السبت، 28 نوفمبر 2015

رسالة اليوم العالمي للعيش معا


رسالة اليوم العالمي للعيش معا

    لم تكن الرغبة في السلام أبدا حتمية، لا غنى عنها، مثلما هي عليه اليوم، فكل يوم نتعرض لوابل من المعلومات و صور العنف و النزاعات و البؤس، و عواقب سلوك أحمق، جناه الإنسان. إن الصعوبات الإقتصادية و البيئية و الإجتماعية، تهدد مستقبل الإنسان، و إن عدد كبير من الناس، و على نحو متزايد، يدعون إلى تغيير صرفي للأنموذج. ينبغي أن تتفاعل إنسانيتنا و تتحرك نحو هذا البديل المتاح لها كفرصة، و هو مجتمع "العيش معا بشكل أفضل"، مع جميع القيم التي يحملها هذا المفهوم. هذه قضية يذهب نطاقها، إلى ما وراء الحدود الجغرافية و الثقافية و الإجتماعية و الدينية، و إنها تمر حتما بثقافة السلام.

    حول هذا التفكير في المستقبل، ولدت فكرة إنشاء يوم عالمي للعيش معا، و العمل على الحصول على اعتراف رسمي من طرف الأمم المتحدة. هذا اليوم هو رسالة موجهة للشباب، و إلى مواطني العالم، لبناء مجتمع يقوم على القيم الأساسية.

    أثناء مؤتمر الأنوثة، الذي أعطي له شعار "الكلمة للنساء"، و الذي نظمته، المنظمة غير الحكومية عيسى، و المنعقد في الفترة الممتدة بين 27 أكتوبر و 02 نوفمبر 2014، بالقطر الجزائري، أطلقت المنظمة، حملة تعبئة عالمية، من أجل أن تقرر الأمم المتحدة يوم عالمي للعيش معا. و في هذا السياق، سلمت للسلطات السياسية عريضة، تبين فيها الرغبة الجامحة في إحلال السلام، و أن اليوم العالمي للعيش معا، هو مشروع مستقبلي، هدفه الإجتماع من دون أن نتشابه، كما أقر بذلك الشيخ خالد بن تونس، الباعث للمشروع، بواسطة الجمعية الصوفية الدولية، المنظمة غير الحكومية، عيسى. إن الهدف الرئيسي من المشروع، هو العمل من أجل بروز مجتمع العيش معا، و يعتمد هذا المجتمع في نهجه و سلوكه على الإرث الروحي، و كذا العمل في مجال الكرامة الإنسانية، و التقارب بين الشعوب، و الأخوة العالمية.

     إن الخطوة الأولى للمشروع التي يجب القيام بها، هي تحسيس الأمم المتحدة، من أجل أن تعلن رسميا، عن اليوم العالمي للعيش معا، و سيكون هذا اليوم فرصة للتنظيم، في جميع أنحاء العالم، أحداث للإحتفال بثقافة السلام، من خلال تطوير قدراتنا، على حياة أفضل، جنبا إلى جنب. للعلم، أنه قد تم تقديم المشروع للأمم المتحدة في شهر مارس 2015، أثناء الدورة الـ 59 للمجلس الإقتصادي و الإجتماعي و الثقافي التابع للأمم المتحدة، الذي ناقش أثناءها موضوع وضعية المرأة.

    لإحداث يوم عالمي، بجب على الأقل الحصول على مليون توقيع، و قد أحدثت عريضة، يمكن أن تثير الملايين من الموقعين، ترغب في إضافة أصواتهم لخلق هذا اليوم، رمزا لمجتمع يسود فيه السلام و العيش معا بشكل أفضل. كما نؤكد أنه تم الحصول على دعم الحكومات السياسية و الدبلوماسية لبلوغ النصاب، و هو ما يشترطه القانون الأساسي لإنشاء يوم مثل هذا.
   

مَهام اليوم العالمي للعيش معا
    إن اليوم العالمي للعيش معا، هو التزام قوي داخل الأسرة البشرية، و له ارتباط بمفاهيم المواطنة و التعددية و الأنَسية و الروحانية. يقترح آلية للسلام، و يطلق رسالته لمواطني العالم، لبناء مجتمع، يقوم على احترام الذات، و احترام الغير، و جميع الأحياء. من أجل هذا الحدث، أعطت عيسى لنفسها المهام التالية:

1-    بعث حركة عالمية تتسم بإدراك، مفاده أن رابطة أخوية تستند على ثقافة السلام، هي ضرورة للإنسانية.
2-    إعطاء، من خلال المشاركة المدنية، قوة دافعة لرؤية مشتركة للعيش معا، و السماح للمدن و البلدان و المؤسسات، بالإنضمام فعليا، إلى حركة معترف بها دوليا.
3-    تصور حدث عالمي قائم على القيم العالمية، التي يطمح إليها جزء كبير من الإنسانية: التعددية و المساواة، و قدسية الحياة، و احترام البيئة و الحكمة و السلام.
4-    تقديم شرح بفحوى إجراءات اليوم العالمي للعيش معا، و قدرة كل واحد و واحدة على العمل بتآزر، من أجل انفتاح جميع الناس، على المستويات الفكرية و الإجتماعية و الروحية.
5-    منح المشاركين و المشاركات، في حياتهم اليومية، إمكانية إعادة خلق، التجربة المتقاسَمة، أثناء اليوم العالمي للعيش معا، من خلال مواقف جديدة، مستوحاة من إدارة مُسالمة، لمشاكل المجتمع و المدينة.

الإجراءات
    بإلقاء نظرة جديدة، يمكننا، و بصفة جماعية، خلق و تمرير، تحَوّر عميق، لبناء مجتمع الغد، و اقتراح أداة، تسمح بالتعبير، بصوت عال و قوي، عن هذه الرغبة في تعلم العيش معا، بشكل أفضل. تتمفصل إجراءات اليوم العالمي للعيش معا JMVE، في ثمانية محاور: 

1ـ  بالعمل المُواطني و التفكير المشترك، يريد اليوم العالمي للعيش معا JMVE، أن تتآزر الضمائر، حيث يتم تسليط الضوء على الفضائل، و صفات كل واحد و واحدة. يريد أيضا تعزيز الإنسانية بثقافة الصِلات، و بمواطنة مشبعة بالقيم الأساسية للعيش معا.

2ـ  يدعو اليوم العالمي للعيش معا JMVE، إلى بناء جسور. من خلال حشد الشباب، فهو يدعو إلى نشر رسالة العيش معا، على نطاق عالمي. من خلال الشبكات الإجتماعية، فهو يشجع مزج الأفكار الخصبة، و نقل الخبرات، مانحا بذلك، رسالة أمل للشباب في جميع البلدان. العيش معا يعني العمل معا.

3ـ  ينظم اليوم العالمي للعيش معا JMVE، برنامجا حول البيئة. له قناعة بأن التنمية المستدامة تشجع السلام المستدام، من خلال تشجيع الحوار، مع جميع الأطراف الفاعلة في الإقتصاد. هو يسلط الضوء على الصلة و الإرتباط بين الإنسان و الطبيعة. و يدعو إلى تعزيز و تبليغ و تثقيف الممارسات المبتكرة.

4ـ  يدعو اليوم العالمي للعيش معا JMVE، إلى الإقتباس من التراث المشترك للحِكم الإنسانية، من أجل إحلال السلام و من أجل الروحانية. بإعادة النظر في النصوص المقدسة، فإنه يسلط الضوء على طابعها العالمي. و بالتالي فإنه يعزز المصالحة بين تقاليد و ثقافات الأسرة البشرية، مغذيا بذلك روحانية حية، تعطي معنىٌ للحياة.

5ـ  يوفر اليوم العالمي للعيش معا JMVE، مسرحا لموسيقيي و فن القارات الخمس. فهو يدعو الموسيقيين و الفنانين للإحتفال بهذا الحدث، و كذلك التوحد من خلال ما تتضمنه إختلافاتنا، من غنى و إبداع و جمال.

6ـ  يلتزم اليوم العالمي للعيش معا JMVE، بتعزيز المساواة و التناغم بين الجنسين. إنه يُذكر أن بتنوير طاقة الأنوثة، الحاملة للسلام جوهريا، يمكن أن تتحقق المصالحة رجل-إمرأة، و يتحقق تكاملهما في الوحدة.

7ـ  يشجع اليوم العالمي للعيش معا JMVE، العمارة ذات المُحيا الإنساني، التي تقوم على مفهوم العيش معا بشكل أفضل. عن طريق إنشاء تسمية، فهو يقوم بتعزيز بناء المنازل و القرى و المدن، على أساس مفاهيم مبتكرة و بيئية، مع المحافظة على التراث العمراني الخاص بكل ثقافة.

8ـ  يقترح اليوم العالمي للعيش معا JMVE، إنشاء أكاديمية للسلام، لها كدور، أن تلقن و تعلم بيداغوجية و طريقة، من أجل تطوير ثقافة السلام في جميع أطياف المجتمع، و أيضا توحيد المبادرات، التي تعمل في هذا الإتجاه. في كل عام تعلن عن جائزة دولية تحت تسمية، اليوم العالمي للعيش معا JMVE، قابلة للتنفيذ، من أجل أفضل تربية، تعني العيش معا و ثقافة السلام.


    جاء في مقولة مشهورة للشيخ خالد بن تونس "إمنحونا توقيعاتكم، أنا المتسول". فيرجى من إخواننا الذين يأملون في غد أحسن و مستقبل آمن و عيش راغد، أن يدعموا مشرع اليوم العالمي للعيش معا، بترك توقيعهم مساهمة منهم في هذه التعبئة، عبر الموقع التالي:


الجمعة، 20 نوفمبر 2015

علينا أكثر مما مضى أن نكون مصممين على المُضي قدما

علينا أكثر مما مضى
 أن نكون مصممين على المُضي قدما

    اهتزت مساء يوم الجمعة 13 نوفمبر باريس بأحداث دامية خلفت ضحايا، و كانت الحصيلة ثقيلة، و التي تبناها مرة أخرى تنظيما ينسب نفسه إلى الإسلام. نزل الخبر كالصاعقة على كل أولئك الذين يعملون من أجل خير الإنسانية، و يأملون رؤيتها متوحدة، و تعيش في تآزر، تسوده الأخوة و المحبة.

    يومها كان الشيخ خالد بن تونس بمدينة ليون، أين شارك في انطلاقة قناة تليفزيونية جديدة، سميت "Les deux rives tv"، أملا أن تساهم كما يدل إسمها "الضفتان"، في جمع شعوب ضفتي البحر الأبيض المتوسط. نحن بحاجة ملحة إلى مثل هذه المبادرات. يعمل الشيخ سيدي خالد بن تونس منذ سنوات على جمع القلوب، و التأكيد على أن التركيبة الإسلامية جزءا من المجتمع الأرووبي، و لهذا الغرض أسس الكشافة الإسلامية الأوروبية، ليدمج الشباب المسلم في الحركات الوطنية، و يساهم في المحافل الإجتماعية و الثقافية و غير ذلك. من الملاحظ جليا، إن بعض التوجهات المنتشرة هناك، تعمل على إقصاء المسلم، و تريد أن تجعل منه عنصر جانبي، و الأمرُّ من ذلك، أن يُتهم بالعداء، و أنه يمثل خطرا على الأمن العام، و جنس ينبغي نفيه من المجتمع. في كل هذه الأجواء، يعمل الشيخ خالد بن تونس بصبر و حزم، على إحلال السلام، و نشر ثقافة السلام، و ثقافة العيش معا.

    لما بلغه نبأ الحادثة قال "كل ما نقول عنه، أنه عمل شيطاني، لأنه لا يقوم بأي تفريق، و ليس له هدف، إلا ما ينجر معه، من موت و جريمة، و نشر الشر على أوسع نطاق، و إصابة الأبرياء"، و أضاف "الحادث الذي أصاب بالأمس باريس، شوّشنا، و كأنه كابوس"، و صرح متحسرا "تدفعنا هذه الأحداث إلى التساؤل عن مصداقية أعمالنا، و طريقة رؤيتنا للعالم، و طريقة بناءه، و إننا سنترك شهادة لأنفسنا، و للأجيال المقبلة، بأننا قمنا بما في وسعنا لجمع أفراد هذه الإنسانية، هذه الكتلة المتشتتة، التي تجهل بعضها البعض، و تتقاتل فيما بينها، و إننا نعمل من أجل أن يتواجد العقل و الحس، و لا يوجد أي بديل، و جاءت هذه الحادثة لتؤكد مرة أخرى، أن بدون العيش معا، و بدون العمل معا، و بدون التوحد و التعارف، سنتوجه كلنا نحو الفوضى".

    غادر الشيخ خالد بن تونس فرنسا بعدها، متوجها إلى الجزائر للإشراف و المشاركة في المهرجان الأول لليوم العالمي للعيش معا، إذ سيحتفل يومي 24 و 25 نوفمبر بحول الله، باليوم العالمي للعيش معا بمدينة مستغانم في محاضرات و لقاءات تجرى بجامعة خروبة، و يوم 26 سيعلن عن جائزة الأمير عبد القادر من ولاية معسكر، جائزة من أجل العيش معا بالبحر الأبيض المتوسط، و يختم المهرجان بندوة صحفية يوم 29 نوفمبر بمدينة الجزائر.

    من بإقامته بالجزائر، خص الشيخ خالد بن تونس الإذاعة المسيحية الفرنكفونية RCF بالحوار التالي، بعد الهزة التي أحدثها الإعتداء الغاشم، بمشروع العيش معا، بفرنسا، و ببقية العالم:   

الصحفي: كيف تفاعلت مع الإعتداءات الفظيعة التي حدثت الجمعة مساءا بباريس؟

الشيخ خالد بن تونس: هذا النبأ أصابنا في أعماق كياننا. كان الأمس يوما جميلا بالنسبة لنا، قمنا بافتتاح قناة تليفزيونية جديدة تسمى "les deux rives tv"، ساد جو من المرح، و أمل و إمكانية ربط ضفتي البحر الأبيض المتوسط، و العمل في هذا السياق، من أجل التلاقي و التعارف و التبادل.  ها هو، في نهاية اليوم، بلغنا هذا الخبر الكارثي، بالنسبة لكل أولئك الذين يعيشون، و يعملون من أجل بناء جسور بين الحضارات و الثقافات و الديانات. و لكن أعتقد أنه، علينا أكثر مما مضى، أن نكون مصممين على المضي قدما. أول شيئ نفكر فيه، بكل تأكيد، هو تلك الأُسر، و نعرب عن تعاطفنا مع كل الذين أصيبوا بالأمس بباريس. أريد أن يفكر الناس بعمق و يقومون، بكل ما في وسعهم، و بكل ما يختلج ضميرهم، للعمل معا، حتى لا تكتسحنا دوامة العنف و الكراهية.

الصحفي: كيف تعيش أنت شخصيا، المسلم، و كيف، بأن باسم الله، ربك الرحمن الرحيم، يقتل رجال بكل برودة أبرياء؟ 

الشيخ خالد بن تونس: أولا، إن الله لا ينتمي إلى أي أحد. الله أكبر من أن ينتمي إلى جماعة أو إلى شخص، مَن هؤلاء الناس، حتى يدّعون العمل باسم الله، و مَن أذن لهم بإسناد أمرهم إلى خالق الكون؟ من نحن جميعا، مهما كنا، حتى ندعي التفرد بالألوهية، هذا من غير الممكن. بصفتي مسلما، و ببساطة كوني إنسانا، أرفض هذا. لا أستطيع قبوله. يوجد من يعتمد على تفسير لآيات قرآنية، و يصبون حقدهم و عنفهم، و نفهم بأن لا علاقة لهم بالإسلام. هؤلاء يقومون بإذاية المسلمين أكثر مما، يقومون بإذاية بقية الناس. يهدمون معالم أثارية، و هي تراث الإنسانية، و يتلفون مخطوطات، و يزيلون كل ما يشيد إلى السمو الإنساني، و يفتّح عقولنا، و هم يقومون بتأويل دينهم الخاطئ، من خلال نفوسهم النرجسية و الأنانية و الجاهلة.

الصحفي: الشيخ خالد بن تونس، منذ سنوات، و أنت صانع للسلام، و باعث للحوار البيديني. هل مازلت تؤمن بأن إحلال السلام ممكن؟

الشيخ خالد بن تونس: نعم، فإن إحلال السلام ممكن. نعم إن إحلال السلام ممكن. لا يجب الشك في ذلك، و لا يجب ترك الشك يساورنا. نعم، إن الله هو السلام، و كل من يؤمن بالله، عليه أن يؤمن بسلامه، و إلا سنفقد حِسّ ما نحن عليه، و سنرهن مستقبل أبناءنا و أحفادنا، و إننا سنُعِد لهم عالما أسوأ من الذي نعيشه اليوم.

الصحفي: ما الذي يجب أن يقوم به كل شخص للمساهمة في هذا السلام؟

الشيخ خالد بن تونس: ينبغي أولا الدعاء للمؤمن، و التفكر مليا، و التفكر معطى لكل شخص، مهما يكن، سواء كان لديه إيمان أو لا. ليتدبر السلام في نفسه. إننا سننجر رغم أنفسنا نحو طريق مسدود. يوجد 500000 لاجئ، أناس فقدوا كل شيئ، و اليوم يأتون إلى أوروبا. لماذا يأتون إلى أوروبا؟ لأنهم يأملون و متيقنون بأن في أوروبا توجد حقوق الإنسان و إنسانية و يتوفر حسن الضيافة، و احترام الشخص، مهما كان رجل أو إمرأة. إذن على أوروبا اليوم أن تكون هذا المكان، لتحمل حقيقة، المعنى الإنساني.

الصحفي: شكرا جزيلا الشيخ خالد بن تونس، لقبولك هذا الحوار.. مباشرة من الجزائر. شكرا جزيلا أيها الشيخ.