الثلاثاء، 19 أكتوبر 2010

علاج النفس، الفصل السادس: الحالات الثلاث للنفس، قصة الحصان المسروق

قصة الحصان المسروق

    في هذا السياق، سأحكي لكم في هذا الموضوع، هذه القصة التي وقعت لأحد أجدادي، كان يملك حصانا جميلا جدا. كان أحدهم يرغب في هذا الحصان، و قد دفع مبلغا لشخص كي يسرقه منه. عندما خرج جدي من بيته متوجها إلى المدينة القريبة، وجد السارق متكأ على عصا و يعرج في مشيته و يتظاهر بالألم. أشار إلى جدي بأن يتوقف و يأخذه معه على حصانه، ليقطعا معا جزءا من الطريق. سارع جدي إلى تقديم المساعدة له، وحمله خلفه فوق الحصان. ثم توجها نحو المدينة. إلا أن السارق أسقط جدي، فجأة على الأرض ليسلب منه دابته. توقف بعيدا بعد عشرة أمتار قائلا "أرأيت لقد سرقت حصانك، و عرضك"، كما كان يقال في تلك الأوقات، لأن امتلاك حصان سابقا، كان يعتبر عند العرب، من عرض الرجل، فأجابه جدي"اسمع يا هذا، لقد وهبته لك، لا تقل أبدا أنك سرقته. لو فعلت لن يساعد الناس بعدك غيرهم، و ستكون مغلاقا للخير. خذ الحصان، لقد وهبته لك".

    هذا سلوك سلمي، تضحية إلى أقصى غاية. لم يفكر جدي فقط، في العار التي سيجلبه له ضياع الحصان، و لكن في العواقب التي سيسببها، إن فقد الناس الثقة في بعضهم بعضا، إلى حد انقطاع التعاون فيما بينهم. تعلمنا هذه القصة، أن الأفعال، لا محالة مرتبطة بحال الضمير. لو إطمأنت النفس، لحاولت حتى في الأوقات الحرجة، إيجاد وسيلة لإصلاح وضعية تبدو لنا، ميئوس منها. يسمى هذا التوازن و التمحور، الذي يصل إليه الكائن المحقق في التصوف، بطريق الوسطية. نَفْسُ الإنسان هي محل لحوار باطني متواصل و تفكير تتعطاه فيما بينها، ينتج منه عدم فقدان الحذر. لكن نوعية الحوار و الفكر الذي يحدث فيها، مرتبط بحال الضمير الذي بلغه الكائن. لهذا يدعونا الشيخ العلاوي إلى التحاور مع النفس لاكتشاف طبيعتها العميقة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق