الثلاثاء، 5 أكتوبر 2010

آية الكرسي

من كتاب الشيخ خالد بن تونس " الإنسان باطنيا على ضوء القرآن



آية الكرسي

قال الله تعالى " اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَ لاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَ مَا فِي الأَرْضِ مَن ذا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ مَا خَلْفَهُمْ وَ لاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَ الأَرْضَ وَ لاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَ هُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيم ". سورة البقرة. الآية 255.
 الحي
    أن نعيش في نطاق الخلق، يؤدي بنا حتما إلى الموت، الذي ليس سوى رجوع إلى الله، الحي الأبدي. بعبارات أخرى، إننا لا نستطيع إدراك هذا المفهوم الإلهي، إلا إذا كنا قد حيينا روحيا. لهذا عندما رُفع عيسى، أُجيبت النساء اللواتي كنا يبحثن عن جسده " لا تبحثوا عن الحي بين الأموات ". يدل الحي، على أن، ما دام الإنسان هو الخادم الحي لله، فإن الله معه، لأنه هو الحياة.

 
السِنة
    على عكس الإنسان الذي يعرف حالة النوم، فإن الله قائم بنفسه في استمرارية كاملة، بدون وقوع حادث أو سِنة.

    يعرف الإنسان النوم الحسي، و فيه لا تعود حواسه تستقبل، و لكن وعيه يبقى فعال، ما دام في أحلامه يشعر بالخوف، و يأكل ، و يحب... الحياة بدون وعي رباني، كحلم النائم. حياة بدون تحقق، و بدون إنجاز، تبقى في حالة نوم. نستطيع تحصيل العلم، و لكننا لم نتحقق بعد. لكي نعرف ينبغي "التيقض" للحي. لهذا يتساءل غير المستيقظين، أحيانا، إذا كان للحياة معنى.

    في الواقع، إن النوم ليس سوى حياة في حركة بطيئة، حياة نبوتية. الغفوة هي حالة تعب و فتور، ونسيان الكائن الروحي الذي يرقد فينا. بالطبع لا نعني به النوم المجدد اللازم للجسم، و لكن حالة لاوعي التي يتواجد فيها الإنسان. يدعونا الله على عجل إلى هذه اليقظة الدائمة. مثلما أعرب عنها الشيخ العلاوي في إحدى قصائده الروحية:

هم العـروة الوثـقى بـهم فتمسـكن    هم أمان أهل الأرض في الخلا و الملا
لهم قلوب ترى ما لا يرى غيرها   أيقاظ و إن نـاموا فـفـي نومـهم وصـلا
تا الله نوم العارف يغني عن ذكره   فـكـيــف بـصــلاة العــارف إذا صـلـى

الشفاعة
    لا تتم الشفاعة إلا بإذنه، لا يمكن لأي شخص أن يدعيها. الشفعاء هم كائنات إصطفاهم الله، و امتحنوا من طرف البشر، الذين غالبا ما يكذبونهم و يحاربونهم. باحتمالهم هذه المحن، تتأكد مهمتهم، على صورة موسى مع الفراعنة، و عيسى مع الفرّيسين، و محمد مع قريش، على أنبياء الله الصلاة و السلام.

    ماذا تعني شفاعة ولي حي أو ميت؟ ماذا تمثل الأماكن التي يعيشون فيها و عاشوا؟ إذا كان أناس يلجأون إلى هذه الأماكن المؤاتية للعبادة، فهذا يعني، أنهم يشعرون بالحاجة إلى تخفيف محنتهم. هذه الأماكن ملاذ للسلام، و بها  إشراق الرحمة الإلهية عظيم، و واحات، حيث نجد هذه الحالة من التواصل و القرب من الله. هي ضرورية للمجتمع، للتفرغ، و التأمل، و التعبد. للعالم المعاصر، أماكن للإسترخاء و الترفيه، و ممارسة الرياضة. و لكن تتواجد أماكن قليلة مفتوحة  للإصغاء إلى النفوس التي في ضيق، في حين، أن مثل هذه المساحات المقدسة، كانت تلعب دور محوري في المجتمعات التقليدية. حتى أولئك الذين ارتكبوا جرائم، يمكنهم اللجوء إليها بكل أمان. يمكننا إيجاد هذه الحُرُم المؤاتية للتأمل و الإنفتاح على الألوهية في قلبنا.

يعلم ما بين أيديهم و ما خلفهم  
    نحن لا نعرف من علمه إلا ما أراد أن يظهره لنا. نحن محدودون بطبعنا البشري، و بالتالي لا يمكننا الإدعاء، معرفة كل شيئ. مهما فعلنا نصطدم دائما بمعوقات متأصلة في طبيعتنا، النوم، و النسيان، و المرض، و الموت. بالمقابل، هو غير محدود، وعلمه يكتنف كل شيئ. " لا تدركه الأبصار و هو يدركها و هو اللطيف الخبير". سورة الأنعام. الآية 103.

 


 



    

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق