الأربعاء، 26 مايو 2021

في لقاء بمناسبة اليوم الدولي للعيش معا

 

في لقاء مع الشيخ خالد بن تونس

بمناسبة اليوم الدولي للعيش معا

 


     بمناسبة اليوم الدولي للعيش معا في سلام، حلّ الشيخ خالد بن تونس، مبادر هذا اليوم ضيفا على إذاعة "Radio Orient"، أي "إذاعة الشرق" يوم الأحد 16 مايو. "وهو المؤسس والرئيس الفخري لمنظمة عيسى الدولية غير الحكومية، وزعيم روحي معروف في جميع أنحاء العالم"(1).

    "وبمناسبة هذا اليوم، دعا الشيخ خالد بن تونس مواطني العالم والهيئات العامة والفاعلين الاقتصاديين ورؤساء الدول والمنظمات الوطنية والدولية إلى الالتزام بالإعلان العالمي للعيش المشترك بسلام"(1).

    "أعلنت الأمم المتحدة اليوم الدولي للعيش معًا في سلام في 8 ديسمبر 2017، والتاريخ الذي تم اختياره هو 16 مايو. قدّم نص هذا الإعلان الجزائر، وتم تبنيه بدون تصويت. سيصادف يوم 16 مايو من الآن فصاعدًا اليوم الدولي للعيش معًا في سلام، وسيحاول حشد جهود المجتمع الدولي لصالح السلام والتسامح والاندماج والتفاهم والتضامن"(1).

    "ستتم دعوة الجميع للتعبير عن الرغبة العميقة في العيش والعمل معًا، متحدين ضمن الاختلاف والتنوع، بهدف بناء عالم يحمل مقومات السلام وقائم على السلام والتضامن والوئام"(1).

    حاورته الصحفية وسيلة برشي، التي قالت في مستهل حديثها "... أصبح 16 مايو يوافق اليوم الدولي للعيش معا في سلام، ويحاول بالضبط حشد جهود المجتمع الدولي لصالح السلم والتسامح، وإشراك فهوم وتضامن الجميع، ودعوة كل فرد للتعبير عن الرغبة العميقة للعيش والعمل معا، متحدين ضمن الإختلاف، وفي التنوع، بغية بناء عالم أفضل مستديم، يرتكز على السلام والتضامن والتناغم، ومَن أفضل من الشيخ خالد بن تونس، الذي هو معنا، وهو مؤسس الجمعية الدولية الصوفية العلاوية، المنظمة غير الحكومية الدولية، والزعيم الروحي المعروف في العالم بأسره، وإنه الباعث لليوم الدولي للسلام، وموجود معنا. صباح الخير الشيخ بن تونس.

الشيخ خالد بن تونس: صباح الخير وسيلة.

الصحفية: كيف هو حالك؟

الشيخ خالد بن تونس: الحمد لله. إنني بخير. شكرا جزيلا.

الصحفية: لمن دواعي سرورنا أن نراك معنا.

الشيخ خالد بن تونس: عيدكم سعيد، ولكل مستمعينا.

الصحفية: كل عام وأنت بخير. صحّ عيدك.

الشيخ خالد بن تونس: كل عام وأنتم بخير.

الصحفية: يعود إلينا هذا اليوم، وهذه المرة في سياق مختلف، تعرفونه، تحدي العيش معا طيلة هذه الأزمة الصحية، كما تعلمون جيدا، هزّت العالم، وأفقمت أحيانا اللامساواة، مادام أننا نرى في الميدان قيام العديد من جمعيات المنظمات غير الحكومية بالنضال ضد هذه اللامساواة. نستطيع أن نتكلم معك بالضبط عن هذه المبادرة التي أطلقتها مؤخرا تعني الإنضمام، الذي سميته بالإنضمام إلى الإعلان العالمي للعيش معا في سلام. أين وصل الأمر(2

الشيخ خالد بن تونس: في البادئ أشكر إذاعة Radio Orient التي منحت لنا الكلمة، لأن من الناذر إيجاد اليوم وسائل إعلام تهتم بهذا الإعلان وهذا اليوم. إن هذا اليوم أردنا أن نعطيه رمزا قويا، وهو قرارنا باتخاذ إعلان عالمي للعيش معا في سلام، حتى يتمكن مواطني ومواطنات العالم أجمع أن يثبتوا مرة أخرى عزيمة ورغبة جامحة للعمل من أجل السلام والعيش معا. هذا يعني بالتأكيد جميع المواطنين والمواطنات، وأيضا المقاولين وأصحاب القرار السياسيين والمنتَخبين، وبالطبع رؤساء الدول والحكومات، التي وقّعت دُولها في ديسمبر 2017 بالجمعية العامة التي جرت بالأمم المتحدة، بإجماع الدول 193، الذين قرروا أن هذا اليوم ينبغي أن يكون لنا جميعا رمزا، وعلى الخصوص ينبغي طروء إدراك لتغيير يحدث على مستوى الضمير.

    كيف نتوصل لأن نعيش ونعمل معا في سلام وبسلام؟ ولكن السلم ليس فقط غياب النزاع أو الحرب، فالسلم ميدان حقل يُقتطف، وميدان حقل ينبغي أن يحفظ في الضمائر، ولأن الحروب والنزاعات تنشأ في عقول الناس. كيف نتوصل لتغيير ضميرنا، حتى يتم الإنتقال من ثقافة أنا إلى ثقافة نحن؟ والشعور جميعنا أننا معنيين بالنزاعات، التي نتواجد أمامها، وخصوصا بعد جائحة فيروس كورونا، التي وضعتنا جميعا أمام هشاشة عولمتنا، وهذا النظام العالمي، وأمام اللامساواة التي هي بصدد النشوء في أزمة، هي إقتصادية وصحية ومناخية، وعلى الخصوص، أننا أصبحنا نعود إلى عاداتنا السيئة، مما يعنيه، أنه بمجرد أننا تلقينا اللقاح، نعاود ارتكاب نفس العلل السابقة، ونعاود إقتراف نفس العادات، ونزوة هذه النفس الأنانية، حيث أن الغير ليس جزء مني، رغم أننا نركب متن نفس السفينة، وقد رأينا أن فيروس بسيط، يمكنه أن يؤثر على جميع الدول بدون استثناء، الدول الغنية والفقيرة، لا أحد كان بمنأى عنه، ووضعنا جميعا في حجر، في تفريق العوائل والدول والمدن، ولا نستطيع التحرك، وفُرض حظر التجول، تقريبا في جميع الدول.

    إنه يوم العيش معا في سلام، وفائدة التمكن من استعادة ربط الصلات مع بعضنا البعض، والتمكن من تهديم جدران وبناء جسور، والعمل حتى تتمكن الإنسانية، أمام أعيننا، من التواجد في نفس الجسد، ويجد كل مجتمع وشعب ودين مكانه في الجسد. نحن أعضاء نفس الجسد، ولندرك أننا جميعا معنيين بما يحصل لنا، وإذا تمادينا في هذا العماء، في أن لا نرى ولا نفهم، بالرغم أننا متصلين، شئنا ذلك أم أبينا، ولأن الفيروس مس التنفس، وإننا مجبورون بطريقة أو بأخرى، أن نكون معا، والإخيتار البائن هو إما أن يسود العيش معا في سلام أو العيش في نزاع.

الصحفية: بالطبع. على كل حال، إن الذي يحدث حاليا في هذه الجائحة كما تعلمون جيدا، قلناها في المرة السابقة، إنها الدهشة التي تغذي أحيانا الخوف، أمام جهل الذي يحدث في العالم، وتفكير جاري في مستقبل الإنسانية يفرض نفسه، وإن السؤال الذي أودّ أن أطرحه عليك الشيخ خالد بن تونس، هو أننا لا نستطيع أن نتكلم عن ثقافة السلام دون الكلام عن حقوق الإنسان. أي تفكير تحمله فيما يتعلق بترقية حقوق الإنسان، حتى تتجسد حقا الشمولية وليس التمييز؟

الشيخ خالد بن تونس: إننا غالبا ما نتكلم عن حقوق الإنسان وننسى الواجبات.

الصحفية: من الواضح ذلك.

الشيخ خالد بن تونس: إذن، فالواحدة لا يمكنها أن تتنصل عن الأخرى، مثل الزوجان، توجد حقوق الإنسان وأيضا الواجبات، لأننا إذا نادينا بحقوق الإنسان بدون توفير إمكانية تعليم الناس ثقافة السلام هذه، بدون بيداغوجية، كيف تريدون أن نحصل على فرصة التمكن من الحصول على حقوق الإنسان وحقوق الإنسانية من شخص فقدَ القيم، القيم الأساسية التي تبنى حولها حقوق الإنسان والكرامة والعدالة والمساواة، والمساواة بين الجنسين، واحترام الغير، وقبول التنوع، وعلى الخصوص المصالحة بين العائلة الإنسانية. كلنا بني آدم وآدم من تراب، وبشر آيلين إلى الزوال. إذن، ما الذي سنتركه للأجيال المقبلة، حتى يتمكنوا من بناء مستقبلهم، الواحد مع الآخر وليس الواحد ضد الآخر؟

    نحن لا نقوم بتحضيرهم. توجد اليوم مؤسسات لكل شيء، أكاديميات لكل شيء. جِدوا لي أكاديمية واحدة يمكن أن نتعلم فيها السلام. جِدوا مدرسة واحدة تعلم الأطفال والتلاميذ معنى السلام. لا توجد. توجد وزارات الحروب ووزارات الدفاع، ولا توجد وزارات السلام، إلا بلدا واحدا في العالم خلق وزارة السلام(3). إذن كيف تريدون أن تعطوا فرصة للسلام، مادام أن السلام في أيامنا بالنسبة لنا لا يعني سوى غياب النزاع أو الحرب؟ ليس كذلك، فالسلام حالة كينونة، وكذلك يحل السلام في النفس ومع الزوج والجيران، وكذلك يحل السلام في المدينة، وكذلك يفشى السلام في البلد وفي العالم. إنه حالة كينونة. وتعزيز الوساطة. النزاع يُعالَج، فينبغي إدراج وساطة وقائية، قبل أن تخرج الأمور عن السيطرة، وحتى لا تصل إلى ما نحن بصدد عيشه اليوم. تقع الأحداث اليوم في غزة، وغدا ستكون في مكان آخر.

    هل تعلمون كم يقدر ثمن العنف في الإقتصاد العالمي؟ تقدر نسبته بـ 13  % من الإقتصاد العالمي، وإنها أرقام ضخمة، تقدر بأكثر من 17000 مليار دولار.

الصحفية: هل تعتقد أن تجار الحروب هم أكثر عدد من أهل السلام؟

الشيخ خالد بن تونس: بطبيعة الحال، فالسلام يثير مخاوف، يخيف البعض لأنه توجد مصالح، مصالح السلطة ومصالح مالية تؤجج نزاعات. ينبغي أن يعرف مواطني العالم أننا عرضة لرهانات للقِوى التي تدفع وتحافظ على الصراعات.

الصحفية: فقط لتذكير مستمعينا، بالشيخ خالد بن تونس، فيما يتعلق بنداءك بالإنضمام إلى الإعلان العالمي للعيش معا في سلام، يمكن الإطلاع عليه، سواء بالفرنسية أو العربية أو الإنجليزية في الموقع(أدناه)، في هذا اليوم 16 مايو، حتى يتمكنوا من الإنضمام إلى هذا الإعلان. في خضم حديثك جال في خاطري قصة هابيل وقابيل، لا أعرف، لم يكن مقرر أن أتكلم عنها، ولكنك تكلمت عن تربية الفرد، فكل شيء يحدث في القول.


    انضموا إلى "الإعلان العالمي للعيش معا في سلام" 

 https://16mai.org/?fbclid=IwAR3OgtO5-XQa03KkCvhv_KLSkADOofunGJp-pBgeWG1Ewr6LhlN0GWxs0BA


    توجد آية في القرآن يقول فيها رب العالمين "سولت له نفسه قتل أخيه فقتله". ولم يقل سوّل له الشيطان قتل أخيه فقتله. إنها النفس هي التي تُربى. هل كل شيء يمر من خلال التربية؟

الشيخ خالد بن تونس: الأمر رائع، إنّ طفل يُعلم قول نحن، وقول بلدنا، بدل قول بلدي، فهذا يحدث تغيير كلي على المستوى النفسي. وطفل يقول أرضنا بدل أرضي، فذلك يحدث تغييرا كليا. لما يتسع ضميرنا على نطاق شامل يصدع تقبل الغير في نطاق اختلافه. هذا أمر يخضع للتعليم. ولأن محيطنا الإجتماعي والثقافي يُحضّر الشخص البالغ للغد، وهذا البالغ لا يملك وسائل قراءة العالم الذي يعيش فيه، والأمر لا يحدث فقط بين الناس، فاليوم نحن في حرب ضد الجميع، ضد الطبيعة وتلوث البحار والتصحر وفقدان الغابات.

الصحفية: لقد دعوتَ من ناحية أخرى إلى الحفاظ على النظم البيئية والبيئة وبقاء الأنواع الحيوانية كذلك.

الشيخ خالد بن تونس: انظروا إلى إقتصاد الطبيعة، فلا توجد فيه نفايات، فنحن الإقتصاد الوحيد الذي يخلف نفايات، زوروا غابة، فلن تجدوا فيها نفايات، كل شيء يعاد

 تدويره. اذهبوا إلى البحر، فكل شيء يعاد تدويره، فالطبيعة تدير كل شيء، وتنتج ما تغذي به الكائنات، التي تعيش منذ ملايير السنين.

الصحفية: هل تعتقد أن تعليم العقل يسمو بالنفس؟

الشيخ خالد بن تونس: بدون أدنى شك. هنا يكمن المفتاح. عندما يكون أطفالنا منذ مرحلة الحضانة، في مقررهم المدرسي، يتحصلون على تعليم يسمح لهم بالإنفتاح والتعلم أنهم يشكلون جزءا من الإنسانية، وجسد يسمى الإنسانية. نحن خلية لجسم يسمى الإنسانية.

الصحفية: وكذا لسلسلة هي أيضا مرتبطة بالطبيعة، بالأم الطبيعة.

الشيخ خالد بن تونس: نحن نعيش حرمة الحياة، لأن الحياة تلقيناها، وهي هبة، لم نطلبها، لا أحد منا أراد أن يولد من أبوين سود أو بيض أو صفر، في الصين أو في تومبوكتو. الحياة هبة ربانية، وهبة تلقيناها، أما الوجود فهو شيء آخر. إن التواجد هو بناء حياة بأسوة ترتكز على قيم، وإذا لم نُعلم شخصا هذه القيم، فعلى أي شيء سيؤسس، وعلى أي شيء سيبني، وماهي أسس وجوده؟

الصحفية: للأسف، الوقت يداهمنا، ونتمنى أن نسعد برؤيتك بيننا بعد هذه الأزمة، التي نتمنى ذهابها بسرعة. فقط كلمة بسيطة فيما يتعلق بالتقاربات الثقافية، ولنتكلم عن الدبلوماسية الثقافية، هذا المُحفّز وهذا العنصر الذي يهدف إلى تسهيل التقارب بين الشعوب، ضمن إحترام الهوية الثقافية والعقدية للآخر. كيف نسهل في نظرك هذا الحوار لترسيخ هذا التبادل؟

الشيخ خالد بن تونس: بالنسبة لهذا الحوار، فنحن شركاء مع مدن عديدة في العالم، فيوجد توقيع إعلان دوسلدروف(4)، الذي أطلق في أوت 2019، وتم توقيعه من طرف خمسين عاصمة في العالم، من طرف رؤساء البلديات، هؤلاء المنتخبين، وإن الأقرب إلى المواطنين هم رؤساء البلديات، وهذه البلديات تحتاج إلى مدارس، وإنها المدن الأقرب إلى المواطن، فهنا ينبغي أن يولد هذا الضمير، فعلى مستوى المواطن، ومن القاعدة. بصفتنا مواطنين نطلب من منتخبينا أن يدرجوا في برامج المدينة هذه التربية لثقافة السلام، تربية ثقافة السلام هذه، حتى يتمكن أطفالنا من الحصول على الوسيلة لكي يتسنى لهم فهمها، ويكبرون معها. إنها بذرة نزرعها مبكرا في الضمائر، لأن الإنسان أو الكائن هو قبل كل شيء ضمير، وليس بلون بشرته يعتبر، ولا جنسيته ولا دينه، إنه قبل كل شيء بضميره.

الصحفية: على كل حال، لدينا الكثير من الأشياء نخوض فيها ونسمعها منك الشيخ خالد بن تونس، شكرا جزيلا لك على هذا الوقت الذي خصصته لنا... شكرا جزيلا لك، وإلى لقاء قريب.

الشيخ خالد بن تونس: إلى لقاء قريب، إلى اللقاء.

الصحفية: إلى اللقاء، شكرا.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1)   موقع إذاعة Radio Orient، في 17 05 2021.

(2)   انضموا إلى "الإعلان العالمي للعيش معا في سلام" عبر الرابط https://16mai.org/?fbclid=IwAR3OgtO5-XQa03KkCvhv_KLSkADOofunGJp-pBgeWG1Ewr6LhlN0GWxs0BA

(3)   البلد هو أثيوبيا. أعلن يوم الثلاثاء 16 أكتوبر 2018 رئيس الوزراء الأثيوبي السيد أبي أحمد إنشاء وزارة السلام، وقال في حديثه أمام البرلمان "المشكلة الرئيسية في هذا البلد هي الافتقار للسلام. هذه الوزارة (وزارة السلام) ستعمل جاهدة على أن يسود السلام". وقالت الحكومة حينها أن وزارة السلام الجديدة ستشرف على أجهزة المخابرات والأمن.

(4)   ناقش في الفترة من 30 أغسطس إلى 1 سبتمبر 2019 أكثر من 30 وفداً من 23 دولة الردود على التحديات الحالية التي تواجه المدن الكبرى في مدينة دوسلدورف بألمانيا. افتتح المؤتمر السيد توماس جيزل، رئيس بلدية دوسلدورف، و السيدة ماجدا بوبيانو نائبة رئيس مجلس مدينة مونتريال بكندا، ممثلة المرصد الدولي لرؤساء البلديات للعيش معًا.

    كما تمت دعوة الشيخ خالد بن تونس إلى هذا المؤتمر لإلقاء كلمة ختامية حول مستقبل اليوم الدولي للعيش معًا في سلام (16 مايو) وآفاق هذا اليوم. وتلا السيد توفيق حرتيت، عضو مجلس إدارة منظمة غير الحكومية، التي مثلته رسمياً في هذا المؤتمر، الخطاب الرسمي للشيخ بن تونس أمام المؤتمر.

        انتهى اليوم بالتوقيع الرسمي على "إعلان دوسلدورف" في دوسلدورف. يحتوي إعلان دوسلدورف على      تدابير ملموسة لتعزيز العيش معًا في سلام، والتي تلتزم بها المدن الموقعة عليه. 

الأربعاء، 19 مايو 2021

في أي عالم نريد أن نعيش؟

في أي عالم نريد أن نعيش؟

 

    "أصدقائي الأعزاء، بمناسبة الاحتفال باليوم الدولي للعيش معًا في سلام (JIVEP)، الذي يتم الاحتفال به في 16 مايو من كل عام، وفي إطار الكيرتشنتاغ المسكوني في ألمانيا، ناقشنا موضوع (في أي عالم نريد أن نعيش)؟"(1)


    وكيرتشنتاغ هو موعد، تدعو إليه بانتظام الكنيسة الإنجيلية في ألمانيا منذ عام 1949 البروتستانت الألمان والأوروبيين، والغرض منه هو التفكير في مشاكل الحاضر وتحدياتهم وفي آمالهم. يتم الإجتماع إليه كل عامين، بمناسبة عيد الفصح.

    "كان معي السيدة القس أستريد ستيفان، راعية الشباب وعضوة لجنة رئاسة مجلس الكيرتشنتاغ المسكوني والكرشنتاغ البروتستانتي، وكذلك السيد توفيق حرتيت، المسؤول عن مشروع (16 مايو) داخل جمعية الكشافة الإسلامية الألمانية، الذين طوروا رؤيتهم عن عالم الغد"(1).

 

قال قدس الله سره:

    صباح الخير جميع المشاركين وأحباب كيرتشنتاغ المسكوني. إن الأزمة الصحية المرتبطة بكوفيد 19 التي تهز حاليا مجمع دول العالم هي استثنائية، لأنها أثارها تمس أكثر من صعيد.

    إنها تستفسرنا عن مصيرنا ومعنى حيواتنا، وعلى الخصوص في أي عالم سنعيش غدا؟ وتستفسرنا عن خواصنا. تضايقنا لكي نخرج من ثقافة الأنانية والنزعة الفردية، جاعلين من معاناتنا التي نتعرض لها منذ فترة طويلة، بسبب إهمال مجتمعاتنا، ومعاناة لم يكن أحد يتصور أنها ستصيب بشدة كل واحد وواحدة منا، غني وفقير، في نطاق راحته. تكشف هذه الأزمة للعيان الهشاشة المميتة لأنماطنا الإجتماعية الإقتصادية.  تصبح على الأقل فرصة غير مسبوقة للإغتنام لدفع وبناء، معا، الواحد مع الآخر، عالم الغد، على قواعد أكثر أخوية وأكثر احتراما للحي. تدعونا إلى تطوير على المدى الطويل تضامنيات جديدة، بالإنتقال من ثقافة أنا إلى ثقافة نحن، والإجتماع حول قيم شاملة متقاسمة، ضمن احترام وحدة الإنسانية وتنوعها الثري.

    خاضت الإنسانية في تاريخها العديد من الإمتحانات، حروب ومجاعات وأمراض، وتنبؤات أنذرت بنهاية العالم، ولكن في كل مرة، في ردة فعل من أجل النجاة، عرفت كيف تواجه وتتجاوز التحديات، وإن الصدامات تكون أحيانا مسالمة، وكل شيء يدفعنا إلى توحيد جهودنا، واتخاذ الطريق الذي يصالح أرضنا الجميلة، بين الطبيعة وسكانها.

    إنه واجب مقدس علينا جميعا، ولا نستطيع الهروب من هذه المسؤولية. لنضع معارفنا وأصولنا وعلومنا وتكنولوجياتنا في تآزر في خدمة الصالح العام، وقيمنا النبيلة الكلية. لنبلغ ميراث الحِكم الروحية للإنسانية، كي يتسنى سرد روايات موحدة عن تاريخنا، ومصالحة العائلة الإنسانية. والعمل معا من أجل السلام والعيش معا والعدالة والكرامة، فكل واحد منا هو خلية لنفس الجسد، يسمى الإنسانية.  

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1)   صفحة الشيخ خالد بن تونس الرسمية بالفايسبوك، في 17 05 2021. 

الثلاثاء، 18 مايو 2021

المواطنة في خدمة العيش معا

المواطنة في خدمة العيش معا

 

    ضمن رزنامة الإحتفال بالذكرى الرابعة لتأسيس اليوم الدولي للعيش معًا في سلام، نظمت مؤسسة عدلانية بالشراكة مع جمعية النداء الروحي لجنيف(1) لقاءا يناقش فعالية مشاركة المواطنين لصالح العيش معًا في سلام، من خلال تقديم العديد من الشهادات والإجراءات الملموسة.

    في مواجهة عالم يترنح تحت وطأة أزمة، يجب أن تجد البشرية طرقًا جديدة للتفكير والعمل معًا. إن الغرض من اليوم الدولي للعيش معًا في سلام هو توحيد وبناء السلام من خلال العيش معًا والعمل معًا.

    للذاكرة، تم في 8 ديسمبر 2017 اعتماد اليوم الدولي للعيش معًا في سلام، من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة بإجماع الدول الأعضاء البالغ عددها 193. جاء هذا اليوم بمبادرة الشيخ خالد بن تونس الرئيس الفخري لمنظمة عيسى الدولية غير الحكومية، قام بها وسعى لها سعيها من أجل التأسيس لهذا اليوم، و يتم الاحتفال به حاليا في جميع أنحاء العالم في تاريخ 16 مايو من كل عام.

 

توطئة

   بمناسبة إحياء اليوم الدولي للعيش معا، تم إطلاق نداء عالمي للعيش معا، يرجى التوقيع عليه من طرف أي فرد.

https://16mai.org/


 اللقاء

    بعدما رحب السيد بيير روتشي المدير التنفيذي للنادي السويسري للصحافة بالحضور في اللقاء الذي بادرت به مؤسسة عدلانية بالمشاركة مع جمعية النداء الروحي لجنيف، وجرى الإجتماع افتراضيا يوم 11 مايو 2021، بواسطة الشبكة العنكبوتية، كلٌ من مقره أدلى بكلمته، حيث ينتمي المشاركين إلى أفق عدة، فمنحت توجيهاتهم نقاشا ثريا، قال:

    إن الموضوع، أقل ما نقول عنه أنه حديث ساعة الجائحة والنزاعات المتعددة التي تهز الكوكب، وساعة العيش معا في سلام. لماذا هذا اللقاء اليوم؟ فلأن اليوم الدولي للعيش معا في سلام، سيحتفل به يوم 16 مايو القادم، وهو يوم مندرج في رزنامة أيام الأمم المتحدة، منذ 8 ديسمبر 2017، تاريخ اعتماده من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة.

  لإطلاق هذا اللقاء، لي الشرف الكبير الترحيب بالشيخ خالد بن تونس، الذي هو بحق البادر لهذا اليوم الدولي للعيش معا في سلام، الشيخ خالد بن تونس، الكلمة مسندة إليك.

    أخذ الشيخ خالد بن تونس الكلمة وقال: صباح الخير جميعكم. أنا سعيد بمشاركتكم هذه اللحظة التي تختلجكم، وهي بالنسبة لنا ذات أهمية، على بعد أيام قلائل من الإحتفال بهذا اليوم الدولي للعيش معا في سلام. بالنسبة لي، فإن هذه الأزمة والوضعية التي نمر بها حاليا في عالم التفرقة هذا، في هذا العالم الذي أصيب في نفَسه، وفي تنفسه، نعمل على التبيين أننا مرتبطين ببعضنا البعض، وأن هذا العيش معا هو فرصة للتفكير في المستقبل، ذلك المستقبل المشترك. كيف يمكن لإنسانية اليوم أن تستعيد المعنى في طريقة عيشها معا والعمل معا والتربية معا، وأن تقدر على تغذية بعضها البعض كتنفسنا، حيث أننا نتقاسم نفس الهواء، ونستنشق الهواء نفسه، وإننا نكاد نقضي على هذه الأرض، التي هي ضرورية بالنسبة لنا، آخذين منها ما هو من  قبيل الحياة، ورافضين ما هو سام. والإمتحان الذي نجتازه اليوم يقودنا إلى استنتاج مدى الهشاشة التي يتواجد فيها عالم اليوم، وكيف أن كل شخص أصيب في حرمة خصوصيته، وكيف أن الدول الأكثر تقدما والأكثر ثراءا، ولديها أفضل الإمكانات، أقول في الرعاية الصحية، تتواجد بالضبط في نفس الوضعية التي تتواجد فيها الدول الأقل تطورا والدول الفقيرة. أغنياء وفقراء نتعرض لنفس الوضع، وينبغي أن يدفعنا ذلك إلى التفكير، في الآن نفسه، في كيفية العمل معا، مواجهة لهذا التحدي. كيف يمكننا سويا تقديم المعالجة في عالم، حيث يستطيع كل فرد إيجاد مكانه، مضطلعا بكرامة وعدل، ويبني وجوده حول قيم، لأن الحياة شيء نتقاسمه معا، آدميين كنا وأيضا حيوانات ونباتات وحتى الجراثيم، أريد القول حتى الفيروسات. والحياة هبة تعطى لنا، أما الوجود فهو شيء نقوم ببنائه. كلٌ منا يبني وجوده حول قيم وحول معاني. كيف يمكن اليوم من خلال هذا العيش معا في سلام بناء مدينة الغد؟ كيف نعلّمهم الخروج من ثقافة الأنا إلى ثقافة النحن؟ كيف نذعن التفكير من خلال مؤسساتنا، سواء كانت دولية أو وطنية، أو الأقرب منها تلك البلدية، في العيش معا في الحياة اليومية، وفي المشاركة اليومية للقيم التي توحدنا، والتي تجعل من إنسانيتنا وإنسانيات أخرى تجعلها مرتبطة بباقي الحي؟ بأي طريقة نستهلك وننتج حتى نضمن للأجيال القادمة، التي تأتي بعدنا، عالما صالحا، عالما يستطيعون فيه بناء حياتهم بتكاتف، الواحد مع الآخر وليس الواحد ضد الآخر، وينتقلون من عالم التفرقة، عالم المنافسة إلى عالم التآزر، عالم يحاول فيه كل واحد أن يقدم أفضل ما عنده للغير، ويأخذ من الغير ما هو بحاجة إليه.

    إنه تفكير كبير جدا يعني ضمائر أنفسنا، سواء كانت ضمائر فردية أو جماعية، في مدينة الغد، لأن الإنسان هو قبل كل شيء ضمير، قبل أن يحوز على جنسية، أو تميزه نصاعة لون بشرته، أو اختلاف لسانه ودينه. كل واحد هو قبل كل شيء ضمير، وما الذي ينتجه من خلال هذا الضمير؟ كيف يمكنه أن يشارك في هذه الإنسانية، في هذا البدن الذي نسميه الإنسانية، هذا البدن الذي هو في الآن نفسه سياسي، وأيضا أقول أنه روحي، في نفْسِ العالم هذه؟ كيف يمكننا المشاركة؟ هل نحن خلايا أو أعضاء هذا البدن؟ وبينما نحن نشارك في العمل على رفاه الغير، نستطيع أن نستخلص ما هو أفضل لأنفسنا.

    إذن، حسب رأيي، ينبغي التوجه نحو ثقافة السلام هذه، تربية أطفالنا هذه، نحو السلام، الذي هو طاقة، ولحد اليوم لا يملك مكانة حقيقية، بحيث توجد أكاديميات الحرب وأكاديميات كرة القدم وأكاديميات كل شيء، وللرياضيات، ولا توجد لحد اليوم حقيقة أي أكاديمية تدرّس السلام، ولا يوجد أيضا لحد اليوم في مدارسنا برامج تعليمية، تلقن من الروضة إلى الجامعة، مقررا يسمح ببناء السلام في ضمائر أطفالنا، فالسلم لا يعني غياب الحرب أو النزاع، فالسلام حالة كينونة، وأن أكون في سلام مع نفسي، في سلام مع الغير، وفي سلام مع كل الغير، والسلام يُعرب في كل الإتجاهات. والحصول على اقتصاد سلام، لأن اقتصاد السلام هو ما تقوم به الطبيعة منذ غابر العصور، إنه اقتصاد الطبيعة هذا الذي ينتج ويغذي، الذي ينتج أشياء تعتبر نفعية، ويعيد تدوير نفايات، لا ينتج نفايات، إنه اقتصاد الطبيعة هذا، الذي منذ غابر العصور بنى الحياة وحافظ عليها، مع إعادة تدوير كل شيء، ونحن الأدميين اليوم مسؤولين عن  كارثة وأزمة في سائر أقطار الأرض، مع وجود تلوث البحار وتلوث الهواء، ومع وجود هذا الإستهلاك  الأعمى.

    كيف يمكن أن ننجح في إطار التعليم والتربية، في تعزيز وإثراء وتغذية ضمائر جديدة، للتطرق للمشاكل على عجل، والتصدي للتحديات المتواجدة أمام إنسانية اليوم؟ لا أعلم كم بقي لي من الوقت، كي لا أستحوذ على الكلمة. 

    تتابع النقاش مع المشاركين الذين وصمت أفكارهم وتوجيهاتهم اللقاء، وعند الإختتام، لما أسندت الكلمة للشيخ خالد بن تونس قال: للإختتام، أودّ كثيرا شكر نادي الصحافة السويسري، وللتمكن من الخروج بأفكار بناءة ما الذي علينا فعله؟ ماذا سنبني يوم 16 مايو، وحول أي أفكار؟ وماهي الوسائل والإسهامات التي تسمح لنا ببناء عالم أفضل لنا جميعا، وعلى الخصوص الأجيال التي ستخلفنا؟ ما هو الإرث الذي سنخلّفه لأبنائنا؟

    قال بيير روتشي مدير نادي الصحافة السويسري: لقد قرأتُ، إن كان فهمي صحيحا، أن في اليوم الدولي للعيش معا في سلام، تعينون كل عام مدينة تجسد العيش معا في سلام، ماهي مدينة هذه السنة، ولماذا؟

    قال الشيخ خالد بن تونس: اسمعوا، ولدت هذه الفكرة في دوسردوف، أثناء القمة الثانية لرؤساء بلديات مدن العيش معا في سلام، التي نظمها المرصد الدولي لرؤساء بلديات العيش معا(2)، الواقع مقره في مدينة منتريال، ولكن مرض الكوفيد، أتى وأزعج بعض الشيء هذا القرار، الذي أجمع عليه خمسين مدينة وعاصمة في العالم، ووقّعوا إعلان دوسردوف في أوت 2019. فنحن ننتظر. ففي تلك السنة قررنا التوقيع على ذلك الإعلان العالمي للعيش معا في سلام. هذه العملية ستنطلق ابتداءا من 16 مايو من هذه السنة، وما الذي نحضّره على مستوى سنة 2022، حيث ستكون في هولندا، في مدينة ألميريا، التي ستستقبل فلورياد 2022، وتقام تظاهرة، ستدوم أكثر من ستة أشهر، من خلال المعارض الدولية، مادام أنه ستشارك ستين دولة، وسيتواجد جناح للسلام، الذي سيجمع بشكل ما كل الجهود، وخصوصا على مستوى تعليم تربية السلام. سيقدم دليلا مرجعيا بهذه المناسبة، وتوجد جميع الأعمال التي نباشرها مع مختلف شراكئنا، سواء كانوا شركاء ذوي مستوى مؤسسي رفيع أو شركاء جمعويين. إنها مؤسسات ألمانية ويابانية وكندية وأفريقية، وفي الأخير كل هذا الجهد الذي عُمل للتبين أن مع العيش معا نستطيع بناء وتغذية ضمائر جديدة. على سبيل المثال ما أنجز مع 27 جامعة عبر العالم، في القارات الخمس. عملنا على الرياضيات والعيش معا(3). هل نستطيع أن نتكلم رياضيا، ونتمكن من تدريس العيش معا؟ فقد تم الخروج من هذه التجربة بثراء، وورش عملية سمحت لأطفالنا بفهم فائدة العيش معا بالرجوع إلى الرياضيات، بفهمها في تصورهم ونظرتهم للعالم والغير، في غيرية التبادل التي لديهم على مستوى أقسامهم ومدارسهم، وأيضا تلك النظرة التي لهم عن العالم، والإنتقال من أنا إلى نحن.

    قال السيد بيير روتشي: سنأخذ أسئلة طرحت علينا (رسائل نصية)، وإن الإستماع إلى أقوال كل شخص، يكشف أن العيش معا في سلام سيصبح المرتع الضروري للبذور والحلول، للإنبات ومكافحة آفاتنا. وقرأ: هل تفكرون لو أن كل المتدخلين الحاضرين هنا يمكنهم أن يشاركوا ويحتفلون ولو لمرة باليوم الدولي للعيش معا في سلام بجنيف، بضم معارفهم وأصولهم لصالح تعزيز هذا اليوم، وهل يبدو ذلك لكم ممكنا؟ هل تتخيلون أنتم هنا وآخرين بالطبع يوما مخصص لجنيف؟ من يريد الإجابة؟

    الشيخ خالد بن تونس: لو سمحتم. بالتأكيد نريد ذلك بقوة، وبوجه خاص، أننا هنا مع أشخاص سبق لهم وأن عملوا على هذه الفكرة، ونتمنى أن تكون جنيف، التي هي المدينة الدولية، وأيضا المدينة التي جاءتها العديد من الدول للتوقيع على اتفاقيات السلام، لا يجب أن ننسى ذلك، والقيمة التي تكتسيها مدينة جنيف، إن أمكننا أن نجعل من جنيف محلا نحتفل فيه باليوم الدولي للعيش معا في سلام في العلن، فهذا بالنسبة لي رسالة حقيقية نبعثها للعالم.

     واستمر اللقاء. أخذ مدير النادي السويسري للصحافة الكلمة وقال: أعود للمتدخل الأول، الذي كان الباعث لهذا اليوم للعيش معا في سلام، الذي أخذ هذه المبادرة ومررها في الجمعية العامة للأمم المتحدة في 2017. الشيخ خالد بن تونس، بإيجاز، للإختتام، ما هو نهجك المفضل وخاصيتك لتتقدم الأمور في طريق العيش معا في سلام؟

الشيخ خالد بن تونس: إنني أرى ثلاث خواص. الخاصية الأولى هي زرع السلام، زرع بذرة السلام هذه في العقول، وخاصة الشباب، وعقول الأجيال المقبلة، لأن أمامهم تحدي كبير يتصدون له، ولأن العقول هي من تعرف النزاعات وتعرف الحروب(4)، فهنا ينبغي التوجه لزرع بذرة السلام هذه. والثانية هي تمتين الصلات وصلة الرحم، ويسمح لنا العيش معا بتمتين الصلات فيما بيننا، ونقوم بطريقة ما، بالإنتقال من النظام الهرمي الذي يقود في أيامنا العالم نحو نظام دائري، نظام الدائرة، حيث يوجد تناغم بين جميع الأشعة، ولدينا نفس الوُجهة، أي جميع الأشعة، وحتى المتعارضة منها مع بعضها البعض تستطيع أن تتواصل، وتستطيع أن تلتقي وتتبادل على مستوى الدائرة.

    ماهي دائرة الإهتمام في أيامنا لإنسانيتنا وبلداننا ومدننا؟ إنه في منحنا أسوة مشتركة، وهي فيما نشترك فيه، وتلك القيم التي نتقاسمها معا. والشيء الثالث هو ضرورة مساعدة من هم بحاجة إلى المساعدة، سواء على مستوى تحقيق العدالة والحفاظ على الكرامة، ومساعدتهم على هذا التحول، فنحن نمتلك الموارد، الموارد التكنولوجية والموارد المالية. وعندما نرى اليوم كم يكلف العنف في العالم، فإنه يقدر بخمسة عشر ألف مليار دولار، وإنه هذا العنف المتسق، ويسكن مدننا، ويسكن الناس، ويدمر بلدان بأسرها. انظروا من حولنا، إلى سوريا وليبيا وأفغانستان وميانمار. لدينا علامات تشير، وخاصة مع أزمة كورونا فيروس، لهذا المرض المنتشر، الذي يقول لنا إما توحدون جهودكم، وتتمكنون من معالجة المرض الذي أصابكم، وربما هي فرصة لنا. هذا الفيروس فرصة  متاحة. لنستغل هذه الفرصة، ونحث على إرساء تفكير عميق، ولنبدأ بالتعليم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1).
  مؤسسة عدلانية هي إحدى التنظيمات التي أنشأها الشيخ خالد بن تونس، ويقع مقرها بسويسرا، ويصبو إهتمامها على تراث عالمي موجود في خدمة الإنسانية، وتلتزم بالحفاظ على ثقافة الإسلام الروحي، نهج الصوفية، وبثها.

    تتمثل مهمتها في إلقاء الضوء على الحاضر في ضوء حكمة عريقة، وتقدم منظورًا جديدًا، بالإضافة إلى قراءة  مستنيرة لرسالة عالمية، عمرها أكثر من 14 قرنًا، مما يجعلها متاحة لعامة الناس بقدر ما هي متاحة للباحثين والمتاحف والمؤسسات الثقافية الأخرى. وهي تدعو لإعادة اكتشاف جمال تراث الإسلام الروحي، وتمثل حلقة وصل بين الشرق والغرب من أجل بناء ثقافة السلام.

 تم إعلان نداء جنيف الروحي في كاتدرائية جنيف سنة 1999، وكانت المناسبة الإحتفال بيوم الأمم المتحدة، الذي يتزامن مع تاريخ 24 أكتوبر، ووقّع عليه العديد من الشخصيات الدولية والمحلية في جنيف وحول العالم.

    يتم دعم هذا النداء الآن من قبل ممثلي جميع الطوائف الدينية الموجودة في جنيف وعدد متزايد من الناس من المجتمع المدني. إنه يستهدف قادة العالم، بغض النظر عن منطقة نفوذهم، الالتزام التام بمبادئ ثلاثة.

 (2). المرصد الدولي لرؤساء البلديات للعيش معًا هو ثمرة التزام رؤساء بلديات 23 مدينة من أربع قارات، اجتمعوا في القمة الدولية لرؤساء البلديات حول العيش معًا، التي عقدت في مونتريال في يونيو 2015.

    المرصد هو شبكة دولية من المدن ومنصة فريدة لتبادل الخبرات والمبادرات المبتكرة والمعرفة في مسائل التماسك والاندماج والسلامة اليومية في المدن. يضم حاليا حسب موقعه 54 مدينة.

    المرصد الدولي لرؤساء البلديات للعيش معًا هو سابقة على مستوى الحكومات المحلية. ويعتمد في كل مدينة على الجهد التعاوني للمدن والجامعات، حتى يتم توثيق أفضل الممارسات في إدارة التنوع وإنتاج دراسات الحالات الإفرادية والتحليلات الأصلية.

(3). إن الجدير بالإشارة هو انعقاد الدورة الـ 70 لمؤتمر اللجنة الدولية لدراسة وتحسين وتعليم الرياضيات، تحت عنوان "الرياضيات والعيش معا، عملية اجتماعية ومبدأ تربوي"، بين يومي 15 و 19 جويلية 2018 ، وجرى المؤتمر بجامعة مستغانم، وشارك في تنظيمه إضافة إلى تلك اللجنة الدولية الموسومة، كل من المؤسسة المتوسطية للتنمية المستدامة "جنة العارف"، والمنظمة الدولية، غير الحكومية "عيسى"، وجامعة مستغانم، وعرف مشاركة باحثين و مختصين قدموا من أكثر من 20 دولة، بحثوا وناقشوا موضوعات شتى، تعني الرياضيات، وتدارسوا معها، بُعد فلسفة العيش معا. اتنظم إلى المؤتمر باحثين جزائريين، مثلوا عدة مؤسسات جامعية، وأيضا ميّزنا حضور 116 مفتش تربوي، تابع لوزارة التربية الوطنية.

(4). يقصد الشيخ أن بذرات العنف أول ما تتشكل، تتصورها العقول، قبل أن تجسد على أرض الواقع، وأحسن مكان تزرع فيه بذرة السلام هو صفحات العقل.