الجمعة، 8 أبريل 2022

أسباب العيش معا في سلام

                                       

أسباب العيش معا في سلام

ومصالحة العائلة البشرية

 

 

     في 8 مارس الماضي، لبى الشيخ خالد بن تونس دعوة مأدبة عشاء ونقاش، جرت في مطعم مجلس الشيوخ الفرنسي، ودارت المناقشة حول "العيش معًا في سلام" والفرانكفونية، وهذا الموضوع تم التخطيط له لفترة طويلة من قبل محفل ريشيليو سنغور، على حد تعبير المنظمين، وهو منظمة دولية غير حكومية، لها دور استشاري في المنظمة الدولية للفرنكفونية.

     دائما على حد تعبير المنظمين "تبين أنه موضوع له ارتباط وثيق بأحداث الساعة"، ويضيف مقالهم "للحديث عن ذلك كان حاضرًا الشيخ خالد بن تونس، المبادر باليوم العالمي للعيش معًا في سلام، في 16 مايو، الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 8 ديسمبر 2017، بالإجماع من الدول البالغ عددها 193". وأردف المقال "في ذلك المساء، قدم الشيخ خالد بن تونس للمشاركين مداخلة مدهشة. إنه يتكلم كرجل سلام، بعمق وكياسة وإلهام. من حولي، يتفاعل متحدثون بالفرنسية من دول متعددة (بوركينا فاسو، فرنسا، لبنان، الولايات المتحدة، فنزويلا...). وإجراءات لمساعدة أوكرانيا تم تنظيمها".

    في تلك الآونة، تلقى الشيخ خالد بن تونس خبر اختياره نيل جائزة برلمان البحر الأبيض المتوسط، الذي اجمتعت وفوده  يومي 9 و 10 مارس بدبي، العاصمة الإماراتية، في أعمال جمعيته السادسة عشر، التي درست عدة موضوعات هامة، تختص بالوضع الراهن، ضمن مجال اختصاصها، وتلك الجائزة تمنح اعترافا وشكرا للأشخاص والمنظمات، لإسهاماتهم الفذة، في مجال عملهم، في المنطقة الأوروبية والمتوسطية والخليجية. كما جاء في نص الرسالة التي بعثها السيد سيرجيو بيازي، الأمين العام لبرلمان البحر الأبيض المتوسط للشيخ خالد بن تونس، إن المختارين هذه السنة، تم ترشيحهم لخدمتهم ومساهمتهم في المجتمع المدني. وقابل الشيخ خالد بن تونس رسالة الأمين العام برد، يشكر ويمتن فيها على هذا الصنيع وحسن الإعتراف. للعلم يضم هذا البرلمان دولا متوسطية وخليجية، شرق أوسطية.

     نعود لعشاء المناقشة هذا، الذي تم التخطيط له في ضوء اليوم الدولي للعيش معًا في سلام، وعمد في سرده إلى توفير أدوات تسخير أسباب العيش معا في سلام ومصالحة العائلة البشرية.

     تقدم إلى المنصة السيد ألبان بوغيت، رئيس محفل ريشيليو سنغور، وأعرب في حديثه عن دواعي اللقاء "في الأصل، كنت قد خططتُ لعشاء النقاش من منظور اليوم الدولي للعيش معًا في سلام، في السادس عشر من مايو. كما نحتفل اليوم، الثامن من مارس، باليوم الدولي لحقوق المرأة. 16 مايو هو "JIVEP"، الذي أنشأته الأمم المتحدة في عام 2017 بمبادرة من الشيخ بن تونس والجمعية الدولية الصوفية العلاوية AISA التي يتولى رئاستها الفخرية. منذ ذلك الحين، أدت الأحداث المأساوية التي نمر بها، للأسف، إلى جعل الموضوع أكثر حدة". كما ذكر السيد ألبان بوغيت في آخر حديثه ترجمة وجيزة ومعبرة عن الشيخ خالد بن تونس، ثم أسند له الميكروفون.


            

               الشيخ خالد بن تونس أثناء إلقاءه كلمته

 

     أخذ الشيخ خالد بن تونس الكلمة وقال:

     مساء الخير جميعكم.

     شكرا سيدي الرئيس. أنا متأثر جدا، وأشكركم جزيلا، وأشكر على الخصوص أنتم أعضاء هذه التحفة، كأنه بالنسبة لي هي المحافظة على ذاكرة هذا الجسد وهذا المكان، الذي هو مكان تاريخي، مكان اتخاذ القرار، حيث رأت فيه النور العديد من القوانين، التي سمحت بسيرورة نظام هذا البلد، بشعار الحرية والعدالة والإخاء، وحتى لو تخللتها أحيانا زلات. كما أننا آدميين، ونستطيع أن نقوم بأعمال. إنه تذكر إرث كامل، وكون أن إسم الرئيس سنغور(1) قد ذُكر في هذه الدار، فهذا بالنسبة لي شرف، بالنسبة لنا على كل حال، هو أفريقي، لم أعرفه شخصيا، أعرف شخصا هو من المقربين منه جدا، كان وزيره وممثله على مستوى الأمم المتحدة، وكان صديقا لأبي، وأحد مريديه، منذ عام 1959، وصداقة قديمة لزالت قائمة، وعميد مؤسسة سنغور.

    إذن، لنعد إلى موضوعنا الذي يهمنا، في هذا المساء، مع خطورة الوضع. كنت قد كتبت بضع كلمات على الورق، وأعتقد أنه مع الظروف، أطلب إعتذاركم، وستسامحونني على عدم قراءة النص، والتحدث معكم وجها لوجه وبقلب مفتوح، لأننا بصدد بلوغ نقطة اللاعودة، ولزلنا واقعين في ذلك اللاوعي، معتقدين أن الأمور قد تتحسن، لأننا متعودين.. نعم، أن غدا.. فالأمور.. فنحن نمتلك الوسائل المادية أو العسكرية أو أي شيء، يمكنه أن يحدث تغييرا. في هذا، فنحن حسبما ذكره حديثا رئيس الجمهورية "لقد بدلنا العصر". ويجب تصديقه. لقد بدلنا العصر. ليس الشأن بالنسبة لنا، لأن عصرنا يبقى هو نفسه، ولكن الأجيال المقبلة قد بدلت العصر. هذا الأمر ينبغي فهمه، وينبغي أن نترك لهم رسالة وتوجيهات وخارطة طريق، تسمح لهم بإعادة بناء عالم الغد، لأنهم سيعيشون في عالم تسوده ضغوطات ونزاعات، وإن الأخطر ليست هي الحرب الكائنة في عصرنا، ولكنه الإحتباس الحراري، الذي لم نعيه، ولمقابلته لا يوجد أي سلاح يمكن إيقافه، ولا أي جدار يمكن صده، ولا أي تكنولوجية توقفه. من يمكنه إيقافه؟ في هذا، نحن غافلين بالكلية. متعودين على العيش في عالم دُللنا فيه ونحظى بالوفرة، بالنسبة لجزء من الإنسانية، ليس كلها، ولكنها اليوم الصدمة، وأنا أرى أنها صدمة مسالمة، ويجب أن نعتبرها شيء إيجابي يعمل على إيقاظ الضمائر. فلنعمل على أنفسنا، ونرجع إلى الأساسيات والقيم الأساسية التي تبْني وبنَت الإنسانية. هذه القيم الأساسية التي هي التضامن، والتي هي الكرامة وبُعد النظر وتقديم يد العون.. واليوم يوجد انقلاب للقيم، قد عاد مبدأ من هو الأقوى والأذكى. نعم تواجدت دوما معضلات الحروب، لم تتوقف الحروب أبدا، ولكنها كانت بعيدة عن أوروبا، كانت تجري في أفريقيا والشرق الأوسط، وربما كانت تقع في الجنوب الشرقي لآسيا، ولكنها الآن في قلب أوروبا، وفي مكان هو مورد الحبوب للعالم، لا تنسوا ذلك. توجد اليوم دولا لم تعد مسألتها الحرب، فمسألتها ما هو طعام الغد، لأنهم لا يملكون سوى احتياطي 90 يوما من المؤونة، وهذا الأمر لا تتكلم عنه الصحافة، ولن تتكلم عنه أبدا، فلأن صوتهم غير مسموع، لا يؤبه بهم، ولكنهم بالملايين. في هذه السنة في أفريقيا الشمالية، لن توجَد محاصيل، لم تمطر، وهذا جفاف لم يُر منذ 40 سنة. لم تمطر في المغرب والجزائر وتونس وليبيا ومصر، وعندها تشحت الأرض. في هذه الدول ستطرح مسألة تناول الخبز. أنتم تعلمون أن الشعير والكسكسي  في هذه الدول ذي أهمية كبيرة. ومورد الحبوب هذا الذي يسمى أوكرانيا، مع موانئها كأوديسا وماريوبول، التي من خلالها يشحن كل القمح الذي يأتي إلى تلك الدول، وكذلك الهند، فالمستقبل قاتم، إنهم يتغذون من هذا القمح، وحتى أندونيسيا. أنتم ترون أننا كلما اقتربنا من المشكلة، كلما رأينا الإنعكاسات على أشياء عدة، ونحن لزلنا في خصام، ونتحدث عن المنطق الأمني وليس عن منطق السلام، وهذا ما يدفعني إلى التحدث عن السلام والعيش معا، هذا الطريق الثالث، ينبغي الإيمان به وحمله، ينبغي أن يوجد أناس ليحملونه، وأناس لكي يجسدونه، يجب أن تُطرق من أجله كل الابواب، وقصة اليوم الدولي للعيش معا في سلام، كان سعي لمدة ثلاثة أعوام، والترويج له من باب إلى باب، ومن بعثة إلى بعثة، ومن بلد إلى آخر، ومن وزير إلى آخر. لم يكن الأمر سهلا، يوجد من أغلق في وجهنا الباب، وحتى من هددنا، ورغم ذلك في 8 ديسمبر 2017، في الجمعية العامة، مع 193 بلد، حدث التوافق بالإجماع. لا نعرف كيف؟

    قد يكون الأمر معروفا لدى الديبلوماسيين (الحاضرين). في الأمم المتحدة توجد طريقتين للإنتخاب. يوجد الإجماع ويوجد تصويت الغالبية. عندما حدثني الرئيس، حتى أني أكن أعلم أنه يوجد رئيسا للأمم المتحدة(2). في كل عام ينتخب رئيس للأمم المتحدة، ويعين رئيس لاستقبال رؤساء الدول، أي شخصيات، ورؤساء الحكومات، لا يستقبل أبدا رئيس منظمة دولية غير حكومية، لم يحدث ذلك قط. هل كان الحظ؟ لا أعلم، قد توجد أمورا أخرى تسمح بفتح أبواب، لم تفتح أبدا. حدث لقاء لبضع دقائق معه، الذي تحوّل لأكثر من ساعة. بينما سمحتم باللقاء مع الرئيس لمدة خمس دقائق، تحوّل إلى ساعة وربع. قالت الأمانة العامة، كيف ولماذا، ماذا يفعلون وماذا يقولون؟ تكلمنا عن العيش معا وعن أهمية هذا اليوم. لقد تم إنجازه. لا تنسوا أن في 08 ديسمبر كان التوتر قائما بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية. كنا في نفس النقطة (وأشار الشيخ بسببتيه ملصقا إياهما عند قمتيهما، رافعا يديه). لا تنسوا التوتر الذي كان سائدا بالأمم المتحدة، مع الرئيس ترامب الذي هدّد بتدمير كوريا الشمالية، وبالقرار الذي اتخذه؛ نحن بمجلس الشيوخ، أرى أنه لا يجب أن يُخف شيئا، إنها أمور واقعية؛ وقرر أيضا أن تصبح القدس عاصمة، أراد أن ينقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس، هذان الحدثان خلقا توترا. في ذلك اليوم 8 من ديسمبر، كان سيعقد مجلس الأمن عقب الجمعية العامة. عندما ترون الناس والديبلوماسيين وقادة الوفود، كيف ذلك؟ أنا، وأؤكد لكم، رأيت بأم عينيّ الإنسانية كجسد. قد تقولون، ربما إنه شيخ طريقة صوفية، والصوفية يهذون شيء ما. حسنا، رأيت هذه الإنسانية. في الرسالة التي بعثها لسفير الجزائر الذي قدم الطلب؛ لأنه ليست منظمة دولية غير حكومية من يطرح هذا القرار للمناقشة، يجب أن يتبناه بلد، وكانت سفارة الجزائر، حتما لأنني جزائري، وهي من طرحت هذا القرار؛ والكلمات التي قدمتها للسفير حتى يقولها، لقد تصرفتم على الآخرين وعلى ممثلي الدول وعلى الوفود.

    في الأمم المتحدة يوجد عدّاد يشير إلى الدول والأصوات. بدأ العداد في الدوران،1 2 3 4 5 6 7، لأنه عند توخي الإجماع، إن قال بلد واحد لا، كل شيء ينهار، إذا رفض أي بلد وقال لا للقرار، ينهار كل شيء، حذرني الرئيس، وقال لي إنك تقوم بمقامرة مؤسفة (تلعب الروليت الروسية –على حد التعبير-)، وقلت له، لنلعب الروليت الروسية، لنحاول الكل من أجل الكل. لنذهب إلى السلام، لنذهب إلى العيش معا. والأمر نجح. عندما وقعت المطرقة.. واتخاذ القرار استغرق زمانا، وتعدى الوقت المخصص، كما أتعداه أنا سيدي الرئيس، أعذروني.

    - نودي من داخل القاعة: كلا، لا بأس.

    واصل الشيخ: عندما تجاوز الوقت، ومجلس الأمن لم يجئه الممثلين، قد قمنا بتأخير مجلس الأمن، والقرار لم يكن جاهزا بعد، حسنا، عندما وقعت المطرقة، ونهض الجميع، هنالك كانت الإنسانية، ولو لمرة، قد كانت دول وممثلي دول، وكان يوجد شيء آخر. وبوجود هذا التوتر الذي دام لشهور، وضغط التوتر هذا، الذي حدث بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية.. على كل حال اخترق رئيس قوانين الأمم المتحدة، ورؤساء دول اخترقوا قرارات الأمم المتحدة، كان الجو متوترا حقا، وفُتح هذا الباب، ووُلد اليوم الدولي للعيش معا في سلام.

    أريد الإشارة بكل بساطة، وأقول لكم أن الطريق كان مسلكا ضيقا صعبا، لا أقول لكم أننا نملك الحقيقة، ولا أقول لكم أننا الأفضل، بل أقول لكم أننا إذا أردنا إيجاد الحل، فإنه موجود، إنه في العيش معا في سلام، حيث ينبغي تدريسه وتثقيفه، ولا نحصد سوى ما نزرع، وبالتعليم سنتمكن من التوصل إلى تغيير الأمور، والسياسات لا تريد أن تسمع بهذا، لأنه عمل على المدى الطويل، وينبغي الإستثمار، نعم، الإستثمار والإستثمار، من أجل التربية بنهج ثقافة السلام، وينبغي أن تكون مدرجة في المقررات المدرسية لأبنائنا. كيف تريدون أن تتغير الأمور؟ وكيف تريدوننا حتى نتمكن من تغيير الأمور؟ هذا هو اللوح السحري لمجتمعنا.

     يعيش أبنائنا اليوم في العالم الإفتراضي، يعيشون في عالم خيالي. إن القتل عندهم ورؤية تساقط القنابل، يلعبونه كل يوم بهواتفهم والهواتف الذكية، يلعبون الحرب.. لدينا انطباع، أننا عندما نرى في التلفيزيون الناس يتقاتلون في حرب، كما لو أنها لعبة.

    - في وسائل الإعلام.

    قال: نعم. وسائل الإعلام وتأثيرها، لسوء الحظ، لها تأثير كبير، والشبكات الإجتماعية أسوأ من ذلك، وبها نلج العالم الإفتراضي. نحن بحاجة إلى سرد جديد، سرد جامع يصالح العائلة البشرية، ويجمع هذه العائلة، ويقول لها، نحن جميعا من نفس الأبجدية. نحن جميعا من نفس الأبجدية. توجد حروف مستقيمة، وحروف مستديرة، فيوجد حرف السين الذي لا يشبه حرف الزاي ولا اللام، وحاولوا أن تحذفوا حرفا أو حرفين أو ثلاثة، لأنكم لا تحبونها أو لا تعجبكم. احذفوا ولن تستطيعوا أن تكتبوا. جميع المعارف التي لدينا موجودة في 26 حرف في اللغة اللاتينية والفرنسية، و28 حرف في اللغة العربية، ولا أعلم كم في اللغات الأخرى. كل هذه الحروف فرديا لا تعني شيئا، وعندما ترتبط ببعضها البعض تعطي معنى. إنها تكلمنا وتعلمنا وتنقل إلينا معارف، وتنقل إلينا علوما، وتنقل إلينا تاريخنا وذاكرتنا. توجد في 28 حرفا معرفة الكون بأسره، تتواجد منها جميع الكتب الموجودة في المكتبة الوطنية، وكل ما موجود في فرنسا ناشئ عن 26 حرف. لا يوجد حرف زائد. نحن بصفتنا أعضاء وجزئيات، وبصفتنا أشخاص نشكل جسد مع هذه الإنسانية، فكلٌ منا هو خلية من هذا الجسد، الذي يسمى الإنسانية، شئنا أو أبينا. سأقول لكم الإحصائيات. نعم لديّ تقارير الأمين العام للأمم المتحدة. هل تعلمون كم تكلف النزاعات في السنة. أقامت الأمم المتحدة قمة واحدة للعمل الإنساني، أقمناها في 2016 بإسطنبول، من 23 إلى 26 مايو، كانت الأولى والأخيرة. حضرت القمة جميع المنظمات الغير حكومية المعتمدة لدى المجلس الإقتصادي والإجتماعي للأمم المتحدة، وجميع ممثلي الدول، وفرنسا كانت ممثلة جيدا، حضر وزراء، وحضر أمريكيون، وممثلين من العالم بأسره. تصورنا المستقبل، ونظرنا كيف يمكن لهذه الإنسانية، من الناحية القانونية والسياسية، أن تتاح فرصة، لنا جميعا، وتصبح جسدا، وأن تتمكن من الكلام والتعبير، لا تبقى فقط فكرة فلسفية، ولكن شيء ملموس، على المستوى الحقوقي والقانوني، حتى تحل المشاكل. تم الإقتراع بالإجماع، وبعدها قدم الأمين العام للأمم المتحدة تقريره.

     تكلف النزاعات الإنسانية، اسمعوا، 13.4 % من اقتصادها (الناتج المحلي الإجمالي)، وكم كان يقدر ذلك في 2016؟ قدر بـ 14300 بليار دولار. هذا شيء لا يذكر، وكم كان يقدر في عام 2021؟ اذهبوا وانظروا الأرقام. هذه الحصيلة نقدا. ولكن الأدميون الذين يعيشون إنهيارا، فما هو ثمن ذلك؟ من يستطيع أن يقدر قيمته؟ من يستطيع أن يحدد ثمن الشر الذي أصاب الذين لزالوا على قيد الحياة، ويعانون من أعطاب مستدامة، والأطفال الذين يولدون أثناء الحروب ويكبرون في الحروب، والحرب موقدة في كل مكان، في سوريا وليبا والعراق وبرمانيا، وغدا ستكون أوكرانيا ثم بلدان، وفي الغد ستكون بولونيا، ثم تنتقل إلى ألمانيا، وتتبعها فرنسا. لا نؤمن بذلك. ولكن أقولها لكم، يمكن لنار أن تتحول إلى حريق. كونوا عقلانيين، يمكن لنار أن تتحول إلى حريق. جاء وباء كوفيد ليوقظنا، خضنا حرب قبل حرب، وتعرضنا لحجر قبل حجر، ولحضر تجول قبل حضر تجول. هل تعرضتم لحضر التجوال، ومن لم يتعرض له. على كل حال، نحن في الجنوب حضر علينا التجوال، لم يكن بإمكاننا الذهاب أبعد من كيلومترين عن القرية التي أسكن فيها. حتى الأجداد حرموا من رؤية أحفادهم أو أبنائهم، مدن أغلقت، وطائرات لم تغادر محطات توقفها، وحدود مقفلة بين الدول. وفي المغرب المجاور ابنتي علقت، لم تستطع المغادرة، فتحوا فقط في شهر فبراير. كانت حالة إغلاق، لا نستطيع زيارة بعضنا البعض. كان عندنا نوع من التكرار، وجاء ليقول لنا انظروا إلى هشاشة مجتمعكم، انظروا فيروس واحد، ماذا يمكنه أن يفعل، لقد كشف لنا عن هشاشة مجتمعاتنا، التي تعتقد أن كل شيء مباح، وترى نفسها أنها تمتلك التكنولوجيات المتقدمة، وفوق الجميع. ماذا فعلنا في المقابل؟ كم هو عدد الموتى؟ موتى كوفيد يعدون بالملايين. عدنا إلى عاداتنا، يقال أنه انتهى، لم ينتهي بالكلية، لأنه يوجد أيضا.. حسنا لنرجع. ثم تعود لعادتها مجددا.

    أصدقائي الأعزاء. عليكم أن تتكلموا عن تأثير الفرنكفونية، وكم يوجد فيها من بلد، إنها 88 بلد تتكلم نفس اللغة. 88 بلد توصله روابط اليوم، تواصله اللغة، وهذه الروابط تسمح بالتفاهم، ونقل المعارف، وتسمح بالتبادل، حيث ينبغي أكثر من أي وقت مضى تمتينها. تلك الأخوة والحرية والعدالة، ذلك الشعار المنشور على جميع بنايات الجمهورية، ينبغي الإستجابة لهذا التحدي، الموجود أمامنا.

    لا. ستنتصر الأخوة الإنسانية في هذا التحدي، وفي هذا الزمن، ينبغي إقامة روابط متينة. في هذه الأوقات على الفرنكفونية أن تقدم يد العون، ليست مسألة أشعار وأدب لغوي، هي أكثر عمقا من ذلك، إنها مسألة خلق صلات، ونملك جميعا، شئنا أم لا، علامة بائنة، هذه الصلة. انظروا إلى سرتكم، وسترون إن كنتم مرتبطين بشخص آخر أو لا. وهذا الشخص مرتبط بشخص آخر. انظروا، لن أنزع ملابسي، على أية حال، لأبينه لكم، تملكونه جميعا، رجالا ونساءا. أنتم متصلين بأمكم، وأمكم بأمها، وهكذا ترون الإنسانية، وأنتم أسلاف الكثيرين، منذ غابر العصور، أنتم متصلين بالذين نقشوا على الصخور، ورسموا في الكهوف، نحن عائلة آدمية، نحن مبدأ الوحدة. من يعلم؟ بطبيعة الحال، إنها سنة الحياة، وبلغنا مبلغا اليوم، حيث ينبغي استعادة مبدأ وحدة الإنسانية هذا، وإلا، لن نعود إنسانية، سيكون انقلاب. وهذا ما كنت أريد قوله.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1). ليوبولد سيدار سنغور، هو كاتب وشاعر وسياسي، وكان الرئيس الأول للسنيغال من سنوات 1960 إلى 1980، وتنازل عن الحكم بمحض إرادته، وخلفه عبدو ضيوف. تلقى تعليمه الجامعي بفرنسا، وكان متعاطفا مع التنظيمات الفرنكفونية، ورعى هذا المحفل، حتى ضم إسمه، وأصبح يسمى محفل ريشيليو سنغور. والإسم الأول المعطى هو للكاردينال ريشيليو المتوفي سنة 1642، الذي يعتبر مؤسس أكاديمية اللغة الفرنسية.

(2). إضافة إلى وجود الأمين العام للأمم المتحدة، الذي يعد الحامل الرسمي لكلمة الأمم المتحدة، وقائدها الفعلي، وتتم إدارته على مدى خمس سنوات قابلة للتجديد، لمرة واحدة، يوجد أيضا رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، هو شخص يتحمل هذا المنصب عبر الانتخاب من قبل ممثلي الجمعية العامة للأمم المتحدة، لمدة سنة واحدة. رئيس الجمعية العامة يقود نقاشات الدورة العادية التي تبدأ في سبتمبر، وكذلك الدورات الخاصة والطارئة للسنة المقبلة. عندما خاض الشيخ خالد بن تونس غمار  تأسيس اليوم الدولي للعيش معا في سلام، كان السيد بيتر تومسون من فيجي، في سنة 2016، رئيسا للجمعية العامة للأمم المتحدة.