الأحد، 11 نوفمبر 2018

الشيخ خالد بن تونس في ضيافة الإذاعة الثالثة

الشيخ خالد بن تونس
 في ضيافة الإذاعة الثالثة



    نزل الشيخ خالد بن تونس يوم الإثنين 22 أكتوبر 2018، ضيفا على قناة الإذاعة الجزائرية الثالثة، الناطقة بالفرنسية، وأجري معه حوار، حول بعض القضايا الحالية، ونوقشت مواضيع تحملها رسالته الدعوية، فأجاد الشيخ وأفاد في حواره، وبيّن الكثير من الأمور، وفصّل فيها.

    ولخصت الإذاعة الجزائرية، في صفحتها، هذا اللقاء، بعنوان "بن تونس للإذاعة، خيـار العيـش معـا في سـلام ضـرورة ملـحـة لمصلحـة الجميـع وأردفت "أكد الشيخ خالد بن تونس، شيخ الطريقة العلاوية، ورئيس الجمعية الدولية الصوفية العلاوية، أن خيار العيش معا في سلام، بعيدا عن الصراعات  الدائمة، هو الأنسب والأحسن للجميع. وصرح شيخ الطريقة العلاوية، على أمواج القناة الاذاعية الثالثة، ضمن برنامج ضيف التحرير هذا الاثنين، أن العيش معا في سلام، أضحى اليوم  ضرورة ملحة، لا يمكننا تجاوزها، ما دمنا نعيش على نفس الكوكب".(1)

    في سياق حديثه، أكد الشيخ خالد بن تونس، أن العيش معا ضرورة، لا نستطيع الإنفلات منها. ونبّه أننا نعيش في سلام، بدون أن نشعر بذلك، مما دفع بالمذيعة، أن تستفسر عن هذا الشعور، فرد الشيخ، أن النزاعات الكائنة، نزاعات مصالح، وإذا سألنا كل سكان الأرض، فكلهم يتمنون السلام، والجميع يبحث عن السلام... وإذا قمنا بسبر للأراء على مستوى العالم، سنرى أن الأكثرية تتمنى السلام، على التي تتمنى الحرب، فالحرب هي دائما شيئ موظف، تفيد جماعة، وتخدم مصالح، فأما السلام، فهو في خدمة الجميع. وسألته عن قوله، عندما يتحول الدين إلى إيديولوجية، فهي بداية النهاية، كيف يكون هذا بالضبط؟ فأجاب، إنها بداية نهاية مفهوم عمودية الدين، هذا السمو. إننا نقوم بتوجيه الدين نحو الأفقية.

يعني أن هذا الجانب المقدس، يدفع الإنسان على الدوام، إلى رفع التحدي، اتجاه شهواته، ومعالجة نفسه، فالدين علاج للنفس، وشيئ يساعدنا في معرفة نفسنا. ولكن عندما يُرجع إلى إيديولوجية، ونخفّضه، ومن يمارسه بهذا الشكل، كمنهج سياسي، سيفرض على الآخرين بالإكراه، التفكير بتفكيره. تدخلت المذيعة، وقالت، في هذا الأمر، ينبغي الفصل بين الدين والسياسة، وهل هذا ضروري؟ فرد الشيخ، إذا كانت السياسة هي إدارة مدينة الناس، فالدين لمدينة باطنيتنا. فبه تدار الضمائر وتستحسن الأفعال. وأضاف، فالدين لكونه رسالة روحية، جاء يعالج الشر الذي ينخر الإنسان.

    ساق الشيخ خالد بن تونس، مثال الصحابة رضوان الله عليهم، الأوائل، المفضلين في غزوة بدر، فما الذي كان يميزهم، والإسلام في بدايته، والقرآن غير مجموع، والحديث غير منظم، وقال، تحول إيمانهم ورسوخهم في توحيد الألوهية، إلى مبدأ توحيد المجتمع الإنساني، كانوا يتواجدون فيما يشبه الدائرة. وأرجع الإنقسام الذي يرى في الدول الإسلامية والمسلمين، قائلا، إما يكون إنقساما فرضته المصالح السياسية والسلطوية، وإما هو التنوع، والإسلام واسع الإنتشار، وما نراه تنوع الأراء، ويعتبر ثراءا. وأضاف، إن أرض الإسلام، هي أيضا أرض البترول والغاز، وتتواجد بها مواد أولية مطلوبة، إذن هو تحدي إستراتيجي وجيوسياسي، ومنطقة البحر الأبيض المتوسط طريق النفط والتجارة، وحتما هي إستراتيجية، وحتما بها مصالح، ونراه من خلال سوريا، فانظروا عدد الدول والقوى الكبرى، المقحمة في قضية سوريا.

    وأصرّ الشيخ، قائلا، علينا اليوم أن نستثمر، في هذا العيش معا في سلام، واختيارنا السلام، واختيارنا هو تربية السلام، واختيارنا هو العيش في مجتمع، يسوده العدل والتضامن والمحبة، لأننا نفتقد لمحبة بعضنا البعض.
    في خضم محاورتها، عرجت المذيعة على السؤال، الذي مافتئ يطرح، على الشيخ خالد بن تونس، إنك تقول أن الحجاب ليس فرضا دينيا، فرد، إن اليوم جامعة كبيرة، كالأزهر تقره. إنها ببساطة الحقيقة التاريخية. إن الحجاب أمر ثانوي. هل ينبغي أن نتكلم عن الأمور الأساسية أو الثانوية؟ ثم أردفت المذيعة، تتواجد اليوم، تيارات إسلامية تقتل باسم الدين، فرد الشيخ بشدة، أرفض أن يزج بالإسلام في هذا الأمر، فهذه التيارات تقتل باسم إيديولوجية. وللأمور الدينية قداستها لدى الناس، وإذا تكلمنا معهم عن البعد الديني، فهم مستعدين لوهب أنفسهم، وبهذا نكون قد مهدنا للإسلاموية. ثم أضاف، ما يثيرني هو أنه ما تزال تتواجد نساء تطرح هذا السؤال، هيا، تعرّفنا بأنفسكن، لماذا تنتظرن حتى أعطيكن أنا الإجابة. ابحثن بأنفسكن، وستجدن أن الحجاب ليس فرضا. لماذا تسمحن بأن يتم قيادتكن؟ ابحثن بأنفسكن، ولماذا تردن أن الرجل، هو الذي يملي عليكن دينكن؟ لتذهب المرأة، وتذهب بنفسها، وتبحث في التاريخ والفقه والدين، وترى النصيب الذي منحه لها الإسلام.

     أما عن مسألة النقاب، الذي أثار مؤخرا جدلا في الجزائر، بعد تعليمة الوزير الأول، بمنعه في المؤسسات والإدارات العمومية، وطلب المذيعة، رأي الشيخ فيه، قال، رأيت نساءا في الجزيرة العربية، تضعن نُقبا، شيئ جميل ورائع، تضعنه في مناسبات، كالأعراس واللقاءات، ولو توجهتم إلى عمان، ستجدون نساءا تاجرات، من الدرجة الأولى، في السوق يضعن النقاب. إنه تقليد وعادة بلد. لماذا نريد فرض تقليد بلد، ونجعله إسلامي؟ إنه تقليد جنوب شبه الجزيرة العربية. لم يتواجد النقاب، لا في الجزائر ولا المغرب، أي الشمال الأفريقي، ولا في أسيا. إن أكبر بلد إسلامي، هو أندونيسيا، ليس عربيا، اذهبوا وانظروا، هل تضع الأندونسيات النقاب أم لا، وهم مسلمين منذ 14 قرنا. انظروا إلى الصين، إنه البلد الوحيد في العالم، الذي حافظ على سنة الإمامة، وهو البلد الوحيد، الذي لديه نساء إمامات منذ قرون. من أين أتى بهذا؟ كان بعيدا عن الدول العربية، فحافظ على هذه السنة، وكان أول من عيّن إمرأة في الإمامة، هو الرسول عليه الصلاة والسلام.

    فما كان إلا أن زجت المذيعة، قضية تعديل نسب الميراث بين الذكر والأنثى في تونس، المعتمدة في الآونة الأخيرة، في النقاش، فعرج الشيخ خالد بن تونس، إلى التنبيه، عندما توقف الإجتهاد، انهار العالم الإسلامي. وأشار، من يدعي أن المجتهدين كفار، فهو يريد أن لا تتقدم الأمور. إن الإسلام هو دين الإنفتاح، ويتأقلم مع كل العصور. دين الفلسفة والطب والرياضيات، فاليوم يتقاسم العالم الإسلامي الأرقام العربية مع العالم بأسره، وهي اللغة العالمية الأولى، وهذه الأرقام هي الأرقام العربية، وانطلقت من عندنا، من بجاية، ونقلت إلى إيطاليا وإسبانيا وصقلية، وأصبحت اليوم اللغة الأولى في العالم، للرياضيات، وجميع تكنولوجيات اليوم، ويدعى بعلم الغُبار، علم الجزيئات. الإسلام دين العلم والمعرفة والمقاسمة.

    وختمت المذيعة، بسؤال، إن الإسلام يدعو إلى التسامح، فكيف نعود إلى مبادئ الإسلام هذه؟ فأجاب إن الإسلام هو السلام، وهو إسم من أسماء الله الحسنى، فإسلام بدون سلام، هو إسلام بدون روح، جسد بلا روح. إن إسم هذا الدين يحمل بذرة السلام. عند اللقاء، أول ما يصدر من المسلم هو إلقاء السلام. قال رسول الله عليه الصلاة والسلام "المسلم من سلم الناس من لسانه ويده". الإسلام منتج للسلام، وهو سفير السلام، وعلاوة على ذلك، فما هو الإسم الذي يطلق على الأمة الإسلامية، قال تعالى "وجعلناكم أمة وسطا". سورة البقرة، الآية 143. أي أمة الوساطة، وأصحاب الصلح ولمّ الشمل، وإرساء المصالحة بين الناس، والقرآن هو الذي يتكلم عن هذه الأمة. أين هي أمة المصالحة هذه؟ إذ أننا نتصارع طوال اليوم، ونحن اليوم أكثر مادية، من كوننا روحيين. إن الإله الذي يعبد اليوم، ليس الله عز وجل، إنما هو الإله دولار.
ـــــــــــــــــــــ
(1). صفحة الإذاعة الجزائرية، في 22 10 2018.





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق