الخميس، 31 مايو 2018

رحلته الرمضانية إلى كندا

رحلته الرمضانية إلى كندا


وصول الشيخ خالد بن تونس إلى كندا
    كما كان مقرر، حط الشيخ خالد بن تونس في كندا، البلد الذي سانده مساندة مميزة، في تحقيق أبعاد اليوم الدولي للعيش معا، فهذا البلد كان السباق، إلى غرس قيم العيش معا، في أوساط شعبه، الشعب الكندي المتعدد الأعراق، وبلد الهجرة المتواصلة، سيحيي مظاهر العيش معا في سلام، على مدار السنة، إذ خصص في ميزانيته، 50 مليون دولار من أجل الحدث، وهي خصلة ومبادرة جريئة، لفتت انتباه الناس، وابتهج الشيخ خالد بن تونس بها، وخصها بأنواع التشكرات، و جزيل الإمتنان.

   الشيخ خالد بن تونس، وعن يمينه المحامي بن خليفة وعن شماله السيد دونالد جان


    "بالفعل، قد وعدت Médiamosaïque، بإحضار الشيخ خالد بن تونس إلى منتريال، الرجل الذي تم تكريس أعماله، لصالح العيش معا، من قبل 193، على سطح كوكب الأرض.

    الشيخ خالد بن تونس، المتواجد حاليا بالفندق، محاط بحاشيته المقربة، التي تنقلت معه، سيقلد داخل 24 ساعة القادمة، بـ"الزنبقة الدولية للعيش معا في سلام"، في إطار الطبعة السادسة، لحفل زنابق التنوع."(1)

    كانت مناسبة الزيارة، تسليم وكالة الصحافة الكيبكية Mediamosaique، الشيخ خالد بن تونس، الجائزة الكبرى "الزنبقة الدولية للعيش معا في سلام"، بحيث وقع الإختيار عليه، وجرت الإحتفالية يوم 28 05 2018، بمسرح سان جايمس بمنتريال بكندا. كانت هذه النسخة السادسة للحدث، وعقدت تحت الرئاسة الشرفية، لرئيسة بلدية منتريال السيدة فاليري بلانت، وحضور وزير العلاقات الدولية والفرنكفونية لكيبيك، السيد كريستين سانت بيير. وأشرف على الجائزة الكبرى لموزراييك، (حفل زنابق التنوع) المدير العام لهذه الوكالة، السيد دونالد جان، وكان الشيخ خالد بن تونس، أحد أوائل الذين تسلموا هذه الجائزة هذا العام.



المحاورة
    كما شكر الشيخ خالد بن  تونس على إثرها، كل كندا و سكان منتريال و مقاطعة كيبيك، على هذا التمييز.
    ولم يفلت السيد دونالد جان المناسبة، بدون أن ينال حظوة، و يختص بالمحاورة التالية، مع الشيخ خالد بن تونس، فقد عظمه كثيرا، ووصفه بأوصاف، مثل كونه أب العيش معا في سلام، وغير ذلك من الأوصاف، التي تنم عن التقدير الهائل، الذي يكنّه الكنديين للشيخ خالد بن تونس، وقد بدا ذلك واضحا، مثلما تم بثه، في شبكات التواصل الإجتماعي.

دونالد جان: ... أنت أب، اليوم الشهير للعيش معا في سلام، وتضطلع بمهمة نبيلة للغاية. كيف اضطلعت بهذه المهمة، الشيخ خالد بن تونس؟
الشيخ خالد بن تونس:أولا، أنت تقول عني أني الأب، ولكن للحصول على ولد، ينبغي تواجد إمرأة (ضحك في القاعة). من هي الأم؟ لماذا لا نتكلم عن الأمهات، ونتكلم فقط عن الأباء؟ فلهذا اليوم أم، وأمه هي المؤتمر الدولي للأنوثة، المنعقد في أكتوبر 2014. (تصفيق حار). هذه المبادرة هي قبل كل شيئ، مبادرة النساء، فكنت سوى الحامل. هذا كل شيئ.

دونالد جان: أنت الحامل؟ لم تعد النساء هن الحوامل؟ لدينا الشرف الكبير لحضورك معنا، ونشكر المحامي بن خليفة ومكتبه، الذين منحوا لنا هذا الإمتياز الهائل. والآن نريد سماع رسالتك، التي تخص السلام. كيف تُعرّف السلام، وماهي رسالة الشيخ خالد بن تونس؟
الشيخ خالد بن تونس: بالنسبة لي. رأيت السلام، دوما كحالة كينونة. يبدأ السلام بالفرد وبنا وبالشخص. أن يكون في نفسك شيئ ما، يطمئنك ويمنحك الثقة في نفسك، ويسمح لك أن ترى قريبك كجزء منك، وتنظر إليه كمرآة، تعكس تلك الحقيقة التي تكتنفك. يسمح لي الآخر أن أعرف من أنا. ليس السلام فقط، عبارة عن غياب النزاعات أو الحروب، فالسلام شيئ يمكن جنيه، مثلما نقطف الورود، ونحصد الزرع. والسلام يجنى في الضمائر، ولسوء الحظ، لم نستثمر بالشكل الكافي في السلام. لا توجد مدارس سلام، ولا أثر لجامعات السلام، ولا وجود لأكاديمية السلام، رغم أنه توجد أكاديميات، من كل نوع، لدينا أكاديميات الحروب، وقد حان الوقت، كي تتغير نظرتنا حول السلام، ويكون باستطاعتنا الإستثمار في السلام.
    في كل عام، تنفق 13400 دولار، في العنف وفي الحروب، ومقارنة بهذا، ما الذي ننفقه عن السلام؟ حان الوقت في (إطار ما يحويه مضمون) هذا اليوم، بأن يلتزم كل واحد وواحدة، بعكس هذا النظام، الذي يقودنا جميعا، صوب الجدار. لا ندع الشك يساورنا، فهذا هو الطريق الذي ينبغي أن نختاره، نختاره لأنفسنا ولأطفالنا وأحفادنا، ونبني المستقبل، الواحد مع الآخر، وليس الواحد ضد الآخر.

دونالد جان: الشيخ خالد بن تونس، أنت معلم روحي صوفي، ونظرا لقرار الأمم المتحدة، الذي صوت عليه بالتوافق والإجماع، أريد أن أقرأ مقتطف منه. "تدعو جميع الدول الأعضاء، إلى مواصلة تعزيز المصالحة، من أجل المساعدة على ضمان تحقيق السلام والتنمية المستدامة، بطرق تشـــمل العمل مع المجتمعات المحلية، والقيادات الدينية وغير ذلك، من الجهات الفاعلة ذات الصلة، من خلال اتخاذ تدابير المصالحة، والإضطلاع بأعمال الخدمة، والتشجيع على العفو والتراحم بين الأفراد".(2) ما هو العفو والتراحم، برأيك؟
الشيخ خالد بن تونس: العفو والتراحم. ينبغي اليوم طرح السؤال. ورثنا من الماضي، الحروب والنزاعات والأحكام المسبقة والمظالم. هل سنعيش مع هذا، ونمرره إلى الأجيال القادمة؟ أو بدفعة واحدة، نختار طريقة أخرى لرؤية هذا المستقبل، بدون نسيان الماضي، مع الإعتبار أن ماضينا، نشأ على أعاصير وعنف، فعليه، فهو ينبغي أن يدفعنا إلى التوجه، نحو التحلي بضمير جديد، وهذا الضمير يجب أن يؤسَس على التراحم فيما بيننا. جميعنا ارتكب أخطاءا، ولا يمكن لبلد أن يدعي، أنه لم يخطئ في حق أقرانه، ولا يمكنه لأي إنسان، ولا لأي تقليد. كيف نصل اليوم إلى تحقيق، مصالحة العائلة البشرية، ونحن نُكون عائلة. ينبغي علينا أن نرى الإنسانية مثل جسد، كل شعب فيه وكل بلد، هو عضو لا يتجزأ من الجسد، ولا وجود لعضو، هو أشرف من الآخر.
    ينبغي أن ندرّس هذه النظرة، من خلال ثقافة السلام. ومن دواعي فخري، أقول لكم، أنه بفضل هذا اليوم، أصدرت وزيرة التربية الجزائرية، مرسوما ينص على تضمين ثقافة السلام، البرامج المدرسية، للسنة القادمة (تصفيق). وقرر النقابيون، إقامة تكوينا، سموه تكوين العيش معا. إذا كان بإمكان هذا اليوم تغيير العقليات، وإذا كان بإمكان هذا اليوم مساعدتنا، على أن نجعل من السلام، آلية يفشى من خلالها ويلقّن، ومنهجا تغذى به الضمائر؛ في هذه الحال، نعم، فالعالم سيتغير، وتبقى هذه مهمة كل واحد منكم.

دونالد جان: ولننهي. ننتقل إليك الشيخ خالد بن تونس. مادمت أظهرت هذا، فهذا يعني، أن العيش معا ليس خياليا، هو شيئ يمكن أن يجسد، وضيوفك الكنديين والمنترياليين، وجميع الناس، الموجودين في القاعة، مارسوا هذا العيش معا. هل هذه هي الرسالة؟
الشيخ خالد بن تونس: أعتقد أنني وسط جمهور، يفهم ما أقول. عندما أطلقت الفكرة، بدت كأنها خيالية طوباوية، واليوم لم تعد خيالا، أصبحت حقيقة. أشكر الدبلوماسية الكندية، وأيضا الدبلوماسية الجزائرية، وكذا الدبلوماسية الفرنسية والبلغارية، وبعض دول أمريكا الجنوبية، فهم منذ البداية، قاموا بتشجيعينا على المضي قدما، و ساهموا في التمويلات، كما أشكر السيد كريتيان، الموجود هنا، هذا الصديق جاء إلى الجزائر، ليتسلم جائزة الأمير عبد القادر للعيش معا والمعايشة، وقد تم إنشاء رابطة، بين الجزائر العاصمة ومنتريال، من خلال المرصد الدولي لرؤساء بلديات العيش معا. في هذا البلد، أنتم محظوظون، لاستثماركم في العيش معا، قبل آخرين. أقول خطوتم خطوة، أكثر من البقية، وعليكم أكثر من أي وقت مضى، جعل هذا الأمر ممكنا، لكم جميعا، وتعليمه لأبنائكم، وتكونون في طليعة هذا اليوم الشهير، للعيش معا، وتقولون، انظروا إليه، إنه موجود ويعمل، وأكثر من ذلك، فهو يسمح لنا بالعيش أفضل. أنتم مجتمعات مختلفة، فيكم اليهود والكاثوليك والبروتستانت والهنود الأمريكيين، والمسلمين والبوذيين والهندوس، فبها تثبتون للعالم بأسره، أن هذا ممكنا، وأن لهذا الجسد حقيقة، ولا يتعلق الأمر بمجرد عاطفة نابعة، أو فلسفة مجردة. نحن هنا في ميدان الحياة اليومية والممارسة. امضوا، ولتعاش هذه الحياة، على مستوى الدولة والمنطقة والمقاطعة، وليس داخل مختبر، كائن في مكان ما، بإحدى الجامعات، بل تمارس في الشارع والمدينة، وفي أحضان العائلات، وكذا المدارس. بصدق، لا يمكنني سوى تهنئتكم، وتهنئة كندا، وتهنئة كيبيك، على هذا العمل، الذي قمتم به.
أعراق والمعتقدات وبلد الهجرة المستمرةأ

سنُحدِث ظهورا جديدا   
    مساء يوم 30 مايو، كان الشيخ خالد بن تونس في ضيافة UniAction، وهي هيئة غير ربحية، تتمثل مهمتها، في زيادة الوعي بالقضايا الاجتماعية المختلفة، مثل الفقر، والحصول على التعليم والصحة. ألقى الشيخ خلال اللقاء محاضرة، عنونها "الروحانية والعيش معا في سلام"، ومن جهتها روجت هذه الهيئة قبلا، لهذا اللقاء منادية "قابلوا الشيخ خالد بن تونس، الباعث لليوم الدولي للعيش معا في سلام، الذي تبنته بالإجماع الدول 193 الأعضاء، في الأمم المتحدة."

    عندما اعتلى منصة الخطابة، طُلب منه أن يروي لهم، كيف جاء تقرير اليوم الدولي للعيش معا في سلام. فقال مبتدئا في كلامه وحاسما في بيانه ومبلجا في حجته "إنها المرة الألف، التي أسرد فيها هذه القصة". و بصراحة، رغم ما تكرر من ذكر هذه الرواية، إلا أنني أجد في كل مرة، عناصر جديدة، يذكرها الشيخ، تتمم ما استفيد منه، وتزيد في الأمر دراية. فقال "كان عمري بين 15 و16 سنة، وكان هناك أستاذ يدرسنا الفلسفة، وقعت بين يديه مخطوطات، تعود إلى جدي الأول، وقرأ علينا نصا، وهذا النص، هو حقا سريالي. وطرحت دوما السؤال، هل ما أقرّه منذ قرن، هو حقيقة، و يمكن أن يرى يوما ما النور". وبقي هذا التساؤل يختلج فكر الشيخ خالد بن تونس "هل سنصل يوما إلى هذا الإدراك؟" ثم أفاض الشيخ في تبيان سيرورة العمل، في التنقل بالمشروع من مرحلة إلى مرحلة، والصعاب التي اعترضته، والعقبات التي أعاقته. ثم ظهرت الكرامة "رأيت بأم عيني، كيف انتقل الأمر من الرفض إلى البداهة. بأي معجزة؟ فأنا أقول، فلكوننا جميعا، نحمله في أنفسنا، كنا فقط بحاجة، إلى مهرج وبهلوان ومجنون، يقوم بهزنا".

    ثم طرح الشيخ خالد بن تونس السؤال المهم "هاهو اليوم موجود، فما الذي سنفعل به؟" أخبرنا الشيخ بخطوته القادمة، فقال "لكوني عنيد، فالدول التي قالت نعم، بالإجماع، لن أتركها هكذا". وأضاف "عندما ننتهي من هذا الحدَث، سنُحدِث ظهورا جديدا، كتابة صفحة جديدة من التاريخ، من تاريخنا".

    أما عن تحديات هذا اليوم، فأعرب الشيخ عن انشغاله الكبير، عن "أي عالم سنترك بعدنا، للأجيال القادمة"؟ وذكر أن "العنف والحروب تكلف 13% من الإقتصاد العالمي، و تقدر ميزانيتها بـ 13400 مليار دولار سنويا". أوضح الشيخ أن "الخطوة الأولى، التي نقوم بها، هي تدريس ثقافة السلام لأبناءنا في المدارس، فإذا لم يتم إدراج ثقافة السلام، فعملنا لا يساوي شيئ. أنا مقتنع، أنه السبيل الذي ينبغي أن نسكله بادئا".

    "هل تسائلتم لماذا تنهضون غدا"(3)؟ في الحقيقة كان هذا هو موضوع لقاء، جرى في سويسرا، منذ أيام قليلة، أجاد الشيخ في الإجابة عن مضمونه، وعاد وطرحه في خطبته هذه. فرد عنه "من هنا تبدأ الروحانية. قوموا بإزعاج أنفسكم. قوموا بإزعاجها". ثم أشار "نشعر بهذا الخيط اللامرئي، الذي يربطنا ويجعل منا إنسانية. فهذا يُغير كل شيئ، حتى ولولا تفهمون ما أقول، فستشعرون بشيئ في داخلكم".

    وعرج في كلامه، إلى الأفقية وما كلفت الإنسان، وجرته إلى نسيان نفسه، "فنحن نقوم بإضافة شيئ إلى شيئ موجود"، منبها إلى ضررها، لعدم تدارك الإنسان الإستقامة، التي لابد أن ترافقها، إذ صرح "لنرجع إلى ماهو أساسي، نحو هذه الإستقامة، وإن هذه الإستقامة، تقودنا نحو هذه الإنسانية الموحَدة، تلك الأخوة المتبادَلة، ونحو العدالة".
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
(1). موقع mediamosaique.com، في 27 05 2018.
(2). هو البند 3، من توصيات الجمعية العامة للأمم المتحدة، في قرارها الذي أسس، اليوم الدولي للعيش معا في سلام، وصودق عليه، بإجماع الدول 193 العضوة في الأمم المتحدة، بإجماع الأصوات، وتوافق الأراء. للعلم جاءت توصيات القرار في سبعة بنود.
(3). شارك الشيخ خالد بن تونس، يوم 26 05 2018، في "مهرجان كِتاب للعيش"، في "كريت بيرارد"، المعروفة بـ "دار الكنيسة والبلد"، وهو مكان للترحاب والحياة الروحية، الواقع في بلدة "بييدو" في مقاطعة "فود" السويسرية. لهذه الكنيسة توجه إنجيلي إصلاحي.
    في هذا المهرجان، طُرح عليه السؤال، "لماذا أنهض غدا؟"، فقال "أنا لم أطرح حتى هذا التساؤل، ولو أجبت عليه بشكل مباشر، فأسبب فضيحة". وضرب مثلا "قطرة الماء الموجودة في قمة جبال الألب، وتنفلت من الجليد، وتسلك طريقها نحو المحيط، لا تطرح أسئلة، فهي جزء من الكل. ونحن جزء من الكل". وأوضح "ننهض لنكون شهود، بأننا موجودين، والإنسانية موجودة، وللإنسان مصير ومسار، وقسرا هذا المسار يختلف، من شخص لآخر". واستفسر مشيرا، "أنا في الأفقية مع الآخرين، وفي العلاقات التي تربطني بهم، فأما عن الإستقامة، ماهي علاقتي بها؟ وهي التي تصلني بالذي لا يوصف، الذي يسميه البعض الإله، وآخرين يمنحونه إسم آخر، لا يهم..". وخَلُص إلى أن "السلام يفيد في تحويل طاقة العنف التي تسكننا، إلى طاقة مولدة للسلام والرحمة".

الاثنين، 28 مايو 2018

العيش معاً جزء من تراثنا الثقافي


العيش معاً جزء من تراثنا الثقافي



    من مكتبنا في باريس، وعلى هامش هذا الحفل، إلتمست Ouest-Info مقابلة حصرية، من الشيخ خالد بن تونس، شيخ الطريقة الصوفية العلاوية، التي تنتسب إليها، الجمعية الدولية الصوفية العلاوية، المنظمة غير الحكومية "عيسى"، صاحبة مبادرة مشروع العيش معا في سلام؛ بشأن نطاق هذا الاحتفال. فلنستمع إليه: 

Ouest-Info: أنت ملتزم بالسلام، ما هي القوة الدافعة، التي حركتك نحو هذا الالتزام؟
  الشيخ خالد بن تونس: المحرك، يأتي من بعيد. في المرة الأولى، التي تعرفت فيها على فكرة السلام هذه، كان ذلك من خلال قراءة، كتب جدي الأكبر، وكيف كان يرى البشرية منذ قرن، كيف كان ينظر إليها، وكيف وصفها. قلت في نفسي، هذا غير معقول، وكنت حينها، ما زلت طالبا شابا. نعم، من الناحية الفلسفية، يمكن أن نتحدث عن الإنسانية والسلام، ولكن هذا لن يتحقق أبداً. على طول الطريق، اتضحت الأمور، وسمحت لي، بالتفكير والتصرف، وإن هذا اليوم للعيش معا في سلام، نحن مدينون، لما كتبه، جدي الأكبر، الشيخ العلاوي، في أبحاثه الفلسفية، منذ قرن، في مستغانم.

  Ouest-Info: جيد جدا، إنه حلم يتحقق، وإنجاز جاء بعد العديد من التضحيات، ما هو شعورك؟
 الشيخ خالد بن تونس: الإنسانية حية، وقد استجابت لمبادرتنا. كان ممثلو جميع البلدان، من جميع المجتمعات (اليهود، الكاثوليك، البروتستانت، البوذيين، المسلمين، ...) حاضرين، وانظموا إلى مبادرتنا. كان المجتمع الدولي حاضرا. جاء قرار تبني هذا اليوم، يوما دوليا للعيش في سلام، بالإجماع، من قبل 193 دولة عضو في الأمم المتحدة، يجب علينا خصوصا، قراءة المواد الست للقرار، وإذا طبقناها فعليا، ربما تسمح لنا بتغيير وضعنا، وحالة العالم اليوم، وإن النظام القائم لن يستمر، مع وجود المظالم الكبيرة جدا، والفوارق الشاسعة في الثروات، والدول التي دمرتها "الأعاصير"، التي تجد أصلها في تراخينا وأنانياتنا، مع أولئك الملايين من الناس، الذين ألقيوا في الشوارع، وتعداد الملايين من المهاجرين. لم نشهد هذا أبدا، سوى أثناء الحربين العالميتين. إلى أين نذهب؟ نحو أي مستقبل؟

Ouest-Info: هل أنت فخور بهذا التكريس؟
 الشيخ خالد بن تونس: ولا فخر، أنا رائق، وممتن لكل من ساعدنا، في جعل هذه المبادرة حقيقة واقعة.

Ouest-Info: وما هي وجهة نظرك على المستوى الدولي، فيما يتعلق بالصورة المنقولة عن الإسلام المسيّس؟
الشيخ خالد بن تونس: حسناً، مع ذلك، هاهي مبادرة تأتي من العالم الإسلامي، من بلد مسلم وإفريقي وعربى. إنها المنظمة غير الحكومية الروحية، الوحيدة في الأمم المتحدة، التي تمكنت من النضال والكفاح حقا، مع كبار هذا العالم، وإقناعهم بأن طريق السلام، هو الطريق الذي يجب أن نسلكه.

Ouest-Info: الرئيس بوتفليقة، قام بالتذكير به اليوم، في رسالة وجهها للجزائريين، بعد تحقيق مبادرتكم في ديسمبر. إذن، إن الجزائر تحيي، الطبعة الأولى من العيش معاً في سلام، ماهو رأيك؟ هل يستوقفكم التاريخ؟
 الشيخ خالد بن تونس: بالطبع، يستوقفنا التاريخ. كتب الرئيس بوتفليقة، أمده الله في صحته، رسالة عميقة، لكل الجزائريين، تؤكد أن طريق الوفاق والمصالحة يقودنا إلى أين، نعيد بناء مجتمع العيش معاً. إنه جزء من ثقافتنا، و تراثنا، مثل كنز، مدفون تحت أقدامنا. لذا، دعونا نعمل، ونبحث عما تركه لنا، أسلافنا وأجدادنا. تركوا لنا ثقافة غنية، وتقاليد معبئة بالانفتاح والعالمية، تركوا لنا المعرفة. إذن، لماذا يعيش الجزائري اليوم في هذه الوعكة؟ فلأنه لا يعرف نفسه، لأنه لا يعرف جذوره، جذور الجزائري، ليس العنف، وجذور الجزائري، ليس حتى الإرهاب.

Ouest-Info: ماذا يجب أن نفعل؟
الشيخ خالد بن تونس: أن نتآزر، ونستعيد الثقة في أنفسنا، ثم ننتقل إلى المرحلة الثانية، تشاع فيها، الثقافة، والتربية، ففي المدارس، تتشكل روح الغد، حتى يتمكن أطفالنا، من بناء مستقبلهم، مع بعضهم البعض، وليس ضد بعضهم البعض.

Ouest-Info: مع الحفاظ على إسلام أسلافنا، هل هذا صحيح؟
الشيخ خالد بن تونس: عندما نقول، دعونا نحافظ على إسلام أسلافنا، فماذا يقصد بذلك؟ الإسلام يعلمنا التوحيد، وإن لم نضطلع بالتوحيد، فإنه سيصبح سوى إسلام الواجهة، ينبغي أن نبدأ بالباطن، وينبغي أن يتجلى هذا التوحيد في إدارتنا للبلد، ويتجلى في الأسرة، والخلية الأسرية، ونراه في مدننا، ولدى الممثلين المنتخبين والمواطنين، ونراه في المجتمع المدني، وفي المساعدة التي يمكن أن يجلبها...

Ouest-Info: من جهة أخرى، افتتح الرئيس بوتفليقة، مقرا جديدا للزاوية البلقائدية الهبرية، هل هي بالنسبة لك، خطوة جيدة لتعزيز الروابط بين الجزائريين؟
الشيخ خالد بن تونس: نقلت الزوايا، لقرون عدة، إسلام الأنوار، الذي تُرك اليوم جانبا، قائلين أنه إسلام الشعوذة، وهنا، يمكن أن يتواجد مشعوذين، انتهزوا منه، ولكن في الأساس، هذا الإسلام هو الإسلام الصحيح، إسلام الرحمة المحمدية، وهذه الحقيقة كائنة، لذلك يجب علينا، تدريسها في جامعاتنا، وكيف لا، ونحن لدينا منبر الأمير عبد القادر –التابع لليونسكو- في جامعة الجزائر، ولا نقوم بتدريس فكر الأمير عبد القادر؟

Ouest-Info: بمناسبة شهر رمضان، ما هي الرسالة، التي توجهها للمجتمع المسلم، وعلى وجه الخصوص الجالية الجزائرية، هنا في فرنسا وغيرها؟
الشيخ خالد بن تونس: أولا، أتمنى لهم جميعا الازدهار والسعادة والوحدة، وتحقيق هذا العيش معا، وأن يحفظ الله بلداننا، وعلى وجه الخصوص بلدنا، من ويلات الحرب، وويلات العنف، وأن نتمكن من الإستثمار في شبابنا، مستقبلنا ورأس مالنا. أريد أن أقول للوالدين، ادركوا أن مستقبلكم، هم أبناؤكم، لذا، ربّوهم في ثقافة السلام والعيش معا. شكرا.

 ي. حوماد.
 Ouest-Info، في 25 05 2018.

الخميس، 24 مايو 2018

المرأة ودورها في ثقافة السلام

المرأة ودورها في ثقافة السلام

     بمناسبة إحياء الطبعة الأولى، لليوم الدولي للعيش معا في سلام، نشر الشيخ خالد بن تونس، موضوعا مميزا ومهما، يصب في مرمى أهداف ومرام، تقرير اليوم الدولي للعيش معا في سلام، ضمنه في مؤلف جماعي، صدر بالمناسبة، شارك فيه، عشرة مؤلفين، منحوه نظرتهم المؤيدة، وزودوه بأفكار وأسانيد، توطد الطريق أمام ثقافة السلام، التي يروج لها، والمغازي التي يصبو إليها. أعطي للكتاب عنوان "أركان ثقافة السلام، المساواة بين الجنسين، والمواطنة العالمية".

    جاء موضوع الشيخ خالد بن تونس بعنوان، طالما خصصه بمحاضرات و لقاءات، و بنى عليه ندوات، وجمع إليه في مؤتمرات، لما يرى فيه من طاقة، تمنح حلا، و تنير أملا، يرسمان المضمار أمام الإنسانية، لتجد ضالتها، وتحقق مصالحتها، وتتحلى بإدراك جديد، يسمح لها بالسمو درجة. اختار الشيخ خالد بن تونس، أن يخص مرة أخرى، المرأة، والأنوثة بصفة خاصة باهتمام، كما أفاد، لما تثيره هذه المسألة من أقاويل و مشاكل، فأراد موضوع "المرأة ودورها في ثقافة السلام".


على الساخن

على الساخن

تشكرات الشيخ خالد بن تونس
    شكرا لجميع أولئك واللواتي، عملوا وساهموا في إحياء، أول يوم دولي للعيش معا في سلام.
    إن هذا اليوم، هو ربما بداية، إدراك جديد. إنها السنة 1 للعيش معا.
    نتمنى أن تندرج ثقافة السلام، في جميع البرامج الدراسية، لجميع الدول، ونتعلم ماهو الإنساني.

    وقال الشيخ خالد بن تونس، في رسالة قصيرة، بعثها بمناسبة حلول الشهر الفضيل، شهر رمضان المعظم، ووجهها لمحبي السلام، والمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، وإخوان الإنسانية "أتمنى السلام والإزدهار، وأطلب المغفرة، بسبب ما أطبق من صمتنا، أصل الآلام والمظالم، المقترفة في حق المظلومين".

المحاورة
    عند نهاية حفلة إحياء اليوم الدولي للعيش معا في سلام، في دار اليونسكو في باريس، إلتقت صحفية إذاعة "إذاعة rfi" بالشيخ، وطرحت عليه، على عجل، هذه الأسئلة، وفي البداية سألته عن رؤيته لهذا اليوم، فقال.
الشيخ بن تونس: ينبغي علينا أن ندرج العيش معا، في المدارس والثانويات والجامعات. آخذ على سبيل المثال، كندا. هل تعلمون أن كندا ساعدتنا، مساعدة كبيرة في هذا العمل. خصصوا 50 مليون دولار، لإحياء هذا اليوم، على مدى العام كله، يحيونه داخل جميع مدارسهم وكلياتهم، وتبقى بعض الدول تتساءل، هل العيش معا، ليس سوى كلمة جوفاء. جعلوه في دبلوماسياتهم، وينشئون إقتصاد العيش معا.

الصحفية: هل يندرج هذا اليوم، في ما نسميه التعددية الثقافية؟
الشيخ بن تونس: يمكننا إدراجه في كل شيئ، ادراجه في السلام، وهو وسيلة وساطة، أينما تكون الأمور ليست على ما يرام. نقول إنها وساطة مصالحة. نحن بحاجة إلى نمطية التحاور، مع بعضنا البعض، حتى ننتهي من سلوكيات الغطرسة، وننتقل من الأنا الأناني، إلى ثقافة النحن. هذا سيساعدنا. لابد له من استثمار، وهذا الإستثمار يتم تقلده في التعليم.

الصحفية: تم إطلاق هذا اليوم، وغزة تخضب بالدماء. ماذا تقول؟
الشيخ بن تونس: سقط أكثر من 60 شهيد، ومن الجهة الأخرى يوجد العيد. وهنا يأخذ العيش معا، كل معانيه. نعم إذا كان لنا هذه النظرة للإنسانية، كونها تشكل جسدا واحدا، وغزة هي ربما، اليد أو العين أو القلب، الذي أصيب وجُرح. فمالذي نقوم به؟
إذا عانى جزء من هذا الجسد، فجميع الجسد يتداعى له بالحمى.
أنا مدرك لحجم المسألة، وأضف إلى ذلك، فإنني أتلقى مكالمات من غزة، ومن القدس، لأن لنا إخوة هناك أيضا.

الصحفية: ماذا تقول حول هذا؟ ماهي رسالتك؟
الشيخ بن تونس: أربعة أيام، قبل اعتماد هذا اليوم، قام الوفد الألماني بدعوتنا، وأحد الصحفيين، طرح السؤال على الساخن، وقال، ما رأيك فيما قام به رئيس الولايات المتحدة، والقرار الذي اتخذه، الرامي إلى نقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس؟ كان على الساخن. قلت له إسمع سيدي، لست سياسيا ولا دبلوماسيا، ولم آت إلى هنا لأمثل بلدا، ولكني مواطن العالم، الذي يريد أن يزرع هذا العيش معا في سلام. إذن ما أريد أن أقوله لكم، هو ما يمليه على ضميري وقلبي. يجب مرافقته.

الصحفية: مرافقته؟
الشيخ بن تونس: مرافقته. نعم، جميعاٌ، وجميع الدول تنقل سفاراتها إلى القدس، ويجعلون من هذه المدينة، في الآن نفسه، عاصمة لإسرائيل، وعاصمة لفلسطين، وننتهي مع السبعين عاما، من الحروب والدماء.

الصحفية: بالنسبة لك، يكمن الحل، في ترحيل جميع السفارات، وتصبح هذه المدينة، عاصمة لدولتين.
الشيخ بن تونس: نعم، هذا هو العيش معا، وإيجاد الفرصة للتقدم إلى الأمام، ولا نبقى معطلين ومجمدين. مالذي سنقوم به؟ إذا اتخذت الدول الخمسة الدائمة في مجلس الأمن هذا القرار، ها نحن ذا.

حاورته جينفييف دلري.
إذاعة rfi ، في 20 05 2018.

السبت، 19 مايو 2018

تشريف الشيخ خالد بن تونس

تشريف الشيخ خالد بن تونس

    كما كان منتظرا، وبدار اليونسكو في باريس، بتاريخ 16 مايو 2018، ومما جاء على لسان العديد من النشريات الجزائرية، ما نصه:
  

    "قلّد الرئيس بوتفليقة، مؤسس الجمعية الدولية الصوفية العلوية ورئيسها الشرفي، خالد بن تونس، وسام الإستحقاق الوطني من مصف 'عهيد'.

    وقد تم منح الوسام، لهذا القائد الروحي للطريقة الصوفية العلوية، بمقر منظمة يونيسكو، خلال إحياء اليوم الدولي للعيش معا في سلام، الذي احتفل به، اليوم الأربعاء، لأول مرة، وهو حدث تم تكريسه عالميا، بفضل جهود الجزائر.
    وتم تقليد بن تونس بهذا الوسام، نظير مجهوداته وأعماله عبر العالم، من طرف ممثل رئاسة الجمهورية، بحضور المديرة العامة لليونيسكو، السيدة أودري أزولاي، وسفير الجزائر، الممثل الدائم للجزائر باليونيسكو، السيد عبد القادر مسدودة".
     وكان رد الشيخ خالد بن تونس، "أشكره جزيل الشكر، لتشريفه إيّاي، ليس بصفتي فردا، وإنما هو شرف، يعني مدرسة فكر، مدرسة التصوف، وما تركه أسلافنا، وهذا طريق السلام، وهنا يترك قول الرسول صلى الله عليه وسلم أثره الفعال، الذي نص "أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصِلُوا الأرحام، وصلّوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام".(1)

    بعد تسلمه الوسام، ألقى الشيخ خالد بن تونس، كلمة موجزة، جاء فيها، بعد أن امتن على رئيس الجمهورية الجزائرية "يجب أن نجرؤ المستحيل، هذا ما قلته في البداية. مَن نحن حتى ندعي أننا سنورد يوما، قرارا لدى الأمم المتحدة". ثم أكد على أهمية الإنجاز "الذي يمكن أن يحمل أملا جديدا لأطفالنا". وحذّر للمرة الألف، من واقع "إنسانية لم تفهم بعدُ، أنها كتلة واحدة، مع ما تحويه من بلدان وشعوب، وما تمثله من أجزاء، أجزاء الجسد الواحد". ثم أخذ يشرح في كيفية اندراج الإنسانية في كتلتها، اندراج الأعضاء في الجسد، حتى تبلغ التناغم في علاقاتها، تناغم الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى. وأضاف "هذا هو تحدي المستحيل.... والإنتقال من ثقافة الأنا، إلى ثقافة النحن. هذا هو تحدي القرن الواحد والعشرين. إذا اعتقدنا أن العنف يحل مشاكلنا، فهذا يعني، أننا لم نفهم شيئ، من التاريخ إلى حد اليوم".

    ثم وضح الشيخ خالد بن تونس، العراقيل والصعاب، التي واجهتهم، أثناء اللقاءات والمناقشات، لإقناع ممثلي الدول، ومحاولة لفِّهم حول هذا القرار، إذ لخّصها، بقوله "صادفتنا ثلاث مراحل:

    "في المرحلة الأولى، كان فيها عدم التصديق. أنتم لطفاء ولديكم أفكار. اذهبوا والعبوا في ساحة الصغار، هذا المكان مخصص للكبار. في المرحلة الثانية،  خصصنا بنوع من الضيافة. كنا عنيدين، ولا نفهم  كيف تسير الأمور الحسنة، إذن علينا أن نفهم أن مكانكم ليس هنا... ثم جاءت المرحلة الثالثة، وفجأة أصبح العيش معا، أمر بديهي، ولم يمتنع أي بلد، في اليوم المعلوم، يوم 8 ديسمبر، عند منتصف النهار، جاء إقرار هذا اليوم، باتفاق جميع الدول، بدون إستثناء، وبدون تصويت، وهذا أمر لا يحدث إلا ناذرا".

    وختم الشيخ "أمنحه لكم جميعا، بالرسالة التي يحويها. إقرأوها، توجد ست فقرات، وأتمنى أن يقرؤها أطفالنا في المدارس، مع أساتذتهم ومربيهم ومعلماتهم، ويكونون حاملي هذه الرسالة، وإلا فإنكم تكونون عاجزين على تحقيقه. غدا، نعم غدا، يستطيعون تحقيقه".

    كما امتن الشيخ للدور الفعال، الذي قام الدبلوماسيين الجزائريين، بنيويورك، فقال "أريد على الخصوص، شكر فريق دبلوماسيتنا بنيويورك، الذي قام بعمل جبار، وإنكم لا تستطيعون تخيل، العمل الذي جرى، وأدى إلى الإجماع و الإتفاق، ولم يجري حتى تصويت".

    كما لا يسعنا إلا أن ننوه، بتجربة رئيس الجمهورية المحلية، عندما أخذ زمام أمور البلد، بعد سنوات التسعينات، التي عرفت بالعشرية السوداء، و كذا المأساة الوطنية، ذهب ضحيتها، أكثر من مائتي ألف جزائري، سعى وقتها بإدراج قانون الوئام المدني، ثم تلاه ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، حيث قال الرئيس بوتفليقة، في خضم حملة الإستقاء عليه، سنة 2005 "إن حلمنا للجميع، يعتمد على قدرتنا على فهم الآخر، وقبوله بكل تنوعه، تنوع بعيداً من أن يشكل عائقا، ربما، إذا تم استخدامه بذكاء، في خدمة الجنس البشري؛ يمكن أن يكون، مصدر تقدم للبشرية".
    نورد نص القرار الأمي، ويمكنكم قراءة البنود الستة، التي وردت، بعد البند الأول، الذي يعلن يوم 16 مايو، يوما دوليا للعيش معا في سلام:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 (1). عن أبي يوسف عبد الله بن سلام رضي الله عنه قال: لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة انجفل الناس قِـبَـله، وقيل: قد قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم -ثلاثا-، فجئت في الناس لأنظر، فلما تبينت وجهه عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب، فكان أول شيء سمعته تكلم به أن قال "يا أيها الناس: أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصِلُوا الأرحام، وصلّوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام". رواه أحمد والترمذي والحاكم، وصححه الترمذي والحاكم ووافقه الذهبي.
الراوي هو الصحابي عبد الله بن سلام رضي الله عنه، الذي كان حبرًا من أحبار اليهود في يثرب، وكان أهلها على اختلاف مللهم ونحلهم، يُجلُّونه ويعظِّمونه.