الثلاثاء، 3 مايو 2022

في رحاب اليوم الدولي للعيش معا 2

في رحاب اليوم الدولي

 للعيش معا في سلام 2

 

     بمناسبة اليوم الدولي للعيش معا في سلام، في 16 مايو 2022، توجّه الشيخ خالد بن تونس إلى الناس، بسلسلة من التوجيهات والرسائل من خلال فيديوهات مسجلة، بثها عبر الشبكة العنكبوتية، يحث فيها على الإخاء والعيش جنبا إلى جنب وإحلال السلام ونصائح أخرى، عساها تنهض الضمائر وتستقيم أعمال البشرية.

     منذ 14 أبريل الماضي يقام معرض البستنة الدولي المسمى فلورياد 2022، بمدينة ألمير الهولندية، وتستمر فعالياته إلى غاية 9 أكتوبر القادم، واختير لهذه الطبعة موضوع "تنمية المدن الخضراء"، وسيركز على الحاجة إلى الجمع بين الطبيعة والمدن.

      بحلول هذه المناسبة، حضر الشيخ خالد بن تونس موعد الإفتتاح، فللجمعية الدولية الصوفية العلاوية، المنظمة غير الحكومية موقعا بالفضاء البستاني، جعلت فيه "جنة السلام"، يتخلله عدة معارض.

     تتميما لهذه الدروس، تنشر المدونة مواضيع ثلاثة أخرى، توجّه فيها الشيخ خالد بن تونس للأمة.


                    جنة السلام بمعرض فلورياد 2022. منظر علوي.


    

المستقبل

 

    إذن. كيف نعبئ وخصوصا الشبيبة، التي ستحمل المستقبل، مستقبل العالم، هذه الشبيبة التي نعلّق عليها كل آمالنا، فعليها تقع مسؤولية حمل بذرة السلام والعيش معا هذه، حتى يظلهم مستقبل، يتسنى فيه، لكل واحد منهم، استعادة الأمل، وإسترجاع رخاء العالم.

     لبلوغ ذلك، ينبغي اليوم تعليم أبنائنا تربية السلام هذه، وإخراجهم من ثقافة أنا-نفسي إلى ثقافة نحن، وشحذ ضمائرهم وتزويدها بشغف العيش معا في سلام. ذلك العيش معا في سلام الذي يتجلى بعدة طرق، بتحديد المعنى الجذري والتمكين. والتربية بنهج السلام هي قواعد وأسس الجيل الجديد. ينبغي علينا تسخير جميع معارفنا وممتلكاتنا وإرادتنا، و نعطي لهم هذه الفرصة لبناء عالم جديد، بسرد جديد، سرد إنسانية متصالحة مع بعضها البعض، ضمن التنوع الذي يشكلها، واحترام الإختلافات، والضمان أن  العون المتبادل والإيثار وحتى التضحية، يتم تسليط الضوء عليها، هذه القيم الأساسية التي هي العمود الفقري لعالم جديد يجب بناؤه، لأجل المستقبل.

    أدعو جميع المربين والمربيات والوسطاء، اليوم، إلى هذا العمل الجليل، وبناء عالم الغد، بالعدالة والكرم والإخاء.

 

سبيل السلام ()

 

     إن التوتر والنزاع القائمان اليوم في أوكرانيا يدعواننا مرة أخرى ويجبراننا على التفكير بعمق في مستقبل العالم، ومستقبل مجتمعاتنا. ما الذي سنجنيه أو نخسره من هذه المحنة التي تواجهها اليوم الإنسانية؟ علينا أن نغتنم كل فرص الجانب الآخر، والعمل معا لتهدئة وإطفاء، هذا البيت وهذه النار المدمرة، واجتناب الإنحياز أو المضادات.

    ينبغي علينا أن نفكر، أن لدينا كل شيء لنكسبه من خلال المراهنة على العقل والحكمة، وأن نتخلى من جديد، وأن نعمق علاقتنا مع بعضنا البعض، حتى أن تسونامي الذي يتم الإعداد له لا يمكنه أن يجرنا نحو وضعيات لا مناص منها، وربما كارثة عالمية، وحتى يتمكن كل واحد منا من استفسار ضميره، وضمان إيجاد المخارج والمنافذ، التي تسمح بإصلاح الأضرار التي نحن بصدد التسبب فيها، لصالحنا ولصالح مستقبل العالم.

    توجد حلول، أنا متأكد من ذلك، توجد في الوساطة والعلاقة بالآخر، وإعطاء كلٌّ مكانته التي يستحقها، واستعادة معنى الإنسانية وكل ما هو إنساني، حتى لا نقع في اللاإنسانية والوحشية والتدمير. في برهة قصيرة نستطيع تدمير مدينة وطرد ساكنتها، ويستغرق الأمر سنوات لإصلاح الأضرار. ففي غضون أسبوع أو شهر في بلد كامل.

    لنكون جديرين في استعادة هذا الأمل في أنفسنا، وإعادة بناء عالم سلام وأخوة.

ــــــــــــــــــــــــــــــ

(). قال تعالى "قد جاءكم من اللّه نور وكتاب مبين يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام". الآية 16 من سورة المائدة.

 

 

الرجوع إلى الفطرة

 

     كيف يمكن لكلّ منا أن يقدم مساهمته ويدلي بدلوه في هذا البناء؟ بناء عالم مُسالم وعلاقات أخوية، يؤطره اقتصاد رفاه، حيث يجد كل واحد نصيبه من الكرامة، وعالم عدالة، هذا العالم الذي ينادي كل واحد في أعماق لبه هذه الفطرة، التي جئنا بها إلى هذا العالم. الأطفال لا يفرقون على مستوى اللون أو اللغات، فالأطفال يلعبون معا في المدارس، وفي فوجهم ولعبهم، لعيش لحظات، يستطيع فيها كل واحد التعبير وإيجاد زميل أو صديق، يستطيع معه التبادل، ليجعل هذا الضمير ينضج، ويعطيه فرصة إثبات نفسه والتصرف.

     يجب أن تكون نظرتنا للعالم نظرة تدعونا إلى هاته الفطرة، بعيدا عن الإختلافات التي تميز ثقافاتنا وجذورنا، وإذا قام كل واحد منا، اليوم، بخطوة نحو الآخر، فليعطيه أفضل ما يملك من نفسه، ويأخذ في المقابل، ما هو بحاجة إليه، في عالم توازن، عالم يجد فيه الإنساني الكامن فينا مكانته. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق