الثلاثاء، 21 مايو 2019

المنتدى العالمي الأول للتعايش في قرطبة

ذكرى اليوم الدولي للعيش معا في سلام

المنتدى العالمي الأول للتعايش في قرطبة


    أهلتّ علينا هذه السنة ذكرى اليوم الدولي للعيش معا، التي توافق يوم 16 ماي، والشيخ خالد بن تونس، في مدينة قرطبة الإسبانية، يحيي مآثره، وينثر مغازيه في الخلق، فقد انعقد في الفترة الممتدة من 15 إلى 17 ماي 2019، بهذه المدينة، المنتدى العالمي الأول للتعايش، وأريد له أن يتزامن مع احتفالات اليوم الدولي للعيش معا في سلام، ووفقا لمنظمي اللقاء، فإنه سيحتفل بروح الأديان والثقافات لمدينة قرطبة التاريخية، ويبحث عن طرق لتحسين عمل، أولئك الذين عقدوا العزم على خلق مجتمع عادل وشامل، من خلال بناء الجسور وتبادل النماذج الناجحة. وتجدر الإشارة، أنه سبق المنتدى، ندوة للشباب، من 13 إلى 15 ماي، شارك فيها 30 شاب، تم اختيارهم لنشاطهم في مجال التعايش الإجتماعي، حيث وفرت لهم تدريبات مكثفة على الحوار بين الأديان والثقافات، وساهموا بالفعل في المنتدى نفسه، منتدى الكبار، وهي فرصة للتحسيس بالمسؤولية، ونقل قيم ثقافة السلام.


     أطلق مبادرة منتدى قرطبة، 22 عضو مؤسس، من مؤسسات وجمعيات، من بينها المنظمة الدولية الصوفية العلاوية (عيسى)، والكشافة الإسلامية الفرنسية، وحضر المنتدى أكثر من 100 شخصية، من 40 دولة، وشملت أعماله، زيارة إلى كاتدرائية مسجد قرطبة، ومنح جائزة للعمل في المعايشة.

    شارك الشيخ خالد بن تونس، في حلقة حوار، في صبيحة اليوم الثاني، تمحورت حول الدعوة إلى التعايش، ودارت مداخلته، "حيث سأتدخل بشكل أساسي، حول مشكلة العيش مع بعضنا البعض، وليس ضد بعضنا البعض"(1)

    وجاءت كلمة الشيخ مختصرة في المنتدى، مرافعا عن تربية السلام، ومنوها بمنافع العيش معا، ومنبها على أهمية استخدام وسيلة اليوم الدولي للعيش معا في سلام، محاولة لتغيير المستقبل، وخاصة عند الشباب. قال:

    سيداتي سادتي، صباح الخير.

     عزيزي جاك، شكرا لك على كل شيئ، وأعتقد أننا ممتنون لك كثيرا، لأنك جمعتنا، والحلم تحقق، من أجل هذه المدينة، التي تحبها كثيرا.

    سيداتي سادتي

    إن العيش معا إلزامي، وبشكل ما، فإنه يظهر علينا بعض التردد، نحن ندعيه، ولكن ينبغي عيشه، وعيشه هو مقاسمته. لا يقودنا العيش معا سوى إلى العمل معا والمقاسمة. والمقاسمة هي في حد ذاتها الحياة. وبناء أسرة هو فعلا عيش معا، بين رجل وإمرأة، وإنشاء مؤسسة، هو خلق شيئ ما مع آخرين، وتحصيل علم، يتم بين معلم وتلميذ، إلخ... تم إنشاء العيش معا من طرف الجميع، منذ البكتيريا حتى الجاذبية، التي تسمح للكون بالحفاظ على توازنه. لنرجع إلى عيشنا معا، الذي يثير انشغالاتنا الآن. أي عن حالة العالم. تخضع حالة العالم اليوم، حيث أننا لا نعلم ماذا سيحدث على المدى القصير. ربما سيعلنون لنا عن نزاع جديد.

     جئت من الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط. لنكن واقعيين. دول الساحل تصاب الواحدة تلو الأخرى، هي بالكلية في وضعية مروعة. أما الشرق الأوسط، لست بحاجة لأرسم لكم صورة، فالحرب بشكل يومي. وأما أوروبا، قمنا بخطوة عملاقة، ولكن للخلف، للخلف بالكامل، عدنا نحو ما كنا نسميه، ليس بالوقت الطويل، الحرب الباردة. نحن مدعوين للمواجهة. سيصبح هذا العيش في كل يوم ذا أهمية كبيرة، وأكثر حيوية، للأجيال المقبلة، وأضف إلى هذا الجنون. للمجتمع المدني مسؤولية أمام الأجيال المقبلة، سنخضع للمساءلة، أبنائنا سيلعنوننا، لأننا نضعهم كل يوم، في وضعيات لا رجعة فيها. نحن نغرف من بحارنا ونستغل الأرض والهواء والمخلوقات، والنظام البيئي الذي يحفظ الحياة، نحن نعمل على القضاء عليه، دون مراعاة، ونخرق الحقيقة، وأكثر من ذلك، نروج الأخبار الكاذبة، نكذب على أنفسنا، ونخدع بعضنا البعض.

     ما هم الإنسان؟ هو قبل كل شيئ ضمير، وليس جنسية ولا دين. الإنسان قبل كل شيئ ضمير، وليس لون البشرة، وليس اللسان الذي يتكلم به، ويميزه. إنه أولا ضمير، ومن هنا ينبغي العودة إلى لب المشكلة، ونقول أنه يأتي من أعماق أنفسنا. لا نقوم سوى بالفرار من الواقع، الذي نعيشه، نهرب ونخاف من الحقيقة، لأن الحقيقة تفقدنا أعصابنا. تضعنا الحقيقة أمام أمر الواقع، أمام إنتكاساتنا وجنوننا. استثمرت 14000 مليار دولار في الحروب والعنف. ليست أرقامي، إنها أرقام الأمم المتحدة. في سنة 2018، استثمرت 1800 مليار دولار في شراء الأسلحة. فيما الحاجة إليها؟ ليس محبة في الأرض، ولا للعلاج أو التعليم. ويصبح العيش معا وثقافة السلام ضرورة. إن "أنا، نفسي" الذي تكلمنا عنه رائع، يخنقنا، ينبغي أن ندرك ذلك. عندما أقول بيتي أو بيتنا. فالأمر يختلف. عندما أقول جواري أو جوارنا. الأمر يختلف. عندما أقول بلدي أو بلدنا. هذا يختلف. وعندما أقول أرضي أو أرضنا. فهذا مختلف. هذا المختلف موجود في ضميرنا وحالة وعينا. ووضع الآخرين معي. ربما في النقاش نتقاسم تساؤلاتنا. شكرا جزيلا.

صورة لبعض الشباب ممن شارك في المنتدى

رسالة الشيخ خالد بن تونس

    هذه رسالة الشيخ خالد بن تونس، قدمها من قرطبة بإسبانيا، بمناسبة اليوم الدولي للعيش معا في سلام.

    مرحبا.

    من المدينة التاريخية والأسطورية لقرطبة، حيث قمنا للتو، بفتح المنتدى الأول للعيش معا في سلام، أبعث لكم تحياتي الأخوية، وأشجعكم على زرع بذرة السلام هذه، في ضمائر جميع شبابنا، وجميع أبنائنا، حتى يبنون مستقبلهم الواحد مع الآخر، وليس الواحد ضد الآخر. نحن بحاجة إلى الجرأة، نحن بحاجة إلى تجديد الصِلات، التي توحّد العائلة؛ العائلة الإنسانية. كيف نصالحها مع نفسها؟ ما الذي نعمله حيال هذا المستقبل، الذي يبدو لنا اليوم، أنه في خطر؟

    يمكننا جميعا، ذكورا وإناثا، كلٌّ بطريقته، تقديم مساهمتنا المتواضعة، حتى تتمكن إنسانيىة الغد، من أن تعيش وتأمل، في كنف العدالة والكرامة والإحترام والتضامن. أشكركم والسلطات التي رافقتكم للإحتفال بهذا اليوم عبر العالم، وأنتم كثيرون، في فرنسا والمغرب والجزائر، وأيضا في كابول وباكستان وأندونيسيا وإيطاليا وهولندا وألمانيا، وبالطبع، هنا بالأندلس، حيث رجالا ونساءا من كل المعتقدات، في هذه المدينة وفي هذه المقاطعة، قاموا للمرة الأولى بمحاولة العيش معا في سلام، وإنها كانت في مرحلة معينة من تاريخ أوروبا، المدينة التي كانت تشعّ بالعلوم والتسامح، وبالقبول والإثراء المتبادل.

    أتمنى – أن الذين تركوا لنا هذه الشهادة-، من خلال هذا المكان، هذا المسجد الكاتدرائية، حيث أكلمكم، أن تدرك إنسانية اليوم والغد، أنها تشكل نفس الجسد، وأن كل الأمم والتقاليد في تنوعها الثقافي، هي أعضاء هذا الكائن، الذي يسمى الإنسانية.

    يعود الأمر لنا، حتى نضع علومنا ومعارفنا وخصائصنا ومهاراتنا في تآزر، ونعمل اليد في اليد، في دائرة تقوم بدورة حول العالم، حتى تظهر في الأخير أرضا للسلام، وأرضا للأخوة. شكرا.


رسالة بابا الفاتيكان

     بمنتدى قرطبة، قرأ الشيخ خالد بن تونس على الحضور، الرسالة التي وردته من الفاتيكان، وجهها إليه البابا فرنسيس، بمناسبة اليوم الدولي للعيش معاً في سلام (JIVEP)، الذي احتفل به في جميع أنحاء العالم، في طبعته الثانية.


    المجلس البابوي
    الحوار بين الأديان

    إلى السيد حميد ديمو، رئيس الجمعية الدولية الصوفية العلاوية، المنظمة الدولية غير الحكومية.

     بمناسبة الاحتفال الثاني باليوم الدولي للعيش معاً في سلام، يود قداسة البابا فرانسيس أن يؤكد لجميع المشاركين في هذه العملية، صلاته وتقاربه الروحي. إنه يريد أيضًا أن يشكر الله على هذه المبادرة الجميلة والسعيدة، التي قامت بها جمعيتكم.

     يسر البابا فرانسيس أن الاحتفال بهذا اليوم يمكن أن يسهم، كل عام، في تعبئة جهود المجتمع الدولي من أجل السلام والتسامح والتكامل والتفاهم والتضامن. ويشكل الأمل في أن مبادرة أعضاء الجمعية الدولية الصوفية العلاوية، يمكن أن تسمح ببناء الجسور بين الناس، حيال اختلافاتهم، والانتباه إلى الصغار والفقراء، وبالتالي تعزيز ظهور الإخاء العالمي الحقيقي، وحضارة للمحبة.

    مع هذا الأمل، يستشهد الأب الأقدس بصدق بركات الله تعالى الرحمن الرحيم، عليكم وعلى أعضاء المنظمة الدولية غير الحكومية عيسى، وعلى المشاركين في هذا اليوم الدولي للعيش معاً في سلام.

من الفاتيكان، 16 مايو 2019

الكاردينال بيترو بارولين، وزير الدولة.
ــــــــــــــــــــــــ

(1). الصفحة الرسمية للشيخ خالد بن تونس في شبكة التواصل الإجتماعي، (فايسبوك)،يوم 13 05 2019.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق