الأحد، 6 مارس 2011

الإسلام أهين بالإرهابيين


الإسلام أهين بالإرهابيين

    تعرضت في المدة الأخيرة عدة كنائس إلى هجمات بالعراق، و مصر، و قتل عدة غربيين بأفريقيا من طرف جماعات متشددة، تنسب نفسها إلى الإسلام.

    بفرنسا، خرج عدة مسلمين، و عبّروا عن سخطهم أمام هذه الجرائم، و صاحوا بأعلى صوتهم ضد هذه العصبية و الجرائم المرتكبة في العالم ضد الأقليات، و خاصة أن هناك من يستهزئ بإيمانهم، و هويتهم، بالقتل، باسم الإسلام. كان صاحب المبادرة مجلة (Respet Mag) بنداء عنونوه "الإسلام أُهين بالإرهابيين".

    لبى الشيخ خالد بن تونس النداء، و أجرت معه المجلة هذا الحوار:

    القائد الروحي للطريقة العلاوية (1)، الشيخ الصوفي كان واحدا من الأوائل الذين لبوا النداء "الإسلام أُهين بالإرهابيين"، الذي بثته (Respect Magazine)، فهو يشرح دوافعه. 

- لماذا لبيت هذا النداء؟
    - بالنسبة لي، فإن المعنى هو إعادة التذكير بالتاريخ. لدينا قدوة في الإسلام هو النبي محمد صلى الله عليه و سلم، و على كل مسلم الإقتداء بتاريخه. إستقبل الرسول صلى الله عليه و سلم وفد من المسيحيين بالمدينة، كانوا 71 فردا. عندما أرادوا أن يقيموا القداس قال لهم: " لا أجد لكم مكانا أنظف من بيت الله"(2). أقام هؤلاء المسيحيون القداس في أول مسجد في العالم. بهذا المثال نفهم العلاقة التي يجب أن تكون لدينا مع الديانات الأخرى. التوقيع على هذا النداء هو أمر ذو مغزى، يذكرني بتقليدي، و يذكر كل الذين نسوه. الإرهاب ليس الإسلام. إنه التاريخ بلا ريب.

- صوت المسلمين قليل الإستماع. يبدو أن المتشددين يصادرون الكلمة على حساب الأغلبية؟
    - هذا غير صحيح. إذا لم يستمع إليهم، فلأنه لم تعطى لهم الكلمة كفاية. لقد نددت بألمانيا بالجرائم التي اقترفت ضد المسيحيين بالعراق أمام مجمع كبير، ضمّ المسلمين و غير المسلمين، و بإسطمبول كذلك أمام 3000 شخصية في ملتقى. إننا نقوم بما يجب، و لكن هذا يبقى قليل التتبع.

- لماذا ممثلي الإسلام غير مسموعين؟
    - طرحت السؤال عدة مرات على صحفيين. أجابوني: " لسنا هنا للكلام عن القطارات التي تصل في وقتها، نتكلم عن المشاكل، و الذي ليس على ما يرام ". هي لعبة خطيرة، و لكن إذا تكلمنا فقط عن التطرف، بدون أن نعطي الكلمة للذين يمثلون الأغلبية المسلمة، فإننا نقترف خطأ تحليلي خطير، و نحيد عن الحقيقة.

- يظهر هذا النداء بأن بالإنتظام، يمكّن لهذه الكلمة بأن تسمع. هل هذا النوع من المساعي مهم؟
    - هذه المبادرة مفيدة. يجب شكر الذين قاموا بها. فهي تظهر لنا، هنا و في أماكن أخرى، أن الإرهاب مندد به. و بالنسبة لنا مسلمي الغرب، يجعلنا هذا نخرج، من الطوائفية التي يريدوننا أن ننغلق فيها، و نكون في المواطنة. نحن التركيبة الإسلامية المواطِنة، هنا، بأوروبا.

- يعترض بعض المسلمين، بأن ليس لهم أن يبرؤوا أنفسهم من الإرهاب؟
    - ليس هذا بتبرير. يجب الرد. القول من نحن. القول ما هو الإسلام. ذكر وقائع مثل قصة الأمير عبد القادر الذي أنقذ آلاف المسيحيين بدمشق سنة 1860. يجب تذكير المسلمين أنفسهم بتاريخهم. ليس لتبريئ الذمة، و لكن قل، نعم يوجد في التاريخ حوادث تذكرنا كيف يجب أن نتعامل مع الآخر. لنتصرف بصفتنا مواطنين. الشباب المتحدر من الهجرة هم مواطنين، لندفعهم إلى الإندماج، إذ أنهم ولدوا هنا. هم فرنسيون مثل الآخرين، و للأسف نطالبهم دائما بأن يبرهنوا على ذلك. ليست لدينا عقدة. المسيحية الأولى مسيحية شرقية. ولد الإسلام و المسيحية في نفس البوتقة. أي الوحدانية. أتوا من مكان واحد و يقاسمون تقاليد.

- يرى البعض أن مقاومة ارتفاع معاداة الإسلام جد ضروري؟
    - لا يحول الواحد دون الآخر. المتطرفون هم من كل حدب. هناك إرهاب بالسلاح، و لكن كذلك، من زاوية ما، يوجد إرهاب بالكلمات. يجب محاربة ما يجب محاربته لتقريب الناس، و خلق تعايش جامع بالتنوع، و في مجتمع علماني، يحمي قناعات، و فلسفات، و اعتقادات كل شخص.

- لبت شخصيات غير إسلامية كذلك النداء...
    - هو كفاح إنساني. يعني ذلك حماية هذا المفهوم الكوني، و هو كرامة كل إنسان. الإحترام الذي يجب علينا بالتبادل، سواء كان في الدين، أو السياسة، أو الإقتصاد. هكذا يصبح المجتمع أكثر إنسانية. ما الذي يُكوننا إذ لم يكن شعور؟ قبل أن يكون الإنسان سواء كان مسيحي، أو ملحد، أو يهودي، فهو ضمير (شعور). فهذا الشعور ما يجب أن نطوره حتى نعيش مع الآخر. الغيرية هي أن نتكشف بواسطة الآخر. نحن مرايا بعضنا بعضا.
- يأتي هذا النداء في سياق أماني إلى الديمقراطية في تونس و الجزائر خاصة. أنظمة ديكتاتورية مؤيدة من طرف الغرب، بحجة أنها وقاية من الإسلاموية...
    - هذا مشكل أبدي. إن القول أن هذه الشعوب بحاجة إلى قائد جلاد لأنهم أقل رقيا لتأسيس مجتمعات ديمقراطية، هو سوء تقدير لهم. هذا خطأ بالكلية. حطم الشعب التونسي هذه النظرية، و أعطى درسا للغرب.

- ليس التطرف إلا حجة؟
    - للأسف. يدفع هذا المسلمين إلى طوائفيتهم. 'أنت مختلف مادام أنك مسلما'... 'هناك تعارض بين الإسلام و الديمقراطية'. هذا غير صحيح. عندما تكون لهذه الشعوب الإمكانية للذهاب إلى الديمقراطية فإنها تفعل. حتى بدفع الثمن غاليا. كم قُتل من الشباب بتونس. لسنا إلا في البداية. هذا لا يعني أن الإسلاميين سوف لن يحينوا الفرصة. لا يجب البقاء ساذجين.

- إن أخذ الكلمة هو استباق هذا النوع من التعسف باسم الإحتماء من الخطر الإسلامي؟
    - هذا النداء قبل كل شيئ، هو فرصة للتأكيد.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1). تأسست الطريقة العلاوية سنة 1909 من طرف الشيخ أحمد العلاوي (1869-1934) بمستغانم.
(2). وردت هذه القصة عن صلاتهم في سيرة ابن هشام كما يلي: " قال ابن إسحاق: ...يقول بعض من رآهم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يومئذ: ما رأينا وفداً مثلهم، وقد حانت صلاتهم، فقاموا في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلون، فقال رسول الله  صلى الله عليه وسلم: دعوهم، فصلوا إلى المشرق ".


مجلة Respect Magazine، يوم 19 01 2011.
أجرى الحوار: عصمان ندياي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق