الأربعاء، 28 أكتوبر 2015

خطبة الشيخ خالد بن تونس في ندوة اليونسكو

الإسلام الروحي و التحديات المعاصرة
الندوة الدولية بدار اليونسكو، يومي 28 و 29 سبتمبر 2015

خطبة الشيخ خالد بن تونس
 في ندوة اليونسكو

بسم الله الرحمن الرحيم

    سيداتي سادتي، إخواني و أخواتي الأعزاء، أصدقائي الأعزاء، إنه لشرف كبير بالنسبة لي، و فرحة حقيقية، أن أراكم مجتمعين هنا، للإحتفال بهذه اللحظة المهمة، في تاريخ المنهج الصوفي العلاوي. نشكر اليونسكو و مجلسها التنفيذي، الذين منحونا هذه الفرصة، و السماح لتقليد عريق، بالتكلم أمامكم، و من خلالكم للعالم بأسره، لتقديم الوجه الآخر للإسلام. هذا الإسلام المحمدي، إسلام السلام، هذا الإسلام الذي يدعو إلى الأخوة. هذا الإسلام الذي يساعد كل بني آدم للعودة إلى الجوهر، في حضارة أصبحت فيها منهجية الإستهلاك مشكلا، يقودنا نحو إنحراف، نحو عالم غامض، و عالم بدون روح.

     إن الروحانية اليوم، روحانية الإسلام، و روحانية التقاليد الأخرى، و الحِكم التي تركها الرجال الكرماء البسطاء، منارات الإنسانية، عليها أكثر من ما مضى، أن تُجدَد اليوم، و يعاد اكتشافها، و يعاد التفكير فيها، حتى يجد عالمنا معنى و حكمة. لأن بدون هذا، فإن التحديات التي تنتظرها الإنسانية اليوم و غدا، ما هي إلا في ازدياد، و إن المجتمع الإنساني سينكسر، و ينقسم. حان الوقت بالنسبة لنا، أن ننتهز هذه الفرصة، التي تمنحها لنا حُجية التفكير و التأمل، أن نحلم بعالم آخر، لا يكون فيه الإنسان ذئبا لأخيه، و فيه لا يُشكِل معضلة للآخرين.

    الشيخ العلاوي لن أتكلم عنه، سأترك الكلمة للأخصائيين، الذين سيجعلوننا نكتشف فكر هذا الرجل، و نضاله و التجديد الذي كان يتمناه. هذا الكاتب و الصحفي، و هذا الشيخ، هو الأول من وضع قدمه في هذا البلد، في هذه المدينة، عند إفتتاح سنة 1926، مسجد باريس. هذا الشيخ كان لديه صورة لإنسانية، ففي نظره هي جسد، و كل إنسان هو خلية، و عضو كامل، و كل خلية عندما تعمل لصالح الجسم، تعمل أيضا لرفاهيتها، مهما الجزء الذي تشغله في الجسم، سواء كانت اليد أو الرجل أو الشعر أو المعدة، أو العين أو القلب. تكمن الأهمية في وحدة الجسد، و رؤية الإنسانية في وحدة. لأن إذا كان الله واحدا، فخلقه واحد و الإنسانية واحدة. زد على ذلك، لقد أعطانا الله سبحانه و تعالى في القرآن الكريم مقياس، لمعرفة بعضنا البعض، و قدم لنا كيفية التصرف مع بعضنا البعض، بالحكمة و الطيبة، و كذا عن طريق المجادلة. حتى بها قدم لنا تعليما.

    أهل الكتاب، التي تترجم عادة – في اللغات الأخرى ـ بأصحاب الكتاب أو أناس الكتاب، فحسب رأيي، هي غير صحيحة، لأننا عندما نقول أهل، فنحن نتكلم عن قريب. أهلي هم أقربائي، و عائلتي. أهل الكتاب هم أقرباء، و ليسوا غرباء، و لا بعيدون عنا.

    إن آخر توصياته عليه الصلاة و السلام، ترتكز على أربع نقاط، فعندما طلب منه أحدهم أن يعطيه نصيحة أخيرة، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "أفشوا السلام و صِلوا الأرحام و أطعموا الطعام و صَلوا بالليل و الناس نيام". (1)

    شكرا جزيلا لكم جميعا. و شكرا لصديقي وزير الشؤون الدينية، الذي يشارك اليوم معنا، قادما مباشرة من الحج، من مكة، لقد شرفنا بإعطائه لهذا اللقاء بعدا. حسب رأيي هي مهمة، حتى يستلفِت أن هذا الرجل جزائري (2)، و أن هذا البلد قادر على إنجاب رجال و نساء يحملون بصوت عال و واضح، الأخوة الإنسانية، و شكرا للسيد سفير البعثة الجزائرية، الذي قام بمجهود خالص و ساعدنا، حتى أنتم كلكم اليوم تكونون حاضرين هنا.
     شكرا لكم و لكُنَ جميعا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1). عَنْ عبد الله بن سلام، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ الْمَدِينَةَ، انْجَفَلَ النَّاسُ إِلَيْهِ، فَكُنْتُ فِيمَنْ أَتَى، فَلَمَّا رَأَيْتُ وَجْهَهُ عَرَفْتُ أَنَّه وَجْه غَيْرُ كَذَّابٍ، سَمِعْتُهُ و هُوَ يَقُولُ  "أَيُّهَا النَّاسُ ، أَفْشُوا السَّلامَ، وَ صِلُوا الأَرْحَامَ، وَ أَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَ صَلُّوا بِاللَّيْلِ و النَّاسُ نِيَامٌ ، تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلامٍ ". رواه أحمد و الترمذي.

(2). يقصد الشيخ العلاوي.


مداخلة الشيخ خالد بن تونس في المائدة المستديرة

الإسلام الروحي و التحديات المعاصرة
الندوة الدولية بدار اليونسكو، يومي 28 و 29 سبتمبر 2015

مداخلة الشيخ خالد بن تونس
 في المائدة المستديرة


    شكرا لكم كثيرا، أنتم جميعا، لمشاركتكم معنا و صبركم على سماعنا، و تحملكم، ربما لوجود بعض النقائص. أطلب منكم باسم المنظمين أن لا تحفظوا لنا ظعينة.

     للرجوع إلى العيش معا و العمل معا، على ما يبدو لي، هما ناشئان من أعماق ما نسميه، بالضمير، و هما ليسا بشيئ يعقل بالفكر، فالعقل اليوم هذر. لدي انطباع أن الحكمة رحلت هي كذلك. لا مكان للحكمة في إنسان اليوم. إذا عدنا إلى القانون و كل ما اُعدّ منذ سنة 1946، من طرف الأمم المتحدة، فنجد بها مكتبة مؤلفة، بالأمتار المكعبة، من الإتفاقيات و المعاهدات، و إذا سألنا مؤسسي الأمم المتحدة، في سنة 1946، عندما أسسوا الأمم المتحدة، سيتفاجأون ببطء سيران ما تم إعداده، من طرف الإنسانية، و بوجود إلا القليل، مما تم إنجازه، بالنظر إلى أمنيتهم الحسنة. بالولايات المتحدة، و في مدينة سان فرنسيسكو، كانت أمنيتهم، أن لا تعرف الإنسانية أبدا الشقاء الذي سببته الحربين العالميتين، اللتين يمكن إختصارهما في حرب واحدة، لأن الأولى حضّرت للثانية، بكل بساطة، و رغم ذلك ففي كل مرة نتعثر. عندما أقول نحن، أعني الإنسان الذي هو نحن. إذن ما هو الدور المنوط بنا من كل هذا؟ إذا لم يكن بإعادة التفكير في المشكل، و لا يكون الأمر متعلقا بجزء من الإنسانية، سواءا كانت المسلمة أو من الشرق أو من الغرب، أو من الهند أو من الصين.

    لدينا اليوم الفرصة لاستقبال قريبا في شهر ديسمبر من 30 نوفمبر إلى 11 ديسمبر 2015، رؤساء الدول، الذين سيأتون لمناقشة التحديات التي تنتظر الإنسانية، التحديات المناخية. و وراء هذه التحديات تطرح قضية حقوق الإنسان و إرادة الإنسان. نحن من عجّل الأشياء، فالطبيعة تقوم بعملها، و الإنسان له يد، فيما تعيشه اليوم الإنسانية.

    فما الذي ينبغي القيام به، بالنظر إلى ضمير الكثير من الناس، سواء كانوا مسلمين أو بوذيين أو يهود أو مسيحيين أو ملحدين آخرين؟ كيف أتكلم عن  الشعوب العريقة و الديانات الهندية الأمريكية؟ كيف يمكن أن نجمع اليوم هذه الإرادة حول شيئ منصف؟ 

    لكوني شاهدا، يومي 20 و 21 جويلية الماضيين، فإن فرنسا البلد العلماني، شهدت كل ممثلي الديانات الروحية للعالم، و استقبلتهم بقصر الإليزي. أخذ رئيس الجمهورية الكلمة بعد العَشاء، مستقبلا ضيوفه، و قال "نحن بحاجة إليكم، لأن 80 ٪ من الإنسانية، مازالت تملك عقيدة". عجبا، بدأنا نلاحظ أن الإيمان موجود. تخص العقيدة باطنيتنا و تعني ضميرنا، و كل امرء، و لو أنه لا يؤمن بوجود الله، فله عقيدة، عقيدة في الإنسانية، و عقيدة في حقوق الإنسان. عقيدة في شيئ ما. كيف سنعيش غدا إذا أنكرنا كل أمل؟ العقيدة هي أمل. يبدو لي أننا مطالبين بالذهاب أبعد من المناقشات الجميلة جدا، و الأنسية جدا ، و الجد فلسفية، و الجد روحية، و لكن ينبغي علينا الذهاب أبعد من ذلك. كنا نريد مع المنظمين الآخرين، أن نجعل من هذا اللقاء، الذي كان مندرجا من قبل، من طرف اليونسكو، مناسبة للإحتفال بمئوية المنهج العلاوي، الذي هو في نظر اليونسكو، يمثل تلك المدرسة للتعايش و الحوار، و المنهج الحضاري، و غير ذلك. و قد حان الوقت لاستغلال ذلك، ما دام على العموم، يقال في فرنسا أن المسلمين لا يتكلمون. لماذا لا يقول المسلمين شيئا؟ ها هم المسلمون يتكلمون، و يقولون لكم، لا نستطيع لوحدنا بناء بيت السلام، ينبغي تدخل الجميع. لا أمثل كل المسلمين. في النهاية، فإن ضمير الكثير من المسلمين ينادي بقية الإنسانية قائلا: إسمعوا، ساعدونا. لنساعد بعضنا البعض لنبني هذا البيت للسلام.

    إن العيش معا و العمل معا، يتطلبا على مستوى الضمير الإنساني، وجود إرادة و رغبة قوية، و لا يُنجزا إلا في التآزر. لا يبنى العيش معا و العمل معا، بالقانون و لا بالسياسة، و لكن بالأخوة، و بوجود رغبة قوية، تكسوها صفات إنسانية. إن الأخوة لا تملى (1)، و ليس بشيئ يفرض بالقانون و لا بالقوة، و لكنها الملجأ الأخير فينا، لإيجاد المعنى الإنساني، و إعطاء معنى لهذا العالم.

    أشكر كل المتدخلين الذين كانوا في قمة الرسالة، التي استمعنا إليها في هذين اليومين، و أشكر أيضا محمد عزيزة، الذي بشكل ما، قمت بجره معي في هذه المغامرة، و هي جائزة الأمير عبد القادر. و لماذا الأمير عبد القادر؟ لأن في سنة 1860، هذا الرجل أنقذ الألوف من الناس، في دمشق، و دمشق اليوم، و كل سوريا في خطر الموت، و معها كل الشعب، المسلم و المسيحي و الدرزي. هذا ما يعني، أن واحدا من المراكز الحضارية الإسلامية، في طريقه للإندثار، بدون أن يتحرك أحد، أو إنهم قليلون من يفعل ذلك. على كل حال، أحببنا الإضافة إلى كل هذه الجوائز القَيّمة، إضافة جائزة الأمير عبد القادر، لأن هذا الرجل يعني بالنسبة لنا، و بالنسبة للعالم الإسلامي، و بالنسبة للعالم الغربي. للرجل احترام، و نقوم باستعمال هذا الإحترام للقول أن العيش معا، قد سبق و ذُكر. يوجد شخص قد حمله، و عندما قيل له نشكرك على ما قمت به، و إنقاذ الآلاف من المسيحيين، قال لا يوجد ما تشكرونني عليه، لا أقوم سوى بتطبيق ـ لقد قالها ـ الحقوق الإنسانية، و حتى أنه مَنح الحقوق، قبل أن تدوّن كتابة، من طرف الأمم المتحدة، و يصدر المرسوم. قال أقوم بذلك، و ببساطة، بالحقوق الإنسانية. إنه حق بأن يضمن إنسان قريبه، مهما كان. من أين أتى الأمير عبد القادر بهذا؟ إنه محمدي. ذهب و بحث عنه في الميراث، و هذا ما يهمنا نحن المسلمين. و يعني لنا الكثير. لقد اقتدى بالرسول صلى الله عليه و سلم المجهول في أيامنا، و تُساء معاملته من طرف المسلمين أنفسِهم.

    إن آخر توصياته عليه الصلاة و السلام، قلتها بالأمس في الإفتتاح، كانت قوله "افشوا السلام و صِلوا الأرحام و أطعموا الطعام و صلوا بالليل و الناس نيام.." (2). إن الذين يقومون الليل، هم الذين يبقون على هذا الضمير حاضرا، لا يهم من هم. إن الذين يقومون الليل، هم الذين يمنعون الإنسانية من الوقوع في الوحشية. هم الذين مهما اختلف دينهم، و اختلفت علومهم، و مهما كانت صفاتهم و أجناسهم، يدافعون عن الإنسانية، حتى لا تنحلّ في اللاإنسانية. إن هذه اللاإنسانية تُدار اليوم بطريقة عالمية. نعلم كلنا أن الإله في أيامنا هذه، هو العجل الذهبي. و كل هذا الهذر لا يفيد شيئا، إذا لم يقتنع كل واحد منا باطنيا، بأن بعمله اليومي، إزاء أبناءه و جيرانه، و لا يقوم بإفشاء السلام، و إعطاء بعضا من وقته للذين يحتاجونه. إن المحتاجين هم الذين بحاجة إلى طعام، و كذلك الذين يحتاجون إلى علم. المعرفة ضرورية و التربية ضرورية، و الصِلات كذلك مهمة، فإذا قطعناها، سنقع في المعارضة و الحروب، و إذا حفظنا عليها سنحفظ الحياة. و شكرا. أعذروني...
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1). من الإملاء.


 (2). عَنْ عبد الله بن سلام، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ، انْجَفَلَ النَّاسُ إِلَيْهِ، فَكُنْتُ فِيمَنْ أَتَى، فَلَمَّا رَأَيْتُ وَجْهَهُ عَرَفْتُ أَنَّه وَجْه غَيْرُ كَذَّابٍ، سَمِعْتُهُ و هُوَ يَقُولُ  "أَيُّهَا النَّاسُ ، أَفْشُوا السَّلامَ، وَ صِلُوا الأَرْحَامَ، وَ أَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَ صَلُّوا بِاللَّيْلِ و النَّاسُ نِيَامٌ ، تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلامٍ ". رواه أحمد و الترمذي.

الثلاثاء، 27 أكتوبر 2015

الوقفة الختامية

الإسلام الروحي و التحديات المعاصرة
الندوة الدولية بدار اليونسكو، يومي 28 و 29 سبتمبر 2015

الوقفة الختامية

    صعد المنصة فرق الكشافة الإسلامية الأوروبية، بفروعها الفرنسية و الألمانية و غيرها، و اصطفوا حاملين لافتة العيش معا، و عندها ألقى الشيخ خالد بن تونس كلمته الختامية، بنبرة صوت، انفلقت لها القلوب، و اتسعت لها الصدور، بالتوصيات و الإرشادات، التي ذكرها:

    رمزيا يُختتم هذا اللقاء بالشبيبة و الأمل. يعني أن نترك لهم إرثا، رغم كل الشكوك، التي تحوم حول عالم الغد. نترك لهم مخرجا أو طريقا أو إشارة. هل سينجحون، فيما لم ننجح فيه نحن، في بناء عالم العيش معا؟
    لأن بدون هذا... إن شبيبتنا فقدت الأمل، و لم تعد تؤمن بالدعوات السياسية و لا الإجتماعية. أصبح البعض منها فريسة تجار الجنة. لم يعودوا يؤمنون بالمجتمع الذي يعيشون فيه، و لا ينتظرون منه العدالة التي يمثلها، و لا الحرية...، و خاصة الأخوة المندرجة في كل النظم العامة...  

    علينا أن نَجعل من المدارس أماكن، يُلقن فيها أبناءنا العيش معا، و نعلمهم بأن يكونوا أحرارا، و كذلك يحترمون حرية الآخر. نُعلم أبناءنا النقاش و ليس الصراع، نُعلم أبناؤنا أن الإنسانية هي جسم، و كل واحد فيها هو عضو، حرّي بالثقة.. و تُقذف غدا الثقة في قلوب أبناءنا. لا يقبلون أبدا اليوم الكذب. لا يقبلون أبدا التلاعب، فهم أقوى منا في هذا، و قادرين على القيام بشكل أفضل، في هذا المجال، مجال التلاعب و الخدع. إن هذا سيقود إلى عالم مليئ بالرعب.

    أعهد إلى الإعلام القيام بدوره الحقيقي، و يؤدي مهمة الإفادة و التبليغ، و ليس نشر الأخبار، و لكن الإفادة. الإعلام هو شيئ أكثر عدلا، و أكثر عمقا، و أكثر صدقا. و أقول لكل المجتمع، و لكل تركيبات المجتمع، فكلنا سننجح في هذا التآزر، لو جمعنا علومنا و معارفنا، و مهاراتنا و معتقداتنا، فبأنانية سنربح أكثر.  و إلى تجار البؤس البشري، و تجار الحرب و النزاعات، الذين يعيشون عالة على ظهور الإنسانية، قد حان ربما الوقت، كي يفكروا، فهم جزء من هذه الإنسانية، و إننا نسكن نفس الكوكب، و نفس المركب، و نفس الواحة. إذا لم نراعي أنفسنا، و نحن سبعة ملايير و 300 مليون نسمة، و غدا سنكون تسعة ملايير نسمة، فإن كل العالم سيخسر، كما كل العالم سيربح.

    شكرا لكم جميعا.

    قدم تشكراته للجميع، و خص بالذكر، وزير الشؤون الدينية الجزائري، و السفير الجزائري و المشائخ الذين قدِموا من بعيد، من الباكستان و قبرص، و الإخوة و الأخوات، الذين جاءوا من المغرب و الجزائر و السنيغال و أندونيسيا، و صديقه مفتي البوسنة و الهرسك، و تشرف بقدوم حفيد الأمير عبد القادر، عمر السعيد.
    بعدها غادرت شبيبة الكشافة الإسلامية الأوروبية المنصة بقصيد، الذي ينشدونه بعدة لغات:

الله محبة الله سلام        انشروا السلام يا أهل السلام
طريق الحقيقة طريق السلام     من أحب السلام نشر السلام

مذاكرة الشيخ خالد بن تونس في الجمع الروحي

الإسلام الروحي و التحديات المعاصرة
الندوة الدولية بدار اليونسكو، يومي 28 و 29 سبتمبر 2015

مذاكرة الشيخ خالد بن تونس في الجمع الروحي

    بعد بسم الله الرحمن الرحيم

   اللهم صل و سلم و بارك على سيدنا محمد و على آله و صحبه و سلم تسليما.

    سيداتي سادتي، أشكركم على مشاركتكم معنا، في هذه اللحظات للذكر، التي نسميها الحضرة، و هذا الجمع الروحي، الذي منذ قرون، ينتقل من جيل إلى جيل، و يعطي معنى للروحانية، هذا الإرث الثمين، الذي تركه لنا مشائخنا، و هم الذين تحصلوا عليه من المنبع، و بالنسبة لنا، ليس المنبع سوى الرسول صلى الله عليه و سلم.

    يطرح اليوم السؤال. سؤال خطير. هذا الإرث هو في طريقه للإندثار. أنا شخصيا لن أزعم، أن في المستقبل، كل هذا الإرث، و كل هذه الذاكرة، و كل هذه الألحان، أنها تبقى ضمن إرث الإنسانية، و لكن أريد أن أكون متفائلا اليوم، و الإحتفاظ بالأمل لأبنائنا و أحفادنا، لأنهم سيحتاجونه يوما لمعالجة مشاكلهم، حتى تسكن أنفسهم و تطمئن. ذكر الله، هو بالنسبة لنا العلاج النهائي. كل تقليد عبر العالم، طور وسائل خاصة به. في التقليد الإسلامي، فإن التصوف هو أيضا، من جيل إلى جيل، و من تجربة إلى تجربة، نقل معرفة و  كيفية و وقت لجمع أهله و إعطائهم أدواتهم، ليخضعوا للسمع، لسماع أنفسهم، و سماع الكون و الخليقة.. و يتمكنوا من تذوق الحضرة، و يتذوقوا الحرية في حالة سكر، و يتذوقوا المحبة و الأخوة المتقاسَمة.

     لقد حاولنا اليوم أمامكم، لا أعلم إن كنا نجحنا، في خلق جو، لا يُصنع أبدا فوق منصة، بل في مكان، و مع زمن، و بحضور قلوب، نستطيع في لحظة السمو و الإبتعاد عن ضجيج العالم، القيام بنظرة أكثر وضوحا، نَعرف بها أين نتواجد و أين نتجه. شكرا مرة أخرى. (1)

    هذه السهرة، و معها هذا اللقاء الذي دام يومين، أين استمعنا إلى جمهور من علماء و أخصائيين و فقهاء و جامعيين. و ختامه مسك، و الختام كان سماع ذكر الله، و ذكر أسمائه. أسمائه هي ملك للجميع، لكل إنسان، و كل من يتنفس و له قلب، و إلى من هم في انتظار. في انتظار تجديد، و يتمنون أن هذا العالم، عالم الدنيا، يجد لنفسه حكمة و معنى و عمقا، لتوحيد كل أبنائه، و أن الجنون الإنساني لا يؤدي بنا إلى اليأس و التمزق و الإبادة.

    فرنسا في وقت قريب، في شهر ديسمبر، ستستقبل كل رؤساء العالم، ليتناقشوا حول مستقبل العالم (2). ندعو و نتمنى أن تنفتح قلوبهم و ضمائرهم، و معا، يجدون مخرجا مناسبا و إيجابيا و رحيما و سخيا. و تصبو البشرية إلى إعادة خلق الروابط بيننا جميعا و إفشاء السلام، و لا يحكموننا أبناءنا و أحفادنا غدا، حكما قاسيا، و حتى أن عندما يفكر فينا أحفادنا، يقولون، لقد كان ضمن الرجال حكماء، و كان ضمن الرجال كائنات واعية، اجتنبوا الأسوأ. نشكرهم، لأن بفضلهم سنكمل نحن المغامرة الإنسانية. شكرا لمشاركتكم. شكرا لكم جميعا. ليسكن السلام و الأمل جميع القلوب. شكرا لمشاركتكم، شكرا لتشجيعكم، ليحفظكم الله، و ليحميكم، و سلّموا من طرفنا على أصدقائكم و عائلاتكم، الذين تركتوهم لتكونوا معنا اليوم، شكرا و السلام عليكم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1). توقف الشيخ خالد بن تونس، و قدم لنا السيدة ييني وحيد إبنة الرئيس الثالث لأندونيسيا، الذي شغل بعدها رئيس رابطة العلماء المسلمين الأندويسيين. و قفت ييني و قدمت لنا نشيد مشهور ببلادها يتلى في المساجد، يعرف بـ"شفاء القلوب"، فقد كانت سعيدة، و أدلت بسهمها في الجمع الروحي.

(2). سوف تستضيف فرنسا بين 30 نوفمبر و 11 ديسمبر 2015، مؤتمرا دوليا يعرف باسم (محاضرة الأطراف) COP  في دورتها الـ 21.

    COP21 يعرف أيضا بمحاضرة باريس حول المناخ، و يصبو لأول مرة منذ أكثر من 20 سنة من المفاوضات بالأمم المتحدة، إلى الوصول إلى اتفاق عالمي قانوني مُجبِر حول المناخ، ينطبق على جميع البلدان، و ذلك بهدف الحفاظ على الإحتباس الحراري تحت أقل من 2 درجة مئوية.

    ستلعب فرنسا دورا قياديا، باستقبال هذه المحاضرة العملاقة، و يُنتظر مشاركة 50000 مشارك، من بينهم 25000 مندوب رسمي. و حسب آخر المعلومات سيكون حاضرا 96 رئيس دولة.

المقابلة الكبيرة

المقابلة الكبيرة

الشيخ خالد بن تونس، ذو 66 عاما، الزعيم الروحي الصوفي المسلم، هو مؤيد قوي للتقارب بين المجتمعات. عند مروره باليونسكو نهاية سبتمبر، أعطى الحكيم الجزائري مقابلة حصرية لـ Aleteia.

أليتيا: أنت مسلم صوفي. أي تعريف تقدمه عن التصوف لمسيحي؟

الشيخ خالد بن تونس: التصوف هو الإسلام الروحي. الرسالة التي تلقاها النبي صلى الله عليه و سلم، كان لها جسم و قلب. الجسم هو الحرف: النصوص و التشريعات و العقائد. لهذه التشريعات حس باطني، هو الروحانية. لقد جاءت لتغذية الإنسان و السمو به. جسم بلا روح هو خامل و غير مجدي. التصوف هو قلب الإسلام، مما يعطي معنى لصلواتنا، و يقودنا نحو المحبة.

أليتيا: في مواجهة كل هذه الانشقاقات بين الناس، سواء كانت سياسية أو ثقافية أو دينية، هل المصالحة بين البشر ممكنة؟

الشيخ خالد بن تونس: في عالمنا المتغير، هناك ضرورة ملحة لخلق روابط. التغيير الذي نواجهه يبدو مقلقا للكثيرين. دعونا نتعلم من الماضي، من خلال عدم إغفال هذا الهدف: ما هي الإيجابيات التي يمكننا تقديمها للبشرية؟
    وضع الله ثقته فينا عن طريق خلقه لنا. هل نحن أهلا للثقة، و لهذا النفَس الروحي الذي وهبه إيانا؟ إذا كان الله واحدا، فالعائلة البشرية لا يمكنها أن تكون إلا واحدة. تخبرنا كل من التوراة و الإنجيل و القرآن، أن آدم و حواء كانا النموذج الأولي لأب و أم البشرية، الزوج الذي نشأت منه التعددية البشرية، على اختلاف ألوانها و ثقافاتها و تقاليدها... لنكون ناجحين في أن نرى في الآخر جزء من أنفسنا، لأن كلانا يشكل طرفين من الأسرة البشرية، هذا سيزيل العديد من الحجب و العديد من المحرمات.

أليتيا: هذه الأخوة البشرية التي تدعوها في أمنيتك، لا يمكن حصولها إلا على مستوى روحي؟

الشيخ خالد بن تونس: على كل حال، هذا ما يدعونا إليه الروحانيين. إن الروحي غير منفصل عن الواقع. بدلا من ذلك، هو ما يقوينا في حياتنا اليومية. كيف ننظر إلى الآخر، كيف ندعوه بأن يكون حاضرا في حياتنا، بدون أن يسبب لنا مشكلا، إلخ..

أليتيا: أي فرق تقدمه بين الإسلام الروحي الذي كان جزءا من عنوان الندوة، التي نظمت باليونسكو في نهاية الشهر الماضي، و الإسلام بالمفهوم التقليدي؟

الشيخ خالد بن تونس: ليس تقليديا تماما، بل إيديولوجيا. تكمن المشكلة هنا. نحن أمام حقيقتين، واحدة سياسية و إيديولوجية، و أخرى روحية. هذه الأخيرة، هي التي تتعلق بكنه الرسالة الكونية. تقريبا هي غير معروفة لعامة الناس، و للأسف، حتى للمسلمين أنفسهم.

أليتيا: تم تنظيم ندوة لمدة يومين باليونسكو في أواخر سبتمبر، بمناسبة مرور مائة سنة على تأسيس المنهج الصوفي العلاوي. إن مؤسسه الشيخ العلاوي، كان غالبا ما يستشهد بالإنجيل. هذا يبدو مفاجئا بالنسبة لمسلم.

الشيخ خالد بن تونس: في الإسلام يعتبر المسيح كلمة، كما جاء في الكتاب المقدس. يقول القرآن أيضا "إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه" سورة النساء، الآية 171. هذا يقودنا إلى التساؤل عن تقاليدنا، التي لا نعرف عنها سوى القليل، بالرغم من أنها متقاربة. يقول الكتاب المقدس و القرآن الكريم، نفس الشيئ حول العديد من النقاط. هذا سوء فهم يحتاج الناس إلى تنوير حوله.
     في السنة السادسة من الهجرة، استقبل النبي صلى الله عليه و سلم، وفدا متكونا من 61 مسيحي، على رأسهم أسقف. قبل مغادرتهم، طلبوا من النبي صلى الله عليه و سلم، مكانا لإقامة القداس. و محمد، نبي الإسلام، الذي يدّعي البعض أنه مجنون، قال لهم أن أفضل مكان، هو بيت الله. في المسجد النبوي و بحضوره، أقام الأسقف و الوفد المرافق له القداس. للأسف ليس غدا مساءا، سيسمح إمام لكاهن أو أسقف بالإحتفال بقداس في مسجد. نحن في زيحان (1) بالنظر إلى الأصل.
     قال نبي الإسلام صلى الله عليه و سلم "نحن أبناء أب واحد و أمهات مختلفة". (2). أجد هذا جميل جدا. الأب واحد، و الديانات هي أخوات من الأب. و الأم هي التقليد نفسه، و العصر، و غير ذلك. هذا التنوع موجود لكل إنسان، كي يجد مكانه.

أليتيا: في كتابك "التصوف قلب الإسلام" كتبت أن الرسالة القرآنية مندرجة في نفس المنظور مثل المسيحية و اليهودية. ما هو هذا المنظور؟

الشيخ خالد بن تونس: هذا المنظور هو إعادة ربط الإنسان بالله. و هذا ما نجده في كل الأديان. و أن هذا الرابط الذي يصلنا بالألوهية لا ينقطع أبدا، و ما دمنا إذا، متصلين بحضرة الإطلاق، فكذلك نحن متصلين بالبشرية التي تحيط بنا، و بطريقة أكثر شمولية، بجميع الخلق.

أليتيا: هل تعتقد مثل بعض المسلمين، أن الإسلام كونه آخر ديانة موحاة، هو أعلى شأنا من المسيحية أو اليهودية؟

الشيخ خالد بن تونس: لا يجب أن يؤخذ بهذا الفهم. لنأخذ منظور الدائرة، هي متكونة من عدة نقاط، مضافة إلى بعضها البعض، و موجودة على مسافة متقاربة من المركز. هذا يعني أننا متساوون. متساوون في حصولنا على الإحترام و الحقوق و الإعتراف، إلخ.. الإسلام هو آخر نقطة في هذه الدائرة، التي تسمح بربط البداية بالنهاية، و تسمح بغلقها. زد على ذلك، رمزية الهلال، رمز الإسلام، هو بكل بساطة دائرة غير مكتملة. الجميع على مسافة متساوية من المركز، و ينتمي هذا المركز إلى الله.

أليتيا: نحن نرى هذه الأيام في فرنسا الإنشقاق بين المسيحيين الممارسين، أو أصحاب التقليد، و بين المسلمين. هل تتفهم أن لهذه الدرجة الفرنسيين متخوفين من الإسلام؟

الشيخ خالد بن تونس: طبعا. هذا الخوف له ما يبرره، عندما تروننا نبدأ في غرس، في أطفال في عمر 7 أو 8 سنوات رفض الآخر، و إنَّ هذا يحدث في فرنسا ـ و بالفرنسية ـ. و أن هذه الممارسات مقبولة من طرف السلطات. الآخَر، المسلم، الذي لا يفكر مثلهم، يعتبر شريرا. بعض الأئمة ذهبوا حتى بالقول، أن الموسيقى هي من عمل الشيطان.
    و لكن عن أي إسلام نتحدث؟ هذه الإسلاموية تخيف المسلمين أنفسهم، نحن خائفون من نفس الشيئ. ينبغي أن نتعارف، و نستغل ذلك بدقة لكي نتقارب. هذا هو الشيئ الوحيد الذي يمكنه أن ينقذنا جميعا. شرعنا في نفس القارب. العنف لا يحل أي شيئ، و مثله الإنطواء على النفس.

أليتيا: أليس هذا نوعا ما مثالي؟

الشيخ خالد بن تونس: ألسنا هنا لتحقيق ما هو مثالي؟ إعطاء الحلم حقيقة واقعة؟ أليس هذا هو رهان الإنسان على وجه الأرض؟ إنها النفس، التي تريد أن يكون لدينا شيئا، طريقتنا في الأكل... حسنا، لما لا، و لكن لا نجعل من ذلك مشكلة إلى حد التقاتل. هذه سخافة، نحن في القرن الواحد و العشرين.

ألتيليا: كيف تفسر أن هذا الطريق المسالم و الروحي الذي تدافع عنه، التصوف، يعاني من إساءة الصحافة في العالم الإسلامي؟

الشيخ خالد بن تونس: يوجد تاريخ لهذا. سنة 1923، غزا الوهابيون مكة المكرمة و المدينة المنورة، و هما مكانين مقدسين في الإسلام. أولئك الذين كانوا طوائف عنيفة، و لا يتقبلون أي حوار، أصبحوا بفضل عائدات النفط، مماليك غنية، قامت بغزو العالم. اليوم يملكون عمليا، كل القنوات التليفزيونية العربية. إنهم يُمولون كل تلك الأصوليات، و جميع السلفية، و كل تلك الجماعات المنشقة في العالم.
    لديهم قوة كبيرة وراءهم. ستة ملايين كتاب توزع سنويا، في كل موسم حج. أكثر من 45000 إمام ممول من طرف العربية السعودية في أنحاء العالم. كل واحد منهم، كل يوم جمعة، يتواجد أمامه ما لا يقل عن 1000 و 2000 مصلي. تحققوا من أشرطة الفيديو الخاصة بهم، استمعوا إليهم. ليس هناك حاجة للترجمة، لفهم ما يقولون.

أليتيا: لقد ثُرتَ أيضا ضد الصراع بين المسلمين، بين السنة و الشيعة، كما فعل ذلك البابا فرنسيس، منذ بعض الوقت، مع المسيحيين. هل العالم الإسلامي مستعد لسماعه؟

الشيخ خالد بن تونس: لنحترم رأي الآخر. الملايين من الناس يعتقدون ذلك، و لا أحد يجرؤ على قول ذلك. نحن محظوظون لأن لدينا بابا مُهيِج، يشجعنا على المضي قدما، حتى تتحرك الإنسانية. لم أتبادل معه شخصيا، لحد الآن، و لكنني إلتقيت مرتين بيوحنا بولس الثاني. فرنسيس يبارك تعبئتنا لإنشاء اليوم العالمي للعيش معا، و قد بعث إلينا برسالة في هذا الإتجاه. إنه مشغول جدا، و يوجد لقاء في طور الإعداد.
     الحوار مع الكنيسة الكاثوليكية مهم لإنشاء روابط. إن آخر توصية للرسول صلى الله عليه و سلم، قبل وفاته، تحمل أربع نقاط: افشوا السلام، أطعموا الطعام، و صلوا الأرحام، و صلوا بالليل و الناس نيام (3). جميع الرسائل تتلاقى.

Aleteia في الأعداد الصادرة أيام 16 و 17 و 18 أكتوبر 2015. حاورته ماتيلد رامبو.
 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1). زيحان من مصدر زاح، بمعنى أذهب و أبعد.
(2). قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "الأنبياء إخوة لعلات، أمهاتهم شتى ودينهم واحد". متفق عليه. علات تعني إخوة لأب و أمهات شتى
(3). عَنْ عبد الله بن سلام، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ الْمَدِينَةَ، انْجَفَلَ النَّاسُ إِلَيْهِ، فَكُنْتُ فِيمَنْ أَتَى، فَلَمَّا رَأَيْتُ وَجْهَهُ عَرَفْتُ أَنَّه وَجْه غَيْرُ كَذَّابٍ، سَمِعْتُهُ و هُوَ يَقُولُ  "أَيُّهَا النَّاسُ ، أَفْشُوا السَّلامَ، وَ صِلُوا الأَرْحَامَ، وَ أَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَ صَلُّوا بِاللَّيْلِ و النَّاسُ نِيَامٌ ، تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلامٍ ". رواه أحمد و الترمذي.