الخميس، 19 مايو 2011

تطور الإسلام

تطور الإسلام


    استضيف الشيخ خالد بن تونس بإذاعة (راديو سويس روموند) يوم الجمعة 16 06 2006، و أجري معه حوار حول التصوف، و مسار حياته و عمله و قضايا الساعة. نقتطف منه هذا الجزء الذي يخص وضعية الروحانيات اليوم و ظهور الحركة السلفية.  

    ردا على سؤال حول مواجهة الروحانية للدين قال:

    - الدين بدون الروحانية، في رأيي كشجرة بدون ثمار. كل ديانة تستغني عن الروحانية تموت، وتفرغ من جوهرها. إن مواجهة الدين للروحانية في نظري هراء.

- عندما نقرأ لك نفاجأ دائما عندما نكتشف إسلام التسامح الذي تدافع عنه، و كيف يؤدي العقل و الضمير دورهما، و الأهمية الكبيرة كما وصفتها للأخوة. و نتساءل كيف وصلت ديانة مثل هذه، حاليا إلى الوضعية التي صارت إليها؟ و بمعنى آخر كيف أخمدت؟ أي نظرة تحملها لتطور الإسلام؟
    - .... لفهمها يجب العودة إلى الماضي، و كيف غطى الفقه و الشعائر على الروحانية. شيئا فشيئا همش أصحاب الروحانيات. لنأخذ حالة السلفية. فقد نشأت و القليل يعلم ذلك، بباريس سنة 1883 بلقاء رجلين ذوي ثقافة كبيرة هما جمال الدين الأفغاني و الشيخ محمد عبده أحد أكبر مفتيي الديار المصرية. لم ينكرا الروحانية، بعيدا عن ذلك، أعربا عن هذه الرغبة، إصلاح الإسلام، حين كان إسلام الدولة العثمانية يعيش أيامه الأخيرة، و أغلب الدول العربية الإسلامية مستعمرة. حسب نظرهم كان العالم الإسلامي يعيش في الحضيض فأرادوا القيام بإصلاحات بتقديم أفكار جديدة. قاموا ببحث عبر التاريخ و فتشوا في منبع الإسلام، كيف يمكن الإصلاح؟ و ظهر إسم السلف، التأسي بالسلف الصالح. الذي حدث بعدهما، بعد وفاة محمد عبده سنة 1905، وقع سطو، بشكل ما، على هذه الأفكار. و انتقلنا ببطء من الإصلاح إلى الأصولية. بدل الإصلاح إنغلقنا في أصولية أكثر إنحصارا و ضيقا. لنقفز قليلا في الأحداث. مع ظهور حروب التحرير، كان يرى الناس أن توضع الروحانية جانبا، فهناك ضرورة لإقامة دولة و بناء إقتصاد، إلخ...
    الروحانية مرتبطة بالثقافة، وضعت هذه الأخيرة على الهامش. شيئا فشيئا مسخت الثقافة الإسلامية و انتقصت قيمة الروحانية. بعد قيام الثورة الإيرانية و حركة الإمام الخميني و التشيع، أخذت دول الخليج و خاصة السعودية زمام المبادرة للدفاع عن (السنة)، إذ صارت لهم قيادة السنة مقابل صعود فكر الإمام الخميني، أي التشيع الثوري.

- المشكلة أنهم وهابيون و جد أصوليون.
    - هذا ما وصلنا إليه، و خاصة أن لهم الحرمين الشريفين. تخيلوا ملايين الناس يذهبون كل سنة إلى هذه الأماكن و يرجعون بكتب، و ما يقال بهذه الأماكن ليس الخطاب الذي أحمله، للأسف. لا أقول هذا ضدهم، و لكن أحاول تنبيههم لهذا.. قبل ظهورهم كانت مكة ملاذا للمفكرين، مثلا لدينا ابن العربي، ألف كتابه الشهير بمكة، لم يكن بإمكانه كتابته في بلد آخر، كان مضطهدا من طرف السلطة. عندما نكون بمكة يمكننا قول كل شيئ و كتابته. فجأة هذه المدينة التي كانت تحوي كل المدارس الفقهية، عوض بها شيئا فشيئا فكر واحد و شكل واحد لرؤية الإسلام، و غطت التقاليد على الثقافة و المعرفة و الإنفتاح، و أصبح هذا الفكر أكثر إنغلاقا، و هذا منذ عدة عقود، و نجني اليوم كل ما زرع منذ بداية القرن العشرين.

- عندما تذكر هذا للمسلمين هل يسعدهم سماعك؟ أو هل يحررهم هذا؟
    - كل من يملك ثقافة، فنعم. الجامعيون وكل من له أدنى ثقافة يفهم هذه الرسالة، أما الذين تحول لديهم الإسلام إلى إيديولوجية -هذا يعني أنه حدث غسيل للمخ- لا يقبلون حتى عندما يقرون أنها الحقيقة. لا أختلق هذا، ما أقوله حقائق تاريخية، لا يستطيعون سماعها لأن هناك إنغلاق للعقل، إذ لا يجب أن نخطّئ هؤلاء المسلمين المتشددين لأسباب ما، يعتدى على الإسلام من طرف الغرب، و ليس هذا هو الوقت لكي نخطئ الذين يجاهدونه. و نقع في هذه الوضعية التي لا يمكننا فيها ذكر الحقائق، و على حساب حياتنا...

- ما تقوله يثير الإعجاب. بصفتك شيخ طريقة صوفية لك مهمة إيقاظ الضمائر. تقول لنا أمام هؤلاء ليس لي ما اقوم به.
    - لا أستطيع فعل شيئ لأنه لا تتوفر لدينا الإمكانيات. للإسلام الأصولي صدى كبير في الغرب و حتى في الشرق. يشغلون التليفزيونات على مدى اليوم، و الإعلام الغربي يساير خطاهم، لا يتكلم إلا عن إسلام أصولي و تطرفي. و عندما أقوم أنا ببرنامج تليفزيوني أو إذاعي كل ستة أشهر، فهم يقومون بالمئات في الأسبوع. هناك إختلال، و أفكر، ربما مع الوقت سيحصل توازن و قسمة متوازنة. الإسلام ليس الأصولية و ليس التطرفية، فهو بعيد عن ذلك لأن  هذه الفئة أقلية. مشكلة الإسلام ليست الأقلية مهما كانت عنيفة، فمشكلته تكمن في الغالبية الصامتة.

حاورته الصحفية كاترين إيرارد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق