الثلاثاء، 21 يونيو 2022

الرياضة في خدمة العيش معا

  

الرياضة في خدمة العيش معا

 

 

     تتأهب مدينة وهران الجزائرية لتنظيم الطبعة 19 لألعاب البحر الأبيض المتوسط، المزمع إجراء فعالياتها من 25 يونيو إلى 05 يوليو 2022، وهي فرصة مواتية لإلتقاء أهالي وخاصة شباب الحوض الأبيض المتوسط، بغية المنافسة الرياضية وربط أواصر معرفية وكذا للتفسح والتزود بمعرفة استكشافية.

      ضمن إجراءات الإستعدادات التنظيمية، نظمت اللجنة المكلفة بتنظيم هذه الدورة لقاءا دراسيا عنونته "وهران في قلب البحر الأبيض المتوسط"، يومي 18 و 19 يونيو، في قاعة المؤتمرات بفندق بلازا، وكان للشيخ خالد بن تونس فرصة المشاركة في الندوة، محاضرا عبر تقنية الفيديو، يوم 18 يونيو صباحا، بمداخلة عنوانها "الرياضة من أجل العيش معا".

 

      

     في مداخلته قدم الشيخ خالد بن تونس رسالة قال فيها:

 

     أريد أن أحيّي بهذه المناسبة لجنة تنظيم الطبعة 19 لألعاب البحر الأبيض المتوسط، وأشكر المنظمين الذين منحوني فرصة المشاركة معكم ذكرى يوم وُلد في هذه المدينة، مدينة وهران. مرحبا بكم في الجزائر وفي مدينة وهران، حيث بزغ فجر اليوم الدولي للعيش معا في سلام، أثناء المؤتمر الدولي للأنوثة – الكلمة للنساء-، الذي جرى يومي 29 و 30 أكتوبر 2014، وتقرر من طرف جميع الحاضرين، الذين تعدى عددهم 3000 شخص ومجموعة من الدول، وحينها ظهرت الفكرة، وعندها طلبنا دعم الدبلوماسية الجزائرية من أجل تأسيس اليوم الدولي لعيش معا في سلام، الذي تُبني بقرار، بإجماع الدول 193 وتوافقها يوم 17 ديسمبر 2017.

     يسرني أن أرى أن هذه المدينة تحتضن اليوم الألعاب الأولمبية، وعندما نقول ألعاب، في رأيي فإننا نقصد بها قيم، قيم تسمح لشبابنا وشباب البحر الابيض المتوسط بالتعارف بشكل أفضل وتعلم الإحترام المتبادل واتخاذ أحسن السبل للشروع في بناء مستقبلهم، الواحد مع الآخر وليس الواحد ضد الآخر.

    أصبح البحر الأبيض المتوسط حاليا مقبرة، كما تعلمون جميعا، حيث اختفى الآلاف من الشباب وللأبد، ولا يزال الأمر كذلك. ونتمنى أن يصبح هذا البحر المتوسط، هذا البحر الذي برزت فيه كبريات حضارات العالم، سواء كانت الحضارة الفرعونية والإغريقية والرومانية والقرطاجية والعربية الإسلامية، وأخيرا النهضة التي عرفتها أوروبا، فعلى ضفاف هذا البحر، ضمن معنى أم الحضارات، نحن نتمنى أن تتمكن الرياضة من التوصل إلى نسج صلات السلام والعيش معا.

           هذا القرار دعوة لجميع الدول، وإن جميع الدول وقّعت عليه، وكانت 193، وجرى بالإجماع، بتوافق منها جميعا. أنتم ترون  مآلنا اليوم بعد انقضاء سنتين على وطأة وباء كوفيد، ومحنة وطأت الشعوب، أغلقت على إثرها الدول على نفسها، ومدن أغلقت على نفسها. عانينا كلنا من التفرقة، عشنا كلنا أوقات شك وقلق  أفقمت هشاشة نظامنا الدولي، والإنسانية في مجملها امتحنت، في دول غنية وفقيرة. امتحنا حتى نعي جدوى التضامن بين الدول ومد يد العون وإحلال السلام، ونحن لحد الآن لم نعي بعد. فلنقوم بالسعي بتضمين حوكمة العالم هذه القيم، التي تعطي للإنسانية معنى.

     أشكر الجزائر وأشكر منظمي هذه الألعاب الأولمبية وقادة مدينة وهران على تنظيم هذه الألعاب. حتى يعاد زرع الأمل لدى شبابنا وفي كل منطقة المتوسط، بدون حمل معول الهدم، ويرفعون هذه التحديات، مع التحدي المناخي مع كل ما يعني ضمنا، وجميع المشاكل الماثلة أمامنا، والتغير المناخي، وتلوث هذا البحر المتوسط، وخصوصا كيفية التعامل مع الماضي المؤلم الذي عرفته شعوب ضفاف المتوسط، والتمكن من مساعدتهم على الإجتماع بشكل أفضل واتخاذ أحسن السبل لمد يد العون وعلى حسن إدارة مستقبل شعوبهم وأوطانهم. والعمل على خلق حضارة جديدة وأسطورة حضارية جديدة، وتمكينها من الظهور مجددا على ضفاف هذا البحر.

     هذا هو التحدي الذي ينبغي رفعه، وهو إيجاد كيفية لجعل إمكاناتنا ومعارفنا وتكنولوجياتنا في خدمة الصالح العام، والرياضة هي واحدة من هذه الإمكانات. أصبحت الرياضة حاليا إعلاميا منتوجا. بطبيعة الحال يوجد الجانب الإيجابي والجانب السلبي. في الجانب الإيجابي، فإنها تجمع الكثير من الشباب، الملايين وحتى البلايين من الشباب، بفضل الرياضة يستطيعون اللقاء وإقامة مباريات ودورات وتظاهرات رياضية، حتى يتعارفون أكثر وينشئون صلات مع بعضهم البعض، ولكن يوجد الجانب السلبي، بمأن الرياضة أصبحت منتوجا تسويقيا، ونشهد اليوم انخفاض قيمة الرياضة، انخفاض قيم الرياضة، التي هي قيم صداقة وأخوة وسلام. علينا أن لا ننسى، الذين هم في مثل سني، أن الصين والولايات المتحدة، بفضل مسابقة في رياضة البيغ بونغ، أعادا ربط العلاقات، وتم الإعتراف بالصين من طرف الولايات المتحدة. قدمت الرياضة يد العون، واليوم نحن على حافة نزاع، الذي يمكن في أي وقت أن يصبح نزاعا دوليا. ماذا لو أن دولا من العالم الثالث، مثل دول أمريكا الجنوبية والدول الأفريقية والاسيوية، التي تشكل ثلثي الإنسانية أن تصبح وسيطة، بحكم إلتزامها بالعيش معا في سلام، حتى لا يرى العالم مرة أخرى رعب حرب عالمية.

     نحن نعلم أننا بشكل إنفرادي ليس لنا أي إمكانية للقيام بذلك، ولكننا معا، لنحاول أن نكون وسطاء، ونحاول أن يتغلب صوت الذين لا صوت لهم، من خلال قرار هذا العيش معا في سلام، ويتغلب هذا القرار الذي تم التوقيع عليه وتقبله من طرف الجميع، ويُبنى حوله مستقبل هذا العالم، مستقبل عالم اليوم وغدا.

    هذا هو أملي. وأتمنى لكل الشباب، فتيات وفتيان، الذين سيشاركون في هذه الألعاب الأولمبية، أن يمضوا أوقاتا ملؤها الصداقة والأخوة والتبادل، وأقول لهم ليس الهدف الفوز بميداليات، وإنما الهدف هو المشاركة، لأنه لن يتواجد سوى الفائزين، لن يتواجد أي منهزم، كل من سيشارك سيكون له شيء يفوز به، سيكون له صداقة الغير وزيارة بلد واكتشاف ثقافة، وإدراج الرياضة في ثقافة السلام بنهج تربية السلام هذه.

      ينبغي أن تصبح الرياضة وسيلة تُمكّن من التأثير في الضمائر وزرع بذرة السلام هذه، في وقت مبكر في أبنائنا، حتى يكبرون بها، لأنها ثقافة. ليس السلام فقط غياب للحرب أو النزاع، إنما السلام ازدهار. السلام موجود فينا، ويتم إحلاله مع النفس والغير، ومع الجوار في المدينة وبين الدول، ونحن لا نزال بعيدين عن هذا. يذهب هذا السلام أبعد من ذلك، يجري إحلاله مع البيئة، إذ أصبح الإنسان المفترس الرئيسي، لأنه توفق في إفقام الوضعية  والعمل على زيادة الإحتباس الحراري، ولا بلد يستطيع بمفرده أن يحل هذا المشكل، بل معا في إلتزام كلي صادق وعادل وتشاركي ومتساوي وكرامة، نستطيع أن نرفع التحدي.

     شكرا جزيلا.   

  

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

      نوهت الصحافة الجزائرية بهذه الرسالة التي قدمها الشيخ خالد بن تونس بمناسبة هذا الندوة، ونقدم إعتبارا على سبيل الذكر مقال وكالة الأنباء الجزائرية.

 

 

ألعاب متوسطية (وهران 2022)

بن تونس: ضرورة إدراج الرياضة في ثقافة السلم والعيش معا

وكالة الأنباء الجزائرية

أدرج يوم  السبت 18جوان 2022 على الساعة 19:24       

 



       وهران - أكد خالد بن تونس، الرئيس الشرفي للجمعية العالمية الصوفية العلاوية والمبادر باليوم العالمي للعيش معا، اليوم السبت، أن إدراج الرياضة في ثقافة السلم والعيش معا في سلام أضحى ضرورة لمستقبل منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط.

     وفي تدخله عن طريق تقنية التحاضر المرئي عن بعد في أشغال ملتقى "وهران في قلب البحر الأبيض المتوسط" المنظم بوهران من قبل لجنة تنظيم الألعاب المتوسطية وهران -2022، دعا الشيخ بن تونس إلى "إدراج الرياضة كوسيلة للتقارب بين الشعوب" و"غرس مبادئ السلام والأخوة لدى الأجيال المستقبلية".

     وأشار إلى أن "تنظيم الألعاب المتوسطية وهران 2022 تسمح لشباب ضفتي البحر الأبيض المتوسط بالتعارف أكثر والاحترام المتبادل والتعاون وتسيير مستقبل الشعوب والأمم".

     وأضاف قائلا "إن تنظيم هذه الألعاب بوهران يندرج ضمن هذا المسعى للتقارب والالتقاء والسلام"، معربا عن أمله  في أن تساعد الرياضة أكثر على تعزيز السلام والعيش معا بحوض البحر الأبيض المتوسط، مهد أكبر حضارات العالم (العربية الإسلامية و الفرعونية واليونانية والرومانية).

      ولتحقيق هذا الغرض، دعا الشيخ بن تونس شباب ضفتي البحر الأبيض المتوسط إلى الاستفادة من أوقات الصداقة والتبادل التي تتيحها هذه التظاهرة الرياضية المتوسطية وأن يكونوا وسطاء للسلام والأخوة في منطقة المتوسط من أجل "بناء المستقبل مع بعض".

      ولدى حديثه عن أهمية الرياضة في إرساء السلام في العالم، ذكر الشيخ بن تونس دورة كرة الطاولة التي دفعت الولايات المتحدة الامريكية والصين إلى ربط علاقات دبلوماسية.

       يذكر ان الجزائر كانت قد اقترحت يوما دوليا للعيش معا الذي صادقت عليه منظمة الأمم المتحدة بالإجماع من قبل أعضائها ال 193 سنة 2017 .

      رابط النص

   

الخميس، 19 مايو 2022

جنة السلام

جنة السلام

 

     جرت بحمد الله  تعالى فعاليات الإحتفال بالطبعة الخامسة لذكرى اليوم الدولي للعيش معا في سلام، بعدما تعطلت في السنتين السابقتين، نتيجة استفحال وباء كورونا (كوفيد 19)، وما نجم عنه من شلل في النشاطات الجمعوية وحجر في الحياة الإجتماعية.

      بالمناسبة نظمت الجمعية العالمية الصوفية العلاوية المنظمة الدولية غير الحكوميةAISA ONG Internationale نشاطا ثريا في مختلف بقاع العالم، حيث يوجد لها تمثيليات، وركزت هذا العام على مدينة ألمير الهولندية، التي كانت فيه عاصمة العيش معا في سلام. تحتضن مدينة ألمير في هذه الأيام معرض فلورياد 2022، الذي سيدوم لعدة أشهر، تشارك فيه عشرات الدول، وفي ثناياه، في عرض جنة السلام، أقامت الجمعية العالمية الصوفية العلاوية المنظمة الدولية غير الحكومية AISA ONG Internationale  ودار السلام الهولندية عرضا خاصا، أيام 14 و 15 و 16 مايو.

 





     
     لم يفوّت الشيخ خالد بن تونس الفرصة، وحضر العرض الإحتفالي، وتم رصد عدة تدخلات له في الموقع الفردوسي. للعلم سجلت مظاهر إحتفالية بمناسبة يوم 16 مايو في أرجاء عديدة من الكرة الأرضية، وكما ذكر الشيخ خالد بن تونس أصبحت وتيرته تزداد مع مرور الأعوام، ويتزايد الإهتمام به لدى الجماعات الإنسانية.

 



 

اليوم الأول

 

      في اليوم الاول، في 14 من مايو دشن الشيخ خالد بن تونس بمعية السلطات البلدية المحلية متمثلة في السيدة انيكي فان اوستروم وكذا الفنان والمصمم الإيطالي الشهير أرماندو ميلاني معرض الملصقات لهذا الأخير، وشهدت قاعة العرض حضور عدد من الزوار والفاعلين، الذين تمعنوا في مختلف لوحات العرض، واستمعوا إلى كلمات ألقاها الشيخ وميلاني وفان أوستروم. أخذ الشيخ خالد بن تونس الكلمة، وقال:

 

    نهاركم سعيد جميعا.

    كان من غير المعقول بالنسبة لي، أن أحضر إلى ألمير، للإحتفال باليوم الدولي للعيش معا في سلام، بمناسبة المعرض الدولي لفلورياد، من دون أن أتمكن من مشاركة هذه الصداقة الطويلة مع هذا الإنسان الحاضر معنا اليوم. قبل كل شيء، إنه صديق، وصداقتنا عريقة، وفي سنة 2014، شوهدت لوحته، حول حمامة السلام، تلك الموجودة في المقدمة، من طرف الآلاف من الناس، أثناء مؤتمر الأنوثة الدولي بالجزائر، بمدينة وهران. أريد أن أشير أن هذه الملصقة كانت بالنسبة لي اكتشاف لحكمة كبيرة، لأنها تدلنا على كيفية لتغيير الأشياء، فقط بنقل حرف. مما يشير إلى أنه في أنفسنا أو ضميرنا أو في روحنا، يكفي القيام بتغيير بسيط، فينقلنا من الحرب إلى السلام. يحدث هذا التغيير على مستوى الضمير.

     عندما ننظر إلى تلك الملصقة (الصورة 1)، مع تلك الأسماك أو الأسماك الصغيرة التي شكلت جماعة وطاردت سمكة، ويلمهمنا ذلك جميعا، إن نحن رغبنا، وتجمعنا، وإن تواجدنا جميعا في هذا العيش في سلام، سنستطيع أن نغير الأمور، وكل واحد منا يستطيع أن يتعامل بكيفيته الخاصة.

      تتوجه تشكراتي لرئيسة بلدية ألمير، التي تستقبلنا اليوم هنا، السيدة الرئيسة، وشرف كبير لي أن أكون معكم لاستقبال هذا الرجل العظيم، الذي هو بالنسبة لي حكيم كبير في عصرنا، وأن أحظى بالفرصة الرائعة التي سنعيشها اليوم وغدا وبعد غد، للإحتفال باليوم الدولي للعيش معا في سلام، الذي قُرّر من طرف الأمم المتحدة في 8 ديسمبر 2017، وتتزايد وتيرته مع مرور السنوات، وقد بلغنا 52 دولة، تنظر إلينا اليوم، و449 مؤسسة عبر العالم تتبع مسارنا، بحيث أن ألمير هي عاصمة العالم اليوم. أدعوكم جميعا، من كان متيسرا، للمجيء غدا لحضور الحفلة الكبيرة، التي ستقام في معرض فلورياد، وشكرا.

      .... الشكر موصول للجميع لتواجدهم هنا، وإن الحفل شدكم، والعيش معا في سلام نحن بأشد الحاجة إليه، في هذه الفترة الحرجة، حيث عدنا نسمع صدى رحى الحرب، ويجب علينا القيام بكل ما في وسعنا لتجنيب أطفالنا معاودة عيش كارثة الحروب والدمار.

     هيا لنزرع من اليوم بذرة السلام، نزرع بذرة السلام في ضمائرهم. شكرا لكم جميعا.

  

                                               الصورة 1

 

  اليوم الثاني   

 

     جرى في اليوم الثاني الإحتفال بقلب جنة السلام، فوقف الشيخ خالد بن تونس على منصة العرض، وساهم في توزيع مجموعة من الشهادات على مستحقيها ممن ساهم في إنجاح الإحتفالية وصدّق باليوم الدولي للعيش معا في سلام. بعد إلقاء عبارات التشييد أطلقت حمامات السلام بحضور براعم كشافة سيركل. من على منصة العرض قال الشيخ خالد بن تونس:


أثناء إلقاءه كلمته

   

          بعد بسم الله الرحمن الرحيم

     أصدقائي الأعزاء، إخواني أخواتي، مواطني مدينة ألمير، التي تستقبلنا اليوم في هذه الجنة الفردوسية، بمناسبة معرض فلورياد 2022، فإننا نتقدم بتشكراتنا لمدينة ألمير وإدارة فلورياد الذين دعونا للمشاركة في هذا المعرض الرائع، الذي يتحدث عن المدن الخضراء.

     أودّ معكم جميعا أن أقول بأننا مرتبطين بقيم عالمية، وأن هذه الجنة تمثل رمزا، كقراءة جديدة لإنتمائنا لأصل مشترك وعائلة مشتركة، وأن العيش معا الذي نحتفل اليوم بطبعته الخامسة هنا وفي العالم، تحتفل به معنا 78 مدينة وعاصمة في العالم، اليوم وغدا، تحتفل بهذا اليوم الدولي للعيش معا في سلام، و 449 مؤسسة في العالم، من مدارس وجامعات وجمعيات كبيرة، يحتفلون أيضا بهذا اليوم معنا.

      أحيّي جميع الذين يتابعوننا من خلال الأنترنيت، سواء كانوا هنا أو تواجدوا في أنحاء شتى من العالم، في أندونيسيا والجزائر والمغرب وتونس وكوت ديفوار والبنين ومصر، وبطبيعة الحال كل أوروبا، وكندا والولايات المتحدة والمكسيك.

      في هذا الظرف الذي تمر به إنسانية اليوم، حيث يرى المتفائلون والمتشائمون العالم بكيفيات مختلفة، إذ يرى المتشائم أن العالم يتجه نحو الكارثة، مع استفحال الإحتباس الحراري وصوت أبواق الحرب، والنزاع الذي برز في أوروبا، الذي يدفعنا جميعا نحو الكارثة. هذا ما يخص المتشائمين. أما المتفائلون أقول أنهم ينظرون إلى العالم نظرة تجلّد، ويسعون إلى إيجاد طرق تسمح بالنجاة من ويلات المحن، وتُمكّن أمام العقبات من إيجاد حلول وتنفيذها. ولن يحققها سوى الذين يعيشون اللحظة. لا نعلم ما الذي يخبئه لنا المستقبل، لا نعلم إن كان في الغد أو بعد شهر أو سنة، ستتاح لنا إمكانية رؤية بعضنا البعض، ونلتقي ونحتفي بلحظات مثل هذه، لحظات سلام ولحظات العيش معا. لكننا واقعيين، نحن واقعيون في اقتناص هذه اللحظة وهذ الطاقة، فنقوم بتمتين صلاتنا، وتمتين أواصر إنسانيتنا، وبإتاحة فرصة لنا، لا يعني بأن نكون متفائلين أو متشائمين، ولكننا، حسنا، سنقول أننا مثل هذه الجنة، فنغرس اليوم، ولن ندري إن كان في الغد يمكننا الجني، ولكننا سنغرس، حتى وإن قامت الساعة سنواصل الغرس والزرع، مثلما هي هذه الجنة الجميلة، وكل الهشاشة التي تميزها. إنها جميلة هذه الجنة ولكنها هشة، فينبغي سقيها والإعتناء بها.

     إذن، لنعتني ببعضنا البعض، ونعتني بأطفالنا، فلنعتني بهم، ونوضح لهم أن مستقبلهم، ينبغي عليهم أن يبنوه مع بعضهم البعض، وليس ضد بعضهم البعض، عالم يكتنفه عنف أقل من القليل، وعدوانية وكراهية وعنصرية أقل من القليل. لنُعلّم أبنائنا حتى تكون لهم نظرة حول العالم منفتحة وأخوية، ونُعلم أبنائنا حتى يخرجوا من طوق الأنانية، وأنا-نفسي نحو "نحن" الجامِع، نحو عالم نحن، حيث كل واحد يمكنه أن يستفيد من الآخر، وكل واحد يساهم في سعادة الغير. ليس لنا سوى عالم واحد، وهذا هو، ليس لنا عالم بديل وكوكب آخر، فلنعتني به وبساكنته، سواء كانت الناس أو الحيوانات أو العصافير أو الأسماك، وسواء كانت المعادن، هذه الأرض الأم، حيث دبت الحياة في الإنسانية. ينبغي الإعتناء بها. وينبغي توخي الضمان بأن الأجيال القادمة ستتمكن من العيش بكرامة، وتشملهم العدالة والمساواة والتضامن.

     إنها الرسالة التي يريد أن ينشرها اليوم الدولي للعيش معا في سلام، الذي تم ترسيمه من طرف الأمم المتحدة في 8 ديسمبر 2017. جميع الدول 193 وقّعت على هذا الإعلان، وأصبح رسميا، لأنه يُذكّر بخلفية منشأ الأمم المتحدة ذاتها، التي أنشئت سنة 1946، حتى لا تتعرض الإنسانية مجددا لحرب ومآسي الحروب، وحتى لا تعرف الإنسانية أوقات وتعيش ظروف حياة مثل التي عاشها أجدادنا وأسلافنا، وإن الحربين العالميتين الأولى والثانية قد عصفتا بأوروبا على الخصوص، وأيضا بقية العالم.

     علينا أن نحرص على أن يتمكن أطفالنا، أبناء المستقبل، المتواجدين أمامنا من تولي الأمر(1)، بهذا العيش معا في سلام، ويتشاركونه في صداقة وأخوية، بعيدا عن الأعراق ولون البشرة واختلاف الديانات، ويحترمون بعضهم البعض، ويقومون بالمساهمة معا للعمل بتآزر، لبناء عالم جديد، هو في انتظارنا.

     شكرا لكم جميعا، شكرا لجميع الذين هم حاضرون معنا اليوم.

 

اليوم الثالث

 

     شكّل عرض الشريط التربوي المعنون "نحن جميعا" لمخرجه بيار بيرار وتوزيعه بالمجان واسطة العقد، فقد شاهده جمهور واسع في العالم، وأتبع بحلقات نقاش في كثير من الأحيان، تدارس فيها متطلبات العيش معا وطرق استتابه، وكانت المناسبة أيضا فرصة للتوقيع على الإعلان العالمي للعيش معا في سلام. في اليوم 16 مايو شارك الشيخ خالد بن تونس في حلقة نقاش فكرية مماثلة تلت عرض الشريط، فمن موقعه بجنة السلام، انضم إلى جلسة نظمها كل من المجلس الفكري وكرسي السلام الإقتصادي لمدرسة غرونوبل للتسيير الإقتصادي الفرنسية. نشط اللقاء السيد دومينيك ستيلار صاحب كرسي السلام الإقتصادي، وحضر معه كل من محمود نسيمي كاتب ومهاجر أفغاني ومخرج الفيلم البلجيكي بيار بيرار. جرى الحوار بحضور مجموعة كبيرة من الطلبة والشباب، الذين تفاعلوا مع مجريات الحوار، وساهموا باستفساراتهم.

 

     متوجها إلى الشيخ خالد بن تونس، قال منشط اللقاء:

     في المجلس أمامنا يوجد بالتقريب 250 شخص، غالبيتهم طلبة ثانويين. أريد أن أمد لكم يدي بعض الشيء، بصفتكم الباعث لهذا اليوم الدولي للعيش معا في سلام، رأيتَ الفيلم بالتأكيد قبل اليوم. هل يمكن أن تضع لنا موجزا، حول كيف يتردد صدى هذا الفيلم إزاء إلتزامكم بالسلام؟

     الشيخ خالد بن تونس: إذن، أشكركم. نهاركم سعيد جميعا. أحيّي بيار أيضا، الذي هو معكم. بالنسبة لي كان هذا هدية رائعة، هدية بمأن هذا الفيلم جاء يثبت بوقائع، أن العيش معا وأن هذا العمل معا هو حقيقة واقعة في جزء كبير من العالم، إن لم يكن عند أغلبية الناس، وما نراه من خلال وسائل الإعلام من نزاعات، بحيث لا تذكر سوى الأمور التي لا تسمح برؤية الجانب الآخر من هذه الإنسانية، التي تعيش جنب إلى جنب وفي سلام، وتعمل وترجو وتبني مستقبل العالم. وجاء هذا الفيلم كإثبات ودليل داعم، حتى يقال، هذا الذي يحدث في تلك المنطقة من العالم، وكيف أن مواطنين ومواطنات بسطاء امتلكوا الشجاعة وقلبوا العملية، قلبوا عملية العنف والرفض والكراهية.

     هذا الفيلم ليزال يشاهد في هذه الساعة، في اللحظة التي نشاهده فيها نحن، تشاهده على كل حال، أكثر من 52 دولة في نفس الوقت معنا، وأكثر من 449 مؤسسة في العالم. بالنسبة لي إنه جائزة كبيرة للذي أنجزه. أحيّي مجددا بيار، وأبعث له مزيدا من التشجيع، لأني أعلم المجهود الذي بذله والصعوبات التي عمل على تذليلها، وعلى التوزيع المجاني في أنحاء العالم. مرة أخرى، أتمنى أن يلهم هؤلاء الشباب والطلبة، وإن السلام لا يعني غياب الحرب أو النزاع، إن السلام يعني أيضا السلام الإقتصادي والسلام الإجتماعي وكذا السلام الثقافي، والسلام مع الطبيعة، والسلام هو مركز اهتمام العالم، اليوم وغدا.

 

      قال المنشط معيدا الكلمة إلى الشيخ:

      أريد الرجوع إليك، لأنه في لقاءاتنا ذكرتَ لي أو أني شاهدتك في أغلبية محاضراتك تذكر هذه المسألة، التوجه إلى لقاء الغير. على سبيل المثال، في التجربة البسيطة التي تقيمونها في مدارس السلام، حيث يعرِض شباب يتقاسمون أسمائهم، ويدركون في نهاية المطاف أن حروف أسمائهم قد تشكل كل الأبجدية. هل يمكن أن تذكر لنا في هذا العمل بنهج ثقافة السلام نادرة من النوادر، تروي كيف يكمن لهذه اللقاءات أن تجرى، بعيدا عن الدين والإثنيات واختلاف الجنس، وبعيدا عن اعتبار حجم الدول العريقة.

     الشيخ خالد بن تونس: حسنا. اسمعوا قمنا للتو، في هذه الظهيرة. هل تعلمون أن اليوم هو ذكرى الطبعة الخامسة لليوم الدولي للعيش معا في سلام، فقد حضر خلق كبير، عند منتصف النهار، تواجد جمهور كبير، شهده أصحاب السياسة وسفراء وممثلين للمعرض الدولي الجميل لفلورياد 2022. رأينا خلق كبير، من مختلف اللغات، تواجدت اللغة الهولندية، نحن بطبيعة الحال في ألمير، وفي الأراضي المنخفضة تغلب اللغة الإنجليزية، وتواجد فرنكفونيين ومعربين. للعودة إلى قصة الحروف، كانت هناك انطلاقة، واستلزم حضور الترجمة، والإنتقال من لغة إلى أخرى، ولكننا عندما تكلمنا عن الأسماء، وتعلق الأمر بالكبار، ليس صغار السن، فمع الأطفال يتم الأمر بسهولة كبيرة ويسر كبير. قلتُ للبالغين قولوا لنا أسمائكم، وذكر كل واحد إسمه، أرماندو، علاء الدين، وغيرهما، ورأينا عدد الأسماء التي تحمل حرف الألف، وقلت لهم أنتم تتقاسمون بالفعل شيء ما في أسمائكم، وأريد أن يقوموا الطلبة الموجودون هناك بنفس التجربة، من خلال أسمائهم، ويرون عدد الأحرف التي يتشاركونها، ويرون حجم الصلات الموجودة بين الحروف التي تشكل أسمائهم وجموع مجموعتهم حيث يتواجدون.

     تفتح لنا هذه التجربة ذلك السبيل العظيم الذي يسمح لضميرنا بأن يتجاوز طوق أنا- نفسي وينفتح لنا على نحن، مادام أني أتقاسم مع فلان حرف الألف ومع الآخر حرف اللام، وميم مع آخر، وأرى أني أتقاسم مع عدد كبير من الناس الإسم الذي يخصني، الإسم يحدد شخصيتي. ولكن الأمر أبعد من ذلك، لأني عندما أنظر إلى إسمي، والحروف المتفرقة لا تعني لي شيئا. إذا أخذنا حرف الألف منفردا أو الواو أو الياء، كل منفردا، سنحصل فقط على صوت، ويتوقف الأمر عند ذلك. هندسيا لدينا بنية، تأخذ الحروف بنية، لا يكتب الألف مثل الباء، لكلّ شكله، ولكن ما هو ، عندما تتموضع الحروف معا، وفي هذا العمل معا، يكون للحروف معنى، وهو عندما يتقبل الميم بأن ينضاف إليه الحاء والباء والتاء المربوطة، وتصبح محبة، فإنها حروف اجتمعت وأعطت معنى، أعطت معنى لحياتنا.

     حرِّضوا الشباب على لعب هذه اللعبة، وسيرون أن الأمر رائع، ولا تجرى فقط مع الأشخاص، تجري مع الخليقة بأسرها، لأن الألف أو الميم نجده في الشمس والقمر. فذلك، لأننا جميعا من نفس الأبجدية، والكون بأسره من نفس الأبجدية.

 

     المنشط: أريد أن أرجع إليكم بسؤال الشيخ بن تونس. طرح السؤال للتو. كيف يمكن لشباب في المدرسة الثانوية، كما هو اليوم، أن يتخذوا إجراءات، تمكّنهم بشكل أفضل من إدماج في مسار حياتهم ومسارهم التعليمي مسألة ثقافة السلام هذه؟ ما هو جوابكم مع تقديم اقتراح؟

     الشيخ خالد بن تونس: بتقديم اقتراح. أقترح عليكم القيام بزيارة إلى "Garden of Peace"، إلى جنة السلام، التي أنجزها شباب وفتية صغار، قدموا من الزوايا الأربع لأوروبا وحتى من أفريقيا الشمالية، في ظرف شهرين ونصف الشهر. ستعرَض عليكم صور لهذا "Garden of Peace" (وتوجه حامل الكاميرا وتجول في أرجاء جنة السلام)، لجنة السلام هذه التي أنجزت، وهذا اقتراح. أشخاص رفعوا هذا التحدي، وأنتم ترون الحديقة، وهي حديقة نباتات، جمعت من جميع القارات، نباتات من كل قارة، جلبت من أمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية وأوروبا وأفريقيا وآسيا وأوقيانوسيا. عند التجول في هذه الحديقة، ستقوم النباتات بالتحدث معك، بواسطة الهاتف المحمول، فقط بالضغط على كود، وتخبرك النبتة من هي وعن منافعها، وتوجد أعشاب طبية.

     ستجدون دوامة (وهي جدارية على شكل دوامة)، حيث دونت فيها قيم، قيم إنسانية، القيم المشتركة من طرف مجمل الناس؛ التي أنجزها أيضا شباب، الذين بحثوا، وضموها شخصيات، هي في نظرهم قدمت للإنسانية قيم مشتركة، منذ أقدم العصور، مبتدئين بالفيلسوف الصيني لاو تسي، وينتهون بعصرنا، يعبرون عدة قرون. إنها طريقة توحي أن المسألة تتحقق بواسطة التعليم، وعن طريق مشاريع متقاسمة ومشتركة. أؤكد لكم أن مشتل الزهور الذي ترونه اليوم أقيم على مستنقع، منذ شهرين ونصف الشهر، وانظروا ماذا أصبح.


 

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1). كشافة الدائرة "Scouting de Cirkel"، هي إحدى الجمعيات الكشفية التي أسسها الشيخ خالد بن تونس بأوروبا، وكشافة الدائرة تحتضن أبناء هولندا المسلمين، وتؤطرهم وتوجههم نحو مبادئ الأخوة الأدمية. في الصورة، نجد الأطفال خلف المنصة، وتحدث الشيخ في تلك اللحظة مشيرا إليهم. الصورة من موقع "Scouting de Cirkel" بصفحة الفايسبوك.