الجمعة، 4 أكتوبر 2019

عندما تتحدث الطبيعة: محادثة مع شيخ الطريقة الصوفية العلاوية

عندما تتحدث الطبيعة: محادثة مع شيخ الطريقة الصوفية العلاوية




ملحوظة المحرر: أصبح التفكير القائم على البيئة والعلاقات بين المجتمعات الدينية والطبيعة في جميع أنحاء إندونيسيا وخارجها من القضايا الرئيسية، هنا في مركز الدراسات الدينية والتعددية الثقافية(1). وفي محاولة لمشاركة أبحاثه ونشاطاته وتعزيزها، نشر موقع مركز الدراسات الدينية والتعددية الثقافية على الإنترنت مقالات عن الدين والبيئة، بما في ذلك موضوعات مثل الغابات المطيرة والديانات الأصلية، والحركات البيئية في إندونيسيا، والسياحة البيئية والأعراف البيئة. وإن التالي هو جزء من هذه السلسلة، التي تهدف إلى زيادة الوعي البيئي، وتعتمد بشكل خاص على النظرة الإسلامية للعالم. نحن ممتنون للكاتبة إليزابيث إيناندياك القاطنة بيوجياكرتا على هذه المساهمة القيمة(2).
    
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    "الرق هو نظام يتم فيه تطبيق مبادئ قانون الملكية على الناس، مما يسمح للأفراد بامتلاك وشراء وبيع أفراد آخرين، كشكل من أشكال الملكية القانونية". في هذا التعريف "للرق"، إذا قمنا باستبدال كلمة "شعب" بكلمة "طبيعة"، فيجب أن نعترف أن مجتمعاتنا الحديثة، هي من مرتكبي الرق الجماعي. لقد جعلنا الموارد الطبيعية، وخاصة المياه، ملكيتنا الحصرية، ومنحنا أنفسنا "حقًا قانونيًا" في استغلالها دون حدود. حتى البذور، التي هي مصدر جميع أشكال الحياة، أصبحت اليوم، مشمولة بحقوق الملكية، من قبل تكتلات. ومع ذلك، اكتشف العلم الحديث أن الماء به ذاكرة، وأن النباتات يمكنها أن تتواصل وتتعاون مع بعضها البعض. يقوم العلماء بإعادة اكتشاف ما تخبرنا به النصوص المقدسة. يجب أن نتعلم من جديد كيفية قراءتها.

    لفهم هذه "القراءة الجديدة" بشكل أفضل، أنقل هنا، حديثي مع الشيخ خالد بن تونس، شيخ الطريقة الصوفية العلاوية، التي أسسها جده الشيخ أحمد العلاوي (1869-1934)، في عام 1909 في مستغانم بالجزائر، والذي يُعتبر من كبار الصالحين، وأحد مجددي الفكر الإسلامي الحديث. قبل بضع سنوات، عندما سألت الشيخ بن تونس عن عبارة باروخ سبينوزا الشهيرة، (الله أو الطبيعة)(3)، أجاب "هذا موضوع عميق. قبل أن تستجوبيني، ينبغي عليك أن تغذي تفكيرك". لقد أعطاني العديد من النصوص المثيرة للإعجاب لجده الأكبر، وعلى الخصوص كتابه "الأبحاث العلاوية في الفلسفة الإسلامية" (1918).

    بدأنا حديثنا في نوفمبر 2014 في الجزائر، بعد المؤتمر الدولي للأنوثة بوهران، من أجل ثقافة السلام، في محل إقامته في مدينة مستغانم الساحلية الصغيرة، حيث تتواجد جنة العارف، مؤسسة التنمية المستدامة. واصلنا حوارنا في الضباب الشتوي لمدينة ليون في فرنسا، حيث شارك الشيخ بن تونس للعام الرابع على التوالي، في لقاء بين أئمة وأساقفة فرنسا، ثم عبر سكايب، بين يوجياكارتا وجنيف، بحيث أن الجمعية الدولية الصوفية العلاوية (عيسى)، أصبحت شريكًا معتمدًا رسميًا لمجلس الأمم المتحدة الاقتصادي والاجتماعي (Ecosoc).



    في الفصل الرابع عشر من التحقيقات الفلسفية بعنوان "فيما هو السبب الحامل لبعض الفلاسفة العصريين على نفي المدبر"، كتب الشيخ العلاوي "فيتضح للفيلسوف يقينا أن الأشياء مرتبطة ببعضها، والمسببات موقوفة على أسبابها، والطبيعة فعالة في مركباتها. ولكن لا يخلص تماما من تحسس سلطة زائدة، تشير إليه بالوجود، من وراء ما وصل إليه إدراكه، ولكن يعجل القول بمجرد الطبيعة".


-         إذن، وفقًا للشيخ العلاوي، إن الله ليس هو الطبيعة؟

    في الواقع، فإن الله ليس هو الطبيعة. انبثقت الطبيعة من الله، وهي المرآة التي ينعكس فيها. عندما نتحدث عن الطبيعة، فإننا نحصرها فيما هو مرئي، المشهود؛ فيما هو مادي. ولكن في خلق الله، هناك شيء آخر، يسمى المادة المضادة، وهي غير مرئية. وإن غير المرئي والمرئي يشكلان معا، جزء من الخلق. تصف سورة النور في القرآن الكريم الله سبحانه وتعالى بأنه نور السماوات والأرض. فهو النور. يندرج الفضاء والكون والطبيعة في هذا النور الإلهي، الذي يسير نهجهم ويحدد مصيرهم، وفي الآن نفسه، انقراضهم وتجددهم.


-         هل الخلق والطبيعة شيئ واحد؟

    الخلق والطبيعة هما امتداد الواحد للآخر. هما مثل البدن والروح. وإن البدن ما كان مرئيا، والروح هو ذلك غير المرئي، ولكنه جلي. هل للطبيعة شكل من أشكال الذكاء؟ نعم، ذكر في القرآن أن للطبيعة شكل من أشكال الذكاء. فهي تتكلم وتتصرف. سواء كانت الشمس والنجوم والحيوانات والذرات، فكلها تتحرك بواسطة شكل من الذكاء، وهذا الذكاء إلهي.


-         هل الهيأة غير ساكنة؟

    لا، كل شيء يتلقى صورة من صور الحياة من هذا النور الإلهي. في المبحث الفلسفي الثالث للشيخ العلاوي، ستجدين إجابة لسؤالك. يقتبس الشيخ العلاوي من القرآن قوله "والله أنبتكم من الأرض نباتا ثم يعيدكم فيها ويخرجكم اخراجا". سورة نوح، الآياتان 17 و 18. ثم يصرح الشيخ العلاوي، فيضيف "فلا ممتنع أن يقال، فما الحيوان إلا نبات فصل عن الأرض يستمد من أعلاه، وما النبات إلا حيوان ركز في الأرض يستمد من أسفله".

-         عندما يقوم الإندونيسيون، على سبيل المثال، بتقديم قرابين إلى المحيط أو الينابيع أو البراكين، فإن بعض الجماعات الدينية تعتبرها عبادة الأصنام. هل هذه مشكلة؟

    هناك تصور سيء عندما يتعلق الأمر بالعبادة. في الإسلام - ويمكننا أن نقول هذا عن الديانات السماوية بشكل عام- نعتبر أن الله عز وجل هو مبدأ التوحيد؛ والعبودية لله وحده. في القرآن، يعتبر الإنسان، في طبيعة حاله، قائدا وليس مفترسًا. نحن لا نعتمد على مجالات المعادن والنباتات والحيوانات فحسب، بل هي أيضًا موالدنا؛ إنها مندرجة فينا، لذا ينبغي احترامها. لا نعبد الطبيعة ككيان بعينه، بل نحافظ على علاقة معها كمديرين رحيمين. لهذا السبب نتحدث عن التقليد القرآني باعتباره "تقليد طبيعي".

    لكن هذه القرابين المقدمة إلى المحيط أو الينابيع أو البراكين ليست في الغالب طقسا للعبادة، بل عيد الشكر، ووسيلة رمزية لاسترداد الطبيعة جزءًا صغيرًا مما أعطته إيانا. من خلال هذه الطقوس، يبقى البشر مدركين لواجب احترام الطبيعة، وعدم تخريبها أو استغلالها بشكل مفرط.

    لهذا السبب، في النهج الروحي، يتم احترام كل كائن في حد ذاته. طائر، نملة... لدينا في القرآن الكريم سورة النمل، تروي قصة رمزية، على الطريقة التي تتحدث فيها نملة مع سليمان عليه السلام. عندما رأت نملة سيدنا سليمان مارا بجنوده، قالت منادية النمل "يَا أَيُّهَا النمل ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ". سورة النمل، الآية 18. سمع سيدنا سليمان، الذي كان ملكا ورسولا في الآن نفسه، كلمات هذه الحشرة الصغيرة. إن إدراكه للحياة متجسد فيه بعمق، مما منحه إمكانية التوصل إلى عالمية لغة الخلق. ثم أوقف جيشه لإعطاء النمل الوقت للعودة إلى المنملة. تتجلى عظمة سليمان في القرآن، من خلال احترامه للحياة، وحتى حياة نملة. من هذا نستنتج أن القرآن يدعو إلى احترام جميع أشكال الحياة. تأتي الحياة من إسم من أسماء الله االحسنى، وهو الحي. من خلال احترام الأحياء نحترم الله. لكن العبودية تبقى إلا له.

-         في نفس السورة، يقول سليمان أنه عُلم منطق الطير، وأوتي مشمول الحكمة التي أتيت الإنسانية. هل تستطيع الطيور نقل الحكمة للبشر؟

في حكمه، يجيب الشيخ العلاوي بشكل ما على سؤالك "من هو على حق، أهي الزهرة التي تتخيل الله كشذى، أم أرسطو الذي يتصور الله الذي يتفكر سرمديا؟ أرسطو والزهرة يتخذان نفس النهج. فالواحد يؤله فكره، والآخر شذاه. كلاهما على حق، لأن الله موجود في كل جزء من الخلق، وكلّ يراه إلا من زاوية ضئيلة".

-         تقول سورة الزلزلة في الأيات 1 و 4 "إذا زلزلت الأرض زلزالها.. يومئذ تحدث أخبارها.." 

    نعم، الأرض تتكلم. وفي سورات أخرى، يتكلم الشمس والقمر، وحتى السحب بين النجمية الأولى. عندما دعا الله الخلق، وقال "كن"، فكانت الخليقة. توجد صلة بين الله عز وجل وخلقه. يفهم الخلق الله، والله يفهم الخلق، ومنه تتلقى الخليقة توجيهها، ومنه تستمد حياتها وشكلها.


-         هل يوجد في الإسلام تحذير، حول القيمة المقدسة للبذور، يفيد في معارضة براءات الاختراع (البذور)، التي تمارسها اليوم شركات الأعمال التجارية الزراعية؟

    لا توجد إجابة على هذا النحو، ولكن إذا فكرتِ في الأمر، فإن البذور جزء من التراث الإنساني. لا ينبغي أن يستولي عليها أحد لأنها هبة إلهية. لا نقوم سوى بنقلها من جيل إلى جيل. ورد في الشريعة المحمدية، أنه إذا قمتُ بغرس شجرة اليوم أو زرعت بذورا، وأن تلك البذرة أو النبتة أو الشجرة أعطت ثمارها، ويأتي آخر غيري،  طير أو إنسان أو حيوان ويطعم منها، سأجازى روحيًّا جزاءا يرفعني ويقربني من الله. لا ينبغي أن يكون هناك أي نفوذ على شيء، قد أعطته لنا الطبيعة، وبالتالي هو من الله. لا يمكننا سوى تقديره ونقله من بعدنا ليستفيد منه الجميع، البشر وغيرهم من المخلوقات.

    وهذه هي الطريقة التي نشارك بها هذه الهدية التي قدمت لنا. مصارف البذور هي ملك للبشرية وليس لأي بلد، ولا ينبغي أن تأخذها النخبة من أجل نفسها. كل بذرة تحتوي على فضيلة مباركة وهائلة، وهي البركة. والذي لا يظهر أي احترام لها وللأغذية التي تنتجها، يتعرض لعقوبات رهيبة. على كل حبة قمح مكتوب لا إله إلا الله. تؤدي هذه الحكمة البسيطة إلى الإيقاظ لدى الإنسان المعنى المقدس الموجود في كل كائن حي، بما في ذلك حبة القمح، التي قيمتها ليست فقط قيمة غذائية. 



    من بين النصوص المدهشة التي نصحني الشيخ بن تونس بقراءتها، تلك القصة الرمزية المأخوذة من موسوعة علوم، كُتبت في بغداد في القرن العاشر الميلادي، وهي رسائل إخوان الصفاء(3). تروي الرسالة الثانية والعشرين القصة التالية: في جزيرة بالقرب من خط الاستواء، في البحر الأخضر، يسود الملك الحكيم للجن. تعيش الحيوانات هناك بسلام مع بعضها البعض. على متن سفينة تقاذفتها العاصفة، وصل رجال إلى الجزيرة، ووجدوها ممتعة في كل شيء، واستقروا بها، وألفوا الحيوانات واستهلكوها. تمكنت الحيوانات من الهرب من الجشع البشري، وتشاورت مع بعضها البعض وقررت تقديم شكوى إلى الملك. استدعى الملك المتسللين. كانت حجتهم الأولى أن الله خلق الحيوانات من أجل المتعة الإنسانية. واستشهدوا بمدنهم وهياكلهم السياسية. وبنموذج التنظيم الاجتماعي والعدالة. اتهم الرجال بأنهم ألحقوا أضرارا كبيرة، بحيث أنهم لا يتبعون القواعد الأخلاقية والدينية التي يفتخرون بها. وإذا أصبحت الحيوانات شرسة، فذلك بسبب البشر وضررهم الأشد خطورة. أضف إلى ذلك يوجد نساك يفضلون العيش بصحبة الحيوانات البرية. ولشدة استعباد الشر للرجال، ينبغي أن تكون الحيوانات أسيادهم... أمام ملك الجن، أكدوا على رفعتهم، بقولهم "من أطاعنا فقد أطاع الله".

-         إن هذه المحاكمة المجازية للرجال من قبل الحيوانات، تشبه محاكمة التجاوزات الدينية التي حولت لمصلحتها الخاصة، الرسالة الإلهية، للعلاقة التي تجمع بين الناس والمخلوقات الأخرى والطبيعة.

    صحيح جدا. تجسد فلسفة إخوان الصفا الرسالة الروحية، التي تقول أن الأديان أخفت مضامنها بشكل تدريجي، من خلال إبراز سوى الجوانب الخارجية: الطقوس والعقيدة والأيديولوجيات الحالية.

-         ولكن هذه التجاوزات ليست جديدة، حيث يعود تاريخ النص إلى عام 969. ومن الواضح أن هذا الاتجاه قديم جدًا.

    نعم، ونحن ندفع الكثير الآن بما يجري. نحن في مأزق. بعد صراع الحضارات، الذي هو ليس سوى صراع الجهالات، نحن نستعد لصدمة جديدة، ألا وهي حرب المياه. وإلهامًا من حكمة أسلافنا الذين جعلوا الماء عنصرًا مقدسًا، يجب علينا رعاية تفكيرنا لمحاولة إقامة علاقة جديدة معه. لقد نسينا المعجزة اليومية المحصَّلة من فوائده. لقد أصبح سلعة، ومادة أولية مطلوبة. الماء هو أم البشرية جمعاء، مصدر القوة والتوازن، والجمال والأحلام. إن الإستحواذ عليه من طرف جماعة على حساب البقية، يجب أن يقودنا إلى التفكير بعمق في المستقبل. إن مشكلة المياه في بداية القرن الحادي والعشرين، وإدارتها وتوزيعها على الجميع، تؤثر على الضمير الإنساني بأعلى درجة، وتختبر أساسات التضامن الدولي. تضعنا مسألة الماء في تحدي، مواجهة للعقم المحتمل لكوكبنا، وكذلك لأرواح ونفوس سكانه.

-         كيف ينظر إلى الرسالة الثانية والعشرين لإخوان الصفا في العالم الإسلامي؟

    إنها غير معروفة تماما. ومع ذلك، فهي موجودة باللغتين العربية والفارسية وترجمت إلى الفرنسية(4)، ولكن فقط من قبل الأكاديميين. فهي الآن مخفية تماما، في طي النسيان. كلما تقدمنا في الزمن، كلما زاد الفساد/ التشويه. بالنسبة للهندوس، نحن الآن في دورة العصر الحديدي. من دورة إلى أخرى، كلما ابتعدنا عن النبع، كلما كانت الحقيقة مخفية. لكن كسوف الحقيقة هذا سينتهي عاجلاً أم آجلاً، سيكون هناك تجديد، لأن الإنسانية ستبلغ حالة من الفساد، تضطرها إلى الرجوع، بحثًا عن معنى. سيتعين علينا إعادة الاتصال بهذه الرؤيا، التي للذي حيدناه، كما لو أن الله عز وجل كان في مكان ما هناك. لأننا ننسى أن الغاية لا تكمن في وحدانية الله، بقدر ما تكمن في وحدة الإنسان. لأن إذا كان الله واحد، فأنا كذلك. ولكن إذا كنت واحدًا، فالخلق واحد. تجسد التعددية بنفسها المبدأ الأساسي للتوحيد. وعلى وجه التحديد، كل شيء مصنوع من نفس العناصر: الشمس والمجرات والأرض، وفي الأرض أصغر ذرة من الغبار، وعلى الشجرة حتى الورقة الصغيرة التي تسقط، كل شيء هو جزء منه. من هذه اللعبة للحي، الذي تحول، والذي ولد من جديد من نفسه، والذي يختبئ، ومن ثم يُكتشف.
ــــــــــــــــــــــــــــ

(1). تأسس مركز الدراسات الدينية والتعددية الثقافية في كلية الدراسات العليا بجامعة جادجا مادا بإندونيسيا في عام 2000، باعتباره البرنامج الأكاديمي المتعدد التخصصات الوحيد، الذي يركز على الدراسات الدينية في جامعة غير تابعة للدين في إندونيسيا.



(2). نشرها مترجمة باللغة الأندونيسية، مركز الدراسات الدينية والتعددية الثقافية لجامعة جادجا مادا (اندونيسيا)، من تأليف الكاتبة والصحفية إليزابيث إيناندياك، وظهر مقالها بالإنجليزية بالموقع الرسمي للشيخ خالد بن تونس، بتاريخ 03 05 2018.

(3). Deus sive Natura أو Deus seu Natura باللغة اللاتينية، "الله أو الطبيعة"، وبطريقة ما تشير العبارة إلى أن "الله هو الطبيعة"، وهو تعبير أنشأه الفيلسوف الهولندي باروخ سبينوزا (1632- 1677). 

(4). إخوان الصفا هم جماعة من فلاسفة المسلمين من أهل القرن الثالث الهجري والعاشر الميلادي، ظهرت بالبصرة بالعراق، اتحدوا على أن يوفقوا بين العقائد الإسلامية والحقائق الفلسفية المعروفة في ذلك العهد، فكتبوا في ذلك اثنين وخمسين مقالة، عرفت باسم "رسائل إخوان الصفا وخلان الوفا". عملت هذه الجماعة في الخفاء، لكون الفلسفة كانت منبوذة آنذاك عند غالبية الفقهاء، لاحتوائها أفكار الفلاسفة اليونانيين القدماء، ولا يعرف منها إلا خمسة أسماء، وهم: أبو سليمان محمد بن مشعر البيستي ويعرف (بالمقدسي)، وأبو الحسن علي بن هارون الزنجاني، وأبو أحمد المهرجاني، والعوفي، وزيد بن رفاعة. ولسلامة أفرادها وضمان استمراريتها، كانت اجتماعاتها تجرى بسرية وحذر، لهذا بقت لغزا عند الباحثين في مختلف العصور، واعتبرت أفكارهم ضرب من ضروب الفلسفة النقدية، وبادرة من بوادر الفكر الحر. ألهمت الرسالة الثانية والعشرين الكثير من الباحثين، شرقيين وغربيين، وهي واحدة من إحدى وخمسين رسالة، على ما يبدو ألفها أكثر من واحد، وذلك واضح لاختلاف التعابير وتباين النهج اللغوي، إضافة إلى الرسالة الجامعة، وهي تمام إثنين وخمسين رسالة. 

(5). صدرت عدة طبعات من رسائل اخوان الصفاء وخلان الوفاء، أولها في العام 1812 في كلكاتا (الهند)، وتبعتها اصدارات هامة وضعت باللغة الألمانية من قبل المستشرق فريديريك ديتيريشي، في الفترة الممتدة بين 1861 و1872. أما النسخة المحّققة والكاملة الأولى من رسائل اخوان الصفاء، فقد طبعت في أربعة مجلدات (مطبعة نخبة الأخبار) من 1887 إلى 1889 في بومباي (الهند)، من تحقيق ولاية حسين. وبعد ذلك نشرت طبعة القاهرة في العام 1928 (المطبعة العربية بمصر)، وقد حققها خير الدين الزركلي. أما الطبعة الأكثر تداولا بين أصحاب الاختصاص في دراسة ارث اخوان الصفاء، تعود إلى نصوص الرسائل التي حققها بطرس بستاني، ونشرتها دار صادر في بيروت في العام 1957. هنالك أيضا طبعة حققها عارف تامر، وأصدرتها منشورات عويدات في بيروت في العام 1995.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق