الأحد، 16 ديسمبر 2018

العيش معا في سلام تحديات وآفاق

العيش معا في سلام
تحديات وآفاق

    ألقى الشيخ خالد بن تونس، يوم 09 ديسمبر 2018، محاضرة، عنوانها "العيش معا في سلام، تحديات وآفاق"، بمقر المركز الوطني للبحث في الأنتربولوجية الإجتماعية والثقافية، الذي نظمها بالتعاون مع مكتب مدينة وهران، للمؤسسة المتوسطية للتنمية المستدامة "جنة العارف". فيما يلي كلمة الشيخ خالد بن تونس في اللقاء. للعلم تبع مداخلته مناقشة مفيدة، نسرد لها مقالا لاحقا، بحول الله. 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    السلام عليكم

    بعد بسم الله الرحمن الرحيم

    إني فخور بهذا اللقاء الكريم، ومقابلة الحضور. أتمنى إن شاء الله، أن نحقق هدفنا، وأن يكون العيش معا فيما بيننا، حسا ومعنى. وأن يتحقق في أخلاقنا وتفكيرنا، ومعاملتنا مع بعضنا البعض، ومع كل بني آدم. يقول عليه الصلاة والسلام "كلكم من آدم وآدم من تراب". يذكرنا العيش معا، بتكريم الله سبحانه وتعالى للعائلة أو الأسرة الإنسانية، لقوله عز وجل "ولقد كرمنا بني آدم". سورة الإسراء، الآية 70.

    في البداية، أرحب بكم. ويثير إعجابي جموع الأشخاص والأخصائيين، وخصوصا مختصي التاريخ، الحاضرين في هذا المحل الذي زرته، وأنا سعيد اليوم، لما أراه أنه توسع وازداد حجما، وكل ما يقدمه لهذا الإرث المشترك العزيز علينا.

    كيف نغذي الضمائر، حتى يتمكن الناس من إعادة قراءة التاريخ بطريقة مختلفة؟ عندما أقول بطريقة مختلفة، كما لو أنه يوجد تاريخ موازٍ مخفي، وفقط البحث وإصرار الباحثين والعلميين قد يكشفه لنا. لقد امتاز بلدنا، والدليل اليومين السابقين، في مدينة وهران، اللذين قدما لنا القناعة الأكيدة، أن بلدنا نضج، وهذا النضج بلغه، عبر تجربة مريرة خاضها، كادت تدمره، وخرج منها أكثر قوة، بما أنه قدم اقترحا، من خلال القرار الذي رفعه حتى النهاية، على مستوى الأمم المتحدة. اقترح فكرة أو مفهوما، يسمى العيش معا في سلام، ابثق منه يوما، الذي لم يتعرض فقط للتحليل، وتم قبوله واعترف به، من طرف 193 بلد أو دولة، التي تشكل مجموع منخرطي الأمم المتحدة؛ بل يتعدى الأمر ذلك، مادام أن اليومين اللذين عشناهما بوهران، كان مفهوم العيش معا، هو داعي الناس، بأن يضعوا حجر الأساس، حتى يصلوا إلى تطويب هؤلاء 19 شهيد مسيحي، الذين وهبوا حياتهم في العشرية السوداء. وسميناها العشرية السوداء. إذن سمح لنا العيش معا بتجسيد المبدأ واقعيا، وتحويله إلى حقيقة، حقيقة إنسانية واجتماعية وسياسية، وأتمنى أن يكون أكثر من ذلك.

    لدينا على سبيل المثال، بلد مثل أثيوبيا، منذ حوالي شهرين، قررت حكومة هذا البلد، خلق وزارة السلام والعيش معا(1). إذن هو أمر يشرفنا. يوجد بلد أفريقي، والأول في العالم، قام بفتح الفجوة، بطريقة ما، واخترق طابو. إن العيش معا والسلام، يستحقان أن نمنحهما مؤسسة، يستحقان أن نمنحهما فعليا كراسي، على مستوى جامعاتنا، ويستحقان بأن يدرّسا في أكاديميات، ويستحقان بأن يندرجا لأطفالنا، في البرامج التربوية لمدارسنا. وهذا في كل مكان في العالم. إن هذا المفهوم مفيد على عدة مستويات، الفلسفية والروحية والإجتماعية والإقتصادية، ويسمح بخلق صِلات، ويسمح بالذهاب إلى ما وراء الجدران، التي بناها الناس بينهم، وخلق جسور تبادل، وجسور تسمح بمساعدة كل شخص، للإستفادة من الآخر. فالحياة دوما مبادلة متكاملة. تبادل دائم، ينال كل شخص ما له وما يحتاجه، ومعطيا للآخر، بالمقابل.

    لعل هذا المفهوم يرشدنا، إلى رؤية عن أنفسنا، ورؤية أخرى لإدارة العالم. لحد اليوم لا تتم إدارة العالم، إلا من خلال نظام هرمي. في النظام الهرمي، توجد للهرم قاعدة وقمة. والقمة محتلة من طرف من؟ من طرف اللذين يملكون السلطات والأصول ويوزعون الخيرات، والقاعدة موجودة، إما لتتحمل ما يجيئ من الفوق، أو تتفاعل للصعود إلى الأعلى. في وضعية نزاع دائم، وتسبب حراك المجتمع باستمرار، فلأنها ترتكز على مفهوم، هو قسرا مفهوم منافسة، ونسميه حقا التسلسل الهرمي، وننعت الناس نسبة إلى الدرجة التي يتواجدون فيها. كلما تواجدتَ في الفوق في التصاعدات، كلما كنتَ تملك الأصول والتشريفات والسلطات وغيرها، في حين، أن نظام العيش معا في سلام، هو نظام دائري، فهي الدائرة، وما يعنيه، أنك عندما تضع إصبعك على المحيط الدائري، سواء أخذت النقطة المتواجدة في الأعلى، أو التي تواجدت في الأسفل، فعليك أن تبدأ من مكان ما، وهذا المكان الذي شكلته هو الواحد، وعندما تدورون حول الدائرة وتعودون إليها، ستجدون أنه في الآن نفسه، هو الأول والآخر. يدعوننا مفهوم الدائرة إلى رؤية أخرى، وفي هذه الرؤية، يكون الأول فينا، هو أيضا الآخِر (بكسر الخاء). نحن من أجل الجود والقيم، وما ننتجه وما نجلبه، يكون لمجموع ما يشكل الدائرة. نحن أيضا يطرأ علينا الضعف، وتعترينا سلوكات تكون أحيانا سلبية، وتركبنا المخاوف. كل واحد فينا، يحوي في نفسه، في الآن نفسه، السالب والموجب، في الآن نفسه الأول والآخر. على كل واحد منا أن يعمل في الجانب الإيجابي الذي ينشطه، وجميعنا سواسية، بصفتنا آدميين، على نفس المبدأ. سواء كنا دينيين أو لا دينيين، مؤمنين أو غير مؤمنين، بيض أو سود، نبقى آدميين، مع الحقيقة التي تسكننا. وهنا تقودنا الدائرة، إلى النظر إلى أنفسنا بشكل مختلف، لأن النقطة المتواجدة في الأعلى، كالحضارة والمجتمع، اللذان يسيطران اليوم، فحتما سيأتي يوم بفعل حركة الدائرة، وتنقلب الأمور. فالشخص لن يبقى للأبد في أعلى الدائرة، فحتما سيأتي اليوم ويصبح في الأسفل. وهل الذي يتواجد في الأسفل، هو أقل شأنا من الذي يتواجد في الأعلى؟ بالطبع لا. إن المتواجِد في الأسفل يحمل كل البقية، والنقطة التي ترتكز عليها الدائرة، نقطة الأسفل، تكون المكان الذي سيحمل مجموع هذه الحقيقة الوحدوية، التي نسميها الإنسانية. تسمح لنا الدائرة بإضفاء الطابع الشخصي وتعريف هذه الإنسانية، كجسد، كل عضو فيه خلية، وكل شعب وكل حضارة فيه طرف، وكل ثقافة عضو. نَصِف جسد وُلد بصحة جيدة، بقدر ما يعمل كل طرف وكل عضو، الذين يشكلونه، يعملون معا، من أجل رفاه الجسد، وإذا وجد أن جزء من الجسد قرر، أن يعمل لوحده، فما الذي سيحدث للجسد؟ سيمرض، وإذا جرح طرف من الجسد، سيتداعى الجسد كله بالحمى. إذن فمن صالحنا أن ننظر إلى الإنسانية كجسد وكحقيقة واحدة. علينا أن نمنحها وضعا، وضعٌ قانوني، ووضعٌ يجعلها مرئية في عيوننا، وعلى الخصوص لأطفالنا، والأجيال القادمة، حتى يتمكنون من بناء حول هذه الفكرة مستقبلهم معا، الواحد مع الآخر، وليس الواحد ضد الآخر. أكثر من أي وقت مضى، تدعوننا فكرة العيش معا، إلى أن نضع موضع الشك، رؤيتنا الخاصة لذواتنا، ومجموع هذا الجسد، الذي نسميه الإنسانية. أتذكر أننا في تركيا، في قمة العمل الإنساني الأولى في اسطمبول، من 24 إلى 26 ماي 2016، قمنا بطرح هذا الإقتراح، وكان يتواجد مع الأمين العام للأمم المتحدة، عدة رؤساء دول، وبعض الملوك، وبالفعل ممثلي جميع الدول، و 4000 منظمة غير حكومية. وبرفع الأيدي، عندما قدمنا الإقتراح للأمانة العامة، قائلين حان الوقت، كي تتخذ الأمم المتحدة القرار، وتغير المفهوم، فللإنسانية اليوم بالنسبة لنا، مفهوم فلسفي، وينبغي إعطائها جسد، وجعلها حسية، ومنحها جسد قانوني واجتماعي وسياسي. لماذا؟ حتى لا يعتدى عليها أبدا. حتى يكون للإنسانية لسان تنطق به، وأناس يدافعون عنها، وحتى تدافع الإنسانية عن نفسها من اللاإنسانية والعدوانية، أينما كانت وأينما تواجدت، سواء كانت سياسية أو دينية، وإذا ما استعمل أحد الزعماء الدين وجعل منه ايديولوجية، للإعتداء على الإنسانية، يجد أمامه إنسانية تستطيع أن تدافع عن نفسها وتتكلم. ليست دول، بل إنسانية لها لسان وكلمة، ولها قانونيا وضعا. إني أذكر لكم الإمكانيات الموجودة وراء العيش معا. لا نريد هذا العيش معا حدثا، ويوما يندرج ضمن الأيام الموجودة في العالم، في رزنامة الأمم المتحدة، ولكن نجعل من هذا الحدث حادِثة وبداية، وليست نهاية، بداية لإدراك جديد، تتحلى به الأجيال القادمة.

    أعلم أنه يبدو اليوم بعيد المنال، وكما قلنا، في أكتوبر 2014، ولدت هذه الفكرة، هنا في وهران، وكانت تلك الدفعة الأولى، وطرح هذا الإقتراح لدى الأمم المتحدة. في الحقيقة، وقّع 3600 شخص على العريضة، والحق أنه لم يكونوا يعلمون متى سيتحقق ذلك، بما فيهم أنا شخصيا، ورغم ذلك أربع سنوات من بعد، نرى أنها أصبح حقيقة، وحقيقة معترف بها من طرف الجميع. وكيف إذا بقينا بالإستنتاج أننا نجحنا في تأسيس يوم، بدون إعطائه حركية والمعنى الذي هو بحاجة إليه، معنى من أجل الإستمرار في الحياة والتطور، وبدون ترجمته في الحياة اليومية، وفي تربية أبنائنا، من الحضانة إلى الإبتدائية والثانوية وحتى الجامعة؟

    أقول لماذا لا توجد أكاديمية للسلام، مادام توجد أكاديمية البيلياردو، وأكاديمية ما لا أعلم، ومربي الحمام، وكل الأنواع، ولا تجدون في أي مكان واحدة للسلام. نعم يتكلمون عنها، فمثلا كوستاريكا، لما زرتها، فرئيسها السابق "سانشيز"، كان البادر لهذه الفكرة، لفكرة أكاديمية السلام، ولكنها لم تتحقق أبدا. كيف يمكن أن ليس للسلام أي محل، ولا أي مؤسسة جديرة بهذا الإسم، تمثله وتحمله؟ في كل بلد توجد وزارة الدفاع، في السابق لم نكن نخفي الأمر، كنا نسميها وزارة الحرب. في أيامنا غُيّر الإسم، ونقول أنها وزارة الدفاع أو وزارة الإستراتيجيات، والحقيقة أن للحرب مؤسساتها. والحرب شيئ ما يتم تدريسه، كتكتيك وتطبيق وكل ما تريدون. في أي مكان لا توجد دبلوماسية السلام. نعم توجد في الأمم المتحدة، ولكن في الحقيقة، لا توجد في أي بلد. في كندا قامت حكومة هذا البلد مؤخرا، بإنشاء خلية تعمل على الدبلوماسية والعيش معا، وهي حديثة، ولدينا في كندا المرصد الدولي لرؤساء بلديات العيش معا.

    إذن أنتم ترون العمل، الذي ينبغي القيام به، وأنا أتكلم مع المدينة التي انطلقت منها هذه الفكرة.  انظروا كيف تمت تعبئة هذا الحدث، الذي جرى منذ يومين، و نقش العيش معا هذا، بحروف من ذهب، تحول إلى واقع، وكسر طابو، فتطويب رهبان وأشخاص وأسقف وهران، مع وجود مبعوث خاص للفاتيكان وممثلي كل الأديرة، التي ينتمي إليها الرهبان والراهبات، فهذا حدث رئيسي، يحدث لأول مرة في بلد عربي وإسلامي وأفريقي، عواقبه هائلة على صورة البلد، وعلى صورة مدينة وهران، وهو ما يبرز أن هذا البلد منفتح ومرحب. غادر الناس من هنا وهم باكين، وأهالي العائلات الذين رافقونا طيلة هذه الأيام في وهران، تأثروا بحسن الضيافة والإستقبال، والسلك الدبلوماسي الذي كان حاضرا. هي شهادة تعطي نظرة أخرى عن بلدنا، ونظرة أخرى عن مدينتكم. يجب عليكم أن تدركوا ذلك، وعلى الخصوص الباحثين والجامعيين والأساتذة، حتى نبلغه لأبنائنا، ونذكر لهم أهمية العيش معا، وعواقبه على واقع مبادلات بلدنا، مع أوروبا، وأيضا مع أعماق القارة الأفريقية، حيث تواجد كذلك مسيحيي أفريقيا، احتفلوا معنا وغنوا. تمثل الجزائر شيئا ما في القارة الأفريقية، فهي ذات زعامة، وهذا الإنفتاح البيديني، وهذا القبول للآخر، يسمح بوضع بلدنا في الحوار. لا أقول لكم هذا فخرا، أنتم تفهمون هذا. أقول لكم هذا، حتى يكون هذا البلد جاهزا، لتقديم أحسن ما عنده، ويتبادل مع العالم بأسره، حول مبدأ العيش معا، والإقتصاد التضامني الدائري، فالمصالح تختلف. كما في الجسد، لا يمكننا أن نفضل اليد اليمنى عن الشمالية، أو العين اليمنى عن الشمالية، أو القدم اليمنى عن الشمالية. هذا غير معقول. في الجسد الأعضاء متضامنة. لنتشارك في فعل الخير، مع العمل من أجل خير الصالح العام، وكل واحد ينال حقه من خير الصالح العام. إحترام الآخر وكرامته. حرمة الغير وسلامة الغير. فمن المهم أن نرسخ في ذهن أبنائنا مبكرا فكرة الغيرية.

    يعتبر الآخر جزء من أنفسنا، في الإتجاه الذي ننتقل فيه من ثقافة الأنا إلى ثقافة النحن، من ثقافة الذاتية إلى ثقافة الجميع، نحو القيم العالمية (الشاملة). ما هي ثقافة الأنا؟ إنها ثقافة الأفقية، أي أننا نتطور ونخلق إقتصادا ناميا. مثلا عندما نتكلم عن الدول التي تتطور، نتكلم عن بلدان ذات رمز برقمين. هذه أفقية الأشياء، ويوجد أيضا مفهوم العمودية. أي إذا قمنا بتطوير بلد أو أمة فقط على الأفقية، فإننا نقتل هذه الإنسانية. إذا لم يحتسب العمودية والقيم، وإذا لم يدرّس القيم لمجتمعه، وحوّله فقط إلى مستهلك، وفتح لاستهلاكية جامحة، إنتاج من أجل الإستهلاك، فسنفقد معنى الإنساني الكامن فينا، ونتحول إلى معدة. نحرص على ملئ شيئ يفرغ في الحال. لتحفيز القيم، ينبغي العودة إلى الأفقية. من أجل قيومية الإثنين معا، نحن بحاجة إلى تطور إقتصادي. اتجهت بعض الدول أبعد من ذلك، ولسوء الحظ، إنها دول صغيرة، ومن يستمع إليها. في نيبال وبوتان، لا يتكلمون عن الناتج القومي الإجمالي، بل عن السعادة القومية الإجمالية(2). ماذا ننتج من سعادة لمواطنيينا؟ ليس الناتج القومي، بل السعادة القومية، هي التي تحتسب عندهم. وهمية على الإطلاق. نعم ربما هي فكرة ينبغي الرجوع إليها. سعادة المواطنين، وكل واحد منا ينال نصيبه. نصيبه من الكرامة، نصيبه من الإنسانية، ونصيبه الإقتصادي. كل هذه الكلمات هي طوباوية خيالية. نعم هي كذلك، وإنه الحلم. حلم يتقاسمه العديد من الناس يتحقق. إذا حلمنا بعالم يتغير، وإذا أعطينا، ونبدأ بكم، أنتم هنا، إذا أردتم أن تعطوا لمدينتكم هذا الواقع، ينبغي العمل له. إذا أردنا أن نعطي هذه الحقيقة، لهذا البلد، ينبغي العمل لها. والعمل هو التربية. والعمل في المدارس وأيضا في المساجد وكنائسنا، فلا يوجد كنس، لسوء الحظ، ويكون أيضا في تطورنا الإقتصادي وزراعتنا، ليست الزراعة الصناعية، فهي زراعة محترمة للأرض. يكون العيش معا حتى مع المماليك الأخرى، فالأرض حية، ومعدن حي، لا نستطيع أن نعيش مع الأرض، ونسممها، فهي سترد إلينا ما وضعنا فيها، وتوجد بقية المماليك، الحيوانية والنباتية. هل تعلمون أن 90 %من الطحالب الجافة تختفي، وهذه كارثة على المستوى الإنساني. ماذا تعني حشرة؟ خذوا نحلة، لا تزن شيئا، ولكن في اقتصاد العالم، وتلقيح الحي، لها دور أساسي، بدونها لا نحصل على فاكهة.  عندما تمتص رحيق نحلة، تقوم بالتلقيح، وبفضل النحلة أو أي حشرة نحصل على فاكهة. انظروا إلى أهمية النحلة، وتأثيراتها المباشرة علينا. يمكنكم أخذ كل شيئ، فدودة الأرض تجعل الأرض حية، والتراب الذي ترده، يمثل عمل الملايين من الجرارات. إن العمل الذي تقوم الحشرات، لا يستطيع الإنسان أن يقوم بمثله، رغم تقنياته العالية. لا يستطيع القيام به، والعمل بمثله. ويستعيد العيش معا تكامله مع بيئتنا. يدعوننا هذا التقارب إلى العيش في الدائرة، ما معناه، في أقصى معاني الإنفتاح، وليس بالنظر إلى جزء من الدائرة، ولكن العيش في الدائرة، وفي الحقيقة الشاملة. نعيش في سلام مع أنفسنا وأقراننا، وأيضا مع المماليك الأخرى، المعدنية والنباتية والحيوانية، حتى تستديم الحياة، ونتركها لأحفادنا. المسألة البيئيىة، مسألة الإحتباس الحراري، وذوبان الجليد والقطبين. سيؤدي كل هذا إلى مشاكل لا تصدق لنا جميعا. انقلاب كلي، يتحمل الإنسان بعض جوانبه. كيف ستتصرف هذه الأجيال، إذا لم نعي من الآن، ونبدأ في إرشادهم إلى مناهج، يمكنهم التوجه إليها غذا، ونترك لهم رأسمال، يسمى العيش معا في سلام.

  أشكركم.

ــــــــــــــــــــــــ
 (1). أنشأت شهر أكتوبرالماضي أثيوبيا، أول وزارة في العالم، أطلقت عليها إسم وزارة السلام. قال رئيس وزراء البلد السيد أحمد  لنواب البرلمان "المشكلة الرئيسية في هذا البلد هي الافتقار للسلام. هذه الوزارة (وزارة السلام) ستعمل جاهدة على أن يسود السلام".
    جاءت هذه الوزارة بعدما مر هذا البلد، بموجة من العنف في الداخل ومع الجيران، فيما مضى، ويحاول الإستقرار بقوة ثابتة. لم تتوضح بعد خصوصيات هذه الوزارة، وقالت الحكومة، إن وزارة السلام الجديدة ستشرف على أجهزة المخابرات والأمن.

(2). السعادة القومية الإجمالية، هو مصطلح صاغه ملك دولة بوتان، السيد جيغمي سينغي وانغشوك، في سنة 1972، يتضمن دليلاً لمقياس الرفاهية الفعلية لمواطني البلد، بدلاً من الاستهلاك، وهو ما يعبر بشكل أكثر ملاءمة عن الحقائق الاجتماعية والإنسانية والبيئية. فرضيته هي أن السعادة الأساسية يمكن قياسها، لأنها تنتمي إلى نوعية التغذية والمسكن والتعليم والرعاية الصحية والحياة المجتمعية. على عكس ذلك، فإن مفهوم التقليدي للناتج القومي الإجمالي، يقيس فقط مجموع الإنتاج المادي الصرف في البلد.
    وُضعت السعادة الوطنية الإجمالية، كهدف لحكومة بوتان في دستور الدولة، الذي صدر في 18 07 2008، وجاءت قصة انشاء المصطلح، عندما أجرى صحفي بريطاني في صحيفة فاينانشيال تايمز، مقابلة في مطار بومباي، مع ملك بوتان الشاب، السيد جيغمي سينغي وانغشوك، و قال حينها "إن السعادة الوطنية الإجمالية أكثر أهمية من الناتج القومي الإجمال".
    في عام 2011، أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة  قرار "السعادة: نحو نهج شامل للتنمية"، حث الدول الأعضاء على اتباع مثال بوتان، وقياس السعادة والرفاهية، إجمالي الناتج المحلي، من خلال تقييم السعادة الجماعية كهدف للحكومة، من خلال التأكيد على الانسجام مع الطبيعة والقيم التقليدية، كما هو موضح في مجالات السعادة القومية الإجمالية التسعة وأركانها الأربعة. وتتكثل الأركان الأربعة في: التنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة والعادلة، الحفاظ على البيئة، الحفاظ على الثقافة والترويج لها، والحكم الراشد.
    تصنف دراسة أجراها باحثون أميركيون لصالح الأمم المتحدة، يحدد ترتيب 156 دولة، وفقًا لمستوى السعادة، وهو أسلوب مماثل لـ تصنيف يخص للناتج القومي الإجمالي، في صدارة الترتيب من تصنيف يعود 2013، الدنمارك (7693)، ثم تليها النرويج (7655)، فسويسرا (7650). لا تظهر بوتان في القائمة. واحتلت النرويج المرتبة الأولى في إجراء نفس الدراسة، سنة 2017.
    المصدر: ويكيبيديا.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق