الثلاثاء، 20 نوفمبر 2018

على أفريقيا أن تجد حلول خاصة بها للمشاكل التي تواجهها

على أفريقيا أن تجد حلول خاصة بها
 للمشاكل التي تواجهها

 

  "افتتحت يوم الإثنين في العاصمة الجزائر، الندوة الدولية الثانية، للمنظمات غير الحكومية الإفريقية وأعضاء المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة (إكوسوك)، بمشاركة حوالي 300 ممثل من 30 دولة أفريقية، سيناقشون القضايا المتعلقة بأزمة الهجرة في أفريقيا. ترأس حفل الافتتاح الرسمي الشيخ خالد بن تونس، شيخ الطريقة العلاوية والرئيس الفخري للجمعية الدولية الصوفية العلاوية، صاحب مبادرة "اليوم الدولي للعيش معا في سلام"، التي أقرتها الأمم المتحدة مؤخرا".(1)

    وكان حاضرا في حفل الإفتتاح، رئيس البرلمان الإفريقي للمجتمع المدني، السيد جون كلود كيسي، الذي ألقى كلمة، إلى جانب السيد علي ساحل، رئيس تنظيم هذه الندوة. كما حضر الاجتماع ممثلون عن وزارات، الداخلية والجماعات المحلية، والشؤون الخارجية، ورؤساء لجنة الشؤون الخارجية، بمجلس الشعب الوطني، والبرلمانيين.

    في كلمته " دعا الرئيس الشرفي للجمعية الدولية الصوفية العلاوية، الشيخ خالد بن تونس، الأفارقة إلى إيجاد حلول خاصة بهم لمشاكلهم، و منها مشكل الهجرة، وذلك من خلال الاستثمار في 'العنصر البشري'، وتشجيع الشراكة بين الحكام والمجتمعات المدنية.
    وقال بن تونس، خلال افتتاح أشغال الطبعة الثانية للندوة الدولية للمنظمات الإفريقية غير الحكومية الأعضاء في المجلس الاقتصادي والاجتماعي لمنظمة الأمم المتحدة (أكوسوك)، أنه 'يتعين على الأفارقة أن يجدوا حلولا خاصة بهم لمشاكلهم، من خلال الثقة في النفس، والاحترام المتبادل مع التوقف عن طلب المساعدة من الآخرين.
    وأبرز شيخ الطريقة العلاوية، الإمكانيات البشرية والموارد الطبيعية، التي تتمتع بها أفريقيا، والتي وصفها 'بمخزن لليد العاملة'. كما تأسف لكون القارة الإفريقية 'غنية جدا وفقيرة جدا في آن واحد'، لأنها 'كانت دائما مُستَغَلة'، دون أن تتمكن من إيجاد حلول لمشاكلها.
    وفي هذا الصدد، وصف بن تونس بـ'النزيف'، هجرة الكفاءات الإفريقية نحو البلدان المتطورة، حيث يعملون كإطارات عليا، متأسفا على عجز القارة السمراء، عن الاحتفاظ بأبنائها، داعيا، في الوقت ذاته، إلى إيجاد 'حلول داخلية'، لمنع هجرة الأدمغة من هذه القارة".(1)
من جهته، ثمّن السيد كيسي جهود الجزائر، في توفير فرص مواجهة كل المشاكل التي تعيشها القارة الإفريقية، وعلى رأسها مشكل الهجرة، واقتراح الحلول المناسبة لها، والتزامها اتجاه الشعوب الإفريقية. كما "أكد رئيس لجنة تنظيم هذا اللقاء، السيد ساحل علي، أن هذا الأخير يعد بمثابة 'منبر لتحديد استراتيجية مشتركة والأدوار والمسؤوليات المشتركة'، للمنظمات الإفريقية غير الحكومية، تجاه أزمة الهجرة التي ترمز إلى 'مأساة الشباب الإفريقي".(1)
    وتستضيف الجزائر الندوة الدولية الثانية للمنظمات الإفريقية العضو في المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة، بالمركز الدولي للمؤتمرات، تحت شعار "إشراك إفريقيا في مواجهة أزمة الهجرة"، ما بين 19 و21 نوفمبر الجاري. ووضعت هذه التظاهرة، التي ستعكف على مسألة أزمة الهجرة في أفريقيا، وشارك في تنظيمها البرلمان الافريقي، والمجتمع  المدني، والجمعية الوطنية للتبادل بين الشباب، بالتعاون مع، مجموعة الطلبة  الأفارقة في الجزائر "مبادرة أجندة 2063"؛ تحت شعار "الشراكة بين المجتمع  المدني، في القطاعين العام والخاص، من أجل المقاولاتية، وتشغيل الشباب والابتكار والتصنيع الشامل والمستدام".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) وأج في 19 11 2018.


الخميس، 15 نوفمبر 2018

القرآن جوهرة لا نستخدمها


الشيخ خالد بن تونس، شيخ الطريقة الصوفية العلاوية، والباعث لليوم الدولي للعيش معاً في سلام.


القرآن جوهرة لا نستخدمها


  إسماعيل برصالي
08 11 2018.  ، فيEL WATAN جريدة

الصحفي: لقد قلت مؤخرًا أن هناك مشكلة في التعريف والمفهوم ...
الشيخ خالد بن تونس: بالطبع. لدينا مشكلة حقيقية في المفاهيم، التي نورثها من جيل إلى جيل. ينبغي على مؤرخينا إعادة النظر في التعابير التي يستخدمونها. لكل شيء اسمه. إن الحرب والجهاد غير مترادفين. فأما الحرب عدوانية، وتقوم على مبدأ سلب حقوق وحريات الآخرين. وأما الجهاد ليس سوى المضاد. على عكس الحرب، فإن الجهاد شرعي. يمكن أن يكون جهادا مسلحا، أو نقابيا، أو بالمراسلات أو باستعمال وسائل أخرى كثيرة. كما يقوم شعب مضطهد بخوض جهاد من أجل كرامته وحقوقه، ولكنهم لا يشنون الحرب. ونتيجة لذلك، في عام 1954، لم نشن حرب تحرير، ولكن كفاح وجهاد تحرري. لقد فقدنا أيضًا حسنا النقدي.
    سوف أذكر في هذا الجانب الفتوحات الإسلامية. إن القول بأن الإسلام انتشر بحد السيف، هو تهجم كبير على التاريخ والإسلام، الذي يستمد جذره من كلمة السلام. لطالما كانت فكرة الإنسانية في قلب هذا الدين، الذي جاء لنشر العدالة، ورد للضعيف حقه.

الصحفي: بين الإسلام والإسلاموية، يوجد فقط ثلاثة أحرف، وانحراف كبير عن مبادئ سلام الدين. ما هو تفسيرك؟
الشيخ خالد بن تونس: هذه هي نتيجة أدلجة الدين. وهذا يغير تماما معناه. إن الإسلام هو فوق كل شيء، رسالة عالمية. وفجأة، يصبح إيديولوجية تغذي الأحزاب السياسية. هما شيئان مختلفان تمامًا، ونُبقي بشكل متعمد، على هذا الغموض وهذا الجانب المظلم.
    تم الإستيلاء على الإسلام لخدمة مصالح خاصة، لجماعة أو سلالة أو سلطة أو لغرض. وهي غاية أفقية بشكل كلي، ليس لها أي عمودية، ولا تصبو إلى السمو. بمجرد أن تفقد الرسالة سموها وقيمها، يتم التلاعب بها. يستحوذ عليها الجميع، للتوصل إلى أهدافهم الشخصية. لقد حولت الإسلاموية الدين إلى برتوكول من الأفعال تؤدي إلى نتائج. كما هو الحال في القاعدة الرياضية 1 + 1 = 2. يبقى بدون روح، وبدون عمودية، وليس هذا الذي يوصل إلى مقام الإحسان، ويعطي للحياة معنى، ولا يتم تحقيقه إلا مع الآخرين. عندما يستوطن المثل القائل، كل شخص لنفسه، ينهار المجتمع بأكمله، أو يصبح تابعا لقبيلة أو تيار أو نظام ...

الصحفي: ماذا عن الوهابية والسلفية؟
الشيخ خالد بن تونس: عندما ظهر محمد بن عبد الوهاب، في شبه الجزيرة العربية، في القرن الثامن عشر، كان العالم الإسلامي يرقد في سبات. كان يمكن أن نستفيق من خلال الوهابية. هو تيار صدمنا، وصدم أيضا عاداتنا في ذلك الوقت، بسبب تعنته، ورفضه حرية الفكر. وضع نظامًا يكون فيه رجل الدين، عنصرًا وسيطًا بين المجتمع المسلم والتنزيل. لقد أنشأنا وسطاء، قام الإسلام بحظرهم.
    فشلت نهضة القرنين التاسع عشر والعشرين في إعادة تنشيط التفكير الإبداعي. ربما كانت تتمركز على الغرب، مثال النجاح، وسارت على خطاه. كان أهل المعرفة في ذلك الوقت مهووسين بالنموذج الغربي، ونسوا نموذجنا الخاص، نموذج التوحيد. لقد حجبناه تمامًا. ولأن هذا النموذج الغربي لا يمكن أن يناسبنا، فقد كنا كمن أصابه الضمور. لقد أنجزنا أشياء، ولكن في اختلال كبير، بالنظر إلى أحوالنا، والرسالة التي تلقيناها، والميراث الذي كان بين أيدينا. لم نعرف كيف نعيد ونحفز هذه الفلسفة القائمة على الدائرة وليس الهرم. يقدم النظام الهرمي للنخبة في القمة إمتيازات، على حساب القاعدة التي هي الشعب. وهو عكس نظام الدائرة، حيث يتواصل الجميع في تآزر، ولا يوجد الأول والآخر. فلسفة تجعل كل فرد في هذه الدائرة مسؤولًا عن حمل الآخرين. فلسفة الروابط، التي لا مكان لها بين الوهابيين أو السلفيين. في المفهوم ذاته، قامت الوهابية والسلفيون ببتر المجتمع الإسلامي من ذاكرته الجماعية، من تاريخه. وبالتالي فقد قوضت أسس المبنى الذي  بدلا من أن يرتفع، بدأ شيئا فشيئا في الإنهيار.

الصحفي: يشهد بلدنا موجة من العنف بجميع أشكاله في السنوات الأخيرة. لماذا؟
الشيخ خالد بن تونس: كلنا نسعى للسلام، وإننا نعرف كيف نصنعه. ويعود السبب إلى أننا جعلناه أمرا خارجا عنا، وليس في بواطننا. بادئ ذي بدء، ينبغي أن نصنع السلام مع أنفسنا، باستعادة الثقة بالذات، والطمأنينة في عائلته، ومع جيرانه، والكيفية في أداء صلاته، وخصوصا في نظرته. كل إنسان بحاجة إلى نظرة واضحة، تحفزه للقيام بالعمل. كما جاء في الحديث النبوي الشريف "إنما الأعمال بالنيات". فمن بواطننا يصدر النور، الذي يرشدنا إلى العمل. بالإضافة إلى ذلك، عندما نجعل السلام شأنا باطنيا، فإننا نؤكد على إسم من أسماء الله الحسنى. فأسماء الله الحسنى و منها السلام، هي طاقات. وبفصله عنّا سيتحول السلام إلى علاقة بين طرفين. ويصبح تحقيق السلام بعد ذلك، في أن لا نتواجد في الحرب، ولكن يبقى الحذر من الآخر قائما. ليست حربا معلنة، وليس سلاما أيضا. نكون راكدين في تلك العدوانية وذلك العنف، فلأننا غادرتنا السكينة. وحتى عندما نتحقق بالكامل، و نتحصل على الوسائل المادية وعمل مجزي، نبقى نفتقر إلى عنصر أساسي، هو السلام.
    عندما نختلط مع الآخرين، نكون في موقف دفاعي. إنه ضغط دائم. ولا-سلام هو الشعور بالضيق. نشعر بالإبتئاس. والشيء الذي يسمح لنا بالقيام بهذا العلاج ضد هذا الشر الداخلي، تم استبعاده، واعتبر جانبيا. ونقوم على تأنيب الآخر. إنه دائما خطأ شخص آخر، فمهما حدث، هو المذنب. والمدرسة هي السبب، والمجتمع، والغرب، والمسيحيين، واليهود، والإله. إنها القدرية. نحن لا نتساؤل أبداً، ومع ذلك فأفقيتنا هي في موضع التساؤل دائم، الذي يعيد إلينا توازننا. في غياب العلاج التحليلي الذاتي، يتم تقييدنا في نظام مهين. نفقد هويتنا، وفخرنا في أنفسنا، وثقتنا في أنفسنا. سنقوم فقط بالسباحة عكس التيار. كالملاكم الذي لا يوجد أمامه خصم، سوى كيس اللكم.

الصحفي: تطالب بعض الأصوات بتطوير القرآن. هل من الممكن؟
الشيخ خالد بن تونس: دائما، لقد يقم القرآن إلا بالتطور. كان يكشف أسراره في كل لحظة، لأولئك الذين يقرؤونه ويعيشونه من خلال آياته. لا نكون نفس الشخص، في سن 20 أو 30 أو 50 أو 70 سنة. تتغيّر قراءتنا وفهمنا للآيات القرآنية، تزامنا مع تطورنا في الحياة. القرآن حي. تتغير الرسالة التي ينقلها إلينا، من خلال التجربة التي يتلقاها منا. من بين أكثر من 6600 آية في القرآن الكريم، توجد 300 آية فقط، تتكلم عن الشريعة. لم نعتبر إلا هذا الجزء من الكتاب المنزل، لنحصره في العبادة. لقد نسينا أن القرآن جاء ليقدم أجوبة، على تساؤلات الإنسانية .تساؤلٌ وردٌّ حقيقي. في القرآن كل شيء حيوي. توجد العديد من السور تحمل أسماء كائنات حية، مثل سورة الفيل، والنمل، والنحل، والبقرة، والشمس، والقمر، والنجم، والنساء. كل شيء يتكلم في القرآن. حتى الوحي الإلهي لم يقتصر على الرجال.
    حتى النساء تلقت الوحي، كالسيدة مريم، وأيضا أم موسى، التي كانت امرأة عادية في عصرها. وحتى الحشرات، مثل النحل، وأيضا الأرض قد أوحي إليها. إن القرآن كله وحي، قمنا بتقديسه، عن طريق جعل مسافة بيننا وبينه، وبين ما يحويه. إن القرآن الكريم جوهرة، لا نستخدمها.

الصحفي: في مبدأ الوحدة والتطور، ما هي المكانة التي ينبغي أن تحتلها المرأة اليوم؟
الشيخ خالد بن تونس: إن مكانة المرأة في المجتمع أمر أساسي. فهي تحمل الحياة وتتطور في سياق اجتماعي مهني، حيث تتنافس مع الرجل، الذي يمتلك السلطة السياسية والمالية والاجتماعية والأسرية. فمكانة المرأة حاسمة في إدارة مجتمع اليوم. يجب عليها أن تحرس على توازنه، وتطالب بمكانتها وليست مكانة الرجل. تطالب بحقها الشرعي، بصفتها حاملة الأنوثة والخصوبة، وأمل الحياة الذي تحمله. إن حمل الحياة، هو حمل أمل التغيير.
    على مر التاريخ، يمر مستقبل الإسلام، بعودة إلى الكرامة والشرعية، من خلال العودة إلى الحقوق الأساسية، التي ينبغي أن يمنحها الرجل للمرأة، كي تحتل تلك المكانة الأساسية، حقها الشرعي في المجتمع، بحيث هي السبب الرئيسي، في تطوره أو انحطاطه. لذلك، ينبغي، أن تبحث وتطالب بنفسها، بحقوقها التي منحها إياها الله سبحانه وتعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، وقامت الأفكار المتخلفة للرجل بحرمانها منها..

الصحفي: ماذا تقصد بتسويق الإسلام، وهو مصطلح جديد، كنت تتحدث عنه مؤخرًا؟
الشيخ خالد بن تونس: إن تسويق الإسلام هو مصطلح مذهل. نعتقد بأننا نفعل الصواب، بقولنا أن الإسلام هو أفضل دين، وشعارات أخرى، في حين أننا نسيء بدون قصد، إلى هذا الدين. ننسى أن الإسلام ليس هو الهدف، بل التوحيد. هذا الدين ليس سوى طريق، نحو هذا الهدف الأسمى. لم يقل النبي صلى الله عليه وسلم أبداً أنه أعاد ديناً جديداً. حتى القرآن لم يذكره في أي من آياته. إنه دين جميع العصور وجميع الأنبياء. إن رسولنا صلى الله عليه وسلم هو الدائرة التي تربط وتكمل جميع الرسائل التي جاءت قبله، والتي غرضها هو التوحيد. لذا فإن التسويق والتمجيد هو خطأ، وفي حالة عدم فهم معنى هذا الدين، يعد انتهاكًا خطيرًا.
    إن قول "الله أكبر"، قبل ارتكاب الهجمات، هو مجرد انحراف. إن اقحام الله عز وجل في صراعاتنا، ونجعل منه شعار حرب، هو مجرد حماقة. هذا التسويق الخطير أوقع في شباكه الكثير من شبابنا. ويستند على قاعدة "لا تفكر، نحن نفكر في مكانك"، وتطور هذا التسويق، من خلال كتب حررت لهذا الغرض دينا مفهرسا. تفكير جاهز وصلاة جاهزة.


الاثنين، 12 نوفمبر 2018

الشيخ خالد بن تونس يرافع عن العيش معا

الشيخ خالد بن تونس يرافع عن العيش معا


    رافع شيخ الطريقة العلاوية، الشيخ خالد بن تونس، يوم الجمعة الماضي في الجزائر العاصمة، من جديد من أجل العيش معاً، على أساس المواطنة، وقبول الآخر، والتنوع، والقيم الراسية للمصالحة بين الإنسانية، وتعزيز عالم يفشى فيه السلام(1). فقد عرض الشيخ كتابه بالمعرض الدولي للكتاب بالجزائر العاصمة، بعد العرض الأول بمدينة بجاية، وألقى بالمناسبة محاضرة تلتها مناقشات مع الجمهور الحاضر، لينتقل بعدها إلى جناح دار النشر القصبة بالمعرض، ويوقع على كتابه للمقتنيين.
    أصدر مؤخرا الشيخ خالد بن تونس، آخر كتبه، وهو دعوة ومناصرة ودفاع ومرافعة عن العيش معا. إنه طلب الإستجابة لدعوة العيش معا، ومناصرة هذا الإختيار، والدفاع عن مبادئه، ومرافعة عن هذه القضية، في كل شأن، وشحذ الهمم نحو مزاياها، والتحسيس بضرورة إرساء قواعد العيش معا بشكل أفضل. أصدر الكتاب في الجزائر، دار القصبة للنشر، بعد النسخة التي أصدرتها بأوروبا، دار "Mouvence"، في شهر ماي الفائت، الكائن مقرها بسويسرا.

     "إنه كتاب غير مكتمل. يدعو كل واحد منا إلى كتابة صفحة فيه، كل واحد منا مدعو للمساهمة فيه، بقصص جديدة، عن هذا العيش معا في سلام". بهذه العبارة، وصف الشيخ خالد بن تونس كتابه "الإسلام والغرب، رافعوا عن العيش معاً".

    كتب هذا الكتاب على عجل، فأوضح في كلمته "عندما أعيد قراءته، أجد أني نسيت العديد من الأشياء. لأول مرة، يقع عندنا اتفاق بين المجتمع المدني والدولة، وتتمكن رسالة، من أن تُحمل من قبل الجميع، على مستوى الأمم المتحدة، ويتقبلها مجموع الدول المشكلة للأمم المتحدة، وهذا شرف كبير لنا، وأيضا مسؤولية كبيرة". وذكّر الشيخ بالسنوات العصيبة التي عاشتها الجزائر، المعروفة بالعشرية السوداء، وفترات الشك والحيرة، التي طالت جميع البيوت، وأثقلت كاهل الأمة الجزائرية، أنها درس وتنبيه قوي، من أجل اختيار العيش معا. وشدد في نهاية اللقاء، على إعادة النظر في التاريخ الإسلامي، جراء سؤال طرحه أحد الشباب، عن القداسة، التي تبجل تاريخ الفتوحات، المروي بمنظور واحد، يوصف أحيانا بالدموي، تم بسط نفوذه بحد السيف، فأكد الشيخ أنها مغالطات، وأن الحقوق التي جاء بها، هي التي جلبت إليه الناس، "فقوله صلى الله عليه وسلم، لا أفضلية لعربي على أعجمي، فهذه خدمت. وقوله الناس كأسنان المشط، هذه خدمت". "والحرية التي جاء بها وتحرير الإنسان من عبادة الإنسان وتقديس الإسنان"، وأضاف "قدسناه ومجدنا، حتى تم الإيقاع بنا، ولم نستطع البحث، وكل من يحاول التنقيب فيه، تلقى عليه التهم، وتحوم حوله الشكوك، فقد حان الوقت، لجميع المسلمين والمسلمات، أن يحققوا في تاريخهم، ويقدموه بأسلوب جديد، والله أعلم".

    فيما يلي، بعض المقالات، رصد أصحابها، أحاديث الشيخ خالد بن تونس، في بجاية والعاصمة، عند تقديمه كتابه "الإسلام والغرب، رافعوا عن العيش معا".
(2).
ـــــــــــــــــــــــــــ
الشيخ خالد بن تونس في سيلا : إن تاريخ
 الفتوحات في الإسلام بحاجة إلى مراجعة

أسماء برسالي. جريدة El watan، في 05 11 2018
    تم العرض، في اجتماع ونقاش، حول قضية السلام، عقد هذا الجمعة، في قاعة الجزائر، بقصر المعارض بالصنوبر البحري، بمناسبة الطبعة 23 للصالون الدولي للكتاب بالجزائر العاصمة (سيلا 2018).

    أصرّ المرشد الروحي للطريقة الصوفية العلاوية، على الحاجة إلى مراجعة تاريخ الفتوحات في الإسلام، المبجل، الذي ينشر العنف. قال "إن القول بأن هذا الدين، الذي أصل تسميته هو السلام، قد انتشر بحد السيف، هو انتهاك كبير لتاريخ هذا الدين".

    وقال الشيخ خالد بن تونس"من غير المعقول، أن الفتوحات الإسلامية كانت حروب دموية. لم يطأ الإسلام كل هذه الأراضي، سوى لأنه أعطى حقوقًا للشعوب المظلومة، بمفهوم المساواة، وتحرير الإنسان من عبادة الإنسان، إلى عبادة الله عز وجل. شئنا أم أبينا، يجب أن نراجع قراءتنا للتاريخ الإسلامي"؛ قبل أن يعود إلى أمر الله، الذي يردده الأئمة كل جمعة "إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربة وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تتذكرون". سورة النحل، الآية 90. فهو يدعو إلى العدل والإحسان. بالنسبة إليه، يتواجد عمل حقيقي، يمارس على الذات، بدئا باجتناب أخذ حقوق الغير، وتبني مبدأ التضحية، للحفاظ على وحدة القلوب.
    إن هذا القانون الأساسي للإيمان، هو علاج للنفس البشرية. حسب المرشد الصوفي، فإن الدين، ببوانيه التي تنشرح لها البشرية، قد حُرف وحُول، إلى كتالوج من الوصفات، وحتى دليل إرشادي. وعاد أيضا إلى القضايا الأساسية، المتعلقة بمفاهيم السلام والحرب في العالم.

    وأكد المتحدث، الباعث لليوم الدولي للعيش معا في سلام، "إذا كنا نعلم أنه وفقًا للإحصاءات العالمية، فقد أُنفقت أكثر من 14 بليار دولار في العنف، في جميع أنحاء العالم، في عام 2015، فكم يكلف السلام؟ لدى الحرب مؤسسات الدولة، وميزانيتها ومدارسها التدريبية، ولكن ليس السلام. على الرغم من أنه يعتبر ازدهار للأمم، إلا أنه يظل الحلقة الضعيفة للدول".

    على عكس الأفكار الظلامية المتلقاة، فإن أصل تسمية الإسلام هي السلام. والأمر سيان، بالنسبة لخلاص المسلمين، الذي ليس هو، سوى رسالة سلام. إن المشكلة، حسب قوله، هي ثقافة الأنانية، التي تحوم حول "الأنا" وليس "النحن".

    ومن ثم، فإن انتقال أو تحول الإنسان، هو أمر ضروري، حجر زاويته، احترام وحتى تقديس الحياة، بتنوعها، بغض النظر عن القائم بها، كان إنسانا أو نباتا أوغير ذلك. يرى الشيخ خالد بن تونس، أن السلام ليس له دين، في حين أنه هو الجذر اللغوي للإسلام. لا يوجد مستقبل، ما لم يصبح الدينيون واللادينيون، المؤمنون وغير المؤمنين، شهودًا وحاملي السلام.
    إن النهج الذي يتعين اتباعه اليوم، حسب ملاحظاته، هو العمل على الضمائر، وإيجاد وسائل لتربيتها، وإخراجها من نظام الإنعزال والإنغلاق الأيديولوجي، وتفتح لها أبواب الشمولية. يستعرض كتاب الشيخ خالد بن تونس، كل هذه الجوانب، وبؤر النزاع، بما في ذلك مكانة المرأة، والتيارات الوهابية والسلفية، والقرآن الكريم، والتسامح، والتعليم، والإيمان. تم تنظيم بيع، مع توقيع الكتاب، في نهاية هذا المؤتمر، في جناح دار القصبة للنشر، ناشرة الكتاب.
ـــــــــــــــــــــ
    وكتب موسى أويوقوت، بجريدة Liberte، بعد رصده لمحاورة الشيخ خالد بن تونس، بتاريخ 25 10 2018.
    تسمح هذه المرافعة عن العيش معا، ببناء العالم، مع بعضنا البعض، وليس ضد بعضنا البعض. ورافع المرشد الروحي "يجب أن يكون العيش معا خيارا. ويجب علينا تثقيف أطفالنا على هذا المفهوم". لكن ينبغي الحصول على بيداغوجية لثقافة السلام.

    وفي جملة أمور، دعا المتحدث مستمعيه للتأمل معه: هل يسمح الإسلام للناس بالعيش في سلام؟ أو ربما نحتاج إلى العودة إلى الأساسيات لهذا الدين. أو ربما قد انحرفنا؟

    هي أسئلة يطرحها، ليدفع الجميع إلى أن يفكروا معه. وذكّر بأن الرسالة المحمَدية ترتكز، حسب رأيه، على التوحيد. وعلاوة على ذلك، أشار شيخ الطريقة العلاوية، إلى أن الرسالة الدينية والروحية الأولى، تستند على الإيمان بوحدانية الله، التي تربط بشكل وثيق، الإنسان بربه.

    إنه يدعو إلى السلام والتسامح، وينقل أنسية، ذات ثراء استثنائي، لا يعلم العديد من معاصرينا بوجودها.
    تترك الرؤية القرآنية الإنسان حر في اختيار معتقده، دونما إكراه أو إرغام. وذكر الآية الكريمة "لا إكراه في الدين". سورة البقرة، الآية 256. 
    ولتجنيب بلدنا الفتنة، ذكّر الشيخ خالد بن تونس بشدة، بأن الجزائر كانت أول مختبر، شهد هذا العنف. "بحمد الله ومنته، استطعنا أن نخرج من هذه الأزمة، وأن نتواجد هنا، ونتحدث أمامكم، دون أن يقطع رأسي. والحمد الله، لأننا لا نتعرض لمثل ما تتعرض له بلدان، مثل العراق وسوريا وليبيا، وغيرها. ودعا في الأخير، إلى فتح النقاش، في احترام وهدوء وتضمين الذكاء.  
ـــــــــــــــــــــــــــ

    وجاء في نشرية، وكالة الأنباء الجزائرية، بتاريخ 03 11 2018.


    بن تونس: المواطنة وقبول الآخر أساس العيش المشترك


    أكد شيخ الطريقة العلاوية خالد بن تونس، أمس الجمعة بالجزائر العاصمة، أن تحقيق العيش المشترك في العالم، يبدأ بتربية الأطفال، على ثقافة المواطنة والتعددية وقبول الآخر

    وقال الشيخ بن تونس - وهو أيضا رئيس الجمعية الدولية الصوفية العلاوية - في محاضرة، في إطار فعاليات صالون الجزائر الدولي الـ 23 للكتاب (سيلا)، أن التربية على ثقافة السلام والعيش معا، أصبحت "ضرورة ملحة"، خصوصا وأن "العالم الذي نعيش فيه، صار قرية صغيرة وكثيرة التصادم."

وثمّن المتحدث المبادرة الجزائرية المتعلقة بإقرار الأمم المتحدة الاحتفال السنوي بـ "اليوم الدولي للعيش معا في سلام"، معتبرا أن "العالم بأسره وبالإجماع، أقر هذه الفكرة التي جمعت الإنسانية"، ومضيفا أنها "شرف" للجزائر و"مسؤولية" في نفس الوقت

    وكانت الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة، قد أقرت تاريخ 16 مايو من كل عام، للاحتفال باليوم الدولي للعيش معا في سلام، الذي بادرت به "الجمعية الدولية الصوفية العلاوية" في ديسمبر 2017، وبرعاية من الدولة الجزائرية، وهذا بهدف نشر قيم السلام والتسامح في العالم أجمع.

    وذكر المتحدث ببعض الدول التي بدأت العمل بهذا المشروع، على غرار أثيوبيا التي استحدثت الشهر الماضي "وزارة خاصة بالسلام"، وكذا رواندا التي اعتبرت المشروع بمثابة "آلة سياسية لدعم سياسة المصالحة الوطنية فيها"، بالإضافة إلى كندا التي "اعتمدت هذا المفهوم في دبلوماسيتها"، حسب خالد بن تونس

    وتأسف المتحدث من جهة أخرى، لحال الدول العربية التي تعيش اليوم في ظل الفتن والحروب، بسبب "الصراع على السلطة" -كما قال- معتبرا أن "نشر ثقافة العيش المشترك والمواطنة والتعددية بإمكانها إرجاع الأمور لمجراها".
    وقدم الشيخ بن تونس، في إطار محاضرته آخر إصداراته "الإسلام والغرب: دعوة للعيش معا"، الصادر بالجزائر العاصمة عن دار "القصبة"، والذي قال أنه يعالج موضوع "العيش معا في سلام"، باعتباره "أساس بناء المجتمعات المعاصرة".
ك ب. وأج، في 03 11 2018.
ــــــــــــــــــــــ
(1). جريدة El MODJAHID، في 04 11 2018.
(2). كتاب الشيخ خالد بن تونس "الإسلام والغرب، رافعوا من أجل العيش معا". عودوا إلى الموضوع التالي،  الإسلام والغرب دعوة للعيش معا، فقد تم تم تزويده بموضوعين آخرين، وحسب الأخبار، فإن الترجمة العربية للكتاب، في طور متقدم من الإعداد، وتنشر مدونتنا، ما تم إعداده من قبل، خدمة للمطلوب.




الأحد، 11 نوفمبر 2018

الشيخ خالد بن تونس في ضيافة الإذاعة الثالثة

الشيخ خالد بن تونس
 في ضيافة الإذاعة الثالثة



    نزل الشيخ خالد بن تونس يوم الإثنين 22 أكتوبر 2018، ضيفا على قناة الإذاعة الجزائرية الثالثة، الناطقة بالفرنسية، وأجري معه حوار، حول بعض القضايا الحالية، ونوقشت مواضيع تحملها رسالته الدعوية، فأجاد الشيخ وأفاد في حواره، وبيّن الكثير من الأمور، وفصّل فيها.

    ولخصت الإذاعة الجزائرية، في صفحتها، هذا اللقاء، بعنوان "بن تونس للإذاعة، خيـار العيـش معـا في سـلام ضـرورة ملـحـة لمصلحـة الجميـع وأردفت "أكد الشيخ خالد بن تونس، شيخ الطريقة العلاوية، ورئيس الجمعية الدولية الصوفية العلاوية، أن خيار العيش معا في سلام، بعيدا عن الصراعات  الدائمة، هو الأنسب والأحسن للجميع. وصرح شيخ الطريقة العلاوية، على أمواج القناة الاذاعية الثالثة، ضمن برنامج ضيف التحرير هذا الاثنين، أن العيش معا في سلام، أضحى اليوم  ضرورة ملحة، لا يمكننا تجاوزها، ما دمنا نعيش على نفس الكوكب".(1)

    في سياق حديثه، أكد الشيخ خالد بن تونس، أن العيش معا ضرورة، لا نستطيع الإنفلات منها. ونبّه أننا نعيش في سلام، بدون أن نشعر بذلك، مما دفع بالمذيعة، أن تستفسر عن هذا الشعور، فرد الشيخ، أن النزاعات الكائنة، نزاعات مصالح، وإذا سألنا كل سكان الأرض، فكلهم يتمنون السلام، والجميع يبحث عن السلام... وإذا قمنا بسبر للأراء على مستوى العالم، سنرى أن الأكثرية تتمنى السلام، على التي تتمنى الحرب، فالحرب هي دائما شيئ موظف، تفيد جماعة، وتخدم مصالح، فأما السلام، فهو في خدمة الجميع. وسألته عن قوله، عندما يتحول الدين إلى إيديولوجية، فهي بداية النهاية، كيف يكون هذا بالضبط؟ فأجاب، إنها بداية نهاية مفهوم عمودية الدين، هذا السمو. إننا نقوم بتوجيه الدين نحو الأفقية.

يعني أن هذا الجانب المقدس، يدفع الإنسان على الدوام، إلى رفع التحدي، اتجاه شهواته، ومعالجة نفسه، فالدين علاج للنفس، وشيئ يساعدنا في معرفة نفسنا. ولكن عندما يُرجع إلى إيديولوجية، ونخفّضه، ومن يمارسه بهذا الشكل، كمنهج سياسي، سيفرض على الآخرين بالإكراه، التفكير بتفكيره. تدخلت المذيعة، وقالت، في هذا الأمر، ينبغي الفصل بين الدين والسياسة، وهل هذا ضروري؟ فرد الشيخ، إذا كانت السياسة هي إدارة مدينة الناس، فالدين لمدينة باطنيتنا. فبه تدار الضمائر وتستحسن الأفعال. وأضاف، فالدين لكونه رسالة روحية، جاء يعالج الشر الذي ينخر الإنسان.

    ساق الشيخ خالد بن تونس، مثال الصحابة رضوان الله عليهم، الأوائل، المفضلين في غزوة بدر، فما الذي كان يميزهم، والإسلام في بدايته، والقرآن غير مجموع، والحديث غير منظم، وقال، تحول إيمانهم ورسوخهم في توحيد الألوهية، إلى مبدأ توحيد المجتمع الإنساني، كانوا يتواجدون فيما يشبه الدائرة. وأرجع الإنقسام الذي يرى في الدول الإسلامية والمسلمين، قائلا، إما يكون إنقساما فرضته المصالح السياسية والسلطوية، وإما هو التنوع، والإسلام واسع الإنتشار، وما نراه تنوع الأراء، ويعتبر ثراءا. وأضاف، إن أرض الإسلام، هي أيضا أرض البترول والغاز، وتتواجد بها مواد أولية مطلوبة، إذن هو تحدي إستراتيجي وجيوسياسي، ومنطقة البحر الأبيض المتوسط طريق النفط والتجارة، وحتما هي إستراتيجية، وحتما بها مصالح، ونراه من خلال سوريا، فانظروا عدد الدول والقوى الكبرى، المقحمة في قضية سوريا.

    وأصرّ الشيخ، قائلا، علينا اليوم أن نستثمر، في هذا العيش معا في سلام، واختيارنا السلام، واختيارنا هو تربية السلام، واختيارنا هو العيش في مجتمع، يسوده العدل والتضامن والمحبة، لأننا نفتقد لمحبة بعضنا البعض.
    في خضم محاورتها، عرجت المذيعة على السؤال، الذي مافتئ يطرح، على الشيخ خالد بن تونس، إنك تقول أن الحجاب ليس فرضا دينيا، فرد، إن اليوم جامعة كبيرة، كالأزهر تقره. إنها ببساطة الحقيقة التاريخية. إن الحجاب أمر ثانوي. هل ينبغي أن نتكلم عن الأمور الأساسية أو الثانوية؟ ثم أردفت المذيعة، تتواجد اليوم، تيارات إسلامية تقتل باسم الدين، فرد الشيخ بشدة، أرفض أن يزج بالإسلام في هذا الأمر، فهذه التيارات تقتل باسم إيديولوجية. وللأمور الدينية قداستها لدى الناس، وإذا تكلمنا معهم عن البعد الديني، فهم مستعدين لوهب أنفسهم، وبهذا نكون قد مهدنا للإسلاموية. ثم أضاف، ما يثيرني هو أنه ما تزال تتواجد نساء تطرح هذا السؤال، هيا، تعرّفنا بأنفسكن، لماذا تنتظرن حتى أعطيكن أنا الإجابة. ابحثن بأنفسكن، وستجدن أن الحجاب ليس فرضا. لماذا تسمحن بأن يتم قيادتكن؟ ابحثن بأنفسكن، ولماذا تردن أن الرجل، هو الذي يملي عليكن دينكن؟ لتذهب المرأة، وتذهب بنفسها، وتبحث في التاريخ والفقه والدين، وترى النصيب الذي منحه لها الإسلام.

     أما عن مسألة النقاب، الذي أثار مؤخرا جدلا في الجزائر، بعد تعليمة الوزير الأول، بمنعه في المؤسسات والإدارات العمومية، وطلب المذيعة، رأي الشيخ فيه، قال، رأيت نساءا في الجزيرة العربية، تضعن نُقبا، شيئ جميل ورائع، تضعنه في مناسبات، كالأعراس واللقاءات، ولو توجهتم إلى عمان، ستجدون نساءا تاجرات، من الدرجة الأولى، في السوق يضعن النقاب. إنه تقليد وعادة بلد. لماذا نريد فرض تقليد بلد، ونجعله إسلامي؟ إنه تقليد جنوب شبه الجزيرة العربية. لم يتواجد النقاب، لا في الجزائر ولا المغرب، أي الشمال الأفريقي، ولا في أسيا. إن أكبر بلد إسلامي، هو أندونيسيا، ليس عربيا، اذهبوا وانظروا، هل تضع الأندونسيات النقاب أم لا، وهم مسلمين منذ 14 قرنا. انظروا إلى الصين، إنه البلد الوحيد في العالم، الذي حافظ على سنة الإمامة، وهو البلد الوحيد، الذي لديه نساء إمامات منذ قرون. من أين أتى بهذا؟ كان بعيدا عن الدول العربية، فحافظ على هذه السنة، وكان أول من عيّن إمرأة في الإمامة، هو الرسول عليه الصلاة والسلام.

    فما كان إلا أن زجت المذيعة، قضية تعديل نسب الميراث بين الذكر والأنثى في تونس، المعتمدة في الآونة الأخيرة، في النقاش، فعرج الشيخ خالد بن تونس، إلى التنبيه، عندما توقف الإجتهاد، انهار العالم الإسلامي. وأشار، من يدعي أن المجتهدين كفار، فهو يريد أن لا تتقدم الأمور. إن الإسلام هو دين الإنفتاح، ويتأقلم مع كل العصور. دين الفلسفة والطب والرياضيات، فاليوم يتقاسم العالم الإسلامي الأرقام العربية مع العالم بأسره، وهي اللغة العالمية الأولى، وهذه الأرقام هي الأرقام العربية، وانطلقت من عندنا، من بجاية، ونقلت إلى إيطاليا وإسبانيا وصقلية، وأصبحت اليوم اللغة الأولى في العالم، للرياضيات، وجميع تكنولوجيات اليوم، ويدعى بعلم الغُبار، علم الجزيئات. الإسلام دين العلم والمعرفة والمقاسمة.

    وختمت المذيعة، بسؤال، إن الإسلام يدعو إلى التسامح، فكيف نعود إلى مبادئ الإسلام هذه؟ فأجاب إن الإسلام هو السلام، وهو إسم من أسماء الله الحسنى، فإسلام بدون سلام، هو إسلام بدون روح، جسد بلا روح. إن إسم هذا الدين يحمل بذرة السلام. عند اللقاء، أول ما يصدر من المسلم هو إلقاء السلام. قال رسول الله عليه الصلاة والسلام "المسلم من سلم الناس من لسانه ويده". الإسلام منتج للسلام، وهو سفير السلام، وعلاوة على ذلك، فما هو الإسم الذي يطلق على الأمة الإسلامية، قال تعالى "وجعلناكم أمة وسطا". سورة البقرة، الآية 143. أي أمة الوساطة، وأصحاب الصلح ولمّ الشمل، وإرساء المصالحة بين الناس، والقرآن هو الذي يتكلم عن هذه الأمة. أين هي أمة المصالحة هذه؟ إذ أننا نتصارع طوال اليوم، ونحن اليوم أكثر مادية، من كوننا روحيين. إن الإله الذي يعبد اليوم، ليس الله عز وجل، إنما هو الإله دولار.
ـــــــــــــــــــــ
(1). صفحة الإذاعة الجزائرية، في 22 10 2018.