الاثنين، 14 ديسمبر 2015

الشيخ العلاوي المستغانمي

الشيخ العلاوي المستغانمي


بسم الله الرحمن الرحيم

    نضع بين أيديكم كتاب قيم  و متميز، صدر و هو يحمل، لأول مرة، بين دفتيه سيرة أقرب للكمال عن حياة الشيخ المربي أحمد ابن مصطفى العلاوي، ألفه الأستاذ النحرير ناصر الدين موهوب، جزاه الله كل خير، فهو لم يدخر أي جهد للحديث عن جميع مناحي حياة الأستاذ الأكبر العلاوي، حتى المسائل التي كان يمر عليها مرور الكرام، أو يشار إليها بالتلميح و تارة بالتلويح، لحساسيتها كالبيتين الشعريين، اللذين ألبا عليه مناوئيه، وإن هذين البيتين من أقوى مراحل القصيدة، كما جاء بنص المؤلف، و كذا محاولة اغتيال ابن باديس سنة 1926 التي حاول أعداؤه إلصاق التهمة به، رغم فصل المحكمة في القضية.

    تناول المؤلف السيد ناصر الدين موهوب الحسني في كتابه "الشيخ العلاوي المستغانمي، حياته و مآثره"، مختلف جوانب مسيرة الأستاذ العلاوي، و تعرض لتفاصيل لم يسبق أن نشرت، و سبر أغوارها و كشف اللثام عن العديد من الخبايا و الحقائق، و فصل في كل قضية مع الحرص على التوثيق و توخي الأمانة العلمية في سرد الأحداث. تعرض المؤلف للأوضاع المحلية و الدولية التي عاش فيها الشيخ العلاوي، و نشأته و سياحاته شرقا و غربا، قام بتحليل الأثار الفكرية و الأدبية للشيخ، المؤلف العصامي، كما وصفه، و أجاد و أفاد في تقديم صورة المصلح المجدد، و كذا رجل الحوار و الحداثي المتشبع بالمعاصرة، و ختمه بفصل إشعاع الشيخ العلاوي بالغرب، كشف فيه عن دوره في نشر التصوف بأوروبا، و ذكر كل الذين تأثروا به من المفكرين الأوروبيين و تركوا صدى من بعده، لما تحمله رسالته من محبة و سلام و حب التعايش و المسالمة. مما يجدر الإشارة إليه المعارضة الشرسة التي واجهها من طرف المصلحين و تيار الإندماج، خصوصا موقفه من مسألتي التجنيس و الإندماج، و لما كان يدعو إليه إلى تصوف سني وسطي، و محاربته لكل أنواع الفسوق و البغاء و الإنحلال الخلقي.

    جاء هذا الكتاب و منظمة اليونيسكو تعترف بجهود الشيخ العلاوي، لما قام به من أعمال جليلة، و مد جسور المحبة بين الشرق و الغرب، إذ أقرت في مؤتمرها السابع و الثلاثين المنعقد في نوفمبر 2013، أن طريقة الشيخ العلاوي مدرسة للتسامح و التعايش الديني، و شاركت خلال سنتي 2014 و 2015 في الذكرى المئوية لتأسيس الطريقة. خص حامل لواء العيش معا، الشيخ خالد بن تونس الكتاب بمقدمة، تضمنت: ذكر مسار الإنسان و خصوصياته الفذة و المتميزة، و فطرته التي التي فطره الله عليها، ثم عرج على سرد فضائل مولانا الشيخ العلاوي و نشاطه الدؤوب و ما تعرض له من صدود و تربص، أحيانا من طرف المستعمر و أخرى من طرف تيار الإصلاح، و محاربته لكل أشكال الخروج "عن الدين و بخاصة التجنيس بغير جنسية أهل الإسلام، و أقام الدنيا و لم يقعدها عمن أدار ظهره لبني جنسه و اتخذ هوية المستعمر شعارا و دثارا، و حارب مظاهر الإندماج و الذوبان في شخصية المحتل و ملته، و ثار ضد المبشرين من المسيحيين، و اعتبر خطرهم أكبر خطر يداهم كيان الأمة.."، و يضيف الشيخ خالد بن تونس، أن الشيخ العلاوي "كان يري أن لا سبيل أمام الإنسان من أجل سعادته سوى إعادة اكتشاف طبيعته الروحية حتى يتمكن من العيش في سلام و انسجام مع بني جنسه..".

    ترجمة المؤلف كما جاء في غلاف الكتاب: ناصر الدين موهوب الحسني، ولد في 1962 ببرج بوعريريج و بها تربى و نشأ، تتلمذ على يد والده و جده، فحفظ القرآن الكريم، و دخل المدرسة العمومية فحصل في نهاية مشواره الدراسي على الماجستير و الدكتوراه في العلوم. عمل أستاذا بجامعة سطيف منذ 1990 ثم بجامعة برج بوعريريج، و بهما تبوأ العديد من المناصب الإدارية و البيداغوجية. يشغل حاليا منصب أستاذ محاضر بجامعة المسيلة. باحث في الروحانيات عموما و في التصوف الإسلامي خصوصا، شارك كمحاضر في الكثير من المؤتمرات و الملتقيات وطنيا و دوليا. له العديد من المؤلفات، منها: "الزاوية النموذجية في الألفية الثالثة" 2003، "القول المجدي من كلام سيدي محمد المهدي" 2009، "الشعر الديني في قصائد الشيخ العلاوي"، "التصوف العملي في شعر الشيخ العلاوي"...

    فرغ من طبع الكتاب في سبتمبر 2105