الاثنين، 24 أغسطس 2015

ندوة دولية بمقر اليونسكو احتفاءا بالمنهج الصوفي العلاوي

ندوة دولية بمقر اليونسكو
احتفاءا بالمنهج الصوفي العلاوي



   
    نِتاجا لعملها الدؤوب و نشاطها الجزيل، تهلّ علينا هذه المرة المنظمة غير الحكومية عيسى، لمؤسسها الشيخ خالد بن تونس، بتنظيم مؤتمر دولي، بدار اليونسكو بباريس، تحت عنوان "الإسلام الروحي و التحديات المعاصرة"، يومي 28 و 29 سبتمبر 2015.

    اعتُرف بالجمعية الدولية الصوفية العلاويةAISA  من قِبل الأمم المتحدة كمنظمة غير حكومية بصفة عضو إستشاري خاص، و إن هذه المنظمة تعمل على الصعيد العالمي، على إشاعة فكر الشيخ الجزائري أحمد ابن مصطفى العلاوي (1869-1934)، و على خطى تعاليمه الروحية، فإنها تسعى إلى تعزيز إسلام حر و مسؤول و  إلى بعث الأخوة العالمية. و تقوم بتشجيع من خلال مختلف الأنشطة التي تبادر بها هنا و هناك، في العالم، الحوار بين الأديان و التبادلات الروحية.

    قررت منظمة اليونسكو في ندوتها الـ 37 المنعقدة في شهر نوفمبر 2013، المشاركة خلال السنتين 2014 و 2015، في الذكرى الـ 100 لتأسيس الطريقة الصوفية العلاوية، مدرسة التسامح و التعايش الديني، (2014) (*) . و بذلك فإنها تشجع المنظمة غير الحكومية للجمعية الصوفية الدولية العلاوية، و تُعلل اليونسكو مساهمتها بالقرار التالي، مُذكرة به العالم:
    "تأسست الطريقة الصوفية العلاوية على يد الشيخ العلاوي الذي جعل من حوار الأديان أول أولياته، و إن الطريقة تكشف، كيف يمكن أن تُخدَم الإنسانية بشكل أفضل، و كيف نسعى لنجعل من العالم أن يكون أكثر توافقا و جمالا. لقد قبِل و أجاز كل ما يمكن أن يساعد الإنسان على الحصول على الرفاهية المادية، و لكن بعلاقة وطيدة مع البعد الباطني، في توازن دائم بين الأمور الدنيوية و الأمور المقدسة. تراهن الطريقة على الأخوة المُحِبة للبشر. إنها تدعو إلى عدم إهمال العقلانية على حساب الروحانية، و إلى عدم الإنغلاق في تدين بارد." 
    المجلس التنفيذي لليونسكو، 191 EX/32، 17 أبريل 2013، ص 2.

    بالإضافة إلى الإهتمام المتزايد بفكر الشيخ العلاوي، منذ ما يقرب من القرن من الزمان في العالمين العربي و الغربي، يأتي هذا الإعلان من قِبل اليونسكو، كرمزية كبيرة، تشهد على الطابع العالمي للشيخ العلاوي. و فيما وراء النهج الصوفي، فإن هذه الطريقة الروحية للإسلام، مبنية على التنوير الشخصي و الإنفتاح على الثقافات الأخرى.

    فبمناسبة هذا الإعتراف من طرف اليونسكو، و اعتبارا لذكرى الشيخ العلاوي، فإن المنظمة غير الحكومية "عيسى" تنظم ملتقى دوليا تحت عنوان "الإسلام الروحي و التحديات المعاصرة". سينعقد بدار اليونسكو يومي 28 و 29 سبتمبر 2015 و سيجمع أربعين متدخلا من خلفيات متعددة (كتاب و صحفيين و جامعيين وشخصيات دينية و سياسيين، إلخ..)، حول محاضرات و موائد مستديرة و معارض و عروض لأفلام، و  هو يدعو المشاركين للتفكير معا، على ضوء تعاليم الشيخ العلاوي و مشايخ التصوف، حول مواضيع رئيسية و راهنة، تتناول، الأنسية الإسلامية، و إصلاح التقليد الإسلامي، و التربية على العيش معا، و نقل و تمرير الحكمة الشاملة و ثقافة السلام.

    يستغرق الملتقى يومين. اُختير شعارا لليوم الأول، بحيث ستلقى المحاضرات حول مغازي "الإسلام الروحي، مدرسة للتسامح و التعايش". ينتهي التسامح عندما يصبح الإنسان خطرا على الآخر. لقد شجع الإسلام الروحي دائما التعددية، سواءا كانت روحية أو دينية أو سياسية أو فلسفية، عكس ما تفرضه كل الأصوليات من قراءة جامدة للنصوص المقدسة وللعالم. إنهم يؤكدون أن الترتيب الذي وضعوه غير قابل للتغيير. في هذا الإطار، قام الشيخ العلاوي، المفكر و الكاتب و الصحفي و "قديس القرن العشرين"، كما نعته مارتن لينغر، على دعوة احترام الآخر و الحفاظ على التراث العالمي للبشرية. ولكن، كيف قاد هذا الشيخ مشروعه الإسلامي في الإصلاح؟ و ماذا يمكن أن يقدم فكره  للمجتمعات المعاصرة، ، وكذا الفكر الصوفي للإنسانية في سعيها نحو ثقافة السلام والعيش معا؟ هذا ما سيحاول محاضرونا استخلاصه في محاضراتهم.

    في المساء سيلتقي مفكرون حول مائدتين مستديرتين، يتلخص موضوع الأولى حول "التصوف و الإنسانية"، و الثانية ستناقش فيها فكرة "الإصلاح الضروري في الإسلام". عند استكشاف الحقائق الباطنة للإسلام، نجد أن التصوف قد ساعد الكثير من النساء و الرجال، كي يروا الآخر كائنا من كان، إنعكاسا لهم. و عمل الصوفية على الترويج لإنسانية روحية، نفتقر إليها في عصرنا. وإنهم سيبقون، وسائط  بين الأديان والثقافات. إن فكرة الإصلاح دائمة الحضور في الإسلام. و لقد تميزت القرون الأولى للإسلام بجرأة فكرية، و لكن الفكر الإسلامي تعرض لانحطاط بطيء بسبب تآكله مع مرور الوقت، و إن كان هذا الإنحدار قد لوحظ من طرف مفكرين كالصوفي ابن العربي و ابن خلدون.

    في اليوم الثاني ستجري أحداثه على وقعات "الإسلام الروحي و العيش معا"، ذلك الشعار العظيم الذي يسعى إليه الشيخ خالد بن تونس جهده لتحقيقه، و السير به قدما في العالم، و حث الإنسانية على الإلتفاف حوله. و عند طرح السؤال عن نظرة الناس حول الإسلام، يجيب السواد الأعظم، و خصوصا الجمهور الغربي، و دون تردد، أنه دين غير متسامح و عنيف، و إن الأخبار اليومية مرصعة بالجرائم التي ترتكب باسم الإسلام. لقد أتاح الإسلام ميلاد تراث روحي و إنساني و أصيل، إنه التصوف الذي تأسس على مبادئ الحب الإلهي و قدسية الحياة، و قد ألهم العديد من المفكرين عبر العصور. سيحاول أساتذة و مفكرون من أصقاع عدة و خلفيات متباينة، تقديم إجابات و إيضاحات في مداخلاتهم، حول دور الروحانية و المحجة البيضاء للدين الإسلامي، في جمع الإنسانية حول الأخوة و المحبة، و تحقيق العيش معا.

    في المساء سيكون للمؤتمِرين فرصة حضور مائدتين مستديرتين، سيناقش في الأولى موضوع "التصوف طريق النجدة"، و سيدور السؤال حول أسباب الإنهيار السياسي و التدهور التقني للعالم الإسلامي، و الحرمان و العنف الناشئان عن فهم ديني لإسلام راديكالي. حيث تهدف التجربة الصوفية إلى إقامة السلام الباطني، حتى يشع كسلام باطني على كل المخلوقات. تلك هي نهاية المعرفة الروحية أو الحكمة المقترحة على كل المجتمع، من أجل أن ينفتح الإنسان على الكون، و ليكون في سلام، و "يحب لأخيه ما يحب لنفسه"، كما يؤكد الرسول صلى الله عليه و سلم. في اللقاء الثاني، ستناقش فيه مهمة "العيش معا هو العمل معا"، بحيث يشارك فيه الشيخ خالد بن تونس، الذي يخصص لهذه الفكرة من وقته الثمين، و يعطيها من الأهمية، و يسعى جاهدا لإيصالها على جميع الجبهات، و قد قال في هذا الشأن "يمكننا البحث طويلا، و لكن علينا أن نعمل الآن. كيف يمكن أن تتلاقى مؤهلاتنا و سلطاتنا و علومنا و إراداتنا، من أجل أن نستثمر معا، في مشروع، بناء بيت السلام، المؤَسَس في المقام الأول على ثقافة السلام. هو حلم بالنسبة للبعض و طوباوية، و لكن، أليس تحدينا، هو تحويل هذا الحلم إلى حقيقة؟ إنها مهمة بتحديات كوكبية، و ضرورة بالنسبة لنا، و للأجيال المقبلة. هو إلتزام المواطنين، و رؤية مشتركة و إرادة العيش معا بشكل أفضل، و تحسين التعارف، و تحسين معرفتنا بأنفسنا، في مدننا و بلداننا و مجتمعاتنا و مؤسساتنا. لنخلق دافعا لحركة جامعة معترف بها دوليا. و نرقي القيم الأساسية، التي يطمح إليها قسم كبير من الإنسانية: التعددية و المساواة و العدالة، و قدسية الحياة، واحترام البيئة. و نعمل بتآزر بأفعال ملموسة، من أجل إنشراح كل فرد، في ظل الإحترام المتبادل للإختلافات. لنُشيّد و نعمل معا لبناء مستقبل مشترك "مع بعضنا البعض و ليس ضد بعضنا البعض".

    على هامش اللقاءات و الندوات، من المقرر تنظيم ثلاثة معارض، طيلة مدة الندوة، و هي "الشيخ العلاوي، إلى مدرسة التسامح و التعايش"، و معرض "الأمير عبدالقادر، رجل مصير و رسالة"، و كذا معرض "حجب و كشف"، الذي عرض لأول مرة، في مدينة وهران، شهر أكتوبر 2014. سيتخلل اللقاءات حفل موسيقي هادف، داعم لليوم العالمي للعيش معا، و سيعرض فيلم، عنوانه "إسلام، أصوات النساء"، الذي أنجز بمناسبة المؤتمر الدولي للأنوثة الذي أقيم بالجزائر، شهر أكتوبر 2014. فطموح هذا الفيلم هو إعطاء رؤية، و فهم التحديات حول موضوع المرأة والإسلام، وإبراز التقارب الذي يمكن أن يجمع رجال الدين والحركات النسائية، و دعاة العقل، و أتباع الروحية الصوفية.




ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*). تقلد الشيخ العلاوي مشيخة الطريقة الصوفية الدرقاوية الشاذلية سنة 1909، و في سنة 1914، أعطاها إسمه، فأصبحت تعرف باسم الطريقة العلاوية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق