الثلاثاء، 14 نوفمبر 2017

شيخ الزاوية العلاوية خالد بن تونس لـ "الخبر"

شيخ الزاوية العلاوية خالد بن تونس لـ "الخبر"



    خص شيخ الزاوية العلاوية، مستغانمية المنشأ و الأصل بحي تجديت العريق، جزائرية الموطن والجذور، الأستاذ والقائد الروحي خالد بن تونس، يومية "الخبر" بلقاء حصري، بمقر جنة العارف، التابعة للزاوية العلاوية، بوادي الحدائق، جنوبي مستغانم. شيخ الزاوية العلاوية، فتح لنا قلبه الرحب، للرد على قضايا الساعة، التي لها علاقة بالهجوم الشرس، الذي تتعرض له الزاوية من جهات مغربية، في مقدمتها بعض وسائل الإعلام.

   حاوره مدني بغيل.

-        تتعرض الزاوية العلاوية، ممثلة في شيخها خالد بن تونس، لحملة تشويه و إساءة، هذه المرة من طرف وسائل إعلامية مغربية، ما تعليقكم على هذه الحملة؟
    بعد بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أشكركم على طرح هذا السؤال، لتوضيح بعض الأمور، عبر صفحات "الخبر"، ليعلم العام والخاص، أن الطريقة العلاوية، مستغانمية المنشأ والأصل، جزائرية الموطن، لها في المغرب الأقصى 30 زاوية، وبذلك فإن زوايا الطريقة العلاوية، في هذا البلد الجار، تعد من أقدم الزوايا، ويعود ذلك إلى مطلع سنوات العشرينات، من القرن الماضي، بكل من مدن تطوان، طنجة، العرائش، أزيلال، الحسيمة، الناظور ووجدة، والكثير من منتسبي الطريقة العلاوية، بالجهة المعروفة، بمنطقة الريف، التي تعد منطقة حساسة، و عرفت إحدى أهم مقاومات الشعب المغربي، التي قادها المجاهد، عبد الكريم الخطابي، في مطلع العشرينات، ضد الإستعمار الإسباني.

    وهنا أشدد على علاقة الطريقة العلاوية، بالعرش العلوي، وبعبد الكريم الخطابي، الذي صرح أنه كان من مريدي الشيخ العلاوي.

-        نفهم أن الهجوم باطل؟
    إن هذا الهجوم على شخصي، كقائد للزاوية العلاوية، ماهو إلا بهتان وباطل، لا صحة له، وكان وراء ذلك، المسمى عبد الواحد ياسين، الذي وكلته لتمثيلي الشخصي، وتمثيل الطريقة العلاوية، في مختلف المناسبات الرسمية بالمملكة المغربية، فنزعت منه ذلك الإعتماد لعدة أسباب واعتبارات، منها الطمع ونية الإستيلاء على الأحباس والأوقاف. وبالتالي بسط ومن معه نفوذه على ممتلكات الزاوية العلاوية، عكس ما يدعيه هذا الشخص، أننا نسعى لرسم يخول للجزائر، بسط نفوذها على الزوايا التابعة للطريقة العلاوية، الموجودة في المغرب.، وكذا الزوايا الموجودة في أوروبا، من طرف شبكة جزائرية، يقودها شيخ الطريقة العلاوية، الجزائري خالد بن تونس. هؤلاء الناس كانوا من المقربين، وفي مقدمتهم هذا الشخص، الذي منحته الوكالة، منذ زمن طويل، لكن في سنة 2010، نزعت منه الوكالة و التمثيل للزاوية العلاوية بالمملكة المغربية، والقرار لم يكن فرديا، ولكن بعد مشورة مقاديم، بعد أن لاحظنا تغير سلوك و أخلاق الرجل، بشكل كبير، وأصبح يستغل ذلك لنفسه. وبعد ذلك أصبح هو، وجماعة معه عصابة تستغل بالتزوير والكلام السيئ والإتهامات الباطلة. وبالرغم من الحملة التي تعرضت لها، إلتزمت الصمت، وأنتظر ماذا يريد هؤلاء الناس؟ ولما اصبح الأمر لا يطاق، توجهنا إلى القضاء المغربي، الذي توجد لديه القضية، عن تهمة انتحال الصفة، و نتمنى أن يفصل فيها بالحق، و لا شك أن لا خلاف لنا في ذلك، بالعكس لنا كامل الثقة في القضاء المغربي.

-        هل تعتقدون أن الأمر سوف يعرف مجراه لدى العدالة المغربية؟
    المملكة المغربية تعرف جيدا الطريقة العلاوية، وتعرف سلوكها وأخلاقها، وتعرف مشايخ الطريقة العلاوية ومواقفهم، بما فيها التضامني، بالوقوف إلى جانب الملك المرحوم محمد الخامس، حين أقدم الإستعمار الفرنسي على نفيه، في شهر جانفي 1954، إلى جزيرة مدغشقر، كانت الطريقة العلاوية الوحيدة، بين كل الزوايا الموجودة في المغرب التي ساندته، حيث قام الوالد رحمة الله عليه، بإخراج ما يسمى باللطيف، حتى يعود الملك بالسلامة منصورا إلى وطنه، وبذلك إمتنعت الطريقة العلاوية، ولم توقع على نفي الملك المغفور له، محمد الخامس إلى جزيرة مدغشقر. الآن هذه العصابة في حرج، بعد إيداع شكوى بصفة رسمية، لدى القضاء المغريي عن تهمة انتحال الصفة. إذ ليس لهم صفة المتحدث باسم الطريقة العلاوية، والأخطر من كل ذلك، هو ما تروج له هذه العصابة من وجود طريقة علاوية مغربية، في الوقت الذي لا توجد إلا طريقة علاوية واحدة، مؤسسها الشيخ أحمد ابن مصطفى العلاوي، بحي تيجديت العتيق بمدينة مستغانم. والشيخ العلاوي شخصية معروفة، عبر أرجاء المعمورة، وبالتالي الطريقة العلاوية لا تنحصر في إطار جغرافي ضيق، كما تروج له هذه العصابة، فهي منتشرة ولها مريدون وأتباع عبر قارات العالم. وليعلم هؤلاء أن منظمة اليونسكو كرمت الشيخ العلاوي سنة 2014، وهذا اعتراف من منظمة عالمية، بنا قدمه هذا الرجل وما يحمله من أفكار إنسانية، منها فكرة العيش معا، وفكرة التسامح والربط والتواصل بين أبناء الإنسانية. وآمل أن تعود الأمور إلى نصابها عن قريب، إذ من المنتظر أن تنظر العدالة المغربية في الملف، و تصدر حكمها خلال الأشهر القادمة.

-        بالموازاة مع المحاولات المغربية للسيطرة على الزوايا الجزائرية، ظهرت منذ أيام بولاية مستغانم، طائفة أو فرقة مغربية "الكركرية" تدعي أنها تنتمي إلى الطريقة العلاوية، وقد يكون ذلك لأغراض مشبوهة. ماهو موقف الطريقة العلاوية من ذلك؟
    تاريخيا، عندما زار الشيخ العلاوي المملكة المغربية، سنة 1928، إلتقى بالعديد من المشايخ، منهم مشايخ الطريقة التيجانية، البوتشيشية، واستقبلت كل الطرق الصوفية الموجودة بالمملكة المغربية، الشيخ العلاوي بمدن وجدة، توريت، سلا، وبدرجة خاصة بفاس، وأينما حل، كان محل ترحاب وتقدير، نظرا لمكانة الرجل الدينية والروحية. اليوم هؤلاء الناس يتكلمون أنهم علاويون، نطلب منهم تقديم الدليل و البرهان لا غير، لأن الشيخ العلاوي لم يأمر بطقوس خارجة عن الصوفي السني المعروف لدى الجميع، أما طريقة اللباس والمرقعات، فهذه قضية قديمة جدا عند البعض من الصوفية، والناس الذين ارتدوا هذا اللباس المرقع كان مرادهم وقتها، مهاجرة الدنيا و إظهار للغير، من خلال لباسهم، أنهم هاجروا الدنيا و ليس لدعاية. أما ما نشاهده اليوم فأصبح مسألة لجلب النظر والدعاية، وأصبحنا اليوم بين مد وجزر، للمربعات وللمرقعات، و بالتالي وصل العبث إلى درجة لا تطاق، بمسائل كان لها من قبل معنى ودليل وتوجيه روحي تربوي لتهذيب النفس وطمأنتها، في حين، اليوم أصبحنا في "خالف لكي تعرف. لا غير".

-        ولكن كيف كان للطريقة الكركرية، كل هذا الترويج في ظرف قصير جدا؟
    لعلمكم وعلم القراء، أن ما يسمى بالكركرية فإنها حتى في المغرب غير معروفة، ولا يوجد لها صدى كبير، باستثناء البعض من الأتباع بأوروبا، بين الشباب المسكين التائه، الذي له قابلية لمثل هذه الأمور الظاهرية، وليست الباطنية المهذبة للنفوس، لذا علينا الرجوع إلى السلوك النبوي الصحيح، سلوك المعرفة والعلم والأخلاق النبيلة، هذه طريقة الله يجب عدم اللعب بها، هل هم فعلا جادون في تصوفهم وفي ممارستهم طبقا للشرع الإلهي، والدهر كشاف إن كانوا صادقين أو لغرض آخر، سنرى مستقبلا. لكن أؤكد أنه لا علاقة تربطهم بالطريقة العلاوية.

-        منذ أكثر من 3 سنوات، أسست الطريقة العلاوية من خلال كل تنظيماتها مشروع العيش معا، الذي بدأ بمؤتمر دولي للأنوثة سنة 2014، ثم جائزة الأمير عبد القادر للسلام، و أخيرا مشروع اليوم العالمي للعيش معا، أين وصل المشروع وما جديد جائزة الأمير عبد القادر الثانية؟ 

    لنبدأ بجائزة الأمير عبد القادر للسلام الثانية، ستنعقد في تاريخها المحدد في 21 سبتمبر 2018، بجنة العارف بمدينة مستغانم، و تمنح الجائزة كل عامين لأشخاص يسعون في السلم ويعملون من أجل ذلك، سواء كانوا سياسييين أو مفكرين من النخبة، من فلاسفة، و كتاب لهم أعمال في مجال السلم و السلام. أما فيما يخص اليوم العالمي للعيش معا، فالقضية والحمد لله، منذ بداية 2014 إلى يومنا هذا تسير بسرعة كبيرة، وفي الإتجاه الصحيح، ونحاول إيصال الفكرة إلى جميع الدول التي يقدر عددها بـ 193 دولة، وهذا ليس بالأمر السهل والهين. والحمد لله لقد وجدنا تجاوبا ومساندة كبيرة من الدولة الجزائرية، ومن العديد من الدول العربية و الأسيوية و الأوروبية، ومن قارتي أمريكا، الشمالية والجنوبية، و الآن أصبح المشروع جاهزا وبلغ مرحلته الأخيرة، إذ سننتقل إلى مقر الأمم المتحدة بنيويورك، إن شاء الله، يوم 16 سبتمبر المقبل من السنة الجارية، لتقديم المشروع وعرضه على الجمعية العامة للأمم المتحدة.

    ونتمنى أن يتم التصويت عليه في هذه الدورة، أو في دورات لاحقة، ولكن المراد ليس الإحتفال بيوم واحد في السنة للعيش معا، وهو يوم رمزي، ولكن المراد من اليوم العالمي للعيش معا، هو أنه على جميع الدول التي تعترف بهذا اليوم، أن تقوم بمجهود آخر، وهو أن يدرجوا في مناهج التعليم و التربية، ثقافة السلام، محورا من المحاور التي تدرس في مختلف المراحل التعليمية، وهو الأمل المنشود، وهو كيف نربي مستقبلا الأجيال القادمة على السلام والتواصل فيما بين شعوب العالم، لبناء مستقبل مشترك، لأن العالم اليوم أمام تحديات كبرى ومشاكل عويصة تتجاوز قدرة و إمكانات حتى الدول العظمى. وعليه فنحن نفكر في إنسانية الغد، لتصبح كذات واحدة، تسعى في الخير لبعضها البعض، ربما تبدو اليوم رؤية بعيدة غريبة نوعا ما ولا يتقبلها البعض، ولكن نعمل الآن، لأن صغاركم من كباركم، من آخرين، وإن رسخت الفكرة بالتدريج لدى عقول الناس، فإن الفكرة ستكون حتما إيجابية على المدى الطويل على الأقل. وقد نكون السبب في عمل إنساني وأخلاقي. وكما جاء في الحديث النبوي الشريف "كلكم من آدم وآدم من تراب". وعليه معنى الأدمية، سيجسد في أعمال الأهداف الـ 17، المسطرة للعرض لخير البشرية و الإنسانية، التي تنفعها في بناء الحياة مع الآخرين في سلم.

-        كلمة أخيرة
    رسالة العيش معا، هي رسالة موجهة إلى الجميع، وكل من تصله هو مسؤول عنها، ومطالب بتبليغها لعائلته ومن يحيط به، لأن العيش معا هو أساس الحياة.

    وعلى سبيل المثال، لو تفقد العائلة الصلة القائمة فيما بينها، تتشتت و تفترق، وبالتالي العيش معا، ضروري لسلالة العائلة أو مع الجيران، ثم في البلد والكون بكامله. الإنسان عليه معرفة أن منهج ثقافة السلام، قد حثنا عليه الرسول صلى الله عليه وسلم، قائلا "أفشوا السلام و أطعموا الطعام و صلوا الأرحام و صلوا بالليل والناس نيام". والسلام إسم من أسماء الله، والرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم، كان يقول "اللهم أنت السلام ومنك السلام وإليك يعود السلام، سلمني في ديني ودنياي وآخرتي". والقرآن العظيم، أنزل في ليلة السلام، ليلة القدر، وهي ليلة سلام.

م.ب. جريدة الخبر، في 31 أوت 2017 م، الموافق لـ 9 ذي الحجة 1438 هـ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق