المرأة ودورها في ثقافة السلام

المرأة ودورها في ثقافة السلام


الشيخ خالد بن تونس (1)
شيخ الطريقة العلاوية، والرئيس الشرفي، لمنظمة عيسى الدولية غير الحكومية.

 
  
    أصبحت مشكلة الأنثى أو الأنوثة في الإسلام، منذ عدة سنوات، موضوعا مزعجا، وخصوصا، لدى الشباب. بصفتي مؤسس الكشافة الإسلامية بفرنسا، فعندما نتكلم عن الكشافة، فذلك يعني بالضرورة، وجود فتيان وفتيات. لاحظت عبر كامل أوروبا، من ألمانيا إلى بلجيكا، ومن إسبانيا إلى أوروبا، أننا نصطدم باستمرار، بإشكالية "المرأة المسلمة". تتمثل الغرابة في، أنه لا نقف أبدا على أي ذكر، للمرأة اليهودية أو المسيحية، أو المرأة الهندية، أو البوذية، أو غيرهن...، إلى درجة أننا نجد أنفسنا، بصفتنا مسلمين، في حالة دفاع دائمة. بُنيت حول موضوع الأنوثة في الإسلام، نوعا من الأسطورة، أسطورة، يبقى أننا، نحن السباقين إلى المحافظة عليها. بالطبع، عندما أقول أسطورة، هذا لا يعني أنه لا توجد مشاكل حقيقية. فقط، إننا نعمل على ترسيخ الأسطورة، بدل أن نحاول إيجاد حلول.

    في نفس الوقت، نحن نرى في الإسلام، أن المرأة كانت واسعة الحضور، منذ بداية الرسالة المحمدية، هاهي خديجة، أم المؤمنين، فقد كان لديها موقف كبير، حيث أنها وطدت النبي صلى الله عليه وسلم، عندما شكك في مهمته، وهي التي أخذت بيده، وطمأنته وأعطته القوة، التي كان في أمسّ الحاجة إليها، ليواجه العنف النفسي للوحي. قال تعالى "لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله". سورة الحشر، الآية 21.  يمكننا أن نذكر السيدة أم سلمة، التي كانت المرأة الأولى، التي احتجت أمام النبي صلى الله عليه وسلم، قائلة "يَا رَسُولَ اللَّهِ لا أَسْمَعُ اللَّهَ، ذَكَرَ النِّسَاءَ فِي الْهِجْرَةِ"، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى "فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى". سورة آل عمران، الآية 195. و لتعزيز القضية أكثر، نزل "إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا". سورة الأحزاب، الآية 35.

    بالطبع ، هناك آيات أخرى، تذكر الرجل والمرأة، على قدم المساواة، لا نذكرها هنا. نقف، عند هاتين الآيتين، اللتين كانتا، رد المولى عز وجل، على امرأة، لم تكن، سوى زوجة النبي صلى الله عليه وسلم. بصرف النظر عن كون القرآن، منح المرأة مجموعة من الحقوق، نجد أنها لعبت دورا حيويا، في الحفاظ على أول نسخة مخطوطة من القرآن الكريم. فبفضل السيدة حفصة، إبنة الخليفة عمر ابن الخطاب، الوصية على ما يعتبر، الأعز في الإسلام، ألا وهو القرآن الكريم، المصدر الأول لجميع التشريعات الإسلامية، ومنبع كل إلهام، ديني وروحي وثقافي في الإسلام.

    لنعد إلى تساؤلنا، لماذا هذه الحاجة المتكررة للتبرير، عندما يطرح موضوع المرأة المسلمة، وهذه الحاجة الدائمة، لإعادة توطينه في بداية الإسلام، أو إرجاعه إلى وجهة نظر إصلاحية؟ ماهو واقع المشكلة أو الضيق، الذي يعيق علاقة المجتمعات المعاصرة مع الأنوثة؟ لهذا السبب، في أننا اخترنا تركيز تفكيرنا، حول موضوع الأنوثة، ودروها في ثقافة السلام.

    من المناسب هنا، أن نبدأ بسؤال أنفسنا، عن نوعية التعليم الذي نقدمه لأطفالنا، بناتنا وأولادنا؟ ما هي أسس التربية التي نقدمها لهم، سواء في المدارس الإبتدائية أوالثانوية أو في الجامعة؟ هل الثقافة التي نمررها لهم، تحوي قاعدة المجتمع المدني، من ثقافة السلام هذه؟ أو نحن بصدد شحنهم بثقافة عنف، يرتكبه المذكر على حساب المؤنت، و العكس بالعكس؟ وتجدر الإشارة هنا، إلى أن مفهوم "المؤنث" لا يقتصر على النساء، لأنه من الضروري التمييز، بين المرأة والرجل، والأنثى. حسب رأيي، الأنوثة هي هذه الحقيقة، التي تعطي للمجتمع عمقة، واستقراره وتناغمه. الأنثى هي مرادفة الرحمة، والدفئ الإنساني، وآداب السلوك، والحنو... وغيرها.

    لنعد الآن، إلى هذا الحضور الشامل، للعنصر الأنثوي، في المجتمع الإسلامي التقليدي. على سبيل المثال، يكشف عقد الزواج، غاية الكشف، عن هذا الصدد. بالفعل، فإننا نجد أرشيفات عقود ضخمة، قد حررت، على شكل تزيد أبعاده عن 80 في 40 سنتمتر. بإمكان العروس أن تضع فيه، مختلف أنواع الشروط، التي ترغب فيها. منذ البداية، أسس الإسلام الرابطة الزوجية على أساس العقد، خلافا للغرب المسيحي، الذي يصوره، كرباطا مقدسا. هنا، نجد أنفسنا في نطاق، غير مشهود. عقد بين طرفين. عندما نقول طرفين، فبالضرورة، نعني "المساواة"؛ و "طرفان" هما أيضا "عائلتان"، وترتيب قانوني. إذن لم يعد أمامنا، زواج عن حب؟! سوف نعترض عليه. هل نستطيع أن نتصور زواج بدون حب؟ نعم، أولا، يوجد الإحترام بين الأشخاص، الإحترام بين الرجل والمرأة، وعقد ملزم للطرفين بقوة القانون.

    لنأخذ مثالا آخر، علاقة الأمير عبد القادر، مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة، بالأنوثة، فعندما كان يخرج للحرب، لمن كان يسلم وصيته؟ كان يسلمها لزوجته، بالرغم من وجود إخوته وأبناء عمومته وأعمامه، وغيرهم. ولكنه كان يفضل تسليمها لزوجته. لماذا؟ لأنها أم أولاده. يبدو أن ما قام به، بسيط جدا، وأكثر إنسانية. وعندما تعرضت مدينة معسكر للنهب، وتقزز الأمير، وأراد الإستسلام، فما الذي جعله يغير رأيه؟ هنا أيضا كانت إمرأة، إرتمت عند قوائم راحلته، وقبّلت ركبتيه، وترجّته البقاء في الجزائر. خانه شعبه، وإمرأة شدته، ولذلك واصل القتال.

    كثيرا ما نشير إلى مسألة السلطة الدينية، للمرأة المسلمة أو عدم قدرتها على الإمامة. ولكن دعونا نلقي نظرة على الصين. اعترف المسلمون الصينيون، على مدى العصور، بإمامة المرأة. تواجدت إمامات منذ قرون. لا يسعنا إلا أن نذكر اجتهاد، هؤلاء الأمريكيات أو الهولنديات المسلمات، اللواتي أثرن الجدل، عندما قمنا بإمامة الصلاة، ولكننا ننسى أنه توجد منذ قرون، نساء إمامات في الصين. لديكم أيضا عالمات دين في جنوب أفريقيا، يقدِّمون في المساجد محاضرات، تستهدف حضورا مختلط، مكون من رجال ونساء. أمر لا يمكن تصوره، في البلدان العربية، التي مازلنا نبي فيها مساجد، ننسى أن نخصص فيها أحيانا، أمكنة للنساء. لنتوغل داخل المسجد الأعظم لجكارتا، أحد أكبر المساجد في العالم، بني على أرضية مساحتها، تقدر بأكثر من عشرة هكتارات، ففيه نجد على نفس الصف، أن الإمام يتوسطه، والرجال على اليمين، والنساء على الشِمال. لم يثر هذا الحكم أبدا، أيّ مشكلة لدى الأندونيسيين.

    لأننا لا ننظر ولا نرى، الأشياء البسيطة التي تحيط بنا. ونواصل عرقلة تقدم المجتمعات، في حين يكمن الشيئ الأساسي، في التوجه نحو ثقافة السلام. يكون إفشاء السلام على مستوى، عائلاتنا ومدننا وقرانا... مجتمعاتنا بحاجة ماسة، إلى التسوية. دعونا نتوقف عن هذا الشغف، حيث يدافع كل واحد، عن أفكاره بعاطفية، وفضلا عن ذلك، أنها مبنية دوما على الشك. نخاف من تهمة الإنحراف عن جادة الإسلام، ومن أننا لسنا وطنيين بالكامل، وأصبحنا أشباه جزائريين،... وغير ذلك.

    ينبغي أن نتوجه إلى شيئ بسيط، معقول ومنصِف. فإلى هذه البساطة يدعونا القرآن الكريم. في هذا الكتاب، نجد للعنصر الأنثوي، حضور بشكل كلي: سورة آل عمران، سورة النساء، سورة مريم... إلخ. لنلقي نظرة على الطريقة غير العادية، التي يتناول بها القرآن الأنوثة، من خلال قصة يوسف وزليخة؛
رواية رائعة، حيث تعلق الأمر بالحب، والجنس والرغبة الشديدة... لنرى كيف لهذه المرأة، التي ليست سوى زوجة وزير فرعون، تقع في حب هذا الشاب الوسيم.  لم يمتنع القرآن من سرد أدنى التفاصيل، عن الكيفية التي وهبت نفسها له، وكيف استحوذت عليه، ومزقت قميصه من دبر. يكفي أننا نقرأ من خلال السطور، ونرى واحدة من أقوى المغامرات، نعومة ورهفة. ولكنها تحوي أيضا رسالة باطنية، هذا الصراع الدائم، بين النفس (زليخة)، والروح (يوسف)، تلك الرغبة الشديدة للنفس، للإستحواذ على الروح، وتنصل هذه الروح، رافضة الإستسلام، إلا للذي هو حق، أهلا. "وهمت به وهم بها". سورة يوسف، الآية 24. هذه المرأة تُمثل الأنوثة بامتياز، وهذا الشاب، الذي أفقد جماله، صواب النساء، فقطعن أيديهن، بعد مشائنهن، عند انكسار زليخة... لندع هذه القصة جانبا، ونلاحظ ولو للحظة، اللعبة القرآنية، مع هذه الأنوثة.

    كما يعبر عن الأنوثة أيضا، في كل بهائها، من خلال قصة مريم "وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِين". سورة التحريم، الآية 12. يسود الإعتقاد أن الله سبحانه وتعالى، يوحي فقط إلى الرجال، ولكن لا، القرآن يقول لا. مريم هي مثال حي، كما هي أم موسى، "وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمّ". سورة القصص، الآية 7. نحن هنا أمام مبدأ المساواة بين الجنسين، قال تعالى "المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر". سورة التوبة، الآية 72. 

    لنتساءل عن قوله تعالى "يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر"؟ لمن تُوكل هذه المهمة؟ ليست لأيّ كان، فإنه تُوكل للسلطة. بعكس ما هو معمول به اليوم، حيث يتحدث أي شخص، عن أي شيء. فقط السلطة العمومية و/أو الدينية، المخول لها مهمة الوعظ، "والراسخون في العلم". سورة آل عمران، الآية 7. ينبغي أن نعي، أن القرآن ميّز، تمييزا واضحا، بين المسلم والمؤمن، "قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَٰكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ". سورة الحجرات، الآية 14. هذا هو الشرط، ننتظر، حتى يدخل الإيمان في قلوبنا، فهي حالة إدراك.

    ماذا يعني "الأمر بالمعروف"، وإلى ماذا يشير "النهي عن المنكر"، وهل ترجمتها (إلى الفرنسية) دقيقة؟ أمرنا القرآن بفعل الخير، ولكن المعروف، مشتق من فعل "عرَف"، الذي يشير إلى شيئ "معروف" أو "معترف به"، من طرف المجتمع، ومن طرف الجميع، كونه أمر حسن. هذا ليس تصوري، بصفتي جزائري ومسلم وصوفي وإسلامي... إلخ. المعروف هو أمر حسن، في نظر الجميع، بعيد عن اختلافاتهم. من لا يعلم أن القتل والإغتصاب والظلم، هي شرور مطلقة؟ ومن لا يوافق أن يقال، أن المساواة بين الجميع، هي مبدأ حسن، يجب مقاسمته؟ إذا اعترفنا بمبدأ، أن الله عادل، وفي نفس الوقت، نواصل التمييز بين الناس، هذا ما يعنيه، بكل بساطة، أن هناك شيئ خاطئ.

    على الرغم من أنني شخصيا، أجد النقاش، حول المساواة بين الجنسين، مسألة مثيرة جدا للإهتمام، فمازلت أعتقد أنه ينبغي علينا، أن نتعمق أكثر، في قراءة الثقافة المحمدية، والبحث عن ثقافة السلام. يقال أننا جميعا، إلى الله راجعون، وأليس الله عز وجل، نفسه، يسمى السلام. نزلت أولى آيات القرآن في ليلة القدر، في الليلة المباركة، كما وصفها القرآن "سلام هي حتى مطلع الفجر". سورة القدر، الآية 5. نرى جيدا، أن الغاية من الوحي المحمدي، ليست سوى السلام. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده". موقف سلمي، يشكل الأسس ذاتها، لثقافة السلام هذه.

    غالبًا ما ننسى التوجه، إلى جوهر الرسالة الإلهية، باستغراقنا في نقاشات عقيمة. وإشارة إلى الأنوثة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "حبب إلي من دنياكم ثلاث، الطيب والنساء، وجعل قرة عيني في الصلاة"(2). جعل الأنثى بين الطِيب والصلاة. ما هو الطيب؟ هو جوهر الزهرة ومستخلصها، والصلاة هي السمو الذي تطرأ به الصلة بالله. وعندما وصى القرآن "وبالوالدين إحسانا". سورة البقرة، الآية 83. لم يشر فقط إلى الأب، ولكن الوالدين. وأكثر من ذلك، فإنه يفضل الأم، إذ جاء "وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا". سورة الأحقاف، الآية 15. أين نحن اليوم، من هؤلاء، عمالقة الأدب العربي، على غرار، أبو نواس وابن العربي والرومي، الذين أبدوا احتراما، لا مثيل له، اتجاه المرأة؟

    ومع ذلك، مهما قلنا عن علاقة المجتمعات الحديثة اليوم، بالأنوثة، فتجدر الإشارة، إلى أن العالم الإسلامي يحبذ أحيانا، أن يكون لديه نساء رئيسات، كان هذا، على سبيل المثال، الحال في إندونيسيا، أكبر بلد مسلم، بتعداد سكاني، قدره 235 مليون نسمة، وأيضا باكستان، بوجود إثنين من رؤساء الوزراء نساء، قبل حدوث الإنقلاب العسكري. في الواقع، ولو في حددود دنيا، عرفت باكستان الدولة المسلمة الوحيدة، التي تمتلك أسلحة نووية، تيار تحرير المرأة، ذو نطاق واسع. لكن الواقع الاجتماعي والثقافي، في هذا البلد، غالبا ما يتم تجاهله، من قبل وسائل الاعلام الغربية، نظرا للمصالح الجيوسياسية العديدة في هذه المنطقة، الأقل شأنا (مشكلة أفغانستان، والكشمير مع الهند...). كان لتركيا وبنغلادش رؤساء الوزراء نساء.

    هذه الأمثلة القليلة، ستظل تتمتع بميزة، تعرض فيها، أن العالم الإسلامي ليس "متخلفًا". إنه فقط غير محظوظ، بنفس القدر، كما أنه محير، عندما نرى، أنه منذ سنوات قليلة، تراجعت الدول الإسلامية في علاقتها مع المؤنث. على سبيل المثال، منذ فترة ليست بالبعيدة، كانت المرأة تتمتع بحرية كبيرة، في أفريقيا السوداء. ولكن هاهي، منذ بعض الوقت، تبتعد عن الحياة العملية، واضطرت إلى الاختباء، وراء "بوبو"، وهو ثوب تقليدي يعادل الحجاب العربي. إلى أي سبب؟ يجيبوننا، أنها السنة. ولكن ماهو أصل هذه "السنة"؟ هل ارتدت زوجات النبي صلى الله عليه وسلم يوما، هذا اللباس الأفريقي؟ نحن نبتكر كل شيء، بكل بساطة. نجد أنفسنا في الاستغلال الكامل، وأدلجة الديني، مضيفين كمٌّا، جديدا من المشاكل، للقضية الحساسة، للمرأة المسلمة.

    نستنتج في الختام، أن الأنوثة أصبحت، إذا جاز التعبير، قضية سياسية في العالم الإسلامي. من هذا الواقع، من غير المرجح، أن تجد المشاكل المتعلقة بالمرأة المسلمة المعاصرة، حلا، في عمل الجهات الفاعلة السياسية. بل على النساء، أن يجدن حلها بأنفسهن. أين اليوم، كل أولئك النساء الفقيهات والمفسرات؟ لنقولها ببساطة. يا أيتها النساء، إن كنتن تردن حقوقا، خذوهن بأنفسكن، ولا تفوضن الرجال، نيابة عنكن، لأنهم لا يمنحونكن إياها. هذا كل شيئ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1). نشره في المؤلف المشترك، المعنون بـ "أركان ثقافة السلام، المساواة بين الجنسين، والمواطنة العالمية"، الذي صدر بمناسبة، إحياء أول طبعة، لليوم الدولي للعيش معا في سلام، الذي يصادف 16 مايو.
(2). وجاء برواية عن أنس ابن مالك "حبب إلي من الدنيا ثلاث النساء والطيب وجعل قرة عيني في الصلاة". رواه النسائي وأحمد والبيهقي والأصبهاني وابن إسحاق وغيرهم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق