الاثنين، 28 مايو 2018

العيش معاً جزء من تراثنا الثقافي


العيش معاً جزء من تراثنا الثقافي



    من مكتبنا في باريس، وعلى هامش هذا الحفل، إلتمست Ouest-Info مقابلة حصرية، من الشيخ خالد بن تونس، شيخ الطريقة الصوفية العلاوية، التي تنتسب إليها، الجمعية الدولية الصوفية العلاوية، المنظمة غير الحكومية "عيسى"، صاحبة مبادرة مشروع العيش معا في سلام؛ بشأن نطاق هذا الاحتفال. فلنستمع إليه: 

Ouest-Info: أنت ملتزم بالسلام، ما هي القوة الدافعة، التي حركتك نحو هذا الالتزام؟
  الشيخ خالد بن تونس: المحرك، يأتي من بعيد. في المرة الأولى، التي تعرفت فيها على فكرة السلام هذه، كان ذلك من خلال قراءة، كتب جدي الأكبر، وكيف كان يرى البشرية منذ قرن، كيف كان ينظر إليها، وكيف وصفها. قلت في نفسي، هذا غير معقول، وكنت حينها، ما زلت طالبا شابا. نعم، من الناحية الفلسفية، يمكن أن نتحدث عن الإنسانية والسلام، ولكن هذا لن يتحقق أبداً. على طول الطريق، اتضحت الأمور، وسمحت لي، بالتفكير والتصرف، وإن هذا اليوم للعيش معا في سلام، نحن مدينون، لما كتبه، جدي الأكبر، الشيخ العلاوي، في أبحاثه الفلسفية، منذ قرن، في مستغانم.

  Ouest-Info: جيد جدا، إنه حلم يتحقق، وإنجاز جاء بعد العديد من التضحيات، ما هو شعورك؟
 الشيخ خالد بن تونس: الإنسانية حية، وقد استجابت لمبادرتنا. كان ممثلو جميع البلدان، من جميع المجتمعات (اليهود، الكاثوليك، البروتستانت، البوذيين، المسلمين، ...) حاضرين، وانظموا إلى مبادرتنا. كان المجتمع الدولي حاضرا. جاء قرار تبني هذا اليوم، يوما دوليا للعيش في سلام، بالإجماع، من قبل 193 دولة عضو في الأمم المتحدة، يجب علينا خصوصا، قراءة المواد الست للقرار، وإذا طبقناها فعليا، ربما تسمح لنا بتغيير وضعنا، وحالة العالم اليوم، وإن النظام القائم لن يستمر، مع وجود المظالم الكبيرة جدا، والفوارق الشاسعة في الثروات، والدول التي دمرتها "الأعاصير"، التي تجد أصلها في تراخينا وأنانياتنا، مع أولئك الملايين من الناس، الذين ألقيوا في الشوارع، وتعداد الملايين من المهاجرين. لم نشهد هذا أبدا، سوى أثناء الحربين العالميتين. إلى أين نذهب؟ نحو أي مستقبل؟

Ouest-Info: هل أنت فخور بهذا التكريس؟
 الشيخ خالد بن تونس: ولا فخر، أنا رائق، وممتن لكل من ساعدنا، في جعل هذه المبادرة حقيقة واقعة.

Ouest-Info: وما هي وجهة نظرك على المستوى الدولي، فيما يتعلق بالصورة المنقولة عن الإسلام المسيّس؟
الشيخ خالد بن تونس: حسناً، مع ذلك، هاهي مبادرة تأتي من العالم الإسلامي، من بلد مسلم وإفريقي وعربى. إنها المنظمة غير الحكومية الروحية، الوحيدة في الأمم المتحدة، التي تمكنت من النضال والكفاح حقا، مع كبار هذا العالم، وإقناعهم بأن طريق السلام، هو الطريق الذي يجب أن نسلكه.

Ouest-Info: الرئيس بوتفليقة، قام بالتذكير به اليوم، في رسالة وجهها للجزائريين، بعد تحقيق مبادرتكم في ديسمبر. إذن، إن الجزائر تحيي، الطبعة الأولى من العيش معاً في سلام، ماهو رأيك؟ هل يستوقفكم التاريخ؟
 الشيخ خالد بن تونس: بالطبع، يستوقفنا التاريخ. كتب الرئيس بوتفليقة، أمده الله في صحته، رسالة عميقة، لكل الجزائريين، تؤكد أن طريق الوفاق والمصالحة يقودنا إلى أين، نعيد بناء مجتمع العيش معاً. إنه جزء من ثقافتنا، و تراثنا، مثل كنز، مدفون تحت أقدامنا. لذا، دعونا نعمل، ونبحث عما تركه لنا، أسلافنا وأجدادنا. تركوا لنا ثقافة غنية، وتقاليد معبئة بالانفتاح والعالمية، تركوا لنا المعرفة. إذن، لماذا يعيش الجزائري اليوم في هذه الوعكة؟ فلأنه لا يعرف نفسه، لأنه لا يعرف جذوره، جذور الجزائري، ليس العنف، وجذور الجزائري، ليس حتى الإرهاب.

Ouest-Info: ماذا يجب أن نفعل؟
الشيخ خالد بن تونس: أن نتآزر، ونستعيد الثقة في أنفسنا، ثم ننتقل إلى المرحلة الثانية، تشاع فيها، الثقافة، والتربية، ففي المدارس، تتشكل روح الغد، حتى يتمكن أطفالنا، من بناء مستقبلهم، مع بعضهم البعض، وليس ضد بعضهم البعض.

Ouest-Info: مع الحفاظ على إسلام أسلافنا، هل هذا صحيح؟
الشيخ خالد بن تونس: عندما نقول، دعونا نحافظ على إسلام أسلافنا، فماذا يقصد بذلك؟ الإسلام يعلمنا التوحيد، وإن لم نضطلع بالتوحيد، فإنه سيصبح سوى إسلام الواجهة، ينبغي أن نبدأ بالباطن، وينبغي أن يتجلى هذا التوحيد في إدارتنا للبلد، ويتجلى في الأسرة، والخلية الأسرية، ونراه في مدننا، ولدى الممثلين المنتخبين والمواطنين، ونراه في المجتمع المدني، وفي المساعدة التي يمكن أن يجلبها...

Ouest-Info: من جهة أخرى، افتتح الرئيس بوتفليقة، مقرا جديدا للزاوية البلقائدية الهبرية، هل هي بالنسبة لك، خطوة جيدة لتعزيز الروابط بين الجزائريين؟
الشيخ خالد بن تونس: نقلت الزوايا، لقرون عدة، إسلام الأنوار، الذي تُرك اليوم جانبا، قائلين أنه إسلام الشعوذة، وهنا، يمكن أن يتواجد مشعوذين، انتهزوا منه، ولكن في الأساس، هذا الإسلام هو الإسلام الصحيح، إسلام الرحمة المحمدية، وهذه الحقيقة كائنة، لذلك يجب علينا، تدريسها في جامعاتنا، وكيف لا، ونحن لدينا منبر الأمير عبد القادر –التابع لليونسكو- في جامعة الجزائر، ولا نقوم بتدريس فكر الأمير عبد القادر؟

Ouest-Info: بمناسبة شهر رمضان، ما هي الرسالة، التي توجهها للمجتمع المسلم، وعلى وجه الخصوص الجالية الجزائرية، هنا في فرنسا وغيرها؟
الشيخ خالد بن تونس: أولا، أتمنى لهم جميعا الازدهار والسعادة والوحدة، وتحقيق هذا العيش معا، وأن يحفظ الله بلداننا، وعلى وجه الخصوص بلدنا، من ويلات الحرب، وويلات العنف، وأن نتمكن من الإستثمار في شبابنا، مستقبلنا ورأس مالنا. أريد أن أقول للوالدين، ادركوا أن مستقبلكم، هم أبناؤكم، لذا، ربّوهم في ثقافة السلام والعيش معا. شكرا.

 ي. حوماد.
 Ouest-Info، في 25 05 2018.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق