الرياضة في خدمة العيش معا
تتأهب مدينة وهران
الجزائرية لتنظيم الطبعة 19 لألعاب البحر الأبيض المتوسط، المزمع إجراء
فعالياتها من 25 يونيو إلى 05 يوليو 2022، وهي فرصة مواتية
لإلتقاء أهالي وخاصة شباب الحوض الأبيض المتوسط، بغية المنافسة الرياضية وربط
أواصر معرفية وكذا للتفسح والتزود بمعرفة استكشافية.
ضمن إجراءات الإستعدادات
التنظيمية، نظمت اللجنة المكلفة بتنظيم هذه الدورة لقاءا دراسيا عنونته "وهران في قلب البحر الأبيض
المتوسط"، يومي 18 و 19 يونيو،
في قاعة المؤتمرات بفندق بلازا، وكان للشيخ خالد بن تونس فرصة المشاركة في الندوة،
محاضرا عبر تقنية الفيديو، يوم 18 يونيو صباحا، بمداخلة عنوانها "الرياضة
من أجل العيش معا".
في مداخلته قدم الشيخ خالد بن تونس رسالة
قال فيها:
أريد أن أحيّي بهذه المناسبة لجنة تنظيم
الطبعة 19 لألعاب البحر الأبيض المتوسط، وأشكر
المنظمين الذين منحوني فرصة المشاركة معكم ذكرى يوم وُلد في
هذه المدينة، مدينة وهران. مرحبا بكم في الجزائر وفي مدينة وهران، حيث بزغ فجر
اليوم الدولي للعيش معا في سلام، أثناء المؤتمر الدولي للأنوثة – الكلمة للنساء-،
الذي جرى يومي 29 و 30 أكتوبر 2014، وتقرر من طرف
جميع الحاضرين، الذين تعدى عددهم 3000 شخص ومجموعة من الدول، وحينها ظهرت الفكرة،
وعندها طلبنا دعم الدبلوماسية الجزائرية من أجل تأسيس اليوم الدولي لعيش معا في
سلام، الذي تُبني بقرار، بإجماع الدول 193 وتوافقها يوم 17 ديسمبر 2017.
يسرني أن أرى أن هذه
المدينة تحتضن اليوم الألعاب الأولمبية، وعندما نقول ألعاب، في رأيي فإننا نقصد
بها قيم، قيم تسمح لشبابنا وشباب البحر الابيض المتوسط بالتعارف بشكل أفضل وتعلم
الإحترام المتبادل واتخاذ أحسن السبل للشروع في بناء مستقبلهم، الواحد مع الآخر
وليس الواحد ضد الآخر.
أصبح البحر الأبيض المتوسط
حاليا مقبرة، كما تعلمون جميعا، حيث اختفى الآلاف من الشباب وللأبد، ولا يزال
الأمر كذلك. ونتمنى أن يصبح هذا البحر المتوسط، هذا البحر الذي برزت فيه كبريات
حضارات العالم، سواء كانت الحضارة الفرعونية والإغريقية والرومانية والقرطاجية
والعربية الإسلامية، وأخيرا النهضة التي عرفتها أوروبا، فعلى ضفاف هذا البحر، ضمن
معنى أم الحضارات، نحن نتمنى أن تتمكن الرياضة من التوصل إلى نسج صلات السلام
والعيش معا.
هذا القرار دعوة لجميع الدول، وإن جميع الدول وقّعت عليه، وكانت 193، وجرى بالإجماع، بتوافق منها جميعا. أنتم ترون مآلنا اليوم بعد انقضاء سنتين على وطأة وباء كوفيد، ومحنة وطأت الشعوب، أغلقت على إثرها الدول على نفسها، ومدن أغلقت على نفسها. عانينا كلنا من التفرقة، عشنا كلنا أوقات شك وقلق أفقمت هشاشة نظامنا الدولي، والإنسانية في مجملها امتحنت، في دول غنية وفقيرة. امتحنا حتى نعي جدوى التضامن بين الدول ومد يد العون وإحلال السلام، ونحن لحد الآن لم نعي بعد. فلنقوم بالسعي بتضمين حوكمة العالم هذه القيم، التي تعطي للإنسانية معنى.
أشكر الجزائر وأشكر منظمي هذه
الألعاب الأولمبية وقادة مدينة وهران على تنظيم هذه الألعاب. حتى يعاد زرع الأمل
لدى شبابنا وفي كل منطقة المتوسط، بدون حمل معول الهدم، ويرفعون هذه التحديات، مع
التحدي المناخي مع كل ما يعني ضمنا، وجميع المشاكل الماثلة أمامنا، والتغير
المناخي، وتلوث هذا البحر المتوسط، وخصوصا كيفية التعامل مع الماضي المؤلم الذي
عرفته شعوب ضفاف المتوسط، والتمكن من مساعدتهم على الإجتماع بشكل أفضل واتخاذ أحسن
السبل لمد يد العون وعلى حسن إدارة مستقبل شعوبهم وأوطانهم. والعمل على خلق حضارة
جديدة وأسطورة حضارية جديدة، وتمكينها من الظهور مجددا على ضفاف هذا البحر.
هذا هو التحدي الذي ينبغي رفعه،
وهو إيجاد كيفية لجعل إمكاناتنا ومعارفنا وتكنولوجياتنا في خدمة الصالح العام،
والرياضة هي واحدة من هذه الإمكانات. أصبحت الرياضة حاليا إعلاميا منتوجا. بطبيعة
الحال يوجد الجانب الإيجابي والجانب السلبي. في الجانب الإيجابي، فإنها تجمع
الكثير من الشباب، الملايين وحتى البلايين من الشباب، بفضل الرياضة يستطيعون
اللقاء وإقامة مباريات ودورات وتظاهرات رياضية، حتى يتعارفون أكثر وينشئون صلات مع
بعضهم البعض، ولكن يوجد الجانب السلبي، بمأن الرياضة أصبحت منتوجا تسويقيا، ونشهد
اليوم انخفاض قيمة الرياضة، انخفاض قيم الرياضة، التي هي قيم صداقة وأخوة وسلام.
علينا أن لا ننسى، الذين هم في مثل سني، أن الصين والولايات المتحدة، بفضل مسابقة
في رياضة البيغ بونغ، أعادا ربط العلاقات، وتم الإعتراف بالصين من طرف الولايات
المتحدة. قدمت الرياضة يد العون، واليوم نحن على حافة نزاع، الذي يمكن في أي وقت
أن يصبح نزاعا دوليا. ماذا لو أن دولا من العالم الثالث، مثل دول أمريكا الجنوبية
والدول الأفريقية والاسيوية، التي تشكل ثلثي الإنسانية أن تصبح وسيطة، بحكم إلتزامها
بالعيش معا في سلام، حتى لا يرى العالم مرة أخرى رعب حرب عالمية.
نحن نعلم أننا بشكل إنفرادي
ليس لنا أي إمكانية للقيام بذلك، ولكننا معا، لنحاول أن نكون وسطاء، ونحاول أن
يتغلب صوت الذين لا صوت لهم، من خلال قرار هذا العيش معا في سلام، ويتغلب هذا القرار
الذي تم التوقيع عليه وتقبله من طرف الجميع، ويُبنى حوله مستقبل هذا العالم،
مستقبل عالم اليوم وغدا.
هذا هو أملي. وأتمنى لكل
الشباب، فتيات وفتيان، الذين سيشاركون في هذه الألعاب الأولمبية، أن يمضوا أوقاتا
ملؤها الصداقة والأخوة والتبادل، وأقول لهم ليس الهدف الفوز بميداليات، وإنما
الهدف هو المشاركة، لأنه لن يتواجد سوى الفائزين، لن يتواجد أي منهزم، كل من
سيشارك سيكون له شيء يفوز به، سيكون له صداقة الغير وزيارة بلد واكتشاف ثقافة،
وإدراج الرياضة في ثقافة السلام بنهج تربية السلام هذه.
ينبغي أن تصبح الرياضة وسيلة
تُمكّن من التأثير في الضمائر وزرع بذرة السلام هذه، في وقت مبكر في أبنائنا، حتى
يكبرون بها، لأنها ثقافة. ليس السلام فقط غياب للحرب أو النزاع، إنما السلام
ازدهار. السلام موجود فينا، ويتم إحلاله مع النفس والغير، ومع الجوار في المدينة
وبين الدول، ونحن لا نزال بعيدين عن هذا. يذهب هذا السلام أبعد من ذلك، يجري
إحلاله مع البيئة، إذ أصبح الإنسان المفترس الرئيسي، لأنه توفق في إفقام
الوضعية والعمل على زيادة الإحتباس
الحراري، ولا بلد يستطيع بمفرده أن يحل هذا المشكل، بل معا في إلتزام كلي صادق وعادل
وتشاركي ومتساوي وكرامة، نستطيع أن نرفع التحدي.
شكرا جزيلا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نوهت الصحافة الجزائرية بهذه
الرسالة التي قدمها الشيخ خالد بن تونس بمناسبة هذا الندوة، ونقدم إعتبارا على
سبيل الذكر مقال وكالة الأنباء الجزائرية.
ألعاب متوسطية (وهران 2022)
بن تونس: ضرورة إدراج الرياضة في ثقافة السلم والعيش معا
وكالة الأنباء الجزائرية
أدرج يوم السبت 18جوان 2022 على الساعة 19:24
وفي تدخله عن طريق
تقنية التحاضر المرئي عن بعد في أشغال ملتقى "وهران في قلب البحر الأبيض
المتوسط" المنظم بوهران من قبل لجنة تنظيم الألعاب المتوسطية وهران -2022، دعا الشيخ بن تونس إلى "إدراج الرياضة
كوسيلة للتقارب بين الشعوب" و"غرس مبادئ السلام والأخوة لدى الأجيال
المستقبلية".
وأشار إلى أن "تنظيم الألعاب المتوسطية
وهران 2022 تسمح لشباب ضفتي البحر الأبيض المتوسط
بالتعارف أكثر والاحترام المتبادل والتعاون وتسيير مستقبل الشعوب والأمم".
وأضاف قائلا "إن تنظيم هذه
الألعاب بوهران يندرج ضمن هذا المسعى للتقارب والالتقاء والسلام"، معربا عن
أمله في أن تساعد الرياضة أكثر على تعزيز السلام والعيش معا بحوض البحر
الأبيض المتوسط، مهد أكبر حضارات العالم (العربية الإسلامية و الفرعونية
واليونانية والرومانية).
ولتحقيق هذا الغرض، دعا الشيخ بن تونس شباب
ضفتي البحر الأبيض المتوسط إلى الاستفادة من أوقات الصداقة والتبادل التي تتيحها
هذه التظاهرة الرياضية المتوسطية وأن يكونوا وسطاء للسلام والأخوة في منطقة
المتوسط من أجل "بناء المستقبل مع بعض".
ولدى حديثه عن أهمية الرياضة في
إرساء السلام في العالم، ذكر الشيخ بن تونس دورة كرة الطاولة التي دفعت الولايات
المتحدة الامريكية والصين إلى ربط علاقات دبلوماسية.
يذكر ان الجزائر كانت قد اقترحت
يوما دوليا للعيش معا الذي صادقت عليه منظمة الأمم المتحدة بالإجماع من قبل أعضائها
ال 193 سنة 2017 .