الأربعاء، 27 أكتوبر 2021

لنُولي وجوهنا جميعا قِبل دُور السلام

.

لنُولي وجوهنا جميعا قِبل دُور السلام

 

 

     كلمة ألقاها الشيخ خالد بن تونس في فعاليات الإحتفالات بعشرية جمعية العيش معا لِكان.

 

    ضمن فعاليات الإحتفال بذكرى عشرية جمعية العيش معا لِكان، في صباح يوم 24 أكتوبر 2021 بقاعة دار الشباب والثقافة، تم عرض روبورتاج وثائقي ليوهان بيكار، وبعد نهاية البث تقدم بعض الحاضرين، منهم بعض منجزي الفيلم إلى المنصة للنقاش، ثم عُرض على الشيخ خالد بن تونس تقديم تدخل، فقال:

    على كل حال الشكر موصول ليوهان وفرقته لإخراجهم هذا الفيلم، وجعل كل هذا التنوع لأهل كان يتحدث، ويجب طرح سؤال أو استفهام على أنفسنا جميعا. حقا، إننا نسمع دوما عن العيش معا، حتى أصبح من البديهيات، وأصبحت الناس لا تتساءل عنه البتة، لأنهم كبروا في وسط العيش معا. وأعتقد أنه اليوم، علينا أن نعيد التفكير في عيشنا معا في سلام، لأننا نعيش في طور تغيير جذري في العالم، فنحن بصدد الخروج من عالم إلى عالم. شيء يتجاوزنا جميعا. إن المجتمعات التقليدية كما هي عليه، بمراجعها الدينية والمجتمعية وما يميزها، جاءت العولمة وزعزعت كل تلك المعطيات. نحن في عالم يقيض فيه التنوع الثقافي والتعدد الثقافي، فالحبل يشتد من كل مكان، وعلينا أن نعطي معنى لحياتنا جميعا، وحياة تسمح لنا بنقل القيم، ليس فقط على المستوى الأفقي، ولكن أيضا على المستوى العمودي. القيم التي تسمو، وأرى أن الأمر يتطلب سعي، كما رأينا مشاة كومبوستيل، كل العالم يقوم بهذا السير، الذي هو سعي في النفس، وسعي في الباطن. إنسان اليوم سيعوَض بـآلات وحواسيب وبرامج إعلامية، والأطفال سيواجهون أمامهم عالم، يطاله تحور كلي. الإحتباس الحراري وتلوث البحار وأغذيتنا التي أصبحت بشكل كلي كيمياوية، وكذلك انقراض بعض الأصناف. ينبغي إيجاد البديل لإنسانية تقوم باكتشاف نفسها، بأننا نشكل جميعا معا مجتمع، وأننا أعضاء نفس الجسد. في الجسد يوجد الرأس واليدين والعينين، وفي الجسد لا يوجد عضو خير من عضو. إنها مستقلة، وكل واحد يجلب بوصف مهمته إسهامه للبقية، حتى يستتب دائما التناغم والتوازن، وموقوف إذا تمردت خلية أو أكثر في هذا الجسد، فتكون بذلك بداية مرض السرطان، مرض المجتمع هذا.

 

 

الشيخ خالد بن تونس أثناء إلقاءه كلمته
 

    أرى أنه للعودة إلى مفهوم دار السلام، فأول شيء وأول دور ينبغي أن نقوم به، يكون على مستوى التربية. تربية أطفالنا لنهيئتهم للعالم القادم، الذي لا نعرفه بعد، ومن شدة ما نحن متواجدين فيه، فإننا لا نراه.

    إن نقاشات الأمس وثراء يوم الأمس كشف اللثام على عدة مستويات، فعلى المستوى السياسي، الخلافات تزداد أكثر فأكثر، فنحن متفقين في كل شيء ولا في أي شيء، وهذا هو التناقض. ينبع العيش معا من النفس، وسنرى خلافات على الخصوص أنه توجد أفكار، ضننا أنها إختفت إلى الأبد وأقبِرت، ستعود في سنة إنتخابية، سترون، سنسمع (ما يشين)، ينبغي الإستعداد، وهل الذين يناضلون من أجل العيش معا، سيستطيعون هم كذلك التعبير، ويقدمون أراءهم عن المجتمع الذي يريدونه، المجتمع الذي سنمتطيه جميعا. أنتم تعلمون أن يوجد أناس يلعبون على العاطفة. هل سيطوقوننا أو أننا سنتمسك بالعيش معا؟ فالدَور على دُور السلام هذه. وما هي دار السلام؟ إنشاءها يفرض على كل واحد أن يحمل لبنته، مهما كانت، ليست بناية، قد تكون خيمة، تَكلمنا عن خيمة إبراهيم، قد سمعتم بها، يكفي وجود رمز، وهنا كل واحد وواحدة سيقدم مساهمته، وليس أهل السياسة فقط، إذا تركنا سوى أهل السياسة يقومون بذلك، سيقومون بالأمر على طريقتهم، وإذا تركنا أهل الدين يقومون به، يقومون به بطريقتهم. الأمر متعلق بالجميع، وكيف أن الجميع سيحمل لبنته، وبذلك تكون الدائرة بجميع أشعتها. توجد بالدائرة عدة نقاط، ومن كل نقطة ينطلق شعاع، وبماذا يصل؟ بالمركز. لا أحد يملك المركز، فهو للجميع. إنه نقطة الإلتقاء. كلٌ واحد منا، رجالا ونساءا، أغنياء أو فقراء، شبابا أو أحداثا لنساهموا ونجلبوا هذه الديناميكية، حتى تتمكن العجلة من الدوران. توجد حركية، في كل مرة تقوم نقطة بحمل جميع البقية، وتقع القوى على نقطة، ومحور. وهذا المحور أو هذه النفطة، إذا استمرت الحركية والتناغم، سينتهي بها الدور، بأن تكون موجودة في الأعلى. إنها عجلة الزمان. وكم من حضارة مضت، أنتم تعرفون التاريخ، لا داعي لسرده.

    نحن نِتاج وورثة جميع الحضارات، وليس حضارة واحدة، ولكن جميع الحضارات. كانت الحضارات لَبِنات أضيفت إلى بعضها البعض للبناء، ونحن ورثة لكل هذه الإضافات، مثل الحضارة الصينية والإغريقية والمصرية، واليهودية والمسيحية والبوذية. نحن، شئنا أم أبينا، حصيلة عملية، ويكفي أن نكشف عن جسدنا، ونرى السُرة. ماهي هذه العلامة وماذا تعني؟ لا نأكل بالسرة ولا نشرب بها. إنها الإشارة البائنة لصلة الرابطة التي لنا بالحبل السري، الذي يصلنا بأمهاتنا، وهن متصلات بأمهاتنا، وهكذا ودواليك. شئنا أم أبينا، إنها حقيقة، وأقول أنها طبيعة وجودية، يكفي فقط التفكير قليلا.

    يجب أن نكون نحن دُور السلام، ونولي وجوهنا قبل دُور السلام، ونتلقي الغير، ونتمكن من أن نخصص له مكانا في داخلنا، وتلك حالة كينونة. نحن نعيش في مجتمع غني، وهذا المكان جميل، وهذا المكان الذي استضافنا اليوم هو دار الشباب، وأنا متأكد تماما، أن رئيسته ومديره، من حين إلى آخر، نأتي ونطلب منهم الضيافة، لن يرفضوا لنا طلبا، قاموا به معنا هذه المرة، وسيقومون به بالتأكيد، لأن المسؤولين أو الذين كانوا معنا، كانوا معجبين منذ البداية بثراء النقاشات، وماذا سيحدث لو دار الشباب نحولها ليوم أو يومين، كما فعلنا اليوم، أو ثلاثة أيام أو أربعة، إلى دار السلام. تحدثوا بهذا. ما الذي يُسكّننا؟ إنه السلام الباطني، هذا السلام بيننا، ومع الطبيعة ومع الحي. فالناس تتكلم أيضا عن الحي. إذن، هكذا، ينبغي الخروج، هذا ما أعتقده، ربما أنا نخطئ. وهذا الخروج.. أسافر كثيرا، ولكن قلّ اليوم بسبب وباء كوفيد، جئت من إيطاليا، أين جرى لقاء مجموعة العشرين، ليس نحن فقط، لا ينبغي التفكير أنها مسألة تخص أهل كان أو أنها فرنسية، كل العالم يفكر في ذلك، وأؤكد لكم ذلك. نحن نعيش زمن تغيير، كما كان عصر النهضة، كما لو أنها القرون الوسطى.

    الإنسانية تتقدم على مراحل. حسنا، العشر سنوات للعيش معا في كان كانت مرحلة أو مشهد متوالي.

    أشكركم جزيلا. كنت أعتقد أنه لن يحضر الكثير، لأن البارحة كان الوقت متأخرا، جرى الإعتقاد أن لا يحضر جمع كبير. مرحى على كل حال، لقد نجحتَ. شكرا لجميع من حضر، والمشاة الذين قدموا من تيو إلى هنا. 

 



 

    

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق