الاثنين، 13 أكتوبر 2014

النساء هن بُناة السلام



النساء هن بُناة السلام

    من 27 أكتوبر إلى 02 نوفمبر، تجرى فعاليات أول مؤتمر دولي حول الأنوثة بالجزائر، و يعقد في وهران و مستغانم. من الذين بادروا إلى اللقاء، نجد كل من جنة العارف (المؤسسة المتوسطية للتنمية المستدامة)، و عيسى (الجمعية الدولية الصوفية العلاوية)، و هي جمعية تأسست في فرنسا من طرف الشيخ خالد بن تونس، الزعيم الروحي للطريقة الروحية العلاوية. يشدد الشيخ على ضرورة البدء في تفكير حول أهمية المرأة و الأنوثة. في عالم مُدمى بالصراعات، فإن إعطاء دور رئيسي للمرأة هو في الواقع، حسبه، و سيلة للسلام.

السؤال: لماذا قررتم تنظيم مؤتمر دولي يركز على موضوع المرأة؟

الشيخ خالد بن تونس: تعود هذه الفكرة إلى بضع سنوات. عندما احتفلنا في 2009 بالمئوية العلاوية، الطريقة الصوفية التي تواجدت منذ بداية القرن، و لقد اقترحنا في التوصيات إنشاء حركة نسوية حاملة للأمل، حاملة لإسلام  السلام، إسلام دينامية (1) و أمل. انتظرنا كل هذه السنوات، لنكون قادرين على تحضيره و إيجاد الشخصيات المناسبة، التي ستجيئ من الأركان الأربعة للعالم. ينحدر المشاركون من 25 جنسية.

 السؤال: مع هذا المؤتمر، أنتم تحتفلون بالمرأة. كيف يكون رد فعلكم عندما تسمعون أن ثلثي الأميين هم من النساء، وفقا لبيان صحفي، صدر عن اليونسكو في الآونة الأخيرة؟

الشيخ خالد بن تونس: المشكلة كلها هي، أن المرأة هي السِجّل. في الآن نفسه، هي خلية تحمل الحياة و تنقلها. إن إقصاء المرأة، هو نسيان 50  % من السكان. واحد من إثنان على وجه الأرض هو إمرأة. الأم هي المدرسة الأولى التي تنقل إلى أطفالها. حقيقة أنها لا تحصل على التعليم الواجب، يضع المجتمع في عدم المساواة بين الجنسين، و الذي للأسف، لا يسمح لهذا المجتمع بأن يتطور في تناغم.

 السؤال: هل تعتقد أن إعطاء مساحة أكبر للمرأة، يسمح بأن نذهب للسلام؟

 الشيخ خالد بن تونس: نحن نعتقد أن بالمرأة، ربما سيتغير العالم. من الصباح إلى المساء، و نحن نسمع كل الوحشية التي تحدث في العالم. الغالبية العظمى التي تحكم العالم، هي من الرجال و يقودونه، إما سياسيا أو إقتصاديا أو دينيا. غالبا ما يكون رجال يقودون رجالا آخرين، في المواجهة و المعارضة. يتم تجاهل دور المرأة هنا.
    نحن نعتقد أننا، إذا أعدنا إليها مكانتها، و دورها الذي يجب أن تلعبه، كونها كائن متوازن و متعلم، يمكنها أن تنقل هذه الثقافة. هي من يمكنها أن تنقل بشكل أفضل ثقافة السلام.

السؤال: خلال مؤتمركم، سيكون هناك موضوع يركز على الأنوثة في القرآن. هل ترى أنه من الملح، التذكير دوما بدور المرأة في الإسلام؟

الشيخ خالد بن تونس: ليس فقط التذكير به، و لكن على الخصوص، التذكير بما نُسيَ من التاريخ. لدينا أكثر من 9000 إمرأة شاركت في تاريخ الإسلام و هن منسيات تماما. لا أحد يعرف أن المرأة لعبت دورا رئيسيا في التحرر في تاريخ الإسلام.

السؤال: و هل من أمثلة؟

الشيخ خالد بن تونس: لنأخذ مثال، جامع القرووين، الذي يقع في فاس، درّس علماء ذوي قيمة كبيرة، و خرج منه فقهاء و علماء، و علماء رياضيات، و حتى الفيلسوف اليهودي موسى ابن ميمون، درس في هذا الجامع. إن الشخص الذي قام بإنشاء هذه الجامعة، هو إمرأة (فاطمة الفهرية).
    في تاريخ الإسلام، كان لدينا نساء عالمات و إمامات، و ملكات و صوفيات كبيرات و فيلسوفات كبيرات، و طبيبات و مهندسات ماهرات. و لكن كل هؤلاء النساء نُسين بطريقة أو بأخرى. بدءا بفترة زمنية، ظل هذا التاريخ مخفي، و خاصة دور المرأة في صدر الإسلام.
    لم يكن هذا التفاوت موجودا في البداية. فبعد أن احتكر الرجال الحقوق، و حتى أنهم اخترعوا أحاديث عن النبي صلى الله عليه و سلم، مُضللة و مُلفَقة تعني المرأة، لم يقلها النبي صلى الله عليه و سلم أبدا.
    سيتم إدراج كل هذا، في معرض، يروي تاريخ الأنوثة من عصور ما قبل التاريخ إلى الحداثة. يمكننا أن نرى ما هو وضع المرأة إبان الأشوريين و البابليين و الإغريق، من الحضارة الفرعونية و الحضارة الرومانية. كما وضعهم في اليهودية و المسيحية و الإسلام. هذا ما سيساعد على توضيح بعض من تاريخ مشاركة المرأة طوال التاريخ البشري منذ فجر الإنسانية.

السؤال: هل تشعر أن من جانب الزعماء المسلمين، هناك محاولة اليوم، لتسليط الضوء على هذه النماذج النسائية؟

الشيخ خالد بن تونس: لا، للأسف، فإن التذكير به قليل جدا. نأمل أن يعطي هذا المؤتمر، حركية جديدة في التفكير، الذي سيخاض حول مكانة و دور المرأة في المجتمع الإسلامي اليوم، و في المجتمع الإنساني.

 السؤال: لكن، من بين العلماء، هل تشعر برغبة في تغيير هذا الوضع؟

الشيخ خالد بن تونس: تماما. لدينا أكثر من 57 من العلماء، و لكن أيضا باحثين و أكاديميين و شخصيات عظيمة، ستأتي من عدة بلدان (مصر، الولايات المتحدة، اليابان، أندونيسيا، و أوروبا...). الهدف هو جمع كل هذه المهارات، لنكون قادرين على إظهار ماهية مكانة المرأة، و التعليم المطلوب لها، المؤسَس على ثقافة السلام، و العيش معا.

السؤال: كما سيتم تناول موضوع مقولبات (2) الفتيات و الفتيان. ما رأيك في هذا؟

الشيخ خالد بن تونس: حتى في المجتمعات التي من المفترض أنها حديثة، فإن دور المرأة بشكل عام، هو على خلاف أو في المعارضة لنوع الجنس. إننا نعارض الرجال مع النساء، فنحن في المنافسة، و لسنا في تناغم. إن ما نريده مع هذا المؤتمر، و العمل الذي سنقوده من خلال أكثر من 15 ورشة عمل سيتم عقدها، هو تنفيذ طرق تدريس (بيداغوجية)، تسمح لنا بإيجاد إنسجام بين الجنسين، المؤنث و المذكر. التوفيق بين المذكر و المؤنث. لا نضعهما في المعارضة، و لكن في تآزر.

السؤال: خارج الأمة الإسلامية، سوف تكون هذه الرسالة للجميع...

الشيخ خالد بن تونس: تماما. إذا كنا ننظم هذا المؤتمر في بلد مسلم، الجزائر، فلذلك أن هناك وراءها مثالية: هي القدرة على الإظهار، أن في العالم الإسلامي، يوجد رجال و نساء قادرين على إجراء خطاب عالمي، يمكن أن يقدم جوابا لمشكلة الأنوثة في عصرنا.

السؤال: مُنحت جمعيتكم عيسى، مركزا إستشاريا لدى الأمم المتحدة، هو إعتراف...
الشيخ خالد بن تونس: نعم. هذا اعتراف من طرف الأمم المتحدة، و فرصة الحصول على منبر للتعبير و تعزيز هذه الأفكار. لأن هناك اليوم نظرة سلبية عن الإسلام. هذا المركز الإستشاري لدى الأمم المتحدة، يسمح لهذا الآخر، إسلام – إسلام الحكمة، الإنساني، الوارث للإستخلاف المحمدي -، أن تكون له جلسة إستماع، و تعطى له الكلمة، على مستوى منبر، مثل الذي للأمم المتحدة.

السؤال: ألا تظن، أن كل هذا غير مجدي، في نهاية المطاف؟

الشيخ خالد بن تونس: سنرى. لن نذهب من أجل النقاش، بل لنقدم عروض. إحدى أولى مقترحاتنا، هي إحياء يوما للعيش معا. أن نجتمع بدون أن نتشابه، حول مثل أعلى، في خدمة البشرية، حتى لايسود غير الإنساني على الإنساني. نشهد اليوم وحشية، تهاجم باستمرار البشرية في طريقة حياتها، و في إقتصادها و في سياستها و في ماليتها. اليوم، هناك فقط المصلحة المالية و مصالح الأقوياء.
    مع يوم عالمي للعيش معا، فإن الفكرة هي جمع الفلاسفة و جميع الرجال، من ذوي النوايا الحسنة، و الفنانين... و القول أن في هذه الوحشية، هناك أناس يتحدوننا، لكي تفوز هذه الإنسانية الموجودة فينا على الوحشية، و هذه الأخوة العالمية و هذا التضامن، يمكنه العثور على مرساة فينا، و يسمح لنا بإيجاد طاقة لبناء مجتمع الغد.

السؤال: حاليا، نحن بعيدون كل البعد، عن المثالية التي تتبناها..

الشيخ خالد بن تونس: إن اليوم، نحن بحاجة إلى نظرة أخرى. نحن ضد التيار فيما يقال و يفعل اليوم. لا نستطيع أن نترك الأمور على هذا النحو. اليوم، أكثر من أي وقت مضى، نحن بحاجة إلى نظرة مختلفة، و رسالة أخرى. إلى رسالة تحيي، و تعيد الأمل، و تزرع الأمل في قلوب البشر، و خاصة لدى شبابنا.

السؤال: منذ أن تواجدت عيسى، أي جرد تقدمه حول مسار الطريقة الصوفية؟

الشيخ خالد بن تونس: بفضل عيسى، تم القيام بعدة أشياء، و عقدت العديد من الإجتماعات. يجد شباب اليوم مثالية، لا تقوم على العنف و العدوان، إزاء الآخرين، و يريدون بناء عالم، جدير بهذا الإسم.
    نحن نريد أن نقدم مشروع حياة للشباب، و ليس مشروع موت. اليوم شبابنا يرحلون لقتل شباب آخرين، إخوانهم. يتركون فرنسا و بلجيكا و أوروبا و المغرب العربي، لخوض حرب مع شباب آخرين مثلهم، باسم مثالية دينية. صار هؤلاء الشباب مؤدلجين، و غسلت أدمغتهم باسم مثالية إلهية.
    القرآن هو مصدر كل الناس، و لكن القرآن يلهم الصالح و القاتل. إنها نفس الآيات، و حتى نفس السور، و لكنها يمكن أن تلهم الأفضل كما الأسوأ. نأمل من خلال هذا التقليد الروحي و العالمي لرسالة التصوف، أنه يمكننا أن نلهم الكينونة بما ينميها، و ليس بالذي سيجعل منها آلة قتل.

السؤال: على المستوى الخاص بك، كيف يمكن مكافحة هذا التطرف؟


الشيخ خالد بن تونس: و هذا هو أيضا هدف المؤتمر، الذي سوف يقترح 15 ورش عمل. نأمل أن هذه الورش، يمكن أن تشتغل بعد المؤتمر. سيقوم المعرض بجولة حول العالم، بفرنسا و بلدان أخرى.

    نحن نريد أن نقدم هذه البيداغوجية، من خلال ورش العمل، و الأفلام، و الكتب... أن نكون قادرين على تعليمه لأكبر عدد من الناس.

                        سفيرنيوز في 09 10 2014. حرره ماريا ماغاسا كناتي.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1). دينامية: حيوية، نشاطية، فعالية.
(2). مقولبات: سلوك مكرر على نحو لا يتغير، تعوزه الصفات الفردية المتميزة.

   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق