الإسلام الروحي و التحديات المعاصرة
الندوة الدولية بدار اليونسكو، يومي 28 و 29 سبتمبر 2015
مذاكرة الشيخ خالد بن تونس في الجمع الروحي
بعد بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل و سلم و بارك على سيدنا محمد و على آله
و صحبه و سلم تسليما.
سيداتي سادتي، أشكركم على مشاركتكم معنا، في
هذه اللحظات للذكر، التي نسميها الحضرة، و هذا الجمع الروحي، الذي منذ قرون، ينتقل
من جيل إلى جيل، و يعطي معنى للروحانية، هذا الإرث الثمين، الذي تركه لنا مشائخنا،
و هم الذين تحصلوا عليه من المنبع، و بالنسبة لنا، ليس المنبع سوى الرسول صلى الله
عليه و سلم.
يطرح اليوم السؤال. سؤال خطير. هذا الإرث هو
في طريقه للإندثار. أنا شخصيا لن أزعم، أن في المستقبل، كل هذا الإرث، و كل هذه
الذاكرة، و كل هذه الألحان، أنها تبقى ضمن إرث الإنسانية، و لكن أريد أن أكون
متفائلا اليوم، و الإحتفاظ بالأمل لأبنائنا و أحفادنا، لأنهم سيحتاجونه يوما
لمعالجة مشاكلهم، حتى تسكن أنفسهم و تطمئن. ذكر الله، هو بالنسبة لنا العلاج
النهائي. كل تقليد عبر العالم، طور وسائل خاصة به. في التقليد الإسلامي، فإن
التصوف هو أيضا، من جيل إلى جيل، و من تجربة إلى تجربة، نقل معرفة و كيفية و وقت لجمع أهله و إعطائهم أدواتهم،
ليخضعوا للسمع، لسماع أنفسهم، و سماع الكون و الخليقة.. و يتمكنوا من تذوق الحضرة،
و يتذوقوا الحرية في حالة سكر، و يتذوقوا المحبة و الأخوة المتقاسَمة.
لقد حاولنا اليوم أمامكم، لا أعلم إن كنا
نجحنا، في خلق جو، لا يُصنع أبدا فوق منصة، بل في مكان، و مع زمن، و بحضور قلوب،
نستطيع في لحظة السمو و الإبتعاد عن ضجيج العالم، القيام بنظرة أكثر وضوحا، نَعرف
بها أين نتواجد و أين نتجه. شكرا مرة أخرى. (1)
هذه السهرة، و معها هذا اللقاء الذي دام
يومين، أين استمعنا إلى جمهور من علماء و أخصائيين و فقهاء و جامعيين. و ختامه
مسك، و الختام كان سماع ذكر الله، و ذكر أسمائه. أسمائه هي ملك للجميع، لكل إنسان،
و كل من يتنفس و له قلب، و إلى من هم في انتظار. في انتظار تجديد، و يتمنون أن هذا
العالم، عالم الدنيا، يجد لنفسه حكمة و معنى و عمقا، لتوحيد كل أبنائه، و أن
الجنون الإنساني لا يؤدي بنا إلى اليأس و التمزق و الإبادة.
فرنسا في وقت قريب، في شهر ديسمبر، ستستقبل
كل رؤساء العالم، ليتناقشوا حول مستقبل العالم (2). ندعو و نتمنى أن تنفتح قلوبهم و ضمائرهم،
و معا، يجدون مخرجا مناسبا و إيجابيا و رحيما و سخيا. و تصبو البشرية إلى إعادة
خلق الروابط بيننا جميعا و إفشاء السلام، و لا يحكموننا أبناءنا و أحفادنا غدا،
حكما قاسيا، و حتى أن عندما يفكر فينا أحفادنا، يقولون، لقد كان ضمن الرجال حكماء،
و كان ضمن الرجال كائنات واعية، اجتنبوا الأسوأ. نشكرهم، لأن بفضلهم سنكمل نحن
المغامرة الإنسانية. شكرا لمشاركتكم. شكرا لكم
جميعا. ليسكن السلام و الأمل جميع القلوب. شكرا لمشاركتكم، شكرا لتشجيعكم، ليحفظكم
الله، و ليحميكم، و سلّموا من طرفنا على أصدقائكم و عائلاتكم، الذين تركتوهم
لتكونوا معنا اليوم، شكرا و السلام عليكم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1). توقف الشيخ خالد بن تونس، و قدم لنا
السيدة ييني وحيد إبنة الرئيس الثالث لأندونيسيا، الذي شغل بعدها رئيس رابطة
العلماء المسلمين الأندويسيين. و قفت ييني و قدمت لنا نشيد مشهور ببلادها يتلى في
المساجد، يعرف بـ"شفاء القلوب"، فقد كانت سعيدة، و أدلت بسهمها في الجمع
الروحي.
(2). سوف تستضيف فرنسا بين 30 نوفمبر و 11 ديسمبر 2015، مؤتمرا دوليا يعرف باسم (محاضرة الأطراف) COP في دورتها الـ 21.
COP21 يعرف أيضا بمحاضرة
باريس حول المناخ، و يصبو لأول مرة منذ أكثر من 20 سنة من المفاوضات بالأمم المتحدة، إلى
الوصول إلى اتفاق عالمي قانوني مُجبِر حول المناخ، ينطبق على جميع البلدان، و ذلك
بهدف الحفاظ على الإحتباس الحراري تحت أقل من 2 درجة مئوية.
ستلعب فرنسا دورا قياديا، باستقبال هذه
المحاضرة العملاقة، و يُنتظر مشاركة 50000 مشارك، من بينهم 25000 مندوب رسمي. و حسب آخر المعلومات سيكون
حاضرا 96 رئيس دولة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق