السبت، 29 سبتمبر 2018

الشيخ خالد بن تونس في بروكسل

الشيخ خالد بن تونس في بروكسل




    في مدينة بروكسل البلجيكية، وبمناسبة ذكرى اليوم الدولي للسلام، الذي يتوافق مع 21 سبتمبر من كل سنة، وبمناسبة اللقاء الذي دعي إليه، ألقى الشيخ خالد بن تونس خطابا ملخصا، حث فيه الحاضرين على التمسك بمزايا العيش معا، والتوظف في تجسيد مباني المصالحة بين الإنسانية.

    كما تعلمون، سعى الشيخ خالد بن تونس، ومنظمته عيسى، في السابق، لكي تقرر الأمم المتحدة اليوم 21 سبتمبر، الذي هو بالفعل يوما دوليا للسلام، منذ سنة 2001، وتجعل منه، يوما دوليا للسلام والعيش معا، ولما رأى أصحاب القرار، تمييز العيش معا، وجعله يحظى بيوم مخصص، أضيفت إليه كلمة السلام، ليصبح اليوم الدولي للعيش معا في سلام، ويحتفل به إن شاء الله، كل 16 مايو من كل سنة.

    جاء هذا اللقاء في طبعته الثالثة، ورعاه وحضره الأمير لوران، شقيق الملك، و سمي "العمل الإجتماعي لصالح السلام والعيش معا"، وخلاله، ألقى الشيخ خالد بن تونس، خطابا إرتجاليا، كما هي عادته، وهذا نصه:

    سموك، سعادتك، سيداتي سادتي، أصدقائي الأعزاء.

    في الأول، هذا شرف لي، أن أتقاسم هذه اللحظات معكم، والإحتفال باليوم الدولي للسلام. إذا ما تتذكرون، لا يعتبر السلام سلاما، عند تغيب الحرب أو النزاعات. السلام هو في الأول، شيئ ما، يُزرع ويُجنى في أذهان الناس، ولحد الآن، لم نتمكن بعد، من توظيف أنفسنا، بشكل كلي في السلام. نحن نتوظف في سلام يناسبنا، في سلام يناسب مصالحنا وأدياننا وطريقة رؤيتنا للعالم. أما عن السلام العالمي (الشامل)، فهو يتطلب عمل في العمق، وتوظيف المجتمع المدني والسياسي الدوليين. في السنة الماضية، في 8 ديسمبر، أسست الأمم المتحدة يوما دوليا للعيش معا، وأريد أن أقول، أنه تطلب عمل شاق، حوالي أربع سنوات من العمل، لإيصال إنجاز هذا المشروع، وأن الدول 193، بالإجماع، قررت تأسيس اليوم الدولي للعيش معا في سلام، في 16 مايو من كل سنة. نتمنى أن لا يصبح مجرد حدث يحتفل به، ولكن تجديدا، وبداية ظهور ضمير جديد، ينادي كل واحد منا، بأن العيش معا، يجب أن يرافق بالعمل معا. وعلينا أن نوظف أنفسنا، على الخصوص، إزاء الشباب، لأننا عندما نتكلم عن التطرف، فعن من نتكلم؟ إننا نتكلم عن أبنائنا. لم نعرف كيف ننقل إليهم رسالة سلام، ورسالة يمكن أن تولد فيهم الديناميكية، التي تحثهم معا، على بناء العالم، حيث يتواجد فيه الواحد مع الآخر، وليس الواحد ضد الآخر.

    نحن مازلنا نقتبس من أفكار القرنين التاسع والعشرين، بدون أن نتمكن من الإقتذاف في المستقبل، والتبيين أن عالم الغد، لا يمكن أن يبنى إلا بوحدة التنوع، ومنه الإحترام الواجب، نحو كل واحد منا. في جميع التقاليد، مازلنا نفكر، في استحضار الإقصاء من جهة، والنسبوية من الجهة الأخرى. إنسان الغد، وشباب الغد، بحاجة أن يستوظف أجدادهم اليوم، من خلال تربية السلام، وعن طريق الوساطة التصالحية، والوساطة الوقائية، ولن أتوقف عن التكرار، هنا، كما في أي مكان، أنه ينبغي علينا، أن نستوظف في هذا العمل، في العمق، حتى ينتصر الإنساني الكائن فينا على اللاإنساني، وأشكر المنظمين الذين دعوني اليوم، لآخذ الكلمة في هذه القاعة الرائعة، حيث منذ بضعة سنوات، تمكنت دائما من إلقاء نفس الكلام، وكان حول الحوار البينديني والبين ثقافي والبين حضاري. من الغريب أنه لدينا أكاديميات من كل نوع، أكاديميات كرة القدم، وأكاديميات البيلياردو وأكاديميات حربية، وليس لدينا لحد اليوم، أكاديميات للسلام. نحن بحاجة إلى فتح كراسي في جامعاتنا، تتكلم وتُدرس السلام. كيف تريدون أن نكون ذوي مصداقية، إزاء الإنسانية، مادام أن أصحاب القرار، لم يتمكنوا من تحقيق هذه الفكرة وهذا الصدى.

    أريد أيضا، انتهاز هذه الفرصة، وأعلمكم أن في 8 ديسمبر من هذه السنة، سنحتفل في وهران في الجزائر، بذكرى رهبان تيبحرين، الذين اغتيلوا، وبأسقف المدينة(1)، وهذا بموافقة البابا، ومجيئ أكثر من 1500 حاج، لتذكر هذه اللحظة. في هذه المناسبة، سنقوم جميعا، بافتتاح كنيسة سانتا كروز(2)، ومسجد سيدي عبد القادر(3). إنها لفتة ونداء المصالحة بين العائلة الإنسانية. (إنتهى).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1). هم سبعة رهبان فرنسيون، قتلتهم الجماعات الارهابية المسلحة، في 27 03 1997 في دير تيبحرين، في ، في بلدية ذراع السمار ولاية المدية. وكانت أيامها تعيش الجزائر موجة عنف وصدام، عرفت بالعشرية السوداء، سقط خلالها أكثر من مائتي ألف جزائري، ومازال لحد اليوم، يكتنف الغموض الجريمة، ومجريات الأحداث. و أسقف وهران بيار كلافيري، تم اغتياله رفقة سائقه محمد بوشيخي، يوم 01 08 1996، بمدينة وهران.

    حسب آخر الأخبار، سيتم تطويب رهبان تيبحيرين السبعة، إضافة إلى 12 مسيحيا آخرين، قتلوا خلال التسعينيات، يوم 08 ديسمبر المقبل في وهران. وفي جانفي 2018، أصدر الفاتيكان مرسوما يرفع إلى مصف شهداء، الرهبان السبعة المغتالين سنة 1996، من قبل جماعة إرهابية، في ديرهم بسيدة الأطلس بتيبحيرين، تمهيدا لتطويبهم. والتطويب في الديانة المسيحية، هي المرحلة الثالثة من الخطوات الأربعة، لعملية تقديس شخص متوفى، يتم اختياره من قبل البابا، باسم الكنيسة الكاثوليكية.


(2). يشرف على مدينة وهران، جبل عرف باسم مرجاجو، وهو إسم أطلقه عليه الإسبان، لدى إحتلالهم للمدينة خلال فترتين (1505-1708) و (1732 -1792)، إذ تم تحريرها وأعيد احتلالها مرة أخرى، من طرف الإسبان، ومن أهم آثار ذلك التواجد، بناء حصن سانتا كروز، وبني على قمة، كانت تسمى من قبل، قمة سيدي هيدور، وكان مبني فوقها مقام ذلك الولي الصالح، سيدي هيدور، وسماها الإسبان مرجاجو، وهو الإسم المعروفة به اليوم. أسفل القلعة بنى الفرنسيون الذين احتلوا البلد (1830- 1962) كنيسة، وشيدت عام 1850 بعد كارثة عدوى الكوليرا، التي أصابت المدينة، عام 1849، قصد التشفع، وكانت تودي بحياة المئات يومياً، وتم تثبيت تمثال العذراء، في فترة لاحقة، وتعرف أيضا باسم لالة مريم أو سانتا ماريا.

(3). ويحاذي قمة مرجاجو، قمة مسطحة، يسميها أهل المدينة المائدة، لاستواءها إستواء المائدة، وبني عليها مقام سيدي عبد القادر، المعروف باسم مولى المائدة، الذي يرى مرأى العين، من مختلف جوانب المدينة، وأما بناءه يعود إلى أحد أتباع سيدي بومدين التلمساني، في القرن 15 الميلادي، وينسب المقام لسيدي عبد القادر الجيلاني دفين بغداد. أمامه أمرت السلطات الجزائرية ببناء مسجد، أطلق عليه إسم مسجد الطلبة، تشريفا لطلبة القرآن الكريم.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق