الخميس، 30 نوفمبر 2017

الإسلام الروحي يعتدى عليه بمصر

الإسلام الروحي
 يعتدى عليه بمصر

    تعرض يوم 24 نوفمبر 2017 مسجدا بالروضة، القرية الواقعة في منطقة بئر العبد، بمحافظة شمال سيناء، أثناء اجتماع المصلين لتأدية صلاة الجمعة؛ إلى عمل إجرامي بشع، تقشعر منه النفوس، فقد هاجم مسلحون المسجد، بتفجير عبوة ناسفة وسط المصلين، ثم فتحوا النار عليهم، و حتى سيارات الإسعاف، التي جاءت للنجدة، لم تسلم، مخلفين وراءهم عدد مهول من القتلى و الجرحى. فاقت الحصيلة 300 شهيد و 128 جريح.

    تناقلت وكالات الأنباء المختلفة، أن المسجد يرتاده صوفيين وبه زاوية. "الشيخ الذي فضل عدم ذكر اسمه يقول، إن ما حدث 'كان استهدافا للطريقة الصوفية، لأنها من أكبر الطرق الموجودة في سيناء'، مشيرا إلى أن استهداف المسلحين المتشددين للصوفيين، بدأ منذ أشهر عديدة."(1). و من جهة يوضح "الشيخ السيناوي ويقول لـ موقع الحرة 'الجامع كان يصلي فيه صوفيين وغير صوفيين، وتم استهداف الجميع ... هذا موضع سؤال".(1)

إدانة الشيخ خالد بن تونس


    بدافع أخوته الإسلامية الفياضة التي تنبع منه، و يلاحظها القريب و البعيد، ذكر موقع (Algerie1) أنه "بعث الشيخ خالد عدلان بن تونس، باسم الطريقة العلاوية الدرقاوية الشاذلية، يوم الأحد، برقية تعزية إلى الرئيس المصري، يعرب فيها عن تعازيه، إثر 'هذا العمل الهمجي الذي يتنافى مع مبادئ الإسلام."(2)

    "ويضيف الشيخ بن تونس 'بلغنا وقلوبنا تندمل دما، وفاة إخواننا في العروبة والإسلام، في بئر العبد، في أعقاب هجوم إرهابي، والأمة الإسلامية على أهبة الإحتفال بالمولد النبوي الشريف. وقد ارتكب هذا الفعل الشنيع، من قبل مجموعة إرهابية متطرفة، بعيدة كل البعد عن تعاليم الإسلام، دين التسامح والمغفرة، ويهدف إلى قطع الصِلات بين أطياف الأمة، ملصقا بالإسلام، صورة دين عنف، متعطش للدماء".(2)

    "يواصل الشيخ بن تونس 'يعترف الإسلام بحرية العقيدة، و يتوعد كل من يتعدى على هذا الحق'. وأشار أيضا في رسالته إلى التضامن و الدعم الموصول، من أبناء الطريقة العلاوية.."(2)

    وأشارت النشرية إلى "أن ما لا يقل عن 80 مريد مصري من الطريقة العلاوية، التي يوجد مقرها في مستغانم، هم من بين ضحايا هذه المجزرة، التي لم تعلن مسؤوليتها لحد الآن أي جهة، حتى لو تحولت كل العيون إلى داعش، الذي ارتكب العديد من أعمال العنف، في هذه المنطقة من الأراضي المصرية."(2)

    وينسب المسجد المطال، إلى الشيح عيد أبو جرير (1910 - 1971)، و هو صاحب نهضة في سيناء، ومجاهد قاوم يشدة الإحتلال الإسرائيلي، وإلى الشيخ عيد أبو جرير تنسب الطريقة الجريرية الأحمدية، التي رعاها بعد وفاته ولده الشيخ أحمد الأمين. و دأب مريديه على الإجتماع في هذا المسجد. أخذ الشيخ عيد أبو جرير الطريقة عن الشيخ أبي أحمد القالوجي، المتوفي سنة 1967. الذي اغترف من نهل سيدي الشيخ، المكنى بأبي سردانة، و هو الذي اجتمع بالشيح أحمد ابن مصطفى العلاوي، لما زار الشام في  سنة 1930، وبايعه.

بيــان صحفي
 الإعتداء على مسجد في مصر، عدوان على الإسلام الروحي!

    ببالغ الألم والحزن، تلقّت الطريقة العلاوية والجمعية الدولية الصوفية العلاوية - المنظمة غير الحكومية - نبأ المجزرة التي ارتكبت بمسجد الروضة، في بئر العبد في مصر، والتي أدت إلى سقوط ما لا يقل عن 305 شهيد، ينتسب عدد كبير منهم إلى طريقتنا الصوفية.

    لقد أُصِبنا في صميم قلوبنا، إثر هذه الفاجعة الأليمة، التي ألّمت بالأخوة والمُحِبّين، ممن نُشاطر معهم، رؤية إسلام المحبة، والأخوة والسلام.

    ندعوا اليوم، بالرحمة والسكينة، لهؤلاء النساء والرجال والأطفال الأبرياء، الذين قتلوا بغير سبب، سوى أنهم يعيشون إيمانهم. ونعرب عن تعازينا الخالصة، ودعمنا الأخوي، لعائلاتهم وأحبّائهم، الذين فقدوا فردا من ذويهم، والذين يؤمنون مثلما نؤمن، أن الإسلام هو رسالة سلام، وينبغي أن يبقى رسالة سلام، رغم أنف من يستغلونه، ويتخذون العنف سلاحا ضد أهله.

    تناشد الطريقة الصوفية العلاوية، جميع المواطنين في جميع أنحاء العالم، أن يرفضوا جميع أشكال العنف، وعدم احترام الفرد، مهما كانت انتماءاته الدينية ومعتقداته أوجنسه و بلده.

    كما ندعو جميع الطرق الصوفية الصديقة في العالم، وجميع المسلمين المُخلِصين، وكذا جميع سكان المعمورة، في لحظة الألم والحداد؛ إلى جمع كل الطاقات، من أجل تجسيد ثقافة سلام حقيقية، وبناء مجتمع عالمي، حيث الإرادة من أجل العيش معا، وبناء مستقبل الواحد مع الآخر، وليس الواحد ضد الآخر، تكون مندرجة، بشكل ملموس، في الحياة اليومية، لجميع سكان هذه الأرض.

    فعلى الرغم، من هذا الهجوم المروّع على الأبرياء، فإن رغبتنا في السلام تشتد، وأملنا يبقى كبيرا.

مستغانم، في 25 نوفمبر 2017.

الشيخ خالد بن تونس، الرئيس الشرفي للجمعية الدولية الصوفية العلاوية، المنظمة غير الحكومية.

دعوة الشيخ العلاوي


       لا يسعنا بهذه المناسبة الأليمة، إلا أن نروي سردا موجزا عن هذا الفيض الروحي، و نبعه و وسبيل بلوغه أرض سيناء. ننقل لكم من صفحة أحباب الشيخ خلف(3)، ترجمة موجزة عن أعمال مولانا الشيخ أحمد ابن مصطفى العلاوي (18691934)، صاحب الطريقة التي ذاع صيتها في المشرق و المغرب، و كذا كيفية وصولها إلى سيناء بمصر. الشيخ خلف الخلفات المتوفي سنة 2009، له زاوية علاوية، محتفظة باسم مؤسسها، بقرية الجورة، بمحافظة شمال سيناء.

    تأسست الطريقة العلاوية سنة 1909م. وسميت بهذا الاسم، نسبة الى مؤسسها، سيدى العارف بالله الشيخ أبى العباس أحمد ابن مصطفى بن عليوة، المعروف بـ ( العلاوي ) الحسني الجزائري المستغانمي، مولدا 1869م، ونشأة وحياة…. وأخيرا وفاة، فى الرابع عشر من شهر يوليو/ تموز 1934م.

    لقد جرت عادة القوم، أهل الله رضى الله عنهم، أنه ما من مرشد تكاملت أنواره، وعمت منافعه، وكثرت أتباعه، الا وسميت الطريقة باسمه تنويها بشأنه، ورفعة لذكره، وهى وراثة نبوية حيث قال الحق جل شأنه فى حق نبيه صلى الله عليه وسلم "ورفعنا لك ذكرك". سورة الشرح، الآية 4

    وللشيخ أحمد العلاوي، أوفر نصيب من هذه الوراثة ومن غيرها، فقد كان رضى الله عنه، القطب الجامع الداعى، الى الله بإذن من الرسول صلى الله عليه وسلم، وسنده محقق الاتصال بالحضرة النبوية، فذكر وبشر وأجرى الله على يديه، من الفتوحات الربانية والمواهب اللدنية، ما شهد له به أثره الخالد في القريب والبعيد. 

    والطريقة العلاوية، فرع من الطريقة الشاذلية، المنسوبة الى قطب التصوف الشهير الشيخ أبى الحسن علي بن عبد الله بن عبد الجبار الشاذلي، الذي ولد سنة 571 هجرية، وتوفى في أوائل ذي القعدة سنة 656 هجرية.

