الأربعاء، 1 فبراير 2017

محاورة الشيخ خالد بن تونس بكيـبك

محاورة الشيخ خالد بن تونس بكيـبك

    قام الشيخ خالد بن تونس، نهاية شهر سبتمبر، و بداية شهر أكتوبر، الماضيين، بزيارة للولايات المتحدة، حيث خصصها لوضع آخر الإلتزامات، المرتبطة بمشروع اليوم العالمي للعيش معا، المرجو أن تقرره الأمم المتحدة، و الذي يسعى له الشيخ خالد بن تونس غاية الجهد، و يخصص له من وقته الثمين، و يجوب العالم من أجل أن يستوفي الشروط، التي يتطلبها تقرير، يوم عالمي. ثم عرج على كندا، أين قام بنشاط تبليغي، و خُص أيضا باستقبالات و ألقى محاضرات و محاورات، منها هذه المحاورة، التي دعته إليها إذاعة كيبك.

   لكن قبل ذلك، لا يفوتنا التذكير بالإعتداء الغاشم، الذي تعرض له المركز الإسلامي بكيبك، مساء يوم 30 يناير الماضي، و الذي راح ضحيته ستة مصلين، اتبعته موجة غضب و ردود دولية، وقد استنكر رئيس الوزراء الكندي، جاستن ترودو، الإعتداء و وصفه بالإرهابي، و قال "إن المسلمين الكنديين، يشكلون عنصرا مهما في نسيجنا الوطني، و إن أعمالا جنونية مثل هذه، لا مكان لها في مجتمعاتنا و مدننا و بلدنا". 

    و يأتي هذا الإعتداء، في وقت تعهدت كندا، بأن تستقبل المسلمين و اللاجئين، بعد قرار الرئيس الأمريكي الجديد، دونالد ترامب، المثير للجدل، يحظر فيه دخول مواطني سبع دول إسلامية، إلى الولايات المتحدة.

    من جهتها أصدرت المنظمة غير الحكومية، عيسى الدولية، بيانا صحفيا، يحمل توقيعي الشيخ خالد بن تونس، الرئيس الشرفي للمنظمة، و حميد دمو رئيسها الحالي، تسنكر فيه الإعتداء المريع، و تدعو إلى الوحدة و التقرب، و أضاف البيان "ببالغ الحزن و الأسى، بلغنا خبر الإعتداء المريع و اللاإنساني، الذي ضرب المركز الإسلامي بكيبك، مخلفا العديد من الضحايا، الذين فقدوا حياتهم، و عدد من الجرحى في صفوف المصلين. و في هذا الظرف الأليم، فإننا نعرب عن خالص تعاطفنا، و نتوجه بالدعاء للضحايا و أسرهم. و نحن على ثقة، فيما يتعلق بروح العدالة، لدى السلطات الكندية، و الكيبكية". و توجه البيان بالتقدير و الإمتنان للسلطات الكندية، حيث نص "و أيضا إلى الوزير الأول لمقاطعة كيبك (1)، و رئيس بلدية كيبك، و إلى كل الكيبكيين و الكيبيكيات، فإننا نتوجهوا بدعمنا و تعاطفنا، على الجهود المثالية المبذولة للعمل، من أجل، العيش معا و تعزيز ثقافة السلام، و تماسك جميع سكان كيبك ذكورا و إناثا، على اختلاف تنوعهم الديني و الفلسفي و الثقافي. و إلى السيد الوزير الأول الكندي، نريد من خلاله، أن نقدم دعمنا أيضا، لهذه دولة القانون، التي هي مثال يقتدى به، على وجه الأرض، على الترحيب و المواكبة و الضيافة، التي تقدمها للوافدين الجدد، إلى هذه الأرض، أرض اللجوء، بدون تمييز أحد". و خلص البيان منوها "إلى كل هؤلاء، نريد التأكيد على تقديم رد واحد، على الذين يزرعون الفوضى و الإنقسام و الموت. يتجسد هذا الرد بحزم، في قناعتنا في السلام و الأخوة و التضامن، كلّ تجاه الآخر، و وقوف جميع الديانات، في وجه الكراهية و الظلامية. و أيضا من أجل مقاومة هذه الأعمال المروعة، فإننا ندعو إلى الوحدة و وحدة الشعور، في محبة، تحرك قلب، مجتمع المصير، الذي يُوحِد العائلة الإنسانية، و لا يفرقها".

محاورة الشيخ خالد بن تونس
    الصحفي: الشيخ خالد بن تونس، مساء الخير. إني سعيد جدا لقبولك دعوتنا و حضورك معنا. السؤال الأول، يجب أن نبدأ مع البداية. ما هو هدف زيارتك لمنتريال؟

    الشيخ خالد بن تونس: زيارتنا لمنتريال، تتبع رحلتنا للولايات المتحدة و الأمم المتحدة، أين وضعنا الإلتزامات، التي تعني اليوم العالمي للسلام و العيش معا. سمح الإستقبال، الذي خصصنا به في نيويورك، بتكملة هذه الرحلة نحو واشنطن، و منها المجيئ إلى كندا. و توجد قصة مع كيبك، و خصوصا منتريال. في 21 سبتمبر، أنشأنا جائزة الأمير عبد القادر، و سلمت في 21 سبتمبر، وكان أحد الفائزين، السيد ريمون كريسيان، الذي هو رئيس المرصد الدولي لرؤساء بلديات العيش معا بكندا (2). أيضا قمنا بالإستجابة لدعوة رئيس بلدية منتريال، السيد دونيس كودار، الذي خصنا باستقبال، و إنه يتمنى أن تتوطد العلاقات بين الجزائر العاصمة و منتريال، و تَنظَم الجزائر العاصمة إلى مدن العيش معا، من خلال المرصد (3).

    الصحفي: هذا المفهوم للعيش معا، هو اليوم، جد حاضر في الإعلام، و نوعا ما في الخطابات السياسية، و غيرها، و يبقى أيضا مفهوما غامضا إلى حد ما، بالنسبة للرجل العادي، و حتى أن البعض استعمله لدفع أفكاره، كاليمين المتطرف، و اليسار المتطرف. ما المقصود بالضبط بالعيش معا؟

     الشيخ خالد بن تونس: نحن محكوم علينا بالعيش معا. الإنسان مجعول للعيش معا. بالنسبة للعيش معا، فإنه بداية المغامرة الإنسانية، فمثلا الزوجان، لا يمكنهما أن يمثلا واقعا، لما نسميه العائلة، إن لم تكن هناك حياة معا، و رغبة ملحة للمشاطرة، و بناء أسرة. و كذا بالنسبة لشركاء، يجتمعون لبدء نشاط تجاري... إنه العيش معا، الذي سمح للإنسانية بأن تتبادل و تتطور و تنقل الحياة... العيش معا هو حالة كينونة.

    الصحفي: تكلمت عن التنوع، و ما نلاحظه حاليا، هو الإنعزال، سواءا، كان في الأوطان أو عند الدول. على سبيل المثال، الجزائر، مقارنة بفرنسا، يوجد انعزال، و إننا نهاجم التنوع، الذي ينظر إليه، كخطر على الهويات الوطنية. كيف يمكن الدفاع عن التنوع، و عن العيش معا، مع وجود التوترات القومية؟

    الشيخ خالد بن تونس: أعتقد أننا في الحوار ذاته، في قلب المشكل، بين الذين يرون المستقبل، أقول، بدون أمل، و بين الذين يملكون الأمل لبناء مستقبل مشترك. إن الناس، الذين هم اليوم، يسكنهم الخوف، و يصيبهم الإنطواء على النفس، هم أناس يخافون من المستقبل، و ينقصهم الإقدام على التفكر، في مستقبل مختلف، مستقبل يعيش فيه البشر في تآزر، و ليس في المعارضة. فقد عاشوا في عالم، يهيمن فيه الشمال على الجنوب، و دول بأكملها كانت محتلة، و كذا سيطرة الغني على الفقير، و ثقافات  بحق، تهيمن على ثقافات دول أخرى. اليوم غيّرنا كلية الثوابت، و ترون ذلك عند الشباب. إن الشباب أكثر تضامنا، و أكثر تواجدا في العيش معا، على ما هم البالغين، على العموم. لماذا؟ لأنه توجد شبكات الأنترنيت، و تويتر و فايسبوك، و يتخاطبون عبر القارات، و الأفكار تنتقل من قارة إلى أخرى، بسرعة فائقة. ينبغي تشجيع العيش معا، لأنه مندرج  في مستقبل العالم. و نتيجة حسابات سياسية،  يقوم سادة السياسة، باللعب على أوتار المخاوف، و لا يعلمون أنهم يلعبون بشيئ خطير،. فالخوف يُشل. الإنطواء ليس حلا لآلام العالم، و لنبذ العنف، و محاربة التطرف، مهما كان دينيا أم لا. بل بالعكس، ينبغي إعداد أطفالنا على مواجهة التحديات التي تنتظرهم، و ليقوموا بذلك بشكل أفضل. ليس للإحتباس الحراري حدود، و لا للتلوث. إذن يجب التفكير في عالم جديد، و بمأننا في فترة قطيعة، فالأمر يتميز بالصعوبة عند البعض، إذ ليس لهم خصوصية يدافعون عنها، و يسكنون عالمهم الصغير، و كل شيئ لا يشبهه و غريب، يصبح  أجنبيا، و شيئ نخاف منه. بالعكس، ينبغي إعداد مواطن الغد. مواطن الغد، هو مواطن عالمي و شامل، و يحمل معه كل الأمانة و الإرث، الذي تحصلت عليه الإنسانية. ميراث الحكمة و التعددية. هذه التعددية هي ثراء الإنسانية، فيوجد فيها، اختلاف الثقافات، و اختلاف اللغات، و اختلاف الفلسفات، و اختلاف الديانات. إن الذي ينبغي محاربته هو اللاإنساني فينا، و هذا العنف أخذ مناحي خطيرة، و دول بأكملها سقطت في مستنقع العنف. لدينا حالة الشرق الأوسط، كدول مثل سوريا و ليبيا و اليمن و الصومال و أفغانستان و العراق، و الأمر في استمرار، و إذا لم نقدم مشرورع حياة لشبابنا، فتدريجيا سيستحوذ عليهم العنف، و هذا هو الخطر الذي يترصدنا.

    الصحفي: يقول البعض ان التنوع في الغرب جميل، فهو حاضر ونستطيع الشعور به. و لكن هناك عنصر يطرح مشكلا. أي الإسلام. يقولون أنه غير قابل للانحلال في الديمقراطيات الغربية، و بالتالي، فالمسلمين لا يمكنهم المشاركة، في هذا التنوع و هذه الديمقراطية. ماهو ردك على هذا؟

    الشيخ خالد بن تونس: للإسلام أربعة عشر قرنا من التاريخ. تواجدت تعددية الإسلام، بوقت طويل، قبل اليوم. كان الإسلام أوروبيا و غربيا، في القرون الوسطى، و هذا طيلة ثمانية قرون، بالأندلس و إسبانيا و صقلية. و عاش اليهود بإسبانيا لزمن بعيد، و طردوا مثلهم، مثل المسلمين، و توطنوا شمال أفريقيا، المغرب و الجزائر و تونس و مصر و اليمن و العراق. لديكم المسيحية، ترعرعت في أرض الإسلام، طيلة قرون، سواء في فلسطين أو العراق أو بمصر (الأقباط). التاريخ يكذب هذا. عاش في العالم الإسلامي أقليات، يهودية و مسيحية، و الكاثوليك و الأقباط و الأرثوذوكس. لديكم الإسلام الهندي و إسلام المغول، الذي فتقت منه حضارة كبيرة، تواجدت معه البوذية و الهندوسية. إذا حوكم بالأثار التي تركها، فقد أبرز حضارة لامعة. الإسلام متواجد في الصين منذ البداية، و أعتقد أنهم يعيشون بوفاق، و يوجد أيضا أندونيسيا، و هو أحد أكبر الدول الإسلامية في العالم، أين يعيش البوذيين و المسيحيين و الهندوس جنبا إلى جنب. و تجري الأمور بشكل جيد. إن الصورة التي نقدمها اليوم عن الإسلام خاطئة. إننا نولي أهمية كبيرة للتطرف، و لمدرسة فكرية معينة، نعرفها كلنا، هي الوهابية و السلفية. لأسباب سياسية، تقوم بعض الدول بالتمويل. نعرفها كلنا. و يقولون لنا هذا هو الإسلام. لا. فإنه يعتنقه مليار و سبعمائة مليون نسمة على وجه الأرض، و إذا كان كل هؤلاء المسلمين متطرفين، أعتقد أن العالم سيكون مدمَرا، و يعاني من كل أشكال فظائع الحرب. بالنسبة للشرفاء، و الذين لا يخضع نظرهم للتكيّف، الذي يثيره الضجيج الإعلامي، يعلم هؤلاء أن الحقيقة غير ذلك. 93 % من الذين سئلوا، من طرف مؤسسة استطلاع الرأي أمريكية، أجابوا أنهم ضد العنف، و خصوصا، أنه يكون باسم الإسلام. و 7 % الباقية بررت هذا العنف باللامساواة.

    الصحفي: 7 % الباقية، لم تبرره بثوابت دينية، و لكن بثوابت لها صلة بالواقع.

    الشيخ خالد بن تونس: نحن نشهد اليوم بشكل ما، أكذوبة، نشهد تلقين مضلل، أي، نأخذ كلمات ونغير معناها، فعلى سبيل المثال، أصبح الجهاد، هو الحرب المقدسة، و لكن كلمة جهاد، لا تعني، لا الحرب، و لا القداسة. في بداية الأمر، لا توجد حرب مقدسة، على هذا النحو. إن الجهاد هو الجهد. تطبيق جهد على أنفسنا، و على حماقاتنا، و على النقائص الأخلاقية، و على أنانيتنا...

    الصحفي: إن الحرب المقدسة، هي ما قام به الأوروبيين. مع الصليبيين.

    الشيخ خالد بن تونس: يمكننا ترك هذه الكلمة تمر. إن الحرب المقدسة و الجهاد ليسا الحرب، فالحرب و القتال هما ترجمة كلمة (guerre). الجهاد هو قبل كل شيئ، أمر روحي و فكري، إن شئتم، و هو جهد يمارس على النفس، يطرأ على إثره تغيير، يؤدي إلى اليقظة الروحية، و تغذية ضميره.....

    الصحفي: يقولون أن المجتمعات التي نعيش فيها اليوم، و المجتمعات الإسلامية، تتمسك بالظاهر، وتقوم بالممارسة الدينية، و تحاول أن تكتفي بها كما هي، و غير ذلك، و أن التصوف هو تجربة باطنية، و أينما وجدت الباطنية، يوجد أحيانا الإنحراف، و إمكانية الضلال.

    الشيخ خالد بن تونس: إنك تقول أنهم يرجعون إلى نصوص دينية، و لكن الذي يقومون به، يسمى التدين، و ليست مرجعيات دينية. هو بكل بساطة، إسلام موروث. لا يطرحون أصلا السؤال، إن كانوا مسلمين أم لا. لقد حوّلنا الإسلام، إلى جدول متطلبات. هذا خطير. سنقوم بالبحث، عن كيفية تنظيف الأسنان، و كيف نقلم الأظافر، و هل نعفي اللحية أم لا؟ نهتم أكثر بالهوامش، و انسقنا مع التقليد، تقليد الأوائل. هذا ليس بالإسلام. الإسلام هو بحث روحي، قبل كل شيئ، و رسالة الإسلام هي روحية، و ليست سياسية، فهو لم يقترح منهج سياسي. لقد جاء الإسلام بمنهج. فكلمة شريعة تعني شارع، و ليس قانون. هنا أيضا، وقع تحريف. و الشريعة هي الشارع الذي يؤدي إلى المنبع، و عندما كتب الإمام مالك، كتابه الأول حول الشريعة، سماه "ما وطى"، أي الذي سوّى الشارع، وذلّل الصعوبات. جُعل اليوم من الإسلام، شكل من التدين، و يعيش مظهرا متخلفا عن زمانه. نقوم بتشجيع السخافة. يدعو التصوف الإنسان، قبل كل شيئ، قائلا، مالذي تبحث عنه؟ و مالذي ترغب فيه؟ و كيف هي صلتك بالله؟ هل هي فقط صلة امتلكتها من ثقافتك، التي اكتسبتها من والديك، أو هي رغبة بحث، نابعة من ثقافة، يكتنفها بحث باطني و رغبة جامحة، داخل أعماق النفس، لإيجاد السكينة، و إيجاد حلول لمشاكلك و مشاكل العالم؟
    لا يجب أن ننسى أن رسول الله صلى الله عليه و سلم، أوحي إليه في غار، و جاءه الوحي، لأنه كان في حالة ذكر، و مستغرقا في التفكير، و مكتنفا برغبة جامحة لمعرفة الحقيقة. سبق إمعان التفكر المسجد. سبق الإسلام المساجد. و شيئ آخر، إن أهل بدر، الذين اتبعوا رسول الله صلى الله عليه و سلم، لم يكن في وقتهم قد اكتمل الوحي، فقد استمر من بعدهم حوالي عشر سنين، و حتى القرآن الكريم و الحديث النبوي، جُمعا في أوقات لاحقة، و ظهرت المذاهب الفقهية بعد عقود و قرون. على ماذا كان يشمل إسلام البداية؟  كان إيمان صادقا، و توجه كلي للقلب و الضمير. هي رسالة حملها الإنسان. في الواقع، إنه التوحيد. المسألة هي، أن الإسلام جاء يعلمنا التوحيد، مما يعني، الوحدة في ضمائرنا، و وحدة العالم، و وحدة الخليقة. هي نظرة أخرى يقترحها التصوف، و هي نظرة تفتح الإنسان على التفكر، و ليس عزلة العالم، و الهروب منه، و إنما العكس، التواجد فيه، و التجدر في التوحيد، و اجتناب تقليد الأوائل، فهم قاموا بالواجب، و كتبوا. لنجعل بما تركوه مثالا، و نقوم بالتفكر فيه، و نضبطه على عصرنا. لا بنبغي علينا، أن نعيش متأخرين على عصرنا، و أرى أننا بالإنعزال عن المجتمع البشري اليوم، سنكون بالهامش، و سيُبنى المستقبل من دوننا، و نحرم المشاركة في تشييده، و لا نقدم شيئ يستجيب لمتطلبات المجتمع البشري. لا يجب أن ننسى أننا جزء من العائلة الإنسانية، و قد طالبنا سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم، قائلا "افشوا السلام" (4). هذا فرض.
    ماذا يعني الحج؟ يسمى أقدس مكان في الإسلام بالحرم المكي، و يوجد بيت الله تعالى في الحرم (المكان الممنوع). مالذي يمنع هناك؟ و لماذا سمي كذلك؟ هناك يحرم المساس بالحياة، حتى حياة حيوان أو حشرة، و يمنع كسر غصن. هو منع و احترام تام للحياة و قدسيتها، و لكل أشكال الحياة، حيوانية أو نباتية، و حتى معدنية، فلا يجوز نقل حجر من مكان إلى آخر، و من يقوم بذلك، يدفع دية، و إلا فحجك باطل. انظروا إلى المثال، الذي قدمه لنا. فهناك وضع بيته، و أصبح قبلة المسلمين، و اليوم، لأسباب سياسية أُقصي بعض المسلمين، و حرموا من الصلاة فيه، و الحج إليه (5). نحن بحاجة إلى هذا التفكر، و هذا التجديد لـديننا.

    الصحفي: جيد جدا. السيد خالد بن تونس، شكرا جزيلا على هذه المحاورة. إذن ستذهب إلى تورنتو.

    الشيخ خالد بن تونس: بالتأكيد. سأذهب إلى تورنتو، و سألقي محاضرة هناك. إن الهدف من زيارتي لهذه الدول، هو تعزيز هذا اليوم العالمي للعيش معا، الذي نتمنى أن تحتفل به الأمم المتحدة، باتخاذ يوم 21 سبتمبر (6) من كل عام، و لهذا أنشأنا جائزة الأمير عبد القادر في يوم 21 سبتمبر، حتى نترك أثرا في الضمائر. و لما 21 سبتمبر؟ لأن جميع الناس تتكلم عن 11 سبتمبر، و نتمنى أن نقوم بالتغيير و تبديل الرأي من، تاريخ مُقدَّر، الذي فتح هذا مربع الشر، و هذا العار المدمر، فقد دمرت دول، نحو شيئ إيجابي،، نحو يوم 21 سبتمبر، و الإحتفال به معا، يوم السلام و العيش معا، بين العائلة الإنسانية، بدون إقصاء عرق أو ديانة.

    الصحفي: جيد جدا و شكرا جزيلا.  
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1). مقاطعة كيبك بالفرنسية Québec، أكبر المقاطعات الكندية مساحة بعد نونافوت، عاصمتها مدينة كيبك، وأهم مدنها مدينة منتريال.
(2). تم تدشين المرصد الدولي لرؤساء بلديات العيش معا، في 16 يونيو سنة 2016، بمدينة منتريال الكندية، و هو شبكة من المدن، و أرضية لتبادل الخبرات و المبادرات المُجددة، و المعرفة، في مجال التماسك الإجتماعي و الأمن الحضري.
    المرصد الدولي لرؤساء بلديات العيش معا، هو الأول من نوعه، و يسمح بتوثيق التحديات الجديدة، و أفضل الممارسات المبتكرة، للعيش معا، على الصعيد العالمي، من خلال التعاون الوثيق، مع الجامعات و مراكز البحوث، للمدن الأعضاء.
(3). حسب الموقع الإلكتروني للمرصد، فإن الجزائر العاصمة أصبحت عضوا.
(4). الحديث. عَنْ عبد الله بن سلام، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ الْمَدِينَةَ، انْجَفَلَ النَّاسُ إِلَيْهِ، فَكُنْتُ فِيمَنْ أَتَى، فَلَمَّا رَأَيْتُ وَجْهَهُ عَرَفْتُ أَنَّه وَجْه غَيْرُ كَذَّابٍ، سَمِعْتُهُ و هُوَ يَقُولُ  "أَيُّهَا النَّاسُ ، أَفْشُوا السَّلامَ، وَ صِلُوا الأَرْحَامَ، وَ أَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَ صَلُّوا بِاللَّيْلِ و النَّاسُ نِيَامٌ ، تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلام". رواه أحمد و الترمذي.
(5). يشير إلى قرار منع الإيرانيين من أداء فريضة الحج هذه السنة. و يتبادل الطرفان السعودي و الإيراني، الإتهامات و تحمل المسؤوليات على هذا القرار. تتهم إيران السعودية بوضع العراقيل، و منع الإيرانيين من التوجه إلى بيت الله الحرام. من جهتها، حملت وزارة الحج والعمرة السعودية إيران المسؤولية ، بسبب امتناع منظمة الحج والزيارة الإيرانية، عن توقيع محضر إنهاء ترتيبات الحج. 
(6). إن يوم 21 سبتمبر هو بالفعل، اليوم العالمي للسلام، و قد قررته الأمم المتحدة سنة 2001، و يهدف الشيخ خالد بن تونس، من خلال المنظمة غير الحكومية، عيسى الدولية، أن تقرره الأمم المتحدة كيوم عالمي للسلام و العيش معا.
       

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق