الثلاثاء، 27 سبتمبر 2016

جَـنْيُ الأمـل

جَـنْيُ الأمـل


بسم الله الرحمن الرحيم

    "احفظوا صورة هذا الجسد. ينبغي خدمة الإنسانية، و التفكير فيها، و رؤيتها بمثابة جسد مُوحّد. تعمل جميع خلايا الجسد، من أجل صالح هذا الجسد. الوحدة و الإخاء... هذا هو الميراث العريق، الذي ينبغي علينا إيصاله، إلى باقي الإنسانية. توحيد الله ليس سوى وحدة الجنس البشري. ينبغي أن نعمل لهما معا. لا نستطيع أن نفصل هذه الإنسانية."

    الشيخ خالد بن تونس، أثناء الجامعة الصيفية، للكشافة الإسلامية الفرنسية، عام 2015.

    كلما خطى أهل الحق خطوات إلى الأمام، و إلا و تجد أذيال الشر تتبعها، و تلاحقها، محاولة منها تحطيم ما بنوه، أو على الأقل التشويش عليهم، أو الصد عنهم، تاركة الساحة لفوضى عارمة، و عقول حائرة و نفوس تائهة و قلوب عليلة. تسعى قوى الضلال جهدها، للنيل من قوى الخير، و تحاول أن تكون لها سدا منيعا، مستعملة كل أنواع الحيل و المكر. بعد كل عمل ناجح و أمل قائم، يجود به الله سبحانه و تعالى على الشيخ خالد بن تونس، و إلا و يتعرض طريقه لعوائق و شدائد، تثير الشكوك في البعض، و تهين عزم البعض الآخر، و لكنه بعد كل هزة، يقوم و ينفخ فيمن حوله روح الأمل، لاستجماع الأشلاء، و إعادة المياه إلى مجاريها.

    هزت فرنسا أحداث دامية ليلة 14 يوليو 2016، بمدينة نيس، الواقعة على الساحل الجنوبي الفرنسي، على ضفاف البحر الأبيض المتوسط. تجمع عشرات الآلاف من المحتفلين بالعيد الوطني الفرنسي، في أحد الشوارع، و فجأة صدمتهم شاحنة مجنونة، خلفت عشرات الضحايا و الجرجى، و ساد إثرها جو من القلق و الخوف، و كذا الحقد و الكراهية، اتجاه من أفزع المواطنين في عيدهم. من المؤلم بمكان، أن ينسب مرة أخرى الإعتداء إلى مسلمين، تلك الأقلية، التي تحاول أن تثبت لنفسها و للمجتمع، أنها تركيبة مواطنة بكامل الحقوق و الواجبات.

    خلف هذا الحادث شرخ في مشروع الشيخ خالد بن تونس، أو أنه حاول زعزعة تلك الروح التي يبثها الشيخ قدس الله سره. في كل مناسبة أكد الشيخ خالد بن تونس للمسلمين الأوروبيين، أن يعتبروا أنفسهم مواطنين بكامل الحقوق، و لا يعيشون على الهامش، و شجعهم على ممارسة واجباتهم اتجاه أوطانهم الأوروبية، و حذرهم من العزلة و التقهقر، مواجهة لذلك التيار، الذي يحاول بما أتي من قوة، ضرب الإسلام، و إلصاق كل مضرة بتصرفات المسلمين.  

    قال الشيخ خالد بن تونس في محاضرته الخالدة، يوم ألقاها بجنيف، بقاعة باليسكو، بتاريخ 09 10 2010، عنوانها - من أجل إسلام السلام- " بعد صدمة 11 سبتمبر 2001، التي سببت موجة صدمة، لا تزال تثير موجات متتالية من السخط و الإحتقار، و رفض الإسلام و حضارته، و رسالته الأصيلة الشاملة. كل مسلم أينما تواجد، شعر أنه مصاب في كرامة إيمانه. أصبح رغما عنه، إرهابي محتمل نريد اخفاءه في الظل، و على استعداد ليطفو على السطح، في أي وقت، لتنفيذ ضربة." في هذا الجو المشحون و المتوتر، يحاول الشيخ خالد بن تونس، العمل على نشر رسالة الأخوة و المحبة، و ثقافة العيش معا، و إحلال السلام في قلوب الناس، و خصوصا يريد الإبقاء على الأمل، و التذكير بالطاقة التي يحملها السلام، الذي هو إسم من أسماء الله الحسنى.

    بعد الحادثة، صدر بيانا، يحمل توقيعي الشيخ خالد بن تونس، و السيد حميد دمو رئيس الجمعية الصوفية العلاوية، المنظمة غير الحكومية – عيسى –، جاء فيه " تندد المنظمة غير الحكومية الدولية – عيسى- بشدة بالهجوم المروع، الذي أصاب مدينة نيس مساء يوم 14 يوليو، و الذي كلف حياة العديد من الضحايا الأبرياء... و أمام هذا العمل الحقير، و الذي لا يطاق، فإننا نتوجه ...بالتعازي الخالصة، و التأكيد على التعاطف العميق و الصادق"....أضاف البيان " نحن أعضاء المنظمة غير الحكومية الدولية عيسى، أصبنا في أعماق أنفسنا، لأنه من خلال هذه الهجمات القاتلة، نحن جميعا مستهدفين. يستهدف هذا العمل الشنيع و اللاإنساني، القيم الإنسانية و العالمية، التي تجمع العائلة البشرية على تنوعها، وذلك بهدف خلق جو من الرعب، لنشر الكراهية والفوضى... إن كنه مجتمعاتنا، هو المستهدف.  و خلص البيان "فإننا ندعو إلى العمل معا، للدفاع عن قيم الإخاء و التضامن، من أجل حياة أفضل معا".

    لم يتوقف الشيخ عند هذا الحد، فبعد الحادثة مباشرة، عاد أدراجه من الجزائر، و بكل عزيمة و قوة، خرج مخاطبا مواطنين، ينتمون إلى مختلف النحل و المعتقدات، تجمعوا بمدينة كان الأخوية، القريبة من نيس، و صاح فيهم بالكلمات التالية:

     "إن الأمر يتعلق بتوحيد الأسرة البشرية، و أن نجعل منها جسدا واحدا، بحيث يشكل فيه كل مجتمع  عضو من الأعضاء، عضو يكون كاملا، مع نفس الحقوق و نفس الكرامة. إن الذي علينا القيام به، هو أن نتبادل و نلتقي و نكتـشف بعضنا البعض، حتى تعرف الأجيال القادمة أننا لم نتنازل.

    شاركتُ في 28 مايو الماضي في القمة العالمية للعمل الإنساني بإسطمبول. إنها المرة الأولى، بموافقة جميع الدول الممثلة في الأمم المتحدة، أصبحت الإنسانية شخص اعتباري. إذن، إذا تم الإعتداء على الإنسانية، فإنه يمكنها أن ترد كونها إنسانية، و ليس بصفتها وطن أو دولة. إن الإنسانية جمعاء قادرة على الرد. اليوم أصبحت  كائنا إعتباريا، قانونيا، قادر على مقاضاة كل من يصيبه. كانت النقطة الثانية، هي إختيار و إدراج في سياسات الدول، العيش معا. إن أولى الدول، التي بادرت إلى إدراج العيش معا، في ديبلوماسيتها، هي كندا، قامت بإنشاء أول مرصد دولي، للعيش معا، في كل مدنها.

    ينبغي أن نتذكر شيئا أساسيا، و هو أن لا نلقي بالذنب على مجتمع، مقارنة بمجتمع آخر.

    أُجري إستطلاع من طرف معهد دولي كبير، و هو معهد جالوب (1)، المعروف عالميا، و أظهر أن، في 35 دولة مسلمة، 93% من المسلمين يقولون لا للإرهاب، لا لقتل الأبرياء. و عندما سئلوا لماذا تفعلون هذا، أجابوا، إن الأمر يتعلق، وفقا لما جاء في ديننا. إن ديننا هو الذي يعلمنا عدم إيذاء الأبرياء. إذن هم 93% من المسلمين، هم معنا اليوم.

    عُدت بالأمس من الجزائر. إلتقيت بأعضاء من عدة مدن، من العاصمة و المدية و تلمسان و وهران و مستغانم، إنها عشر مدن، جاءوا إلي، و طلبوا، أن أنقل التعازي إلى مدينة نيس. و لدينا كشاف شاب، فقدَ افراد من عائلته، فقدَ الأب و الأم و طفلين.

    نحن جميعا على متن نفس القارب. لا مفر، إلا بتوحيد قوانا و طاقاتنا و محبتنا و صلواتنا و أعمالنا، حتى نجعل من مجتمع الغد، مجتمع للعيش معا و للإحترام و تقديس الحياة، و التبادل المثمر بين الناس.

    اللهم بارك في هذه الجمعية، و احمل أصواتنا إلى القاصي و البعيد، و جِد لها قلوب واعية..

    قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "أفشوا السلام و اطعموا الطعام و صِلوا الأرحام و صَلّوا بالليل و الناس نيام". أي صَلوا بالليل، صلاة المنعزل، حيث يكون كل شخص منفردا بضميره. إنه يضمر للآخرين تعبده و كثرة صلاته. ففي العزلة نخضع للمسائلة، كل شخص بما اقترفت يداه من عمل.

    شكرا جزيلا." (2)

    و مما يثلج الصدر، هو إسراع عدة شخصيات دينية و علمية و غيرها، من المجتمع الفرنسي، من شتى المعتقدات، لها وزنها، إلى إصدار عند نهاية أجتماعهم، بيانا، جاء فيه

    "نحن الذين نجني الوحدة، بعيدا عن الإختلافات العقدية، إننا نرفض التنازل، و مستمرين في بناء جسور، في حين يريد أعداؤنا تدميرها، و إقامة أسوار.

-        جنب إلى جنب، مع كل المجتمع المدني، ينبغي أن نستمر في الإلتزام بنفس الثابت، و دائما بقوة أكبر، ندحض التعصب و الإقصاء.
-        معا، نحن أقوى.
-        معا، نعمل من أجل خير الإنسانية."

    أما عن صدى رسالته الأنسية (3) و تلقفها من طرف الناس، فيلخصه هذا السؤال، و رد الشيخ خالد بن تونس عليه:

    السؤال، طرحه أحد المسيحيين بفرنسا، فقال صاحبه "سيدي الشيخ، فيما يخص الإحسان، لم أسمع أبدا، أن متدينا مسلما شجب الإسلام الهُزئي و العنيف، و إن أي إنسان إنه لعنيف، حسب رأيي، و غير متدين، و إنني لم أسمع عن أي شخص ينتقذ، أو يدين العنف المرتكب من طرف إسلاميين مزعومين. شكرا."

    و أجابه الشيخ خالد بن تونس:
    "أشير إليك سيدي، أننا نصرح بذلك، و نقوم بجهود، و لكننا لا نجد آذان صاغية، لأن الصعوبة اليوم، تكمن في أن الصحافة، في الجهتين، سواءا في الشرق أو في الغرب، تخصص عمليا 99.9 % من إعلامها لهذه الفئة من الإسلام. نحن مندهشين، لأنه لا يوجد أي توازن في هذا المستوى. هل سمعت أن شبانا عبروا شارع "شون ديليزي" بباريس (4)، شباب مسلم من الكشافة الإسلامية، حملوا شعلة الأمل، و كانوا ألوفا، و لم يتواجد هناك أي صحفي و لا أيّة كاميرا. لماذا؟

    قمنا بتجمع للعيش معا (5)، كان بينا، يهودا و كاثوليك و بروتستان و بوذيين و مسلمين، فهم قاموا بطواف، و كانت الإنطلاقة من المسجد نحو الكنيس، و منه إلى الكاتدرائية، و منها إلى المعبد البروتستاني، و لحق بنا البوذيين عند نهج -لا كروازات-. هل سمعت بهذا؟ نقوم بذلك منذ ثلاث سنين. نحن في مدينة كان، مدينة الإحتفالات. أستطيع أن أذكر لك عدة أمور. أئمة و خاخامات يلتقون من القارات الخمس (6)، محاولة منهم للتخفيف عن ما يحدث بالشرق الأوسط، و لا يصدر أي سطر عن ذلك. إذن توجد أمورا كثيرة، و لا نفهم، أيمكن مواصلة السير بهذا الشكل، و ندعي أن المعلومة صحيحة؟ عندما نطرح بأنفسنا هذا السؤال، يكون الرد، أن الصحافة ليست هنا للكلام عن القطارات التي تصل في وقتها المحدد."من نفس المنظور، كانت دعواهم، حسبما صرح به الشيخ خالد بن تونس "أننا أناس طبيعيون و الصحافة لا تخوض في الأمور الطبيعية".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1). هي مؤسسة جالوب الدولية لاستطلاع الرأي، تجري عملها بانتظام في  أكثر من 140 دولة. جالوب لاستطلاعات الرأي، حصلت على شهرتها، من الإشارة إليها، في كثير من الأحيان في وسائل الإعلام، بوصفها كمؤسسة موثوق بها، وموضوعية لقياس الرأي العام. تأسست سنة 1947. تاريخيا، قامت جالوب، باستطلاعات لقياس الرأي العام، و تتبع المواقف الجماهيرية، في كل من القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية، و مواضيع القضايا اليومية، بما فيها قضايا، غاية في الدقة والحساسية أو حتى المثيرة للجدل.
    استطلاعات جالوب مشهود لها بالدقة، في التنبؤ الصحيح، بنتائج الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة.

(2). رسالة الشيخ خالد بن تونس، من مدينة كان، يوم 17 07 2016.

(3). الأنسية Humanisme هي حركة فكرية، تطورت في أوروبا خلال عصر النهضة، ظهرت بإيطاليا في القرن الـ 14 و انتشرت في أنحاء أوروبا، خلال القرن الـ 16. الأنسية هي سلوك فلسفي يجعل من الإنسان القيمة السامية، و تدعو كل شخص إلى أن يتحلى بإمكانية انشراح إنسانيته، و قدراته الإنسانية. يرتكز الشغل الشاغل لها حول الدراسة الإنسانية، و استفاد الباحثين مما تركه الإغريق و اليونان حول القدوة العريقة، و استمر الفلاسفة و العلماء في البحث و تحديد معالم الإنسان الكامل، مثال الإنسان الشريف.

    الأنسية تعني كل فكر يضع أول أولياته، تطور القدرات الجوهرية للإنسان.

    عربيا اختير مصطلح "أنسية" لترجمة كلمة Humanisme، و هو نادر الإستعمال، و كثيرا ما يستعمل مصطلح "إنسانية" لترجمتها، هي و كلمتيHumanité  و Humanitaire.

    الأنسية الحقيقية  لكل الفلسفات التي عنت بحياة الإنسان، هي التي جعلت من الإنسان مركزا و المقياس و الغاية السامية لكل الأشياء، و تنطبق بشدة لمعرفة و شرح دوما، على نطاق واسع، الطبيعة البشرية، و ما لها من شمولية، و تشجع تحت وطأة القلق، التجديد القائم حول التقاليد، و تدافع عن القيم الإنسانية أينما وجدت، و إن هذه القيم يطالها تهديد كبير.

(4). قامت الكشافة الإسلامية الفرنسية سنة 2011 بمبادرة جديدة، بهدف تشجيع المواطنين الشباب، على التسجيل في القوائم الإنتخابية، حيث شكلت قافلة، جابت التراب الفرنسي، في الفترة الممتدة بين 7 مايو و 24 سبتمبر 2011، حملت إسم، شعلة الأمل المواطن، على غرار القافلة التي نظمت سنة 2007. ختمت القافلة رحلتها في اليوم الموعود، بولوجها العاصمة الفرنسية، و خصت باحتفال رسمي، حيث عبر الشباب المسلم، بحضور جملة من الرسميين و الجنود، أشهر شارع في باريس، و هو شارع "شون ديليزي"، وصولا إلى قوس النصر. تم تشكيل طوق أمني، و منعت السيارت من دخوله، و حُبس المارة عند حافتيه، و هي سابقة في البلد، لأنها عنت جماعة إسلامية. تم تقديم دعوات للصحافة و القنوات التليفزيونية، و للأسف لم تلبي كبار القنوات الفرنسية، مفضلة الكلام عن الإسلام الهزئي العنيف، مديرة ظهرها لثقافة السلام و العيش معا.

    رابط يشير إلى الحدث، بإحدى الصفحات الفرنسية:


(5). يشير إلى مهرجان  العيش معا بـ "كان"، الذي سيعرف هذه السنة طبعته السادسة، و التي ستقام بحول الله سبحانه و تعالى، يومي 19 و 20 نوفمبر 2016.

(6). يقصد المؤتمر العالمي للأئمة و الحاخامات من أجل السلام، و قد سبق للشيخ خالد بن تونس أن شارك فيه. على ما يبدو أقيمت منه ثلاث طبعات، سنوات 2005 و 2006 و 2008. أسفر منذ المؤتمر الأول، عن ميلاد اللجنة الدائمة للحوار اليهودي الإسلامي.

الثلاثاء، 28 يونيو 2016

دار السلام و العيش معا

دار السلام
 و العيش معا


دار السلام
    قال الشيخ خالد بن تونس، و هو يقف، يدشن دار السلام و العيش معا، بمدينة ألميرة الهولندية "إن مدينتكم، هي أول مدينة في العالم تبني "دار السلام و العيش معا"، أشكر كل من ساهم، و على الخصوص مجلس البلدية، الذي كان يؤمن بفكرتنا، و سمح لنا بتحقيق هذا (الإنجاز)، في وقت قياسي".   

    تم يوم 4 يونيو 2016، افتتاح دار السلام بهولندا، بمدينة ألميرة، بحضور الرئيس المؤسس للكشافة الاسلامية بأوربا، الرئيس المؤسس للجمعية الدولية الصوفية العلاوية، المنظمة غير الحكوميةAISA ONG، السيد خالد بن تونس، وممثلين عن السلطة المحلية والمجتمع المدني والكشافة المحلية و الإسلامية، و الفرع الهولندي، للجمعية الدولية الصوفية العلاوية، المنظمة غير الحكومية. وقد سبقت الافتتاح مسيرة جابت أهم شوارع مدينة ألميرة. حيث كانت الانطلاقة من مقر بلدية ألميرة، في اتجاه دار السلام، و خلال هذه المسيرة، رددت شعارات و رفعت لافتات و رسومات، للكشافة تدعوا الى السلام و نبذ العنف والكراهية، والعيش معا. وتأتي هذه المبادرة في إطار العمل على إحداث يوم عالمي للعيش معا، على مستوى الامم المتحدة. للتذكير، فإن دار السلام، هي مشروع مشترك بين الكشافة الاسلامية، المسماة كشافة سيركل (الدائرة) الهولندية، والجمعية العالمية الصوفية العلاوية، ذات الإعتراف الدولي. طبع هذا المهرجان الأول لليوم العالمي للعيش معا، إلقاء محاضرات و معارض، شرحت خلالها محاور هذا اليوم، و أقيم حفل عند الإختتام.

    يعتبر الشيخ سيدى خالد مهندس هذا المشروع، الذي هو إحدى لَبِنات اليوم العالمي للعيش معا، المرجو بحول الله، أن تقرره الأمم المتحدة في شهر سبتمبر. مدينة ألميرة، هي أول مدينة لبت هذه الدعوة، و بني فيها أول بيت، و سمي، بيت أو دار السلام، و لم تلبي الدعوة دولا إسلامية أو عربية. بهذه المناسبة، صرح الشيخ خالد بن تونس "منذ مدة، و نحن نتمنى، أن يصبح لنا محل بهولندا، و الله يعلم كم من مرة، حاولنا الحصول على مكان، و لكن، في غمرات غفلاتنا و أنانيتنا، كنا نبحث عن مكان لأنفسنا، و ليس للإنسانية. لم نفهم الرسالة".

    في رده على سؤال مفاده، كيف يتعامل من وُجد وحده، و ينبغي له أن يقوم بعمل، قال "لكل واحدٍ منا إمكانية المساهمة لتغيير الأشياء، أو التذمر. توجد نكتة، و هي، بدلا أن تبقى في الظلام و تتذمر، أوقد شمعتك الباطنية. فإذا أوقد كلٌّ منا شمعته الباطنية، سيطرأ تغييرا على العالم، على المستويات البيئية و السياسية و الإجتماعية. لأن الإنسانية هي كجسد، كل و احد فيها هو عضو، مثل دائرة، كل نقطة فيها، على مسافة متساوية من الكرم و الإحترام. كل واحد منا، عندما يقوم بجهد بسيط على نفسه، سيكون له الإمكانية، بأن يساعد هذه الدائرة، دائرة الأخوة، و يحقق أفضل ما تستطيع الإنسانية أن تنتجه".

    إن الغرض من دار السلام، هو التنظيم لمختلف الجماعات، أنشطة متنوعة، و لقاءات، تجعل الحياة ممكنة معا، في جو ثقافة السلام، و إجراء تبادلات بين مختلف الفئات العمرية، و توفير انسجام إجتماعي، بين مختلف الطبقات الإجتماعية و الإقتصادية. دار السلام هو محل فريد من نوعه، لأنه المكان الذي يلتزم فيه الناس و المنظمات، لتحسين الفهم المتبادل، و الزيادة في التمكين، و التنمية الثقافية. يهدف بيت السلام إلى إثراء المجتمع، بجمع مختلف أطيافه، و تشجيع المبادرات التي تصب في الصالح العام، و إحياء مناسبات و إقامة أحداث، تسلط الضوء على المشاكل الإجتماعية، من أجل التوصل إلى حلول دائمة، نظرا لأهمية ثقافة السلام.

   كان للشيح خالد بن تونس إجتماع، بفاعلي المشروع من أتباعه، و ممن حضر اللقاء، من ساكنة هولندا، و ألقى عندها مذاكرة، تلخص سلوكيات و وظيفة البيت:

    أحمد الله و أشكره، بعدما تكرم علينا بجوده و عطفه، و اختار لنا هذا المكان، منزلا ندعو فيه، جميع الإنسانية، إلى ما فيه الخير و الصلاح. كنا سابقا، نبحث عن الزاوية للفقراء، للمسلمين، للذاكرين، و هذا في حقيقة الأمر، تقصير منا، فلما سمعنا النداء الحقيقي، الذي قال فيه، الله سبحانه و تعالى، في كتابه العزيز الحكيم "و كذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس". سورة البقرة، الآية 143. أمة الوسط، أمة محمد صلى الله عليه و سلم، أتت لتكون شاهدة على الإنسانية، شاهدة بأخلاقها، و توحيدها و عملها و سلمها و محبتها، و تدعو إلى سبيل الله بلا إكراه. يقول الله سبحانه و تعالى "لا إكراه في الدين". تدعو إلى سبيل الله، بلا عنصرية و باللطف، كما قال عليه الصلاة و السلام "يسروا و لا تعسروا، بشروا و لا تنفروا".
    أتمنى أن يكون هذا المكان مكانا مطمئنا، و سمي بدار السلام. ليكون كل من دخله بنِية الخير و السلام و المحبة، ينال منه فضلا و علما و تربية ينفعونه، و ينفعون المجتمع الإنساني و المجتمع الأوروبي، و المجتمع الهولندي خاصة. إهـ.

القمة العالمية للعمل الإنساني
    أيام قبل ذلك، شارك الشيخ خالد بن تونس،  في مؤتمر القمة العالمية للعمل الإنساني، و هو أول مؤتمر من نوعه على الإطلاق، انعقد في إسطنبول بتركيا، على مدار يومي 23 و 24 مايو 2016، و أشرف عليه الأمين الأممي بان كي مون، و يهدف إلى إصلاح جذري، لطريقة التعامل مع الأزمات الإنسانية، واعتماد إستراتيجية جديدة، تقوم على الاستعداد للأزمات والاستجابة لها. امتدت عملية التشاور ثلاث سنوات، و حددت خطة الأمين العام للعمل من أجل الإنسانية، الإجراءات الرئيسية اللازمة، للوفاء بالمسؤوليات التي رسمت. والوفاء بهذه المسؤوليات واجب أخلاقي، وضرورة استراتيجية، لمواجهة التحديات العالمية في الوقت الراهن.

    حضر اللقاء عدة شخصيات عالمية، و قادة الدول، و الفاعلين في العمل الإنساني، و وكالات أممية و أكاديميين، و سجل غياب بعض مندوبي أعضاء مجلس الأمن الدولي، و هي نقطة سوداء طبعت القمة العالمية الأولى للعمل الإنساني.

    أثناء اللقاء تم توزيع عريضة، تحمل توقيع الشيخ خالد بن تونس، يلخص نصها، العمل الذي يشغل جل وقت الشيخ، و يَجهد له جهده، و هو جعل الأمم المتحدة تقرر، يوما عالميا للعيش معا. للمزيد من التفاصيل حول هذا اليوم.

    في لقاء حميمي مع مريديه، قال الشيخ خالد بن تونس عن القمة، "أؤكد لكم، إنهم لا يملكون مفتاح الحلول و التحديات لعالم اليوم. في نهاية القمة، القرار الوحيد الذي طفا على السطح، هو أنه توجد إنسانية واحدة، و لا توجد سوى طريقة واحدة للحياة، و هي العيش معا. إنهم يرجعون إلى هذه الصورة لإنسانية واحدة، و للعائلة الإنسانية، و هذا ما نقله إلينا مشائخنا منذ قرون و أجيال. أنتم لستم سوى إنسانية واحدة".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أصدقائي، صديقاتي، الأعزاء، إليكم النص الذي تم توزيعه على الهيئات الحاضرة، في القمة العالمية الأولى للعمل الإنساني، بإسطمبول (تركيا)، يومي 23 و 24 مايو 2016.

مغزى المبادرة
    في عالم متقلب، أقحمَنا فيه القرن الواحد و العشرين، تتأكد لدينا، التأثيرات المتباينة، بين التطور المبهر للعلوم و التقنيات، و بين أزمة خطيرة، للهوية و الثقافة و الأخلاق. من جهة، فإننا نشهد تصاعد بالقوة،  لعملية التجانس، و توحيد أنماط الحياة، تحت تأثير اقتصاد مريض، بفعل عملية البحث عن رؤوس الأموال لتموينه، و بنسيج إتصالات عنكبوتي ضخم، يعتمد على الرقمنة، و بضعف أجهزة الرقابة الحقيقية. و نتأكد من جهة أخرى، من ردة فعل الإنطواء الإنتمائي، التي يمكن أن تصل حتى إلى نفي الآخر، و اللجوء إلى العنف، و إلى الإرهاب الأعمى.

    أمام هذه التحديات التي تواجه البشرية، فإنه من الضروري العمل، في المقام الأول، على رفع مستوى الوعي، لاستيعاب التهديدات المتعددة، التي تواجه المجتمعات و الأفراد، و كذا الطبيعة.

    في هذا العالم، المتميز بندرة المواد، تتجلى فيه عدم المساواة، و التمييز الإجتماعي و الإقليمي، فمن الأهمية بمكان، الدعوة بقدسية الحياة، و التأكيد على الحاجة الملحة إلى العيش معا، في وسط محافِظ بشكل جماعي. أكثر من أي وقت مضى، نحن بحاجة إلى نظرة جديدة، لخلق و تفعيل تحور عميق، في المجتمع. تواجه البشرية اليوم مشاكل من جميع الأنواع، ستؤدي بنا إلى القطيعة، بل حتى إلى الكارثة: كل شخص، هو شاهد يوميا على الأضرار الناجمة عن فقدان المعنى، و عن الفردانية، و انعدام الروابط الإجتماعية، و انعدام الثقة في المستقبل، و الشعور بالفراغ و العجز.

    منذ أكثر من قرن، و الطريقة الصوفية العلاوية، تعمل من أجل المصالحة و الحوار و الأخوة العالمية، بين أعضاء العائلة الإنسانية. فقد اعترفت منظمة اليونسكو خلال مؤتمرها العام السابع و الثلاثين، الذي انعقد في شهر نوفمبر، من عام 2013 بها كـ "مدرسة للتسامح و التعايش الديني". وقد عززت اليونسكو قرارها هذا، بتذكيرها العالم، أنه منذ سنة 1914 "جعل المنهج الصوفي العلاوي العمل من أجل الحوار بين الأديان و تشجيعه أولى أولوياته. و يبين هذا المنهج كيفية تقديم، خدمة أفضل للإنسانية، و كيفية المحاولة لتنسيق و توفيق و تجميل العالم. إنه يتقبل و يقرّ كل ما يمكنه جلب الراحة المادية للبشر، و لكن بعلاقة وطيدة، و اتصال و ثيق مع البعد الباطني، و بتوازن دائم مع مادية الأشياء و قدسيتها. يراهن هذا المنهاج على الأخوة المُحبة بين البشر. كما يدعو في حقيقته إلى عدم رفض العقل، على حساب القيم الروحية، و إلا ينغلق الفرد في تدين بارد". هذا المنهج ممثل من طرف الجمعية الدولية الصوفية العلاوية، المعترف بها من قبل الأمم المتحدة، كمنظمة دولية غير حكومية، تتمتع بميزة "الصفة الاستشارية الخاصة"، لدى مجلسها الإقتصادي و الإجتماعي (ECOSOC).

من ثقافة "أنا" إلى ثقافة "نحن"
    إن عالمنا اليوم مبني على هيكل هرمي، قائم على أساس التعارض، بين قمة مكونة من نخبة توزع السلطات و الخيرات، و قاعدة تمنح التفويض، فتجد نفسها عاجزة. تؤدي هذه الوضعية تلقائيا، إلى عدم المساواة و الصراعات. و كبديل لهذا النظام الهرمي، تقترح الجمعية الدولية الصوفية العلاوية – المنظمَة الدولية غير الحكومية، و سيلة دائرة اليقظة، للفضائل و الجود، التي تعترف بوحدة الإنسانية كموضوع حي، و قانوني و اجتماعي و سياسي، مسؤول عن توازن تنظيم العالم، من أجل مصلحة الجميع. فعِوض التنافس الذي تدعو إليه الرؤية الهرمية، يحل التعاون، و عوض النزعة الفردية المدمرة، يحل الإيثار البناء، المولد للفعل الحسن، و كذا ذكاء جماعي، يعزز المعرفة المتشَاركة.

    من أجل الإنتقال من، الثقافة الذي تقسم العالم، و هي بوابة الصراع، إلى قراءة إنسانية، و أخوية لعالمنا، و هي بوابة مفتوحة للحوار، و مِرحابة بجميع جوانب الحياة، و مُحِلة للسلام، قامت الجمعية الدولية الصوفية العلاوية، المنظمة الدولية غير الحكومية، بالأخذ من الحكمة العالمية للروحانيات. جاء هذا الإعتماد و التحلي بالوعي، و هذا الإنتقال، من خلال التفكير و العمل، و المحبة التي نكنها للأقران، مما سينطوي عليه، المرور من ثقافة "أنا" إلى ثقافة "نحن"، كي يتم توحيد المجتمع البشري، حول نفس المبادئ. و لكن كيف يمكننا اليوم، من خلال تنوع رسالات الأديان، أن نفهم و نفسر وحدتهم الأساسية؟ كيف يمكن لأي شخص أن يعيش تجربة الواحد من خلال الكثرة؟ هل يوجد وراء اختلاف العقائد و المذاهب، محل مشترك، حيث الحضور الإلهي، يتجلى لكل فرد، متعطش للحقيقة و العدالة؟ هل يمكننا التعرف بشكل موضوعي، على الصلة الخفية غير المرئية، الذي تصلنا بالضمير العالمي الحي، الذي تسكنه حقيقة واحدة؟

    "إن الإنسان متحد الحقيقة و إن تعددت أفراده، بهذا يتضح أن كون الفرد في المجتمع الإنساني، هو بمنزلة العضو في البدن، و الأعضاء البدنية تختلف باختلاف منافعها، و كيفما كان العضو، لا يُستغنى عنه بعدمه أو بوجود ما هو أشرف منه .فكلُّ لضروريته يُعتبر شريفا، مهما كان عاملا فيما تعود فائدته على البدن، لأن ضرورية العضو موزعة حسب أعضاءه". هكذا يجيب الشيخ العلاوي في أبحاثه في الفلسفة الإسلامية، المبحث الثامن.

تحالف جديد
    ألا تكمن إحدى الأجوبة على هاته التساؤلات، في تحالف جديد: العمل من أجل لقاء الآخر؛ و فتح حوار بين ما هو "أفضل لديه"، و "أفضل ما لدى الآخر"؛ و الإجتماع من غير تشابه، من أجل بناء مجتمع "العيش معا"، يثري فيه كل شخص الآخر، بما لديه من اختلاف. العمل على تظافر العلوم و القدرات و المعارف، و جعلها في خدمة الجميع. مدعومين بطاقة موحدة، نقوم باستعادة الثقة و التبصر، و تحقيق توازن بين الجسم و الروح، من أجل التخلص من سراب المظاهر، و ميزان القوى الذي يعيقنا.

لماذا 21 سبتمبر؟
    لقد أثرت مأساة 11 سبتمبر على التاريخ، و على ذاكرتنا. فمنذئذ ، رجح العالم إلى عنف غير مضبوط، يثير المخاوف، و يغذي  كل أشكال الرفض و الريبة، كما مختلف أنواع الفوبيا. إن 21 سبتمبر، لم يترسخ بعد، في مخيلتنا الجماعية، و رغم ذلك، فإنه اليوم العالمي للسلام، المُعلن رسميا من طرف الأمم المتحدة. لقد قررت الجمعية الدولية الصوفية العلاوية، المنظمة الدولية غير الحكومية، أن تتجند و تبذل كل ما في وسعها، لتجعل من هذا اليوم، يوما عالميا للسلام و للعيش معا، حيث يتم الإحتفال به في كل مدننا و دولنا، و أن تمنح من خلال تجنيد المواطنين، رؤية متقاسَمة لمصير مجتمعنا، و أن تُمكن مؤسساتنا من الإنضمام إلى حركة معترف بها دوليا.

    بإدخال نظرة جديدة، يمكننا أن ننشئ و ننشر بشكل جماعي، تحورا عميقا من أجل بناء مجتمع الغد، و اقتراح أداة للتعبير، بصوت عال و قوي، عن هذه الرغبة، التي تعلم العيش معا بشكل أفضل.

    يدعو اليوم العالمي للعيش معا JMVE، إلى تفكير مشترك، من خلال عمل المواطنين، و يريد أن يؤازر الضمائر، من خلال تنظيم مؤتمرات، و ورش العمل، أين يتم تسليط الضوء على الفضائل و الجود، التي يتمتع بها كل فرد. إن اليوم العالمي للعيش معا JMVE يريد ترقية الإنسانية، من خلال بناء الصِلات، و المواطنة المشبعة بالقيم الأساسية للعيش معا، حتى لا يتم ترك أي واحد جانبا.

    يدعو اليوم العالمي للعيش معا JMVE، إلى بناء جسور للأجيال الجديدة، التي هي مستقبلنا، و تبحث عن المعالم و المعنى، إذ يتوجب علينا أن نقدم لها مسارا حقيقيا، تربويا و مدنيا، يتألف من القيم و المعارف و الممارسات و السلوكيات، التي تساعد على إيجاد مساهمة فعالة و فعلية في الحياة الإجتماعية و المهنية، و تمكنهم من ممارسة حريتهم بكامل الوعي، بحقوق الآخرين، و رفض العنف، و تعلم كيفية النقاش دون صراع.

    إن اليوم العالمي للعيش معا JMVE، يدعونا للإستفادة من التراث المشترك للحِكم الإنسانية، لإيجاد السلام و الروحانية. من خلال إعادة النظر في النصوص المقدسة، فإنه يسلط الضوء على طابعها العالمي. و إنه يعزز المصالحة بين ثقافات و تقاليد الأسرة البشرية. هي فرصة لتعزيز القيم الروحية الحية، التي تمنح معنى للحياة.

    إن اليوم العالمي للعيش معا JMVE، المستوحى من "إعلان وهران"، و المعتمد في المؤتمر الدولي للأنوثة – الكلمة للنساء من أجل ثقافة السلام – و الذي انعقد في أكتوبر 2014 في الجزائر، يلتزم من أجل المساواة و الوئام بين الجنسين. و يشير إلى أنه، في ظل تنوير الطاقة الأنثوية، ذلك الجوهر الحامل للسلام، يمكن أن تتحقق المصالحة و المساواة بين رجل-إمرأة، و تتكامل وحدتهما.

    يقترح اليوم العالمي للعيش معا JMVE، إنشاء أكاديمية السلام. يكون دورها تلقين و تدريس بيداغوجية و منهجية من أجل تطوير ثقافة السلام، لدى جميع شرائح المجتمع. و إنه يعمل على توحيد جميع المبادرات العاملة في هذا الإتجاه. و ستمنح كل عام جائزة دولية، مكافأة لمبادرات الرجال و النساء العاملين، من أجل العيش معا، و من أجل ثقافة السلام.

    لهذا السبب، بادرت الجمعية الدولية الصوفية العلاوية – المنظمة الدولية غير الحكومية، مع المؤسسة المتوسطية للتنمية المستدامة في الجزائر، و برنامج ميد 21 DME بفرنسا، على إنشاء جائزة الأمير عبد القادر، من أجل ترقية العيش معا و التعايش السلمي، في منطقة البحر الأبيض المتوسط، و في العالم.

معنى التسمية
    كان الأمير عبد القادر يعمل من أجل الإنسانية، و يؤمن بتضامن بلا حدود بين الإخوة في الإنسانية، دون أي تمييز. أنقذ بكل شجاعة و حزم، خلال أحداث الفتنة في دمشق (1860)، الآلاف من المسيحيين الذين كانوا مهددين، من انتقام جماعة مغرر بهم من الناس. إن رسالة التفتح و التسامح و الإخاء و التضامن، التي تركها لنا تستحق، أن تبقى حية مستمرة، دون انقطاع، و تتجدد في إطار جائزة تحمل اسمه. لقد أوصى الأمير عبد القادر الإنسان بأن تعتبر "روح مماثليه من البشر و روحه كأنهما منبثقتان من أصل واحد... و أن الله هو إله الجميع، و عليه، فإنه من الضروري محبة الجميع". من كتاب المواقف.

نداء من أجل الدعم  
    إن الجمعية الدولية الصوفية العلاوية – المنظمة الدولية غير الحكومية، تدعو الأمين العام للأمم المتحدة، و أعضاء مجلس الأمن الدائمين، و جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، لمساعدتها على تحقيق و إدراج يوم 21 سبتمبر، كيوم للسلام و العيش معا، في التقويم الرسمي العالمي، و جعل هذا اليوم أيضا، يوم تحالف الحضارات، لأنه كما أشار السيد بان كيمون، الأمين العام للأمم المتحدة، فهذه الأخيرة، بصدد توطيد الثقة و التفاهم، و إن قيمتُها، لا تقدر بثمن، من أجل رفع تحديات عصرنا.

الشيخ خالد بن تونس
الرئيس الشرفي للجمعية الدولية الصوفية العلاوية، المنظمة الدولية غير الحكومية ONG AISA، و الرئيس الشرفي للكشافة الإسلامية بفرنسا.

الجمعة، 17 يونيو 2016

الطـب المحمدي

الطـب المحمدي


   للشيح خالد بن تونس (*)

    عندما نقف أمام الأهمية التي أولاها رسول الله صلى الله عليه و سلم، لرعاية الجسم، فإنه ينتابنا الذهول، فقد نقل عنه أصدق الشهود، و خصوصا زوجته عائشة، رضي الله عنهم، مئات الأحاديث و الأراء و الحكم و الملاحظات، كلها تشهد على غزارة المعرفة التي كان يمتلكها، صلى الله عليه و سلم، في هذا المجال. حتى أننا نتفاجأ بالطابع العصري، الذي تتصف به تعاليمه، فيما يخص الحمية الغذائية و  علم الصحة و الوقاية. فقد نقل مفاهيم رائدة حول الأوبئة، و الوصفات الدوائية، و الأخلاق الجنسية، و العلاج من الأمراض، التي تنتقل بالإتصال الجنسي.

    تستند نصائحه على مبادئ بسيطة، و هي الفطرة السليمة و الملاحظة.

    قال صلى الله عليه و سلم "لكل داء دواء" (1). كان يُعلم أن الجسم البيولوجي منشأه الأرض، و يجد توازنه و تناغمه، من خلال الإستهلاك المعتدل، لِما تمنحه له الطبيعة. إن تنوع العلاجات و العمليات، هي أيضا تكشف النقاب عن علاجات، مثل علاج ضغط الدم المرتفع بالحجامة (2)، و علاج النزيف، في حالة احتقان الدم. و كان يوصي أيضا بالمستحضرات العشبية، كترياق السم، و بالقُسط (3)، و بالحناء للعناية بالجلد و الشعر، و بالهليلج (4) الغني بالتاتين (5)، و السنا (6) تستعمل ثماره للإسهال، و السنوت (7) يدر حليب المرضعات، و ينشط، إلخ...

    أما عن المعادن، فكان يوصي بالذهب و النحاس و الكبريت و الإثمد (8)، و غيرها من المعادن المعروفة و المستعملة حتى أيامنا هذه، في مختلف العلاجات النفسية. و نصائحه فيما يتعلق بالإستعمال المعتدل للملح و السكر و الشحوم، و الأهمية التي كان يوليها للمعالجة المائية، لم تفرد في دليل معاصر للحمية. إن معرفته و أرائه في مسألة الصحة، تثير فينا الإعجاب.

    من أخلاقية تعاليمه المتعلقة بالعناية الممنوحة للجسم البشري، نشأت أساسيات الطب العربي.


نشأة الطب العربي

    قال صلى الله عليه و سلم في حديث شهير "النظافة من الإيمان" (9)، و إنها إحدى أهم وسائل الوقاية من الأمراض العديدة. و من نتائج تلك التربية، تواجد في القرن العاشر، حمام في جميع شوارع بغداد تقريبا. و في نفس العصر أُحصي أكثر من ستة آلاف حمام في قرطبة، في حين كان يتوفر في القيروان حمام لكل ثمانين نسمة.

    و أكثر ما يشدّ الإنتباه في هذا الإرث المحمدي، هو ما أثبته في حديث، يدعو فيه الإنسان إلى الإشتغال بالبحث العلمي، إذ قال "اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد". (10)، و أيضا قوله "اطلبوا العلم و لو في الصين" (11). حفزت هذه التوصية حركة غير عادية، عملت على نشر النشاط العلمي للحضارة الإسلامية، التي قامت بتطوير و إثراء ما تركته الحضارات السابقة، مع العمل على تنمية تطورها الخاص. من جهة أخرى مهدت للتطور العلمي و التكنولوجي لأوروبا. على سبيل المثال، فيما يخص إنشاء و تطوير المستشفيات، كان المسلمون هم السباقين إلى تشريح الجسم البشري.

     بُني أحد أوائل المستشفيات، من طرف الخليفة الأموي، الوليد ابن عبد الملك بدمشق (12) عام 707، و ابتداءا من القرن التاسع، تهيكلت هذه المؤسسات و تكاثرت بسرعة. افتتح المستشفى العضدي (13) ببغداد سنة 982، و كان يعمل بمصلحته ثمانين طبيبا، في مختلف التخصصات ( طب العيون و الجراحة و مبحث الرضوض أي الجروح، و غيرها...)، و إضافة إلى عملهم، كانوا يقومون بوظيفة التدريس. بعد القرن التاسع، أحصي افتتاح أربعة و ثلاثين مستشفى، في أرض الإسلام. إمتدت هذه الحركية إلى المغرب و الأندلس، و وراءهما، إلى العالم المسيحي، حتى و لو كانت في أوروبا، مراكز العلاج و الإيواء متفرقة. كان يجب انتظار عام 1500، عندما تمّ تنصيب طبيب متخصص بمستشفى ستراسبورغ، و حينها انتهى هذا الوضع. ثم جاء الدور على ليبزيغ في عام 1517، و بعده مستشفى أوتيل ديو في باريس، و كان هذا بعد قرون عدة، من بناء أولى المستشفيات الإسلامية، بحيث كان يتوفر بعضها على مصالح الخدمة النفسية، استعملت فيها الموسيقى كعلاج للأمراض العقلية. على العموم، كان يتبع الأطباء جدول زمني أسبوعي، مع وجود الحراس ليلا و نهارا، و إعطاء دروس للطلبة، و إلقاء محاضرات  على رؤساء المصالح.

    كما أنها كانت تمتلك صيدليات، يديرها رئيس الصيادلة، و المرضى كانوا يتحصلون على الأدوية مجانا، بوصفة يسلمها لهم المستشفى. إن مجانية العلاج و العناية و التكفل، من طرف المجتمع، تستند على مبدأ أساسي لمفهوم الطب الإسلامي، ألا و هو المساواة في العلاج. إن التطور المهم للصحة العمومية، كان نتاج رسوخ في عقيدة المؤمنين، أن علاج كل شخص واجب، مهما كانت مكانته في المجتمع، أو كان عرقه أو معتقده.

    جاء في ديباجة وقفية تُسير المستشفى، الذي بناه السلطان منصور قلاوون (14) في 1282 بالقاهرة "يقيم به المرضى الفقراء لمداواتهم إلى حين برئهم و شفائهم. و يُصرف ما هو معد فيه للمداواة، و يُفرّق للبعيد و القريب، و الأهلي و الغريب، و القوي و الضعيف، و الدني و الشريف، و الغني و الحقير، و المأمور و الأمير، و الأعمى و البصير، و المفضول و الفاضل.. و المليك و المملوك، من غير اشتراط لعوض من الأعواض.. و لا اعتراض، بل لمحض فضل الله و طوله الجسيم، و أجره الكريم، و بره النعيم". (15)

    و هذه شهادة أحد من عاصر، بناء مستشفى مراكش في 1190، تظهر لنا، إلى أي درجة وصلت، الرعاية المقدمة للمرضى "و بنى أبي يوسف (16) بمدينة مراكش بيمارستانا (17)، ما أظن أن في الدنيا مثله، و ذلك أنه تخير ساحة فسيحة، بأعدل موضع في البلد، وأمر البنائين بإتقانه على أحسن الوجوه، و أتقنوا فيه من النقوش البديعة و الزخارف المحكمة، ما زاد على الاقتراح. و أمر أن يغرس فيه مع ذلك، من جميع الأشجار و الشمومات و المأكولات، و أجرى فيه مياها كثيرة تدور على جميع البيوت، زيادة على أربع برك، في وسط إحداها رخام أبيض، ثم أمر له من الفرش النفيسة، من أنواع الصوف والكتان والحرير والأديم وغيره، بما يزيد عن الوصف، و يأتي فوق النعت، و أجرى له ثلاثين دينارا في كل يوم، بِرَسم الطعام و ما ينفق عليه، خاصة خارجا عما جلب إليه من الأدوية، وأقام فيه من الصيادلة لعمل الأشربة و الأدهان و الأكحال، و أعدّ فيه للمرضى ثياب ليل ونهار، للنوم من جهاز الصيف والشتاء، فإذا نقه المريض، فإن كان فقيرا، أمر له عند خروجه، بمال يعيش به ريثما يستقل، وإن كان غنيا دفع إليه ماله، و تركته و سببه". (18)

    بالإضافة إلى الدراسة المباشرة، لكتب الأطباء العرب، كان الطلبة يمتلكون دليلا مكتوبا من قبل المترجمين. و هكذا، و ابتداءا من القرن التاسع، أصبح لديهم كتب مرجعية، و كان باستطاعتهم أيضا الرجوع إلى السجلات الطبية للمستشفيات الكبيرة، و فيها كانت تحرر التقارير الرسمية، للفحوصات الطبية و التشخيصات و الوصفات، و آثارها على التطور العام. أنشئ جدول شامل دقيق حقيقي يخص كل حالة. من مجموع هذه الملاحظات، دُوّن كتابا طبيا ضخم، تم استخدامه لعدة قرون في مهنة الطب الأوروبية. ألّف هذه مجموعة العمل  للإستخدام الشخصي، و من أجل طلبته، من هو يعتبر من طرف أقرانه، أكبر طبيب في القرون الوسطى، إنه الرازي (19)، المتوفي سنة 937.

    منذ ستة قرون، كان هذا المؤَلف، واحدا من أنذر الكتب، الذي تمتلكه كلية الطب بباريس. نظرا للقيمة الكبيرة التي كان يمتلكها هذا الكتاب، قدّم الملك لويس التاسع (20) بنفسه، جائزة تقدر باثني عشرة رطلا من الفضة، و مئة أوقية (وحدة نقدية أوروبية قديمة)، لكل من يقتني له هذا الكنز، حتى يتمكن أطبائه الخصوصيين من مراجعته.

    و ليزال يوجد تمثال منصوبا، يخلد ذكرى الرازي، عند قاعة التدريس القصوى، لمدرسة الطب بباريس، و حتى أيامنا هذه، عندما يجتمع الطلبة في المدرج الكبير، لنهج سان جرمان، يمكنهم إلقاء نظرة على الطبيب العربي الشهير.

    لعب المترجمون الأندلسيون دورا رائدا، في نشر المعارف. نستطيع أن نذكر، على سبيل المثال، الكتاب الشهير "القانون في الطب" لابن سينا (21)، الذي وسم لمدة طويلة النظريات و الممارسات الطبية للغرب، بصفته أكبر موسوعة طبية، و كتاب "التصريف لمن عجز عن التأليف"، للجراح الأندلسي البارز، أبو القاسم الزهراوي (22)، المتوفي سنة 1013، و المعروف لدى الغرب في القرون الوسطى، باسم "Alboulcassis". ترجم كتابه إلى اللاتنية في القرن الثاني عشر، و درّس به في أوروبا لعدة قرون، و ترك للأجيال اللاحقة، ليس فقط تجربة منقطعة النظير (كي الجروح، و تفتيت الحصى في المرارة، و أمراض النساء، و أشكال مختلفة من الغُرز..)، و لكن أيضا العديد من أدوات الجراحة.

    إن إيطاليا و صقلية، و خصوصا مدرسة ساليرنو، هم من ندين لهم، إحياء الطب الغربي، تحت تأثير معارف الطب الإسلامي، و مثلهم جامعة مونبيليي بفرنسا، واحدة من أولى جامعات أوروبا، التي استقبلت العديد من الأطباء اليهود، الذين تكوّنوا في المدارس الإسلامية الأندلسية، بعد طردهم من إسبانيا، أثناء حروب الإسترداد المسيحي.

    و فضلا عن ذلك، إذا قسنا تأثير الطب الإسلامي، في نهاية العصور الوسطى في أوروبا، نسبيا، مع الطب الإغريقي و اللاتيني، يكفي أن نعرف، على سبيل المثال، أن بين سنتي 1473 و 1500، طبع كتاب القانون لابن رشد، ست عشرة مرة، في حين نجد إصدار واحد لجالينوس (23) في مجلدين. و في بداية القرن الثامن عشر، بتوبينغن و فرنكفورت الألمانيتين، كان ابن رشد و الرازي يمثلان قاعدة البرنامج الدراسي.


العلاج المحمدي (**)

    كان رسول الله صلى الله عليه و سلم، منذ خمسة عشر قرنا، يَعلم أن الهواء يمكنه أن يحمل عناصر ملوثة للماء و الطعام، فقال "غطوا الإناء، وأوكوا السقاء، فإن في السنة ليلة ينزل فيها وباء، لا يمر بإناء ليس عليه غطاء، أو سقاء ليس عليه وكاء، إلا نزل فيه من ذلك الوباء" (24). و قال محذرا" لا تَسْكُنُ الْحِكْمَةُ مِعْدَةً مَلأَى" (25). و قال أيضا "إياكم و البطنة في الطعام و الشراب فإنها مفسدة للجسد و مورثة للسقم، و عليكم بالقصد فيهما، فإنه أصلح للجسد" (26). و قال أيضا "من قل طعامه فهم و أفهم و صفا و رق". (27)

    يوضح المثال التالي، مدى الحس العملي للرسول صلى الله عليه و سلم، و هذا الطريق الوسط، الموجود بين الزمني و الروحي. لمّا وصل نبي الله صلى الله عليه و سلم إلى المدينة المنورة، توسل إليه أهلها، ليدعو الله، كي يتنقى هواء المدينة. بالفعل كانت واحة المدينة معروفة بأنها، موقع ينتشر منه المرض، بسبب المياه الراكدة. جمع رسول الله صلى الله عليه و سلم السكان، و دعا الله سبحانه و تعالى، و طلب من كل واحد، أن يحمل أداة، و يحفروا قنوات لصرف المياه الملوثة، التي كان يتجمع فيها البعوض الناقل للمرض. حفر أيضا حُفر، و أصبح لكل شخص، مكب نفايات، و الملاريا غادرت المدينة. (28). أنشأ مدونة سلوك مدني، بين سكان المدينة، إذ أقرّ "ليسلم القائم على القاعد"، و طلب بـ"إماطة الأذى عن الطريق"، و قال "النَّاسُ شُرَكَاءُ فِي ثَلاثَةٍ: فِي الْكَلأِ، وَالْمَاءِ، وَالنَّارِ". (29)

    عنت توصياته حتى الأعمال الأكثر بساطة للحياة، فكان يقول "إذا شرب أحدكم فليمص الماء مصاً، ولا يعب عباً، فإنه من الكُبَاد" (30). نهى عن النفخ في إناء الشراب، حتى لا يخلط باللعاب (31)، و كان يوصي بالشراب، الذي يكون غير حار أو بارد. كان يشجع ممارسة التمارين الرياضية، ففي هذا السياق قال "كل شيء ليس من ذكر الله، فهو لهو إلا أربع خصال: مشى الرجل بين الغرضين، وتأديبه فرسه، وملاعبته أهله، وتعلمه السباحة" (32). و قال السيوطي في كتابه " ..الطب النبوي"، "الحركة أقوى الأسباب.. بما يسخن الأعضاء.. تُعوِد البدن الخفة و النشاط و تجعله قابلا للغذاء، و تصلب المفاصل و تقوي الأوتار و الرباطات، و تؤمن من جميع الأمراض، المادية و أكثر المزاجية". (33)

    و روى عنه أصحابه أنه كان يعلمهم، أن حركة البدن جيدة لأجسامهم و أبدانهم، فعن جابر أنه قال، شكا ناس إلى الرسول صلى الله عليه و سلم، من التعب، فدعا لهم، وقال "عليكم بالنسلان"، أي الإسراع في المشي، فانتسلنا فوجدناه أخف علينا (34). و نهى عن النوم في الشمس (35). كان يوصي الأباء بتعليم أبناءهم ثلاث رياضات، و هي الرماية و السباحة و ركوب الخيل. (36)
  
    كان يربي على التلطف في الضحك، إذ قال "لاَ تُكْثِرِ الضَّحِكَ ، فَإِنَّ كَثْرَةَ الضَّحِكِ تُمِيتُ الْقَلْبَ" . (37). و حذر من الهموم و الأحزان لأنها تسبب الإضطرابات، بقوله "من كثر همه سقم بدنه" (38)، و قال أيضا "ما على أحدكم إذا ألح به همه أن يتقلد قوسه و يتقي به همه" (39). أي ينشغل بما ينسيه إياه.

    قد رسخ صلى الله عليه و سلم، في الأذهان الإعتدال في السلوك بقوله "المعدة بيت كل داء، والحمية رأس كل دواء، وأعط كل نفس ما عودتها" (40). أما عن نصائحه فيما يخص المرضى فقال "لا تكرهوا مرضاكم على الطعام والشراب؛ فإن الله عز وجل يطعمهم ويسقيهم" (41). عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه و سلم، عاد رجلا من الأنصار، فقال "أتشتهي شيئا؟" قال نعم، خُبزَ بُرِّ، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم للقوم، "من كان عنده شيئ من الخبز البر، فليأتي به" فجاء رجل بكسرة، فأطعمها إياه. ثم قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "إذا اشتهى مريض أحدكم شيئا فليطعمه إياه" (42). و قال  أيضا "إذا دخلتم على المريض فنفسوا له في الأجل فإن ذلك لا يرد شيئا، و هو يطيب نفس المريض". (43)

     طُلب من ابن زيد، عما سمعه من النبي صلى الله عليه و سلم، حول الطاعون، فقال رضي الله عنه، قال النبي صلى الله عليه و سلم قال "إذا سمعتم الطاعون بأرض فلا تدخلوها وإذا وقع بأرض وأنتم فيها فلا تخرجوا منها". (44)

    في كتابها شمس العرب تسطع على الغرب، ذكرت المستشرقة الألمانية سيجريد هونكه (45). "مرة أخرى، تدخل العالم العربي كمنقذ. مرة أخرى في ساعة الخطر، إنه هو الذي نجح في تحرير الطب، من وصاية اللاهوت، و فتح له الباب المستقبل.
  
    بالنسبة لمهنة الطب كلها، دقت ساعة المحنة سنة 1382، خلال وباء الطاعون الكبير. أثبتت نظرية العرب، أن العدوى هي السبب الحقيقي لهذا الوباء، أهميتها القصوى، لدى الغرب المجرد و المشلول. خلال الموجة الثانية من الطاعون، لم يُؤخذ الغرب على حين غرة. لم يؤذن للسفن المشتبه بها، بالإفراج عنها، في الموانئ الإيطالية. إن واجب التقدم إلى السلطات من أجل عمليات الحجر الأولى، و حظر التجمعات، وتدمير الأشياء المصابة بالنار، كل هذه الأحكام، تشير إلى أن أطروحة جديدة تجذرت في الغرب. منهجة التدابير الوقائية و القمعية التي وضعت في ذلك العهد، استمرت دون ابتكار كبير، حتى صدور التشريعات الحديثة، المعمول بها، في حالة وباء". (46)

    أما ما يخص منع الحمل، فقد أجيزت المرأة استعمال أدوية قطع الحيض، فقال الإمام أحمد ابن حنبل "لا بأس أن تشرب المرأة دواء يقطع عنها الحيض، إذا كان دواء معروفا" (47)، و اشتُرط أيضا إذن الزوج لها. كما كان ينصح صلى الله عليه و سلم، المرأة التي تخشى على صحتها، بأن لا تنجب سوى ثلاثة أطفال، و ترك لها حرية الرضاعة، إن هي لم ترغب في الإرضاع. كانت هذه حقوق ضمن حقوق أخرى، منحتها الشريعة للمرأة، في إطار عقد زواجها.


الرجوع إلى الأحد

قال الله تعالى " و ننزل من القرآن، ما هو شفاء و رحمة للمؤمنين و لا يزيد الظالمين إلا خسارا". سورة الإسراء، الآية 82.

    حاولنا التعرف على الخطوط الرئيسية، لهذا الطب المحمدي الذي يعني الجسم، ولكن يوجد في الواقع جانب آخر، يتعلق بعلاج النفوس، فيه التعليم الروحي للنبي، مُبين. علاج الجسم يعتمد على صفاء القلب: بامتلاكك قلب نقي، يكون لك قلب سليم. قال النبي صلى الله عليه و سلم "ألا و إنّ في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كلّه و إذا فسدت فسد الجسد كلّه ألا و هي القلب".  (48)  

     في النهج الروحي، الذي يظهر من خلال التعليم، الذي ورّثه النبي  صلى الله عليه و سلم، يجد المرض في حد ذاته طريقه. فهو يساعدنا في بحثنا، و في استفهاماتنا، و فهم ما نحن عليه، و  يساعد في سلوكنا، و كشف درجة النضج لدينا. يصبح في بعض الأحيان، بواسطة المعاناة التي يولدها، طريق الرجوع إلى الأساسيات، و الصلة التي تجمعنا بالله. قال صلى الله عليه و سلم" إن الأنين إسم من أسماء الله تعالى، يستريح إليه المريض". (49). أليس مرض الجسم بحد ذاته - كل واحد منا أصيب به -  ما يذكّر بالقيود الخاصة بنا، و بالكائن الزائل، الذي هو نحن، و بضعفنا، و بالعائق الذي يحصرنا، بأننا ليس سوى كائنات، خلقت من لحم، ولدت في يوم من الأيام، و ستموت غدا.

    قبل أن ننهي، يذكرنا رسول الله صلى الله عليه و سلم، بالحقيقة التالية، و هي قوله "موتوا قبل أن تموتوا" (50). لأن بموت النفس، و هي بيت القصيد هنا، يولد الكائن الروحي.
   
 إن علاج النفس الذي نادى به النبي صلى الله عليه و سلم، يدعونا إلى التأمل في مصدر كل حياة. إن القالب الذي ظهر فيه الحي، و انتشر من خلال الكون، هو مجرد إسقاط لمظهر من مظاهر الكون الإلهي، والمرآة التي تعكس حضرته. فإن الانسجام والتوازن، كما في كل حالة من مظاهر الفوضى والانحلال، ينبثقان من إرادة لبعد، يمكن بواسطة المعرفة، أن ينكشف لنا، ويبيح لنا أسراره. قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "إن للمرء همة لو تعلقت بالثريا لجذبتها". (51)

    يقوم هذا التدريس الباطني المحمدي، بتوجيه السعي الروحي نحو هذا الطريق. و إنه يجد نوره و هدايته في ذِكر الصفات الإلهية التسع و التسعين، التي ترمز إلى أسماء الكنه و الصفات و الأفعال، المندرجة في كل منا. في الواقع، يكشف لنا التقليد أن خطوط كف اليد، مرسوم فيها عدد. في اليد اليمنى، نرى بالأرقام العربية، العدد 18، و في اليد اليسرى العدد 81، و يبلغ مجموعهما تسعة و تسعين إسما إلهيا، و المائة هو الكائن بكليته، ممثلا رمزيا، بالنقطة أو الصفر. يتم ترتيب هذه الأسماء بالتوازي مع الأبعاد التسعة، التي تشكل الكائن، و التي هي، العقلية، والعاطفية، والهيكلي (الهيكل العظمي)، ونظام القلب والأوعية الدموية، والطاقة الحيوية، والجهاز العصبي الوراثي، والجهاز العضلي، ونظام الغدد الصماء، وأخيرا الجهاز المناعي. هذا الرمز هو معروف شعبيا باسم يد فاطمة، التي رسمت على مداخل المنازل، أو التي تُحمل اليوم على شكل قلادة، لدرء سوء الحظ، ودرء التأثيرات السلبية.

   على الرغم من أن قلة، من تعرف المعنى الحقيقي لهذا الرمز، فإنه يبقى راسخا في الذاكرة الجماعية. تمثل الأصبع العشرة، الأبعاد التسعة المذكورة، التي تشكل الكائن، و العاشر هو الهيكل الحسي، الذي يجمع الكل.
    هو في نفسي الظاهر، إنه هو في الحقيقة.

    من أجل هذا، يقول الصوفية:
    "إذا كنتَ لم يكن، و إذا كان لم تكن".

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*). نشر هذا الموضوع، في المجلة الفصلية الفرنسية "Nouvelles clés"، شهر مارس 2003. و طبع ضمن مجموعة مقالات و حوارات، جمعت في كتابه "لنعش الإسلام"، "Vivre l’islam"، الذي صدر في سنة 2003.
(**). بتصرف. لم أستطع الوقوف في هذا الباب، على بعض الأحاديث المترجمة إلى الفرنسية، فنقلت ما وجدت يناسب غرض المؤلف، حفاظا على الأمانة، و حرصا على بث رؤيته، لأنه يقال" إذا خرج الكلام من القلب، فإنه يصيب القلب".
(1). جاء فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم "لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ فَإِذَا أَصَابَ دَوَاءُ الدَّاءِ بَرَأَ بِإِذْنِ اللَّهِ".
(2). الحجامة هي العلاج، عن طريق امتصاص و تسريب الدم، باستعمال أداة هي المِحجم، بعد تشريط الجسم، وهي طريقة طبية قديمة كانت تستخدم لعلاج الكثير من الأمراض، و قد تكون الحجامة، جافة بلا دم، و هي أنواع، الرطبة، و الجافة، و المتزحلقة.
(3). قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "إنَّ أمثل ما تداويتم به الحجامة و القسط البحري" . رواه البخاري.
    القُسط نوعان بحري و هندي، و يعرف باسم أكاسيا Acacia farnesiana، و من أسمائه السنط، و شجرة المطر الذهبية و الصمغ العربي، و طريقة استعماله، بأن يسعط أي يقطر، و يستعمل على سبيل المثال للغمزة، و هو مرض إلتهاب اللوزتين.
    حسب الإمام ابن الجوزية، فيما نقله في كتابه زاد الميعاد، أن العود الهندى نوعان، أحدهما: يُستعمل فى الأدوية وهو الكُسْت، و يقال له: القُسْط، و الثانى: يُستعمل فى الطِّيب، و يقال له: الأَلُوَّة. و قد روى مسلم في صحيحه، عن ابن عمر رضى الله عنهما، أنه  صلى الله عليه و سلم، كان يَسْتَجْمِرُ بالأَلُوَّة غير مُطرَّاة، و بكافُور يُطْرَحُ معه.
(4). عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم"عليكم بالهليلج الأسود فاشربوه، فإنه شجرة من شجر الجنة، طعمه مر، و هو شفاء من كل داء". المستدرك على الصحيحين.
    الهليلج، يسمى Prunus cerasifera، و له  أسماء أخرى من بينها، الخوخ الكرزي و الجانيرك.
(5). التاتين هو كحول متعدد، جوهره نباتي يستعمل لقدرته الطبيعية على ترسيب البروتينات، و يستخدم أساسا في دباغة الجلود لجعلها غير قابلة للتعفن.
(6). السنا عدة أنواع، و يفضل الناس الحجازي، الذي يعرف بالسنا المكي، و إسمهSenna alexandrina.
    فقد ورد عن إبراهيم عن أبي عبلة، قال، سمعت عبدالله ابن أم حرام، و هو ممن صلى مع النبي صلى الله عليه و سلم القبلتين، "عليكم بالسنا والسنوت، فإن فيهما شفاء من كل داء". أخرجه ابن ماجة في السنن.
(7). السنوت لغة هو الكمون، و لكن الكمون أنواع، و قد اختلف العلماء في تحديد ماهية السنوت، فيعرف باسم الشمر و الكمون، و الشبت و الينسون عند المشارقة و عند المغاربة هو البسباس.
(8). الإثمد هو الأنتيمون أو الأنتيموان مترجما عن الفرنسية، و إنه أحد العناصر المعدنية، رمزه في الجدول الدوري Sb، و عدده الذري 51.
    عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهماَ قال،َ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "إِنَّ خَيْرَ أَكْحَالِكُمُ الْإِثْمِدُ يَجْلُو الْبَصَرَ وَيُنْبِتُ الشَّعْرَ". رواه أبو داود و النسائي و ابن ماجه. أي ينمى الرموش، و يزيد من قوة الإبصار.
 (9). رواه الترمذي.
(10). في صحة إضافته إلى النبي صلى الله عليه و سلم نظر، عند أهل الحديث. و ما يعزي فضل العلم ما روي، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "لن يشبع المؤمن من خير يسمعه حتى يكون منتهاه الجنة". رواه الترمذي.
(11). أورده العجلوني في كتابه "كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس".
(12). الوليد ابن عبد الملك ( 668 م- 50 هـ / 715 م- 96 هـ )، و حكم بين سنتي 705 و 715 للميلاد.             
(13). بناه عضد الدولة بن بويه، الخليفة العباسي، عام 371هـ، و الذي اختار مكانه، هو الطبيب المشهور، الرازي.
(14). الملك ناصر الدين محمد ابن قلاوون، ( 684هـ - 1285م / 741هـ - 1341م )، و هو أحد سلاطين الدولة المملوكية البحرية.
(15). كتاب "تاريخ البيمارستانات في الإسلام" ،للمؤلف الدُّكْتُور أَحمد عِيسى، المتوفى سنة 1365هـ.
(16). الملك الموحدي، أبو يوسف يعقوب بن عبد المؤمن بن علي القيسي الكومي ( 554هـ - 1160م / 595هـ - 1199م )، الملقب بالمنصور الموحدي.
(17). البيمارستان كلمة تعني مستشفى، أصلها فارسي، و معناها "محل المریض". مازال هذا الإسم يستعمل حتى اليوم، و أحيانا محرفا، إذ يطلق موريستان.
(18). كتاب "المعجب في تلخيص أخبار المغرب"، لعبد الواحد المراكشي.
(19). أبو بكر محمد بن يحيى بن زكريا الرازي (250هـ - 864م / 311هـ - 923م )، عالم وطبيب فارسي، وصفته زجريد هونكه في كتابها "شمس العرب تسطع على الغربأنه أعظم أطباء الإنسانية على الإطلاق، حيث ألف كتابه "الحاوي في الطب"، الذي كان يضم كل المعارف الطبية، منذ أيام الإغريق حتى عام 925م، و ظل المرجع الطبي الرئيسي في أوروبا لمدة 400 عام، بعد ذلك التاريخ.
(20). لويس التاسع (12141270)، أحد ملوك فرنسا، و حكمها و هو دون سن الرشد، ابتداءا من سنة 1226.
(21). ابن سينا هو أبو علي الحسين بن عبد الله بن الحسن بن علي بن سينا ( 370هـ - 980م / 424هـ - 1037م )، عالم و طبيب مسلم من بخارى، اشتهر بالطب و الفلسفة، و اشتغل بهما. ولد في قرية أفشنة بالقرب من بخارى، في أوزبكستان، حاليا. عرف باسم الشيخ الرئيس، و سماه الغربيون، بأمير الأطباء، و أبو الطب الحديث في العصور الوسطى.
(22). أبو القاسم خلف بن عباس الزهراوي، المتوفي بعد سنة 400 هـ ، وصفه الكثيرون بأبو الجراحة الحديثة. أعظم مساهماته في الطب هو كتاب "التصريف لمن عجز عن التأليف"، الذي يعد موسوعة طبية من ثلاثين مجلدًا. كان لمساهماته الطبية، سواء في التقنيات الطبية المستخدمة، أو الأجهزة التي صنعها، تأثيرها الكبير في الشرق و الغرب، حتى أن بعض اختراعاته لا تزال مستخدمة إلى اليوم.
(23). جالينوس (نحو 131 - 201 م)، هو طبيب و فيلسوف يوناني، و يُعتبر أحد أعظم الأطباء في العصور القديمة. أثر جالينوس على تطور فروع علمية عدة، و منها علم التشريح، و علم وظائف الأعضاء ( فيزيولوجيا )، و علم الأمراض ( باثولوجيا )، و علم الأدوية، و علم الأعصاب، فضلا عن الفلسفة و المنطق.
(24). أخرجه مسلم، عن جابر ابن عبد الله.
(25). حديث مقطوع. رواه الحافظ ابن أبي الدنيا، عن الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. 
(26). أخرجه البيهقي و أبو نُعيم الاصفهاني، عن عمر ابن الخطاب.
(27). رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق، عن حذيفة.
(28). عن عائشة رضي الله عنها، قالت، لما قدم النبي صلى الله عليه و سلم، المدينة، قدمها و هي أوبأ أرض الله، و كانت بطحان يجري نجلا، أي ماء آجن، فوعك أبو بكر و بلال، فقال النبي صلى الله عليه و سلم "اللهم بارك لنا في صاعنا و مدينتنا و صححها لنا و انقل حماها إلى الجحفة". رواه البخاري في فضائل المدينة، و مسلم و مالك في الموطأ، و أحمد.
(29). عَنْ رَجُلٍ مِن الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ، غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ "النَّاسُ شُرَكَاءُ فِي ثَلاثَةٍ ،فِي الْكَلأِ، وَالْمَاءِ، وَالنَّارِ". رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.
(30). رواه عبد الله بن المبارك والبيهقي وغيرهما، والكُبَاد - بضم الكاف وتخفيف الباء- هو وجع الكبد، و قد علم بالتجربة أن ورود الماء جملة واحدة على الكبد يؤلمها ويضعف حرارتها. 
(31). عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه و سلم، نهى عن النفخ في الشراب، فقال رجل، القذاة أراها في الإناء، قال "أهرقها". رواه الترمذي، و قال حسن صحيح.
(32). رواه النسائي في "السنن الكبرى". 
    و المشي بين الغرضين، يقصد به التحرك ما بين هدفي الرمي، و قال أيضا "عليكم بقيام الليل، فإنه دأب الصالحين قبلكم، وهو مطردة للداء عن الجسد". أخرجه ابن السني و أبو نعيم و السيوطي.
(33). السيوطي، "المنهج السوي و المنهل الروي في الطب النبوي" ، في باب الحركة و السكون البدنيين.
(34). رواه الحاكم و أبو نعيم في الطب.
(35). عن ابن عباس قال، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "إياكم و الجلوس في الشمس فإنها تبلي الثوب و تنتن الريح و تظهر الداء الدفين". تخريج السيوطي، و المستدرك على الصحيحين.
(36). جاء في الأثر "علموا أولادكم السباحة والرمي والفروسية". هو حديث موقوف على سيدنا عمر ابن الخطاب. رواه في كنز العمال.
(37). أخرجه أحمد، والترمذي، و البيهقى في شعب الإيمان، في حديث طويل، عن أبي هريرة.
(38). رواه علي ابن أبي طالب، و الحديث "من كثر همه سقم بدنه، من ساء خلقه عذب نفسه، من لاجى الرجال سقطت مروءته، و ذهبت كرامته". ذكره أبو بكر الشافعي في الفوائد، و غيره.
(39). رواه الطبراني عن عائشة.
(40). كشف الخفاء. و في نسبته إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم نظر. ما يعضد هذه الحكمة ما رواه أبو هريرة، عنه صلى الله عليه و سلم "المعدة حوض البدن و العروق إليها واردة، فإذا صحت المعدة صدرت العروق بالصحة، و إذا فسدت المعدة صدرت العروق بالسقم". رواه ابن عساكر و البيهقي و ابن حبان و الطبراني.
(41). رواه الترمذي في جامعه وابن ماجة، عن عقبة بن عامر الجهني.
(42). رواه ابن ماجة و السيوطي و ابن السني و أبو نعيم.
(43). أحرجه ابن ماجة و الترمذي و أورده الذهبي، عن أبي سعيد الخدري.
(44). متفق عليه.
(45). سيجريد هونكه (1913- 1999)، مستشرقة ألمانية صاحبة كتاب متميز، و هو شهادة من الغرب، أنصفت فيها إضافات المسلمين إلى الحضارة الإنسانية.
(46). كتاب "شمس الله تسطع على الغرب: الميرات العربي لدينا" لسيجريد هونكه، و مطبوع تحت عنوان "شمس العرب تسطع على الغرب".
(47). روى سعيد ابن منصور، عن ابن عمر ابن الخطاب رضي الله عنهما، أنه سئل عن المرأة تشتري الدواء، ليرفع – ليقطع – حيضها، فلم ير به بأسا. و نعت لهن ماء الأراك – السواك -.
(48). رواه البخاري.
(49). للرافعي عن عائشة رضي الله عنها، قالت: دخل علينا رسول الله صلى الله عليه و سلم و عندنا عليل يئن، فقلنا له: اسكت، قال "دعوه يئن فإن الأنين إسم من أسماء الله تعالى يستريح إليه العليل". كنز العمال – للمتقي الهندي.
(50). قال صلى الله عليه و سلم "موتوا قبل أن تموتوا و حاسبوا أنفسكم قبل ان تحاسبوا". رواه البخاري.
(51). ورد هذا المعنى في حديث "لو كان العلم معلقا بالثريا لتناوله قوم من أبناء فارس". أخرجه أبو نعيم في الحلية عن أبي هريرة، و الشيرازي في الألقاب عن قيس بن سعد.