الثلاثاء، 30 نوفمبر 2010

أسباب عيش الإسلام، التصوف


التصوف


    التصوف هو الطريق الباطني للإسلام. هدفه معرفة الله. و الأكثر من ذلك، هو الشعور به تعالى، و تذوقه. لا علاقة للطريق الذي يوصل إلى المعرفة باللاهوت أو الفلسفة. هو أولا، قضية عمل مطبق على النفس، و تربية إيقاظ نحو الحضرة الإلهية.

    ....يأخذنا السفر بعيدا عن قواعدنا، فهو يتيح لنا أن نترك ما قد يكون أحيانا أصبح أثقل من اللازم، و يحبسنا كمعطف من الرصاص يمنعنا من التطور، يقودنا نحو إخواننا الذين يشكلون مرايا لواقع ذواتنا. جميع الأشياء، حتى تلك الأكثر تناقضا و الأكثر بعدا، تلتقي في نقطة واحدة، هذه النقطة هي المركز فينا. أن نسافر، يعني أن نرحل بناء على إدراك مفاده أن كل شيئ إلهي. و إذا كان هذا الوجود الإلهي في داخلي، فإني سأدخل مع الشجرة و الحجرة و مع الأناسي. العالم أجمع عبارة عن مرآة... الإختلافات رحمة. و من ثمّ التسامح الواسع الذي يطبع المتصوفة: فهم لا ينظرون إلى الآخر ككافر، بل كمخلوق من مخلوقات الله، أرسله إلينا كي يكون مرآة لنا. في أعقاب وفاة الرومي، بكى الجميع، يهودا و مسيحيين و مسلمين. نفس الشيئ حدث عند وفاة جدي، الشيخ عدة بن تونس. كان يرى في كل كائن مخلوقا من المخلوقات الإلهية، له واقعه الخاص و عطره الخاص و موجبه الخاص.
    تلعب الموسيقى المٌرفقة بالغناء أو بدونه، دور كبير في التصوف. عند كل ساعة من النهار، و كل لحظة من الحياة، و كل إحساس، فإنها تتوافق مع سماع. يقول الصوفية أن لما خلق الله الكائن « الآدمي » من الطين، لم ترد الروح أن تسكن هذا البدن، إعتبرته سجنا. حتى بعث الله ملكان يلعبان على أنغام الموسيقى لافتتانها. لهذا تجلب الموسيقى للروح نوع من السكر، و السمو، يدعو الإنسان إلى ترك عوائده.
    .... لا يعلن الصوفيون أنفسهم صوفيين ، بل الآخرون هم الذين ينعتونهم كذلك ، لأن تربية اليقظة ليست خاصة بالصوفية، بل نجدها لدى جميع الباحثين عن الحقيقة. إن التصوف ليس مدرسة و لا فقها، بل سلوكا. و الحال أنه مرسخ -هذا ما يجعل خاصيته مقارنة بالطرق الروحية الأخرى- في التقليد الإسلامي. و أقول كذلك أنه قلب الإسلام. على العموم، يَطلبُ بأن يكون المرء مرتبط بتقليد ظاهري، هذا يعني أن عليه دراسة تعليما عاما. هي مسألة سلامة.
    .... إني متأكد من أن إنسان الغد، سيكون مرتبط بتقليد، و لكنه يشعر أنه وريث لكلها. إذا عرفنا كيف نسير الحداثة، يمكن أن ننفذ إلى الكونية. يقال أن في آخر الزمان، يكون للطفل نفس حكمة رجل صلى و ذكر طوال حياته. و يقال أيضا: « أنه سيلعب العجل مع الأسد و الأفعى مع الطفل ». و لكن يقع هذا أولا ببواطننا.

      مقتطفات من «Actualites des religions»، عدد 9، أكتوبر 1999.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق