الاثنين، 27 أبريل 2020

تصحيح صورة الإسلام

تصحيح صورة الإسلام


     في إطار التحضيرات لمؤتمر جنيف 2010 – من أجل إسلام حر ومسؤول، والترويج لمحتواه العظيم المنفعة، قدم الشيخ خالد بن تونس هذه الرسالة عبر برنامج OummaTV، شدد فيها على أن الإسلام هو أحد مكونات أوروبا، ودعا المسلمين أيضاً إلى إعادة التركيز على الرسالة الأساسية لهذا الدين، والتي هي قبل كل شيء روحية وعالمية، كما قدم دعوة عامة لحضور فعاليات الندوة.



السلام عليكم.

    أنا سعيد اليوم، بأن أقدم لكم برنامج الندوة التي ستجري من 09 إلى 10 أكتوبر بجنيف، وفي نفس الوقت أذكر أصل وأسباب إجراء هذه الندوة.

    إن الطريقة العلاوية التي أمثلها، هذا الفرع لهذه المدرسة وهذا الفكر الصوفي، وهذه الروحانية الموروثة، من الرسول عليه الصلاة والسلام، كانت إحدى التيارات الأولى، التي أبرزت الإسلام في الغرب. وإذا ما كنا اخترنا سويسرا، فلأنه أول بلد استقبل هذه الرسالة، وإن الغربيين الأوائل الذين اعتنقوا الإسلام، اعتنقوه من سويسرا في سنة 1930.

    من هنا، يلقى على عاتقنا واجب تجاه إخواننا، تجاه جميع الذين سبقونا. مرت الأجيال الأولى والثانية والثالثة، ونحن مع الجيل الرابع من هؤلاء المسلمين، الذين تركوا لنا هذا الإرث، واليوم، وفاءا لهم، ينبغي علينا القول والتعبير عن ما أردناه دائما، عن هذه العلاقة بين الشرق والغرب، وإسهامات الإسلام الغربي، وما يمكن أن يقدمه للمجتمع الأوروبي.

    هذه الندوة مفتوحة للجميع، للمسلمين وغير المسلمين، ويكفي دخول موقع الندوة، لتروا ثراء الشخصيات التي ستتدخل، والورشات التي ستعقد، والمعارض التي ستقام. والمهم في هذه الندوة هو خلق المناقشة مع المجتمع، هذا المجتمع الأوروبي المتعدد، والتبيين أن الإسلام اليوم، هو أحد مكونات أوروبا، لا يؤسس لطائفة منفصلة، وليسوا مواطنين منفصلين، ولكن مواطنين كاملي العضوية، جابوا لأوروبا هذا البعد الروحي، وهذا الإرث العريق، الذي سمح للمجتمع الإنساني، بتعدديته وقبوله لبعضه البعض وابتغاءه للغيرية، وباكتشاف ثراء بعضنا البعض، بأن يتمكن من توخي عيش معا، وبناء مستقبل لأبنائهم وأحفادهم.

    أراد التاريخ وابتغى المصير، أن تصبح أوروبا متعددة الديانات، ويتواجد معنى في التاريخ، إذا تعلمنا الإستفادة من دروس الماضي، وتمكّنا من تخيل مجتمع يعيش العالمية، مجتمع ثري بالتجانس، حتى نساهم ونعمل على إبراز إنسانية، بصدد النشوء أمام أعيننا، ونضمن لها السلام والإخاء والتضامن والمساعدة، ونكون أوفياء لجميع الذين ناضلوا من أجل الحرية والإخاء، والذين واللواتي ناضلوا من أجل المساواة بين الناس. لدينا واجب التعريف برسالة الإسلام هذه، رسالة السلام، رسالة الإنسانية هذه. من واجب المسلمين، تلك الأغلبية التي لا تتكلم وتلزم الصمت، أن تبين ماهية الإسلام الذي يسكن قلوبها. هل هو إسلام، يقال عنه إسلام واجهة، يقاس بالأعراف والتقاليد، أو أنه يملك رسالة أخرى أكثر عمقا، أكثر أنسية، أكثر أخوية، تُبلغ لباقي العالم؟ نعلم جميعا أن صورة الإسلام في الغرب مؤسفة، وحتى في العالم. منذ أحداث 11 سبتمبر ظهر في العالم تضليل إعلامي، وفقط المسلمين وأصدقائهم من الديانات الأخرى، وحتى الذين لا تعتنقون أي دين، ولكنهم صادقين، الذين يتمنون أن تجد الإنسانية السلام والسكينة. علينا جميعا أن نُكوّن صورة أخرى للعالم، وفي نفس الوقت تصحيح صورة الإسلام، ورد الإعتبار للرسالة التي أتى بها للإنسانية، منذ قرون. برهنت الأندلس سلفا، فقد دب فيها ثمانية قرون من العيش معا، بين المسلمين واليهود والمسيحيين، وتبرهن أنه من الممكن العيش معا، وبناء حضارة معا. وحديثا سمح الإستعمار للشرق والغرب بأن يتعايشا، منذ أن غزى نابليون مصر، ومنذ أن وقع استعمار الجزائر، ولاحقا تونس والمغرب وأفريقيا الغربية وأفريقيا الشرقية وباقي العالم، من طرف الإستعمار الفرنسي والإنجليزي، وإن أوروبا أو الغرب عاش وسط هذه الشعوب، واكتشف ثراءها، واستطاع رؤية ثقافتها. ولكن غاب شيء آخر، فالتواصل لم يكن على قدم المساواة، كان يوجد الغالب والمغلوب. واليوم، في عالم يتمتع بالمساواة، مساواة في الفرص، ومساواة في الكينونة، في عالم أعلن الحقوق العالمية للإنسان، للرجال والنساء، علينا أن نفهم أن المسلمين يشكلون تركيبة لهذه أوروبا، إذ يعيش أكثر من 25 مليون مسلم في أوروبا، وأن أبناء وأحفاد هؤلاء المسلمين ليس لهم أرض أخرى غير أرض أوروبا،  حيث ولدوا وتلقوا تعليمهم. إنهم مواطنين فرنسيون وبلجيكيون وهولنديون وسويسريون، ينبغي إدماجهم وتقبلهم، وليس تهميشهم لما هم عليه، وعلى المسلمين أنفسهم الخروج  من نبذ الطائفية، ليتحملوا المسؤولية كاملة، وتكون مسؤولية متقاسَمة، ومواطِنة، يتخذونها في دعواهم، والعيش في هذا المجتمع، ويقدمون أفضل ما بحوزتهم، لخدمة المجتمع الذي يعيشون فيه.

    هذا ما ستحاول هذه الرسالة ولقاء جنيف معالجته، مع شخصيات وسياسيين ودينيين وفلاسفة، وفي الآن نفسه، تسليط الضوء على التحديات التي تنتظر إنسانية اليوم وغدا، تلك التحديات البيئية والحضارية، وذلك الغياب للمعنى، والفراغ الروحي الذي يكتنف الحداثة، وينخرنا من الداخل، والإستهلاكوية التي تفرغنا أكثر فأكثر من المعنى، الذي هو الحياة.

    شكرا للاستجابة بأعداد كبيرة لهذا النداء، شكرا لكل أولئك واللواتي الذين سينضمون إلينا من 09 إلى 10 أكتوبر بجنيف، للإثبات أن هذا الإسلام موجود، وحتى يكون المسلمين على استعداد للحوار مع المجتمع الذي يعيشون فيه، والتبيين أن رسالتهم رسالة سلام وأنسية وأخوية، ورسالة حوار مفتوح نحو المستقبل، وحاملة أمل ومستقبل، لهم ولأبنائهم.

شكرا.


تلفزيون OummaTV، في 04 10 2010.


    تلفزيون OummaTV هو المنصة السمعية والبصرية، أو webTv، لموقع Oumma.com. يقدم معلومات عامة عن البرامج والمواضيع التي تتعلق بشكل رئيسي بالإسلام، وقضايا الاندماج والتنوع، ومكافحة التمييز والشرق الأوسط.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق