السبت، 4 مايو 2019

أصداء المئوية

أصداء المئوية


     "اللهم انْهِ جولة الشيطان، اللهم بارك جميع المشاريع الخيرية، اللهم افتح واحلل جميع مشاكل الإنسانية جمعاء".
     الشيخ خالد بن تونس.


     "اعلموا أن الخدمة هي محرك حياتي، بكل بساطة، وأن الخدمة كانت محرك سعادتي ووجودي، وإن قيامي بخدمتكم، كبيركم وصغيركم، أسودا وأبيضا، مؤمنا أو غير مؤمن، جميعا، سيجلب لي حظا سعيدا، وعلى الخصوص، أنا رابح. من ذا الذي يدرك، أن حال الخدمة هو حال الأغنى  فينا، وأرقى ما تمنحه لنا الحياة، وأحلى هدية نحصل عليها".أن حال الخدمة أ
    الشيخ خالد بن تونس.أن حال الخدمة أ


      نورد معكم، بعد مرور عقد من الزمن، على احتفالية مئوية تأسيس الطريقة الشاذلية الدرقاوية العلاوية، بعض الأصداء التي رافقت الحدث، حدث أراده الشيخ خالد بن تونس، أن يقوم على الخصوص بتقييم الفكر الصوفي المحمدي، والنظر هل هو قادر على تقديم نظرة وهداية ودينامية تحمل حلولا، أو على الأقل يقترح حلولا، لبناء مستقبل الإنسانية. لم يكن الهدف المئوية بحد ذاتها، إنما كانت فرصة لتقييم الأمور، وتعزيز لقاء الحضارات ولقاء الأفكار، والقياس، هل بمقدور التصوف في هذا الزمن، أن يكون حلقة وصل بين مختلف الأشخاص ومختلف المجتمعات. هذا هو التحدي الرئيسي الذي رفع لسنة 2009.

     أصدر الشيخ خالد بن تونس بالمناسبة، ليس فقط كتاب "التصوف الإرث المشترك"، بل رافقه كتابان إثنان، هما "علاج النفس"، و"الأخوة كميراث"، عالج الأول مقاربات علاجية بديلة، وأجاب على أسئلة جوهرية، تمس أعماق الكائن الإنساني، وقدم منظور جديد في البحث عن آفاق مجهولة. أما الثاني فجاء تعريفه في غلافه يقول "يعتبر اليوم الشيخ خالد بن تونس أحد الوجوه البارزة في التصوف، و قبل كل شيئ، هو الوارث لحركة روحية، تمتد جذورها إلى زمن الإشعاع الباطني للإسلام في القرون الوسطى. يروي هنا مع الكاتب و المتخصص في الديانات برونو سولت، القصة الأسطورية الإنسانية لآباءه". يوجد للكتاب الأول ترجمة عربية، أما الثاني فليس بعد.

      
    بالمناسبة قام وفد من أندونيسيا بتلبية الدعوة والمشاركة في الحدث. جاء هذا الدور بعد تلبية الشيخ خالد بن تونس هو أيضا الدعوة من قبل، وزيارة أندونيسيا في مناسبتين، سنتي 2006 و2007. قُدم له مصحفا، وهو عبارة عن لفافة بطول أربعة أمتار، وبعرض الأصبع، كتب عليها القرآن الكريم، يعود تاريخها إلى القرن 15 الميلادي، أهداه إياه الشيخ كياي مسرور، الذي غادر قريته في رحلة طويلة، قادته إلى الجزائر لحضور مؤتمر المئوية العلاوية. ورث الشيخ مسرور تلك الأمانة من شيخه، الذي ورثها هو أيضا عن شيخه، ويعتقد أنها وصلت في القرن 15 الى جزيرة جاوة الأندونيسية، على متن سفينة من سفن البحار الصيني المسلم الشهير تشنغ خه، والمعروف بالعربية حجي محمود شمس. (في الصورة أدناه، يحمل الشيخ  المصحف اللفافة).


    "أما فيما يخص آخر أيام التظاهرة، فقد استلهمها الأساتذة المحاضرون بتلخيص مختلف المواضيع التي قدمت في بحر الأسبوع الفارط، كالحديث عن تربية التيقظ، التلوث البيئي، العولمة وغيرها من المواضيع التي تطرق إليها المشاركون بإسهاب، لتختتم التظاهرة بكلمة رئيس جمعية عيسى الدولية الصوفية العلاوية، حميد دمو، الذي شكرالحضور، وكل القائمين على التظاهرة، وعلى المجهودات المبذولة.

    من جهته زين العابدين بن تونس، رئيس جمعية الشيخ العلاوي للحفاظ على التراث الصوفي، من المغرب، قدم تشكراته الخالصة للجميع، ودعا إلى العمل من أجل تكريس نجاحات مستقبلية، ومد عمر الطريقة العلاوية لمائة أخرى.

    مباشرة بعد ذلك، تلا المدير العام بوزارة الأوقاف، ورئيس شبكة القرآن بقطاع غزة، محمد جمال أبو الهنود، آيات من الذكر الحكيم، التي كانت متبوعة باللطفية...واختتمت التظاهرة في المساء، أي بعد صلاة الجمعة بالمسجد العلاوي بتسليم الجوائز، وقراءة البيان الختامي"(1).


    شهادة إدواردو رونالد، سفير المكسيك بالجزائر، عند حضوره مؤتمر مئوية الطريقة العلاوية، سجلتها معه جريدة "Le carrefour d’Algerie"، بتوجه بسؤال، إلى سعادة السفير، مستفسرة "أية أهمية توليها في حضورك مئوية الطريقة العلاوية"؟ فأجاب، "بكل صراحة، تمت دعوتي من طرف الشيخ بن تونس، وبعد هذه الإيماءة، التي أثرت فيّ بعمق، وشرفتني كثيرا، عزمت على الحضور، لأغرف أكثر من الطريقة الصوفية. إن الروحانية التي تنبع من هذه الطريقة، تغذي فيّ قيم إنسانية قوية، تصبو إليها الإنسانية جمعاء. بصفتي إنسانا، فإني أرى أننا نعاني من نقص فادح في الإنفتاح وتقبل الآخر.
أي ما يعنيه، أن حدثا مثل هذا، بثراءه وتنوعه، يبقى مثالا للأسس الحسنة للسلام والأخوة، الذين ينبغي علينا إيقاظهما بكل طاقاتنا لعيش أفضل في سلام"(2).


    "عشرة أيام بين الصوفيين في مستغانم"، كان عنوان شهادة قدمها الأب كريستيان ديلورم، كاهن أبرشية ليون بفرنسا، حيث قال "كنا قليلين كمشاركين مسيحيين: أربعة أو خمسة. جاء الأخ دانيال مع فقراء تولوز، وأحد الرهبان البينديكتين من دير أن كالكات، وهو أحد القادة الفرنسيين للحوار بين الأديان الرهباني. لقد أتيحت لي شخصيًا الفرصة، للانتماء إلى دائرة ضيوف الشيخ بن تونس، مما أتاح لي العيش على مقربة منه ومن أسرته، في مقره المعروف باسم 'دبدابة' أو 'وادي الحدائق'. لقد أدركت بشكل خاص، هذه المرة أكثر من غيرها، كم سيدي الشيخ آخذ في الإستثمار في مهمة عاجلة: التأكيد على إسلام السلام والانفتاح في مواجهة الإسلام المتعصب والطائفي. خلال الأيام العشرة، أبدى نوعية من التواجد للناس، الذين إنتابتهم الدهشة، يتحدث مع العدد الكبير، وما يفتئ عن الإبتسام، وتقديم تشجيعاته، حتى الإرهاق (أغمي عليه في الليلة الأخيرة). طوال حياتي، لا أعتقد أنني قد عشت مثل هذا التجمع، حيث أبدى جميع المشاركين لطفًا شديدًا تجاه بعضهم البعض. كان هناك سلام وحب وفرح يعم الجميع، وقد أثر الشيخ بن تونس على هذا الجو الجماعي. لقد استقبلنا نحن المسيحيين دون أي مشكلة في أوقات الصلاة، سواء كانت الصلوات المكتوبة، أو عند تلاوة القرآن، أو أوقات الذكر والسماع(3).

منظر لجو الإحتفال الروحي بدبدابة

     كما كان قد تم الإعداد من قبل، لفيديو مصور يحكي تاريخ التصوف عنوانه "التصوف، التقليد والحداثة"، عرضه الشيخ خالد بن تونس في عدة مناسبات، لمنهجه التربوي والتثقيفي، وهو الذي لفت نظر بعض المغرضين، فقدموا اعتراضاتهم عليه، لتصويره المنمنات. تحت عنوان لقاء حول التصوف، كتبت إحدى الصحف مايلي "استضاف المجمع الثقافي، العيد فليسي (مؤسسة الفنون والثقافة) في الجزائر العاصمة، يوم الجمعة 14 ديسمبر 2007، اجتماعًا حول إحدى الحركات الروحية للإسلام، وهي الصوفية.

    بدأ الاجتماع بعرض فيلم وثائقي مدته 25 دقيقة، حول هذه الحركة عنوانه 'التصوف، التقليد والحداثة'. فيلم استرجع تاريخ الصوفية. ثم تلا ذلك نقاش مع الشيخ خالد بن تونس، شيخ الطريقة العلاوية في الجزائر. أجاب هذا الأخير على عدة أسئلة، بين أخرى، تتعلق بممارسات التصوف وعلاقة الإسلام بالديمقراطية.

    ولما طلب رأيه في هذه المقابلة، ولدى سؤاله عن القضايا المتعلقة بظواهر الحراقة والمفجرين الانتحاريين، التي تواجه الجزائر اليوم، قال الشيخ خالد بن تونس إنهم 'يعكسون فشل المجتمع الجزائري"(4).



السهرات المسائية كل ليلة بملعب المدينة.
 
نشاط احتفالي بالمئوية بمدينة غليزان.


 جلسة جزائرية أصيلة بحرم جامعة مستغانم، وكانت أحد معارض المؤتمر.


 استقبال الوفود.  
    

 لقاء بالزاوية، بحي تيجديت.

استقبال الوفود بحجرة الشيخ العلاوي، التي حولت حينها إلى متحف.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1). جريدة صوت الأحرار في 01 08 2009
(2).صحيفة Le carrefour d’Algerie، في 27 07 2009.
(3). نشرة مركز الحوار بين الأديان الرهباني (فرنسا). رقم 41 يناير 2010.
(4). جريدة El Watan، في 16 12 2007.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق