الاثنين، 6 مارس 2017

الكشافة الإسلامية الفرنسية - الجزء الثاني

الكشافة الإسلامية الفرنسية
الجزء الثاني

شعلة الأمل المواطنة

                  الكشافة الإسلامية الفرنسية في إحدى جولاتها.

    "في إطار، السنة الدولية للشبيبة، التي أعلنتها الأمم المتحدة (القرار 64/134)، و بخصوص السنة الأوروبية، للعمل التطوعي، دعت الكشافة الإسلامية بفرنسا و شركائها، كل الشباب للمشاركة، في عمل مواطني حر و مسؤول.

    من 07 مايو إلى 24 سبتمبر2011، قامت حافلة بألوان الحدث، بالتوقف في 15 مدينة فرنسية كبيرة و ضواحيها، منها باريس العاصمة الفرنسية، و ستراسبورغ العاصمة الأوروبية، داعية الشباب الفرنسي و الأوروبي، طيلة أربعة أشهر، من خلال التبادل و اللقاءات و المناقشات، إلى أخذ مكانه، في القرارت السياسية، التي تخص مستقبله. نظموا رحلتهم و يحدوهم، صدى القوانين الجمهورية، التي يضمنها هذا البلد الغني بالتنوع، فكان لديهم واجب الحفاظ و الدفاع عن "العيش معا"، هذا المكسب الذي تركه جميع أولئك الذين قاتلوا، من أجل الحرية و المساواة و الإخاء. 

    في كل مدينة زاروها، كانت اللحظة القوية، هي لحظة الوقوف أمام النصب التذكاري، حاملين معهم شعلة الأمل".(1)
   
                                  شعار الحدث "أنا أنتخب إذن أنا موجود"

    "قبل انطلاق الحافلة، استنهضت بعض الأفراد الكشفية نفسها، تجهيزا لوصول القافلة، فكتبت leParisien، تحت عنوان "الكشافة الإسلامية سيشجعون الشباب على الإنتخاب"، مما جاء في كلام، كمال بن شيخ، محافظ الكشافة الإسلامية الفرنسية بمنطقة (أكيتان)، صرح به، لوكالة الأنباء الفرنسية، "أربعون من هؤلاء الكشافة الإسلامية، قتيات و فتيان، سينصبون في العشية، مخيما صغيرا، على رصيف نهر (لاغارون)، لجلب انتباه المارة، و النقاش معهم"، و يضيف "وُلدنا هنا، و نشعر أننا 1000٪ فرنسيين، و لا نقوم فقط بالتصويت، بل نحرض الآخرين، على الذهاب إلى صناديق الإقتراع". أهم النقاط التي تثير النقاش هي العلمانية، و طبعا الإنتخابات، و كذا ما يروجه الإعلام، مما يتعلق بالرموز الإسلامية كالبرقع، و بناء الصومعات".(2)

     خاضت الحافلة الملئ بالأمل التراب الفرنسي، و قامت بدورتها، على غرار ما يجرى، مثل دورة فرنسا للدراجات، التي تسلط عليها الأضواء، و تبث عالميا.

     "في كل مرحلة، يشارك الشباب في المناقشات العامة، والبطولات الرياضية، والمسرحيات والحفلات الموسيقية، و يقومون بجولات في الأماكن المرموقة لفرنسا. كما سيتم تشجيعهم على تقديم مقترحات لتحسين الحياة السياسية.

    يبطن هذا المشروع، الذي تُسوق له الكشافة الإسلامية الفرنسية، على أهمية التنوع، الذي يضمن لكل شخص احترام حقوقه و معتقداته، و تهدف من ورائه إلى، استعادة الشعور الإنتماء إلى جسد الأمة الفرنسية وأوروبا، لدى الشباب، و جعل الناس يدركون أهمية رهانات هذا الالتزام لبناء المستقبل، و كذا تحريض الشباب البالغين أكثر من 18 عاما، على الذهاب إلى مكاتب التصويت.

    من أهداف هذه الرحلة أيضا، تحسيس المسؤولين المنتخبين، على الإمكانات الانتخابية الكبيرة التي يمثلها الشباب، و أهمية الاستماع إليهم، و الحاجة الملحة لتحقيق حلول ملموسة، من شأنها أن تحسن حالتهم، و ضرورة تطمينهم، حيال الشكوك التي تحوم حول مستقبلهم. و أكثر تريد، إستعادة الشعور و الفضائل العالمية، لشعار الجمهورية الفرنسية "الحرية، المساواة، الإخاء"، للدفاع عن التماسك الاجتماعي، في فرنسا وأوروبا".(3)

    في مدينة الإحتفالات (كان)، رافقت جريدة (niceـmatin )، الحدث، و رصدت لنا مايلي "شعلة الأمل المُواطنة تحط رحالها بـ (كان)"، " شاب صغير، إسمه نون، يفتتح الموكب، من رصيف (سان بيير) بـ (كان). فهو ينتمي إلى الكشافة الإسلامية الفرنسية. منذ ساعة، سُلم إليه المشعل الأولمبي، الحقيقي، اليوناني. سلمه إليه كشاف من (مرسيليا)، فمنذ 7 مايو، مر المشعل من مدينة إلى أخرى، على متن حافلة، لأداء دورته الفرنسية. علاوة على ذلك، فقد مرر نون الليلة الماضية كنزه، إلى نظيره من (غرونوبل). إن الهدف، كما ذكّر لاحقا، عند نهاية العرض، الشيخ خالد بن تونس، الرئيس المؤسس للكشافة الإسلامية الفرنسية "هذه الشعلة ينبغي لها أن ترشدنا، و تسمح لنا بالمضي قدما، لتكوين نساء و رجال مواطنين".(4)

    انظم إلى مبادرة الكشفية المسلمة الفرنسية عدة شركاء، فهم كثر، فعلى سبيل الذكر لا الحصر، "في العديد من المدن، كانت جمعية، 'نساء دوليات جدران مهدمة' (FIMB)، التي أسستها (إيفلين مسكيدا)، إلى جانبهم. FIMB، هي شبكة الدعم العالمية، الموجودة في 67 دولة، و تعمل من أجل السلام في العالم، من حلال خلق روابط، بين مختلف القوى، التي تتقاسم نفس الهدف، بروح من التسامح و الإخاء، بعيدا عن الإنتماءات و الإنقسامات.

    لماذا و كيف، حادى بحركة كشفية و شبكة (FIMB)، أن يعملا معا؟ في خطاباتهم أشار المؤَسسَين، إلى هذا العالم الصعب الذي نعيش فيه، الذي تتعرض فيه، القيم التقليدية و الإحترام و المسؤولية و مد يد العون، إلى معاملة سيئة، حتى أنه يتم تجاهلها، و الحاجة الملحة إلى التغيير، ليس السبيل، إلى تحقيقه إلا بتدخل الشبيبة. قال الشيخ خالد بن تونس 'ينبغي بناء جسور بين الناس'، و ردت (مسكيدا) 'و تهديم جدران الظلم و التعصب'. ينبغي علينا تحسيس الشباب، و 'غرس بذور السلام و الأمل'. لأنهما بطبيعتهما مستقبل العالم."(5)

        في أوج المغامرة الكشفية المواطِنة، حين كانت الحافلة تجوب أنحاء فرنسا، فوجئ المنظمون بأمر، نغص على القافلة رحلتها، و كاد أن يعصف بالمشروع كله. قامت فيديرالية (موزايك)، و هي فيديرالية علمانية لمواطنين ذوي حساسية إسلامية، بجر الكشافة الإسلامية الفرنسية إلى المحاكم، بدعوى، سرقة شعارهم "شعلة الأمل المواطنة".

    و عند الإستفسار، اتضح أنه في شهر يونيو من عام 2010، اتصلت الكشافة الإسلامية الفرنسية، بمدير فيديرالية موزايك، يعرضون عليه الشراكة. بدا الأمر في البداية على ما يرام، و لكنه لم يكن مواتيا. اتهمت الكشافة الإسلامية الفرنسية، فيدريرالية موزايك بالإستحواذ على المشروع، و على الخصوص، بعد قيامها بتسجيل "شعلة الأمل المواطنة" باسمها، لدى المعهد الوطني للملكية الصناعية، دون إبلاغ الكشافة.

    في دعواها طالبت فيديرالية موزايك، الكشافة الإسلامية الفرنسية، بالتعويضات على الأضرار و الخسائر، و إيقاف حافلة الشعلة المواطنة. و كان رد الكشافة الإسلامية الفرنسية،  في ملفها القضائي، بتسليط الضوء على تجربتهم، في تنظيم شعلة الأمل منذ سنة 2007، و امتلاكهم المشعل الأولمبي الحقيقي، و هو دليل قوي، في الجولات الوطنية و الدولية، التي قاموا بها.

    جرت المحاكمة في شهر جويلية، و تأخر النطق بالحكم إلى شهر سبتمبر، لكيلا يؤثروا على الشباب، الذي كان يخوض التجربة المواطنية.

    صدر الحكم يوم 07 سبتمبر، و حكم لصالح الكشافة الإسلامية الفرنسية، و خرج الشيخ خالد بن تونس منتصرا، و ذلك قبيل ولوج القافلة العاصمة الفرنسية باريس، و ختم عملية استغرقت أكثر من أربعة شهور، عملية "أنا أنتخب، إذن أنا موجود"، التي وُجّه صداها، لدفع الشباب للذهاب إلى صناديق الإقتراع، و التعبير عن رأيه و الإدلاء بسهمه، حتى يساهم في توجيه القرارات، و تحديد مصيره بنفسه. 

                  مسيرة الكشافة الإسلامية الفرنسية في باريس

    "أنهت الكشافة الإسلامية الفرنسية، يوم السبت 24 سبتمبر دورة فرنسا، لشعلة الأمل المواطنة، التي كانت تهدف، إلى تشجيع الشباب على استخدام حقهم في التصويت، في عام 2012. أقيم حفل رسمي، و تم إيقاد المشعل، تحت قوس النصر – و هي سابقة بالنسبة لجمعية ذات حساسية مسلمة-، جلبت المئات من الأشخاص ليلة البارحة. لقد حانت الساعة بالنسبة للقادة لتقييم العملية.

    بعد أن جابت فرنسا كلها بحافلة، فـبـ (لي شوم- اليزي)، ضرب المئات من الأشخاص، من كل الأعمار، و جميع الخلفيات و الألوان، موعدا للإحتفال بالمرحلة الأخيرة للشعلة".(6)

    "بالمناسبة، تم وضع طوق أمني، و الخدمات اللوجستية، في عين المكان، للسماح بمرور ساحة (l'Etoile). إلى جانب عشرات من عناصر الجيش و قدامى المحاربين، وقف أعضاء من الكشفية المسلمة الفرنسية – وسط انتباه السياح-، تحت قوس النصر، بالمشعل الأولمبي".(6) و تم أيضا وضع باقة من الزهور على النصب التذكاري و وقوف دقيقة صمت، في جو مهيب.

                                      تحت قوس النصر بباريس

    "بالتالي أصبحت الكشافة الإسلامية الفرنسية، أول جمعية إسلامية، تشارك في حفل تأبين. أبدى حسين صدوقي المحافظ العام، لكشافة الإسلامية الفرنسية، ارتياحا، و يعتقد أن 'المواطن المسلم يمكن أن يكون مواطنا بكامل الحقوق'، و أضاف ' المسلمون جزء لا يتجزأ من الوطن، و يشاركون في بناء فرنسا و أوروبا".(6)

    كما طافت الكشافة و أحيانا برفقة الشيخ خالد بن تونس، بالعديد من الهيئات الفرنسية السامية، كالزيارة التي قاموا بها، للمجلس الإقتصادي و الإجتماعي و البيئي، و دخول مبنى البرلمان، و الترحيب الذي خصوا به عند كل زيارة.

                حضور الإتحادية الإسلامية للكشافة و المرشدين بألمانيا بباريس

    في دورتها الفرنسية، تمكنت الكشافة الإسلامية الفرنسية، من جمع مؤلف من اقتراحات الشباب، جعلوه في كتاب أبيض، سلموه في أيدي ممثلي الأحزاب السياسية، الذين تجمعوا، يوم 24 سبتمبر، بساحة بلدية باريس.

    مما يجب الإشارة إليه، هو التعتم الإعلامي، الذي رافق المرحلة النهائية، رغم صداها، غابت عنها كبار القنوات التليفزيونية الفرنسية، رغم تسليمها دعوة المنظمين، مفضلة كعادتها اقتناص، ما شذ، و البحث عن مسلم يقطن بالضواحي، يسحب من بيته مقيدا، تقوده قوات النينجا، الساترة عن وجهها، لئلا تنكشف هويتها، لخطورة الموقف، لأنها محاطة، لا أعلم بمن؟ مسوقة لصورة دنيئة، مغلطة، عن طائفة مسلمة أوروربية، يراد لها الإذاية و الإقصاء، متهمين دين الله بكل وصف دنيئ. من هنا تتضح لنا الصورة، و يبرز لنا الجهد الجبار، لما يقوم به الشيخ خالد بن تونس، من تقديم صفاء الدين، و العمل على تصحيح التصور القائم، و دفع المسلمين إلى التحلي بالواجبات الوطنية لبلدانهم، و المساهمة في تشييد مجتمعاتهم، و الإستفادة من الحقوق التي تضمنها الديمقراطية، و القيام بكل خير و دفع كل شر، و إبراز الفضائل المحمدية، و الثقافة المحمدية، لقوله صلى الله عليه و سلم "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق". 

    كما ختمت الدورة، بتسليم الكشافة الإسلامية الفرنسية المشعل، للإتحادية الإسلامية للكشافة و المرشدين بألمانيا.
ـــــــــــــــــــــــــــ
(1)  من موقع الجمعية العالمية الصوفية العلاوية، aisa-net.com، بتصرف.
(2)  leParisien، يوم 08 04 2011.
(3)  من منتدى، euroscoutinfo.com، بتصرف. في 12 05 2011.
(4)  جريدة niceـmatin ، يوم 25 07 2011.
(5)  الموقع الرسمي لـ 'نساء دوليات جدران مهدمة' (FIMB)، في 30 05 2011.
(6)  سفير نيوز، في 26 09 2011.
  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق