الخميس، 20 ديسمبر 2018

تصالحية الشيخ خالد بن تونس

تصالحية الشيخ خالد بن تونس


   قدّم الشيخ خالد بن تونس، يوم 09 12 2018، محاضرة قيمة، بمقر مركز البحث في الأنتروبولجية الإجتماعية والثقافية، بحضور أساتذة متخصين وصحافيين وطلبة وجمهور متعطش لأفكار الشيخ المحدثة، وكذلك استضافة القنصل الفرنسي العام بمدينة وهران، وغيرهم من الرسميين والمعتمدين.

     في مستهل اللقاء قدم مدير مركز البحث في الأنتروبولجية الإجتماعية والثقافية بوهران كلمة ترحيب، وأشاد بالإتفاق الموقع بين مركزه ومؤسسة جنة العارف، وقال "سنشتغل على الموضوع، من خلال دراستنا الإجتماعية والأنتروبولجية، وسنعمل خاصة من خلال علاقتنا مع المؤسسات المعنية، وعلى الخصوص مؤسسات التعليم العالي والتربية الوطنية، لنحاول أن نقدم موضوع العيش المشترك، كي يصبح موضوعا في برامج أطفالنا، وبرامج الأجيال القادمة".

    بعد إلقاء الشيخ خالد بن تونس كلمته، فتح المجال للنقاش، وطرح الأسئلة، وعاشت القاعة على ضوء وصدى اليومين السابقين، اللذين شهدا سابقة في العالم الإسلامي بمدينة وهران، وهي تطويب رهبان مسيحيين، بحضور وفد رسمي يمثل الكنيسة الكاثوليكية بالفاتيكان.

    في رده على أسئلة الطلبة والأساتذة، قال الشيخ خالد بن تونس "يبدأ العيش معا في النفس، وهنا تكمن الصعوبة وكل الصعوبة، لقوله تعالى 'وفي أنفسكم أفلا تبصرون'. سورة الذاريات، الآية 21. وذكّر بأصل إسم السلام، الذي هو إسم من أسمائه الحسنى تعالى، وكان من أدعيته صلى الله عليه وسلم دبر كل صلاة قوله 'اللهم أنت السلام ومنك السلام وإليك يعود السلام'، اللهم سلمني في ديني ودنياي وآخرتي. منك يجيئ السلام وإليك يعود. وأشار في رده بوجود "مفهوم قائم، بين المنبع والشخص، ذهابا وإيابا، حول نسبة نوعية هذا السلام، الكامنة في أعماق الضمير الإنساني". وحذر من التعاطي مع "أسماء الله، أنها من أسمائه تعالى الحسنى فقط، وأقصيناها من محيطنا، وفي علاقتنا مع بعضنا البعض". وأضاف "لم تعد طاقات، بل فقط أسماء حسنى".

    وساق مثالا، "عندما أشرب الماء، أعلم أني أشرب لأستجيب لحاجة، وهي العطش. إذن توجد علاقة بيني وبين الماء، بدون فلسفة في الأمر، توجد علاقة، لأني مكون من 86 % ماء، وهي النسبة الموجودة في ذاتي. إذا تخليت عن الماء، ماذا يحدث لي؟ هلاك حتمي، وسيجف جسمي". وبعدها أكد "إذا تواجد عندنا مفهوم السلام، كإسم من أسماء الله الحسنى، وإذا استعملناه كقوة وطاقة مغذية لضميرنا، فعندها الأمور تتبدل وتتغير".

    "ويدعوننا الله سبحانه وتعالى في كل مرة فيقول 'الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك'. سورة آل عمران، الآية 191. يعمل هذا التفكر والتفكير والذكر على ضمائرنا، بالنظر، أن نكون نحن واعين، أن لهذه الأسماء حقيقة، وتجسد طاقات، لعلها تغذي ضمائرنا. وهنا تكمن الصعوبة. ولهذا ففي مجال التربية.. أريد أن نفرق بين التربية والتعليم. التعليم شيئ والتربية شيئ آخر... أنتم في مكان تفرقون فيه بين ربّى وعلّم... إن التربية هي تحلي بالوعي"، وبسلوك منهجيتها نعرف "كيف نعمل وكيف نتوصل إلى جعل  الكائن واعيا، شخصا يسمو ضميره بالتفكير والملاحظة والمعارف المكتسبة. كلما كان الكائن يتلقى ويغذي ضميره، كلما انشرحت إنسانيته وشخصيته".

      "يجب أن نعرف أن الإنساني ليس هو الإنسان. الإنسان في سلسلة الحياة، ومن جهة البدن والبيولوجية، نتج من سلسلة الخلق، وكل ما في الأمر، أنه حيوان عاقل. إن الذي يميز الإنسان هو الضمير. إذا نزعنا من الإنسان ضميره، فماذا يصبح؟ يصبح حيوانا أكثر من الحيوان نفسه، وشرسا أكثر من الشرِس. وهذا مهم. إن تعليم السلام والتربية على السلام، هو تربية للنفس وتغذية لضميرنا، حتى نتحول إلى مستهلكي السلام ومنتجي السلام، في أفعالنا وكلامنا"، وفي تعاملاتنا وفي حديثنا يكون باستطاعتنا أن "نختار بين الكلام الجارح والكلام الشافي، وبين إيماءة قد تكون عنيفة، وإيماءة إصلاحية، وعلاوة على ذلك، في التربية النبوية، عندما طُلب من النبي صلى الله عليه وسلم، من هو المسلم؟ قال 'المسلم من سلم المسلمون من يده ولسانه'، وعندما يقول 'افشوا السلام واطعموا الطعام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلون الجنة بسلام'. لم يقل اقطعوا رؤوس الناس. فالحقفيقة شيئ آخر، وهي افشوا السلام، ولا نفشي إلا ما نملك، ولا يمكننا أن نعطي إلا ما نملك. إن الرجوع إلى النفس أمر أساسي".

    بالمناسبة، أعيد عليه أيضا هذه المرة، نفس السؤال، حول تصادفْ إحياء اليوم الدولي للعيش معا، بتاريخ 16 مايو، الذي هو اليوم الذي سقطت فيه زمالة الأميرعبد القادر سنة 1843، وصدر من بعض ممثلي مؤسسة الأمير عبد القادر، فما كان من الشيخ إلا أن ذكر، أن هذا التاريخ لم تختره الجزائر، بل جاء نتيجة حوار واتفاق بين مختلف ممثلي دول الأمم المتحدة، والذين أكدوا عليه، هم ممثلي النصف الجنوبي للكرة الأرضية، خصوصا دول أمريكا اللاتنية، الذين طالبوا بتاريخ تناسب فيه الأجواء المناخية، الشطرين الشمالي والجنوبي الأرضي، نهار طويل وسماء صافية، لأن الإحتفالية تقام أيضا خارج القاعات. وأضاف الشيخ "علينا أن نكون سعداء، على كل حال، ففكر الأمير عبد القادر مندرج في هذا التاريخ، الذي كان هزيمة في عصر سابق، فهو اليوم انتصار للإنسانية، وليس فقط لبلاده. فله دور بارز فيه". مثلا "إن الإحتفال بعيد الإستقلال يصادف يوم 05 جويلية، ويوم 05 جويلية 1830، ماذا كان"؟ هذا التاريخ هو يوم سقوط مدينة الجزائر في يد الفرنسيين، وأرّخ لبداية إستعمار الجزائر، وهو نفسه، يوم 05 جويلية 1962 تاريخ إستقلال الجزائر". و أبرز "تفاعلوا كي تجعلوا الأشياء إيجابية. يستخرج من السلبي الإيجابي". وختم في المسألة مؤكدا "كيف نترجم تاريخنا المؤلم إل شيئ" مفيد "لأبنائنا، لأنه لا ينبغي التفكير فقط في أنفسنا، بل نفكر في الأجيال المقبلة، ونترك لهم إن أمكن أشياء إيجابية، يستطيعون البناء حولها حقيقة كينونتهم".   

     وتساءل بعض الصحفيين،عن المراحل التي وصلت إليها تسوية ثقافة العيش معا في بلادنا، وهل ستصل إلى أبنائنا في مدارسهم، فقال الشيخ مخبرا "إلتقيت بوزيرة التربية الوطنية، وقمنا بأول عمل في شهر جويلية، وفيه إستقبلنا 108 مفتش عام، يمثلون 48 ولاية، جاءوا إلى مستغانم لحضور المؤتمر الدولي للرياضيات والعيش معا". خاضوا تجربة إلى جانب أساتذة دوليين من جامعات عالمية كبيرة في العالم. وأفاد الشيخ أن "دول أخرى، تقوم بهذا العمل. عدتُ من ألمانيا، فالألمان يعملون حول بيداغوجية نوعية تعني العيش معا وثقافة السلام. توجد دول بدأت فعلا في العمل، وظهرت فرق عمل، وحتى جامعات مثل جامعة تيبنغن الألمانية، سباقات في القضية، وهناك جامعة مرموقة بكندا، تعمل حول نفس  الموضوع. بدأت الأمور تتحرك ويجري تنفيذها".

    تساءل أحد الحضور عن "كل هذه الأهداف وأصلها، وتدور كلها حول قيم إنسانية، فكيف نستطيع تحقيقها في بلادنا مع بعضنا البعض كجزائريين، وماهي أبعاد هذا الشيئ مستقبلا لأولادنا، إن شاء الله"؟ وطلب آخر "إن هذا الخطاب الذي تحمله المثير للإعجاب، وبمهارة وإتقان، أريد أن تحمله إلى الآخرين".

     دعى الشيخ خالد بن تونس في حواره، مجيبا على مجمل التساؤلات، إلى الحفاظ على الأماكن التاريخية، مذكرا "لقد حطمنا تاريخنا بأيدينا، وتحولت اليوم حتى إلى استراتيجية وسياسة وثقافة. ندمر الماضي، ونقيم مكانه شيئ أخر. انظروا إلى الذي يحدث في سوريا والعراق وليبيا وأماكن أخرى وفي الساحل الأفريقي. فقط في مالي، أزيل 350 محل. احترقت مكتبات بأكملها ومخطوطات لا تقدر بثمن، انقذ بالكاد جزء منها، أما الباقي ذهب مهب الريح". وأضاف "ومتاحف نهبت، وأماكن الصالحين دنست. تتواجد أول مدرسة قرآنية في شمال أفريقيا بمصراتة بليبيا، فقد دمرت وفجرت وأصبحت حطام". "لدينا مثال الأمير عبد القادر". وساقه إجابة على تساؤل، يرى صاحبه تأثر الشخصية الجزائرية، وانخفاضها بمراسيم إستعمارية مضت، وأنها عائق للتواصل وتبني العيش معا، مع الآخرين. يضيف الشيخ "فهو طرد من بلاده، وتمت خيانته، فبدل أن يحمل إلى الإسكندرية"، عقب توقيع وثيقة إنهاء الحرب، واستسلامه، وكان البند ينص على أن يحمل إلى الإسكندرية، "سيق إلى سجن تولون، ثم بو، وأمبواز، قبل أن يحرره نابليون، عندما أصبح ملكا". وقال الشيخ "إن النفس الجزائرية لا تذعن إلا عن محبة. هذا كل شيئ وفقط. إن المحبة هي ضعفنا وهي قوتنا. والدليل هو دبلوماسية بلادنا، لا تتدخل في شؤون الآخرين، وتمتنع من الدخول في مشاكل الآخرين، وأدعو الله أن تستمر في هذا الإتجاه دائما".

    ذكّر الشيخ خالد بن تونس بالوساطة، وما لها من مزايا في إصلاح ذات البين، فقد ذكرالله سبحانه وتعالى هذه الأمة في كتابه وخصها بالوساطة، فقال "وكذلك جعلناكم أمة وسطا". سورة البقرة، الآية 143. ووضح الشيخ "إن دور الوسيط وقائي، قبل أن تتأزم الأمور، وإذا ساءت الأمور، يقوم بالتصالح". وأضاف "علينا تطبيقها في عائلاتنا، الأمر الذي نسيناه. تتواجد الوساطة في أيامنا هذه فقط في مكان واحد ومؤكد وبشكل قوي، عند إخواننا الإباضيين. مازالت فعالة، وتحل الكثير من المشاكل عند إخواننا المزابيين(1)، ولها بقية قليلة في منطقة القبائل، بمفهوم الجماعة، أما في الغرب الجزائري، فتقريبا انقرضت، كان دور الزوايا، دور وساطة، حتى لا يقع نزاع. في أيامنا، أقصينا المسنين في الأحياء، الذين كانوا يلعبون دور الوسيط، وفي المسجد، كان أصحابه يقومون بدور الوسيط، مثل الإمام والمفتي والخطيب وغيرهم، كانوا يمثلون عوامل الإستقرار وصمام أمان، يساعدون في إدارة المجتمع".

    "إذن لنعود إلى احترام أماكن عبادة كل المعتقدات، مهما كانت". وفي خضم حديثه أشار إلى اكتشاف حديث بالجزائر، فقال "إن الكثير من الكهوف بها ذكرى. اتركوا العلم يتدخل هناك، وربما يكتشفون أنها بقايا إنسانية، تعود إلى ملايين السنين، وهذا ما اكتشف مؤخرا بسطيف"(2). وطرح تساؤلا "لماذا يذهب الناس إلى هذا المكان ويضعون الحناء ويشعلون الشموع؟ قالوا عنه أنه ولي أو كذا. هو مكان ذاكرة، قوموا باحترامه، ودعوا الإدعاء أنها شعوذة وكفر، فهذا  تقييد وجهل". ونوّه الشيخ باكتشاف آخر سبق أن أخبر به، فقال "قلت لمدير المركز قبل قليل، وجدنا مخطوطا في تلمسان، يعود إلى القرن 13، كنا نُدرّس في المسجد الكبير لتلمسان 17 مذهبا. من منكم يذكر هذه المذاهب 17، وواحد منها نسائي. أنا مع علميين وباحثين، من منكم سمع بهذا؟ ويكلمني عن مذهب نسائي في الشريعة الإسلامية، هل تعرفونه؟

    "إن ما يتطلبه العيش معا، هو رؤية متقاسَمة، ثم تأتي المهام. مهمة الكراسك مهمة، ولكلِ مهمة. وفي هذه المهام، توجد إجراءات ذات أولوية. أولا تتوحد الرؤية، وعندما تتوحد عندنا، فذلك واحد من انتصاراتنا على أنفسنا، وليس على الآخرين". وعرج في ردوده على ذكر لقاءين مرتقبين بباريس، يوم 12 ديسمبر، حيث سيلقي محاضرة، متبوعة بمناقشة، في بيت الأبرشية في يوندي، في الضواحي الباريسية، ومشاركة ثانية، يوم 14 ديسمبر، في معهد الدراسات السياسية لباريس، وهو جامعة متخصصة، تُكون نُخب مفكرة، يحضره أساتذة مختصون، وكان موضوع اللقاء "الأمير عبد القادر: نموذج التقارب بين الشرق والغرب". وأكد مبتسما "إن ما أقوله للآخرين، ربما لا أقوله لكم، ولا أجرأ أن  أستحثكم، فهم أستحثهم أكثر، أنا لطيف جدا معكم".

    ثم جاء تدخل ناظر الشؤون الدينية لولاية وهران، الذي قدم عرضا وافيا، عن تبعات دخول وفود المسيحيين إلى المسجد القطب، والنظرات الرافضة له، وغير المتقبِلة، فقال "أقدم مثالا عن دخول وفد الفاتيكان إلى المسجد، وهو نابع من ديننا، لو تقرأ مواقع التواصل الإجتماعي، وللأسف وللأسف" ما يصدر من "دكاترة في الجامعة والشريعة". وأردف "هذا الشيئ مازال له عمل كبير". وقدم الناظر مقارنة بين ما ورد منه صلى الله عليه وسلم، لما زار وفد نجران المسيحي المدينة المنورة، وأقام في المسجد النبوي لمدة أسبوع، وأقاموا قداسهم (صلاتهم)، ولم ينكر عليهم، بل قال "دعوهم"(3). واستثاره "ما ورد منهم من سب وشتم". وأضاف "نحن بحاجة أولا" إلى هذه القيم التي ينبغي أن تكون متخلقة فينا "ومع بعضنا البعض كمسلمين، ونحن مسالمين، كما قلت، قوله صلى الله عليه وسلم 'المسلم من سلم الناس من يده ولسانه'"، وختم "يتبقى لنا عمل كبير نقوم به، حتى نتعايش مع بعضنا البعض، وهي رسالة موجهة للمسلمين، وإلى غيرهم من مختلف الديانات"، وقدم دعوة "لإخواننا دارسي الشريعة، أن يعاونوا، وغيرهم من الأساتذة المحاضرين جميعا، من أجل بناء ثقافة العيش في سلام مع بعضنا البعض".

    وقبل أن يختم الشيخ الجلسة قام بتوجيه تشكراته قائلا "شكري لمسؤولي الكراسك، وخاصة السيد المدير وجماعته، والعمل القائمين به. وأرجو أن يكون هذا المكان نوارة علمية روحية أخلاقية للجميع، وينفع الوطن والمواطنين بلا تخصيص، فالبعلم تحيى النفوس، كما يقول الشيخ الحاج عدة بن تونس. أعلم أنه ليس سهلا. نعم حقيقة ليس من السهل، أن يتحقق العيش معا، على وجه الأرض. كانت هذه أمانة لدى الأنبياء والمرسلين، ولم يأتوا إلا لسبب، أن يرحموا بني آدم. يقول الله سبحانه وتعالى في حق الرسول صلى الله عليه وسلم "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين". سورة الأنبياء، الآية 107. والنبوة والرسالة قائمة في كل زمان ومكان. لدينا المسامحة في الثقافة الإسلامية، ولكنها مكمونة في روح الإسلام. إذن كيف للمرء أن يستعملها، أي يستنبطها ويخرجها للعمل بها في المجتمع... وعلى المجتمع أن يتيقظ على هذا، فمستقبلنا على المحك، مستقبل أبنائنا". وأبدى سعادته لما علم أن 60 % من باحثي المركز نساء، ووجه إليهن النصيحة، كما وجهها للنساء في 'المؤتمر الدولي للأنوثة، الكلمة للنساء'، الذي جرى بوهران شهر أكتوبر سنة 2014، و كان بذرة اليوم الدولي للعيش معا في سلام، وقال "لكن من فضلكن، أنتن المدرسة الأولى، ترجموا هذا لأبنائنا، احملن هذه الرسالة، احملن هذه البذرة، احملنها إلى عمق ضمائر أبنائنا".

شكرا جزيلا.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1). المزابيون نسبة إلى منطقة وادى ميزاب، وبها تتواجد الطائفة الإباضية، بالجنوب الجزائري.

(2). اكشف فريق من الباحثين الأثريين الدوليين، من الجزائر ودول أخرى، أدوات وأحجار مصقولة وبقايا عظام حيوانات، تعود إلى 2.4 مليون سنة، في الموقع الأثري القريب من منطقة عين بوشريط في ولاية سطيف، الواقعة في شمال شرق الجزائر. هذه الإكتشافات الحديثة والفريدة في شمال أفريقيا، تغير النظريات بشأن مهد البشرية.

     جاء في تغريدة لوزير الثقافة الجزائري، بتاريخ 29 نوفمبر 2018، السيد عزالدين ميهوبي أن هذا "إنجاز علمي تاريخي، حققه فريق بحث جزائري، معزز بباحثين من إسبانيا وفرنسا وأستراليا، تم الإعلان عنه اليوم، حيث أثبتت الحفريات التي أجريت بموقع عين بوشريط (سطيف)، أن الوجود البشري في شمال إفريقيا، يعود إلى 2.4 مليون سنة، بعد موقع غونا الاثيوبي الذي يعود إلى 2.6".

(3). فصل في قدوم وفد نجران على رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال ابن إسحاق‏:‏ وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفدُ نصارى نجران بالمدينة، فحدَّثنى محمد بن جعفر بن الزبير، قال‏:‏ لما قدم وفد نجـرانَ على رسول الله صلى الله عليه وسلم، دخلُوا عليه مسجدَه بعد صلاة العصر، فحانت صلاتُهم، فقاموا يُصَلُّون في مسجده، فأراد الناسُ منعهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏دَعُوهُم‏)‏ فاسْتَقْبَلُوا المَشْرِقَ، فَصَلَّوا صَلاَتَهُمْ‏.‏

    ففي الأثر تفصيل طويل، لما جرى بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم، ومجادلتهم له، وما نزل من القرآن نتيجة أسئلتهم، طرحها أساقفتهم حتى أن التسعين الآية أو أكثر من سورة آل عمران، نزلت بعد أسئلة وجهوها للنبي صلى الله عليه وسلم. واعترف بعضهم بنبوته صلى الله عليه وسلم، ولم يدخلوا الإسلام.

     
     رأى بعض العلماء، في فقه قصة وفد نجران، جوازُ دُخولِ أهلِ الكتاب مساجدَ المسلمين‏، وفيها‏،‏ تمكينُ أهلِ الكتاب من صلاتهم بحضرة المسلمين وفى مساجدهم أيضاً، إذا كان ذلك عارضاً، ولا يُمكَّنون من اعتياد ذلك‏. 
ومنهم أي العلماء، من رأى أنها من خصوصيات النبي صلى الله عليه وسلم، فقاموا يحدون الحدود في ذلك. اشترط القسم الأول في ولوج أهل الكتاب المساجد للصلاة وجود عارض، ولا تكون عادة. هذا عن الصلاة في المساجد لغير المسلمين يصلون صلاتهم، أما دخوله لوجود حكمة فجائز لاجتماع المهمة، لقوله تعالى "قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ" .سورة آل عمران، الآية 64.

    وفي الأثر، في قصة وفد نجران "‏إنَّ الأسقف أبا الحارث أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه السَّيد والعاقِب ووجوهُ قومه، وأقامُوا عنده يستمعون ما ينزل اللهُ عليه، فكتب للأسقف هذا الكتاب وللأساقفة بنجران بعده‏:‏ ‏(‏بسْم اللهِ الرَّحْمَن الرَّحيم، منْ مُحَمَّدٍ النَّبىِّ إلى الأسقُفُ أبى الحارث وأسَاقِفَةِ نَجْرانَ وكَهَنَتِهِم، ورُهْبَانِهِمْ، وأهْلِ بِيَعِهم، ورَقيقِهم، ومِلَّتِهم، وسَوَقِتِهِم، وعَلى كُلِّ مَا تَحْتَ أَيْدِيهِم مِنْ قَلِيلٍ وَكثِيرٍ، جِوارُ اللهِ ورَسُولِه، لا يُغَيَّرُ أُسْقُفٌ مِنْ أُسْقُفَتِهِ ولا رَاهِبٌ مِنْ رَهْبَانِيَّتِهِ، ولا كَاهِنٌ مِنْ كَـهَانَتِه، ولا يُغَيَّرُ حَقٌ مِنْ حُقُوقِهِم، ولا سُلْطَانهم، ولا مِمَّا كَانُوا عَلَيْهِ، عَلى ذلِكَ جِوَارُ اللهِ ورَسُولِه أبَداً ما نَصحوا وأَصْلَحوا عَلَيْهِم، غَيْرَ منقَلِبِين بِظَالِمٍ، ولا ظَالِمِينَ‏)‏‏.‏ وكتب المغيرةُ بن شعبة، فلما قبض الأسقفُ الكتاب، استأذن في الانصراف إلى قومه ومَن معه، فأذن لهم، فانصرفوا‏".‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق