الثلاثاء، 27 أكتوبر 2015

مذاكرة الشيخ خالد بن تونس في الجمع الروحي

الإسلام الروحي و التحديات المعاصرة
الندوة الدولية بدار اليونسكو، يومي 28 و 29 سبتمبر 2015

مذاكرة الشيخ خالد بن تونس في الجمع الروحي

    بعد بسم الله الرحمن الرحيم

   اللهم صل و سلم و بارك على سيدنا محمد و على آله و صحبه و سلم تسليما.

    سيداتي سادتي، أشكركم على مشاركتكم معنا، في هذه اللحظات للذكر، التي نسميها الحضرة، و هذا الجمع الروحي، الذي منذ قرون، ينتقل من جيل إلى جيل، و يعطي معنى للروحانية، هذا الإرث الثمين، الذي تركه لنا مشائخنا، و هم الذين تحصلوا عليه من المنبع، و بالنسبة لنا، ليس المنبع سوى الرسول صلى الله عليه و سلم.

    يطرح اليوم السؤال. سؤال خطير. هذا الإرث هو في طريقه للإندثار. أنا شخصيا لن أزعم، أن في المستقبل، كل هذا الإرث، و كل هذه الذاكرة، و كل هذه الألحان، أنها تبقى ضمن إرث الإنسانية، و لكن أريد أن أكون متفائلا اليوم، و الإحتفاظ بالأمل لأبنائنا و أحفادنا، لأنهم سيحتاجونه يوما لمعالجة مشاكلهم، حتى تسكن أنفسهم و تطمئن. ذكر الله، هو بالنسبة لنا العلاج النهائي. كل تقليد عبر العالم، طور وسائل خاصة به. في التقليد الإسلامي، فإن التصوف هو أيضا، من جيل إلى جيل، و من تجربة إلى تجربة، نقل معرفة و  كيفية و وقت لجمع أهله و إعطائهم أدواتهم، ليخضعوا للسمع، لسماع أنفسهم، و سماع الكون و الخليقة.. و يتمكنوا من تذوق الحضرة، و يتذوقوا الحرية في حالة سكر، و يتذوقوا المحبة و الأخوة المتقاسَمة.

     لقد حاولنا اليوم أمامكم، لا أعلم إن كنا نجحنا، في خلق جو، لا يُصنع أبدا فوق منصة، بل في مكان، و مع زمن، و بحضور قلوب، نستطيع في لحظة السمو و الإبتعاد عن ضجيج العالم، القيام بنظرة أكثر وضوحا، نَعرف بها أين نتواجد و أين نتجه. شكرا مرة أخرى. (1)

    هذه السهرة، و معها هذا اللقاء الذي دام يومين، أين استمعنا إلى جمهور من علماء و أخصائيين و فقهاء و جامعيين. و ختامه مسك، و الختام كان سماع ذكر الله، و ذكر أسمائه. أسمائه هي ملك للجميع، لكل إنسان، و كل من يتنفس و له قلب، و إلى من هم في انتظار. في انتظار تجديد، و يتمنون أن هذا العالم، عالم الدنيا، يجد لنفسه حكمة و معنى و عمقا، لتوحيد كل أبنائه، و أن الجنون الإنساني لا يؤدي بنا إلى اليأس و التمزق و الإبادة.

    فرنسا في وقت قريب، في شهر ديسمبر، ستستقبل كل رؤساء العالم، ليتناقشوا حول مستقبل العالم (2). ندعو و نتمنى أن تنفتح قلوبهم و ضمائرهم، و معا، يجدون مخرجا مناسبا و إيجابيا و رحيما و سخيا. و تصبو البشرية إلى إعادة خلق الروابط بيننا جميعا و إفشاء السلام، و لا يحكموننا أبناءنا و أحفادنا غدا، حكما قاسيا، و حتى أن عندما يفكر فينا أحفادنا، يقولون، لقد كان ضمن الرجال حكماء، و كان ضمن الرجال كائنات واعية، اجتنبوا الأسوأ. نشكرهم، لأن بفضلهم سنكمل نحن المغامرة الإنسانية. شكرا لمشاركتكم. شكرا لكم جميعا. ليسكن السلام و الأمل جميع القلوب. شكرا لمشاركتكم، شكرا لتشجيعكم، ليحفظكم الله، و ليحميكم، و سلّموا من طرفنا على أصدقائكم و عائلاتكم، الذين تركتوهم لتكونوا معنا اليوم، شكرا و السلام عليكم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1). توقف الشيخ خالد بن تونس، و قدم لنا السيدة ييني وحيد إبنة الرئيس الثالث لأندونيسيا، الذي شغل بعدها رئيس رابطة العلماء المسلمين الأندويسيين. و قفت ييني و قدمت لنا نشيد مشهور ببلادها يتلى في المساجد، يعرف بـ"شفاء القلوب"، فقد كانت سعيدة، و أدلت بسهمها في الجمع الروحي.

(2). سوف تستضيف فرنسا بين 30 نوفمبر و 11 ديسمبر 2015، مؤتمرا دوليا يعرف باسم (محاضرة الأطراف) COP  في دورتها الـ 21.

    COP21 يعرف أيضا بمحاضرة باريس حول المناخ، و يصبو لأول مرة منذ أكثر من 20 سنة من المفاوضات بالأمم المتحدة، إلى الوصول إلى اتفاق عالمي قانوني مُجبِر حول المناخ، ينطبق على جميع البلدان، و ذلك بهدف الحفاظ على الإحتباس الحراري تحت أقل من 2 درجة مئوية.

    ستلعب فرنسا دورا قياديا، باستقبال هذه المحاضرة العملاقة، و يُنتظر مشاركة 50000 مشارك، من بينهم 25000 مندوب رسمي. و حسب آخر المعلومات سيكون حاضرا 96 رئيس دولة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق