الخميس، 3 يناير 2019

الشباب والعيش معا

الشباب والعيش معا


    جرت بين يومي 26 و 31 ديسمبر 2018، فعاليات ملتقى ومؤتمر دولي بمرسية بإسبانيا، عنون بـ "الأندلس أرض العيش معا، بين الخيال والحقيقة". استفاد الشباب بحصة الأسد من نشاطات الملتقى، الذي حضره بقوة، من أوروبا وشمال أفريقيا وكندا، لتخصيب الفكر والقريحة، واكتساب أدوات عملية، لتنشيط معامل العيش معا، وبث مفاعلات السلام بين الخليقة. وتلقى شبابنا تكوينا مفيدا، أطّره أساتذة متمرسين ومربين ذوي خبرة في الميدان، في الفترة الممتدة بين 26 و 30 ديسمبر 2018. في ختام الدورة انعقدت ندوة دولية، يومي 30 و 31 ديسمبر بفندق لاس قافيوتاس بمرسية، حضرته جموع من مختلف بقاع العالم، وعلى الخصوص، أعضاء جمعية عيسى الدولية، المنتشرة فروعها في دول عديدة.


    جاءت في تغريدة الشيخ خالد بن تونس، في صفحته الرسمية بالفايسبوك "بمناسبة الذكرى 800 لميلاد الشيخ الصوفي الكبير أبو العباس المرسي (1219 -1287)، بمدينة مرسية (إسبانيا)، تنظم الجمعية الدولية الصوفية العلاوية، عيسى الدولية، مؤتمرها الثالث، المكرس للعيش معا، تحت شعار 'الأندلس، أرض العيش معا، بين الخيال والحقيقة".(1)  

التعايش الأندلسي
    قال الشيخ خالد بن تونس في محاضرة "أنوار الأندلس"، في لوزان السويسرية "... أنتجت حضارة الأندلس كائنات استثنائية. لدى شبابنا انطباع، أن الأندلس كانت لسبعة قرون، مسرحا لحروب ومجازر ومعارك، لا تنتهي، ونحكي لهم قليلا، عن ذلك التناضح، وذلك التناغم..."(2)

ويضيف "من خلال هذا النور الساطع من الأندلس، الذي يصفه البعض بالأسطورة، كيف يمكننا إيضاح ذلك، والخروج من المأزق، في هذا القرن الواحد والعشرين؟ مأزرق يعلق فيه عالم، يبحث اليوم عن مستقبله. هل سنتوجه إلى عالم، نبحث فيه عن تآزر؟ وهل فهمنا أن الحقيقة ليست حصرية على أحد، وأن كلٍ يملك جزءا، ولا أحد يملك كل شيئ؟ هل لدينا الشجاعة اليوم لتجميع الأطراف، سواء أكانت، تلك الديانات التوحيدية أو الهندوسية أو البوذية أو أيا كان، للرجوع إلى مفهوم الإنساني هذا؟ رغم ذلك، فهذا التعايش، وهذا العيش معا، كان موجودا حقا، وليس خرافة. فكيف يمكن إعادة إحياءه في عصرنا؟"(2)

نشرة "الأندلس أرض العيش معا، بين الخيال والحقيقة".


     وجاء في نشرية التنظيم "إن هذا المؤتمر السنوي، الذي ينظم تحت رعاية الشيخ خالد بن تونس، هو فرصة لإعادة النظر في تاريخ العيش معا في أرض الأندلس، في العصور الوسطى، الذي ليزال شبه مغمور لدى الشباب. وسيسمح من تتبع التاريخ، ومعرفة حياة أطفال مشهورين من أرض الأندلس، وكذا فتح نقاش حول الممارسات البيدينية، وما بين الثقافات، التي سادت في ذلك العصر. بعيدا عن التعبير المجرد، المفرط فيه، في أيامنا هذه، ضل العيش معا، بين مختلف المجتمعات الثقافية والعقدية، حقيقة ملموسة، غنية بالتعاليم، لقرون عديدة.

    يبقى نقل هذا التراث التاريخي إلى الأجيال الشابة على الخصوص، ضرورة لا غنى عنها، في حقبة تهيمن عليها الخطابات الأيديولوجية من جميع الجوانب، تحرض على العنف، ورفض الآخر. وسيسمح لهم بإذكاء الروح، والترتيبات العملية للعيش معا الأندلسي، والإستلهام من هذه المعايير التاريخية، واستخلاص حلول تعني المواطنة، للمضي قدما، وبناء عالم أفضل"(3).

الملتقى الشباني
     يولي هذا المؤتمر، أهمية خاصة بالشباب، الذين تتراوح أعمارهم بين 14 و 21 سنة، ويعقد ملتقاهم بمرسية. في ظل التغيير المتسارع الذي يعرفه العالم، وكذا أزمات الهوية ومعضلة الهجرة، التي يمكن أن تغذي وتفاقم الخصومات والمخاوف، سيعمل الشباب في جو ملؤه الأمل الأخوي المتقاسم، يقوي عزائمهم، من أجل استتاب المصالحة بين العائلة الإنسانية، وتعزيز العيش معا في سلام.

    "في البرنامج، تم إدراج نشاطات مختلفة ذات طابع تربوي، اقترحت على شكل ورش تفاعلية، وعروض ومناقشات، وأنشطة ثقافية وفنية. وقع الإختيار على ورشتين. ستراجع ورشة "الأندلس، أو الإسلام الأوروبي"، تاريخ الأندلس، الذي أصبح تحت الحكم العربي الإسلامي، مكانا رفيعا للثقافة، والمعرفة والمعايشة السلمية، في حضن أوروبا القرون الوسطى. وتسلط الضوء على مبادئ وقيم هذا العصر الذهبي، ذو التعددية الثقافية، والتسامح الديني، الذي سمح لليهود والمسيحيين والمسلمين، أن يعيشوا في وئام جيد. ويشجع الشباب على اكتساب، أو حتى المشاركة في دراسة هذا الإرث الأندلسي، للنظر في عيش معا وتشييده، يكون متواءم مع أرض الواقع، وتتعايش فيه مجتمعات متنوعة، دينية ولا دينية".(3)

    "وتساعد ورشة العمل "الإعلام والإتصالات ورسالة العيش معا"، على فهم العالم الحديث، ووسائل الإعلام والتقنيات الكائنة، حتى نحسن التبليغ، في تعزيز العيش معا في سلام. وتشجع على التخلي عن الدور السلبي، لمستهلك المعلومة، لصالح دور المواطن الاستباقي والمسؤول، ودعوته ليكون حذر ويقظ، اتجاه المعلومات الواردة، ويستبين بين التي تحتَرم متطلبات الأخلاق، وبين الأخبار الزائفة، ونظرية المؤامرة".(3)

   "في نهاية هذه الأيام الثلاثة، بدأ المتكونون الشباب، يتلاءمون مع هذا التراث الأندلسي، ويفكرون في بناء عيشٍ معًا، يتكيف مع واقعهم على أرض الواقع. إن تقنيات التواصل التي قدمت إليهم، ستمكنهم من تعزيز العيش معا في سلام، على أساس مساهمات التصوف"(4). وذلك قبل أن يختم الملتقى في يومه الرابع، وتقديم الشباب لمختلف تقارير الورشات، التي أقاموها بتجمعاتهم وانتهاههم والجهذ المبذول، تحت تأطير أساتذة مختصين.

    أُخذ الشباب المشارك في الملتقى، في رحلة استكشافية لبعض معالم تلك الحضارة المرموقة، فتمكن يوم 29 ديسمبر من زيارة مدينة غرناطة، والتعرف على قصر الحمراء، وشهود تلك المعلمة الخالدة.كما تخلل المؤتمر الدولي عرض عدة معارض، كذلك الذي دشه الخطاط السوري، عاطف دلا، القاطن في مستغانم، وستعود عائدات مبيعاته إلى اللاجئين السوريين. كما سيتمتع الحضور بموشحات موسيقية، تطربه بها فرقة الأمل المستغانمية، وفرقة محلية مرسية.

انطلاقة المؤتمر
    تواصلت الندوة الدولية ليومي 30 و 31 ديسمبر، ببرنامج ثري، كان للشيخ خالد بن تونس، مداخلة، وختمت الإحتفالية بجمع روحي مع نهاية العام.

                جانب من المعرض ويظهر في الصورة، معرض الفنان السوري.

     تم يوم 30 من ديسمبر افتتاح المعرض، وتجول الشيخ في جنباته، رفقة الضيوف والوفود المشاركة، قبل ولووجه قاعة المحاضرات، وابتداء فعاليات الندوة، وقال وهو يهم في تدشينه، "بعد بسم الله الرحمن الرحيم. مرحبا بكم جميعا. بحول الله وقوته، سيفتح اليوم الملتقى الدولي لمنظمة عيسى، بحول الله وقوته وبإرادته، بجمع قلوبنا وأرواحنا، لما فيه الفائدة للجميع. التواصل والتعهد على العمل المشترك، الذي ينفع الإنسانية كافة". وأضاف "نعلن أن المؤتمر الدولي لعيسى لسنة 2018 مفتتح، لعلنا نختم جميعنا هذه السنة، ونبتدئ السنة الجديدة، بجمع القلوب والإرادات، حتى تلتقي الإنسانية وتتصالح، من أجل الصالح العام، وحتى يعيش أبنائنا وأحفادنا، في عالم متقلد بمزيد من العدالة والكرامة والإخاء والمحبة والتعاون. وندعو الله أن يسمع هذا النداء المعلن اليوم، من طرف أكبر عدد. بارك الله فيكم، وجزاكم الله عنا خيرا، وشكرا لكم ولكنّ جميعا على المشاركة في هذا اللقاء، وعلى الخصوص شبابنا، أمل الغد، حتى يتمكنون من بناء مستقبلهم، الواحد مع الآخر، وليس الواحد ضد الآخر".

     وهو يتأمل في مجمل جماليات المعروضات، قال شارحا غرضه "إنه يتعقب شيئ ما تاريخ الخيال والحقيقة، لتلك الأندلس السعيدة التي نسيناها، ونحاول اليوم جمعه، وربط الصلات لتحصينه، ونقل هذه الرسالة إلى أبنائنا، والإظهار أن مجتمع العيش معا، كان موجودا قبلنا، وأننا فقط نسيناه، وينبغي استرجاع الذاكرة. إذن استرجعوا".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1). صفحة الشيخ خالد بن تونس، بالفايسبوك، في 22 12 2018.
(2). محاضرة الشيخ خالد بن تونس "أنوار الأندلس"، في لوزان السويسرية، 19 04 2018.
(3). من الملف الإعلامي للمؤتمر.
(4). صفحة عيسى الدولية بالفايسبوك، يوم 30 12 2018.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق