الثلاثاء، 5 أكتوبر 2010

وجه الله

من كتاب الشيخ خالد بن تونس " الإنسان على ضوء القرآن".


وجه الله

قال الله تعالى:
" لله المشرق و المغرب فأينما تولوا فثمّ وجه الله إن الله واسع عليم ". سورة البقرة. الآية 115.
    يحوي كل مشرق مغربه، و كل مغرب مشرقه. في الحقيقة هي مفاهيم إصطلاحية بالنسبة للإنسان، و نقاط جغرافية لتحديد مكان شروق و غروب الشمس، المتواجدة في كل مكان، تناوبيا، ظاهرا و باطنا، بفعل حركة الأرض.
    إن في خلق الليل و النهار رحمة إلهية. فهو يعطي نظام و معالم لأطوار الحياة. تسمح بحساب الزمن، و تحديد أوقات الراحة، و النشاط للنباتات، و الحيوانات، و الإنسان.
    ليس المشرق و المغرب، سوى ما نفهمه، حقيقة زمنية و فلكية. أما بالنسبة للإنسان المحقق، فلا يوجد شرق و لا غرب، فوجه الله يكتنف و يشمل كل شيئ. " أينما تولوا فثم وجه الله "، تُظهر شمولية الألوهية. بقبولنا هذا، ننفلت من طوق الفلاسفة، و علماء الدين، و الثقافات التي تحبس الإنسان في مفاهيم محدودة. مَن يتقبل الله، يحتضن الكل. لا تبقى التحزبية. هو يعلم أنه يملك كل شيئ. 
    إن الشرق و الغرب متواجدان، بواقعهما الجغرافي، و الجيوسياسي. و من ينظر إلى الله، لا يمكن أن ينغلق. لا ينتمي إلى الأول أو إلى الآخر. ينتمي إليهما، و معا، و في نفس الوقت.
    هذان المفهومان غير متناقضان، بل متكاملان. يساعدان الإنسان على إغتنام إنسجام الكون في تنوعه. يجب أن ننزغ إلى فهم هذين القطبيتين بدون مواجهتهما، لأن أينما تولوا فثم وجه الله، فهو يَظهر بوجوه و مظاهر متعددة. هذا المفهوم أساسي. بتطبيقه في حياتنا اليومية، فإنه يحررنا من المشاكل و عوارضها.
    ثم، لماذا التوجه إلى الكعبة للصلاة؟ بالنسبة للمسلمين، الوجهة هي مركز الكعبة، بيت الله. إذا تم إزالة هذا المركز، نجد أن المصلين يصلون في مواجهة، لبعضهم البعض. إذن ما هو وجه الله؟ إنه الذي يتواجد "وجها" لك، أخوك، الإنسانية كلها، جاعلين دوائر حول نفس المركز. بواسطة هذا الواقع المادي و الميتافيزيائي، تأخذ الإنسانية كل معانيها
.
    إذا شعرنا بأن كل واحد منا، هو مظهر لوجه الله، كأضلاع الماسة، سنعبد الله في أخوة و محبة متبادلة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق