السبت، 31 أكتوبر 2020

احتفال بمولد نبوي محزون بفرنسا

 

احتفال بمولد نبوي محزون بفرنسا

 

 

    تمر حاليا فرنسا بأوقات عصيبة، فقد جرت أحداث أليمة، قُدم على إثرها فرصة ثمينة، على طبق من ذهب للمعادين للإسلام، لينهضوا وينفثوا سمهم على كل ما له ثمة صلة بالإسلام. والضحايا الأوائل لتلك الهجمة هم المسلمون، الثلة الأقلية، التي تشكل نسيج المواطنة الفرنسية. سخّرت وسائل الإعلام جيوشها للتشهير بالقضية، وبشكل ما، يقومون بصب الزيت على اللهب، ليسعّروا من نار الفتنة.

 

    أقدم شاب من أصول إسلامية على قطع رأس مدرس بفرنسا، متحججا في دعواه أن الفقيد عرض في فصله رسوما مسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم. شكل الحادث واقعة تستوجب التصدي للخطر الإسلاموي وضرورة مناهضته، وكبح جماح مناصريه، مما أعطب جروحا قد اندمل بعضها من أحداث سابقة، كانت دائما تسيل العرق البارد للمسلمين، الأقلية القاطنة في أوروبا، ففي كل مرة، كل حدث يثير تخوفات عميقة لديهم، ويحاول دفعهم إلى الشعور بالذنب، لما اقترفه أبناء جلدتهم، وهذا ما يحذر منه الشيخ خالد بن تونس أيما تحذير. الحذر كل الحذر من الوقوع في فخ الشعور بالإدانة، وهذا ما يريد أعداء الإسلام إلصاقه بهم. لا يمثل هؤلاء سوى أقل من واحد بالألف من جماعة المسلمين، ولا يمكن لإسلام الأنوار أن يداس على مفاخره من طرف هذه الطائفة الخرقاء.

 

    شكلت هذه الأحداث في البلاد الغربية دوما مادة دسمة للنيل من الإسلام، والنيل من مشاريع جمع أواصر البشرية، وشكلت باستمرار عثرات لمشروع العيش معا، وتلقى مروجو هذا المشروع ضربات موجعة، كانت توهن عزم البعض، وتشكك في مدى نجاح المشروع. وقف الشيخ خالد بن تونس في وجه تلك الحملات، وصدها باتزان حكيم، وبدا منه جهد جبار لإيقاف تلك الهجمات أو اجتنابها قدر المستطاع.

 

    ثم تلت الحادثة الأولى حادثة أشنع، حيث قام أحج الأصوليين بقتل ثلاثة مسيحيين بالقرب من أكبر كنيسة بمدينة نيس، الواقعة في الجنوب الفرنسي، وهي المنطقة التي يقطنها الشيخ خالد بن تونس، وشهدت الكثير من أعماله الجليلة، الضاربة في غور محاسن جمع شتات الأمة الإنسانية وتوحيد صفوفها وإبراز أخوة أفرادها.  

 

 



 

    في كلتا الحادثتين نشرت الجمعیة العالمیة الصوفیة المنظمة الدولیة غیر الحكومیة  AISA ONG بيانا صحافيا، تدين فيه الجريمة الشنعاء، وتقدم العزاء للضحايا، وتستشهد بالماضي العريق للدين الإسلامي.


    بصفة الشيخ خالد بن تونس الرئيس المؤسس لهذه المنظمة، نقدم باسمه فحوى البيانين.

 

 

    بيان صحفي للمنظمة الدولية الصوفية العلاوية غير الحكومية عيسى

    بلاغ صحفي في 18 10 2020

 

"مداد العالم خير من دم الشهيد"

 

    أصيب جميع أعضاء المنظمة الدولية الصوفية العلاوية غير الحكومية، عيسى، بالذهول والذعر من قطع رأس السيد صمويل باتي، أستاذ التاريخ والجغرافيا، حيث أنهم يدينون ويرفضون بشدة هذه الجريمة الشنعاء، التي تعزى بطريقة ماكرة إلى الإسلام.


    ونتقدم بأخلص تعازينا إلى عائلته وأحبائه وزملائه، وجميع طلاب مدرسة "بوا دولن" الكائنة ببلدية "كوفلان سانت أونورين"، وإلى جميع أعضاء هيئة التدريس المصابة في صميم مهمتها الشريفة، المؤداة يوميا.


    إنها جميع القيم الحميدة التي بلّغها رسول الله، محمد صلى الله عليه وسلم، قد انتهكت اليوم بفعل هذا العمل. فهو كان يُعلم "مداد العالم خير من دم الشهيد".


    لطالما اعتبر التعليم والمعرفة أحكاما، لها من الأهمية أكثر مما للعبادات، كما كان شرحها الإمام الغزالي في عصره (القرن الحادي عشر)، في تفسيره للشرع الإسلامي.


    الأمير عبد القادر، الذي أنقذ أرواح الآلاف من المسيحيين، في أعمال الشغب في دمشق عام 1860، لم يطبق نهج المعاملة بالمثل أو القصاص على المعلمين، حتى لو ارتكبوا جريمة، بالنظر، لكونهم كانوا يعلمون الآخرين.


    إن الكاريكاتير الحقيقي الذي يشوه الإسلام هو هذا العمل الوحشي. "من قتل نفسًا بغير نفسٍ أو فسادٍ في الأرض فكأنما قتل الناس جميعًا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعًا". سورة المائدة، الآية 32.


    تتعارض قيم المنظمة الدولية الصوفية العلاوية غير الحكومية بشكل كلي مع جريمة القتل هذه. وتعمل المنظمة على تعزيز التعليم من أجل ثقافة السلام والعيش معًا في سلام، الذي تمكنت من تقريره، من خلال قرار الأمم المتحدة رقم AR / 72/130، الذي تم تبنيه بالإجماع من قبل الدول الأعضاء، البالغ عددها 193، وتأسيس اليوم الدولي للعيش معا في سلام، في 16 مايو من كل عام.


    في جميع أرجاء الأرض، تستخدم مجموعة من الإسلاميين، تحظى بصدى إعلامي رهيب، نفس الكلمات ونفس الأفكار، والملابس نفسها، لتزود الشباب الذين يعيشون في ضيق، شكلا من التفكير الإسلامي الجاهز، في ثوب الشهيد وجزاء فردوسي، بالجعل منهم أفراد منحرفين.


    من يقوم اليوم بالتحدث عن تنوع المفكرين والمفكرات والفلاسفة والشعراء والشاعرات والمدارس الفقهية العديدة والصوفيين، الذين زخر بهم إسلام الأنوار، في المشرق كما في المغرب، وتركوا بصمات آثارهم على الحضارة؟


    إن التعطش للتعلم والفضول الفطري لدى البشر يمثلان للمسلمين الذين يعرفون دينهم ويتفقهونه واجب قرآني. إن السعي وراء العلم واجب، قبل أن يكون حاجة طبيعية أو متعة مرغوبة. وبهذا المعنى، فإن أول آية نزلت، جعلت من العلم واجب: "اقرأ".

 


    بيان صحفي للمنظمة الدولية الصوفية العلاوية غير الحكومية عيسى

    بلاغ صحفي في 29 10 2020

 

مولد نبوي 2020 محزون

 

 

    إن الجمعیة العالمیة الصوفیة المنظمة الدولیة غیر الحكومیة AISA ONG لتدین باسم جمیع أعضائھا وبشدة، العمل الشنیع الذي ارتُكب الیوم في كنیسة نُوَتْرَدام بمدينة نيس.

 

    من أعماق قلوبنا، نتقدم بأخلص تعازينا وأصدق دعواتنا لكل عائلات الضحایا وأقربائهم، وجمیع أخواتنا وإخواننا المسیحیین. ونؤكد لھم تعاطفنا ودعمنا في ھذا المصاب، الذي نشاركهم فيه.

 

    إن ھذا العمل الشنیع، الذي لم يرتكب فقط في مكان للعبادة والصلاة المسیحية، ولكن أيضا في السياق الخاص للاحتفال بمولد نبي الله صلى الله عليه وسلم، يعد انتھاكا لجوھر الرسالة المحمدیة العالمیة.

 

    في السنة الماضیة، أقیمت ذكرى الاحتفال بالمولد النبوي في مدینة نیس الفرنسیة، بحضور رئيس بلدية المدینة، السید كریستیان إستروزي، والعدید من الشخصیات الأخرى.

 

    إننا نأمل أن یدفعنا ھذا العمل الانتحاري إلى إدراك استدعاء إلحاحية الموقف، من أجل المثابرة لبناء ھذا المجتمع المدني للعیش معا في سلام، والذي يستند إلى الاحترام والتعایش وتعزیز الروابط بین جمیع المكونات التي تؤمن وتأمل في الأخوة الشاملة.

 

    إننا نتمنى أكثر من أي وقت مضى، أن یكون ھذا الیوم بالنسبة لنا جمیعا، مجالا للتأمل، وإحیاء لتعالیم محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي قرر في كتابه إلى نصارى نجران، أو أية أمة أخرى نصرانية.


    "لنجران وحاشيتها، ولأهل ملتها، ولجميع مَن ينتحل دعوة النصرانية فى شرق البلاد وغربها، قريبها وبعيدها، فصيحها وأعجمها، جوار الله وذمة محمد النبى رسول الله، على أموالهم وأنفسهم وملتهم وغائبهم وشاهدهم، وعشيرتهم، وبِيَعهم، وكل ما تحت أيديهم من قليل أو كثير.. وان أجرم أحد من النصارى، أو جنى جنايةً، فعلى المسلمين نصره، والمنع والذب عنه، والغرم عن جريرته، والدخول في الصلح بينه وبين من جنى عليه.. ولا يحملوا من النكاح شططاً، ولا يكره أهل البنت على تزويج المسلمين، ولا يضاروا في ذلك ان منعوا خاطبا وأبوا تزويجا، لأن ذلك لا يكون الا بطيبة قلوبهم، ومسامحة أهوائهم، ان أحبوه ورضوا به. اذا صارت النصرانية عند المسلم، فعليه أن يرضى بنصرانيتها، ويتبع هواها في الاقتداء برؤسائها، والأخذ بمعالم دينها ولا يمنعها ذلك، فمن خالف ذلك وأكرهها على شيء من أمر دينها، فقد خالف عهد الله وعصى ميثاق رسوله.. ولا ينقض ذلك ولا يغير حتى تقوم الساعة انشاء الله".

 

    في ظل هذا الوضع الشنيع الذي نعيشه، يسلط ھذا العھد الضوء على قيمة الروح المحمدي، الذي يدعو إلى التسامح وحریة كل فرد في ممارسة معتقده، والحق في الإختلاف. كیف يمكن بالرجوع إلى رسول الإسلام، أن نبرر ھاته الأعمال المتناقضة كاملا مع التعالیم الإسلامیة؟ إننا نأمل أن تساعد ھذه الظروف المسلمین والمسلمات، على أن یفكروا ویتدبروا، كي یمیزوا بین ما یؤدي إلى الإیدیولوجیات القاتلة، وبین ما يضفي إلى ما ھو أساسي.