الأحد، 22 مايو 2011

إن الذين يصبون الزيت

إن الذين يصبون الزيت على النار لا يقومون
 إلا بتعزيز الذين يسعون للحوار

    قام الشيخ خالد بن تونس بزيارة لجزيرة لارونيون سنة 2008، أجرى خلالها عدة حوارات و ألقى محاضرات و طاف بعدة معالم بالجزيرة.
    هذا مقتطف من حوار أجرته معه جريدة (Temoignages) بالجزيرة المذكورة، نشرته يوم 7 مايو 2008.
    ابتدئ الحوار و ختم بصدى أحدثه فيلم قصير، إنتشر في تلك الفترة على الشبكة العنكبوتية من إنتاج شخصية هولندية مرموقة يحرض على الفتنة و يعادي الإسلام.

     بعد تمهيد في الموضوع، قال الشيخ خالد بن تونس مايلي:
    - .... التجاوزات و التطرفات خطيرة و لكن لها شيئ مفيد، فهي تردنا إلى الحقيقة. نسينا بعض الأشياء أو إستخفينا بها، و مجرد رؤيتها تطرأ بهذا الإفراط يدفع الناس للبحث عن الحقيقة. لم يبع أبدا القرآن بهذا الكم، و لا وثائق حول الإسلام نشرت بهذا القدر، و بكل اللغات. و خاصة بالولايات المتحدة منذ تاريخ 11 سبتمبر. إن الذين يصبون الزيت على النار لا يقومون إلا بتعزيز الذين يسعون للحوار. نحن بحاجة إلى معرفة أنفسنا و للحوار.. و إذا لم نقم بذلك سيقوم به هؤلاء الذين سيقودون الإنسانية إلى صدام الحضارات. سيبعدنا هذا عن مخاوف عالم اليوم...

- ما هي وجهة نظرك للمسلمين، و أكثر للذين يعلنون ولاءهم لتنظيم القاعدة؟ و حول إختيارهم للبلدان المستهدفة؟ لا يختارونها عشوائيا.
    - هناك الكثير ما يقال عن القاعدة. أنتمي إلى هؤلاء المسلمين الذين لهم شكوك كبيرة حول هذا الموضوع.

- على ماذا يحمل شكوكك؟
    - حول وجود هذه الجماعة. وراء كل هذا يوجد الكثير من الغموض، حسب رأيي. توصف لنا منظمة دولية...

- و يظهرون لنا- بالفيديو- أناس يعيشون كأصحاب الكهوف...
    - هو ذاك... يتواجد إلا ما يشرب و يؤكل. يجب البقاء حذرين. يوجد التطرف و يوجد التعصب. في الإسلام أو في الديانات الأخرى. هذا أكيد. و يوجد شباب طائش و شباب يفجر نفسه. هذا أكيد...

- قالت الأنتروبولوجية دنيا بوزار أن الإرهابيون يستغلون الدين، مثلما يمكن القيام بذلك مع أي إيديولوجية. هل هذا كذلك رأيك؟
    - أكيد يمكننا إستغلال و التلاعب بأي شيئ حتى الدين. و ليس فقط الدين الإسلامي. حدث تلاعب باليهودية. و مثال المحافظون الجدد فيما يخص المسيحية، متقدمين جدا. و كذلك بعض الميولات الإسلامية. يستخدم الدين لغرض محدد.
     و لكن الدين قبل كل شيئ هو لتغذية الضمائر، و إيقاظ فينا محبة القريب، و احترام الحياة، و قدسية الحياة، و العلاقة مع الآخر، و الغيرية، و التسامح... عندما تغادر هذه الخصال الكونية يصبح أداة في يد مؤسسة أو سلطة. كانت إرهابية أو غير ذلك. علينا بالحذر...

- لا ينقص الناس أبدا ذريعة ليتقاتلوا. و لكن كيف تفهم أن الدين ما زال يخدم ذلك؟
    - ربما أننا لم نرد بما فيه كفاية. برأيي مازلنا بصدد البحث عن تقارب جديد. لأن العالم لم يكن أبدا مثلما هو عليه اليوم. بقدر ما كان العالم يعيش على صعيد القبيلة و القرية كان الناس يعيشون الدين على نطاقهم.
    - اليوم عندما نقول "العولمة" نقول تقييس كل شيئ. نحن بصدد جعل الدين معياري (مقياسي)، و هذا خطير جدا. ما هو خطير أن العولمة تحث على إسلام معولم و مسيحية معولمة، إلخ.. إن الذي يجري بهولندا و الولايات المتحدة يجري اليوم بسان بول و سان دونيس(*).

- هذا ليس جبرا...
    - ليس جبرا، و لكنه في طور الحدوث. لأن لا أحد بإمكانه إيقاف الأفكار. و هكذا.

- أكيد أنها لا تتوقف و لكنها تتحول.
    - نتمنى أن ما تعيشونه في جزيرة لارونيون غير ما يعيشه سكان أمستردام. اليوم مع العولمة كل الناس تسمع نفس شيئ. تغرق الأخبار كل العالم في تدفق مستمر و قليل من الناس "يرشحون" لكي يفهموا الأشياء...  
––––––––––––––––––––––––––––––––––––––
(*). سان بول و سان دونيس مدينتان بجزيرة لارونيون.

الخميس، 19 مايو 2011

تكاملية الطرق الصوفية

تكاملية الطرق الصوفية

     إجابة على السؤال: إذا عدنا لفكر التصوف ببلادنا، هل هناك تشابه بين طريقتكم العلاوية و الطرق الأخرى على غرار البلقايدية و التيجانية و الرحمانية...إلخ؟ قال الشيخ خالد بن تونس: 

    " لا شك في ذلك، و التشابه يكمن في التكامل، فكل هذه الطرق تكمل ما نحن قائمين به، فالطريقة العلاوية معروف عنها أنها طريقة العصر، فنحن نتميز بهذه الخصوصية و أما الطرق الأخرى، فمنها من تعلم القرآن و الآداب و الأخلاق و يربون على الذكر. فهذا تكامل، فكل زاوية تكمل الأخرى و الجميع يخدم الجميع، فأنا لست علاويا فقط، بل علاويا و عيساويا و درقاويا و تيجانيا، بل و إنني في خدمة جميع المشايخ بدون إستثناء من الشرق إلى الغرب في الجزائر و خارجها ". 

    مقتطف من حوار طويل أجرته جريدة الجمهورية (الجزائرية) مع الشيخ خالد بن تونس، صدرت يوم الإثنين 27 رجب 1430هـ الموافق لـ 20 جويلية 2009 م.

علاقة الإسلام بالغرب و نشأة الحركة السلفية

علاقة الإسلام بالغرب
و نشأة الحركة السلفية

بسم الله الرحمن الرحيم

    قام الشيخ خالد بن تونس يوم 12 مارس 2007 بالجزائر العاصمة بندوة صحفية حضرتها الصحافة، تناولت مواضيع شتى تخص التصوف و الوطن و الشباب و قضايا أخرى. نذكر مقاطع منها تخص التيار السلفي و علاقة الإسلام بالغرب، نشرته بعض الصحف الجزائرية.

     " انتقد الشيخ خالد بن تونس، شيخ الطريقة العلوية، التيار السلفي بشدة، قائلا أن مصطلح 'السلفية' الذي أصبح الآن على كل لسان و ألصق بتيار ديني معيّن، لم يولد في أي مكان من العالم الإسلامي، و إنما ظهر لأول مرة سنة 1883 في مدينة باريس على صفحات مجلة 'العروة الوثقى'، التي كان يصدرها الشيخ المصلح جمال الدين الأفغاني بمعية الشيخ محمد عبده ". (جريدة الجزائر نيوز). 

    و في جريدة الشروق اليومي، و على سؤال حول علاقة الإسلام بالغرب و كيف ظهرت، أجاب بمايلي:
   " لا بدّ من العودة إلى التاريخ، فالغرب لم يقبل أبدا الإسلام في أوربا، والحروب الصليبية و فتوحات المسلمين في أندونيسيا و الأندلس و وصولهم إلى فرنسا في معركة 'بواتييه'، و بناء على هذه الأحداث ترسّب في أذهان الغرب فكرة مفادها أن الإسلام جاء ليغزوهم، و قد قامت الكنيسة بترسيخ هذه الفكرة في أذهان الأوربيين في العصور الوسطى، لكن رغم ذلك لا بدّ من القول إن هناك أوربيين كانوا لا ينظرون إلى الإسلام نظرة الغازي، وكان منهم من تحالف مع المسلمين، ونذكر هنا الإمبراطور 'فريديريك' إمبراطور النورمنديين، الذي كانت ثقافته عربية وكان يتحّدث العربية، و كان ديوانه عربيا، كما أن الكثيرين من علماء و مفكري عصر النهضة في أوربا أخذوا كثيرا عن العلماء المسلمين، مثل ابن سينا و ابن رشد و الفارابي، أخذوا العلوم الفلسفية و الفقهية و الحساب و الهندسة... و لكن بعد أن بدأ الإسلام يتراجع، بدأ الأوربيون يكيدون له، و أُخرِج المسلمون من الأندلس و تعرّضت أراضيهم للغزو، فاحتُلّ المغرب العربي، و بقي العالم الإسلامي يتعرّض للهجمات. و قد انغلق العالم الإسلامي على نفسه و لم يعُد قادرا على مسايرة ما يجري حوله، و هنا لا بُد من الرجوع إلى القرن التاسع عشر، وفترة الاستعمار الأوربي لشمال إفريقيا. فالتاريخ يقول إن أهل النهضة حاولوا تحليل هذه الوضعية و تحسينها و البحث في الأسباب التي قادت العرب والمسلمين إلى الضعف، و كيف السبيل للفرد المسلم أو العربي حتى يعكس هذه الأوضاع، و حاول بعض المفكرين العرب أمثال محمد عبده و جمال الدين الأفغاني و شكيب أرسلان، و حتى الأمير عبد القادر الجزائري الذي فتح بيته في المنفى بسوريا آنذاك لاحتواء المفكرين العرب للنقاش و الحوار في محاولة لتطوير العالم العربي الإسلامي و حتى مسلمي الهند حينها. كما لعب المفكران المسلمان 'محمد عبده' الذي كان مفتيا بمصر و 'جمال الدين الأفغاني' الذي كان وزيرا في أفغانستان، دورا رئيسيا في تكوين حركة النهضة الإسلامية و فكرة الرجوع إلى السلف و الاقتداء بهم. و قد حاولا وضع إجراءات تقدمية في السياسة التربوية لبلديهما بإدخال الحداثة، و هذا ما لم تتقبله السلطة الحاكمة آنذاك، ففر الأفغاني إلى تركيا نهاية القرن التاسع عشر، و واصل محاولاته الإصلاحية ليلقى معارضة شديدة من طرف الخليفة العثماني عبد الحميد و هدد هناك بالعزل و السجن، فشد رحاله نحو فرنسا أين التقى هناك بمحمد عبده الذي لقي نفس المعارضة في الأزهر بمصر، فانتقل بعدها للعمل كأستاذ بسوريا، و بعدها إلى باريس سنة 1883، حاولا جاهدين العمل على كيفية صنع كرامة العالم العربي الإسلامي من خلال دراسة المجتمع الأوروبي و أخذ مثال عن التطور الذي يعيشونه على الأصعدة التكنولوجية، الإدارة و التعليم، و ربطوا ما خلصوا إليه بما كان عليه المسلمون الأولون، و من هنا ظهرت فكرة 'السلفية' بمفهومها الأول حول الانفتاح والنهضة والتغيير في الأوضاع السياسية و الاقتصادية و العلمية في العالم الإسلامي.

    و تدخل الصحافي قائلا :
 لكنها تحولت إلى مقارنة مناقضة ومناهضة لمنهج مؤسسي التيار السلفي؟  

    جاءت هذه من بعد، حيث أنشأ الثنائي 'العروة الوثقى' و جريدة 'المنار' التي كانت تحت إدارة 'رشيد رضا' أحد تلاميذ محمد عبده، و كانت الجريدة التي بدأت في الصدور قد لقيت صدى كبيرا عند المثقفين العرب والمسلمين في الشرق و الغرب، و بدأت معها فكرة الإصلاح، بعد وفاة محمد عبده حمل اللواء 'رشيد رضا' الذي لعب دورا مهما في تغيير فكرة الاقتداء بالسلف الصالح إلى فكرة الانغلاق و التشدد، بعده عقد مؤتمر للدول الإسلامية في مكة في سنة 1925 حيث ترأس المؤتمر الملك سعود، و بدأ التطرف بتدخل الحركة الوهابية، و قرر الاثنان إعانة بعضيهما، و كان لزاما على الحركة الوهابية الدخول عبر مذهب من المذاهب المعروفة 'الحنبلي' حتى يُقبلوا في أهل السنة و الجماعة، لا ننسى التاريخ يشهد أنهم قاموا بتهديم جميع أضرحة الصحابة الكرام، و حتى منزل الرسول الكريم و دخلوا المدينة المنورة، وهموا بتهديم ضريحه لولا انتفاضة المسلمين ضد ذلك، و لولا التفطّن لحدثت الكارثة. و هنا لا بدّ من الإشادة إلى الدور الذي لعبه مؤسس المملكة العربية السعودية، الملك عبد العزيز آل سعود، الذي كان ذكيا وعرف كيف يستقطب هذه الحركة. نحن الآن في سنة 1925، كل العالم الإسلامي تقريبا مُستعمر، و خاصة الدول العربية. لقد جاء السلفيون بأفكار تدعو إلى الدفاع عن الدين والوطن و النفس وعن الهوية العربية الإسلامية، و تزامنت تلك الأفكار مع بروز الحركات الوطنية في الجزائر والمغرب الأقصى بزعامة كل من مصالي الحاج و علال الفاسي و غيرهما، و كانت الفرصة مواتية لأن يستعين الوطنيون ببعض أفكار السلفيين التي كانت تصب في سياق التحرير والاستقلال، وسارت الأمور في نفس الاتجاه حتى الاستقلال.  الحاصل أن الحركة السلفية 'تطعّمت' بتوابل من الحركة الوهابية التي أنكرت الدور الريادي للزوايا حيث كان الحديث ساريا في المجتمع عن الإسلام مرتبطا بتقاليد عميقة بالزوايا التي كانت تدرّس القرآن والتي كان لها دور كبير في بناء المجتمع ".

تطور الإسلام

تطور الإسلام


    استضيف الشيخ خالد بن تونس بإذاعة (راديو سويس روموند) يوم الجمعة 16 06 2006، و أجري معه حوار حول التصوف، و مسار حياته و عمله و قضايا الساعة. نقتطف منه هذا الجزء الذي يخص وضعية الروحانيات اليوم و ظهور الحركة السلفية.  

    ردا على سؤال حول مواجهة الروحانية للدين قال:

    - الدين بدون الروحانية، في رأيي كشجرة بدون ثمار. كل ديانة تستغني عن الروحانية تموت، وتفرغ من جوهرها. إن مواجهة الدين للروحانية في نظري هراء.

- عندما نقرأ لك نفاجأ دائما عندما نكتشف إسلام التسامح الذي تدافع عنه، و كيف يؤدي العقل و الضمير دورهما، و الأهمية الكبيرة كما وصفتها للأخوة. و نتساءل كيف وصلت ديانة مثل هذه، حاليا إلى الوضعية التي صارت إليها؟ و بمعنى آخر كيف أخمدت؟ أي نظرة تحملها لتطور الإسلام؟
    - .... لفهمها يجب العودة إلى الماضي، و كيف غطى الفقه و الشعائر على الروحانية. شيئا فشيئا همش أصحاب الروحانيات. لنأخذ حالة السلفية. فقد نشأت و القليل يعلم ذلك، بباريس سنة 1883 بلقاء رجلين ذوي ثقافة كبيرة هما جمال الدين الأفغاني و الشيخ محمد عبده أحد أكبر مفتيي الديار المصرية. لم ينكرا الروحانية، بعيدا عن ذلك، أعربا عن هذه الرغبة، إصلاح الإسلام، حين كان إسلام الدولة العثمانية يعيش أيامه الأخيرة، و أغلب الدول العربية الإسلامية مستعمرة. حسب نظرهم كان العالم الإسلامي يعيش في الحضيض فأرادوا القيام بإصلاحات بتقديم أفكار جديدة. قاموا ببحث عبر التاريخ و فتشوا في منبع الإسلام، كيف يمكن الإصلاح؟ و ظهر إسم السلف، التأسي بالسلف الصالح. الذي حدث بعدهما، بعد وفاة محمد عبده سنة 1905، وقع سطو، بشكل ما، على هذه الأفكار. و انتقلنا ببطء من الإصلاح إلى الأصولية. بدل الإصلاح إنغلقنا في أصولية أكثر إنحصارا و ضيقا. لنقفز قليلا في الأحداث. مع ظهور حروب التحرير، كان يرى الناس أن توضع الروحانية جانبا، فهناك ضرورة لإقامة دولة و بناء إقتصاد، إلخ...
    الروحانية مرتبطة بالثقافة، وضعت هذه الأخيرة على الهامش. شيئا فشيئا مسخت الثقافة الإسلامية و انتقصت قيمة الروحانية. بعد قيام الثورة الإيرانية و حركة الإمام الخميني و التشيع، أخذت دول الخليج و خاصة السعودية زمام المبادرة للدفاع عن (السنة)، إذ صارت لهم قيادة السنة مقابل صعود فكر الإمام الخميني، أي التشيع الثوري.

- المشكلة أنهم وهابيون و جد أصوليون.
    - هذا ما وصلنا إليه، و خاصة أن لهم الحرمين الشريفين. تخيلوا ملايين الناس يذهبون كل سنة إلى هذه الأماكن و يرجعون بكتب، و ما يقال بهذه الأماكن ليس الخطاب الذي أحمله، للأسف. لا أقول هذا ضدهم، و لكن أحاول تنبيههم لهذا.. قبل ظهورهم كانت مكة ملاذا للمفكرين، مثلا لدينا ابن العربي، ألف كتابه الشهير بمكة، لم يكن بإمكانه كتابته في بلد آخر، كان مضطهدا من طرف السلطة. عندما نكون بمكة يمكننا قول كل شيئ و كتابته. فجأة هذه المدينة التي كانت تحوي كل المدارس الفقهية، عوض بها شيئا فشيئا فكر واحد و شكل واحد لرؤية الإسلام، و غطت التقاليد على الثقافة و المعرفة و الإنفتاح، و أصبح هذا الفكر أكثر إنغلاقا، و هذا منذ عدة عقود، و نجني اليوم كل ما زرع منذ بداية القرن العشرين.

- عندما تذكر هذا للمسلمين هل يسعدهم سماعك؟ أو هل يحررهم هذا؟
    - كل من يملك ثقافة، فنعم. الجامعيون وكل من له أدنى ثقافة يفهم هذه الرسالة، أما الذين تحول لديهم الإسلام إلى إيديولوجية -هذا يعني أنه حدث غسيل للمخ- لا يقبلون حتى عندما يقرون أنها الحقيقة. لا أختلق هذا، ما أقوله حقائق تاريخية، لا يستطيعون سماعها لأن هناك إنغلاق للعقل، إذ لا يجب أن نخطّئ هؤلاء المسلمين المتشددين لأسباب ما، يعتدى على الإسلام من طرف الغرب، و ليس هذا هو الوقت لكي نخطئ الذين يجاهدونه. و نقع في هذه الوضعية التي لا يمكننا فيها ذكر الحقائق، و على حساب حياتنا...

- ما تقوله يثير الإعجاب. بصفتك شيخ طريقة صوفية لك مهمة إيقاظ الضمائر. تقول لنا أمام هؤلاء ليس لي ما اقوم به.
    - لا أستطيع فعل شيئ لأنه لا تتوفر لدينا الإمكانيات. للإسلام الأصولي صدى كبير في الغرب و حتى في الشرق. يشغلون التليفزيونات على مدى اليوم، و الإعلام الغربي يساير خطاهم، لا يتكلم إلا عن إسلام أصولي و تطرفي. و عندما أقوم أنا ببرنامج تليفزيوني أو إذاعي كل ستة أشهر، فهم يقومون بالمئات في الأسبوع. هناك إختلال، و أفكر، ربما مع الوقت سيحصل توازن و قسمة متوازنة. الإسلام ليس الأصولية و ليس التطرفية، فهو بعيد عن ذلك لأن  هذه الفئة أقلية. مشكلة الإسلام ليست الأقلية مهما كانت عنيفة، فمشكلته تكمن في الغالبية الصامتة.

حاورته الصحفية كاترين إيرارد

الثلاثاء، 10 مايو 2011

إنطلاق شعلة أمل المواطن

إنطلاق شعلة أمل المواطن


    تنظم الكشافة الإسلامية الفرنسية هذه السنة الطبعة الخامسة لشعلة الأمل. ستخصص هذه المرة للمواطنة. 

    من 07 مايو إلى 24 سبتمبر 2011 ستجوب حافلة بألوان الحدث التراب الفرنسي، و تتوقف بـ 15 مدينة كبيرة و ضواحيها منها العاصمة الفرنسية باريس، و العاصمة الأوروبية ستراسبورغ، بدعوة الشباب الفرنسي و الأوروبي عن طريق التبادل و اللقاء و الحوار إلى أخذ مكانه في القرارات السياسية التي تهم مستقبله.

    يقول الشيخ خالد بن تونس " لقد قمنا بعدة ملتقيات، و في كل مرة كنا نسأل الشباب لماذا لا تشاركون في قراررات مدنكم في البلد الذي ولدتم فيه و تحملون جنسيته. ما تلقيناه أنهم لا يفهمون لماذا ينتخبون. يقولون أنهم إذا انتخبوا أو لم ينتخبوا لن تتغير الأمور. و نحاول أن نقول لهم لا. تحركوا قد تتغير الأشياء ".

    يحمل الناخبون الصغار عبر كل مدينة بالتناوب المشعل (و هو المشعل الرسمي للألعاب الأولمبية بأثينا) الذي أعارته مشكورة بالمناسبة اللجنة الوطنية الأولمبية الرياضية الفرنسية. و تأتي هذه المبادرة ضمن إطار السنة الدولية للشباب الذي أعلنته الأمم المتحدة في قرارها (134/64)، و السنة الأوروبية للتبرع و التطوع.  و في كل مدينة يعبرونها سيسلط الضوء على عملية تجديد النصب التذكاري للحرب بشعلة الأمل للمواطن...

    الغرض من هذه الدورة هو تشجيع المشاركة المدنية و الإنتخابية للشباب و لسيما شباب الأحياء و الضواحي، الذي لا يميل إلى التصويت و يحرمون أنفسهم من حقهم الإنتخابي، و كذلك التبرع بالدم حتى يكون لها أكثر معنى.

   في هذه الوضعية المقلقة التي تعيشها الأمة، يقول الشيخ خالد بن تونس " التهجمات التي تدخل ضمن السياق السياسي هي كل شهر أو حتى كل خمسة عشر يوم، و تعني الإسلام و منه التركيبة المسلمة و الأمة الإسلامية. و نحاول نحن أن نقول لا. إن المسلم مواطن كامل الحقوق و ليس مواطن مهمش ".

    تحت شعار " أنتخب إذن أنا موجود" إنطلقت يوم 08 مايو من مدينة روبي شمال فرنسا الحافلة التي تحمل الشباب الذين سيجوبون مختلف المدن الفرنسية لدعوة الشباب إلى المواطنة و استعادة الشعور بانتمائهم إلى جسد الأمة و أوروبا، وكذلك تحسيس المنتخَبين بالإمكانات الكبيرة التي يمثلها الشباب و أهمية الإستماع إليهم و التقديم على عجل حلول ملموسة لتحسين وضعيتهم و ضرورة تهدئة مشاعرهم لتخوفهم من المستقبل.

    سيكون للشباب خلال هذه الدورة فرصة لزيارة مجلس الشيوخ، و المجلس الشعبي الوطني، و المجلس الأوروبي، و ستقام دورات رياضية و مسرحيات و حفلات موسيقية.

    من هذا اليوم حتى يوم 23 سبتمبر، يود فريق الكشافة الإسلامية الفرنسية و حلفائه الإلتقاء بأكثر من 50000 شاب و إشراك ألف منتخَب فرنسي و أوروبي في العملية.

منقول بتصرف من عدة منابر إعلامية.

الحركة الشبابية الكشفية

الحركة الشبابية الكشفية


    وعيا بالوزن الذي يمثله الشباب، ما فتئ الشيخ خالد بن تونس مؤسس الكشافة الإسلامية الفرنسية و الإتحاد الأوروبي للكشاف المسلم من الإهتمام به و توجيهه. في هذه الوضعية المقلقة بأوروبا التي تعيشها الجالية المسلمة، تدفعها عدة جهات إلى التهميش، يعمل الشيخ خالد بن تونس على إدماجهم، مع التأكيد على أنهم التركيبة المسلمة المكملة للمجتمع. من هنا ظهرت الكشافة التي تعمل على تكوين الشابات و الشباب لعالم أكثر إنسانية و تسامح.


أريد ببساطة....

    أن تكونوا رجالا و نساءا صادقين و مستقيمين و أمناء في حياتكم مع الجميع، و أن تعيشوا في وفاق و تناغم في العالم مع أقرانكم، محترمِين للخليقة.
    يجب أن تكون الكشافة الإسلامية الفرنسية مدرسة، يسود فيها روح التسامح و الأخوة و المحبة و الرحمة و التعاون، و ليس الأفق الضيق للإنتماء الثقافي و الديني. لسنا أحسن و لا أسوأ من الآخرين. بلغوا قبل كل شيئ هذه الرسالة: الناس إخوة. 

                                 الشيخ خالد بن تونس، الرئيس المؤسس للكشافة الإسلامية الفرنسية.
 


تأسيس الكشافة الإسلامية بأوروبا
    تأسست الكشافة الإسلامية الفرنسية سنة 1991 من طرف الشيخ خالد بن تونس، و هي جمعية معتمدة كحركة للشبيبة و التربية الشعبية من طرف المحافظة السامية للشبيبة بفرنسا، و عضو بالكشفية الفرنسية، و المنظمة العالمية للحركة الكشفية، و الرابطة العالمية للمرشدات و فتيات الكشافة.
    أمضت سنة 2007 بروتوكول إتفاق مع الإتحاد الدولي للكشاف المسلم الذي أعطى لها تمثيليته، و منذ ذلك شاركت في خلق جمعية الكشاف المسلم ببلجيكا، و في انبثاق الكشاف المسلم بألمانيا و إسبانيا و هولندا و سويسرا. على إثرها أسس الإتحاد الأوروبي للكشاف المسلم.



شعلة الأمل
    شعلة الأمل هي تصور طُوّر من طرف الكشافة الإسلامية الفرنسية. دشنت سنة 2007، و تقوم على نقل الكشاف المسلم لمشعل إلى أعضاء كشفيين من مختلف المناطق و التقاليد. في كل مسار تحدد و توصل مسألية أمل بانتقال المشعل.

مختلف طبعات شعلة الأمل
2007: جابت فرنسا.
2008: سمحت بخلق الكشاف المسلم الأوروبي.
2009: ربطت فرنسا بالجزائر مرورا من جانب بإيطاليا و ليبيا و تونس، و من الجانب الآخر بإسبانيا و المغرب.
2010: نُقلت إلى الحركة الحديثة للكشافة الإسلامية السويسرية أثناء مؤتمر جونيف – من أجل إسلام حر و مسؤول، و نقلوها بدورهم إلى الكشافة الإسبانية، فروع أندلسية و خيرونة و مرسية أثناء ملتقى قرطبة.
2011: أصبحت شعلة أمل المواطن، و ستجوب فرنسا لحث الشباب وكل الميولات على إسماع صوتها أثناء التصويت و بالتالي يصبحون مواطنين مسؤولين.
2012: هي تحت التفكير.

العمل مع الشباب

العمل مع الشباب


     استضيف الشيخ خالد بن تونس يوم 04 04 2011 بإذاعة (Radio orient) بفرنسا  في أحد برامجها، خصصت له لعدة أسابيع عنوان ( Ne touche pas à mon Islam ) ( لا تلمس إسلاميَ ). حول هذا الوقت الحساس و الوضعية المقلقة حوور الشيخ خالد بن تونس. ننقل إليكم مقتطف يخص أهمية العمل مع الشباب، و حدث شعلة أمل المواطن الذي كان مرتقبا.

- هل هذا أمر واقعي أن نكون خارج كل هذه الصراعات و العواصف و الدوامات؟ بعيدين عن كل هذا؟

    - لا على الإطلاق. نحن في قلب الحوار. ما يهمنا هو بناء الإنسان، و تغذية الشعور بالقيم الكونية. يتم عملنا على مستوى الشباب. مثلا أنا الرئيس المؤسس للكشافة الإسلامية الفرنسية و الإتحاد الأوروبي للكشاف المسلم...

- هل يستطيع التصوف أن يقدم اليوم إجابة على كل ما يدور حولنا من نقاشات و جدالات؟ 

    - لا أقول أن التصوف وحده يجيب على كل هذا. فالشعور الكوني من يمكنه الإجابة على مشاكل كونية و شاملة. فالتصوف يعنيني  أنا شخصيا الموجود في الطريقة، و لا يمنع أنه يعني اليهودي و المسيحي و لا حتى المسلم الذي لا يسلكه. لماذا؟ لأنه يدعونا بنظرتنا للآخر. لأن الآخر من يسمح لي أن أكون أنا و أعرف نفسي. بالنظرة التي نوجهها للآخر نكتشف أنفسنا. إذا وجهنا الكراهية نحو الآخر فهذا ما سيعود إلينا، و إذا وجهنا إليه التفاهم و التسامح نفس الشيئ يعود إلينا. إذا أردنا أن نعيش في سلام، في بلد مازال يعيش في سلام، و لكنه يمر بأزمة كبيرة مثل العديد من الدول في العالم.. المسألة اليوم مسألة نظام، هذا النظام الذي رافق التطور الإنساني حتى اليوم. كل الأخصائيون في العالم يقولون أنه في نهايته، يجب ابتكار نظام آخر يشارك فيه كل المؤسسات و الأشخاص، النظام الهرمي ينهار، أردنا أم أبينا. يجب الإنتقال إلى نظام آخر شامل، هو نظام الدائرة الذي نكون فيه على مسافات متساوية من المركز، و بهذه القيم الإنسانية التي تجعل منا إنسانية متحضرة، تزرع الأمل و تنتقل إلى مستوى التوقعات.

- و تقوم بذلك يوميا مادام تحضر لنا حدث ذو أهمية كبيرة و هو هذه شعلة الأمل المشهورة للمواطن.

    - هذا ما نحاول القيام به. قدّرنا أنه بدل الدخول في جدالات و حوارات عقيمة، لنذهب إلى الميدان و نجمع الشبان. بمأننا في العائلة الكشفية ولنا رئاستها و هناك أصدقائنا و إخواننا من الكاثوليك و البروتستان و اليهود و العلمانيين و المسلمين. نجمعهم و سيقومون بدورة حول فرنسا ليبينوا أن هذه الشبيبة التي تحمل أمل الغد متوحدة، و تتبرع بدمها، لقد إتفقنا مع مؤسسة الدم الفرنسية، بحيث في كل مدينة و باريس في الختام يتبرع الشباب بدمهم حتى يكون لهذه الأخوة معنى.

- قاطعته الصحفية -. نحن في الأخوة و كذلك في الإختلاطية.

    - في الإختلاطية و الأخوة و الحوار الدائم. لنعد إلى القيم الإنسانية، لا أحد يعلو على أحد. نحن على مسافات متساوية من الكرامة و المساواة، و هذا الذي نريد أن يحمله هذا البلد كما رفع الحقوق الكونية للإنسان. يجب أن نقوم بوثبة نحو القرن الواحد و العشرين الحقيقي الذي ينتظره الكل. هذا التسونامي الذي هو في الآن نفسه واقعي و جيولوجي، و كذلك هو على المستوى الإجتماعيي-السياسي، و بصدد إصابة العالم بأجمعه.  

- إسمح لي أن أقول لك الشيخ بن تونس أن فرنسا نوعا ما منطوية، فلا نسمع هذه الأصوات أو أننا لا نريد سماعها؟

    - لا يراد سماعها، ربما أننا نزعج قليلا.