معهد ألف
في سنة 1984 أنشا الشيخ خالد بن
تونس، معهد ألف، الموجود بكل من فرنسا و المغرب العربي، من أجل تعليم الثقافة
الإسلامية بالحاسوب. كان هدفه هو الحفاظ على الذاكرة الإسلامية (نصوص مقدسة و قانون و
تاريخ)، و إعادة توطيدها على
شكل برمجيات، و قواعد بيانات و تطبيقات تقنية عن بعد و معلوماتية، كي تستخدم من قبل جمهور
عريض.
يقول الشيخ خالد بن تونس "في سنة 1978، جعلتني سفرة إلى
كاليفورنيا، أعي أهمية المعلوماتية بالنسبة للمستقبل. و عند عودتي إلى فرنسا،
قمت بتأسيس معهد ألف، بهدف مزدوج هو تكوين الشباب و إدخال هذه التكنولوجية
إلى بلدان العالم الثالث. فنظمت عدة ورشات، في كل من الجزائر و طنجة و باريس. ألف هو أول معهد، قام
بوضع القرآن الكريم على الحاسوب (برمجية الفرقان).
كما تم إنشاء برنامج آخر
(إسمه المواقيت)، بالتعاون مع المعهد
الفلكي لبيزنسون، مما أتاح معرفة مواقيت شهر رمضان، إلى غاية 2020، و كذلك إتجاه القبلة،
و مواقيت الصلاة في أي مكان في العالم. و سوف تتلو ذلك برمجيات أخرى، منها (تقية) الذي يعلم الأركان
الإسلام الخمسة".(1)
بالفعل ابتكر معهد ألف،
المصممBUDI ،
و هو "البنك العالمي للبيانات
الإسلامية"
Universelle de Données Islamiques)Banque)، أحيلت هندسته الإعلامية إلى شاب تقني سويسري. كانت الأعمال تجري
باللغات الثلاث، الفرنسية و العربية و الإنجليزية، و ظهرت مجموعات عمل متطوعة، في
فرنسا و بلجيكا و المغرب و الجزائر، ساهمت في المشروع، و استجابت لمجمل المهام، الواجب القيام بها (تصميم تعليمي، و البرمجة
و تحليل النص، و الترجمة و الإقتباس، و الرقمنة، و تعزيز و بحث عن شركاء،...).
أول برمجية رأت النور،
في نسختها الفرنسية هي "الفرقان" (Al Furqan)، كما يدل إسمه، فقد ضمت المصحف الشريف، و كان مرفقا
بشروح من أحاديث نبوية، و ذكر لأسباب النزول، مستسقاة من أمهات الكتب. و تجلت أهميته في تسهيل
الإستعادة التلقائية للآيات، وفقا لمعايير البحث المختلفة (الكلمات الرئيسية، و
الجذور، و المترادفات و الأفكار)، و قد وجد ترحيبا لدى المبتدئين، فضلا عن المختصين. ثم خرجت بعدها النسخة
الإنجليزية للفرقان. أما بالنسبة للغة العربية، فلعدم توفر في ذلك الوقت، أدوات تكنولوجية ذات
صلة، دفع بمعهد ألف إلى ابتكار نظامه الخاص، بإدماج أداة توليف صوتي للآيات.
ثم تبعتها "المواقيت" (Al
Mawaqit)، و هي برمجية لإدارة الوقت، جاءت بالتعاون
مع المرصد الفلكي لجامعة بيزنسون (فرنسا)، نتيجة لتطويره
خوارزميات رياضية. "المواقيت" تسمح بمعرفة مواقيت الصلوات الخمس، في أي مكان من
العالم، و تحديد، مثلا، تاريخ بداية و نهاية شهر رمضان، بتوافق وظيفي، و سهولة
استعمال.
بإصداره برمجية "تقية" (Takya)، بلغت سمعة معهد ألف الآفاق، بوضعه دليل حقيقي، يقدم
أركان الإسلام الخمسة، بصيغة مبسطة و جذابة و عملية و موثّقة، لا تترك مجالا للشك،
على مستواه التربوي العالي. استفاد محتواه الشرعي، من المراجعة الأكاديمية لخبراء من الإيسيسكو (المنظمة الإسلامية للتربية
و العلوم و الثقافة)، الذين أبدوا موافقتهم الكاملة.
إن برمجياتBUDI
، موجهة لكل من يريد أن يبني فكرة
موضوعية، عن القيم الإسلامية، من خلال الإعتماد مباشرة، على المصادر. و لقيت اهتمام واسع، حيث كتبت في حقها تقارير على
نطاق واسع، في كل من أوروبا و المغرب و المشرق العربيين.
في البداية، في سنة 1986، سلك مشروع BUDI، الطريق إلى البقاع المقدسة لعرض منتوجاته، و قد رحب بالمبادرة، من طرف
مجلس علماء الجامعة الإسلامية للمدينة المنورة، بدون أن يمنحوها ترخيص.
في باريس، قدمت أعمال BUDI، على الخصوص خلال الأسبوع الافتتاحي، لمعهد العالم
العربي، شهر نوفمبر 1987، و استفاد خلاله من
حوافز و تشجيعات، تلقاها من وزيري الثقافة و التربية الفرنسيين آنذاك.
تم عرضه بالفاتيكان، يوم
30 نوفمبر 1989، أثناء زيارة الشيخ
خالد بن تونس، لقداسة البابا يوحنا بولس الثاني، الذي أهداه نسختين من برمجي "الفرقان" و "تقية".
سنة 1987 تنقل إلى مركز المعارض
لرياض الفتح بالجزائر العاصمة، أمسية ليلة القدر، و قُدم بشكل رسمي لممثلي
الدولة الساميين، و حضي "الفرقان" بقبول علماء الشريعة، الذين أقروا إجازته، ثم شق المشروع
الطريق نحو الجنوب الجزائري، لتغدق عليه أحر التشجيعات من طرف الطائفة الإباضية،
الذين أجازوه، مشيرين إلى موافقته
التامة للشريعة الإسلامية.
سنة 1988، بعد عرض أعماله بقصر
الثقافة بالجزائر العاصمة، قام معهد ألف بجولة واسعة، لدى دور الثقافة الجزائرية،
حاملا معه فخره، معرضه "نحو المستقبل، عبر المنابع". زار في رحلته مدن من شرق
و وسط و غرب البلاد، و أبدى الجمهور الجزائري فخره و امتنانه بأعمال مشروع ألف.
سنة 1989، في إطار صالون
التكنولوجيات الجديدة بالجزائر العاصمة، و بالشراكة مع شركة "بول الجزائر" (Bull
Algérie)، اهدي للرئيس الشاذلي بن جديد، حاسوب مجهز
ببرمجية "الفرقان". و في نفس السنة، تم عرض
رسمي لأعمال معهد ألف، بطنجة (المغرب)، بحضور سمو الأميرة
لالة فاطمة.
طوال سنة 1989، شارك معهد ألف في
مختلف الصالونات و المؤتمرات الكبيرة، و على الخصوص، في مدن الدار البيضاء و
الجزائر و تونس.
و لاتصالاته، قام معهد
ألف بنشر دورية، و هي مجلة (ALIF INFO)، و كانت منتدى، خصصت صفحاته، للتكنولوجيات الجديدة
للإعلام الآلي و الإتصالات، و كذا لنقل التكنولوجيات شمال جنوب، و الذي عرف لاحقا،
باسم فضائل العيش معا. صدرت المجلة من سنة 1987، إلى شهر سبتمبر 1988، و توقفت غداة مقتل
تقية بن والي، رئيسة تحريرها في حادث مروروي.
إنشاء معهد ألف -درانسي - سنة 1984
هذا موجز من سطور، يلخص مغامرة رجال و نساء،
تحت إدارة الشيخ خالد بن تونس، صنعوا مجد معهد ألف، و لأسباب مضنية، أفل نجمه
بفرنسا، في بداية التسعينات، و انتهت المغامرة. لقد تعرض الشيخ خالد بن
تونس، في عمله لإنجاح مشروع معهد ألف، إلى مضايقات عديدة، فمن محاولة شراءئه بصك على بياض، و جره إلى
المحاكم، و عرقلته عددا من السنين، و الحادث المروع الذي تعرض له أفراد من
أعمدة المعهد، قتلت خلاله تقية، و أصيب عبدالله إصابة بالغة، نجا منها بأعجوبة،
تجمعت الأسباب، توقف من أجلها المشروع، الذي كان يملك حينها، أرقى التقنيات
المبتكرة، مما جعله يستقطب أعين الحساد، و يوضع تحت المجهر.
و لكن في المستقبل،
"نحن نراهن على أن الطوباوية ستولد من جديد، من أجل خير جميع الناس، و يتمكن أطفال
القرن الواحد و العشرين، من إحياء حلم كبار السن".(2)
"و امتداد لمعهد ألف، ظهرت
فكرة خلق مخيمات للشباب، على الطريقة التي عرفتها أنا بنفسي في طفولتي بالزاوية. قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم "لاعبوهم في سبع و علموهم
في سبع و صادقوهم في سبع"(3). فكيف نضع هذه النظرة
التربوية موضع التنفيذ؟ لقد تبين أن المخيمات الأولى عرفت نجاحا، سواء لدى الشباب
أو لدى آبائهم. و قريبا عندما يأتي زوار
لزيارتنا، سوف يلحظون الحماسة و النشاط لدى الشباب. كل واحد منهم يعود مزودا
و قويا من لحظة الأمل المتبادلة تلك، لدرجة أننا نفكر في خلق شعبة للكشفية
الإسلامية في فرنسا".(1)
ــــــــــــــــــــــ
(1) .كتاب التصوف الإرث
المشترك.
(2). مبحث ريم كيلاني،
"برنامجيات ألف تعرض في أول متحف للكمبيوتر ببلجيكا"، الذي ساعدني كثيرا
في كتابة موجز عن مجد ألف.
(3). ورد حديث "لاعبوهم
سبع، علموهم سبع، صادقوهم سبع، ثم اتركوا
حبلهم على الغارب".
غير مرفوع، و ينسبه البعض إلى سيدنا عمر ابن الخطاب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق