الأربعاء، 24 أبريل 2019

100 سنة من العمل والحياة الروحانية

100 سنة من العمل والحياة الروحانية
مائوية الطريقة الصوفية العلاوية الدرقاوية الشاذلية





    على مدى قرن من الزمن، ما فتئت الطريقة الصوفية العلاوية، مقترنة بقيم روحية وكونية، تدعو إلى السلم والأخوة، وتنهل من تعاليم صوفية، عمرها يزيد عن ألف عام، وذلك بغرض القيام بعمليات ملموسة. وبحضورها وتجربتها، وكذا استقطابها لآلاف الأعضاء عبر العالم، صار للطريقة دور رئيسي وتأثير حقيقي. واستلهاما لعبق الذاكرة والتاريخ (من خلال صور الأرشيف والمذكرات السرية والرسوم الأيقونية المتنوعة المزودة بمفاتيح)، تستشرف هذه الذكرى المائوية كذلك، آفاق العمل المستقبلي. وهكذا سوف تشهد هذه السنة المخصصة للتأمل والعمل والإحتفالات، تظاهرات كبرى ولحظات قوية ولقاءات فريدة.

انطلاق قافلة الأمل
     تطير الحمامة محفوفة بالرعاية الإلهية، وسط حماسة لا يمكن تصورها. وبإطلاقه لهذا الطائر ذي الرمزية القوية، أعطى الشيخ خالد بن تونس الإنطلاقة الرسمية، لمائوية الطريقة العلاوية الدرقاوية الشاذلية ولقافلة الأمل. وحضر هذا الحفل الفريد، الذي نظم ظهيرة يوم 29 يناير 2009، أكثر من ثلاثة ألاف شخص. كما عرف قصر الثقافة بالجزائر العاصمة، تنظيم معارض واستعراضات بأزياء تقليدية، وخارج القصر كان هناك مهرجان للفروسية التقليدية، وحفل أحيته المجموعة الموسيقية لمستغانم والكشفية الإسلامية، دون الحديث عن الإنشاد الرائع الذي كان يؤديه، لحظة الإنطلاقة، مريدون وفدوا من مختلف أرجاء العالم.

                  لحظة إطلاق الشيخ حمامة السلام، معلنا انطلاقة قافلة الأمل

     في مقال أعدته رشيدة داودي، لموقع سفير نيوز، أجادت في وصف مجريات التظاهرة، فكتبت في عنوانها "مئوية الطريقة العلاوية، قافلة للأمل تجوب الجزائر" ما يلي:

"سيقام مؤتمرا صحفيا يوم 28، وحفل الإفتتاح يكون يوم 29 في قصر الثقافة في الجزائر العاصمة، حيث ينتظر حضور ما يقرب من عشرة آلاف شخص، والإنطلاقة لصبيحة يوم الجمعة، لـ"قافلة الأمل" في رحلة طويلة عبر الجزائر. ستحتفل الطريقة الصوفية العلاوية، التي يترأسها الشيخ خالد بن تونس، هذا العام بمئويتها، بأبهة.

    كما أشار الشيخ خالد بن تونس شيخ الطريقة العلاوية، ومؤسس الكشافة الإسلامية، "أنه حدث لا يعيشه المرء، سوى مرة واحدة في العمر". ستسطر عدة مظاهر احتفالية، على مدار العام، احتفاءا بمئوية هذا النهج الصوفي، الذي رأى النور، عام 1909 في مستغانم، في الجزائر.

    من أجل إنطلاقة سنة الاحتفالات العظيمة هذه، سوف تجوب "قافلة الأمل" جميع أنحاء البلاد، للالتقاء بأهلها، لاكتشاف ثراء تراث الأجداد، والاستماع إلى القضايا التي تشغل بال هذا المجتمع،  الذي لم يكد يمض عليه نصف قرن. في شهر ديسمبر الماضي، أعلن الشيخ خالد بن تونس "لا يزال الهدف هو إعطاء الأمل، خاصة لشبابنا. والقول أن لدينا همة وروح وأنسية وثقافة حياة، وليست ثقافة يأس وموت".(برنامج "Bonjour l’Algerie بالقناة التليفزيونية "Canal Algerie"، يوم 13 12 2008"(1).  


دخل قرن الرحمان وخرج قرن الشيطان
     جرى الاتفاق بأن يتجمع كل مريدي الطريقة العلاوية، مع عائلاتهم وأبنائهم بساحة قصر الثقافة بالجزائر العاصمة، يوم الخميس 29 يناير 2009، ليشهدوا انطلاقة قافلة الأمل، التي ستجوب مناطق عدة من الجزائر، في رحلة كتب لها أن تدوم عدة أشهر، تتم على مراحل. بالطبع شد أتباع الطريقة العلاوية الرحال إلى ذلك المكان، مقر وزارة الثقافة، وبلغته الوفود من مختلف مناطق البلد، يمتطون حافلات نقلتهم بعائلاتهم. وكانت المشاركة أيضا من المغرب وأوروبا، وإن تلون الأعلام المحمولة في المناسبة، شاهد على عدد البلدان المشاركة. كما حضر عدد من المدعوين الموعد الهام، الذي نظمته جمعية الشيخ العلاوي للتربية و الثقافة الصوفية، ليشهدوا إعطاء اشارة انطلاق قافلة الأمل، التي ستجوب 26 ولاية و50 مدينة من التراب الجزائري، قاطعة مسافة 8000 كم، موزعة على 14 محطة رئيسية. ستكون المرحلة الأولى، هي عبور ولايات الجنوب الشرقي الجزائري، وستمتد من 30 يناير إلى 11 فبراير، يوم عودة القافلة إلى مدينة مستغانم.

     وحرص رواد الطريقة، أن يكونوا في الموعد ويشهدوا لحظة ميلاد قرن جديد، لحظة عبر عنها الشيخ خالد بن تونس، الذي أدرك القافلة في ساحة قصر الثقافة، وأطلق حمامة السلام، قائلا "دخل قرن الرحمان وخرج قرن الشيطان". كما حضر الحفل، السيد وزير الدولة عبد العزيز بلخادم ممثلا عن رئيس الجمهورية، والسيدة خليدة تومي وزيرة الثقافة، والسيد أبو عبد الله غلام الله وزير الشؤؤون الدينية والأوقاف، وعدد من الشخصيات الثقافية و كذا الصحافة .



الرجل صاحب الحمامة
    كانت الكاتبة الفرنسية خليلة بولين ميهوب-سيلاك، من ضمن الحضور، وقدمت وصفا مميزا، عايشته في قصر الثقافة.

     "إنها ساعة انطلاق قافلة الأمل، بساحة قصر الثقافة بالجزائر العاصمة. قافلة الأمل... إنه إسم جميل جدا لحافلة ملأى بالرجال والنساء، يحملون قلوبهم في أيديهم، وسيجوبون بلاد الجزائر، غايتهم في ذلك زرع جزء من الأمل... ولما نظرت جيدا، رأيته وسط كل تلك الجموع، كان يأخذ صورا. أتذكر أني قلت في نفسي: يا له من شخص مدهش. لقد نجح في العبور حيث لا يستطيع أيّ كان، أن يضع قدميه، إلا الرسميين... وسوف يحكي لاحقا، بأنه دخل بكل بساطة، وهو يحمل آلته للتصوير، ولا أحد سأله عن أي شيئ... فوجد نفسه بجانب الحاج مراد، أخ الشيخ، الذي جاء ليمثله في هذا اليوم، لكونه يعاني من مرض، ولم يتسطع التنقل، وفي اللحظة التي كان يطلق فيها الحاج مراد الحمامات البيضاء كرمز للسلام، طلب منه إعطاءه حمامة، كي يطلقها هو، بدوره... فنظر الحاج مراد إلى الرجل، مندهشا من وجود شخص لا يعرفه، وسط تلك الدائرة الضيقة للأشخاص والشخصيات المدعوين ليكونوا هناك، لكن هذا ما هو كائن. ألّح الرجل مرة ومرتين وثلاثا... قال لي بأنه كان يريد أن يعطي إحدى الحمامات المزمع إطلاقها لابنه الصغير، الذي رآه خلف الحواجز غير بعيد... قال، في أعقاب ذلك الإلحاح، أعطى الحاج مراد في نهاية المطاف "الشخص المجهول" حمامة كي يطلقها، وهذا ما فعله... إلا أن الحمامة عادت إليه، فأطلقها من جديد، لكنها عادت نحوه، ثم أطلقها، فعادت مرة ثالثة... هذه المرة، احتفظ بها بين يديه. وفي تلك اللحظة وصلت سيارة ذات زجاج أسود، انفتح بابها، وترجّل منها أمامه مباشرة، الشيخ خالد بن تونس، الذي لم يكن أحدا ينتظر مجيئه. استسلم الشيخ الرجل من كتفيه وعانقه. ومد له هذا الأخير الحمامة، فقام الشيخ بوضع يده في يد الرجل وترافقا. اتجها معا صوب حافلة قافلة الأمل، وأطلقا الحمامة معا. ثم سطّر الشيخ بأصبعه علامة على الحافلة، وعاد ليستقل السيارة. وفي تلك اللحظة، تساءل الجميع، من هو يكون "الرجل صاحب الحمامة"؟.. إنه سمير كافية، صديقي من الرويبة، الذي يتضمن إسمه الشخصي، كلمة صاحب، وفي قلبه طفلة صغيرة تسمى مريم، صبية طارت شهرين قبل ذلك، مثل الحمامة التي كانت بين يديه، والتي سلمها للشيخ خالد بن تونس".

                    الندوة الصحفية التي سبقت انطلاق قافلة الأمل


الجزائر ترافع لحماية التراث الصوفي في مئوية الطريقة العلاوية
 بالعنوان أعلاه ومقدمة، أشار فيها أن36   دولة تشارك في ملتقى دولي تموز المقبل، لخص كمال شيرازي مجريات الإحتفالية، وكتب مايلي:

     "رافعت الجزائر، اليوم، لحماية التراث الصوفي في مئوية الطريقة العلاوية، وقال مسؤولون هناك، أنّ الحفاظ على الموروث المذكور، يجد مبررا له، في كون هذا التراث شاهد حي، على عراقة التاريخ الجزائري.


     وأكدت وزيرة الثقافة الجزائرية خليدة تومي، لدى افتتاحها فعاليات الاحتفال بمئوية الطريقة الصوفية العلاوية، التي نظمت هذه السنة تحت شعار زرع الأمل، أنّ التراث الصوفي لا يزال قائما في الجزائر خاصة والمنطقة المغاربية عموما، ولاحظ وزير الأوقاف الجزائري، بوعبد الله غلام الله، أن الطرق الصوفية أصبحت مدرسة في التربية الروحية للمجتمع الجزائري، ومن واجب الدولة التعريف بهذا الكنز وبإمكاناته اللامتناهية في تربية وتكوين الناشئة، وشدد المسؤول ذاته أيضا على أهمية تعزيز القيم الروحية التي تحملها الطريقة العلاوية، بما يضمن المحافظة عليها ونقلها من جيل إلى آخر، باعتبارها السلاح الذي يمكّن من مواجهة أسباب تدمير المجتمعات التي تحملها العولمة، وأضاف قائلا، يجب بذل المزيد من الجهود، لضمان أن تكون هذه الطريقة نبراسا لنشر العلم والمعرفة، ومنارة لبث روح التسامح.

     من جانبه، أعطى نصر الدين موهوب، الناطق باسم جمعية الشيخ العلاوي للتربية والثقافة الصوفية، نبذة عن حياة شيخ الطريقة العلاوية، سيدي أحمد بن مصطفى بن عليوة، الذي خلف الشيخ البوزيدي على رأس هذه الطريقة سنة 1909م، وذكر موهوب أنه كان عاملا وإماما مجتهدا، وعاش طول حياته في سبيل خدمة ونشر الإسلام وتدريس تعاليمه الصحيحة في الجزائر وخارجها، مضيفا أنّ الشيخ خلّف آثارا كثيرة، وعمل على أن يصبح للطريقة أتباع، في العديد من بقاع الأرض، على غرار المغرب وتونس وليبيا وسوريا وفلسطين.

      بدوره، أشار حميد دمو، رئيس الجمعية العالمية للصوفية العلاوية، أنّ احتفالية الذكرى المئوية هي تعبير عن الارتباط بقيم روحية وعالمية، تدعو إلى السلام والأخوّة، ولطالما عملت على نشر هذه الطريقة منذ مائة سنة عبر تعليم صوفي يمتد إلى آلاف السنين، وأكد دمو في ذات الصدد، أنّ التخلي عن هذه القيم الروحية سيخلّف كارثة اجتماعية وأخلاقية لا مثيل لها، خاصة في ظل عولمة متسارعة تأخذ في طريقها كل ما تجده.

      واشتركت في تنظيم هذه الفعاليات المخلدة للذكرى المئوية لتأسيس الطريقة العلاوية، كل من جمعية الشيخ العلوي للتربية و الثقافة الصوفية، وجمعية الشيخ العلوي لإحياء التراث الصوفي، والمؤسسة العالمية للصوفية العلاوية، والمركز المتوسطي للتنمية المستدامة جنة المعارف.

     إلى ذلك، أعلنت، اليوم الجمعة، الانطلاقة الفعلية لقافلة الأمل، تزامنا مع الذكرى المئوية للطريقة الصوفية العلاوية، وكانت نقطة البدء من المقام الشهير، عبد الرحمن الثعالبي، وسط العاصمة الجزائرية، بمشاركة حوالي مائة شخص من المثقفين وأتباع هذه الطريقة، وأعطيت إشارة الانطلاق وسط أجواء روحانية جسدتها تراتيل دينية، أطلقتها المجموعة الصوتية للغناء الصوفي الأمازيغي، ومجموعة فردة وفرقة الموسيقى الأندلسية أمل، وتفاعل معها أتباع الطريقة، بينهم شيخ الطريقة خالد بن تونس، على الرغم من حالته الصحية السيئة"(2).

            جانب من جوانب المعرض بقصر الثقافة.






مهام قافلة الأمل
    تطالعنا جريدة "Info Soir"، بمزيد من التفاصيل عن أهداف الرحلة، فقد شهد مراسلها الندوة الصحفية، وكتب مايلي:

    أعطيت ضربة إنطلاقة قافلة الأمل بالأمس الجمعة، في ضريح سيدي عبد الرحمن الثعالبي، في الجزائر العاصمة.

    وقال نصر الدين ميهوب، عضو في الجمعية الدولية الصوفية العلاوية، خلال مؤتمر صحفي يوم الخميس في قصر الثقافة "هذه القافلة متجولة". و"ستقطع القافلة منذ الخميس وحتى 25 يوليو 2009، كامل التراب الوطني. ستعبر أكثر من ثلاثين مدينة جزائرية. سوف تكون في لقاء شعوب هذا البلد وثقافاته وتطلعاته. وبوسعادة، هي المدينة التالية التي ستزورها"..

    إن تنظيم هذا الحدث الوطني يمثل ذكرى مرور مائة عام على إنشاء الطريقة العلاوية، إحدى الطرق الصوفية، في عام 1909، من قبل الشيخ العلاوي. ويستأنف نصر الدين ميهوب كلامه قائلا "سيشهد العام 2009 العديد من الاحتفالات"، ويضيف "ستنتقل من الحلقات الدراسية إلى الأنشطة الرياضية والأنشطة الدينية، مرورا بالمعارض والحفلات الموسيقية. خمسة آلاف مشارك، جزائريون وأجانب، سيشاركون في الاحتفالات. وستعقد ندوة دولية في شهر يوليو في مستغانم، وتشارك فيها ستة وثلاثين دولة".

    تجدر الإشارة إلى أن قافلة الأمل، التي ستزور بعد الجزائر دولا أخرى، ترغب في إرساء "فضاء من الأخوة".

    وتهدف إلى تعزيز الاجتماع والتبادل، وعلى الخصوص الحوار، من أجل فهم بعضنا البعض بشكل أفضل. لأنه من خلال الحوار يمكننا التغلب على خلافاتنا - واختلافاتنا - وبالتالي رفع التحديات. ووفقاً لمراد بن تونس، فإن الأسباب التي حفزت تنظيم مثل هذه الأعمال الثقافية والتراثية، يمكن تفسيرها من خلال "التحديات الاقتصادية والسياسية، مثلها مثل التحديات الفلسفية أو الثقافية التي تواجهنا، وأيضاً من خلال الصورة الخاطئة للإسلام، المروج لها في أوروبا، والإختلال المتواجد بين المسلمين والغرب". وأضاف "إن قافلة الأمل هي فرصة للجميع لتنشيط تراث ثقافي وروحي غني، واستعادة ذاكرة الأسلاف، ومشاركة رسالة أمل، مبنية على القيم والأفعال".

    إذا كانت الأمة المسلمة انطوت على نفسها، فذلك لأننا، كما قال "أهملنا، التعليم وتربية التيقظ، التي تسمح لكل فرد، من معرفة خصوصيته وتطوير إمكاناته. وتسمح للإنسان بالتخلص من الإنغلاق، الذي ينزع أن يحتبس فيه، تحت المسمى النماذج المعيارية".

    ويتابع "لم نتحِد حول منهجية. لقد نُسيت، ونسينا ميراثنا الثقافي القديم. وبدلا من العودة إليه، اتجهنا نحو الغرب وقيمه. ولتلبية كل هذه التحديات - في عصر العولمة - التي تنتظرنا، ينبغي علينا ألا نركز على نقاط ضعفنا. يجب أن نتحد، ونعود إلى قيمنا الحقيقية. لأن كل شيء موجود في تراثنا – وفي عَراقتنا".

    تجدر الإشارة إلى أن هذا الحدث تبادره الجمعية الدولية الصوفية العلاوية، وهي جمعية تتمثل مهمتها في التعريف بثراء روحانية حية وراهنة، هي التصوف. إذن هو إسلام ممزوج بالأنسية والعقلانية.

     من جانبه، أكد حميد دمو، عضو الجمعية الدولية الصوفية العلاوية، أن التصوف تيار روحي وفلسفي وثقافي، منفتح على العالمية، كما على الحداثة. وأشار أن "التصوف راسخ في الأحداث الراهنة"، وأضاف "إن التصوف يندرج في الحداثة. ويأخذ بعين الاعتبار ويتقرب من الشواغل الحالية التي تمس الشباب". وتابع "يعيش التصوف في تناغم مع الحاضر. وغير خامل في التاريخ. هو راهن. إن التصوف زمن، ولحظة للتفكير". وفي معرض حديثه عن تدريس التصوف بين الشباب، قال حميد دمو "نحن نجري إجراءات ملموسة اتجاه الشباب، عن طريق تعليمهم التخلص من الأفكار المسبقة والأحكام المسبقة، وحثهم على التعارف، ويكونون أكثر اطلاعا وتبليغا". والهدف من ذلك هو دعوتهم إلى"استعادة الشعور بالجمال والعدالة والقيم المتوارثة، التي تؤسس الإنسانية الحقيقية"، و"الرجوع إلى روحانية الحي، لتجديد الصلة بالخليقة، ومع أقرانه ونفسه". والهدف أيضا "تغذية الضمائر"، لفهم وإدراك مشاكل عالمنا، والتغلب عليها بأفضل الأشكال. وللقيام بذلك، ينبغي علينا أن نناشد كل القريحة والحكمة التي تكتنفنا"(3).



مغادرة قافلة الأمل
     واصلت صحفية سفير نيوز، في تقديم الوصف الممتلئ، الذي يلم بكل كبيرة وصغيرة عن الحدث، فأضافت:
     "وعند نهاية احتفال، نظم  في مسجد سيدي عبد الرحمن، فوق مرتفعات الجزائر العاصمة، غادر طاقم الإنطلاقة، المكون من 70 شخص، العاصمة صبيحة يوم الجمعة على متن حافلة. وعلق السيد مراد بن تونس، أحد منسقي الحدث في الجزائر، قائلا 'إنهم رجال الطريقة ونساؤها، ولكن الحافلة تضم أيضا أعضاءا في الجمعيات الشريكة'.

    في أعقاب هذه القافلة الآلية، تسير ثلاث أو أربع سيارات، على متنها، معرض متنقل، يحكي تاريخ الطريقة. ستكون الوجهة الأولى، مدينة بوسعادة، على بعد 245 كم جنوب الجزائر العاصمة. وسينظم لقاءا مع الزاواية المحلية والسكان. تتضمن خارطة الطريق، ثلاثون مدينة مدرجة، واثني عشر مرحلة رئيسية، تدشن المشار. شيئا فشيئاـ يضيف المنسق 'سوف يَنْضم إلى القافلة أناس من المدن التي تقطعها".


    وتضيف الصحيفة ما رصدته "ويردف السيد مراد بن تونس بالقول '"هذه الذكرى المئوية هي فرصة، لمحاولة القيام بشيء ما من الحكمة معا. ننتقل من ثقافة "أنا" إلى ثقافة "نحن". أن نكون جنبا إلى جنب، ونقبل بعضنا البعض. ينبغي زرع الأمل، والتوفر على القدرة للتحدث إلى الناس، حول مشاكل العصر". إن الهجرة السرية، والانتحار، وهجر الزوجات، والقضايا الشائكة، سيتم مناقشتها خلال البرامج العديدة المقررة. ويضيف المنسق "إن المشاكل المطروحة تعنينا جميعا. نحن لا ندعي تقديم الحلول، ولكن يمكننا القيام بذلك معا إذا قبلنا بعضنا البعض. إنها مغامرة كبيرة، وتحد يتعين رفعه'.

    في مقابلة مع القناة الجزائرية الثالثة، بثت يوم 08 ديسمبر 2008، ضمن برنامج "صباح الخير يا جزائر"، عبر ممثل الطريقة عن أمله في 'أن يجعل من هذه التظاهرة حدثا بارزا' في جزائر 'منفتحة وقادرة على مواجهة المشاكل ومناقشتها، وفوق هذا وذاك، أن نثير في أوساط شبابنا الغيرة على بلادهم وحبها. كما من المزمع كذلك تنظيم تظاهرات أخرى، سواء داخل المغرب العربي أوفي أوروبا، في إطار تخليد هذه الذكرى المائوية"(4). 

     من جهة أخرى، لم تستفد جريدة الشروق من المناسبة،  ولم يلفت نظر مراسلوها، سوى ما جاء في عريض صفحاتها "شريط مصور بث في المئوية الأولى للطريقة العلاوية"، وأعقبت "صور النبي والخلفاء والملائكة بقصر الثقافة".

في قلب الجزائر
    توجهت القافلة نحو الجنوب، قاصدة الصحراء، وما أدراك ما الصحراء في الجزائر، أرض النبع الروحي، ومعقل الروحانيات، وأول محطة كانت مدينة بوسعادة، 245 جنوب العاصمة، وزاوية الهامل الشهيرة، لمؤسسها سيدي بلقاسم، وخليفته ابنته السيدة زينب، الذي ترأست بعده الطريقة الصوفية، وفي الصورة الموالية، زيارة أصحاب القافلة للضريح، حيث بدأت التبادلات للتو، في رحلة طويلة وشاقة، لقوله صلى الله عليه وسلم "السفر قطعة من العذاب".

                    بزاوية الهامل، بوسعادة.

     ابتدئ في الرحلة بولايات الجنوب الشرقي، واستمرت الرحلة به من 30 يناير إلى 10 فبراير، قطعت القافلة عدة مدن رئيسية، فوصلت ولاية بسكرة، وبها حطوا الرحال في الزاوية العثمانية بطولقة، الغنية بالمخطوطات، ثم مدينة سيدي عقبة، الحاوية على ضريح الصحابي الشهير، سيدي عقبة ابن نافع، والصحابي سيدي عسكر، وهكذا كان مشوار الرحالة من مريدي ومحبي الطريقة العلاوية، ففي كل محطة، كانت تنشر المعروضات في القاعات، وتقدم شروحات للزوار، مع عرض كتب واسطوانات، تشير إلى مآثر الطريقة، وتروج للمناسبة المئوية، كما لم تفوت القافلة الفرصة، وزارت المعالم الصحراوية المتميزة، من قصور وواحات... في الحقيقة خصت بالترحاب أينما حلت، سواء من الجهات الرسمية أو الشخصيات الدينية والعلمية، وأقيمت في حقهم حفلات، وأغدقوا بالهدايا، عرضت كلها في جناج أيام المؤتمر الدولي. طافت القافلة بعدد من المدن، التي بها مدد روحي من زوايا وأضرحة الصالحين، ملتمسين منهم الدعاء للشيخ وكذا لإنجاح الإحتفالية. ثم عادت أدراجها إلى مستغانم، ليخصص لهذه الولاية أيضا، برنامج ثري دام عدة أيام.

          بضريح الفاتح العظيم سيدي عقبة ابن نافع.

     واصل رواد القافلة العلاويون رحلتهم في مرحلة ثانية قاصدين ولايات الجنوب الغربي، أرض الصالحين، والمتمسكين بأذيالهم، وهي الرحلة الروحية بامتياز، لتوفر هذه الجهة على منابع روحية جمة، فرغم أن محور الرحلة هو التواصل ونشر رسالة الأمل والمحبة، فبعدها الروحي عميق، ففي كل محطة، يقصد بالزيارة أوليائها، ويتوجهون إلى أهلها، للتعارف والتبادل البناء، وبث رسالة التي أرادها الشيخ خالد بن تونس. لاحظنا أن على مدى الشهور التي دامت الرحلة، فكانت في كل توقف، تقام المعارض، من عرض الملصقات وبيع الكتب، وحتى الأطفال، كانت لهم حصتهم، فالمهرج كان من أصحاب القافلة، حتى يدخل البهجة والسرور إليهم. بدون إطالة قطعت قافلة الأمل أقاليم عدة من البلد، من الشمال إلى الجنوب، ومن الشرق إلى الغرب، مبلغة الرسالة التي أرادها الشيخ خالد بن تونس، ووجهها للأمة قبل بداية المؤتمر.

                        أحد المعارض بولاية أدرار

    في زيارتها لمدينة قسنطينة، دخل أعضاء القافلة، بيت الشيخ عبد الحميد ابن باديس، أول رئيس لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين، التي تأسست سنة 1930، فقد كان لهذه الجمعية، ذات التوجه الوهابي، خلافات كبيرة مع الطرق الصوفية، وخصوصا مع الطريقة العلاوية، في عهد الشيخ العلاوي، ظهر في الصحف التي كان يملكها الطرفين، طبعا خلاف عقدي، قارب العداوة أحيانا، ولكن زالت حينها، فزيارة عبد الحميد ابن باديس للشيخ العلاوي في الزاوية بمستغانم مشهودة، باركتها جريدة الشهاب، لسان حال جمعية العلماء، وذكر ابن باديس في صفحاتها بإسهاب، قدر الترحاب الذي حظي به في زيارة الشيخ العلاوي، ورغم ذلك، فلم تلقي علينا السنون، سوى مخلفات متعكرة، ولكن لما وصل الرحالة العلاويون بيت ابن باديس، زالت الغمامة، ورأوا أن الأمر غير ذلك، رحبت بهم عائلة ابن باديس، وعلى رأسهم أخيه عبد الحق، وطافوا بهم في أماكن عدة، دخلوا المسجد الذي كان يدرس به، وزاروا ضريحه وترحموا عليه، هذا ما ترجمه السيد أحمد يزيد، أحد أعضاء القافلة، للشيخ خالد بن تونس، لما استقبلهم عند عودتهم إلى مستغانم، خاتمين الرحلة.

                       أعضاء القافلة بتيميمون

         القافلة بضريح سيدي محمد النوبة، بولاية وهران، وهو آخر ضريح زارته، ثم دخلت مدينة مستغانم.

          أعضاء قافلة الأمل يتوسطهم السيد عبد الحق ابن باديس بقسنطينة.

استقبال الشيخ خالد بن تونس لقافلة الأمل
    في نهاية مشوارها، وبعدما قطعت آلاف الكيلومترات، داخل التراب الجزائري، حطت في الأخير قافلة الأمل رحالها في مدينة مستغانم، ودخلتها دخول المنتصر، الذي أدى واجبه بامتياز، وحظي بمباركة واستقبال حاريين عند وصوله. فقد كان الشيخ خالد بن تونس، أول المهنئين لأفراد القافلة، لما قاموا به من جهد بائن، في تبليغ رسالة السلام والأمل، عبر مختلف مناطق وولايات الجزائر.

    عند استقباله لهم، قدم له أحد المسؤولين الذين قادوا القافلة، وهو السيد أحمد يزيد عرضا موجزا، عما يمكن قد يكون رسخ في الأذهان، إذ نوّه بالإستقبال المميز والمفاجأ، الذي حظوا به في مدينة قسنطينة، مدينة الشيخ عبد الحميد ابن باديس، عكس ما كان يخيل إليهم في الأذهان، لما عاشه التيارين الصوفي والإصلاحي من توتر منذ عشرينات القرن العشرين، فقد فتحت لهم عائلة ابن باديس بيتها، وكان على رأسها أخيه الأصغر عبد الحق. 
    وبعدها قام الشيخ خالد بن تونس وقال:

    مرحبا بقافلة السلام، قافلة الأمل، الداعية إلى الوحدة والسلام، فيما بين أفراد المجتمع الجزائري والإسلامي والإنساني.

    إن أحسن ما قمتم به في مهمتكم، وهو الربط فيما بين جمعية العلماء المسلمين في الجزائر، وأهل النسبة والطريقة العلاوية. فجزاكم الله عنا خيرا في تبليغ رسالتكم، والآن رجعتم إلى مستغانم، لعمالة مستغانم، وهي فاخرة بالمهمة التي قمتم بها، من الجنوب إلى الشرق، من عنابة وقسنطينة إلى باتنة، ومن الجنوب، بتيميمون وبني عباس ورقان، إلى بلاد القبائل. وأتمنى أن الذكرى المئوية، التي ستكون عن قريب إن شاء الله في بلدة مستغانم، هذه الذكرى الخالدة في التاريخ، في تاريخ بلادنا، في تاريخ قطرنا، في تاريخ الأمة الإسلامية؛ ستعطي انطلاقة ومدد وروح وأمل في قلوب شبابنا، حتى يبنوا المستقبل إن شاء الله على أساس متين، بروح وعلم وإدراك ومعرفة، تنفعهم في دينهم ودنياهم وتنفع غيرهم، من الأمم والشعوب. والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

             منظر عام لمدينة مستغانم، مسقط رأس الشيخ العلاوي.

قافلة الأمل المتوسطية
      انطلقت يوم 07 07 2009، من مسجد درانسي بفرنسا، قافلة أمل متوسطية، بقيادة الكشافة الإسلامية الفرنسية، تحمل معها شعلة الأمل، تلك الجمعية الكشفية، التي أسسها الشيخ خالد بن تونس، سنة 1991، و حطت في الضفة الأخرى من البحر الأبيض المتوسط، بالأراضي الليبية، وتلاحمت معها كشفية ذلك البلد، فسلموهم ذلك المشعل، وانطلقا معا إلى تونس، أين وجدوا الرفقة بمعية الكشافة التونسية، التي تسلمت بدورها المشعل، ثم غادروا جميعهم تونس في اتجاه الجزائر، في وفد يتكون من 43 فرد، أين كان في انتظارهم، يوم 19 07 2009، كل من الكشافة الإسلامية الجزائرية، والكشافة الحسنية المغربية، وتلقوا الترحيب الحار من طرف الشيخ خالد عدلان بن تونس رفقة السيد بن براهم، رئيس الكشافة الإسلامية الجزائرية، اللذين استقبلوهم في الجزائر العاصمة. ثم استقلوا الحافلة، لتتوجه القافلة إلى مدينة مستغانم، حيث خصصت لهم إحتفالية خاصة. وفي مستغانم، تزامن أن التقى وفد قافلة الأمل، بوفد شعلة الأمل المتوسطية. وليبدأ المؤتمر العظيم.

      شعار القافلة المتوسطية





لقاء الكشافات المتوسطية في مدينة مستغانم وإقامة طيبة بالجزائر     
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1). Saphirnews، في 30 01 2009.
(2). الجريدة الإلكترونية إيلاف، في 31 01 2009.
(3). جريدة Info Soir، في 31 01 2009.
(4). Saphirnews، في 30 01 2009.



  

                                                          







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق