الفصل الثاني- العصر الذهبي، التدهور، التجديد؟

الفصل الثاني
الإسلام والغرب: دعوة للعيش معا

العصر الذهبي، التدهور، التجديد؟

    منذ بدايته، جلب الإسلام بذور الحداثة، أعطت رؤية، لإنسان جديد، متحرر من وصاية رجال الدين، حتى يستعيد أهليته، في بعده الوسيط، وبالتالي يجد التوازن، بين الدنيوي والمقدس.

الأوج أو التدهور؟
     إذن هي رؤية جديدة سيأتي بها الإسلام. للأسف، لم يعرف المسلمون كيف يترجموا هذا المثل السامي، للإنسان المتحرر من إله مطلق القدرة. ظهر الإسلام في بيئة، لا يمكن للمرء فيها، أن يتصور علاقة مباشرة مع المطلق. تم إجباره على المرور عن طريق وساطة الأصنام التي كانت تؤله، أو الكاهن أو الكاهنة أو العرّاف الذي يمثلها. دعا الإسلام إلى مبدأ التوحيد، الذي ربط بشكل مباشر، المخلوقات بالمولى عز وجل، منبع كل حياة.
    لا تمثل الإمامة كما الخليفة، بأي شكل من الأشكال، تسلسلاً هرميًا، أو مؤسسة شرعية، تقوم بدور الوساطة، بين أمة الإيمان والله سبحانه وتعالى. إن الإمام والمفتي والفقيه كما القاضي، فمهامهم تمثل وظائف محددة في المجتمع، بصفتهم أشخاص متعلمين، يقومون بتلبية احتياجات الفرد أو الجماعة، بنصائحهم وخطبهم أو فتاويهم الذاتيية، التي يمكن تفسيرها بطرق مختلفة، من مدرسة إلى أخرى. لكنهم في أي حال من الأحوال، لا يستطيعون أن يتظاهروا بأنهم يجسدون نظاماً مهنياً، يضعهم فوق عامة الناس.
    لقد دعت رسالة الإسلام، منذ البداية، الإنسان إلى الارتقاء نحو هذا الضمير الشامل، الذي يجعل منه خليفة الله في الأرض. حثته هذه الفكرة المركزية، أن يكون شغله الأول، اكتساب الصفات الحميدة والفضائل، بالتحلي بالإحسان، قبل التوجه إلى المعتقدات والممارسات الدينية. ولهذا السبب، وهو في ذروته، دعا إلى فكرة "العيش معا"، لبناء حضارة يكون فيها الإنسان، محور الاهتمامات الاجتماعية والفلسفية والعلمية والروحية. بفضل هذا، عرفت الحضارة الإسلامية، عصرها الذهبي، بين القرنين التاسع والحادي عشر. كانت تعيش في التبادل، تبادل السلع وكذا المعرفة. للذاكرة، دعونا نتذكر أن الغرب، كان يستقبل العلماء المسلمين، وليس فقط التراث الفلسفي لليونان القديمة(1)، بل حتى الجبر، والطب، دون نسيان المنتجات، مثل القهوة والسكر، والاختراعات مثل الورق أو الصابون. في عصره، كان الإسلام، كحضارة، وسيطا بين الشرق - وحتى الشرق الأقصى - والغرب. لقد كانت عولمة قبل الأوان.

    للتذكير أن ذروة الحضارة الإسلامية، وقعت في بغداد، مع بيت الحكمة(2). كانت رائدة التسامح هذه، مؤسسة، تشبه أكاديمية المعرفة، حيث يلتقي اليهود والمسيحيين، وحتى البوذيين والهندوس، ويتبادلون الأفكار مع المسلمين، من مختلف المدارس. كان تسود فورة من النشاط الفكري والثقافي والروحي. تمت ترجمة الكتب القادمة من الصين أو الهند أو اليونان أو آسيا الوسطى. كان الجميع يمكنهم النقاش، دون خوف من استبعادهم. كانت ثقافة الغيرية، تتغذى من حكمة. قبلت السلطة تنوع الرأي. في ذلك الوقت، كان توجد أكثر من خمسين مدرسة فقهية. من الواضح إنها لحظة متميزة في تاريخ البشرية. وعندما ينطوي المسلمون على أنفسهم، سيدخلون عصر الشك والتدهور.

    في عام 1095، أعلن البابا أوربانوس الثاني، الحرب الصليبية الأولى في كليرمون فيران(3). على مدى قرنين تقريبًا، أدت هذه الصدامات بين المسيحيين والمسلمين إلى مذابح ونهب. ازداد هذا التدهور، مع وصول المغول من الشرق، وزعيمهم جنكيز خان، ودمروا بغداد، العاصمة العباسية الرائعة والمتألقة(4)، في عام 1258. ومن ثم، تطورت أفكار الحرب المقدسة(5)، التي وضعها في وقت سابق، الواعظ بطرس الناسك (1053-1115)، والراهب برنارد دو كليرفو (1091 أو 1090-1153)(6)، ووجدت صداها، على الجانب الإسلامي، في ابن تيمية (1263-1328)(7)، الذي لا يزال يلهم الأصوليين حتى اليوم. ومع ذلك نلاحظ أن هذه الحروب الصليبية كانت لحظات تبادل وخصوبة، جلبت بذور نهضة الحضارة الغربية، على المستويات الفلسفية والفنية والزراعية والطبية والمعمارية والطبية، وتبقى حتى اليوم أسطورة حية: الحملة الصليبية، للخير ضد الشر: شعار تكرر خلال حرب العراق الثانية.

    في وقت لاحق، تسارعت حركة التراجع مع ظهور إيزابيلا الكاثوليكية في إسبانيا، ثم نهاية حروب الإسترداد (2 جانفي 1492)، واستسلام أبو عبد الله الزغابي (أبو عبديل) (1459 -1532)، الذي أعلن نهاية العصر الذهبي في الأندلس. إسبانيا الشمال حكمت بدون مشاركة. فرضت على المسلمين واليهود أن يعتنقوا المسيحية أو أن ينفون. ولكن أولئك الذين وافقوا على التحول، سيشتبهون، في وقت قريب، في أنهم أبقوا على معتقدهم سراً، وستكون العقوبة الصادرة  ضدهم، في كثير من الأحيان، محرقة محاكم التفتيش.

    في عام 1492، خسر المسلمون الأندلس، مع سقوط مملكة غرناطة. لكن في الطرف الآخر من البحر الأبيض المتوسط، غزا العثمانيون بقية الإمبراطورية البيزنطية، وعبروا مضيق الدردنيل، وفتحوا القسطنطينية (1453)، قبل أن تمتد فتوحاتهم إلى البلقان، ويتوقفون عند فيينا، في عام 1683. في هذا السياق، فإننا نفكر، ولكن على خطأ، أن هذا الغزو سيعطي دفعة جديدة للحضارة الإسلامية. ومع ذلك، إذا كانت الإمبراطورية العثمانية في القرن الثامن عشر، واسعة الإنتشار، وتهيمن على الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومعظم أوروبا، وإذا كان الأتراك  قد جلبوا زخما جديدا، في الفن والثقافة والإدارة، فمن حيث الفكر الفلسفي والشرعي، نلاحظ  وجود تضييق وتصلب في الفكر. والتجديد الذي طال أمله، لإشعاع الإسلام، لم يحدث بعد.

    في المقابل، كانت أوروبا آخذة في الإزدهار، وإسبانيا والبرتغال تواصلان غزو العالم. في القرن 16، كانت الأرمادا الخارقة، للأسطول البحري الإسباني، للإمبراطور تشارلز كينت، تسيطر على حوض البحر الأبيض المتوسط، وأخذت مواقع من سواحل المغرب والجزائر(8).

    وأعلن عهد الإستعمار. في الشرق، أخمدت جمهورية البندقية، لفترة طويلة، أنوار قرطبة. والأسطول البندقي يقطع البحار، لجلب كنوز الشرق والشرق الأقصى (من توابل وحرير ...). ولإثبات هيمنتها في منطقة البحر الأبيض المتوسط، لم تتردد صاحبة الشوكة، في الدخول في مواجهة يوم 7 أكتوبر 1571، مع الإمبراطورية العثمانية، في ليبانت. شهدت هذه المعركة البحرية، انتصار البنادقة، وجلبت الانحدار الغير قابل للتراجع، للإمبراطورية العثمانية.

    حركة تراجع المسلمين شاملة. نظروا إلى الاستعمار بمنظور محاولة التبشير بالإنجيل. بالنسبة لهم، ليس هذا البلد أو ذاك، هو المستعمِر، بل المسيحية. هي وحدها تهاجم الإسلام، في أقدس ما يملك.

    في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، تم القضاء على العالم الإسلامي. تواجدت ذروة الإنحطاط في تركيا. انطوى البلد على نفسه، ومع صول مصطفى كمال أتاتورك (1881-1938)(9) إلى السلطة، خرق هذه العملية، وحمّل الدين مسؤولية هذا الوضع. بالنسبة له، فإنه يمثل عقبة حقيقية، أمام التحرر السياسي والاقتصادي للبلاد.

التطرف الوهابي
    في عام 1923، ألغيت الخلافة. وكانت 
البلدان الإسلامية التي ضمتها القوى الغربية، تعاني من الاستعمار، وفي هذا الوعكة الوجودية، تساءل المجتمع المسلم المرتبك "لماذا تخلى الله عنا؟ سُمع صدى واحد فقط، وإجابة واحدة وردت "لأننا ابتعدنا عن الإسلام الأصلي". من هنا جاءت فكرة الإصلاح (النهضة)، التي تريد إحياء الإسلام، وملاءمته مع وقته. سوف يتم تحريفها واستغلالها، حتى أيامنا، من قبل تيارات الوهابيين الجدد، التي تنادي أن "الإسلام هو الحل، القرآن دستورنا، الشريعة قانوننا، وديمقراطيتنا هي الشورى". يدعو هذا التطرف الوهابي، المتحالف مع أفكار حركة الإخوان المسلمين، إلى إسلام نقي ومتشدد، العودة إلى نموذج الأوائل في المدينة المنورة. ويرتكز على واحدة من أقسى المدارس الإسلامية، وهي الحنبلية، ويعيد إحياء فكر أحد فقهاء القرن الثالث عشر، وهو ابن تيمية. هذا الأخير، ولتشجيع المسلمين على الدفاع عن الأماكن المقدسة ضد هجومات الصليبيين، وضع فكر إسلامي متطرف وطائفي. وكان الشعار، هو العودة الحتمية إلى العصور القديمة، لأن الصلابة الدينية لبدو الصحراء، هي التي جعلت الإسلام ينتصر، في جميع أنحاء العالم.

    في نهاية القرن الثامن عشر، تحالفت إحدى قبائل نجد، في شمال الجزيرة العربية، وهي لبني سعود(10)، مع ابن عبد الوهاب (1703-1792)(11). وطبع هذا التحالف، ظهور إسلام صارم، الذي هو المثال الوحيد، لتطهير الإسلام من كل الانحرافات، التي أدت به إلى الانحطاط. الفكرة الأساسية لهذا التطرف، هي أن الإسلام لا يستطيع أن يستعيد عظمته، إلا بالعودة إلى الفترة التي كان فيها المثل الأعلى نقيًا، دون مساهمة أي فكر فلسفي أو أخلاقي أو روحي. ووفقا للوهابيين، فمن الضروري أن يتم تتبع الرسالة، بصرامة شديدة، أو سوف تصيبنا لعنة أبدية، لخيانة الرسالة الأصلية للإسلام، التي أتى بها الرسول محمد صلى الله عليه وسلم. لتحقيق ذلك، يجب أن نرفض أي محاولة للابتكار. ولكن بهذا التصرف، أغلق هذا المذهب، الأبواب بشكل نهائي، أمام أي منظور للتطور في المجتمع المسلم، منكرا ماضيه الفلسفي والفقهي والروحي والفني اللامع.

فضاء للحرية
    للتذكير، أن الروحانية لا يمكن التعبير عنها وعيشها، إلا في فضاء من الحرية. وكلما عشنا في نظام من القيود، كلما تبددت الروحانية. ونتوجه بقدر أكبر نحو التدين، لأن القوة الملزمة، مهما كانت، لا يمكن أن تدع، الروحانية تعبر عن نفسها وتزدهر. حالما يكون للدوغمائية أو الحرف أسبقية على الروح، يصبح المجتمع أكثر شدة، وغير متسامح، ويفتقر إلى الثقة بالنفس. مثل الفرد، فهي تنفتح لكونها متأكدة من نفسها، وتنغلق عندما يساوَر الشك. إذن، فالانفتاح هو تحدٍ مستمر، لما نحن عليه. في سياق التاريخ، كلما تطورت أوروبا أكثر، وتجاوزت إلى مستوى الأفكار الأنسية، كلما انطوى العالم الإسلامي على نفسه. كل ما يجيئ من الخارج، اعتبر مشتبهاً، محرماً، وحتى خطيرا.

    للأسف، سنشهد في هذا السياق تدهور وضع المرأة. سوف تفقد تدريجيا هذا الإسهام، الذي ضمنه الإسلام، الذي درج على منحها مكانة كاملة في المجتمع، وما يعنيه، أنها تكون على قدم المساواة مع الرجل. هذه الحركة الانحدارية، ستؤثر أيضا على الفن. وتختفي الأشياء الجمالية، ونرضى بالاستنساخ، متخلين عن كل الإبداع. لم يعد يوجد، أي شكل من أشكال البحث.

هذا الفكر المتطرف، الذي يحفز الوهابيين الجدد، سيفرض نموذجه، ويقضي على كل الابتكارات، ويستبعد حتى الاجتهاد، ذلك التقليد الطويل والثري بالشروحات. من أجل فرض نموذجها، تقوم الوهابية بإضعاف الفكر الإنساني. بطريقة ما، لا وجود للمعرفة العملية، لانعدام المعرفة الذاتية. يتقيدون بلا تبصر، بإرث الأوائل، بدون التساءل، لو اتجهنا إلى أبعد من ذلك، فهي الظلامية، ونحكم على أنفسنا بالشلل، من خلال رفض أي شكل من أشكال التقدم. وسيوطد هذا الموقف الفقهاء، الذين سيصبحون الحراس على الإسلام، محافظين على العالم الإسلامي من التأثيرات الخارجية، دون إدراك، أننا قد انتقلنا من العصور الوسطى إلى عصر النهضة وعصر التنوير ... من الواضح أن بوصم الاجتهاد، سيرفض العالم الإسلامي، الإلتزام في ميدان التغييرات، ويعيش على الهامش.  متشبتين بالماضي، مديرين ظهورهم للمستقبل. في الوقت الحالي، يسيطر الفقه، على حساب الرياضيات والطب والفلك والشعر... خوفًا من التجديد، نلجأ إلى خطاب إنغلاقي، يدحض من أول وهلة، كل فكرة ولاّدة، بدعوى خطر فقدان الهوية الأصلية.
    بالنسبة للإسلام، كما للديانات الأخرى، فإن الخطأ الفادح الذي يقعون فيه، هو ادعاء امتلاك الحقيقة... في هذه الحالة، ليس لنا شيئ نأمله من الغير، وحتى من أنفسنا. ما الذي يمكن أن ننتظره من كتابات الفيلسوف والمؤرخ، ابن خلدون (1332 -1406)(12)، مادام أن منذ البداية، اعتبرنا فكره هطرقي؟ يجهل الكثير من المسلمين عمله وكتاباته، وغالبا ما تشوه، لاستفحال الجهل، وكذا أعمال ابن رشد وابن سينا وابن عربي والرومي... ورغم ذلك، يظهر أنهم الأسس المبدئية للفكر الحديث. والمفارقة، أن العلماء الأوروبين، هم الذين جعلوهم معروفين للعالم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1).عاشت إمارة غرناطة قرنين إضافيين، حتى عام 1492، ولكن يبدو أن الوقت قد حان، لمحاولة تقييم أولاً، آثار الإسلام على إسبانيا، ثم آثار اسبانيا المسلمة على بقية أوروبا. على المستوى الثقافي، من المؤكد أن البلد حظي بثراء هائل. لم يعق تواصل الإسبان الضيق مع الإسلام، من تشجيع انفتاحهم. كما جلب المثقفين الأوروبيين إلى إسبانيا. لم يكن "جريردوي أورالياك"، البابا المستقبلي سلفستر الثاني، عالم القرون الوسطى، لينجذب ماوراء جبال البيرينيه، يسوقه تعطشه للعلم، سوى لانعدامه، في أي مكان آخر في القارة. كانت لا تزال الرياضيات والطب والجغرافيا وعلم الفلك والعلوم الفيزيائية، ينظر إليها، بشكل سيئ، في العالم المسيحي. في أرض الإسلام، على العكس من ذلك، تم تطويرها إلى حد لا مثيل له، منذ العصور اليونانية القديمة. أي طالب جاد في هذه التخصصات، يشعر بانجذاب نحو الأندلس. وبمجرد أن يضع قدمه على أرضها، بما أن ترجمات الأعمال العلمية الأساسية كانت نادرة وغير دقيقة، كان يتعين عليه، الإندفاع نحو المهمة الهائلة، لتعلم اللغة العربية. من بين أولئك الذين نجحوا، كان الباحث الإنجليزي الكبير أديلار الباثي، الذي عاش في إسبانيا في بداية القرن الثاني عشر، متنكرا في هيئة طالب مسلم، وأنتج حوالي عام 1120، أول نسخة لاتينية من إقليدس، من النسخة العربية، لأصل يوناني.
 نورويتش جون جوليوس، "تاريخ حوض البحر المتوسط"، مجموعة "Tempus" العدد 425، سنة 2012.  

(2). بيت الحكمة، هي أول دار علمية أقيم في عمر الحضارة الإسلامية، أُسِّسَ في عهد الخليفة العباسيهارون الرشيد (763 -809). نشأ بيت الحكمة أولًا كمكتبة، ثم أصبح مركزًا للترجمة، ثم مركزًا للبحث العلمي والتأليف، ثم أصبح دارًا للعلم، تقام فيه الدروس وتمنح فيه الإجازات العلمية، ثم ألحق به بعد ذلك مرصدًا فلكيًا، هو مرصد الشماسية. استمر عمل بيت الحكمة، حتى سقوط بغداد في يد هولاكو المغولي عام 1258، رغم ما لحلقها من جمود مع تعاقب الزمن. قال الطبيب والمؤرخ جمال الدين القفطي (1172 -1248) "إن بيت الحكمة كان رمزًا للمناحي العلمية المختلفة، فهارون الرشيد هو الذي ابتدع فكرة هذا المعهد، وتبناه ابنه الخليفة المأمون، والحكمة في رأي العلماء المسلمين، هي العلوم الإلهية والعددية، وصناعتا الطب والتنجيم".

(3). هو البابا أوربانوس الثاني (1042 -1099)، وعرف بإطلاقه الحملة الصليبية، بكليرمون فيراند بفرنسا.

(4). سقطت في يد المغول في عام 1258، بقيادة زعيمهم هولاكو خان، حفيد جنكيز خان، وكان احتلالها كارثة إنسانية وعلمية، فقد أتلفت العديد من الكتب و المخطوطات، احرقت أو ألقيت في نهري دجلة والفرات، وأحرق بيت الحكمة. وبذلك انتهت الدولة العباسية، التي كانت عاصمتها بغداد، منذ نشأتها سنة 750، من طرف أبو جعفر المنصور.

(5). فلوري جان، "الحروب الصليبية ودلالتها الإيديولوجية"، في "تاريخ الإسلام والمسلمين في فرنسا، من القرون الوسطى إلى اليوم". سنة 2006.

(6). يعتبر كل من الواعظ بطرس الناسك والراهب برنارد دو كليرفو، من الشخصيات المحورية في الحملة الصليبية الأولى.

(7). ابن تيمية (1263-1328) فقيه ومحدث ومفسر، ينتسب إلى المذهب الحنبلي، عايش الغزو المغولي لبلاد المسلمين، والحملات الصليبية، واشتهر بأراءه و أحكامه المخالفة لمعاصريه. كانت فتاوي مناهضة للمتصوفة، ومكفرة أحيانا للشيعة، وقد أظهر منهجا مغايرا لمنهج الأشاعرة في التوحيد والصفات الإلهية. مما أثاره ويثيره ابن تيمية لحد اليوم، هو تبني أفكاره في أماكن مختلفة من العالم الإسلامي، فقد برز فكره في الجزيرة العربية، في حركة محمد ابن عبد الوهاب، وفي الوقت المعاصر، تحتضن الجماعات المتطرفة كثيرا من فتاويه وأراءه التكفيرية. ولكن في خاتمته، ذكر العديد من معاصريه، أنه عاد إلى مذهب الأشاعرة وهجر ما كان عليه، ومات على مذهب أهل السنة والجماعة.

(8). في 21 أكتوبر 1541، رست بالقرب من البرج البحري (تامنفوست).

(9). مصطفى كمال أتاتورك (1881 -1938). رقي إلى مرتبة لواء في 1917، وقاد الحركة الوطنية المعارضة لشروط إتفاقية (1919). بعد الإنتصارات التي حازها على الأرمن والأكراد واليونانيين، أعطى حدودا لتركيا، معترف بها من طرف الحلفاء، في معاهدة لوزان (1923). عزل السلطان في سنة 1922، وترأس الجمهورية (1923 – 1928)، وجاهد في خلق دولة علمانية وغربية.

(10). محمد ابن سعود (1710-1765). كان أمير الدرعية، من سنة 1744، وهو جد الأسرة الحاكمة حاليا، في المملكة العربية السعودية، ويعتبر أول طبق الوهابية في نجد.

(11). محمد ابن عبد الوهاب (1703 -1792). مؤسس طائفة الوهابية، ولد في العينية، في بداية القرن الثامن عشر، وفي هذه المدينة بدأ دعوته. تتلخص عقيدته، في العودة إلى ما كان عليه السلف الصالح من عقائد، وممارستها بالصفة التي كانوا هم عليها، ورفض أية سلطة روحية، وتحريم تبجيل النبي صلى الله عليه وسلم وزيارة أضرحة الصالحين، وأمره بإزالتها. كان يدعو إلى التطبيق الصارم للشريعة الإسلامية، كرجم المرأة، وقطع يد السارق، وتقام أمام الجمهور. في سنة 1742، نجح في ضم الأمير محمد ابن سعود إلى طائفته.

(12). ابن خلدون (13321406)، مؤرخ وأب علم الإجتماع، ألف كتابه المقدمة، ويشكل موسوعة علمية. اعتبر تاريخ الحضارات علم بحد ذاته.
    "كان ابن خلدون يزعج بالطريقة التي يحلل بها، كمفكر أصيل وواقعي، كي يشكك في المظاهر، لسبر أغوار ما وراء الحقيقة. فهو الهدام، بالزهرة التي أيقظت من بشاعة التاريخ وصغر الناس. فهو الهدام، الذي أشار إلى أن الرداءة، هي الخطر الأكبر الذي يهدد الحضارة، وأنها لا تكمن في الإجتماعي، بحد ذاته، ولكن في أولئك الذين يفرون من المعنى العميق للأشياء".
بوهديبة عبد الوهاب، شابوتو- رينادي منيرة، "على خطى ابن خلدون"، 2006.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق