الأربعاء، 20 سبتمبر 2017

الرحلة الأممية الجزء السادس

الرحلة الأممية
الجزء السادس


15- مهرجان العيش معا بمدينة كان

    مهرجان العيش معا بمينة كان، هو حدث جريئ و متميز، تشهده مدينة المهرجانات "كان" الفرنسية، بحيث يجتمع كل سنة، أفراد من كل الطوائف و النحل، من أجل إبراز ميزة التقارب الإنساني، التي تكتنف جميع البشر، و يجسدونها على أرض واقع، في سلسلة من النشاطات و التظاهرات، لعل أبرزها، المسيرة التي تقام في نهج "لاكروازات" الشهير، الذي يستمد شهرته، بفضل مهرجان كان السينمائي، الذي تسلط عليه أضواء كثيرة، عكس مهرجان المصالحة الإنسانية، الذي تصنعه مختلف الديانات و المعتقدات، و يمر مرور الكرام، عند الإعلاميين.

                         المسيرة بنهج لاكروازات

نشأته
    "إن العيش معا في كان، هو حقيقة، نشأت في (كان) في عام 2011، بمناسبة الذكرى الـ 25 لإجتماعات أسيزي، التي بدأها البابا، يوحنا بولس الثاني في عام 1986."( 1)

    واجتماعات أسيزي، هي سلسلة من الاجتماعات بين الأديان، عقدت في مدينة أسيزي في إيطاليا، بدعوة من البابا. وكان الاجتماع الأول، من أجل اليوم العالمي للصلاة، الذي عقد في 27 أكتوبر 1986.

    وفي ذكرى التأسيس الخامسة و العشرين، "قررت مجتمعات (كان)، اليهود والمسيحيين والمسلمين والبوذيين، اتخاذ خطوات تجاه بعضهم البعض، وتلبية دعوات بعضهم البعض، من أجل التعرف على بعضهم البعض، بشكل أفضل، مع عقد رهان، من الأخوة والمشاريع المشتركة المحتملة، التي تحترم الهويات و الإختلافات. من خلال هذه المبادرة من (العيش معا في كان)، وتنظيم الأحداث المشتركة، فإنها تريد أن تظهر أن للمؤمنين، كلمة تساعد على بناء السلام والوحدة للجميع."(1)

أهدافه
    يأمل مؤسسوه، أن يقوم العيش معا، بالدور المرجو من إحداثه، و يحقق الأهداف التالية:
-        تعزيز العيش معا، المحتمل للأديان.
-        خلق مساحات من الأخوة والأمر بالمعروف، مفتوحة للجميع، مؤمنين وغير مؤمنين.
-        في الحقيقة، يؤمل منه التدرب على التعارف، وبالتالي التغلب على المخاوف والأحكام المسبقة.
-        إنشاء ديناميكية الاجتماع و التقارب، بين مختلف المجتمعات، من خلال إقامة أحداث، و تكوين مجموعات المقاسَمة، والإجراءات المشتركة.
-        الشهادة، أن العيش معا بين الأديان، يجلب لبنته، لبناء المدينة، ويساهم في ظهور السلام على وجه الأرض. "(1)

                              إشهارية تعلن قدوم أحد مهرجان العيش معا بكان

المهرجان

    العيش معا بـ (كان)، هو مجموعة من الأحداث الثقافية، تهدف إلى إحداث مودة العيش معا، من خلال إقامة مجموعات تفكير بيدينية، و توفير دورة للدراسات البيدينية، مفتوحة للجميع، و لها جلسة أسبوعية، في محطة إذاعية محلية، و كل يوم الإثنين، الذي يصادف الأول من كل شهر، يجتمعون، و يتحدثون عن إنشغالات المجتمع، و لجمعيتهم ورشات في الطبخ العالمي، و أخيرا، فهم يسهرون على إقامة فعاليات المهرجان السنوي، و مسيرة السلام.

    قال الشيخ خالد بن تونس، يصف أهم جوانب المهرجان السنوي "و أرى على سبيل المثال، في المدن التي آثرت هذا العيش معا، و أذكر مدينة (كان)، التي منذ ست سنوات، نحن نقضي فيها، هذا اليوم، معا، مع جميع المجتمعات، الكاثوليك و البروتستان و اليهود و المسلمين و البوذيين و العلمانيين، مع وجود العائلات و الأطفال. فقد تم حياكة نسيج من الأواصر. إذن توجد صداقة متنت الصلات، و سمحت أيضا بظهور برامج إذاعية، و إقامة لقاءات من مكان لآخر. تقام مرة بالمسجد، ثم يليها الكنس، فالكاتيدرائية، و دواليك. تسمح اللقاءات بتبادل وجهات النظر، و يتكلم المجتمع المدني عن انشغالاته، و يحصل التعارف بين الأعضاء الذين يشكلونه."(2)

    يبدأ المهرجان غالبا، بإقامة سهرة، ليلة المسيرة، عند إحدى الطوائف الدينية، فمثلا يجمعهم كنس المدينة، أو الكاتيدرائية أو المسجد، أو المعبد البوذي، و هناك تجري لقاءات مهمة، و هي فرصة للتعارف و تبادل الأراء، و اختبار مُتن الأواصر الآدمية. و في اليوم التالي، تجتمع مختلف الطوائف، من يهود و كاثوليك و مسلمين و بوذيين، حول مائدة الغذاء، و بعد الظهيرة، تبدأ المسيرة، مسيرة من أجل السلام، عبر نهج (لاكروازات).

    يجتمع المواطنون عند مكان الإنطلاق، و بعد كلمات الترحيب، تبدأ مسيرة السلام، يجوب خلالها المشاة الشارع، في صمت، تتخلله أحيانا بعد الهتافات من هنا وهناك، وحاملين بعض الشعارات، تُشهد مسعاهم، ومبتغاه. ينتهي بهم المطاف عند المكان، الذي نصبت فيه المعارض، و أعدت به بعض النشاطات الثقافية و الفنية.

                          مشهد من مشاهد العيش معا

مثالية العيش معا بـ كان
    "إن الروحانية، سواء كانت علمانية أو دينية، هي طريق سلام، هي أن يكون في سلام، مع نفسه، ومع الآخرين ومع الطبيعة.
    والسعي الروحي هو أيضا طريق إلى الكينونة. يكون في علاقة مع الكائن الأصلي (طبيعتنا الروحية و الكونية)، ويكون في علاقة إيجابية و متعاطفة، مع العائلة البشرية الكبيرة، و مع مجمع الحي.

    مدينة كان، من خلال جمعياتها "العيش معا في كان"، هي دليل حي، على أن المُثل الإنسانية العظيمة، للسلام والأخوة والتضامن، يمكن أن تصبح حقيقة واقعة، وأن الطوائف الدينية الكبيرة، يمكن أن تجتمع و تتحاور و تتقاسم الأنشطة، في دعابة طيبة، والخير والتسامح.

    و بفضل نبض مجموعة، من صناع السلام والحوار بين الأديان، و خاصة (بيير شيفاليت)، رئيس جمعية "العيش معا في كان"، شهدت هذه الأخيرة النور، في 13 نوفمبر2011.

    ومنذ ذلك الحين، وكل عام، يعرف المهرجان، ومسيرة من أجل السلام، تجديدا، مع استفاضة من السرور، والحماس والصداقة، التي تتجاوز الاختلافات الثقافية والدينية، لمجتمعات (كان)، يهودا ومسيحيين ومسلمين و بوذيين وبهائيين.

    مدينة كان، بفضل المشاريع والأنشطة المختلفة، التي نفذتها جمعية (العيش معا)، تحصلت يوم 17 يناير 2017، بمبنى الكابيتول بروما، على جائزة "كيارا لوبيتش للأخوة".

    ولتعزيز التنمية العالمية، لهذه الحركة غير الطائفية، الحاملة للقيم الأخلاقية العالية والسخية، أطلقت الجمعية الدولية الصوفية العلاوية، المنظمة غير الحكومية الدولية، عيسى، حملة تعبئة و جمع التوقيعات، من أجل يوم دولي للعيش معا. ويوم 17 مارس 2015، قدم الشيخ خالد بن تونس إلى الأمم المتحدة، مشروع تأسيس، يوم دولي للسلام والعيش معا.

    فلنأمل أن ينجح هذا المشروع، وأن تنشأ في كل مكان في العالم، فضاءات السلام والأخوة والتضامن، مؤسسة حول رؤية وإنسانية، مشتركة، وتقوم على الرحمة والتفاني والتوحيد."

غريغوار روتيتشي. من موقعه psychologie-spirituelle.com


الجائزة
    "فازت مدينة كان بالطبعة السادسة، من جائزة (كيارا لوبيتش للأخوة). إنه  مشروع (العيش معا في كان)، الذي تحصل على هذا الاعتراف، بسبب سلسلة من المبادرات، لصالح المودة السلمية، التي حشدت المواطنين العاديين والمؤمنين من عدة ديانات."(3)

    في هذه المسابقة، التي تروج لها جمعية "مدن من أجل الأخوة"، يمكن لجميع الإدارات المحلية، من أي جزء من العالم المشاركة. و هي مسابقة دولية، تستهدف المؤسسات، التي تنشر ثقافة الأخوة، في الإدارات العامة.

    تنقل الشيخ خالد بن تونس، رفقة وفد "العيش معا لكان"، إلى روما، واستلم يوم السبت 15 يناير 2015، جائزة "المدينة الأكثر أخوة في العالم" لسنة 2015.


    و جاء إختيار مدينة "كان"، و هذا الاعتراف، بسبب سلسلة من المبادرات، لصالح التعايش السلمي، الذي حشد المواطنين العاديين والمؤمنين من عدة ديانات. و قدمت المدينة مثالا حيا، لما ينبغي أن تكون عليه المقاربة البشرية، و التعاضد الأخوي، و فندت شكوك الطوباوية الرائجة، و منحت أملا حقيقيا، لكل أولئك الذين يطمحون في غد أفضل.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

 التالي ...


    يجهد الشيخ خالد بن تونس جهده، لجلب الخير لإنسانية، تتجه مباشرة صوب الجدار، ولا تجد منفذا و لا تهتدي لحل. و لقد حذر مرارا، من الوضع المأسوي الذي يرافق مسارها، و لا مخرج لها، سوى التحلي بالوعي، و القيام بوثبة لتخطي الجدار، مع الإضطرار إلى اكتساب خصال مكارم الفضائل و الجود.

    لقد كشف منذ ريعان شبابه، عن مزايا في العمل، و الجد و الإخلاص في النشاط الذي خاضه، أهله لأن يحمل راية الخلافة، التي ألبس ثوبها، و عمره لا يتعدى الستة و عشرين سنة. لقد شارف الشيخ خالد بن تونس، اليوم، على السبعين سنة، وهو يحمل مشروعا، عن ظهر قلب، يحاول تجسيده على أرض الواقع، و بسطه في الخليقة. لدفع الأمور إلى الأمام، و الإسراع بها، رفع بمشارعيه إلى المؤسسات الدولية، و يحاول استنفار قادة العالم، و حثهم على النهوض فيها بأنفسهم، و النظر في الوضع البشري المضطرب، الذي يحتاج إلى توحيد الصفوف، و تحقيق المصالحة الإنسانية، لاغير.

    يتواجد هذه الأيام، الشيخ خالد بن تونس بمدينة نيويوك، بالولايات المتحدة، واقف مع مشروعه، الذي حسب الأخبار، تم إدراجه في جدول مداولات، الجمعية العامة للأمم المتحدة. و نحن ننتظر من حين لآخر، آخر المستجدات، رافعين أكف التضرع للمولى عز و جل، أن يهيئ للشيخ الطريق، و يبرز مأموله إلى الوجود، و يُنفَذ و يشرَع "اليوم الدولي للسلام و للعيش معا".

    تشهد الأمم المتحدة هذه الأيام، انعقاد الدورة الثانية و السبعين، فقد افتتحت دورتها العادية، يوم 12 سبتمبر، أما المناقشة العامة السنوية، فتم افتتاحها يوم 19 سبتمبر، على أن تختتم يوم 25 من ذات الشهر.

    والجمعية العامة للأمم المتحدة، هي إحدى الأجهزة الرئيسية الست، للأمم المتحدة. ولها دور استشاري، في المسائل المتعلقة بحفظ السلام والأمن الدولي. ودور الجمعية هو في المقام الأول استشاري، على خلاف مجلس الأمن، الذي يتمتع أساسا بسلطات تنفيذية. و تتشكل من خمسة ممثلين من كل دولة عضو. ويكون لكل دولة صوت واحد، لكي تضع جميع الدول الأعضاء، على قدم المساواة.

    يعيش مشروع الشيخ خالد بن تونس، لحظات حساسة جدا، و خصوصا أن الأمر يتعلق بإقناع دول و حكومات، المجتمعة قادتها، بمبنى الأمم المتحدة، في دورتها الثانية و السبعين. إنه يخوض البحر المحيط، بمعية من ساعدوه في غمار رحلته الأممية، التي تدوم منذ ثلاث سنين، ويملك في يده الجمعية الدولية الصوفية العلاوية، المنظمة غير الحكومية، عيسى، و نرجو من الله عز و جل، أن ترسو على بر الأمان، مكللة بالنصر، جالبة معها للإنسانية، لبنة مهمة، من لبن السلام، و تحقيق وداد العيش معا.

    تخص كل دورة عادية، من الجمعية العامة للأمم المتحدة، بموضوع. في عام 2017، الموضوع المختار هو "الأولوية للإنسان: السلام والحياة الكريمة للجميع على كوكب محفوظ". وبالإضافة إلى هذا الموضوع، فإنها ستكون من بين الموضوعات ذات الأولوية: أهمية الوقاية والوساطة في صون السلم. قضية الهجرة. أهداف التنمية المستدامة، ومكافحة تغير المناخ، بمتابعة اتفاق باريس. احترام حقوق الإنسان.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1). موقع "العيش معا بكان".
(2). مأخوذ من الحوار الذي أجراه مع  إذاعة و تليفزيون سويسراRTS ، يوم 31 12 2016.
(3). موقع focolari.fr

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق