الخميس، 19 مايو 2011

علاقة الإسلام بالغرب و نشأة الحركة السلفية

علاقة الإسلام بالغرب
و نشأة الحركة السلفية

بسم الله الرحمن الرحيم

    قام الشيخ خالد بن تونس يوم 12 مارس 2007 بالجزائر العاصمة بندوة صحفية حضرتها الصحافة، تناولت مواضيع شتى تخص التصوف و الوطن و الشباب و قضايا أخرى. نذكر مقاطع منها تخص التيار السلفي و علاقة الإسلام بالغرب، نشرته بعض الصحف الجزائرية.

     " انتقد الشيخ خالد بن تونس، شيخ الطريقة العلوية، التيار السلفي بشدة، قائلا أن مصطلح 'السلفية' الذي أصبح الآن على كل لسان و ألصق بتيار ديني معيّن، لم يولد في أي مكان من العالم الإسلامي، و إنما ظهر لأول مرة سنة 1883 في مدينة باريس على صفحات مجلة 'العروة الوثقى'، التي كان يصدرها الشيخ المصلح جمال الدين الأفغاني بمعية الشيخ محمد عبده ". (جريدة الجزائر نيوز). 

    و في جريدة الشروق اليومي، و على سؤال حول علاقة الإسلام بالغرب و كيف ظهرت، أجاب بمايلي:
   " لا بدّ من العودة إلى التاريخ، فالغرب لم يقبل أبدا الإسلام في أوربا، والحروب الصليبية و فتوحات المسلمين في أندونيسيا و الأندلس و وصولهم إلى فرنسا في معركة 'بواتييه'، و بناء على هذه الأحداث ترسّب في أذهان الغرب فكرة مفادها أن الإسلام جاء ليغزوهم، و قد قامت الكنيسة بترسيخ هذه الفكرة في أذهان الأوربيين في العصور الوسطى، لكن رغم ذلك لا بدّ من القول إن هناك أوربيين كانوا لا ينظرون إلى الإسلام نظرة الغازي، وكان منهم من تحالف مع المسلمين، ونذكر هنا الإمبراطور 'فريديريك' إمبراطور النورمنديين، الذي كانت ثقافته عربية وكان يتحّدث العربية، و كان ديوانه عربيا، كما أن الكثيرين من علماء و مفكري عصر النهضة في أوربا أخذوا كثيرا عن العلماء المسلمين، مثل ابن سينا و ابن رشد و الفارابي، أخذوا العلوم الفلسفية و الفقهية و الحساب و الهندسة... و لكن بعد أن بدأ الإسلام يتراجع، بدأ الأوربيون يكيدون له، و أُخرِج المسلمون من الأندلس و تعرّضت أراضيهم للغزو، فاحتُلّ المغرب العربي، و بقي العالم الإسلامي يتعرّض للهجمات. و قد انغلق العالم الإسلامي على نفسه و لم يعُد قادرا على مسايرة ما يجري حوله، و هنا لا بُد من الرجوع إلى القرن التاسع عشر، وفترة الاستعمار الأوربي لشمال إفريقيا. فالتاريخ يقول إن أهل النهضة حاولوا تحليل هذه الوضعية و تحسينها و البحث في الأسباب التي قادت العرب والمسلمين إلى الضعف، و كيف السبيل للفرد المسلم أو العربي حتى يعكس هذه الأوضاع، و حاول بعض المفكرين العرب أمثال محمد عبده و جمال الدين الأفغاني و شكيب أرسلان، و حتى الأمير عبد القادر الجزائري الذي فتح بيته في المنفى بسوريا آنذاك لاحتواء المفكرين العرب للنقاش و الحوار في محاولة لتطوير العالم العربي الإسلامي و حتى مسلمي الهند حينها. كما لعب المفكران المسلمان 'محمد عبده' الذي كان مفتيا بمصر و 'جمال الدين الأفغاني' الذي كان وزيرا في أفغانستان، دورا رئيسيا في تكوين حركة النهضة الإسلامية و فكرة الرجوع إلى السلف و الاقتداء بهم. و قد حاولا وضع إجراءات تقدمية في السياسة التربوية لبلديهما بإدخال الحداثة، و هذا ما لم تتقبله السلطة الحاكمة آنذاك، ففر الأفغاني إلى تركيا نهاية القرن التاسع عشر، و واصل محاولاته الإصلاحية ليلقى معارضة شديدة من طرف الخليفة العثماني عبد الحميد و هدد هناك بالعزل و السجن، فشد رحاله نحو فرنسا أين التقى هناك بمحمد عبده الذي لقي نفس المعارضة في الأزهر بمصر، فانتقل بعدها للعمل كأستاذ بسوريا، و بعدها إلى باريس سنة 1883، حاولا جاهدين العمل على كيفية صنع كرامة العالم العربي الإسلامي من خلال دراسة المجتمع الأوروبي و أخذ مثال عن التطور الذي يعيشونه على الأصعدة التكنولوجية، الإدارة و التعليم، و ربطوا ما خلصوا إليه بما كان عليه المسلمون الأولون، و من هنا ظهرت فكرة 'السلفية' بمفهومها الأول حول الانفتاح والنهضة والتغيير في الأوضاع السياسية و الاقتصادية و العلمية في العالم الإسلامي.

    و تدخل الصحافي قائلا :
 لكنها تحولت إلى مقارنة مناقضة ومناهضة لمنهج مؤسسي التيار السلفي؟  

    جاءت هذه من بعد، حيث أنشأ الثنائي 'العروة الوثقى' و جريدة 'المنار' التي كانت تحت إدارة 'رشيد رضا' أحد تلاميذ محمد عبده، و كانت الجريدة التي بدأت في الصدور قد لقيت صدى كبيرا عند المثقفين العرب والمسلمين في الشرق و الغرب، و بدأت معها فكرة الإصلاح، بعد وفاة محمد عبده حمل اللواء 'رشيد رضا' الذي لعب دورا مهما في تغيير فكرة الاقتداء بالسلف الصالح إلى فكرة الانغلاق و التشدد، بعده عقد مؤتمر للدول الإسلامية في مكة في سنة 1925 حيث ترأس المؤتمر الملك سعود، و بدأ التطرف بتدخل الحركة الوهابية، و قرر الاثنان إعانة بعضيهما، و كان لزاما على الحركة الوهابية الدخول عبر مذهب من المذاهب المعروفة 'الحنبلي' حتى يُقبلوا في أهل السنة و الجماعة، لا ننسى التاريخ يشهد أنهم قاموا بتهديم جميع أضرحة الصحابة الكرام، و حتى منزل الرسول الكريم و دخلوا المدينة المنورة، وهموا بتهديم ضريحه لولا انتفاضة المسلمين ضد ذلك، و لولا التفطّن لحدثت الكارثة. و هنا لا بدّ من الإشادة إلى الدور الذي لعبه مؤسس المملكة العربية السعودية، الملك عبد العزيز آل سعود، الذي كان ذكيا وعرف كيف يستقطب هذه الحركة. نحن الآن في سنة 1925، كل العالم الإسلامي تقريبا مُستعمر، و خاصة الدول العربية. لقد جاء السلفيون بأفكار تدعو إلى الدفاع عن الدين والوطن و النفس وعن الهوية العربية الإسلامية، و تزامنت تلك الأفكار مع بروز الحركات الوطنية في الجزائر والمغرب الأقصى بزعامة كل من مصالي الحاج و علال الفاسي و غيرهما، و كانت الفرصة مواتية لأن يستعين الوطنيون ببعض أفكار السلفيين التي كانت تصب في سياق التحرير والاستقلال، وسارت الأمور في نفس الاتجاه حتى الاستقلال.  الحاصل أن الحركة السلفية 'تطعّمت' بتوابل من الحركة الوهابية التي أنكرت الدور الريادي للزوايا حيث كان الحديث ساريا في المجتمع عن الإسلام مرتبطا بتقاليد عميقة بالزوايا التي كانت تدرّس القرآن والتي كان لها دور كبير في بناء المجتمع ".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق