الاثنين، 22 نوفمبر 2010

من كتاب علاج النفس، الشمس ستطلع من الغرب

الشمس ستطلع من الغرب

    من ناحيتي، أفكر صراحة، أن لو بقيت الحضارة الإسلامية على هذه الديناميكية المزدهرة، لانتهى المسلمون ربما إلى الإغترار بتفوقهم، و لأصبحت الحضارات الأخرى إما محتقرة أو تحت سيطرتهم. و الحال أن الله أراد هذا التنوع في الحضارات كما يقول القرآن.
"و لو شاء الله لجعلكم أمة واحدة و لكن ليبلوكم في ما آتاكم فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون". (المائدة، 48).

    طبعا أن هذا إلا رأي شخصي. و مع ذلك أبقى أتساءل عن الأسباب التي أدت فجأة بالعالم الإسلامي إلى توقيف إشعاعه الفكري. من الصعب حتى اليوم الفهم لماذا توقف الاجتهاد دفعة واحدة في البلدان الإسلامية، في حين أن البلدان الغربية استمرت رغم المآسي التاريخية في البحث عن فهم جديد و نقدي للنصوص المقدسة. في هذا السياق قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس  من مغربها". 

    الأمر متوقف على المسلمين لإعادة إطلاق هذه العملية، بأخذ المثال من الباحثين الغربيين و أن يساهموا في تحقيق إنسانية مطمئنة، و شاهدة على حقيقة التوحيد. يقول القرآن.
"لله المشرق و المغرب". (البقرة، 115).

    و عليه، لم يجعل الله المرجعية خالصة لهذا أو لذاك. إن المشرق و المغرب مفاهيم نسبية. نحن دائما مشرقا أو مغربا بالنسبة لشخص آخر. و لكن عندما يقول الرسول صلى الله عليه وسلم أن "تطلع الشمس من مغربها"، فهو يلمح إلى انعكاس دوري كامل، أين تكون العلامات الأكثر جلاءا مرئية بالغرب. ستعيش الإنسانية نهاية طور الذي يسجل نهاية عالم، و بذلك ميلاد آخر جديد. يمكن أن يكون لانعكاس مسار الشمس معنى أكثر مجازا لا يعارض في شيء المعنى الحرفي. يُعلّم التقليد الصوفي أن الإنسانية تعيش حسب دهور، و أن تناوب الأطوار يستمر حتى "تظهر الشمس" رمزيا في أنفسنا. سيكون لهذا الانعكاس الدوري إرتدادات فلكية – يترجم فيزيائيا بتبدل الأقطاب المغناطيسية –، و تحدث كذلك على مستوى النفس البشرية. في كتاباته الروحية، يرى الأمير عبد القادر في هذه العلامة الوقت الذي فيه الروح "فطلوعه من مغربه هو انكشافه و إشراقه من محل غروبه و انحجابه و استتاره. و هي النفس، فإنها حجاب شمس الحقيقة و مغربها، و طلوعها من مغربها الذي هو النفس معرفتها منها: من عرف نفسه عرف ربه". هكذا الغارب يصبح الشارق و الغرب يرجع شرقا. التجديد الذي ستعرفه الإنسانية، سيأتي من هذا التبديل الدوري الذي سيحدث على كل مستويات المظاهر. يستطيع الشخص أن يعيشه دائما في أي وقت من حياته. و لكن على مستوى الإنسانية، يوجد قانون الأدوار (الأطوار) الفلكية الذي يُحدث هذا الانعكاس. الله وحده يعلم متى سيكون.
« يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَاعَةِ أَيَانَ مُرْسَهَا قُلْ إِنَمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لاَ يُجْلِّيَهَا لِوَقْتِهَا إِلاِّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَمَوَاتِ و الأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَة يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيُّ عَنْهَا قُلِ إِنَمَا عِلْمُهَا عِنْدَ الله و لَكِنَ أَكْثَرُ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ». (الأعراف، 187).

    رغم كل الأعباء التي تمنع الحضارة الإسلامية من إحداث تحولها، نتحقق بقوة بوجود حركة هائلة حول الإسلام في بلاد الغرب، نأمل أن تقوده إلى نهضة حقيقية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق