا. ولكن كونها جمعية، فإنها موجودة منذ سنة 1924. فهي تجسد قيم التصوف. التصوف هو مدرسة روحية في الإسلام. تجلت مشيئة الله منذ البداية، من خلال صحابة النبي صلى الله عليه و سلم، و لاسيما علي ابن أبي طالب. في العالم الإسلامي، جُسد التصوف و مُثل دائما، من طرف أهل الله، و حكماء، و رجال دعوا إلى إسلام الوسط، بعيدين عن التطرف، و قد تبنوا إسلاما أكثر باطنية، يؤدي بالإنسان إلى استبطان القيم العالمية، و يكون منفتحا على مجموع الخليقة، و على جميع الأديان، و كافة الفلسفات.

ما هو سند المنظمة غير الحكومية عيسى؟

    لها كأساس، أنها تعزز "العيش معا و العمل معا".نحن متواجدون بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي، التابع للأمم المتحدة، و بمقر الأمم المتحدة. المجلس الاقتصادي والاجتماعي هو الهيئة الثانية، التي تأتي مباشرة بعد مجلس الأمن، و هو الذي يحدد الرؤية السياسية للبشرية، و للدول، و يرتب لهم، اتجاهات سياسية و إجتماعية و إقتصادية، يسلكونها للمستقبل.

ماهي مجالات التركيز، لدى منظمة عيسى؟

    التعليم و ثقافة السلام، والحوار بين الأديان، والمساواة بين الجنسين، بين الرجل و المرأة، و التنمية المستدامة. رسالتنا هي أمل، طريقنا هو السلام، وخيارنا هو العيش معا.

ما الذي تقومون به في الواقع من حيث التعليم؟

    نحن نحاول، و بشكل ملموس، تنشيط رياض الأطفال. و هذا يعني أننا نتكفل بأطفال في عمر خمس و ست سنوات. و نحن أيضا في الكشافة. هل تعلم أن الكشافة اليوم في العالم، تجمع أكثر من 36 مليون شاب. إنها أكبر جمعية تضم الشباب في العالم. من ضمن هؤلاء 36 مليون، هناك 11 مليون كشاف مسلم. هذا ما أدى بنا إلى إنشاء الكشافة بفرنسا، و بلجيكا، و هولندا، و إسبانيا، و سويسرا.
    و لذا فإننا نقوم بتطوير بيداغوجية، والعمل الميداني مع الشباب، أحيانا يكون في الأحياء الصعبة. نحن نحاول، من خلال الكشافة، جمع أطياف الشباب، من مختلف الأديان: الكاثوليك، و البروتستانت، واليهود و العلمانيين، و المسلمين، من خلال إقامة المخيمات، و في السنة القادمة، سنة 2016، سوف نقيمRoverway  (1 الذي سيجمع في الضاحية الباريسية مئات الألوف من الشباب.

ما الذي ستقدمه عيسى على الخصوص، للعالم في سعيه من أجل السلام؟

    لا نستطيع أن نقول أنها وحدها تستطيع أن تغير الأمور. نساهم ونساعد بعضنا البعض مع المنظمات غير الحكومية الأخرى، و الجمعيات الأخرى في العالم الإسلامي، الذين يناضلون و يعملون من أجل المجتمع المدني.على سبيل المثال، أستطيع أن أقول لكم، أنه في أكتوبر 2014، كان لدينا مؤتمر الأنوثة من أجل ثقافة السلام، تحت شعار "الحديث عن النساء". كان هناك أكثر من 3200 مندوب، مما مكن العديد من النساء، من التعبير عن أنفسهن. ومن هناك غادرنا بأفكار، مكنت، منظمة عيسى من حضور الدورة الـ 59 للمجلس الاقتصادي والاجتماعي، لدى الأمم المتحدة، في مدينة نيويورك، و إضافة أفكار على مستوى عدم المساواة و حقوق المرأة، و أن يكون لها تأثير على تشريعات بعض الدول الإسلامية التي حسنت نوعا ما، من وضع المرأة على مستوى الحقوق.

ما هي الأنشطة التي نفذتموها لصالح القارة الأفريقية؟

    أولا، لخلق الروابط. وجودنا في دول مثل السنيغال و بنين و مالي، و العديد من البلدان الأخرى، هو من أجل خلق شراكة مع الشباب، ومنحهم على سبيل المثال، الشيئ الذي قمنا به. مع منظمة غير حكومية بنينية، تقوم بالزراعة، قمنا بتطوير، بمعية الكشفية، مثلا، طريقة أخرى، تسمح بالحصول على مردود ذو عائدات كبيرة، باستعمال تقنيات بسيطة، تسمح بسقي يتكرر، أقل بكثير. ذهبت لرؤيتهم وتبادلنا الأفكار. سنرى منظمات غير حكومية أخرى وغيرها من الجمعيات للتبادل معهم. هناك جمعية "المجموعة الدولية" الذي تعمل مع شباب الحي، وتحاول أن تمنحهم وظيفة في مجال الزراعة.

ما هو المشروع الرئيسي الخاص بك؟

    واحد من المشاريع الرائدة الذي تحمله منظمتنا غير الحكومية، هو اليوم العالمي لـ"العيش معا والعمل معا".

متى سيكون هذا اليوم حقيقة واقعة؟

    نحن نستعد لهذا اليوم العالمي، في عام 2016. ضُرب موعد كبيرا مع الشباب في الضواحي الباريسية و غيرها من المناطق، الذين سيأتون من جميع أنحاء العالم، و الذين سيشاركون. لذلك نحن بصدد جمع التواقيع لهذا اليوم العالمي، حتى نكون مدعومين، على المستوى الدولي، و أيضا حتى يمرر ملفنا، و أنه في سبتمبر 2016، سيكون يوم معترف به، كيوم عالمي لـ "العيش معا". نحن على الموقع    www.jmve.ch.

رسالة الختام؟

    آمل أن يتم تعبئة الجميع لقدوم "اليوم العالمي للعيش معا". على كل واحد أن يحمل لبنته، لجعل من هذا اليوم العالمي للعيش معا، يوم الاحتفال، و فيه على سبيل المثال، يفتح المسلمون المساجد للمسيحيين، والمسيحيون يفتحون كنائسهم للمسلمين، و يكون للكاثوليك والبروتستانت يوما يتبادلون فيه، و نجري بين الشباب لقاءات، و نقيم مشاريعا مشتركة، بين المسيحيين و المسلمين و الكاثوليك و الديانات المحلية. و أن يتمكن أبناء و بنات أفريقيا من الخروج قليلا من هذا القيد الديني، الذي يربطنا اليوم، و الذي يمنعنا من التواصل مع بعضنا البعض، و نخلق صلات.

صحيفة Educ’Action في 18 06 2015. قابله هيرمان موريس ساغبوهان.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1). Roverway، هو تجمع دولي للحركات الكشفية العليا، و حدث تنظمه المنطقة الأوروبية، للمنظمة العالمية للحركة الكشفية، و الرابطة العالمية للمرشدات و فتيات الكشافة، للشباب، ذوي الأعمار من 16 إلى 22 سنة. إنه فرصة للقاء الشباب الأعضاء في الجمعيتين، و اجتماع يهدف إلى تعزيز التفاهم بينهم، و هم المنحدرين من مختلف الثقافات و التقاليد. سيقام السنة القادمة، الـ Roverway في طبعته الخامسة بفرنسا، و هو خاص بالكشفية الأوروبية.

رسالتنا تقديم الصورة الحقيقية للإسلام و زرع ثقافة التعايش

القائد الروحي والمنسق العالمي للزاوية العلاوية لـ الخبر

رسالتنا تقديم الصورة الحقيقية للإسلام
 و زرع ثقافة التعايش


    قال القائد الروحي والمنسق العالمي للزاوية العلاوية الصوفية بباريس، الشيخ خالد بن تونس، إن هدف الزاوية التي هو قائدها الروحي "هو زرع ثقافة العيش والتعايش معا كرسالة تربوية لإرساء السلم والسلام بين الإنسانية جمعاء وسط مختلف الجاليات والديانات". وأضاف الشيخ، في حوار لـ "الخبر" بمقر الزاوية العلاوية بباريس، أن هناك تنسيقا وعملا متواصلا بين مختلف الزوايا والطرق المنتشرة هنا في فرنسا لتقديم الصورة الحقيقة للإسلام، الذي هو دين سلم وسلام وأمن وأمان، وهو العمل الذي كان معمولا به من قبل، "غير أن هناك تركيزا أكثر في الأشهر الأخيرة، عقب الأحداث المؤلمة التي شهدتها فرنسا وألصقت زورا وبهتانا بالإسلام والمسلمين، والإسلام في الحقيقة بريء منها".

هل تعرف الزاوية العلاوية بباريس إقبالا لأفراد الجالية، خاصة أن معظمهم يجهلون وجود الزاوية بالعاصمة الفرنسية باريس؟

    الحمد للّه فبفضل مهرجانات المولد النبوي الشريف، وكذا العمل الجمعوي لكل الجمعيات التي وفقنا في تأسيسها عبر كامل أرجاء التراب الفرنسي وأوروبا، مثل الجمعية العلاوية الصوفية الدولية "عيسى" التي ولدت من الجمعية الأم "أرض أوروبا"، أصبح للزاوية من خلال نشاطاتها، صيت دولي كبير.

فيما يخص انتشار الزاوية العلاوية بأوروبا والعالم، وخاصة الزاوية العلاوية الموجودة بباريس فهل أنتم أيضا وراء نشأة هذه الأخيرة؟ ومن أين جاءت فكرة تحويل الزاوية العلاوية من الجزائر، وبالتحديد من مستغانم، بتقاليدها الدينية وممارساتها الشرعية إلى أوروبا؟

    لا، لست صاحب الفكرة، وإنما يعود الفضل في ذلك إلى الشيخ العلاوي الذي نشأت على يده أول زاوية علاوية بباريس سنة 1924، ليشرف بعدها على افتتاح مسجد باريس الكبير سنة 1926، و يرجع ذلك إلى قدوم الجالية الجزائرية إلى فرنسا مع الحرب العالمية الأولى، إذ أمر الشيخ العلاوي بفتح زاوية بباريس للحفاظ على التربية الروحية والتمسك بهويتهم، حيث بقي المهاجرون على اتصال بالسلوكات الدينية والعبادات، محافظين بذلك على التقاليد نفسها الموجودة بالجزائر. ومن ثمة توالت عمليات افتتاح الزاوايا العلاوية بكل من إنجلترا سنة 1931، على يد تبعية الشيخ اليمنيين، لتليها التبعية الأوروبية بسويسرا خلال السنة نفسها، بمدينة لوزان السويسرية حيث يلتقي أتباع الزاوية العلاوية والجالية الإسلامية من كل مكان بجنيف بحضور ما يزيد عن ألف شخص، مرة كل سنة، أما على مستوى باريس فاللقاء ينظم خلال موسمين بمناسبة ليلة القدر والاحتفال بالمولد النبوي الشريف.

هل بإمكانكم شرح الطريقة العلاوية لنا، وفقا لما تقتضيه الطرق الصوفية داخل الزاوية عند كل "جمع"؟

    "الجمع" في الطريقة العلاوية تتخلله عدة مراحل، فبعد صلاة العصر تتم قراءة سورة الواقعة، ثم الأوراد، أي الأذكار فالاستغفار والصلاة على النبي صلى اللّه عليه وسلم، يليها التوحيد بكلمة، لا إله إلا اللّه، ونختم بالحمد للّه والشكر للّه، ثم ننتقل إلى مرحلة السمع الصوفي، نأخذ من ديوان الشعر الصوفي للشيخ العلاوي، وابن الفارض المصري، بالإضافة إلى أناشيد أخرى من المدح، ونفْصل في كل مرة بالصلاة على النبي صلى اللّه عليه وسلم، وذلك بالأنغام الموسيقية لإطراب النفس وتليينها. ولضمان "جمع" أطول، يجب مراعاة المكان والزمان والخلان، حسب الذوق، لكي نتقرب من بعضنا البعض بالرحمة، أما فيما يخص الشهر الفضيل، فالأمر يتغير نوعا ما، إذ يجب مراعاة الوقت، وبما أن ساعة الإفطار متأخرة جدا، فارتأى المقدم أن يجمع الأتباع ليلتي الجمعة والسبت فقط. ويتبع "الجمع" دائما بالمذاكرة، وهي درس ديني روحي، يلقيه أحد أعيان الطريقة العلاوية، الملقب بالمقدم، حيث يشمل مواضيع مختلفة، تصب كلها في قالب الوعظ والإرشاد، خاصة هنا بأوروبا، حيث أسهر شخصيا، على تنظيم ملتقيات فكرية، من أجل تكوين أعضاء الجالية الجزائرية الوافدين على الزاوية العلاوية.

ما هي النظرة التي تحملونها اليوم، لرؤية هذه التظاهرات الثقافية الدينية، تتألق بديار المهجر وسط الأوروبيين كإحياء ليلة القدر؟ 

    نعم، أصبحت اليوم هذه التظاهرات ذات أهمية عظيمة، والنتيجة ملموسة على أرض الواقع، إذ أصبحت تجلب كل الأشخاص المسلمين، وغيرهم من المسيحيين بمختلف الشرائح، على رأسهم الشخصيات السياسية والمسؤولين. وهذه السنة سيتم إحياء ليلة القدر في اليوم الموالي بالقاعة الشرفية لمسجد باريس الكبير ككل سنة، إذ ستهتم الزاوية العلاوية بدعوة كل الطرق الموجودة بباريس لإحياء الليلة العظيمة، وسط أجواء روحانية إيمانية صوفية، تضم جمعا غفيرا من الأتباع، وعلاوة على ذلك، هناك أيضا بعض العائلات الأوروبية، والمسلمة، دأبت على حضور مختلف مهرجانات المولد النبوي الشريف، التي تحييها الزاوية العلاوية كل سنة، وهؤلاء يحضرون دون أية بروتوكولات، خاصة أننا نسهر على تنويع برامج المهرجان من مدينة إلى أخرى بفرنسا وكل أرجاء العالم، ما يسمح لنا بالكشف عن كل ما ولدته الحضارة الإسلامية، وما تزخر به الثقافة الإسلامية، وذلك بعرض أقدم المخطوطات للقرآن الكريم مثلا، وتنظيم معرض للآلات الموسيقية الفارسية والتركية القديمة كالدف والسيطار، وهي الرسالة التي يتخللها كل معرض، والموجهة إلى العالم الغربي، بالرغم من أنه تواجهنا بعض المشاكل فيما يخص الاحتفالات بالمولد النبوي، وهناك من يعتبرها بدعة وأن الرسول صلى اللّه عليه وسلم لم يحتفل بعيد ميلاده، وكان ردنا عليهم حقا ولكنها الفرصة السانحة لتجديد العلاقة مع الرسالة المحمدية، والملوك سبقونا منذ قرون في القيام بذلك (1).

حدّثنا عن طريقة الاعتكاف، أو ما يسمى "الخلوة" التي تعتمدها الزاوية، فكيف تتم بأوروبا على وجه العموم وباريس على وجه الخصوص؟

   الإعتكاف ضروري في الطريقة العلاوية، ويجب القيام به مرة واحدة خلال كل سنة، حيث يدخل الشخص في خلوة بعيدا عن القلق والفتنة، وهو يرتكز على ثلاثة شروط أساسية: الصمت والهدوء والعبادة بذكر اللّه، لكي تستقر النفوس، لهذا يشترط أن يتم في غابة أو مكان من الطبيعة تتوفر فيه تلك الشروط، والكل يقبل عليها، رجال ونساء، جزائريون وأوروبيون، وذلك بتكليف مسؤول عليهم. ففي أوروبا تتم الخلوة وفقا لأيام العطل. وفي السياق ذاته، صدر لي كتاب خاص بالخلوة يحمل عنوان"علاج النفوس"، يتناول الجانبين الروحي والفكري والرحمة الإلهية، والاقتباس من أسماء اللّه الحسنى، لمعالجة الأمراض الباطنية، إلى جانب كتاب آخر منهجي رأى النور مؤخرا يتمحور حول التربية الروحية يحمل عنوان "التربية والآداب في الطريقة العلاوية".

هل لنا معرفة عدد الطرق الموجودة بباريس؟

   هناك حوالي عشرة طرق بباريس، نذكر منها على سبيل المثال الطريقة القادرية البوتشيشية لشيخها البوتشيشي بالمغرب، وهو لا يزال على قيد الحياة، والشيشتية الهندية لشيخها الشيشتي، والنقشبندية الآسياوية المدفون شيخها ببوخارى، والشاذلية من شمال إفريقيا لشيخها الشاذلي المدفون بمصر، والتيجانية السنغالية التي استوحت أفكارها من الجزائر لشيخها التيجاني المدفون بفاس المغربية.

ما هي أهم النقاط المنتشرة فيها الزاوية العلاوية عبر العالم؟ 

    الحمد للّه وبفضله تنتشر الزاوية العلاوية، عبر مختلف نقاط العالم، بداية بالجزائر، والمغرب العربي، والبلدان العربية كمصر وفلسطين والعراق وسوريا والسعودية واليمن والصومال، وفي إفريقيا بالسنغال وكوت ديفوار والكامرون، وفي أمريكا بكندا والولايات المتحدة، والأرجنتين، وفنزويلا، وفي آسيا بماليزيا وأندونيسيا، وجزر القمر، وجزر لارينيون التابعة لفرنسا، ومومبي بالهند، وفي إسبانيا وإنجلترا وبلجيكا وألمانيا وهولندا وسويسرا وفرنسا أين نحن الآن.

بصفتكم المنسق العالمي لكل هذه الزوايا، فهل سبق أن اجتمع أعيانها ومقدموها جماعة في مكان واحد؟

    بالتأكيد حدث ذلك بمستغانم في الجزائر سنة 2009، حيث اجتمعت 48 دولة عالمية بحضور ستة آلاف شخص من مختلف أرجاء العالم، بمناسبة إحياء الذكرى المائوية للطريقة العلاوية. كما أنني على اتصال مباشر معهم، لاسيما أنني هذه السنوات الأخيرة لست مستقرا في أي مكان، وإنما أنا مستقر على متن الطائرة.

كيف تترجمون تربية الشباب اليوم بأوروبا والعالم، خاصة أنكم تضاعفون من جولاتكم حول العالم وأوروبا منذ سنوات لتربية هذا الجيل الصاعد، خصوصا بالنظر إلى ما جرى من أحداث مؤخرا بباريس؟

    لقد وفقنا والحمد للّه في خلق الكشافة الإسلامية الفرنسية منذ 23 سنة، وهذه الأخيرة لا تزال تعطي ثمارها، وأخرجت إطارات ناجحة في الميدان، وهي على اتصال دائم مع الكشافة الجزائرية والكشافة العالمية والعربية بمصر، كما تضم هذه الكشافة ما عدده 2500 منخرط، دخلوا منذ سن السابعة. هدفنا الوحيد هو زرع ثقافة العيش والتعايش معا فيهم، كرسالة تربوية لإرساء السلم والسلام بين الإنسانية جمعاء، وسط مختلف الجاليات والديانات الأخرى، خاصة بالنظر إلى الوضع الراهن، الذي نعيشه بفرنسا، عقب الأحداث الأخيرة، وهو الملتقى الرابع الذي ننظمه خلال كل شهر أكتوبر بمدينة "كان" الفرنسية، ونأمل أن تكون هذه المبادرة عالمية، وذلك بتنظيمها بمدينة كيبيك بكندا.

هل تتلقون مساعدات مالية، من قِبل السلطات الجزائرية، من أجل تموين مشاريعكم العالمية؟

    لا نتلقى أية مساعدات، وإنما الزوايا العلاوية قائمة على الاشتراكات التي يدفعها الأعيان، كل حسب إمكانياته فليس هناك مبلغ محدد. والمساعدات التي نتلقاها من قِبل الدولة الجزائرية تكمن مثلا في استعارة القاعات التابعة للجزائر بأوروبا لتنظيم التظاهرات والحفلات.

نشكركم، ولو أننا نعرف بأن الوقت  الذي خصصتموه لنا لم يكن كافيا للتطرق لمختلف مشاريعكم العالمية، فهل كلمة اختتامية؟

    نتمنى أن تكون كلمتنا الاختتامية همزة وصل، وأن لا تكون همزة فصل، وأن تكون اقتداء بالرسالة المحمدية، واقتباسا بالرحمة الإلهية، لقوله تعالى "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين"، فنحن نقتبس من هذه الرحمة لكي نزرعها في العالمين إن شاء اللّه.


من هو خالد بن تونس؟

    يعد الشيخ خالد بن تونس القائد الروحي الـ46 للحركة الصوفية العلاوية، وريثة الطريقة الشاذلية الدرقاوية، التي تأسست على يد الشيخ أحمد بن مصطفى العلاَوي (1869-1934) بمدينة العلماء والأولياء الصالحين مستغانم، مسقط رأس الشيخ خالد بن تونس، المولود بها سنة 1949. استلم المشعل في سن الـ 25 مباشرة بعد انتقال والده الحاج المهدي بن تونس إلى الرفيق الأعلى، بتاريخ 24 أفريل من سنة 1975، بعدما ترعرع داخل الزاوية، وسط فضاء مليء بنفحات قراءة القرآن والسمع الروحي الصوفي، قبل أن يلتحق بالمقاعد الدراسية الأوروبية بفرنسا حيث تخصص في دراسة الحقوق والتاريخ.

    يقطع الشيخ خالد بن تونس منذ سنوات مسافات حول العالم، من أجل نقل التعليم التقليدي للتصوف، وهي الرسالة التي ترتكز فيها قاعدته الأساسية على قوله "إذا كان الإسلام هو الجسم فالتصوف هو القلب"، وتقلد وظائف عديدة من بلد إلى آخر، فمن الكاتب إلى المربي ثم إلى منظم الندوات وصاحب الأفكار إلى رجل الحوار. يرغب من كل ذلك في الاقتداء بالرسالة المحمدية، والسير على خطى الأمير عبد القادر الذي قال من إقامته الجبرية بقصر أمبواز "لو أن المسلمين والمسيحيين يعيرونني انتباههم فسأعمل على إيقاف تباعدهم ليصبحوا إخوة من الداخل والخارج". ويعمل الشيخ على الحفاظ على ما أسسه، جده الشيخ عدة بن تونس، سنة 1948 "أصدقاء الإسلام"، وهي الجمعية الوحيدة آنذاك التي كانت تنشّط لقاءات بين العقائد الدينية، للجمع بين مختلف التيارات الفكرية، والتأكيد لهم أن الإسلام دين سلم وسلام. أهم ما ميز مشوار الشيخ خالد بن تونس، أواخر الثمانينيات هو تسليمه للبرنامج المعلوماتي الأول من نوعه حول القرآن الكريم المطور من قِبل معهد "ألف" للبابا جون بول الثاني سنة 1989،  خلال زيارته للفاتيكان واستضافته من قِبل البابا. أما عن منجزاته خلال السنوات الأخيرة، فقد أنجز بمسقط رأسه مستغانم، المؤسسة المتوسطية للتنمية المستدامة المسماة "جنة العارف"، لخلق توازن بين احترام البيئة والتطور الاقتصادي مع زهوة الروح. ومن أشهر مؤلفاته "التصوف قلب الإسلام"، والمترجم إلى عدة لغات و"الإنسان باطنيا على ضوء القرآن"، إلى جانب مجموعة من المراجع مع نخبة من الكتاب الأوروبيين.

جريدة الخبر في 10 07 2015.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)    مما يجب الإشارة إليه، ما ذكره ابن خلكان، في كتابه "وفيات الأعيان"، عند حديثه عن حاكم الموصل بالعراق، السيد مظفر الدين الكوبري، و ما كان يقوم به إحتفاءا بقدوم المولد النبوي الشريف.