    لقد اضطلع العارف بالله سيدي الشيخ أحمد العلاوي، بشئون الطريق وبما تفرض عليه من مسئوليات تجاه ربه وأمته والانسانية، فكان جهاده متعدد الجوانب، هدفه تجديد ما اندثر من تعاليم الدين وقيمه العليا، وإصلاح ما أفسدته عصور التخلف والجمود والبعد عن تعاليم الاسلام، فاتخذ الكلمة سلاحا، والصحافة منبرا، للتبليغ والتربية والارشاد، والدعوة الى الله تعالى.

    لقد جاهد جهادا كبيرا، فى نشر طريقته، والتى تتبنى قضية توضيح سماحة الإسلام واعتداله وشموليته، ولاقى معاناة شديدة فى ذلك، من فرنسا كمستعمر للجزائر- أنذاك-، ومن أعداء النجاحات فى بلاده، إلا أن الله تعالى نصره على أعدائه، ووفقه فى توجهاته ونجح- برغم المعاناة الشديدة- نجاحا كبيرا، في تحقيق الأهداف التى رسمها وحددها، منهاجا له فى جهاده، وأسلم على يديه وأيدي أتباعه الآلاف، وهدى الله على يديه وعلى أيادي أتباعه ومريديه، الملايين وانتشرت زواياه فى أنحاء المعمورة، فى أوروبا وآسيا وأفريقيا و أمريكا و أستراليا، وكانت تلك الزوايا، منارات إشعاع فكري وحضاري وديني، فى كثير من بلدان العالم مثل: بريطانيا وفرنسا والحبشة وبلاد الحجاز وفلسطين والشام والمغرب الأقصى واليمن ومصر والعراق وماليزيا وأندونيسيا وألمانيا وسويسرا واليابان وتركيا وجنوب افريقيا، ومازالت قائمة الى اليوم، تؤدي دورها، باشراف أولياء علماء نجباء تربويين خبراء بعلم السلوك.

وصول الطريقة العلاوية إلى سيناء
    قلنا آنفا، إن زوايا سيدي الشيخ أحمد العلاوي، قد انتشرت فى كل مكان، وأن أتباعه ومحبيه، ملأوا الدنيا بإسرها، ولاسيما بلاد المغرب العربى والشام وفلسطين، وأثناء زيارته رضى الله عنه، للقدس الشريف فى فلسطين، زار المسجد الأقصى وقبة الصخرة بالقدس، وزارمدينة الخليل وعدة بلدان ومدن في فلسطين ومنها: يافا وغزة والفالوجا، وفي كل منطقة يحل بها، يعطي الإذن والبيعة، لرجل ممن رأى فيه الصدق والإخلاص وسلامة الصدر، وقوة الإيمان وتحمل الأمانة.

    ومن هؤلاء حضرة الأستاذ الشيخ حسين بن محمد بن سليمان المكنى بـ (أبى سردانه)، من أهل الفالوجا، وهى بلدة من بلدان فلسطين، تقع فى الشمال الشرقى لمدينة غزة .. وتوفي أثناء الحصار الطويل لقرية الفالوجا سنة 1948، بعد أن عهد بأمر الطريقة، الى تلميذه النجيب، سيدى محمد بن أحمد بن حسن بن عبد الله السعافين، الشهير بأبى أحمد الفالوجى. حملته ظروف الحرب إلى حمل السلاح، و ما تخلف عنها، إلى اضطرار الهجرة إلى غزة، و انتشرت حينها الطريقة العلاوية بمدن وقرى القطاع.

    تم تطلع الشيخ أبي أحمد الفلوجي الى الجنوب، حيث صحراء سيناء، تحكمها البداوة بأوحش صورها، حيث القبائل تتصارع مع بعضها البعض، غزوا وسلبا ونهبا، مجتمع يسيطر عليه الجهل..

    استقر في سيناء أربع سنوات، ثم عاد إلى غزة. فى أوائل 1957م وبفضل الله تعالى بذر البذرة، وماهى الا فترة قصيرة، حتى ظهر نبت أخضر، فى وسط هذا الهشيم، يرعاه سيدى أبى أحمد الفالوجي، بالدعوة الى الله، والحث على طاعته، واتباع منهج رسوله صلى الله عليه ويسلم، ومالبث هذا النبت، حتى تحول الى شجرة وارقة الظلال، يستظل بها كل الباحثين، عن طريق الله، فى سيناء وقطاع غزة، وهي الطريقة العلاوية.

    وقد انضم إليه فى هذه الدعوة العامة، الشيخ عيد أبو جرير من أهل سيناء، صاحب الزاوية المعتدى عليها بالروضة، من مراكز بئر العبد، محافظة شمال سيناء.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1). نشرية الحرة، في 24 11 2017.
(2). موقع Algerie1.com، في 27 11 2017.